أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - احمد حسين جيفاري - المفاهيم الاساسية للجدلية مبسطة















المزيد.....


المفاهيم الاساسية للجدلية مبسطة


احمد حسين جيفاري

الحوار المتمدن-العدد: 4000 - 2013 / 2 / 11 - 22:28
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


المفاهيم الاساسية للجدلية
مبسطة





((بالنسبة لي, من الأفضل كثيراً أن افهم الكون كما هو لا كما يتخيله الكاهن في وهمه, مهما كان ذلك مريحاً ومطمئناً))

كارل سيغان





مقدمة

ان كل علم, مهما كان ميدان الواقع المادي الذي يدرسه , يمثل ليس فقط نظاماً من القوانين , بل وبعض المفاهيم الأساسية المحددة, وهي اعم المفاهيم التي تعد في مجرى تطور كل علم وتشكل أساسه.
فالفيزيائي لكي يفهم كيفية الحركة , لابد له من مفهوم يمكن بواسطته تعريف الحركة وحالة السكون النسبي في الأشياء والظاهرات, لذلك وضع الفيزيائيون مفهوماً يمكن من خلاله معرفة حالة الحركة , لكي يتم أدراك المعنى الفيزيائي من قبل الجميع , فوضعوا مفهوم (الاستمرارية).
يستحيل الاكتفاء بالمفاهيم التي تضعها الفيزياء والكيمياء وغيرهما من العلوم الخاصة, فكل منها تدرس المفاهيم في حدود علمها, ونحن نعلم الان بان هناك اعم الخواص للأشياء والظاهرات في العالم تتكون مفاهيم فلسفية في عملية المعرفة للتعبير عنها.
وفي كراس الجدلية وقوانينها مبسطة تناولنا مفاهيم مثل , التناقض و الكمية و القفزة والنفي, وفي هذا الكراس سنتناول مجموعة اخرى , مفاهيم اساسية للجدلية وهي : الخاص والعام , المحتوى والشكل. الجوهر والظاهرة, السبب والنتيجة, الضرورة والصدفة, الامكانية والواقع, تغني بشكل جوهري تصوراتنا, عن التطور الشامل وصلات العالم المادي, وعن القوانين الأساسية للجدلية.






منشأ المفاهيم الاساسية للجدلية وخصائصها العامة

ان المفاهيم الأساسية للجدلية هي نتيجة تعميم تجربة الناس لقرون عديدة ونشاطهم العملي ومعرفتهم. ان الإنسان إذ يقيم , في مجرى نشاطه العملي, الصلات بالاشياء والظواهر في العالم, ويتعرف عليها , فأنه يقوم بتشخيص ماهو جوهري ومشترك فيها, ونتائج مايجري تشخيصه تتحدد في مفاهيم عامة اساسية.فالمفاهيم الاساسية , السبب والنتيجة , المحتوى والشكل وغيرها قد تكونت في وعي الانسان , ذلك انه اصطدم مليارات المرات بالاسباب والنتائج الموجودة موضوعياً, وبمحتوى وشكل الاجسام المادية الملموسة وغيرها من الجوانب الهامة للواقع.
وبالتالي فأن المفاهيم الأساسية هي نتيجة النشاط العملي للانسان ومعرفته, انها درجات في معرفه العالم المحيط بالانسان. وبالاضافة لسمه الطابع الموضوعي هناك سمات اخرى مهمة وهي الرابطه المتبادلة والتبدل والحركة , وهي تعكس وحدة العالم المادي نفسه والرابطة الشاملة والتأثير المتبادل بين الاشياء والظواهر , وهي متغيره ومتحركة لان العالم متطور باستمرار.
ان المثالية على الضد من الجدلية, تنكر موضوعية المفاهيم الأساسية. فالمثاليون الذاتيون يعتبرون المفاهيم الاساسية موجودة فقط في وعي الانسان وليس لها أي علاقه بالواقع, وحتى المثالي الموضوعي (هيجل) رغم كونه يعترف بالكلام بموضوعية المفاهيم الاساسية فأنه في الواقع ينظر اليها كمراحل , وكعناصر لتطور الفكره المطلقة والروح العالمية.
والميتافيزيقيين يشوهون الطبيعة الجدلية للمفاهيم الاساسية , فهم عادة يفصلون بين المفاهيم الاساسية الواحد عن الاخر , ويهملون دور احد المفاهيم الاساسية ويبالغون في أهمية اخر الى درجة الإطلاق, وهكذا يؤدي الى تشويه الواقع والى استنتاجات رجعية.
ان وجهات النظر المثالية والميتافيزيقية مفلسة تماماً وانطلاقاً من مواقع الجدلية فقط يمكن ان نفهم الجوهر الحقيقي للمفاهيم الاساسية وان نستخدمها كسلاح للمعرفة العلمية والنشاط العلمي.
مفهوم العام والخاص

