أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ماجدة تامر - آراء حول تعريف الامبراطورية الجديدة















المزيد.....

آراء حول تعريف الامبراطورية الجديدة


ماجدة تامر

الحوار المتمدن-العدد: 1150 - 2005 / 3 / 28 - 08:04
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


تتعدد الآراء والنظريات في هذه الأيام حول تعريف الإمبراطورية وخاصة في العصر الحديث ولنأخذ مثالا على ذلك الامبراطورية الأمريكية التي تسيطر على عالمنا اليوم .

فالبعض يرى أن هذه الامبراطورية تعني حكومة الولايات المتحدة الأمريكية والدول التي تدور في فلكها يدعمها البنك العالمي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية والشركات المتعددة الجنسيات .

فهل الإمبراطورية هي ذلك فقط ؟ ألا تعتبر الآثار الناتجة عن تلك الهيمنة امتدادا لها ، مثل استيقاظ القوميات والتعصب الديني الأعمى والفاشية بكل أنواعها والإرهاب وما شابه ؟ وكلها تتقدم يدا بيد مع مشروع العولمة الليبرالية .

وللتدليل على ذلك نأخذ حال الديموقراطية في دولة كبيرة كالهند والتي تقف اليوم على شفا حفرة في مواجهة الهجمة الليبرالية الجديدة .
فقد تم فتح أسواقها التي تضم مليار من البشر عنوة أمام منظمة التجارة العالمية ، وأتيح لبعض المسؤولين الكبار والمتنفذين في الحكومة ورجال الأعمال التمتع بميزات عديدة من الخصخصة .

