أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رسلان ناشخويف - لغز - بحارمات - (3) (بروميتيوس – إله النار عند الإغريق) حوار عن أشياء غير إعتيادية















المزيد.....



لغز - بحارمات - (3) (بروميتيوس – إله النار عند الإغريق) حوار عن أشياء غير إعتيادية


رسلان ناشخويف

الحوار المتمدن-العدد: 3964 - 2013 / 1 / 6 - 00:06
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


ترجمة من الروسية: دياب أحمد رئيس

تابع .......

ليوما: وكيف إذاً يجب أن يكون الموقف حيال الإكتشاف العلمي قبل عشرين سنة، الذي أصبح معلوماً لدى معظم القراء قبل فترةٍ وجيزة؟ يدور الكلام عن الإستنتاجات النهائية، التي ظهرت في الصحافة الروسية سنة 1999، حول تحقق أماني أجيال كثيرة من الناس: لقد وجد موطن البشرية كلها، ألا وهو قارة أتلانتيد الأسطورية. !
لماذا لم يعلن عن هذا منذ تلك المدة الطويلة؟ ما هي أتلانتيد، هذه المحيرة والمثيرة؟ وما هي المرتبة التي ستحتلها في تاريخ الحضاراتين السومرية والمصرية، اللتين إعتبرتا الأقدميتين إلى هذا الوقت؟

رسلان: هذا الصمت الطويل للصحافة يفسر ببساطة. تقول صحيفة " نيديليا " في مقال لها: " قبل فترة وجيزة، أصبح مفهوما أن إكتشاف أتلانتيد، أقدم بكثير مما جاء في المشروحات المفصلة، من قبل الماركسيين - اللينينيين، للمادة التاريخية عن الحضارتين السومرية والمصرية ، وهذا يدحض تماماً الجزء الهام من العلوم الماركسية." (34)
.... وهكذا، قبل 12-13 ألف سنة تقريباً حدثت كارثة عالمية. في أساطير هنود أمريكا الوسطى والجنوبية، حسب رأي الباحث أ. جورودنيتسكي، هناك سرد للحوادث عن إهتزاز الأرض، والظلام، والنار، وعن إرتفاع وهبوط متسارع لهضاب الجبال. فالزلازل، التي لم يسبق لها مثيل من قبل، وثورة البراكين قد سبب في نشوء موج محيطي هائل، الذي سحق كل شيءٍ في طريقه، والذي دار عدة مرات حول الكرة الأرضية. بقيت لدى الشعوب الإفريقية مذكرات عن الكارثة الطبيعية، التي رافقتها، عدا عن الطوفان، الأعاصير والزلازل ونشاط بركاني مرعب. وبقدر ما إبتعدت هذه الأساطير القومية عن المحيط الأطلسي، إختلفت في نوعيتها. فالمتوارث تحكي فقط عن طوفان عظيم. إن تحليل الأساطير المتنوعة عن الطوفان، التي بقيت لدى جميع الشعوب القديمة- يكتب العالم- تشيربشكل واضح إلى مركز الطوفان، الذي يقع في المحيط الأطلسي.
كثير من الباحثين المختصين بالمحيط الأطلسي مقتنعين بأن الظواهر الطبيعية الكارثية محت من على وجه الأرض جزيرة كبيرة، كانت عليها الحضارة الإنسانية. من خلال جهود جبارة، وعمل يومي دؤوب، ومن دون وسائل للحياة صنع الناس الذين بقواعلى قمم الجبال ونجوا من بعد الكارثة، حضارة جديدة، وعلوم، وسياسة ..الخ. وبعبارة أخرى الآن يجري، إذا قلنا مجازياً، إخراج الفصل الثاني من فيلم " الحضارة على الأرض." (35)
إذا قارنا ما هو معلوم بشكل واسع من المعلومات مع أحدث ما توصل إليه الباحثون فإن هذا "الفصل الثاني" قد بدأ من الحضارة السومرية، والحضارة المصرية.
وها هي أحدث المعلومات الجديدة، للتأمل بهذا الموضوع:
أثناء الحفريات الأثرية، قرب القرية التركية جوبيكلي- تيبيه، في منطقةٍ، قرب الحدود السورية، على أراضي الدولة السومرية سابقاً، عثرت على آثار قيمة لا تشبه أيٍ من المكتشفات السابقة. وحسب رأي عالم الآثار كلاؤوس شميدت من هايدلبرج(المانيا)، الذي ترأس البعثة، فإن عمرها كبير جداً - 11-12 ألف سنة. لقد عثر، خاصةً، على كثبان إصطناعية، صنعت في عهد النيوليت، إرتفاعها 15 متراً ومساحتها 90000 متر مربع. وحررت الحفريات من الأتربة عمدان من الحجارة وألوح من الجير. ويوجد على بعض هذه الألواح نقوش لحيوانات تشبه التنين. واكتشفت أيضاً غرف رائعة نسبةً لذلك الزمان، على شكل بيوت صغيرة، التي كونت مدينة كاملة. وهناك كثير من العظام لحيوانات برية. كان الناس القدامى، بإعتقاد العلماء، يحتجزون هنا هذه الحيوانات ويروضونها وكذلك ينتجون اللحوم ويجففونها. إن شميدت لم يفكر من غير أساس أنه: ".. ربما نقف أمام مهد الحضارة الإنسانية ..."
