أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - كمال يلدو - -سيدة الباص- ...سيرة مشرفة لمناضلة عنيدة















المزيد.....

-سيدة الباص- ...سيرة مشرفة لمناضلة عنيدة


كمال يلدو

الحوار المتمدن-العدد: 4023 - 2013 / 3 / 6 - 17:03
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


" قـد يكون عملا جيدا ما نقوم به الآن من وضع نصب تذكاري لها في هذا المكان ، لكن الشئ الأكبر يكمن في الأستمرار بحمل المبادئ العظيمة التي ناضلت من اجلها" ، كان هذا جزءا من الكلمة التي القاها الرئيس الأمريكي اوباما عشية ازاحة الستار عن النصب التذكاري – البرونزي – للسيدة الراحلة ( روزا باركس) ، في القاعة الكبرى – الكابيتول – والتي تضم نصب عظماء ومشاهير الولايات المتحدة ، لتكون المرأة المدنية الأولى والسيدة الثانية فقط ممن حظاهم هذا التكريم وفي هذه القاعة بالذات . حضر مراسيم الحفل كبار المسؤلين في الكونغرس والأدارة الى جانب مجموعة من عائلة وأقرباء المحتفى بها ، الراحلة روزا باركس .
ولدت يوم 4 شباط عام 1913 في ولاية آلاباما المعروفة الى جانب بعض الولايات الجنوبية الأخرى بتطبيق مبدأ الفصل العنصري والتمييز ضد السود وباقي الأقليات من غير الجنس الأبيض . ذاع سيطها محليا ، ثم على صعيد الولايات المتحدة ليصل عالميا الى مداه حين قدمت للمحاكمة بتهمة ( عدم اطاعة القوانين) ، وهذه القوانين كانت محط انظار الحركة المدنية للنضال السلمي من اجل الحقوق والعدالة والمساوات ، والتي انغمر فيها كل دعاة التحرر من بيض وسود وأقليات ، والتي ترأسها لاحقال القس مارتن لوثر كنج . ففي يوم 1 كانون اول من العام 1955 ، وبينما كانت - روزار باركس – جالسة على مقعدها في الباص العام لنقل الركاب ، وفي المنطقة المخصصة للسود ( في الخلف) ، رفضت اخلاء مقعدها لراكب ابيض لم يجد له مقعدا في المنطقة المخصصة للبيض ، وهذه كانت القاعدة ( العنصرية) بأن يخلي الأسود مقعده للأبيض ، وبعد رفضها المثول لتلك القاعدة قام سائق الباص ( جيمس بليكس) بأخذها الى مركز الشرطة حيث اودعت السجن بدعوى مخالفتها وعصيانها للأوامر !
قد يصح وصف هذه الحادثة بأنها كانت " القشة التي قصمت ظهر البعير " في تصعيد المواجهة بين المواطنين السود والجهات التي تفرض سياسة التمييز العنصري ، من الولاية او المكاتب الحكومية ومعظم المؤسسات الأهلية وبحماية القانون والشرطة ، فكانت الخطوة الللاحقة تقضي بعمل ( مقاطعة) لشركة النقل العام ، الباصات والذهاب للعمل مشيا على الأقدام ، وقيام مظاهرات سلمية مدنية رفعت فيها شعارات ادانة لأعتقال السيدة روزا باركس ـ وأدانة للتهمة الموجهة لها ـ وأنهاء هذا التمييز ومعاملة المواطن على اساس المساوات ، وأمتدت تلك المظاهرات لتشمل معظم وأهم المدن الأمريكية اضافة الى حملات تضامن عالمية تظافرت بأطلاق سراحها ، وتخفيف قيود القوانين العنصرية المعمول بها في بعض الولايات حتى الغائها نهائيا في السنين اللاحقة .
لم تكن حياتها بعد تلك الحادثة سهلة ، خاصة في ولاية آلاباما ، فأنتقلت الى ولاية مشيكن وعملت في مكتب النائب الديمقراطي – جان كانيرز – منذ العام 1965 – 1988 متقلدة عدة مناصب في هذا العمل .وطوال تلك السنين لم تنقطع من النضال والمشاركة في الدفاع عن الحقوق المدنية والمساوات ، وكان لحضورها وقعه الكبير ، اذ لقبت ب "ام النضال المدني من اجل المساوات" و " سيدة الباص " وألقاب كثيرة تعتز بها كمناضلة صلبة . حظيت بالعديد من التكريمات والجوائز والأوسمة والأستضافات ، خاصة في فترات حكم الديمقراطين ، وتحتفل ولايتي كاليفورنيا و اوهايو بعيد ميلادها ويوم حادثة الباص ، كمناسبة شبه رسمية ، للتذكير بسيرتها ونضالها وأتخاذه نبراسا للأجيال اللاحقة . رحلت السيدة روزا باركس في العام 2005 بعد معاناة من الشيخوخة، لكن بيتها وحتى ايامها الأخيرة كان محطة لكل الزعماء التأريخيين لحركة مناهضة التمييز العنصري التي نشطت بها الى جانب كوكبة لامعة كان على رأسهم القس مارتن لوثر كنج .
لقد صادف ازاحة الستار عن نصبها في العاصمة واشنطن ، الذكرى المئوية لميلادها ، وتعتبر النصب أو التكريمات من قبيل تسمية الشوارع او الساحات العامة او القاعات ، من التقاليد الأمريكية العريقة ـ وتحظى بشعبية كبيرة . معظم هذه المراسيم تجري اثناء حياة ( ذاك أو تلك) المحتفى بهم ، وغالبا بحضورهم ايضا ، الا ان النصب عادة ما تقام بعد فترة من رحيل تلك الشخصية .
تقول الكاتبة ( جيني ثيوهيرس) بعد ان الفت كتابا عن سيرتها الذاتية : (ان السيدة روزا باركس اشتهرت بحادثة الباص وتداعياتها ، لكن ذاك لم يأتي من فراغ ، فقد سبقه نضال عتيد من اجل المساوات والعدالة قاده اناس كثيرون ظلوا مجهولين ، وأستمر ذلك حتى بعد حادثة الباص والى يومنا هذا ) .
اما السيدة ميككوري فتقول : ( ان الميدالية التذكارية بأسمها شي جميل ، ستأخذه وتضعه في الخزانة ، اما النصب التذكاري وخاصة في – الكابيتول – فهذا شئ عظيم بحق ، فالزوار والعوائل والأطفال سيشاهدون وجه عمتي كلما زاروا الكابيتول ) .
لم تتوقف الراحلة روزا باركس من النضال والدفاع عن الحقوق المشروعة للعمال والنساء والأقليات ، وكانت دائمة الحضور ، اما اذا كانت حادثة الباص قد فتحت الأبواب على مصراعيها لتغيير تلك القوانين العنصرية الجائرة ، فأن متطلبات النضال وأسبابها مازالت قائمة ، طالما ظل الصراع قائما بين المستغل والمستغل ، وما يستجد كل يوم يدعو الكل للأصطفاف من جديد للدفاع عن الحقوق المكتسبة بعمل ونضال وتضحيات الآلاف عبر سنين ، فهناك قائمة طويلة تبدأ بالدفاع عن النقابات العمالية ، وحصول المواطنين على ضمان صحي بأجر معقول أو مجانا لذوي الدخل المحدود ، زيادة الحد الأدني للدفع ، مساوات الأجر للمرأة والرجل في اداء نفس العمل ، قانون جديد للهجرة يراعي الحقوق الأنسانية للمهاجرين غير الشرعين ممن ليس لهم تأريخ ارهابي او جرمي ، قوانين للسيطرة على العنف وحيازة السلاح والقائمة حتما تطول وتتجدد مع متطلبات الحياة .
تفخر الشعوب المتقدمة والراقية بمبدعيها ، وتتفنن بتكريمهم والأحتفاء بسيرهم ـ وتعريف الأجيال اللاحقة بنتاجاتهم الفنية والأدبية والعلمية والرياضية والسياسية ، لآنهم بعد حين يصبحون ملكا للوطن ، وسيرهم تؤشـــر لتأريخ ذاك الوطن !
ففي العام 1955 كان من حق الأبيض ازاحة الأسود والجلوس بمقعده ، وكان للبيض مطاعمهم الخاصة والتي لا يحق للسود دخولها ، و مدارسهم ايضا ، وهكذا كانت تسير الحياة . لكن كان هناك من يناضل ويقدم التضحيات ، ويستمر بالنضال ولا يكل ولا يمل ، كان هناك جيل رائع أثمر عن منجزات ، سيكون منصفا ان نسميها " معجزات " . فبينما كان الشخص الأسود في تلك السنين العجاف يعتبر " نشازا" ، ها هو اليوم ، الوطن الأمريكي يختار رئيسا وللدورة الثانية ، من الأقلية غير البيضاء ، يختار رئيسا من الشعب الأسود ، يختاره رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية ، على اساس المواطنة ، والمواطنة فقط .