الخاص / هو الشيء الذي له صفاته وملامحه التي تميزه عن الاشباه الاخرين دون يفترق عنهم.
العام / هو ما يلازم غالبية الأشياء الخاصة والمفردة.

الخاص والعام يوجدان في وحدة جدلية في كل شيء, فالعام يوجد عن طريق الخاص, ويمثل جوهره, والحدود بينهما ليست ثابتة, ويمكن ان يتحول لان احدهما للأخر.
ففي تطور العضويات مثلاً نلاحظ ان بعض العلامات المفيدة المكتسبة تنتقل من قبل مفرد خاص, لتصبح بعد فترة من الزمن في حوزة مجموعة هائلة من المفردات , وهذا يعني انها تحولت الى عام , سمة خاصة بالنوع. واذ ما فقدت سمة عامة أهميتها للنشاط الحيوي للنوع, فأنها ستضمحل تدريجياً وتختفي وفي الاجيال المقبلة تصبح نادره, وفي بعض المفردات العضوية فقط وكشذوذ - او كعودة الى حالة الاجداد.
ان معرفة العام وعلاقته بالخاص تشكل اساس التنبؤ العلمي.







مفهوم المحتوى والشكل

المحتوى / هو مجموع العناصر والعمليات التي تكون الشيء المعين او الظاهرة المعينة.
الشكل / هو هيكل المحتوى وتنظيمه.

ان المحتوى والشكل في كل شيء او ظاهره مترابطان, ارتباطاً وثيقاً دائماً, وان الشكل ينجم عن محتوى مرتبط دائماً بظروف تاريخية ملموسة معينة, وخلافاً للمحتوى فأن الشكل اكثر ثباتاً واقل حركه ولهذا فأنه يتأخر عن تطور المحتوى ويشيخ ويدخل في تناقض معه, والشكل عندما يطابق المحتوى فأنه يساعد على تطويره.
ان تطور الانتاج الاجتماعي يبدأ دائماً بالمحتوى (القوى المنتجة), فالناس في سعيهم للحصول على اكبر قدر ممكن من الخيرات المادية يحسنون ادوات الانتاج باستمرار, ويزيدون تخصصها, والمحتوى سيدخل في تناقض مع الشكل القديم (الذي هو علاقات الانتاج) وهذا التناقض يحل عن طريق استبدال علاقات الانتاج القديمة بعلاقات أنتاج جديدة, وان الشكل الجديد لايتبع فقط المحتوى, وانما يلعب هو نفسه دوراً فعالاً في تطوره.
ان فهم مفهوم المحتوى والشكل تعطينا الصورة عما يمثله شيء ما.





مفهوم الجوهر والظاهرة

الجوهر/ هو الامر الرئيسي الداخلي , والجانب الثابت نسبياً.
الظاهرة/هي التعبير الخارجي المباشر عن الجوهر والشكل الذي يظهر فيه.

الجوهر يظهر والظاهرة جوهرية, فهما ليسا موحدين فقط بل متناقضين أيضا ولا يتطابقان مطلقاً, فالظاهرة لا تستنقذ الجوهر و انما تميزه فقط, بالنسبة لجانب واحد منفرد, وكل جوهر يظهر في مجموعة ظواهر.
فجوهر الرأسمالية القائم على الاستغلال, يتجلى في ظواهر معينة مثل الإفقار والبطالة والازمات ... الخ.
ان معرفه جدلية الجوهر والظاهرة , له أهمية بالغة في الحياة والعلم والتطبيق, فهي تسلح رجال العلم بالثقة ليصلوا لصوره صحيحة عن العالم.









