أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - الشاعربدر شاكر السياب .... هل هو من جماعة القاعدة ؟!















المزيد.....

الشاعربدر شاكر السياب .... هل هو من جماعة القاعدة ؟!


خلدون جاويد

الحوار المتمدن-العدد: 1146 - 2005 / 3 / 24 - 12:12
المحور: الادب والفن
    


يجد القارئ لمقدمة ديوان بدر شاكر السياب ان الشاعر العراقي بدر شاكر السياب لم يكن من جماعة القاعدة فقط بل كان يتململ بين قاعدتين وقد فشل في الثالثة !
لنقرأ معا ماورد لدى الاستاذ ناجي علوش عن الشاعر : تحت عنوان بدر الواقعي " يذكر الاستاذ الزرقا أيضا ان بدرا كان من جماعة القاعدة ، أي حزب فهد ، وانه كان حتى آنذاك يخلط بين الوعي والرفض . وهذا مايؤكد ماذهب اليه بدر نفسه ." "ومما يرويه الاستاذ محمد علي الزرقا أن بدرا نظم سنة 1944 قصيدة طويلة نشرت في مجلة واسط ، قارن فيها بين ثورة دجلة الذي فاض وثورة الجماهير " ...
تلك هي القاعدة الاولى التي انتمى اليها بدر شاكر السياب باعتبار ان المد الهائل لجماهيرية الحزب الشيوعي العراقي وهو كالفيضان كان هو السمة السائدة وأما الاستثناء فقد كانت الحكومات التي لاتمثل شعبها تمثيلا حقيقيا ، حكومات ليست شبيهة بشعبها .
ان بدرا الذي بقي مع الحزب منتميا لمدة ثماني سنين كما يقول ناجي علوش قد افاد فائدة هائلة في تكوين تجربته الابداعية ذات السمات الشعبية وأيضا الدفاع عن الحق والمظلومين والمعذبين في الأرض وابعاده عن ذاتياته المعروف بها .
يقول ناجي علوش " كان الموت ، فيما مضى ، موته وموت امه فقط ، أما الآن فقد اصبح الموت عامة موت الآخرين . وكان في الماضي يبحث عن خلاصه وحده ، أما الآن فقد اصبح يبحث عن خلاصه بخلاص الآخرين . أدرك في هذه المرحلة بأن فاجعته ليست فاجعته الخاصة بل فاجعة شعبه . ونستطيع ان نتبين موقفه هذا من خلال قصائده : 1- فجر السلام 2- حفار القبور 3-الاسلحة والاطفال 4- المومس العمياء . "
اذاً فان قطبي القاعدة الحزبية الشيوعية هنا هما 1- ثورة الجماهير التي يقودها الحزب وهي كفيضان دجلة وايضا 2- الاحساس بالفجيعة .
يقول ناجي علوش :
" ونلمس في كل قصيدة ، من هذه القصائد على اختلافها أن مصير الانسان ليس مصيرا فرديا ، لأنه جزء من المجتمع والتاريخ ، وان في المجتمع قوى ظلم واضطهاد ودمار ، ولكن فيه أيضا قوى خير ومحبة ."
فاذا كان السياب قد انتمى الى قوى الخير والمحبة في تقاطع مع الظالمين وفي موقف قائم على قاعدة جديدة في المجتمع تنور الطبقات المضطهدة بضرورة العدالة وشيوع المأكل والملبس وتكافئ الفرص ومساواة المرأة واحترامها وان لافرق بين الناس مهما اختلفت اديانهم او قومياتهم بل أكثر من ذلك فقد عرف عن الحزب الشيوعي العراقي منذ تأسيسه الدعوة الى عالمية التضامن العمالي وحب بني البشر المظطهدين والدفاع عنهم وتعليم الناس حب الاممية اضافة الى محبة الوطن بلا اقليمانية والانتصار لقضايا القومية العربية بلا قومانية . اذا كانت المسألة معروفة بهذ الشيوع وجماهير هذه الأفكار في العراق منذ الثلاثينات والاربعينات في سيادة شبه مطلقة فما الذي حدا بالشاعر الأديب والأريب ان يترك الحزب وتحدث تلك القطيعة ؟
لا بد ان الدارس لحيثيات المسألة قد ثبّت بقلم نزيه اسباب ذلك لكن الذي يهمنا كيف ان السياب كسر القاعدة الاولى التي انتمى اليها .
يقول ناجي علوش في بدر التموزي " كما تجاوز بدر الرومانسية ، تجاوز الواقعية الاشتراكية . وكان تجاوزه لها ناتجا عن انه كان أعجز من أن يلتزم بخط سياسي . وهو في تكوينه لم يكن واقعيا اشتراكيا ، لقد كان مثاليا ...يقوم المثال عنده فوق الواقع ونقيضا له . وحين أصبح شيوعيا كانت الشيوعية بالنسبة له شكلا من هذه الثنائية . انها المثال وهي نقيض الواقع . غير ان الشيوعية قابلة للتحقق ، ومثال بدر غير قابل للتحقق .. انه وجه امه التي تنام نومة اللحود . وكان بدر ريفيا يحمل تراث الريف العربي ورواسبه ، عاطفيا يتأثر سلبا وايجابا بأبسط المثيرات . ولقد كانت قصيدته المومس العمياء الشعرة التي قصمت ظهر البعير . ففي هذه القصيدة كان بدرا قوميا عربيا ، بالمعنى السلفي فهو يقول :