آذار 2013



#كمال_يلدو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشهادة من اجل الوطن لا تعّوض بالمال
- رحمة بالذائقة العامة من فوضى ال - دي جي-
- الغاء - الحصة التموينية- ورطة لم يحسب حسابها !
- المرحومة -شيماء العوادي- ومحنة العقل!
- بعد عامان، ايّ منجز تحقق؟
- في العراق الجديد: محنة المسيحيين.. محنة وطن
- ما حاجتنا للقوانين!
- ما كشفته دعوة قناة - الفيحاء- الغراء ؟
- لماذا يتحول عمل الدولة لهبات ومكرمات شخصية !؟
- تعقيبا على مقترح فضائية - الفيحاء - الغراء ، حان وقت التغيير ...
- هذا ما حدث يوم 4 آيار 1886
- شارع الرشيد أم شارع المطار؟
- محاربة الافكار التقدمية والعلمانية ليست وسام مشّرف
- إقحام الدين في الجامعات العراقية ، البصرة نموذجا
- تحت اعواد المشنقة - يوميات مناضل في سجن الغستابو -
- المادة الثانية من الدستورالعراقي، موضع التطبيق!
- رجاءا ..اتركوا شهداءنا وشأنهم!
- - الضحية - بين مخالب مخابرات العراق الجديد!
- احذروا ما يؤسس دكتاتورية جديدة
- اسبوع على غياب - هادي المهدي-


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - كمال يلدو - -سيدة الباص- ...سيرة مشرفة لمناضلة عنيدة