مفهوم السبب والنتيجة

السبب (العلة) / هو الشيء الذي يحفز, يخلق, ينتج, يبعث الى الحياة ظاهره أخرى.
النتيجة (المعلول) / هو الذي ينشأ بتأثير السبب.

السبب والنتيجة مرتبطان بشكل لا ينفصل, فان مايكون في بعض ظروف المكان والزمان سبباً يصبح في ظروف أخرى نتيجة والعكس بالعكس, فلا سبب بدون نتيجة ولا نتيجة بدون سبب.
فعلاقات الناس الاقتصادية في عملية الإنتاج هي سبب, ومصدر الأفكار السياسية والفلسفية وغيرها, وهذه الأفكار بدورها تؤثر في تطور العلاقات الاقتصادية.
ان كشف الأسباب الرئيسية هو الذي يعطينا الإمكانية لكي نفهم بشكل صحيح منشأ الظاهرة وجوهرها ومكانها بين الظواهر الأخرى, وان نفهم القوانين التي تتطور هذه الظاهرة او تلك بموجبها, وإمكانية إزالة او تضييق نطاق تأثير الظواهر السيئة.









مفهوم الضرورة والصدفة والحرية

الضرورة / هي ما لابد ان يكون بكل تأكيد , لانها تنشأ من جوهر الظاهرة المتطورة وطابعها الداخلي, وتكون دائمة وثابتة بالنسبة للظاهرة المعينة.
الصدفة / هي ماقد يكون او لا يكون, لذا تكون مؤقتة للشيء المعين, ولا تنشأ عن طبيعة الشيء المعين.
الحرية / هي أدراك الضرورة.
ان الضرورة والصدفة مترابطان جدلياً, فأن حادثاً ما هو نفسه يكون ضرورة ويكون صدفه, ضرورة في علاقة معينة وصدفه في اخرى.
اذا ما أنبتنا بذرة نبات في ما في الارض , في حرارة ورطوبة ملائمتين, فانها ستنبت , ولكن يمكن ان يصادف ان يسقط صقيع ( الذي هو بدوره ضرورة نتيجة الظروف الجوية الناشئة في المنطقة التي يسقط فيها) وان تموت النبتة.
إن انبات النبات في ظروف معينة هو حتمي (ضرورة) وسقوط الصقيع لا ينشأ عن طبيعة النبات فانه ليس حتمياً (صدفه).
اما جانب علاقة الحرية بالضرورة, فإرادة الإنسان و وعيه مشتقين من الضرورة , والضرورة توجد في الطبيعة والمجتمع على شكل قوانين موضوعية , وتظهر القوانين الغير مدركة على أنها ضرورة عمياء, وكلما ازداد الانسان عمقاً في أدراك القوانين الموضوعية, كلما ازداد نشاطه حرية ووعياً.
عندما ارسل العلماء السوفيت صاروخاَ الى القمر, فأنهم قد بالطبع استندوا الى قانون الجاذبية العامة, فمن اجل ان يخرج الصاروخ الفضائي , يجب ان ينطلق بسرعة تكون فيها قوته المركزية الطاردة اكبر من جاذبية الارض, فزود الصاروخ بسرعة محددة بدقة (8 كيلومتر في الثانية ) تمكن بفضلها تخطي جاذبية الارض. لقد تسنى للعلماء ارسال سفينة الى الفضاء الكوني لا على الرغم من قانون الجاذبية العامة بل على اساس دراسة مفعوله دراسة عميقة.
ان معرفة الضرورة الموضوعية ,تعطي للانسان لان يخضع لمعالجة الكثير من الظواهر في الطبيعة والحياة الاجتماعية, والاستعداد والحد من تأثير الصدف الضارة , وتصبح القوى الغريبة تحت سيطرة الانسان.


















