أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عمّار العربي الزمزمي - ما الذي يحدث في تونس؟ اضطرابات مفتعلة أم بوادر ثورة ثانية أم نذر حرب أهلية؟















المزيد.....

ما الذي يحدث في تونس؟ اضطرابات مفتعلة أم بوادر ثورة ثانية أم نذر حرب أهلية؟


عمّار العربي الزمزمي

الحوار المتمدن-العدد: 3985 - 2013 / 1 / 27 - 19:27
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


ما الذي يحدث في تونس؟
اضطرابات مفتعلة أم بوادر ثورة ثانية أم نذر حرب أهلية؟

عمار العربي الزمزمي

لقد أثار ما حصل في سيدي بوزيد يوم 17 ديسمبر جدلا في الأوساط السياسية و من المفروض أن لا يمر هكذا دون أن نقف على دلالاته و أبعاده العميقة إذ ليس من الهين أن تستقبل جموع غاضبة رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي و رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر و الوفد المرافق لهما بالشعار المعروف "Dégage "
(ارحل) بمناسبة إحياء الذكرى الثانية لاندلاع الثورة و إن هون بعضهم الأمر معتبرا الغاضبين قلة لا تمثل أبناء سيدي بوزيد.
الحراك الاجتماعي و نظرية المؤامرة:
سارع الائتلاف الحاكم و خصوصا حركة النهضة(1) إلى تحميل الجبهة الشعبية و بقايا التجمع الدستوري المنحل مسؤولية ما وقع. "فالشيوعيون الفوضويون" و " أزلام التجمع" –على حد قول البعض- يفتعلون الاضطرابات لتعطيل عمل الحكومة الشرعية و ربما للإطاحة بها. و وصل الأمر بالسلطة إلى حد فتح تحقيق عدلي لتحديد مسؤوليات الأفراد المتسببين في الأحداث و كشف الأحزاب التي تقف وراءهم.
و لا يمكن فهم ما حصل على حقيقته إلا إذا تم وضعه في سياق زمني و ربطه بسائر التحركات التي عرفتها البلاد منذ مغادرة بن علي للسلطة. لقد غلب على التحركات الشعبية في ظل حكومتي محمد الغنوشي الأولى و الثانية الطابع السياسي إذ كانت ترمي صراحة إلى تعميق الثورة و الدفع بها إلى الأمام لتفكيك منظومة الاستبداد. و بلغ الحراك ذروته في اعتصامي القصبة الأول و الثاني اللذين أطاحا بحكومة الغنوشي التي كانت تضم عديد الشخصيات التجمعية, و كانت التحركات الاجتماعية ذات الصبغة المطلبية محدودة في تلك الفترة أو قل إنها مازالت ساعتها في بدايتها. و كثيرا ما تم تحميل المسؤولية فيها و في الأعمال التخريبية التي طالت المؤسسات العمومية و مقرات السيادة لبقايا النظام السابق التي "لا تريد للبلاد الاستقرار و الخير" و سواء كان هذا التفسير صحيحا أو خاطئا فان جزءا من الرأي العام كان يصدقه في غياب تحقيقات جادة شفافة.و منذ مجيء حكومة الباجي قائد السبسي بدأ اتهام أقصى اليسار بتغذية الاضطرابات في الشارع. ألم يقع اتهام فرحات الراجحي (2) و أقصى اليسار على حد سواء بالوقوف وراء الاضطرابات التي هزت البلاد في ماي 2011 ؟ قيل يومها بأن أقصى اليسار يريد تعطيل إجراء الانتخابات في 24 جويلية (الموعد الأول الذي حدد لها) لأنه مازال غير مستعد لخوضها.
و بحصول الانتخابات التي انبثق عنها المجلس التأسيسي و تشكيل الحكومة بعد مشاورات طويلة ظن كثيرون بان الشرعية الانتخابية ستسهم في استقرار الأوضاع و أن الحكومة الشرعية ستتمكن من فرض سلطة القانون و رد الاعتبار لهيبة الدولة. لكنهم كانوا واهمين لأن الشرعية الانتخابية لا تكفي وحدها في مرحلة انتقالية تقتضي توافقا بين أوسع القوى السياسية مثلما نبه إلى ذلك البعض في حينه.
و بمرور الوقت و شعور قطاعات واسعة من الشعب ببطء المسار الانتقالي و لربما انتكاسته و تفاقم المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية و في مقدمتها غياب الاستثمار و قلة فرص الانتداب ما فتئ الشعور بالإحباط يدفع هذا القطاع أو ذاك هذه الجهة أو تلك إلى التحرك و الاحتجاج و بدأت تترسخ لدى الائتلاف الحاكم قناعة بوجود مؤامرة ترمي إلى عرقلة العمل الحكومي و ربما الاطاحة بالحكومة الشرعية. و طالت الاتهامات أطرافا ثلاثة أولها الاتحاد العام التونسي للشغل الذي حمل مسؤولية تأجيج الإضرابات ذات المطلبية المشطة و ثانيها بقايا النظام السابق التي يعتقد أنها وجدت أخيرا في نداء تونس بزعامة الباجي قائد السبسي مظلة سياسية تضاف إلى المواقع التي تسيطر عليها داخل دواليب الدولة و تستعملها لعرقلة كل جهد يرمي إلى تغير الأوضاع.
و ثالث الأطراف أقصى اليسار الذي تم اتهامه بالسيطرة على الجبهة الشعبية ثم على الاتحاد العام التونسي الشغل مما سمح له بتسييس بعض التحركات العفوية و افتعال بعضها الآخر افتعالا.
و قد قوي اتهام أقصى اليسار خصوصا منذ حصول أحداث سليانة(3) و اتخاذ الاتحاد قرار الإضراب العام يوم 13 ديسمبر.