" مازلت أعرف كل ذاك ، فجربوني ياسكارى
من ضاجع العربية السمراء لايلقى خسارا
كالقمح لونك ياابنة العرب
كالفجر بين عرائش العنب
او كالفرات على ملامحه
دعة الثرى وضراوة الذهبِ
لاتتركوني فالضحى نسبي :
من فاتح ومجاهد ونبي
عربية أنا : امتي دمها
خير الدماء كما يقول أبي " .

وهنا فان تفضيل دم على دم هو في واقع الحال يجانف الحقيقة وهو تمييز لمجموعة بشرية على اخرى ولو تميزت المجاميع بعلمها او تقواها لما كان هناك اشكال لكن ان يتميز الألماني على الاجناس الاخرى والعربي على الكوردي او الآشوري أو التركماني أو أي جنس على وجه المعمورة فهذا غير مستحب السماع ويربي الجيل على النظر الى الجيران بدونية وهذا ايضا يقود الى الجرائم ويشكل خروجا واضحا على القاعدة الشيوعية التي تؤمن بالتضامن الاممي .
وبدلا من ان يستفيد السياب من امكانياته في اللغة الانجليزية وترجماته لشعراء عالميين فيأتي لنا بالحرية من اوسع ابوابها ويرود التيارات الفكرية التي تكسر القاعدة الى فضاءآت اللآقاعدة والى عدم التأطر بوجهة نظر واحدة وايمان واحد ، بدلا من كل ذاك راح ينتكس وايما انتكاسة فكرية .
ان الفضاء المفتوح امام الشعراء هو ليس المنطلق الوطني البحت ولا القومي المتعصب بل هو- أي الفضاء الاوسع واللآمتناهي - التحليق في الرؤى المختلفة بعيدا عن اسار اية قضية او حزب او أيديولوجيا . سيجد الشاعر الحر نفسه سيدا لنفسه معبرا عما يشاء فهو الوطني باختياره والقومي باختياره والشيوعي باختياره لكن من دون قاعدة ممسطرة ولا مكتب هندسي يملي عليه مقاسات دون غيرها ، ولا قلعة حديدية الاسوار تطلق على نفسها القاعدة... ولايجب ان نضع السيف والعمامة على جبين القصيدة ولا قرار المكتب السياسي على خناق الرواية الخ ، على الاديب أن لايسير أمام عربة الاحزاب والفكر السائد مثل حصان يتحرك وفق اوامر وتعليمات ومواصفات . تلك اللآقاعدة لم يرق اليها السياب ، في وقت كانت الافكار التحررية ( الخارجة على القانون والقواعد ) تعج ويعج بها الفكر الغربي نحو فضاءات الفردية والمدارس التجديدية المعروفة ، وأيضا تجارب الكثير من الكتاب السوفييت المتمردين في محاولة للطيران خارج الاسوار بأجنحة ايكاروس .
كسر القاعدة وتدميرها هو ما لم يصل الى مشارفه الشاعر المبدع والعظيم بدر شاكر السياب . وهو الآن جزء من مسؤوليتنا التاريخية والاخلاقية بان لانكتب حسب الوصفة بل باختيار التحرر.