مفهوم الإمكانية والواقع

الإمكانية / هي المقدمات لظهور الشيء الجديد, التي تكون موجودة.
الواقع / هو أمكانية متحققة.
يمكن ان تتحول الإمكانية الى واقع وبالعكس, مع الأخذ بالاعتبار ان ليس كل ممكن هو واقع.
ان الجنين مثلاً يحوي أمكانية للتطور الى والتحول الى جسم عضوي نامي, والجسم المتطور عن حالة الجنين (الطفل) يمثل واقع.
ان كل ضرورة جديدة لاتظهر بصورة جاهزة متكاملة, وإنما توجد في البداية على شكل أمكانية ثم تتحول الى واقع بتوفر الظروف الملائمة.











الاسئلة والاجوبة

1- كيف ان معرفة العام وعلاقته بالخاص تشكل أساس التنبؤ العلمي؟

ان د. ي. مندلييف استناداً للجدول الدوري للعناصر الكيماوية, الذي يكشف اهم خصائصها, تحدث مسبقاً عن وجود اربعة عناصر كيماوية لم تكن معروفة, وبعد ذلك بقليل كتب خصائص ثلاثة منها بتفصيل, ولم يمر وقت طويل حتى اكتشفت هذه العناصر.

2- هل ان تبعية الشكل للمحتوى تعني ان هذا المحتوى المعين لا يستطيع ان يبعث للحياة الا شكلاً وحيداً فقط؟

كلا, فالثورات الوطنية التي حدثت في المستعمرات بوصفها محتوى انقلاب اجتماعي , تحققت بأشكال مختلفة , ناجمة عن ارتباط المحتوى بالظروف التاريخية الملموسة في حينها.

3- كيف يؤثر الشكل في المحتوى؟

لا يجوز التقليل من أهمية الشكل , فبالرغم من تبعيته للمحتوى الا انه يؤثر فيه تأثيراً فعالاً, فعندما يلقي أستاذ محاضرة, تكون المواد التي جمعها كبيرة والوقائع طريفة, لكن شكل عرضه غير حي وغير ممتع (ضعيف وجاف) فان ذلك ينعكس على المحتوى ويصعب وصولة للمستمعين. واذ قام أستاذ اخر بعرض الوقائع نفسها بصورة حية ممتعة وساطعة , فان النتيجة الحاصلة تختلف تماماً, وبذلك يكون ذلك الشكل قد اثر و اوصل المحتوى.




4- هل ان الجوهر والظاهرة متطابقان ويمكن لأحدهما ان يتحول الى اخر؟

لا يجوز فهم وحدة الجوهر والظاهرة على إنهما يتطابقان مباشرة, وان احدهما يمكن ان يكون بديلاً عن الاخر, وان الشكل سيضع كل خصائص الشيء على السطح. فلو كان كذلك لأصبح من الممكن الكشف عن سنن تطور الطبيعة والمجتمع دفعة واحدة وبصورة مباشرة. ان الامر ليس كذلك, فأن معرفة الجوهر يتطلب عملاً كبيراً ومعقداً يبذله العلماء, ويقتضي دراسة علمية على اساس النشاط العملي.

5- هل يستحيل معرفة الجواهر او كما اسماها كانط (الاشياء بذاتها) ؟

كلا, فلو كنا لانعرف مايدور في العالم , لما كان بإمكاننا ان نعيش ونعمل فيه, ولولا المعرفة لاستحالت علينا منجزات العبقرية البشرية, مثل القمر الصناعي والصاروخ الكوني والطاقة الذرية, و لاستحال أيضا القيام بأمور تبدو بسيطة للغاية.

6- هل تؤثر النتيجة على السبب؟

نعم, فالمادة , الوجود يولد الوعي, الا ان الوعي يؤثر بدوره في الوجود ويقف منه بصوره فعالة, وهنا يتجلى بوضوح الفعل المتبادل, التبعية المتبادلة للسبب والنتيجة وتأثيرهما المتبادل احدهما في الاخر.


7- هل ان السبب والنتيجة يشترطان احدهما الاخر بدرجة متساوية ؟

كلا , لان السبب هو الذي يلعب دائماً الدور الحاسم في العلاقة بين السبب والنتيجة, انه هو بالذات الذي يحدد هذه العلاقة المعينة, اما النتيجة , فتلعب دوراً هاماً الا انه رغم ذلك دور تابع.