أوضح عالم البيولوجيا النرويجي مانفرد خويْن، إستناداً إلى معلومات هذه البعثة، وعلى أساس الفحص الجزيئي، في أي مكان إنتشأت الحبوب ذات البذرة الواحدة، التي هي أم القمح الحالي. وهي تعتبر المحصول الأساسي للعصر، الذي بدأت فيه الفلاحة. ومن مطابقة الجينات إستنتج خويْن أن موطنها في تلك البقاع في تركيا ، حيث يجري الباحثون حفرياتهم الأثرية، وحسب رأي الباحثيين فإن الطبيعة خلقت للناس هناك جنة على الأرض. ولهذا نذكر أن القفقاس بالذات، وجنوب غرب آسيا وما يتبعه من المناطق (أي المناطق التي حلت فيه العشائر البدائية، القفقاسية سابقا)، برأي الأكاديمي ن. فافيلوف (36)، أصبحت المكان الأول على الأرض، حيث بدأ الناس زراعة القمح، والحبوب، والمزروعات القرنية، والكتان.
ويثبت هذا أحدث الأبحاث العلمية. " لقد كانت على الأرض بساتين الجنة! هكذا يعتقد علماء الآثار"، يكتب في مقالته ج. نيكولايف.(37) ويشهد على ذلك الحفريات الأخيرة لمواطن أولى الحضارات القديمة. "... ألم يبدأ كل ذلك هنا (الدولة السومرية) - من المكان، الذي يشبه اليوم سطح القمر؟ في هذا الأمكنة بالذات شق طريقه أولى إشعاعات الحضارة، ونشأت أولى المدن، وتكونت الحياة المنزلية، ولأول مرة خُبِزَ الخبز ..."(38) - ينهي المؤلف مقالته.
يمكننا اليوم أن نفترض، أن قسماً من الناس، المتبقين على قيد الحياة بعد الكارثة في الأتلانتيد، تمكنوا بالتأكيد من الإبحار الى منطقة ما بين النهرين. أجداد السومريين في الأزمنة الغابرة جاؤا إلى ما بين النهرين من "جزيرة الجنة " من البحر البعيد، وأول إستيطان لهم كان، بلا شك، مدينة إيريدو، الذي أصبح فيما بعد مرفأً على الخليج الفارسي. لم تجر أية حروب مع السكان المحليين. وقد بني حول المدينة نظام معقد من قنوات ريٍ وقنوات ملاحة. ولنتذكر، أيضاً، عن أنهم أول من أسسوا هنا دولةً بشكل مغاير لما تأسست عليه الدول المجاورة، وكذلك عن بعض المزايا للسومريين، ومن ضمنها، مهارتهم في بناء المعابد، والأبنية الفخمة، وفضائلهم، وعدلهم، وسماحتهم، وما توارثوه عن الطوفان.
والآن فلنتذكر الأسطورة الفذة عن الأتلانتيد، التي أخبر الكهنة المصريون عنها جد الفيلسوف الإغريقي أفلاطون(القرن الخامس- الرابع ق.م.)، المشرع في أثينا سولون، والذي كان يدرس الحكمة عندهم. إن الإغريق أمام المصريين والسومريين مع ماضيهم من آلاف السنيين، يبدون كالأطفال ذو عقل يافع، لم يحتفظوا بأي شيء من التعاليم المتوارثة من جيل إلى جيل، والتي شابت على مر الزمن. (39)
إن في ذلك الزمان البعيد وعبر بحر(محيط)الأطلسي، كان من الممكن العبور، لأن أمام المضيق، الذي يشكله القطبان الهيراقليان (جبل طارق)، تمتد جزيرة هائلة، تكبر، حجما، آسيا وليبيا معاً. هذه الجزيرة الكبيرة كانت تدعى أتلانتيدا، ومن خلالها كان من الممكن الوصول إلى الطرف الآخر من اليابسة، الذي يحيطه بحر واسع لا نهاية له، وليس تلك القطعة الصغيرة على شكل خليج، الذي يسمى المتوسط..." (40)
نأخذ بعين الإعتبار أن أفلاطون يدعوالأطلسي بحراً بدليل أكيد، إذ أن المحيط في الأساطير تعني ألأنهار، التي تحدها اليابسة من كل الجوانب.