بوادر ثورة ثانية أم نذر حرب أهلية؟
إن التقليل من خطر ما وقع و إنكار وجود غضب شعبي عارم يتجاوز في عمقه العنف المدان المتمثل في إلقاء بعض الأفراد للحجارة على المنصة الشرفية و اللجوء إلى نظرية المؤامرة في تفسير حالة الاحتقان التي تمر بها البلاد لدليل إما على قصر نظر سياسي و إما على التعنت و الإمعان في إنكار حقائق لم يعد من الممكن إنكارها. فكيف يمكن إذن تشخيص الأوضاع في تونس بعيدا عن نظرية المؤامرة و دون تهويل للأمور؟ و كيف يمكن تفسير رفع الشعارات التالية في التحركات الاحتجاجية:
"الشعب فد فد م الطرابلسيى الجدد" (4) " و "الشعب يريد إسقاط النظام" و "الشعب يريد ثورة ثانية" ؟ هل الذين رفعوها لا يعنون حقا ما يقولون؟
للإجابة عن هذه التساؤلات لا بد من الإجابة عن تساؤل آخر و هو "ما الذي تحقق للشعب التونسي من المطالب التي قامت من أجلها الثورة؟
الجواب واضح: لا شيء على المستويين الاقتصادي و الاجتماعي. فالائتلاف الحاكم لم يقدم نموذجا للتنمية مغايرا لما كان قائما. أكثر من ذلك حتى الاستثمار التقليدي انكمش و النمو تراجع و البطالة لم تنخفض بشكل محسوس و الأسعار التهبت مما جعل الزيادة في الأجور غير ذات جدوى و مستوى الفقر يرتفع إلى درجة غير مسبوقة. و لا شيء في ميزانية 2013 يوحي بتغير في التوجهات بل إن الميزانية المخصصة للاستثمار تراجعت عما كانت عليه سنة 2012 بدل أن تتعزز و تم فرض أدءات جديدة لتوفير موارد إضافية. و ارتفعت ميزانية التصرف و لم تعط الرئاسات الثلاث المثل في التقشف بل رفعت في الميزانيات المخصصة لها.
إن كل ما تحقق لحد الآن يتعلق بالمستوى السياسي. فقد انتزع الشعب بعض الحريات و في مقدمتها حرية التعبير لكن هذا المكسب الوحيد يواجه تهديدات حقيقية و لكي يثبت يجب تكريسه في دستور يرتقي إلى تطلعات المجتمع المدني و تعزيزه بتحقيق استقلال القضاء و حرية الإعلام و إصلاح المنظومة المنية و إقامة العدالة الانتقالية. و قد انعكس الوضع الأمني المتميز بالانفلات سلبا على الاستثمار الداخلي و الخارجي و على تدفق السياح مما يهدد بتفاقم الأزمة الخانقة التي تعيشها البلاد و هذا ما يجعل التحركات الاحتجاجية مرشحة لمزيد التوسع. و إذا اقتصرت السلطة على توخي المعالجة الأمنية في مواجهتها فقد تتحول إلى انتفاضات مثلما حصل في سليانة و قد تعم مناطق كاملة من البلاد و هذا يفسر قول البعض بان ما حدث يمثل بوادر ثورة ثانية. لكن إذا مل حصل المحذور فهل ستكون الأمور مجرد مواجهة بين الجموع و أجهزة الأمن مثلما حصل في الثورة الأولى التي قامت ضد نظام بن علي؟ بالطبع لا. فالأمور لن تكون هذه المرة بهذه البساطة و الوضوح. فبن علي تخلى عنه منخرطو التجمع و تركوه يواجه مصيره بمفرده في حين أن حزب حركة النهضة الذي يقود لائتلاف الحاكم اليوم وراءه أنصار مستعدون للدفاع عنه و هذا ما ينذر بخطر نشوب حرب أهلية إذا تجاوزت الأزمة حدا معينا. و العنف السياسي يطل برأسه من حين لآخر و يكفي أن نذكر بحادثتين كادتا تفجران الأوضاع الأولى اغتيال لطفي نقض يتاطوين و الثانية الهجوم على مقر الاتحاد العام التونسي للشغل بتونس العاصمة بمناسبة إحيائه لذكرى اغتيال مؤسسه فرحات حشاد. و إذا انتشر العنف السياسي المنظم في أجواء تتميز بالاحتقان و تفاقمت التحركات الاحتجاجية فان ذلك كفيل بإيصال البلاد إلى حرب أهلية خصوصا و أن إمكانية التسلح باتت ممكنة بحكم ما يجري على حدودنا و في الجوار الصحرواي بشمال مالي.
فهل معنى ذلك أن البلاد باتت متجهة حتما نحو ثورة ثانية و ربما حرب أهلية لا يمكن التكهن بنتائجها؟ بالطبع لا. إن الأمر يتوقف على مدى قدرة مختلف الأطراف السياسية –سواء كانت في السلطة أو في المعارضة- على إدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية.
المطلوب هو مرحلة جديدة في المسار الانتقالي:
ما دامت كل القوى السياسية التي تنشط في العلن بصفة قانونية قد اختارت أن تنخرط بشكل طوعي في المسار الانتقالي الرامي إلى إقامة مؤسسات الدولة المدنية الديمقراطية الدائمة فإن انقلابها على الشرعية يصبح منطقيا أمرا غير وارد. كل ما تطلبه هو تأمين الظروف الملائمة لإنجاح المسار الانتقالي و تجاوز حالة الضبابية التي تعيشها البلاد. لذلك يبقى الحوار و التوافق أهم الوسائل و أنجعها لتجاوز التواترات الحالية. لكن تحقيق ذلك يقتضي قطع الائتلاف الحاكم مع السلوك السياسي الذي اتبعه لحد الآن و المتميز بالإنفراد بالقرار بحجة انه سلطة شرعية و فتح حوار وطني جاد تشارك فيه كل الأطراف دون استثناء أو إقصاء بغية الاتفاق على:
1- تكوين حكومة كفاءات محدودة العدد قادرة على تحديد الأولويات و إعطاء أمل للجهات و الفئات المحرومة بأن الواقع آخذ بالتغير و طمأنة المستثمرين بأن المناخ ملائم للاستثمار. و لا يجب أن يقتصر الأمر على ترميم جزئي للائتلاف بالانفتاح على الأحزاب و الشخصيات القريبة منه.
2- تحديد خارطة طريق واضحة محددة التواريخ.
3- ضبط خطة عملية لتحرير الإعلام و استقلال القضاء و إصلاح الأمن و تحقيق العدالة الانتقالية.
4- الالتزام بجملة من الضوابط في العمل السياسي في مقدمتها اجتناب التجييش و نبذ العنف في التعامل مع المخالفين.
5- حل كل المجموعات التي تدعي حماية الثورة و تمارس العنف السياسي.
6- إعادة تنظيم سلك الأئمة و الوعاظ على أساس الكفاءة و الاعتدال و تحييد المساجد عن الدعاية السياسية و الإيديولوجية.
الحامة في 20-12-2012