8- كيف ان الفلاسفة المثاليين عاجزين عن تفسير حقائق العقلانية(1) والنظام التي يصادفونها أينما كانوا في الطبيعة؟

لأنهم يزعمون ان ما يحدد نشوء وتطور جميع الأشياء في الطبيعة ليس الأسباب المادية وقوانين الطبيعة نفسها, بل الهدف الذي ترمى اليه ومهمتها والغرض من وجودها, وطبقاً لنظريتهم فأن القطط قد خلقت من اجل تبتلع الفأران وان الفأران خلقت من اجل ان تبتلعها القطط!!

9- هل لنظرية الغائية(2) أي معنى علمي؟

كلا, لاجل فهم ظاهرة ينبغي معرفة الأسباب التي بحكمها نشأت وما الذي أنشأها وبما ترتبط, اما وجهة النظر الغائية, فهي موجهة بالذات ضد هذا التفسير العلمي ألسببي لظاهرات الطبيعة.

10- ما الذي يفسر العقلانية في الطبيعة الحية؟

برهن دارون ان هذه العقلانية تتم بطريق طبيعي, ففي النضال من اجل التكيف الأفضل لظروف الحياة او في الصراع من اجل البقاء, والأمران سيان, لابد من بقاء الأكمل, أي الذي يتكيف بصورة افصل لظروف البيئة الخارجية, وعلى اساس قوانين الطبيعة والاسباب الطبيعية, تكونت في مجرى التطور التدريجي على مر القرون العديدة, تلك العقلانية , ذلك الانسجام , في الطبيعة الحية , الذي يذهلنا بهذه الصورة الان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) النظام (الانسجام والتتابع) وفي الطبيعة تتجلى ملاً في تكيف الحيوانات والنباتات لظروف حياتها (البيئة المحيطة بها).
(2) وجود علة نهائية واحدة متعالية على المسارات الطبيعية.

11- هل ان الاسباب مختلفة؟

نعم, فبما ان الصلات والعلاقات بين الظواهر كثيرة , فان الاسباب بدورها كثيرة ومختلفة أيضا, وهي ليست متساوية في صنع النتيجة, وانما هناك اسباب أساسية رئيسية هي التي تحدد الاسباب الباقية كافة وفعلها في النتيجة.

12- هل ان التتابع الزمني علامة كافية على السببية؟

كلا, فالنهار مثلا ً يعقب الليل, ولكن الليل ليس سباً للنهار, ان انتظام النهار والليل يسببه دوران الارض حول محورها. ان التبعية السببية بين ظاهرتين توجد فقط عندما تكون احداها ليس فقط سابقة للأخرى وانما تولدها بشكل حتمي.

13- ما الفرق بين السبب والشروط التي ينشط فيها؟

ان العمل الاجتماعي هو سبب كل ثروة اجتماعية, لكن من اجل ان يستطيع العمل ان يجلب الثروة لابد من موضوع للعمل وأدوات يعد بواسطتها موضوع العمل هذا. فليس موضوع العمل ولا أدواته يمكن لها لوحدها ان تخلق ثروة, ولكنهما شرطان ضروريان للنشاط العملي للانسان.

14- ما الفرق بين السبب والذريعة؟

الذريعة هي الحدث الذي يسبق النتيجة مباشرة , والذي لايشكل بنفسه سبباً لها, ولكنه بمثابة واقع لتأثير السبب, فمقتل الامير النمساوي (فرديناند) في مدينة سيراجيفوا الصربية في حزيران عام 1914 ,كان ذريعة لاندلاع الحرب العالمية الاولى. اما السبب الحقيقي للحرب فقد كان التناقضات بين الدول الاستعمارية المتصارعة.
15- هل ان للظاهرات الضرورية سببها , اما الصدف فلا سبب لها؟

كلا, فما من ظاهرة يمكن ان تنشأ بدون سبب , والسبب يظهر في الظاهرة الضرورية كشيء داخلي, اما بالنسبة للصدفة فانه كشيء خارجي. فنقص المؤن بالنسبة للسكان في البلدان المتخلفة مرتبط بالتطور الاقتصادي الضعيف في هذه البلدان الموروث عن الماضي الاستعماري, وهذا سبب داخلي لنقص المؤن. غير ان كمية المؤن قد تتقلص تحت تأثير اسباب خارجية مثل الفيضانات وانفجار البراكين والاعصار .. الخ.

