أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - قوس الفلسفة في قزح الشعر















المزيد.....

قوس الفلسفة في قزح الشعر


خلدون جاويد

الحوار المتمدن-العدد: 1133 - 2005 / 3 / 10 - 10:38
المحور: الادب والفن
    


الفلسفة برج مطل على حركة العالم ..أو انها أُم العلوم . وقد عرفت سابقا بحب الحكمة ، ولو تجاوزنا قسرية التعريف ، فانها أي الفلسفة تظل نهجا أو موشورا لامتناهيا في مداه ، للنظر والتحليل وابداء الرأي في الطبيعة والمجتمع والانسان .
والفلسفة ليست لغة أدبية بحتة ، ولاسياسية وليست اختصاصا بالبلاغة ولارُقيا نوعية لكمٍ معرفي او كشفا في علم ما ، بل لها مقولات محددة ....وأول عتبة فيها هو الاستفسار الحدي عن الماهية ... ولمن الأولوية ؟ للمادة على الوعي أم العكس . ولايوجد هنا حياد في الفلسفة ولا انتهازية ، فالاجابة على هذا السؤآل هو الموقف القطعي والنهائي للماديين أو المثاليين ... اضافة الى فصيل فلسفي ثالث يقر باللآأدرية والذي لامسه الشاعر الفيلسوف الزهاوي بالتعبير شعرا " أسائلتي عن غاية الخالق اسكتي ... فهذا سؤآل ما عليه جوابُ "...
وللبدء في السير في درب الفلسفة لابد من تناول ( الماهية ) أي كنه الشئ ... وببساطة : يحيلنا السؤآل ( ماهو هذا الشئ ؟) الى اعطاء اجابة عن ماهيته...فما هذا العالم ؟ ما كنهه ؟ ماسره؟ .. تلك هي العتبة الاولى . وحتى يتجسد الجوهر ازاء البصر المجرد من توفر الهيأة والمادة وكلاهما في تركيبة متحدة زائدا النفس والعقل وبالتالي فلهذا الجوهر حيثياته .... وهي الاعراض ... وما دمنا بصدد جمالية الفلسفة في ديباجة شعرية فقد نظم بعضهم بيتين من الشعر هما خلاصة للأغراض التي هي على وجه السرعة وبين قوسين ( الكم الشئ ... الكيف ... الاضافة ... الوضع ... الأين .... المتى ... الملك ... الفعل ... الانفعال ) فقال الشاعر :

" زيد الطويل الأزرق بن مالك ٍ في بيته في الأمس كان متكي " " في يده سيفٌ لواه فالتوى وهذه عشر مقولات سوا "
وللمزيد من توضيح المسألة فان زيدا هنا كما ذُكر آنفا جوهر مجسد للعيان .... والطويل للكم والأزرق للكيف وابن للاضافة والبيت للأين والأمس للمتى ومتكي للوضع ، وفي يده سيف للملك ولواه للفعل والتوى للانفعال .
وحتى نتناول زيدا بالسؤآل فنؤكد بل لابد من التذكر بأنه جوهر ... فما الماهية اذنً ... الماهية باختصار هي الكنه ... ومن ياترى يدرك الكنه ؟ :

" لي ذاتٌ غير أني لستُ أدري ماهي ...فمتى تعرف ذاتي كنه ذاتي لست أدري"

وماذا عن كنه الوجود وما وراء الوجود والخالق أو اللآخالق ؟ وكم من الشعراء قد ارتقى بالانفعال الشعري الى مصاف السؤآل المأزوم من أنا ؟ لماذا أنا موجود ؟ مامغزى الحياة ؟ ولم الموت ؟ ...وكيف جرى معالجة ذلك فلسفيا وفي اطار شعري ( شاعري ... وليس نظما على طريقة النحو في الفية ابن مالك ... أو تحديد شروط لعبة من قبيل البيت الآتي وسواه :

"لاينفع الفول آس بالوقت الذي ....جاءت عليه ثمانياتٌ أربعُ" !!!!

