أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - حديقة مفتقدة














المزيد.....

حديقة مفتقدة


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 3972 - 2013 / 1 / 14 - 20:16
المحور: الادب والفن
    


(صور من القرية)

"ماما،" جاءني صوت ابنتي ذات الخمس سنوات."دعينا نذهب الى حديقة الألعاب."
اليوم كان يوم عطلة، والوقت بعد الظهر، والبنات بقين في داخل البيت طوال النهار، وزياد غائب عن البيت منذ الصباح الباكر بسبب انشغاله ببعض أعمال الصيانة في بيت والدته، وبيتنا لم يعُد يتّسع للبنات.
"إننا نحتاج السيارة حتى نذهب إلى هناك،" قلت لها، "والسيارة مع أبيك."
عبس وجهها وبدت ملامحها كأنها على وشك البكاء. أسرعت لمواساتها: "سنذهب مشيا الى بيت جدك وجدتك، فما رأيك؟"
"لا أريد. أريد أن أذهب الى حديقة الألعاب!" تذمرت باكية، ولم تفدني كل محاولاتي لإرضائها بأي مشوار بديل. حديقة الألعاب يعني حديقة الألعاب!
فكّرت قليلا. ثم وجدت الحل. اتّصلت بصديقتي حنين وسألتها إن كانت تود الذهاب بالبنات الى حديقة الألعاب. فقالت: "اهه، فكرة حلوة. من زمان لم نكن هناك." من حسن حظي، أو حظنا، وافقت. والجميل في الأمر أن سيارتهم الطويلة ستتسع لنا جميعا.
حديقة الألعاب لم تكن بعيدة على الإطلاق. كانت في القرية اليهودية القريبة، وكانت حديقة جميلة، معتنى بها، كبيرة، مليئة بالألعاب المحببة على الأطفال ومحاطة بالعشب الأخضر من كل الجوانب. كان المكان مريحا وظريفا حقا.
استولت الفرحة على البنات فركضن الى الألعاب ببهجة وسرور. جلسنا أنا وحنين على مقعد خشبي نتأمّل البنات في فرحتهن.
"هذه الحديقة من حظنا،" قالت حنين، "ماذا كنا سنفعل من دونها؟"
"أطفالنا يحتاجونها لإفراغ طاقاتهم. خسارة أننا لا نملك مثلها في قريتنا."
"طوال حياتنا لم نملك مثلها في قريتنا، حتى في صغري كان أبي يأتينا الى حديقة الألعاب القديمة التي كانت في الجانب الآخر من هذه القرية. واليوم نحن نأتي ببناتنا."
"كأن شيئا لم يتغيّر من حينها."
"لا شك أنه تغيّر الكثير، ولكن... ما زلنا نفتقد حديقة الألعاب."
"تعلمين؟ إنني أفتقد تلك الحديقة لدرجة أنني كلما مررت بقرية يهودية ولمحت في كل حي فيها حديقة ألعاب، مهما كانت صغيرة، تنجذب عيناي إليها غصبا عني، وأشعر بالغيرة كما لم أشعر بها من قبل. فلماذا لا يفرح أولادنا بحديقة ألعاب صغيرة مثل أولادهم؟ لماذا يجب أن نأتي إلى قريتهم؟"
"سمعت أنهم يخططون لبنائها قريبا، ولكن الأمر بحاجة لميزانية والمجلس المحلي طوال حياته على الحضيض!"
"الله يعين. سننتظر ونرى."
وبعد أن أشرف الوقت على المساء وقمنا لترك المكان، رأيت امرأة تأتي الى الحديقة قبالتنا، بدت أنها من سكان القرية، أصحاب المكان، ومعها عربة فيها طفل صغير، بينها وبينه شبه كبير، يمسك لعبة بيده. رأيتها تصوّب نحونا نظرات تعجب مضطربة، كأنها تستغرب مناظرنا الثقيلة في هذا المكان... مكانها.
معها حق، فكرت بيني وبين نفسي، وما ذنبها أننا لا نملك حديقة مثل حديقتهم؟

كفر كما/ فلسطين
11.1.13







#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دراجة نارية صغيرة
- ليلة خائبة
- جدي
- الحب والعاصفة 23
- كلمات حب في القمامة
- رحلتي الى باريس
- تساؤلات بريئة- الجزء الثاني
- الحب والعاصفة 22
- أنانية أنا
- ابتسامة الصباح
- الحب والعاصفة 21
- قوة التأثير على الناس البسطاء
- الحب والعاصفة 20
- عائدون الى الروضة
- الحياة حسب ايفا ايلوز- سيد قشوع
- الحب والعاصفة 19
- أنا والفئران جيران
- الحب والعاصفة 18
- ذكرى
- غش وفوضى وخلوها بيناتنا


المزيد.....




- انطلاقة قوية لفيلم الرعب -ويبنز- في أميركا بإيرادات بلغت 42. ...
- الجبّالية الشحرية: لغة نادرة تصارع النسيان في جبال ظفار العُ ...
- فنانون وكتاب ومؤرخون أرجنتينيون يعلنون موقفهم الرافض لحرب ال ...
- سليمان منصور.. بين الريشة والطين: إبداع مقاوم يروي مآساة وأم ...
- أمير تاج السر: أؤرخ للبشر لا للسلاطين والرواية تبحث عن الحقي ...
- العودة إلى زمن (المصابيح الزرق) لحنّا مينه.. علامة مبكرة من ...
- حسين الجسمي يحيي -ليلة من العمر- في الساحل الشمالي وليلى زاه ...
- أنطونيو بانديراس في عيده الـ65: لن أعتزل التمثيل
- مقهى -مام خليل-.. حارس ذاكرة أربيل وقلبها النابض
- بمشاركة 300 دار نشر.. انطلاق -معرض إسطنبول للكتاب العربي- في ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حوا بطواش - حديقة مفتقدة