أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خيرالدين جمعة - السيكولوجي واللساني في دتاكتيكية النحو العربي















المزيد.....

السيكولوجي واللساني في دتاكتيكية النحو العربي


خيرالدين جمعة

الحوار المتمدن-العدد: 4021 - 2013 / 3 / 4 - 13:31
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


- لعل إشكالية عزوف الطالب العربي المراهق عن تعلم اللغات لاتشمل اللغات الأجنبية فحسب و إنما يطال الأمر في كثير من الأحيان لغته الأم و عند ذلك تتجلى الإشكالية الحقيقية في الظهور بشكل لافت إذ ترتبط بأبعاد حضارية خطيرة ولا شك ،فالقضية أصبحت تُطرَح اليوم بعد أن اكتسح التطور العجيب في وسائل الاتصال والمعلومات كل أقطار الأرض و أمام هواجس العولمة التي تعتمل في داخل كل الأمم بات الحديث عن الهوية أمرا يمثل وجعا مزمنا للكثير من الفئات ولكننا لن نطرح المسألة بطريقة عاطفية تمجيدية ولكن بشكل مختلف تماما هو أقرب إلى النظرة السيكولوجية اللسانية . كيف ذلك؟

- إن أهم قضية لدى الطالب هو مدى تفاعله مع اللغات وهو أمر يرتبط عنده بتركيبته النفسية الحساسة و بذلك نجد أنفسنا بين أمرين الأول معرفة الخصائص السيكولوجية للطالب الطفل أو المراهق أما الثاني فهو النفاذ إلى طبيعة اللغة كمادة معرفية هي عبارة عن رسالة تربوية ستقدم إلى متلقٍّ معين ، بهذا المعنى نجد أنفسنا بين تحليل علم النفس التربوى من ناحية و نظرة فلاسفة اللغة من ناحية أخرى .
إن فترة المراهقة تتميز بالسعي إلى بناء الذات والتفرد و حب الظهور والتذبذب إلى درجة الرفض والتمرد و إلى حد القطيعة أحيانا مع الآخر عموما . هذه المشاعر المتداخلة تكون حاضرة بشكل غير متساوٍ لدى الطلاب بما أن مسألة التقبل تختلف عندهم باختلاف الزمان والمكان والإنسان ( المدرس).
هذا الواقع الاجتماعي الحضاري المؤلم المتعالي عن المقاربة لأسباب نجهلها يتعارض بشكل كبير مع القراءات الغربية للغة عموما لأن الأساس الفكري للمشكلة هو أننا مازلنا ننظر في زمن معاصر إلى تركيبات لغوية قديمة و بتقنيات تحليل أقل ما يقال فيها أنها كلاسيكية فلابد من قراءة جديدة للنحو واللغة حتى نستطيع فهم مواطن الخلل في عملية التلقي التعليمية و من أقدم المقاربات رؤية الفلسفة الرواقية الإغريقية( 1) التي تؤكد على أن اللغة ما هي إلا علاقة تربط بين طرفين : الكلمات والأصوات من ناحية والأشياء من ناحية أخرى ورغم أن هذه العلاقة تبدو اعتباطية في مستوى الدلالة إلا أنها تصبح منطقية بعد فرضها من قبل مؤسسة الجماعة ، بهذا المعنى يتجلى لنا بوضوح التعارض العنيف بين نوازع الطالب السيكولوجية من جانب و ماهية اللغة كمعرفة و ليس كأداة اتصال من جانب آخر .
لن نستطيع فهم صعوبة رسوخ المعلومة النحوية التي تتقابل تماما مع عزوف الطالب عن التعلم دون الاطلاع على مضامين النظريات الأخيرة في اللسانيات العامة و لعل أبرز النظريات ما ذهب إليه العالم الأمريكي "نعوم تشومسكي" ( 2) من أن النحو : " هو مجموعة القواعد التي تُمكِّن الإنسان من توليد مجموعة من الجمل المفهومة ذات البناء الصحيح " . وينتقد تشومسكي عملية الكفاءة الرصدية التي اتسم بها النحو التقليدي؛ أي القدرة على الرصد الكمي للبيانات دون محاولة تقديم نموذج تفسيري يفسر قدرة المتكلم مستخدم اللغة وحدسه اللغوي. فتشومسكي يفرق بين القدرة التي هي ملكة معرفة اللغة؛ حيث يمكن للفرد إنتاج وفهم عدد غير محدود من الجمل، وتحديد الخطأ، وتلمس الغموض الكامن في الناتج اللغوي، وبين الأداء الذي هو عملية استخدام هذه القدرة في نسق محدد. ويلوم تشومسكي التقليديين على اهتمامهم بالأداء وانصرافهم عن القدرة.