واذا عدنا بالذاكرة الى تقصي ماذهب اليه الفيلسوف أبو العلاء المعري في محاورة خطيرة هي احدى ( الشطحات الفلسفية ) الدالة على حركية الذهن العربي ونضجه فنراه يتناول الجوهر (غير المادي في مقايسة عقلية ازاء ماهيته فيقول :

" قالوا لنا خالقٌ عظيم ٌ ..... قلنا نعم هكذا نقولُ "
" زعمتموه بلا زمانٍ ..... ولا مكانٍ ألا فقولوا "
" هذا كلام ٌ له خبيئٌ ...... معناه ليست لكم عقولُ "

فهو هنا يحاول الاستدلال على الجوهر بالأعراض...ويخلص الى وهم أو عدم أو خواء . وعدا ايمانية الفيلسوف أودونها ( او زاوية قراءة هذا النص الحاديا أو ايمانيا ) يظل النضج العقلي محط المساجلة المنطقية ...ولقد عبّر عن هذه الحراجة في مجتمعات حديثة شعراء عراقيون جريئون يعيشون في الصميم من المجتمع النجفي المحافظ ومنهم على سبيل المثال الشاعر الشيخ علي الشرقي القائل لما اعتبره البعض – كما يعقب مصطفى جمال الدين - تشكيكا في أهم عقائد المدينة :

" فيا جانب البحرالذي أنا غارقٌ ...... بلجته هل ثم من جانبٍ ثانِ " ...

أو أن يقول بنظرة اعتداد عن خروجه على هذا المجتمع المتزمت

" أقول وقد سألتني الرفاق ... أأنت على وضعنا خارجُ ؟
أبى الثمر الفج عن جذعه ... فصالاً وينفصلُ الناضجُ "

ولعل مقدمة ديوان الشاعر مصطفى جمال الدين تشير باعجاب الى أن الجرأة والجمال هما مناران مغريان بالنسبة للشاعر .. وان الابحار باتجاههما قد كلفاه مشقة تكييف النص الجيد والجديد بعيدا عن الظل الثقيل والمستهلك للقديم الذي طعنه الفيلسوف جميل صدقي الزهاوي:

" كل شئ الى التجدد ماضٍ ... فلماذا يُقَرُ هذا القديم ُ " ..

ان تلقّط التماعات فلسفية في أديم الشعر مهمة بحثية أكاديمية صرفة وهذا يقتضي اعادة معاينة نوع محدد من الشعر الآ وهو المتصل بالماهية ، بالجوهر، بالاعراض ، بكيفيات مناقشة المقولات الفلسفية عموما ... وليس عند العراقيين وحدهم بل في المنطقة العربية ولبنان خاصة ، ولا أدل من أن (الجداول) لايليا أبي ماضي قد ترك أثره الكبير لدى القارئ العربي ولدى شعراء النجف بوقتها اضافة الى رباعيات الخيام المترجمة على يد الشاعر أحمد الصافي النجفي وسواه ..
ان الزهاوي ومصطفى جمال الدين وصالح الجعفري ومحمد جواد الجزائري وعبد الحميد السماوي ومحمد صالح بحر العلوم وشعراء غيرهم هم كوكبة لامعة في فضاء الموضوعة اياها .
يقول مصطفى جمال الدين : " ان الآراء التي أثارتها قصيدة طلاسم قد اجترحت تحديا مضادا، فقد كتب الشيخ محمد جواد الجزائري ردا شعريا فلسفي الطابع ، وكتب الشيخ عبد الحميد السماوي قصيدة شعر فيها مساجلة ابداعية " وهي توثيق أكيد لخاصة دينية ( نجفية الطابع ) ألا وهي حق المناقشة واجتراح القيم الراقية لثمار الحوار بدلالاته العقلية ، ولسان حال تلك الأزمنة يقول ، مهما بلغ المرء من اتيان غرابة في الرأي أو زوغان يفضي الى التشكيك فان باب الحوار مفتوح على مصراعيه ، ان الحوار ومقارعة الحجة بالحجة ( ليس الخنجر بالخنجر ! ) مدرسة بحد ذاتها . حلبة لنبل القراع ، على حد تعبير الجواهري ، وبرلمان لايقوى على تكميم فمه طاغية وبالتالي فهو امتحان لأخلاقية الآخرين ... ان أزمنة النجف هي تعبير عن تعددية ، والتعددية توفر الابتهاج ، والفكر الأُحادي الجانب يفترض السكون ضمنا ويقود اليه ، بل انه يخشى التناقض ويحاول قمعه سلميا واذا اتيح له أن يغتاله فان التاريخ السياسي العالمي عمل على محق وقولبة الفكر ولا أدل على ذلك من الكوارث المعروفة في حجرات التعذيب السلطوية والمسالخ البشرية ... وفوق ذلك وكما يقول الجواهري في داليته الخالدة يابن الفراتين :

" حتى انبرينا فجئناها بثالثة .... ان الشقاء اذا استعلى هو الرغدُ "

أي باختصار لقد جئناها بسياسة نفّذ ثم ناقش : كعب أخيل الثمار الابداعية الراقية للفكر الفلسفي الديالكتيكي !