الإحالات و الهوامش:
(1)ورد هذا في بيان أصدره فرع حركة النهضة بسيدي بوزيد و تناقلته وسائل الإعلام.
(2) فرحات الراجحي هو وزير داخلية سابق تولى مهامه و أقيل منها في ظل حكومة الباحي قائد السبسي.
(3) تحركات شعبية شهدتها ولاية سليانة للمطالبة بالتنمية و إقالة الوالي و قد واجهتها السلطة بعنف من مظاهره إصابة العشرات بالرش المستعمل عادة في صيد الحيوانات البرية.
(4) بالنسبة لغير التونسيين المقصود بـــ"الشعب فد فد" أن الشعب ضاق ذرعا. و "الطرابلسية الجدد" فيه تشبيه للمتنفذين الجدد الذين جاءت بهم الثورة في ظل الائتلاف الحاكم بالطرابلسية الذين هم أصهار بن علي و كانوا يمثلون مافيا عبثت بمقدرات البلاد.



#عمّار_العربي_الزمزمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اعادة تشكيل الخارطة السياسية التونسية :المخاض العسير وخطر ال ...
- احتضان تونس لاشغال المنتدى الاجتماعي العالمي : الابعاد و الر ...


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - عمّار العربي الزمزمي - ما الذي يحدث في تونس؟ اضطرابات مفتعلة أم بوادر ثورة ثانية أم نذر حرب أهلية؟