أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ماجدة تامر - أزمة المجتمعات الحديثة















المزيد.....

أزمة المجتمعات الحديثة


ماجدة تامر

الحوار المتمدن-العدد: 1146 - 2005 / 3 / 24 - 12:02
المحور: حقوق الانسان
    


لقد تجلت مظاهر العنف والعنصرية في أعلى صورها خلال القرنين الماضيين واهم ما نتج عن ذلك عدم التسامح في العلاقات الإنسانية والرهاب
الاجتماعي والكره الشديد للغرباء ، وبالتالي اتسمت أغلبية المجتمعات بالتطرف والإرهاب والجهل والتخلف .

هذه الأمراض الاجتماعية استندت في معظمها الى نظريات بيولوجية تؤمن بعدم المساواة العرقية . ان تفاهة هذه النظريات تأتي من المعنى الفارغ لها والذي يقوم على الاعتقاد بتفوق دين أو عرق على آخر، وبالتالي الاحتقار لبقية الشعوب الأخرى .

لقد برهنت الأبحاث في العقدين الماضيين بأن الجينات البشرية تضم الوحدة الأساسية لكافة أعضاء العائلة البشرية وتضمنت بنودها الاعتراف بصفاء العرق الأصلي للبشر ككل ، وضرورة تمتع كافة الأفراد بالكرامة والحقوق والحياة وحرية التعبير .

وفي الواقع ان النظريات العرقية التي تؤمن بأن العرق هو العامل الوحيد الفعال في تقرير السمات والمواهب البشرية تحاول اليوم أن تعطي لنفسها الشرعية بمحاولة تأكيدها على عدم المساواة بين الثقافات الذي يؤدي في النتيجة الى الانفجار وبالتالي إلى صدام الحضارات .

فالعولمة التي تتميز بالميل نحو الربح السريع يقابلها نمو متسارع لعدم المساواة الاجتماعية ، وعدم الاستقرار وتفاقم في مظاهر العنف والتطرف والتفرقة العمياء بين الطبقات والأديان والمذاهب .

ولعل أخطر مظاهر التفرقة هي الطائفية ، التي تعتبر بمثابة النواة الأولى لكافة الحروب المستقبلية ، إن لم نحاول معالجتها والحد من انتشارها ، لأنها عدوة الروح الجماعية والتعاون المشترك بين الشعوب وبالتالي عدوة الوحدة الوطنية الحضارة الإنسانية ، وعلينا جميعا تسليط الأضواء على الأخطار الناجمة عنها وعدم الاستهانة بهذه الآفة الخطيرة .

فليس بمقدور أحد أن يدعي بأنه يحتكر الحقيقة أو أن له الأفضلية في الحياة دون سواه ، وبالتالي لا يحق لأحد غيره أن يعيش . فالأبحاث النفسية والإستراتجية دلت على أن هذه التفرقة في الطوائف والمذاهب التي تصل إلى حد الموت والدمار أوجدها البعض لمصالح خاصة وأمجاد شخصية ، والسبب الأول في ذلك أنهم محكومون بنزعات شريرة وغرائز مريضة تسعى إلى إثبات الذات والتعبير عن وجودهم على حساب الآخرين عبر نفيهم وحتى الرغبة في في القضاء عليهم .
ويأتي الجهل والتخلف في أولويات ألأسباب التي تؤدي إلى الانفجاريات المذهبية والعرقية وما شابه .

ومن جهة أخرى فاننا نشهد في اغلب المناطق في العالم تكتلات ضيقة وانقسامات حادة سببها الإشكال المختلفة من التمييز الاجتماعي بين الناس علنا أو ضمنا ولعل الشكل الضمني هو اشد خطرا من الشكل العلني الصريح .

إن مثل هذا التمييز بين طبقات المجتمع يولد الشعور بالكراهية والبغض ويفجر قوى الشر داخل المجتمع وخارجه مما يؤدي إلى ظهور جماعات هدفها التخريب والفوضى . وفي الواقع فان الانقسامات الحادة تلك بدأت تتفاقم اليوم بشكل واضح ، بسبب ازدهار أشكال متنوعة من الاتصالات والأنظمة التعليمية والتربوية التي تحض على كره الآخر أو نفيه .

مثل هذه الأنظمة العنصرية قائمة اليوم في معظم المجتمعات بشكل غير مرئي أحيانا وهذا ما يعتبر من اشد الأخطار وأكثرها تحريضا على خلق عناصر راديكالية قد تتحول فيما بعد إلى قنابل موقوتة وعناصر إرهابية تهدد الأمن الداخلي والخارجي للدول .

وهنا يبدو انه من الضروري بذل الجهود الجبارة للتعريف بالنتائج الوخيمة التي تنتج عن مثل هذه الأنظمة وإلقاء الضوء على الخواء الفكري لهذه النظريات التي تعيق تطور المجتمعات في المجالات السياسية والعلمية والبيئية وغيرها .

ويمكننا التصدي لمثل هذه المنطلقات عن طريق وسائل الإعلام المختلفة وأدوات التربية والتعليم لنشر المعرفة والإيمان الحقيقي والوعي بين الأفراد ومن ثم إعطاء الأهمية البالغة لكافة العلوم والاكتشافات التي تخدم البشرية وتحررها من الجهل والمرض . وفي مقدمتها تلك الأهمية التي يجب أن تعطى لعلم النفس والتحليل النفسي ، حيث برهنت الدراسات النفسية وما تزال تبرهن على أن الإنسانية قيمة سامية وغير قابلة للابتذال والمساومات وبريئة من تلك الأحكام المسبقة الخاطئة التي تطلق على الإنسان بشكل عام والتي غالبا ما تكون هدامة وتسير بالمجتمع نحو التخبط والانحراف .

