|
أنا الأندَلُس
/ محمد الزهراوي أبو نوفل
الحوار المتمدن-العدد: 3990 - 2013 / 2 / 1 - 00:49
المحور:
الادب والفن
أنا الأندلس
(أنا هُوَ الآخر) رامبو
اسْتحالَتْ سَراباً فَرّتْ مِنْ بيْنِ أكُفِّنا فرّتْ بِلا صَوْت ولا أحَدَ فـي البحْرِ يَرُدّها إلَيْنا ولا زالَتْ بِها أحْجارُنا سَكْرى وأقْواسُنا تُغَنّي وتتَراءى كالْمَلِكةِ مِن شُقوقِ البَعيدِ. اسْجُدوا لَها خُشّعا كانَتْ سَحابةً هَطَلتْ. تتَراءى كوَرْدةِ عَبّادِ الشّمْس.. تتَراءى لـي جِهاراً. أنا حَفِيٌّ بِالْمَشْهدِ بِالغَزالةِ البرّيَّةِ وبِغانِيَةِ الْمَعْبَدِ تتَسَّعُ فـي دُروبِ الضّوء . تَعالوْا أدُلّكمْ عَلى حَجرٍ كريم. كَأنّني عَلى مشارِفِها اَلبِئرُ فاضَتْ بِالشّمهوَةِ كانَتْ دِيارُها داري ؟ كمْ عاقَرْتُ نهْدَيْها وَرُباها كَشَفْتُ عَنْ تَكْوينِها الشّامِل وَعارَكْتُها فـي القَصيدِ. مِنْها أعْتصِرُ الشِّعرَ وَذَهَبَ الأرْضِ واغْتَرَبْتُ لِسِنينَ فيها مَع الوحْشَةِ والحِبْرِ تأْبى إلاّ أن تَكونَ حيّةً وتتَناثرُ بِالأبْيَضِ وأنا الْمُحاصَرُ بِها في هذا الفَراغِ. تَحَسّسْتُ مِنها ما يُؤْلِمُني وَرَأيْتُ ما يَخُصّني. دَمْعُها دِماءُ الْحُروبِ وَعُواؤُها حُداءُ القَصَبِ. ووَجْهُها هوَ الصّباحُ يا هذا.. هُوَ رَغَباتُ القَلْب اَلْوَجْدُ بِها باقٍ. فَاغْفِرْ لي ياحُبُّ.. مُضاجَعتَها فـي الُكتُبِ. طوْعاً تتَجَلّى لِـيَ أبْراجُها مِن القَصِيِّ وَطوْعاً تَكْشُف لي مَزْهُوةً كنَمِرَةٍ عُرْيَ كَشْحِها الهَمَجِيِّ اَلْمُلَطّخِ بِالْفَجْرِ وَالْمَعْجونِ بِالْغامِضِ. عَيْناها ظِلالُ الحَوْرِ ولا تُضارَعُ ترْميني سِهاماً تَجيءُ جَيْشاً ولا أُقاوِمُ وَأنامُ أُتـَمـْتِمُها بِسُبْحَتي كالْمَجنونِ! إنّها تَعْتَريني.. يا ابْنَ زَيْدون ! لَـم أُبارِحْ مَعَها جَميلَ القَوْلِ ولـمْ أُراوِحْ مُقامَها وَشُبّاكها وَلَـم أُغادِرْ أغانِيَها وَعُطورَها فـي قُرْطبَةَ وَإشْبيلِيةَ عَلى الوادي الكَبيرِ وفي قُصورِ بَني الأحْمَرِ. هَلْ رَأيْتُمْ كيْفَ ارْتمَتْ علَيّ فـي المَرايا ونَفَرتْ بِكِبْرِيائِها الْمَلَكيِّ عِنْدَ بُرْجِ الذّهَبِ ؟ أجْمَعُها لِلْقَلْبِ زُهوراً. وأنْقُشُها مَنارَةً بَحْرِيّةً عَلى الْجِدارِ لِتَمْضِيَ بِـها السّفنُ .. أنا هُنا في الْحَيِّ هالِكٌ بِـها حَيٌّ ! فَاتْرُكْها يا طاغِيَةُ تُغَنّي بِأشْواقِ الْفُصولِ ودعْها يا نَهْر تَرْفُثُ ويا ليْلُ تَصِلُ .. هاهِيَ في الغَمْرِ.. تِلْكَ أرْدافُها تُحيلُني إلى فَجْرٍ. ها إقْبالُها الْمُهَرّبُ إِلَيَّ يَقْتَرِبُ مِنّي في مَوْكِبِ خُيولٍ وَمِياهٍ ! أَتوقُ يا طَيْرَ البَحْرِ إلى ألْحانِ نظْرَةٍ ! ؟ بِانْتِظارِها أقْهرُ الْمَنافي ! ؟ وإرْضاءً لِنَزَواتي أنا قَتلْتُها في مَرافئِ هذا الكوْكَبِ عِشْقاً كَما يعْشَقُها الْماءُ وَالْغابَةُ وَالنّهر. تَقْتَرِبُ مِنّي حَيِيَةً ومُرْتَبِكة.. كَإغْرائِها الأوّل.ِ بِمَرْآها يَخْضَرُّ القَلْب. لَها مَلامِحي في الأمْكِنَةِ ! تَمْتَطي إليَّ قَلَقاً وَهِيَ كَالْخَضِرِ.. بِاتّجاهي تَجيءُ تَعْبُر الأمْداءَ مَعَ السّحرَةِ مِنَ الحُجُبِ. تَخْرُجُ مِنْ ظُلُماتِ البِحارِ وَمَعَها اللُّؤْلُؤُ.. اَلْحورِياتُ عارِياتٍ وَجِرارُ نَشْوَتـي! أنا الأنْدَلُسُ.. اَلعرَبِيُّ في أحْلامِهِ الدّرُّ كامِنٌ.. فَارْوِ عنّي وَعنْها الْقِصَّةَ مَعَ الْخَيْلِ وَالحِبْرِ والْكُتُبِ. ولا تسْقني نَشْرَبْ عَلى أطْلالِها ياصاحبي. هُوَ ذا مَنْفاها الأليفُ فِـيَّ حَيْثُ تَئِنُّ مِنْ سَكَراتِ الْمَعارِفِ وَمِنْ لَذّةِ الْوَجَعِ. أنْفُخُ فيها مِنْ روحي !.. اَلْكُلُّ يتَعَلّقُ بِذَيْلِها الْعَطِرِ وَهُمْ سُكارى مِنَ الطّرَبِ. تَكْمُنُ تحْتَ كُلِّ حَجَرٍ قدْ تنْقَرضُ الْمَمالِكُ.تَنْقَرِضُ الأمْبراطورياتُ وَلَـم تنْقَرِضِ الذِّكْرياتُ وَهذه الأسْطورَةُ. مِنَ الْجُروفِ الْبَعيدَةِ تَجيءُ تَرْقُصُ في الْمَدَائِنِ. تُشْبِهُ طيْراً.. وَمِنْ بَدْءِ الدُّهورِ ياتيها الشُّعَراءُ.. وَلَمْ تنْقَرِضِ ! ؟ أنا هُنا علَّها قدْ تَصِلُ مِنْ تُخومِ الرّيحِ ! ؟ هِيَ الأُنْثى.. تَألّهَتْ في الزّمَنِ. وَتِلْكَ شُموسُها الْمُبْحِرَةُ تَمْخُرُ الْوَهَجَ.. تُحيلُني إلى فَجْر. تَخْضَرُّ الآنَ.. تَنْداحُ الكِتابَةُ. كَأنّني الآنَ عَلى مَشارِفِها ! يالَها مِـنْ أقْواسٍ مُشْرِقَةٍ تُذّكِّرُني بالجَنّةِ. بَدَأتْ مِثْلَ حُلُمٍ وَانْتَهتْ بِلا صَوْت طارَتْ في الْغَوْرِ ولَـم تَصِلِ ومِنْها بَعْدُ أنا لَـم أُشْفَ ولا تَغاروا إنْ قُلْتُ لَكُمْ أنا أشْتَهيها فـي نوْمي.
م . الزهراوي أ . ن شاعر مغرِبي
#/_محمد_الزهراوي_أبو_نوفل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العارية تنزِل البُرج
-
القضِية
-
نخْلَةُ البدْو
-
قصيدة حُب إيروسية / إلى يانيس ريتسوس
-
امرأة الكبائِر/إلى بغداد.
المزيد.....
-
في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
-
-يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا
...
-
“أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن
...
-
“أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على
...
-
افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
-
بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح
...
-
سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا
...
-
جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-
-
“العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024
...
-
مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|