لقد وقف السياب من اجل قصيدته الحرة موقفا تحرريا رائعا حتى انه هوجم بسببه واضطهد وتلقى الكثير من الاساءات واتهم هو وسواه من الشعراء التحرريين بتهديم القاعدة السائدة وبالأوربة لكنه هو ومجموعة من كواكب الفكر والشعر راحوا يتألقون ليمهدوا لنا ارضا للعمل ومن أجل تجديد اكبر لا يبقي على المسلمات تخليدا بل يضفي عليها جدة وتطورا وتغييرا للتوافق مع مستجدات التاريخ وعصر السرعة . انه اذ يتحرر في الشكل فانه يتخلف في ماهو أهم : - فهو استجاب للقاعدة أي حزب فهد باعتبارها سمة غالبة لميول الشعب العراقي ، وذهب الى القاعدة
(الثانية )القومية التي هي بداهةً أضيق من الاممية ..ذهب الى الجزء تاركا فضاء الكل . واخيرا كانت المصيبة الفكرية الكبرى وهي عدم التجدد الفكري وفق التيارات اوالمدارس العالمية المتواترة ، أي كان عليه ان يُلحق تحرره الشكلي بتحرر المضامين .
ان الفكرالساكن الذي يتماهى مع الوضع السياسي ولايخرج عليه بمضامين ثورية ، يدفعه الى تشديد القاعدة السائدة فتفعل الأخيرة فعلها السام في تربية الاجيال وتؤدي الى اسقاط كل ماتوصل اليه الذخير الادبي والفكري من ثمار ، وهذا ماحدث في العراق الذي غدا ارضا لأكثر القواعد تحفظا وذعرا وارهابا ، وتلك واحدة من احباطاتنا الكارثية .
لو حلق السياب قليلا أو كثيرا لما طاح بجراحه وكُساحهِ ثانية وغدا قاعديا ! ولما طحنا معه فالاديب نجم هادِ ودليل بشارة وقبطان سلام .
أُفاً ثلاثا . ....



#خلدون_جاويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجواهري روح العراق وعنفوانه الفكري والعاطفي ...هل سيعمم شعر ...
- الموسيقى باعتبارها نوعا من السجن
- كتابات في الحرية ألمعية الأديب في كسر القاعدة والمسلّمات
- اوروك والتاو الصيني والآخرون
- قوس الفلسفة في قزح الشعر
- أُمهات البلاد الحبيبة
- الذباب بين الفكر الفلسفي والواقع المحسوس
- على هامش الفلسفة الوجودية


المزيد.....




- -ربيعيات أصيلة-في دورة سادسة بمشاركة فنانين من المغرب والبحر ...
- -بث حي-.. لوحات فنية تجسد أهوال الحرب في قطاع غزة
- فيلم سعودي يحصد جائزة -هرمس- الدولية البلاتينية
- “مين بيقول الطبخ للجميع” أحدث تردد قناة بطوط الجديد للأطفال ...
- اللبنانية نادين لبكي والفرنسي عمر سي ضمن لجنة تحكيم مهرجان ك ...
- أفلام كرتون طول اليوم مش هتقدر تغمض عنيك..  تردد قناة توم وج ...
- بدور القاسمي توقع اتفاقية لدعم المرأة في قطاع النشر وريادة ا ...
- الممثل الفرنسي دوبارديو رهن التحقيق في مقر الشرطة القضائية ب ...
- تابع مسلسل صلاح الدين الايوبي الحلقة 22 .. الحلقة الثانية وا ...
- بمشاركة 515 دار نشر.. انطلاق معرض الدوحة الدولي للكتاب في 9 ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - الشاعربدر شاكر السياب .... هل هو من جماعة القاعدة ؟!