يتابع أفلاطون قائلاً: كانت أتلانتيدا في قبضة إتحاد الملوك القوي، الذين امتلكوا قسماً من القارة، ومن الطرف الآخر من المضيق ليبيا حتى مصر، وأوروبا حتى تيرينيا ( إتروريا في وسط إيطاليا )... وإن زلزالاً لم يسبق له مثيلاً، وطوفان، قضى على أتلانتيدا في يوم واحد...
أفلاطون يحكي عن دولة سعيدة في غابر الزمان، التي أهلكتها الآلهة بسبب الرذائل. فكأن الفيلسوف ينبه نفسه، وأؤلئك الذين يبتغون الأحكام والقوانين الجيدة، لكي يتقيدوا بها بإحترام، وأن يكون المواطنون أمجاد في عزائمهم، وأطياب في أرواحهم. يتطور الحديث عن الأتلانتيد، في المحاورة "كريتي"، عن تفاصيل كثيرة. إتضح إن الحرب بين الأثينيين والأتلانتيديين، كما يرويه كريتي، حفيد سولون، جرت قبل تسعة آلاف سنة (كأن الحديث بين سقراط وكريتي وأصدقاؤهم جرى في سنة 421 م)، أما مصير أثينا وأتلانتيد فكان مرتبطاً بكيفية تقاسم الآلهة ملكية الأرض بين بعضهم البعض.
يصور أفلاطون بحماس ثروة الجزيرة. كان هناك معادن نادرة، غابات واسعة، وحيوانات برية، وبكثرةٍ الفيلة. الأرض أهدت الثمار، والخضار، والأشجار التي يعطي المأكل والمشرب. كانت هذه الجزيرة المقدسة القديمة تبهر بوفرتها وجمالها، الذي أوجدهما الشمس السخي. كانت المدينة الأساسية تقع على تل في وسط سهلٍ كبير، مع acropolis، والقصر الملكي، والمعبد، محاط بإثنين من الحلقات الترابية وثلاث حلقات مائية. مد ألأتلانتيديون قناة من البحر وحتى آخر حلقة مائية وبنوا مرفأً. أما الحلقات الترابية، التي تفصل الحلقات المائية، فكان يتخللها، من حلقة مائية إلى حلقة مائية أخرى، قنوات متراصة مع الجسور، بعرضٍ، تسمح بمرور فرازة حبوب. وفوق القنوات مدوا جسوراً، تمخر السفن من تحتها.
كانت السفن تأتي من كل البلاد لترسوا في مراسي أغنى المدن. وكل شيءٍ في هذا البلد كان رائعاً ومزود بكل أسباب الراحة. وأراضيها كانت محفورة حولها على شكل مستطيلات ومحاطة بقناة عظيمة، تنصب فيه المياه المنحدرة من الجبال إلى البحر. وقناوات متعددة ربطت الأطراف المتباعدة للسهول، ومن خلاله عوموا الأخشاب وأما الماء فاستعمل للري. ساد لدى الأتلانتيديين التقيد التام بالقوانين في الحالتين، المدنية، والحربية. وقدمت كل مقاطعة من السهل الوسع للجزيرة زعيماً - محارباً واحداً (وعدد هذه المقاطعات كان 60 ألف). كان تعداد مركبات القتال لأغراض الحرب 10 آلاف، والسفن - 1200. وهكذا، فزعماء الحرب الـ 60 ألف تمكنوا، إذا احتاج الأمر، قيادة 780 ألف محارب ...