فليس من باب الصدفة أن يوقع هؤلاء مع شركة " أنرون " المتعددة الجنسيات إتفاقا يسلمون بموجبه وبأرخص الأثمان البنى التحتية الى شركات مجهولة الهوية والتي تنادي بخصخصة الماء والكهرباء والنفط والفحم والفولاذ والصحة والتربية والاتصالات ، وأن يكونوا جميعهم أعضاء في الهيئة الوطنية للمتطوعين أو من مناصريها وهي منظمة هندوسية يمينية متطرفة وقومية متعصبة ، لم تخف في الماضي إعجابها بهتلر وأساليبه .
يتقدم تفكيك الديموقراطية في البلاد اليوم بخطى سريعة وبالفعالية نفسها التي يسير بها مخطط الاصلاح البنيوي . فوضع المشروع النيوليبيرالي على المستوى الشمولي موضع التنفيذ يؤدي الى تصدع المجتمعات وبالتالي موتها . فالخصخصة الواسعة النطاق والتعديل في نظام العمل وفقا للمصلحة الخاصة وليس للمصلحة العامة ، يطرد المزارعين من اراضيهم والعمال من وظائفهم .
وينتحر آلاف المزارعين بتناول السموم النباتية بسبب عدم توفر المواد الأولية لمساعدتهم على الزراعة . وتتوالى الاخبار من انحاء البلاد كافة حول حدوث مجاعات مميتة والقيام بحملات كبيرة لحماية اللصوص والإنتهازيين والعمل على طرد الشرفاء والمخلصين للمبادئ والأوطان وإحلال مكانهم جماعات وصولية ذات امتيازات خاصة حصلت عليها بظروف استثائية وبطرق ملتوية . فبينما تتابع النخبة الثرية من البلاد رحلتها صوب مقصد خيالي، مكان ما في قمة العالم، ينغمس الفقراء في دائرة الاجرام والفوضى وقد علمنا التاريخ ان هذا المناخ من الحرمان والاحباط والفوضى هو خير معين لنمو الفاشية.
ان ذراعي معظم حكومات القرن الحادي والعشرين تطوّقان البلاد ضمن فكي كماشة. فبينما تسعى الاولى الى بيع البلاد بالمزاد تقوم الثانية ومن اجل صرف الانتباه عن الممارسات الوخيمة لسياساتها بالعزف على أوتار القومية المتعصبة والفاشية الدينية . فتبدأ حركات التسلح بالازدهار و تعاد كتابة التاريخ من جديد ويسود العنف وتنتشر الطائفية ، فتحرق الكنائس وتدمر المساجد في أنحاء متفرقة من العالم . وتتحول الى ممارسات عادية اعمال الرقابة وتعليق الحريات المدنية والحقوق الانسانية ومحاولات التعريف من هو المواطن الحقيقي ومن هو غير ذلك بسبب انتمائاته .
وبإمكاننا القول بأن الأسواق المفتوحة لا تهدد سيادة الدول فحسب بل إنها تدمر الديموقراطية بكل بساطة. فمع تضاعف الفروقات بين الاغنياء والفقراء، يحتدم الصراع من اجل احتكار الموارد و تزدهر الصفقات بين الاصحاب والشركاء، وتسلم الحقول التي نزرعها والمياه التي نشربها والهواء الذي نتنشقه الى الشركات الكبرى، ولهذا تعمل العولمة الليبيرالية في البلدان الفقيرة على خلق كيان كونفدرالي للحكومات الاستبدادية من اجل فرض "الاصلاحات" غير المنبثقة عن الشعب ومن ثم القضاء على التمرد في المهد.
في هذه الاثناء، تحكم بلدان الشمال سيطرتها على بلدان الجنوب وتزدهر التجارب النووية وتكد س اسلحة الدمار الشامل. ويتم الحرص على عولمة الرأسمالية واحتكار الثروات وبراءات الاختراع و النظر من جديد الى قطاع الخدمات فقط . ومقابل ذلك لا يهم تلك الحكومات الاستبدادية التي تدور في فلك الامبراطورية حرية تنقل الافراد واحترام حقوق الانسان والمعاهدات الدولية المناهضة للتمييز العنصري وكذلك الاتفاقيات المتعلقة بالحظر على الاسلحة الكيميائية والنووية ومفاعلات التسخين الحراري او حتى فيما يتعلق بالمناخ ، وبالتالي هي بعيدة كل البعد عن التفكير بعولمة العدالة.
الامبراطورية هي كل ذلك: الكونفيديرالية المطيعة، والتراكم الفاحش لإمتيازات السلطة، وتلك المسافة المتزايدة بين من يتخذون القرارات ومن يتلقونها.
ولكن معركتنا وهدفنا ورؤيتنا لعالم آخر ممكنة وتشترط الغاء هذه المسافة. كيف اذن بالامكان مواجهة الامبراطورية ؟