و الغريب في الأمر أن هذه النظرة إلى القدرة في استعمال اللغة تفطن إليها بعض العلماء العرب بيد أن أطروحاتهم توقفت عند حد الشذرات المحتشمة فلننظر إلى ما ذهب إليه عبد الرحمن بن خلدون : " إن الحذف في العلم و التفنن فيه و الاستيلاء عيه إنما بحصول ملكة في الإحاطة بمبادئه و قواعده و الوقوف على مسائله و استنباط فروعه من أصوله " .(3)
و لابد من الإشارة في هذا الصدد إلى أن خطورة ما ذهب إليه تشومسكي على شهرته العلمية والسياسية أيضا ليست سوى إضافة رائعة لما وصلت إليه "حلقة براغ" وخاصة مضامين ما يسمى بمخطط " رومان جاكبسون" ( 4) الذي أكد على أن اللغة ليست سوى تحويل للمعجم العمودي الثابت إلى الاستعمال الأفقي الاستبدالي .
بهذه المعنى يحق لنا أن نتساءل هل أن الأهمية الكبرى تكمن في تحفيظ القاعدة النحوية أم في طرقة استخدامها وتوظيفها فالإشكالية الكبرى التي نعاني منها لا تكمن في مقاربتنا للنحو العربي فحسب بل و كذلك في طريقة عرضنا للمادة اللغوية على الطالب فكيف لنا ونحن نقرأ النحو العربي قراءة قديمة أن نقدمه لمتلقٍّ معاصر بأدوات حديثة .
إن الاطلاع على النظريات العالمية في علوم اللسانيات تُجلي نظرتنا إلى إشكالية تدريس النحو و لابد لنا بعد هذا الطرح من الإشارة إلى أن القضية هي تربوية ولكن ركائزها نفسية لسانية ( نسبة إلى علم اللسانيات)
على هذا الشكل نفهم لماذا لا يُقبل الطالب المراهق على تعلم النحو بشغفٍ. نحن لا نستطيع أن نغيِّر نفسية المراهق ولكن بمقدورنا تغيير زاوية نظرنا إلى اللغة كأبنية نحوية ثابتة مقدسة إلى درجة عجيبة بالتعامل معها ( أي اللغة ) كمبحث قائم على اللاوعي و الحلم هذه النظرة التي برزت في بداية القرن العشرين مع مدرسة الشكلانية الروسية ( 5) التي حاولت فهم البناء الفكري العربي سرديا من خلال دراسة كتاب ( الف ليلة وليلة) و انتهوا إلى أن أروع ما في اللغة هو خطابها الوجداني فالقصة القائمة على التخييل تجعل الإنسان يفلت من قبضة الوعي الاجتماعي ووطأته إلى عالم اللاشعور الرحب حيث انفلات الذات إلى دنيا الحلم . ورغم أن مبحثهم ( الشكلانيون الروس)كان ذا هموم بنيوية سردية بالأساس لكنه أفضى إلى استنتاجات خطيرة على مستوى التعلم التربوي عموما . فاللغة قبل أن تكون نحوا هي استعمال حر رائع .
بناء على ما سبق يمكن القول أن أسباب عزوف الطالب عن تعلم الأبنية النحوية هي كل متكامل من العناصر يمكن تلخيصها في الآتي :
• طبيعة المادة العلمية المقدَّمة ( قواعد النحو).
• طرق التدريس التقليدية.
• عدم الوعي بالتغيرات المعرفية الكبرى خاصة على مستوى تقنيات الاتصال في العالم.
• عدم مراعاة البعد النفسي للطالب.
• الخوف من النظرة النقدية للنحو العربي و ربطه بمسائل عقدية دينية مما يزيد المسالة تعقيدا.
• السقوط في الأطروحات التمجيدية للغة وعدم الاطلاع على نظريات علم اللسانيا ت المقارن للاستفادة مما وصلت إليه لتوظيفها من أجل النهوض بطرق تدريسنا .
• إسقاط القراءات الإيديولوجية القاصرة والقاتلة لأي مبحث لساني عربي متكامل.(6)