لسنين طويلة، إستنكف مالكو الجزيرة عن كل شيء ما عدا الحكمة، والإخلاص لآلهتهم، والكرامة، ومروءة النفس، والشجاعة، والمهارة في العمل وإحترام بالقوانين، لم يعيروا قيمةً للذهب والفضة والثروة وأكوام من الكنوز. لم يفقدوا السيطرة على أنفسهم، وحافظوا على صحوة العقل. ألم يبدأ صياغة الأسطورة عن بروميتيوس في ذلك الوقت؟ ولكن بعد أجيال طويلة، نفذ دماء بوسيدون الإلهية في عروق الملوك، وتملك الطبع الإنساني. لم يكن الأتلانتيديون الآن يتحملون هذه الثروة والوفرة، وثار الطمع الجامح والقوة. عندئذ وجهت الآلهة نظرها من جديد إلى شعبه المختار، ولكن النظرة هذه كانت مملؤةً بالغضب. زيفس، أب الأرباب، الذي كان يرقب عن كثب وصرامة تطبيق القوانين، سخط على سلالة باسيدون لفجورهم وقرر أن يوقع فيهم العقاب. إن زيفس ليس للمرة الأولى يوقع العقاب على الناس لكفرهم. فأرسل الطوفان على بني البشر، الذي لم ينجو منه إلا إثنين - ديفكاليون و تيرّا. وظهر مرة أخرى أناس من الحجارة التي رمياه على الأرض (أوفيدي، ميتامرفوزي). وفي النتيجة حاول زيفس من جديد سحق سلالة البشر الغير كاملة والذليلة، لكي "يغرس" (إيسخيل،"بروميتيوس المقيد). إن الحرب الطروادية المشهورة هو أيضاً نتيجة تضرع أم زيفس إلى زيفس أن يعاقب البشر لجرائمهم(جومر،"إلياذا"). وكذلك معروف جيداً أن الإله زيفس، نزولاً عند نصيحة الإله المستهزء موما، قرر القضاء على بني البشر في حرب داخلية، أي بأنفسهم وبأيديهم. في حرب طروادة في البداية قضي على طروادة التي أحرقها اليونان-الآخيين، وبعد ذلك حينما عاد الزعماء المنتصرون إلى الوطن لقوا هم وسلالتهم مصرعهم. سكان طروادة، كما يؤكد العلماء، فرع من السومريين-الحوريين.(41)
لقد قيل عن أفلاطون، الذي كتب عن أتلانتيد "عصرٍ ذهبي" على الأرض، بأنه يوتوبي،ومتخيل، وصانع الخرافات. ولكن الأمر في أن كثيراً مما كتبه وجد صحيحاً، ليس فقط في توقيت موت الجزيرة العظيمة، بل وفي وضعها الجغرافي. إن المعروضات العديدة التي عثرت عليها في قاع المحيط تؤكد أن ذلك الشخص، وفي ذلك الزمان البعيد عنا، كان ذكياً ومقتدراً، ولديه، بمفهومنا اليوم، جهاز تفكير قوي.
في الصحيفة الأسبوعية التي ذكرناها سالفاً(42)، مثلاً، خبر مفاده أن الباحث الأثري م. آشر، عثر في جنوب كاديس(إسبانيا)، على عمق 30 مترا، على بقايا أربعة أبنية مع طريق مرصوف بالحجارة. والهياكل المعدنية الغارقة تحت الماء قرب الشواطيء معروفة أيضاً في الشرقين الأدنى والأوسط، وفي أمريكا الوسطى. كانت الميغاليتيات الشرق الأوسطية (الألف السادس ق.م.)، تعتبر الأقدم سابقاً، ولكن الأطلسية أقدم منهم بكثير.
في بعثة حول العالم لسفينة الأوقيانوغرافيا " تشيلينجر "، التي جرت في الربع الأخير من القرن العشرين، وضعت خارطة لقاع الأطلسي. وقد ظهرت فيها بلد هائل أكبر من أوروبا مساحةً، مع جبال ترتفع لغاية3-4 كيلومترات، على إمتداد من500 إلى 1500 كيلومتر على طول الشاطيء.
في سنة 1979، وجدت سفينة البحث العلمي "الأكاديمي بيتروفسكي" السوفيتية، في شمال الأطلسي، مدينة مهدمة على جبل آمبير، تحت الماء ، ذو القمة المسطحة (القمة تقع تحت سطح الماء على عمق 70 متراً)، ضمن أرخبيل بودكوفي، الواقعة على بعد 300كيلومتر من شبه جزبرة بيريني. هنا تماماً يجب أن تكون أتلانتيد أفلاطون. فقد وجدت هناك ، ميادين، مرصوصة ببلاط من الحجارة، وسلالم وشرف عظيمة مبنية من مكعبات ضخمة والصاعدة إلى وسط الجبال، وكذلك بقايا أبنية وجدران عامودية، تتألف من مكعبات متساوية الزوايا مشبوكة بإحكام بالخرسانة، وميادين إستعراض دائرية الشكل، محاطة بالأسوار، وغيره من المنشآت. وأكدت معلومات هذه البعثة، الرحلات اللاحقة لسفينة البحث العلمي "فيتياز" في سنة 1982-1984، التي أرسلت خصيصاً إلى تلك المنطقة لمتابعة الأبحاث. وقد إحتصلت على مواد فريدة، تبين أن الجبل مع كل الأبنية التي عليها كانت فوق سطح الماء قبل 12 -13 ألف سنة.
وقد بينت بعثات متعددة، لدول أخرى، بأن الجبال تحت الماء في هذه المنطقة، كانت سابقاً فوق سطح المحيط. وتباعاً فإن أتلانتيدا التي تمنت البشرية العثور عليه، طويلاً، قد إستكشفت أخيراً.