16- هل يمكن للضرورة والدفة ان تتحولا من واحدة الى أخرى؟

نعم, في المجتمع البدائي كان تبادل البضائع يتم بشكل صدفة. ذلك ان كل مجموعة تستهلك كل ما تنتجه , وبظهور وتطور الملكية الخاصة اتسع تبادل البضائع , وفي الرأسمالية أصبح ضرورة موضوعية.


17- هل ان الصدفة تكمل الضرورة وتمثل شكل ظهورها؟

نعم, فوراء الصدف الكثيرة تكمن باستمرار ضرورة موضوعية قانونية. لنأخذ غازاً ما محصوراً في إناء. ان جزيئات هذا الغاز توجد في حركة دائمة غير منتظمة, وتصطدم فيما بينها صدفة وكذلك تصطدم بجدار الإناء. ورغم هذا فان ضغط الغاز على جميع الجدران هو واحد, فهو يحدد بالضرورة من قبل قانون فيزيائي, وهكذا فوراء الحركة العفوية للجزيئات تشق الضرورة طريقها, هذه الضرورة التي تحدد الضغط وكذلك الحرارة والكثافة وغيرها من صفات الغاز.


18- هل يمكن دراسة الظاهرات الصدفية؟وماهي القوانين التي تخضع لها؟

نعم يمكن ذلك, ان نظام وسنه الظاهرات الصدفية يبقيان غير ملحوظين لدى عدد قليل من المشاهدات , ولكنهما يظهران على سطح الواقع مع توفر عدد كبير جداً من الحقائق. وعبر السنن الإحصائية تتوفر الإمكانية لدراسة الظاهرات الصدفية, فالفيزياء المعاصرة بدراستها حركة الالكترونات وغيرها من الجسيمات , قد اكتشفت بالضبط ان حركة الجسيمات المجهرية تخضع للسنن الإحصائية.

19- هل يمكن الحد من مفعول ما لايعتمد على الانسان؟

ان القضاء على الصدف, هو امر هيهات ان يتسنى تحقيقه دوماً, اما القضاء على افعالها غير المرغوب فيها, فهو امر ممكن وضروري, فري الحقول وتسميدها واستخدام الطرق الزراعية الحديثة, كل هذا يحمي الزراعة من الصدف المضرة .

20- هل من فائدة في بذل الجهود حتى يرى النور ماهو آت حتماً نتيجة للضرورة التاريخية؟
بالتأكيد ذلك, فضرورة الظاهرات الاجتماعية تختلف اختلافاً جوهرياً عن ضرورة الظاهرات الطبيعية, ففي الحياة الاجتماعية , نشاط الناس يدخل في عداد الظروف التي بدونها لا تتحقق الضرورة ولا تتجلى, واذ لم ليفعل الناس او فعلوا بدون دأب ومثابرة في السعي الى الهدف المنشود , فأن هذا يعني ان جهودهم بالذات لا تكفي في الوقت المعنى لبلوغ الهدف. اما في الطبيعة فلا تفترض نشاط الناس, فالربيع والصيف وغرها من الظاهر الطبيعية تجري بدون اشتراك الانسان. ان الضرورة التاريخية لا تنفي الموقف النشيط من الأحداث الدائرة في العالم, بل تفترضه.

21-ما موقف الجدلية من وجهتي النظر الإرادية والقدرية ؟

كلا وجهتي النظر الإرادية والقدرية خاطئة, لأنهما تعمدان الى حل المسألة بطريقة ميتافيزيائية, فتعترفان اما بالحرية او الضرورة, اما كل شيء يتم بحكم النشاط البشري الحر (الإرادية) وعندها لا يمكن ان توجد ضرورة, او كل شيء يتم بحكم الضرورة (القدرية) وعندها لا يمكن ان توجد حرية. ان الحرية لا تتفق مع الضرورة , هذا هو الأساس الذي يقومان عليه.