إن الشعوب ماتزال تتدبر أمرها فقد تحققت انتصارات رئيسية في أمريكا اللاتينية وعلى وجه الخصوص: في بوليفيا ، و خلال انتفاضة " اريكيبا " في البيرو، وفي فنزويلا حيث صمد الرئيس هوغو شافيز بالرغم من مساعي الحكومة الاميركية لاطاحته. و انتخب " لولا" رئيسا للبرازيل، والعالم اجمع يتطلع الى الشعب الارجنتيني في سعيه لاعادة بناء بلده فوق ركام الدمار الذي تسبب به صندوق النقد الدولي. وفي الهند ترتفع وتيرة التحرك ضد العولمة الليبيرالية وهي في طريقها لتتحول الى قوة سياسية كبيرة لمواجهة ا لفاشية الدينية .
و تحت مظلة "الحرب على الارهاب" يزداد الارهاب وتحكم الحكومات الاستبدادية سيطرتها على شعوبها بحجة مكافحة ما سمي بالارهاب و تزداد عمليات السرقة والاجرام وتسود الفوضى واللامساواة وتغيب القوانين الشرعية و تنهال القنابل على الرؤوس وتكدس صفقات الصواريخ العابرة للقارات والبعيدة المدى و يتم توقيع عقود وتسجيل براءات اختراع لصالح شركات مجهولة الهوية ونهب ا لموارد الطبيعية للبلاد وخصخصتها .
لكن الامبراطورية باتت مكشوفة وكريهة الوجه بحيث لا يمكنها النظر الى نفسها في المرآة.
فقبل الحادي عشر من ايلول 2001 ، كان للولايات المتحدة تاريخ سري وخفي بصورة خاصة على مواطنيها . أما اليوم فإن هذه الاسرار أصبحت جزءا معروفا من التاريخ وسقطت في الملكية العامة . وقد بات الجميع يعرفون ان كل ذريعة من الذرائع المستخدمة لشن الحروب على دول العالم بدعوى محاربة الارهاب ليست سوى أكذوبة . والاكثرها صلافة اليوم هي ادعاء الحرص على تقديم الديموقراطية الى الشعوب كما حدث للعراق مؤخرا والعمل على قتل الناس لانقاذهم من الديكتاتورية او من الفساد الايديولوجي وهذه كلها ممارسات امريكية قديمة معروفة .
لا يساور احد الشك في ان هناك ديكتاتوريات مجرمة و عديمة الشفقة خدمت كلا الحكومتين الاميركية والبريطانية . ولكن إذا كان هناك مكسبا للشعوب بالتخلص منها فإن هناك مكسب للعالم أجمع أيضا في التخلص من الامبرالية الأمريكية المهيمنة اليوم ومن يدور في فلكها .
ماذا يمكننا ان نفعل ؟ يمكننا الكثير وأول ما نستطيع التفكير به هو تحفيز ذاكرتنا وشحذها جيدا لكي لا نبقى مغفلين ولانعرف ماذا يجري في هذا العالم وذلك بالتعلم ما أمكن من التاريخ والاستمرار في اعداد الرأي العام ذي الوزن الفاعل .
ومعرفة كيفية إظهار المجرمين والإرهابيين على حقيقتهم تحت أي صورة كانت وممارسة العصيان المدني قدر المستطاع ، ولن يتم ذلك إلا عبر مجتمعات مدنية تكون بمثابة صلة وصل بين الحكومات والشعوب وتقوم على إشراك اكبر عدد ممكن من الشرفاء والمخلصين الذين سيعملون وفق تعاون مشترك تام فيما بينهم لنشر قيم مناهضة لحكوماتهم الفاسدة كقيم المحبة والفضيلة والخير والجمال وإحياء مفهوم المصلحة العامة الذي فشلت معظم الحكومات في تجسيده .
لأن الإرادة القوية للشعوب التي تسعى نحو حياة كريمة هي التي تنتصر في النهاية ، والشعوب الحرة هي وحدها التي تستحق كل احترام وتقدير وبالتالي تستحق أن تعيش ، فشعوب العالم ليست مضطرة في أن تختار بين المافيا السياسية وبين تلك الدينية .



#ماجدة_تامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة المجتمعات الحديثة
- تحديات المنتدى الاجتماعي العالمي
- نحو عالم آخر ممكن
- إشكاليات المجتمع المدني


المزيد.....




- لافروف يتحدث عن المقترحات الدولية حول المساعدة في التحقيق به ...
- لتجنب الخرف.. احذر 3 عوامل تؤثر على -نقطة ضعف- الدماغ
- ماذا نعرف عن المشتبه بهم في هجوم موسكو؟
- البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام 12 سجينة في طقس -خميس العهد- ...
- لجنة التحقيق الروسية: تلقينا أدلة على وجود صلات بين إرهابيي ...
- لجنة التحقيق الروسية.. ثبوت التورط الأوكراني بهجوم كروكوس
- الجزائر تعين قنصلين جديدين في وجدة والدار البيضاء المغربيتين ...
- استمرار غارات الاحتلال والاشتباكات بمحيط مجمع الشفاء لليوم ا ...
- حماس تطالب بآلية تنفيذية دولية لضمان إدخال المساعدات لغزة
- لم يتمالك دموعه.. غزي مصاب يناشد لإخراج والده المحاصر قرب -ا ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - ماجدة تامر - آراء حول تعريف الامبراطورية الجديدة