ليوما: أليس كثراً هذه الفرضيات والظنون؟ ألا ترى أن كل هذه المعلومات مجتمعةً، ولو أنها لم تفقد بعضاً من المنطق، تبدو، مع ذلك، غير مقنعة تماماً؟
رسلان: إذاً يجدر بنا أن نورد إستنتاجات علمية أخرى للباحثين. فلنعد إلى بداية القرن XXIV قبل الميلاد. في ذلك الوقت، كانت توجد في جنوب الدولة السومرية، على الأقل ثلاث مدن- دويلات: أوروك، أداب، ولاغاش وإلى جانب ذلك كثير من الدويلات الصغيرة تحت سيطرة دويلات أقوى وأكبر والتي كانت قد سعت إلى الحصول، في أحيان كثيرة، على لقب السلطان(الحاكم).
في السنة الألفين قبل الميلاد، على سبيل المثال، كانت العاصمة السومرية، التي ذكرت في الإنجيل، هو أور الـ خالدي. يشهد على حجمه وعظمته وجماله المستكشف الأول لـ أور، العالم الإنجليزي الفذ السيد تشارلز ليونارد فولّي، المشهور بأبحاثه في النوبة والكرخميش في مصر العلوي. أجرى فولّي، على رأس بعثة المنقبين الأثريين للمتحف البريطاني وجامعة بنسلفانيا، في السنين 20-30 من القرن XX، الحفريات قرب إحدي محطات السكك الحديدية البغدادية الكثيرة، التي تبعد 120 ميلاً إلى الشمال من البصرة، وقرب الخليج الفارسي، في منطقة تل المقيّر الصحراوية. (43)
إن أول ما عثر عليه المنقبيون هو معبد، مكون من بقايا خمس هياكل، محاطة بـ زيكورات الملك أور- حامو في نصف دائرة حولها. كانت جدران المعبد سميكة كجدران قلعة. أكبر الهياكل، بمساحة 100X 60 يرداً (اليارد يساوي 91,44 سم)، كانت مخصصة لإله القمر نائين. والآخر - على شرف الآلهة نينغال، زوجة نائين. ولكل هيكل ساحته الداخلية، محاطة بالأبنية المجاورة. وقد حافظت لهذا الوقت النافورة القديمة مع مزرابه الطويل المزفت لصرف المياه. وعلي المائدة الحجرية الكبيرة بقيت آثار السكاكين التي إستعملت في ذبح الأضاحي. وقد شويت هذه، كطعام الأضاحي، على مواقد مطبخ الهيكل. وقد بقيت الأفران أيضاً لخبز الخبز. " بعد 3800 سنة - كتب فولّي في مذكراته، - تمكنا من أن نوقد النار ونعيد تشغيل أقدم مطبخ في العالم من جديد."
منقبوا البعثة الأنجلو- أمريكانية، بعد ثلاث فصول من سنين العمل على السفح الرملي لتل المقيرة، عثروا على مباني المدينة السومرية. " كم عشوا جيداً! وفي أية بيوت واسعة عاش مواطنوها! لم يعثر في أيٍ من مدن ميسوباتاميا على مثل هذه المنازل الجميلة والمريحة. وبالمقارنة معهم فإن بيوت السكن القديمة، التي بقيت في بابليون، بسيطة وفقيرة. أثناء البعثة الألمانية في بداية القرن XX، لم يعثر البرفيسور كلاودي على سوى مباني من طابق واحد ذات غرفتين أو ثلاث غرف، مبنية من الطوب النّي، محاطة بساحة مفتوحة. هكذا عاش الناس حوالي السنة 600 ق.م. في عاصمة نبوخذ نصر، التي تباهوا بها والتي رفعت فوق جميع المدن، - في بابليون العظيمة. في حين عاش مواطنوا أور، قبل هذا الوقت بألف وخمسمائة سنة، في بيوت خلوية كبيرة من طابقين، والتي كانت تتألف من ثلاثة عشر- أربعة عشر غرفة. الطوابق القوية السفلية كانت مبنية من الطوب المحروق، والعلوية من الطوب النّي. والجدران مقصورة بدقة ومطروشة.(44) كان الضيف أو الزائر يدخل خلال الباب إلى غرفة إستقبال صغيرة، حيث يوجد بركة ماء، لغسل الأيدي والأرجل من غبار الطريق. وبعدها كان يدخل إلى الساحة الداخلية، المرصوفة بالحجارة بشكل جميل. وحول الساحة يوجد صالة إستقبال الضيوف، والمطبخ، وغرف المعيشة، ومعبد العائلة. من خلال السلالم الحجرية، التي يحجب خلفها غرفة الخلاء، يصعد الزائر إلى الشرفة، التي يقع على طولها غرف خاص بأفراد العائلة، وغرف للضيوف. لقد كانت أور- خالدي، ذات الجبروت، المزدهرة، والساطعة، والناشطة، عاصمة الألف الثاني قبل الميلاد.