ومهما يكن فحركة البشرية فكرا وابداعا تظل قاعدة لحالات أرقى من الصراع ، تبقى تربة صالحة لاعتلاج روح الفلسفة في الفكر والسلوك وفي الابداع الشعري... ولامناص من دوائر الصراع الحلزونية الطابع والتي وان تبدو- تلك الدوائر- تدور حول ذاتها الاّ انها تتقدم في الزمن وتتبدل طرائق العمل في مسارها وبالتالي لابد من أن تفضي لحالات جديدة تحتوي متطلبات ومبادئ المراحل الماضية ومجسدة لنسبة منها في هيأة جديدة متكيفة لمقتضيات العصر .
وانطلاقا من تعريف بعض الفلاسفة والمتصوفة للفلسفة حيث يقولون انها تعني التجلي والتخلي والتحلي ( تجلي المعرفة والحقائق والتخلي عن الرذائل والتحلي بالفضائل ) انطلاقا من ذلك يدخل الجواهري معنفاً الملامح الطبقية الاستغلالية :

" لكنّ بي جنفاً عن وعي فلسفةٍ ..... تقضي بأن البرايا صُنِّفَتْ رُتبا "
" وان من حكمةٍ أن يجتني الرطبا ..... فردٌ بجهدِ الوفٍ تعلك الرطبا "

ان الدخول الى الحياة خارج المصطلح المقنن للفلسفة هي في تقدير البعض مدارها الحيوي أي وجوب مجاراة النظري للتطبيقي وبالتالي لسان حالنا يقول هلمّ ياأيها الفيلسوف واتخذ موقفا مما يجري ... أي اخرج من صومعة الاختصاص الى الموقف السلوكي . وهكذا يندرج الفعل في عالم الصراع الى حالات التمظهر الفلسفي ... وهكذا ايضا اضطلع الشاعر مصطفى جمال الدين مرموقا وجريئا في الدعوة الى تجديد المناهج في المدارس الدينية النجفية على الرغم من رفض البعض لدعواته الاّ انه يقول :

هذي المناهج أطمار ٌ مهلهلةٌ مرت على نسجها الأحداثُ والعُصُرُ
وسوف يأتي زمانٌ لاترون بها الاّ خيوطا لهمس الريح تنتثرُ

واذ يتحدث الشاعر عن نفسه في كتابه الشعري ( الديوان ص32) .. يقول " وتصاعدت حملاتي في الاحتفالات الدينية ...فتحدثت في احدى مراثي رجال الدين سنة 1952 عن المحنة التي يعيشها الشباب الديني في النجف ، ختمتها في خطاب لشيوخ المجتمع الديني في الاستماع لوجهة نظر الشباب في قصيدة جاء فيها :

ياقوم حسبكم، الخمول فقد مضى ..... زمنٌ بفطرتها تشب الرضّعُ
والعصر عصرٌ لايشيب وليده .... الا ليعجبه المفن المبدعُ

عصر المدارس عذبها واجاجها .....تبني العقول بما يضر وينفع
( لاعصر كتّابٍ قصارى جهده .....صحفٌ مباركة ٌ وآيٌ ممتع ُ)
صونوا مناهجكم تصونوا دينكم ....وابنوا العقول يقم عليها مجمعُ

ان أخذ الفلسفة بمناطيق التجلي والتخلي والتحلي ليست نزهة بل طريق شائك يروده الجريئون بل الكواكب اللآمعة في فضاء الانسانية ، أبو تمام والمتنبي وأبو العلاء المعري. ايليا أبو ماضي ،جبران خليل جبران ، ميخائيل نعيمه وخليل حاوي...وصلاح عبد الصبور... وعلي الشرقي والزهاوي وأحمد الصافي النجفي ونازك الملائكة... وان خارطة البحث للتسع لغير هؤلاء الافذاذ محط الاكبار ....
ان تاريخنا الفلسفي – الشعري يعج بمشاعر جيّاشة في حب بلا حدود هي من قبيل ( التحلي ) بأرقى مادعت اليه الفلسفة : (محيي الدين بن العربي ):

لقد صار قلبي قابلا كل صورة .... فمرعى لغزلانٍ وديرا لرهبانِ
وبيتاً لاَوثانٍٍ وكعبة طائفٍ .....وألواح توراةٍ ومصحف قرآنِ
أدين بدين الحب أنى توجهتْ .....ركائبه ، فالحبُ ديني وايماني