22-هل يمكن للإنسان ان يكون حراً وهو يخضع لقوانين الضرورة الطبيعية؟

نعم, فأننا لا نفقد حريتنا فيما اذا خضعنا لقوانين الضرورة, فالحرية ليست تحرر من القوانين بل هي أدراك القوانين, فارتياد الفضاء لم يكن يمكن ان يكون دون مراعاة قانون الجاذبية.

23-هل هو حر في واقع الأمر ما يسمى بالعالم الحر؟

أن الحرية التي لا تقوم على قاعدة مادية, مجرد الحرية , الحرية كفكرة, تشبه زهرة بدون جذور وتربة , فمهما كانت رائه الجمال, فأنها سرعان ما تذبل بكل تأكيد وتجف. لا يمكن ان تقوم حرية واقعية فعلية في مجتمع قائم على سلطة النقود, وتعاني فيه الجماهير الكادحة من البؤس وتحيى فيه حفنة من الأغنياء حياة الكسل والطفيلية.






24-هل الإمكانيات متناقضة؟

نعم, فما دامت الأشياء والظواهر في العالم متناقضة, فأن الإمكانيات هي بدورها متناقضة ايضاً, ويجب ان نميز بين الإمكانيات التقدمية (الايجابية) والإمكانيات الرجعية ( السلبية), فأن كل ثورة اجتماعية مثلاً تحوي أمكانية ايجابية في انتصار القوى التقدمية , وإمكانية سلبية لانتصار القوى الرجعية كما حدث في مصر وغيرها, ليصبح الظلام العربي بدل الربيع العربي,ولكن يعلمنا التأريخ ان انتصار الإمكانيات الرجعية, رغم تحققه, هو ذو طابع مؤقت انتقالي, وانه في النهاية تنتصر الإمكانيات التقدمية.

25 -هل في الحياة إمكانيات مختلفة؟

نعم, ولا ينبغي الخلط بين نوعين من الإمكانيات, المجردة ( الشكلية) و الحقيقة (الواقعية) , فالأولى لا تتوفر الشروط لتحويلها الى واقع في ظل ظروف تاريخية معينة, بينما الثانية تتوفر الشروط لتحويلها الى واقع, أي ان الفرق بينهما هو توفر الشروط الضرورية لتحول الإمكانية الى واقع.

26-ما الفرق بين الإمكانية الشكلية والمستحيل؟

الإمكانية الشكلية لا تتناقض مع القوانين ويمكن ان تتحقق من وجهة نظر مبدئية, ولكن فقط عندما تنضج الظروف الملائمة لذلك, اما المستحيل فهو ما لايمكن تحقيقه ابداً ذلك انه يتناقض و القوانين الموضوعية.



#احمد_حسين_جيفاري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجدلية وقوانينها مبسطة
- هل تحبيني؟؟
- هل لي بحبك سيدتي؟
- نسمه
- حول الطائفية : نقد وتصحيح
- لانهاية
- الطرق الثلاث للرجعية في العراق تجاه الشواهد التأريخية
- الى حبيبتي
- الماوية نظرة اخرى
- خاطرة سؤال
- معسكري الفلسفة ( المثالية والمادية )
- الفلسفة ومسألتها الاساسية
- دفاعاً عن ماركس في القيمة
- مقتطفات عن ستالين قبل الثورة الاشتراكيه


المزيد.....




- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...
- للمرة الخامسة.. تجديد حبس عاملي غزل المحلة لمدة 15 يوما
- اعتقال ناشطات لتنديدهن باغتصاب النساء في غزة والسودان من أما ...
- حريات الصحفيين تطالب بالإفراج عن الصحفيين والمواطنين المقبوض ...
- العدد 553 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
- التيتي الحبيب: قراءة في رد إيران يوم 13 ابريل 2024
- أردوغان: نبذل جهودا لتبادل الرهائن بين إسرائيل والفصائل الفل ...
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 551


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - احمد حسين جيفاري - المفاهيم الاساسية للجدلية مبسطة