يذكر فولّي أن ثمة فكرة كانت تعكر هدوءه. إبراهيم - شيخ الأنبياء، كما جاء في ألإنجيل، قد جاء من أور - خالدي. وبالتالي فإنه، من المنطق، قد ولد وترعرع في إحدى هذه البيوت الأوروستوقراطية ذات الطابقين. لقد تجول فولّي في الطرق الضيقة، قرب جدران المعبد، ولما رفع بصره لمح بنظرة سريعة برجاً مدرجاً عظيماً بألواحها الحجرية السوداء والحمراء والزرقاء المطوقة بالخشب. "يجب علينا أن نغير بالكامل - كتب فولّي بحماس في يومياته - فكرتنا عن شيخ اليهود القدامى، آخذين بعين الإعتبار أن سنين عمره الأولى مضت في وضع ظريف. إنه كان مواطن في مدينة كبيرة وتلقى عادات الحضارة عالية التطور.
كانت البيوت في أور مريحة بل وفخمة. لقدعثرنا على مدونات للأناشيد، التي ترنّموا بها في المعبد عند العبادة ، وكذلك جداول رياضياتية. في هذه الجداول وجد كل شيء، من عمليات جمع بسيطة إلى معادلات إستخراج الجذور التربيعية والمكعبة. وعلى صفائح أخرى ثبت الكتبة النقوش، التي وجدت على المباني القديمة في المدينة، وبهذا الشكل دونوا تاريخاً مختصراً للمعابد... إن إبراهيم عليه السلام هو ليس بدوياً عادياً، إن إبراهيم هذا هو إبن المدينة العظيمة للألف الثاني ق. م. !"(45). لقد كان هذا الإكتشاف حادث مثير، من الصعب إدراك كل نتائجه، إذ أن السومريون، كما هو معلوم، لم يكونوا من الساميين، وهم - الأجداد القدامى للشيشان والإنجوش - ضمن الإثنية القفقاسية.
من المنطق جداً أن الخالق، سبحانه وتعالى، أرسل إبراهيم وغيره من الرسل بهدف نشر الدين والتثقيف، من مثل هذا البلد رفيع الحضارة، إلى الساميين- البدو، الذين كانوا يندفعون من صحاري الجزيرة العربية، بدون إنقطاع، إلى المدن السومرية والحورية المزدهرة، والمناطق المأهولة الأخرى كالجنان، متلفين كل شيءٍ في طريقهم.
عن منشأ وتاريخ إبراهيم والأنبياء الآخرين يوجد آراء أخرى.
إن الإكتشافات التي قام بها فولّي في الدولة السومرية فيما بعد، 1926- 1928، كانت مدهشة لدرجة أن كل شيء أخر أصبح باهتاً أمامها. " أضرحة ملوك أور" - هكذا، ومن شدة حماسه لمكتشفاته، عمّد فولّي قبور مشاهير السومريين. حقاً كانت أبهة ملوكية : صف الأضرحة الطويلة، المستقرة الواحد على الآخر. كانت الدياميس(الأضرحة) خزائن حقيقية. كانت مملؤةً بكل ما يمكن من الأشياء الثمينة، التي إمتلتكها أور في أيام إزدهارها. كؤوس ذهب للنبيذ وأقداح، أباريق وأواني مدهشة الأشكال، وأواني نحاسية، فسيفساء صدفية، أحجار اللازورد، والأجساد التي أصبحت تراباً محاطة بالفضة. وعلقت على الجدران القيثارات المختلفة. رجل شاب. "بطل بلد الإله"، كما أدلت الكتابة، كان يلبس خوذة ذهبية. مشط ذهبي مرصع بزهرة من أللازورد كانت تزين شعر "السيدة بوآبي" السومرية الجميلة. وحتى في الأضرحة المشهورة لتوت عانخ آمون وغيره من الفراعنة، لم تكن هناك مثل هذه الأشياء الكثيرة. وعدا عن ذلك، فإن "أضرحة ملوك أور" أقدم من المصرية بحوالي ألف سنة على أقل تقدير.