إذن نحن مطالبون بأن ندغدغ في الطالب عالمه الميت بأن ندرسه اللغة على أنها حلم سحري جميل وفن نبيل لا على أنها ضوابط وقوانين تقحم الذات في سجن الجماعة عنوة.

أما كيف يكون ذلك فهذا حديث آخر

الهوامش:
1- الفلسفة الرواقية :من أهم الفلسفات التي استمرت منذ نشأتها في عهد الرومان والإغريق و قد برزت إسهاماتهم في الفلسفة الأخلاقية و يعتبر الرواقيون من أول من نظر إلى اللغة كمبحث مستقل بل يُعتبرون واضعي فلسفة اللغة المعاصرة.
2- أفرام نعوم تشومسكي Avram Naom chomsky : أستاذ جامع مدى الحياة ماساتشوتشس للتكنولوجيا صاحب نظرية النحو التوليدي هو أعظم عالم لساني كان لنظرياته إسهامات كبيرة في تطوير علم اللسانيات و علم النفس و كذلك فلسفة اللغة والعقل.
3- المقدمة الصفحة 430-
4- رومان جاكبسون Roman Jakobson : ولد بموسكو سنة 1896 أسس بمعية ستة طلاب النادي اللساني بموسكو و عنه تولدت مدرسة الشكلانيين الروس و في سنة 1920 أسس ما يسمى بحلقة براغ ، رحل سنة 1941 إلى أمريكا فدَرَّس في نيويورك و تعرف إلى كلود لفي شتراوس ثم انتقل إلى جامعة هارفارد . لقد كان من ركائز المناهج البنيوية في صلب البحوث الإنشائية و الصرفية و في بحوث وظائف الأصوات.
5- الشكلانية الروسية : اعتمد الشكلانيون الروس مفاهيم فلسفية وجمالية تعود إلى فلسفة " هيغل " و إلى التراث الأوروبي فالواضح أن ذلك ارتبط عند هيغل بعلم الجمال و قد برز هذا في منهج " فلادمير بروب "في كتابه " مورفلوجيا الحكاية ".
6- ينظر بعض المفكرين العرب إلى اللسانيات نظرة ارتيابية هي في أساسها قراءة إيديولوجية ترفض القراءات والنظريات الحديثة للغة.




#خيرالدين_جمعة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في شخوص رواية صفحات المهزلة لخير الدين جمعة
- أجمل الحب
- وشم بربري


المزيد.....




- ?? مباشر: عملية رفح العسكرية تلوح في الأفق والجيش ينتظر الضو ...
- أمريكا: إضفاء الشرعية على المستوطنات الإسرائيلية في الضفة ال ...
- الأردن ينتخب برلمانه الـ20 في سبتمبر.. وبرلماني سابق: الانتخ ...
- مسؤولة أميركية تكشف عن 3 أهداف أساسية في غزة
- تيك توك يتعهد بالطعن على الحظر الأمريكي ويصفه بـ -غير الدستو ...
- ما هو -الدوكسنغ- ؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بالفيديو.. الشرطة الإسرائيلية تنقذ بن غفير من اعتداء جماهيري ...
- قلق دولي من خطر نووي.. روسيا تستخدم -الفيتو- ضد قرار أممي
- 8 طرق مميزة لشحن الهاتف الذكي بسرعة فائقة
- لا ترمها في القمامة.. فوائد -خفية- لقشر البيض


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - خيرالدين جمعة - السيكولوجي واللساني في دتاكتيكية النحو العربي