ومن جهة أخرى علينا ألا نتجاهل التساؤلات الكبيرة التي تثار حول ثورة الجينات المعاصرة .

فمع بداية الانتهاء من الخارطة الو راثية الكاملة لجسم الإنسان ، بدأت الشركات العالمية تتسابق فيما بينها للاستثمار في الأبحاث البيوتكنولوجية التي تقوم على استخدام الجينات والحمض النووي لأغراض علاجية أو جمالية بغية تحسين النوع البشري .

إلا أن جل ما يخشاه المراقبون أن يتحول هذا العلم النبيل إلى علم تجاري بحت يسعى في النهاية إلى تحويل الإنسان إلى وسيلة فقط ونفي الغاية من وجوده .

إن التلاعب في الجينات ، مسألة في غاية الأهمية علينا الوقوف عندها طويلا وخاصة فيما يتعلق بأبحاث الاستنساخ التي لا يمكن الاستهانة بها لأنها قد تلبي رغبات أصحاب النظريات العرقية وتعمل على تقسيم جديد للجنس البشري ومن ثم الدخول في عبودية من نوع جديد في تاريخنا المعاصر إن لم يتم كل ذلك في إطار قانوني عام ومعايير أخلاقية رفيعة .

فلا يمكننا أن نقف أمام ثورة الجينات المعاصرة تلك إلا موقف الشك و الحذر والمراقب لمصير الحرية والكرامة الإنسانية .

إن المعركة البيولوجية الحالية يجب أن تكون حاضرة اليوم ضمن الإطار المتعارف عليه في المستويين الوطني والعالمي ، بحيث يتم احترام الهوية الإنسانية وتخليصها من التبعية والعبودية وغيرها .
وهنا على الدولة أن ترسم سياسات مستقبلية بناءة بحيث يبقى الإنسان فيها هو الأساس والغاية من كل حوار.

و يرى المحللون أنه يمكننا ذلك بالطرق التالية :

1– إعادة النظر بالمناهج التربوية والتعليمية الرسمية وغير الرسمية لأن التربية هي في النهاية ، أداة ثمينة وفعالة في مكافحة الأشكال المتعددة للتمييز العنصري والطبقي ، حيث يمكنها التصدي للتحديات القائمة والتوافق مع روح العصر .
ويقع على عاتق الأسرة والمؤسسات التربوية المختلفة ووسائل الإعلام المختلفة مهمة نشر ثقافة التسامح وقبول الآخر ضمن الحدود السلمية ونبذ العنف والتطرف .

2– الجدل الأخلاقي الذي يجب أن يكون حاضرا في جميع الأبحاث التي تتعلق بالإنسان والتنبؤ بالتهديدات التي تمس حقوق ألإنسان وتسعى إلى سلب حريته وهويته الأصلية

3– ضرورة إشراك الأغلبية في جميع الأوساط العامة في القرارات السياسية والاقتصادية والبيئية وغيرها .

ومن هنا يرى المراقبون انه من الضروري تكثيف الجهود من اجل مكافحة العنصرية والإرهاب بطرق مباشرة وغير مباشرة عبر العمل على إشراك المجتمعات المدنية لكشف بواطن الفساد والجريمة .. شريطة أن يكون ذلك العمل متمما للدور الذي تقوم به الحكومات وليس نقيضا لها وبشكل لا تسود فيه الفوضى والانتهازية والانتقائية .

فالمسؤولية شاملة وتقع على عاتق الجميع أفرادا ومؤسسات وقد أصبح من الضروري أن نعلم جميعا بأن أزمة العالم اليوم ليست سياسية أو اقتصادية أو حتى فلسفية ، وإنما هي أزمة حضارة وأخلاق .



#ماجدة_تامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحديات المنتدى الاجتماعي العالمي
- نحو عالم آخر ممكن
- إشكاليات المجتمع المدني


المزيد.....




- واشنطن تطالب بالتحقيق في إعدام إسرائيل مدنيين اثنين بغزة
- 60 مليون دولار إغاثة أميركية طارئة بعد انهيار جسر بالتيمور
- آلاف يتظاهرون في عدة محافظات بالأردن تضامنا مع غزة
- شيكاغو تخطط لنقل المهاجرين إلى ملاجئ أخرى وإعادة فتح مباني ا ...
- طاجيكستان.. اعتقال 9 مشبوهين في قضية هجوم -كروكوس- الإرهابي ...
- الأمم المتحدة تطالب بإيصال المساعدات برّاً لأكثر من مليون شخ ...
- -الأونروا- تعلن عن استشهاد 13750 طفلا في العدوان الصهيوني عل ...
- اليابان تعلن اعتزامها استئناف تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئي ...
- الأمم المتحدة: أكثر من 1.1 مليون شخص في غزة يواجهون انعدام ا ...
- -الأونروا-: الحرب الإسرائيلية على غزة تسببت بمقتل 13750 طفلا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ماجدة تامر - أزمة المجتمعات الحديثة