انه موقف بلا شك ، يرقى الى حب البشرية جمعاء ، لو قورن بمن استأثر لذوي القربى بالحب وتقوقع في أصداف الرحمة وانحاز بالحكمة وتنابز بالألقاب ، وتفاخر بالقوم ، وتطرف بالعقائد لبدا ان الشمل أرقى والسعة أبهى والرأفة أنبل والسلام لكل ابناء الشعوب أجمل ...
طوبى لهم اؤلئك الكبار في نفوسهم ...لا الغارقون بالعلم بل الناجون به ...
وهنا شاعرآخر قلما تفلسف ! فانظر أي جمالية اجترح للفلسفة في الشعر وأي شيوع محبة قد دعا اليها ؟ وهو بلا شك قد تناول مفهومين فلسفيين معروفين ألا وهما الجزء والكل . انه الشاعر محمد صالح بحر العلوم :

ان نجا العالم في مجموعه ...... فنجاة الفرد بالضمن تُنال
واتصاف الكل في ظاهرة .... دون أن يعرض للجزء محال

أما اذا نجا الحزب وحده واغرق الشعب كله ....وتناحر معسكر ضد آخر وألبت عشيرة أبناءها على اخرى وتمايز صنف ديني على سواه ....فلا فلسفة تجدي ولا شعر ولاجماليات .
وهنا تختلف قراءة النص اختلافا جذريا بعد سقوط أهم ترسانة في الفكر الشمولي فليس السيادي ( اتصاف الكل في ظاهرة ) هو الذي يضمن باشتماله على كل الأجزاء ،العدالة ويحققها ضمنا ... ونجاة العالم في مجموعه أيضا منجى افتراضي اذ جرى التصور مرة بأن فكرا معينا يستطيع ان يسود لكي يضمن العدالة ...ألأمر اختلف جذريا في نهاية القرن الماضي وقراءة الجزء غدت من الأهمية مايسم فكرة تغليب الكليانية ( التوتاليتارية ) بالقمع ....ان التفصيل هنا يطول اذ أن في ثنايا بيتين من الشعر مايفتح الباب على سجال غير عادي.
الفلسفة واجهة عمل متفاعلة مع الحياة وهي ليست مدخلا لزعزعة الذهن بل التفكر بها منذ نعومة الأظفار يخصّب الجيل بنزعة التأمل . وأين مخاطرها اذا كانت غايتها جليلة أولا – ادراك حقائق الموجودات . ثانيا - التوفيق بين حقائق الوحي والعقل حسب مايذهب الى هذا فريق ثانٍ . ثالثا – كونها تهدف الى الحياة العملية ....وهنا وبصدد هذه الغاية يقول الامام علي (ع) : " رحم الله امرأً أعد لنفسه ، واستعد لرمسه ، وعلم من أين ؟ وفي أين ؟ والى أين ؟ " ولو تبصرنا في تاريخ القصيدة العراقية المناضلة – مادمنا في مجال البحث – فاننا نجدها قد عبرت عن كون الفلسفة بشكل مباشر او غير مباشر قد احتوتها واتخذت منها ظهيرا ومنطلقا .
ان (علموها) القصيدة الجريئة التي كتبها الجواهري عام 1929 تؤكد روح الجدل متجسدا في كون التناقض والتضاد يؤديان الى تغيير نوعي ...كيف ؟ لقد وقف فريقان ضد بعض ، أحدهما مؤيد لفتح مدرسة للبنات في النجف والآخر ، مضاد ، ولما استجابت الحكومة الى فتحها اصطدم ذلك بموافقة بعض العلماء فقال الشاعر:

" علموها فقد كفاكم شنارا ...وكفاها أن تحسب العلم عارا"

ان موضوع الفلسفة في الشعر لايعني أن أقول قصيدة سياسية أو اجتماعية تخدم التحولات وكما هو أعلاه في قصيدة علموها للجواهري ، لا بل هي ان الشاعر ، لو نظرنا بطريقة اخرى ، قد اتخذ موقفا عمليا يُرحل الى تعريف فلسفي هو ( ان الفلسفة تهدف الى الحياة العملية ) لكن الجواهري لم يشتغل بالمصطلح الفلسفي داخل النص ... انه يفلسف لكنه لايتفلسف ... أي انه يفلسف موقفه ورؤآه ازاء العالم والفكر والمجتمع .
للشاعر الكبير والفيلسوف اللبناني سعيد عقل ، على سبيل المثال لا الحصر بيت من الشعر يقول فيه وهو يتحدث عن المطلق والهنيهة :

" لَجِسْمُكِ فوق السرير مهيبٌ .....كوقع الهنيهة في المطلق "