ومدينة أخرى مشهورة، هي ماري، كانت تدّعي المركز الأول في الدولة السومرية، إكتشفها البروفيسور الباريسي، الباحث ألأثري المشهور بارّو. وقد بدأ الحفريات مع مجموعة من العلماء، ومهندسين معماريين، ومساعدين، ورسامين، على بعد سبعة أميال شمال المدينة الصغيرة أبوكمال حالياً ( تل الحريري)، الواقعة بين دمشق ومصول. وفي 23 كانون الثاني سنة 1934 حلت ساعة الحظ للعلوم الأثرية - ظهرت من وسط الأحجار عند الحفر تمثال أنيق، غير كبير، نقش على كتفه اليمنى كتابة : " أنا لامجي- ماري... ملك... ماري... العظيم... كاهن... الذي يكرس (يهدي) تمثاله... عشتار"(46) أدى الملك تحيةً مهيبةً للغرباء من باريس البعيدة، وقدم نفسه لهم... ، كما لو أنه بلباقةٍ أشار إلى الطريق المؤدي إلى مملكته القديمة، القابعة تحت أقدامهم في سبات عميق، والتي لم يكن لدى أحد من علماء باريس أو علماء العالم الآخرين أدنى فكرة عن روعتها وعظمتها. نموذج تمثال بديع - للملك لامجي- ماري منحوت من الحجر. القامة المهيبة مرفوعة على قاعدة. ولكن ليس على ملامح وجهه ألتشامخ والغطرسة الخارقة، المعهودة في صور الملوك الآخرين، ألذين غزوا الشرق القديم - الآشوريين. ولايوجد أي أثر للشراسة والغضب في مظهر لامجي- ماري. ليس لديه سلاح، ويداه موضوعتان بإجلال. ولباسه مزركشة بالأهداب، وكأن أحد الكتفين مفتوح.
إستمرت الحفريات على سفح تل "تل الحريري"، قرب مدينة أبوكمال، في السنوات 1933- 1939 والذي تخللتها فترات طويلة من التوقف، وكشفت كثير من التفاصيل يمت إلى تاريخ الشرق القديم، الذي لم ينتهي كتابته بعد.
ظهر أمام أعين العلماء قصر هائل، لم يشهد له مثيل من قبل، يتألف من 260 غرفة وساحات، مساحته عشرة أكرات(فدان). ونقلت، محملة على قافلة من الناقلات، من أراشيف القصر فقط 23600 لوحة طينية عليها كتابات مسمارية. وقد طغى هذا على الإكتشاف المشهور للألواح المسمارية في نينوى. كان القصر في مدينة ماري سنة 2000 ق.م. أحد أعظم المعالم العالمية، ودرة الشرق القديم في الهندسة المعمارية، الذي إتسع لمئات الناس. كانت جدرانه مزينة بالرسومات الحائطية، وبأقدم الزخارف الميسوباتامية. وهذه أقدم بألف سنة من الرسومات الحائطية الملونة المشهورة على المباني العظيمة لملوك الآشوريين في خورسباد ونينوى ونمرود. وكذلك، ليس هناك أي أثر لروح الإعتداء على صور وتماثيل الملوك الثلاث الآخرين: إبن- إيل، إيدي- ناروم، زيمري- ليم، وسكان مملكة ماري. لقد كانوا مسالمين، وكان إهتمامهم في مجال الدين والطقوس، التجارة والصناعة. وللآن، يلاحظ بارّو، يمكننا أن نرى في التماثيل والصور، كيف تشع وجوههم بالإطمئنان والهدوء.
حوالي 1700 سنة ق.م. غزت جيوش حامورابي المشهور بالضراوة والوحشية وقضت على مملكة ملري العظيمة ودمرت عاصمتها، ومع هذا فقد بقي منها الجدران المدهشة بعظمتها بإرتفاع خمس عشر قدماً... وقبل ذلك، كما ذكر سابقاً، في سنة 1960 ق.م. إنهارت الإمبراطورية ذات الحضارة العالية، وممالك أخرى في الجوار أيضاً، تحت نير الزحوفات من الصحراء العربية الجدباء، للقبائل السامية الرحالة. لقد حطموا أكثر البلدان مسالمة وإزدهاراً، دمروا القصور الأسطورية، والمعابد، وخضم حقول القمح والشعير، وبساتين الفواكهة، وأحراج شجر النخيل، وأشجار التين، والحقول والبساتين الخضراء الباهرة، والقنوات والجداول المستقيمة المصنوعة، المحاطة بالأشباك، التي تعتبر تحفة في نظام الري. وأسس البدو الرحل على أشلائها دول وسلالات ملكية كثيرة.
إحدى هذه الدول بابل - السلالة الأولى، سيطرت في النهاية على بقية الدويلات. وكانت بابل دولة عظمى من سنة 1830- 1530 ق.م.. وملكها السادس - حامورابي ، الذي قضى على ماري، آخر المدن- الدول المتحضرة للسومريين. بينما إحدى عشائر هؤلاء الساميين الرحل، كما ينقل لنا كتاب ف. كيلّلير "الإنجيل كالتاريخ"، كان مقدراً لها أن تصبح "الشعب المختار" وسط ملايين الناس في ذلك الحين وحتى أيامنا هذه. وقد كانت هذه مجموعة صغيرة، ربما كانت عائلة واحدة غير معروفة وصغيرة مثل حبة الرمل في زوبعة الصحراء، - هي عائلة إبراهيم مؤسس بطارقة اليهود.