لقد تشبّع سعيد عقل بالمصطلح الفلسفي الجاف وراح يشع به رومانسيا ولو شاء تجريديا أو سورياليا ... الخ .أو كما فعل ذلك الشاعر بالمقولات الفلسفية العشرة الآنفة الذكر . أو كما فعل ميخائيل نعيمة في وحدة المصدر الجامع للخير والشر والرابط بين الملاك والشيطان :

" سمعتُ في حلمي وياللعجب .... سمعتُ شيطانا يناجي ملاك
أليس انّا توأمان استوى .... سر البقا فينا وسر الهلاك
ألم نُصغ من جوهرٍ واحدٍ.....ان ينسني الناس أتنسى أخاك
فأطرق ابن النور مسترجعا.....في نفسه ذكرى زمان قديم واغرورقت عيناه لما انحنى.....مستغفرا وعانق ابن الجحيم
وقال (أي بل ألف أي) ياأخي ....من نارك الحرى أتاني النعيم
وحلّق الاثنان جنبا الى ...جنب وضاعا بين وشي النسيم"

لاتدعوا الفلسفة تموت ...انها ساحرة لكنها مسجاة مثل لعازر ... هاهو الابداع قد جسدها في لقطة من البلور ...لقد تأسنمت على يد الخالد ميخائيل نعيمه ...اننا نعترف بأن كنه الاشياء غامض تماما كما قال أحد الفلاسفة في الوجود :

" مفهومه من أظهر الأشياءِ ....وكنهه في غاية الخفاءِ "

لكن جواهره واعراضه كما لمسنا جديران بالضوء ...وقد حاول جبران خليل جبران ملامسة سر الوجود رومانسيا وشعريا :

اعطني الناي وغنِّ .... فالغنا سر الوجود
وأنين الناي يبقى ... بعدما يفنى الوجود

لكنه من الناحية العلمية يناقض أهم القوانين " المادة لاتفنى ولاتخلق من العدم " ولمَ لا ؟ هكذا يرى الوجود شاعرنا المنيف جبران . والأروع أن نرى كلا من زاوية ... فالحياة هكذا ...انها ليست ثقب مفتاح نرى من خلاله مايروق لنا فقط . . في كثير من جوانب الحياة تترآءى فلسفة (الفناء) في أسمى آيات الجمال الشعري.

قال شاعرايراني :

قم داوِ جرح فؤآدٍ أنت بلسمه .....وهاتِ وصل محبٍ لم يطق ضيقا
قم هاتِ ابريق خمرٍ نحتسيه معا ..... من قبل أن يجعلوا منّا أباريقا

وهنا وفق هذه النظلرة ، قد يموت انسان ما ، وتستحيل عظامه الى تراب ٍ بعد مئات الأعوام وبفعل عوامل التعرية وانتقال التربة ، قد يتداخل هذا التراب في هيأة جرة ، وجزء من ضلوع ذلك الانسان في تركيبة (كوز ماء ) وقد نشاهد زهرة على ضفة نهر لعلها كانت ذات قرن من القرون الماضية ، شفة لعذراء ... وهذا ماعبر عنه أحمد حامد الصراف بالفلسفة الانقلابية ، وأيضا لا أدل على هذه الروعة الاّ بماقاله الشاعر العراقي عباس شبّر :

كيمياء الوجود كم فيك فكرنا وحارت عقولنا استغرابا
فتراب قد استحال عظاما ، وعظام قد استحال ترابا

هنا أيضا الكيميائية البحتة ممتزجة بالشعر ومنظور اليها فلسفيا من زاوية تحول المادة وعدم فنائها ...فالشاعر والعالم والفيلسوف يطلون من أكثر من نافذة .
وأخيراً فالفلسفة من جهة ما كالسياسة تدخل في كل مناحي الحياة .. وكالتشعب اللآمتناهي لمستقيمات وانحناءات الهندسة في الكون ! ولذا فهي تتجمل بالشعر ويغْنيها هو بالحيوية والتفاعل .
..............



#خلدون_جاويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أُمهات البلاد الحبيبة
- الذباب بين الفكر الفلسفي والواقع المحسوس
- على هامش الفلسفة الوجودية


المزيد.....




- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
- على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس ...
- الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
- “جميع ترددات قنوات النايل سات 2024” أفلام ومسلسلات وبرامج ور ...
- فنانة لبنانية شهيرة تتبرع بفساتينها من أجل فقراء مصر
- بجودة عالية الدقة: تردد قناة روتانا سينما 2024 Rotana Cinema ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - قوس الفلسفة في قزح الشعر