وعلى كلٍ فإن ف. كيللر وغيره من الباحثين، راضين أو مرغمين، يدحضون هذه التأكيدات ويتناقضون في التفسيرات اللاحقة على أثر الحقائق التاريخية وتأكيدات الإنجيل.
فمثلاً وجدت في مملكة ماري مخطوطات مسمارية تؤكد أن إبراهيم وفاليك وسيروح وناخور عاشوا فيها. ووثائق أرشيف الحوريين القديم في مدينة نوزي من مملكة ميتاني (1500 - 1360) القت الضوء ليس فقط على القوانين القديمة للحوريين، وكذلك على أعمال بطارقة الإنجيل المشروطة من قبلهم. والأمثلة عليها كثيرة. وهذا واحدة منها: إذا بقي الزواج بدون خلف فوجب على الزوجة أن تقدم لزوجها جارية. وهكذا عملت سارة، إذ إقترحت هاجر لإبراهيم(الإصحاح 16:2)، وبعد حين عملت مثلها رحيل التي أعطت زوجها يعقوب خادمتها بالو(الإصحاح 30:3). ومثل هذه العادة تماماً كانت في نوزي. وإذا قارنّا الكتابات في نوزي مع الإنجيل يظهر أنهما متشابهان إلى حد بعيد. ومن هنا الإستنتاج - البطارقة طبقوا عادات الحوريين التي أصبحت شرائع قانونية في القرن XV ق.م.
يلعب الحثيون دوراً هاماً في "العهد القديم". فبين "أبناء الحثيين نصب إبراهيم خيمته قرب خيفرون (أريحا) جنوب هضاب يهودا. وقد إشترى منهم أرضاً حيث دفن إمرأته سارة" (ألإصحاح 23:19). بعد وفاة سارة كانت حيثّورة الزوجة الثانية لإبراهيم(ألإصحاح 25:1).وكان إسم أحد أولادها مدين. ففي العهد القديم عشيرة مدين يسمون في أكثر الأحيان بالـ كينيين الذي يعني "الحدادين". عيساف، في حسرة كبيرة لوالديه إسحق وربيكه تزوج من حثيتين(ألإصحاح 26:34)، والملك داوود نفسه تزوج من حثية(2 الملك:11). يقول لنا النبي عزقيل، أن القدس، لحد ما، بنيت بفضل الحثيين: "... إن جذرك ووطنك - على أرض كنعان، ووالدك - أموري وأمك - حثية".(م3.16:3، 45)(47)
إن الحثيين، الذين ظلوا لمدة طويلة في طي النسيان، ظهروا من جديد في بداية القرن XX في وسط تركيا الحديثة. واليوم معلوم علم اليقين أن الحثيين هي إحدى الشعوب القريبة للسومريين- الحوريين وليس للساميين. اللغة الحثية يدخل ضمن المجموعة القفقاسية الغربية الأولى للغات شمال قفقاسيا، مثل الغة الأديغية والقبرطاي والأبازينية والأبخازية والأوبيخية(المنقرضة الآن).(48)
هناك أدلة كثيرة تؤكد أن مدينة كنعان، التي تعتبر موطن إبراهيم، هي ليست يهودية بل حورية. إذ جاء في ورقة البردى المصرية في القرن XV ق.م. من العمارنة عاصمة أمينخوتيب IV إخناتون أن أرض كنعان دائماً يدعى "حورو"، من تسمية الحوريين. وهكذا فمن المفروض أن الحوريين، على الأقل لمدة طويلة، كانوا منتشرين إنتشاراً واسعاً في جميع أرجاء هذا البلد...
تحتم على الإسرائيليين، عندما دخلوا حوالي سنة 1230 ق.م. إلى كنعان، أن يرضوا بالمنطقة الجبلية - "لم يقدر يهودا أن يطرد سكان الوادي لأنه كان لديهم مركبات حديدية (حكم. 1:19).
إن دولة السومريين ليست فقط موطن الإكتشافات العظيمة في مجال الحياة المادية بل وموطن المجتمع، الذي خلق القدرات القيمة لصعود الإنسان الروحي إلى الأعلى، والإنسانية، وظهور الأنبياء من إبراهيم إلى يعقوب، وأنبل الأبطال - بروميتيوس.
هذا العالم من الذكاء الإنساني لم يترك المرأة منسية، إذ زينت برؤوس بعضهن تيجان الملوك... وقد كانت كاباؤو، التي عاصرت سلالة أوني أكشانا (تقريباً في السنوات 2450 - 2350 ق.م.)، المرأة الوحيدة بين العدد الكبير من الملوك، التي نعرف عنها كحاكمة دولة في سومر القديم. ويمكن إفتراض أن صورة كاباؤو إنعكست في أساطير حقبة الإلينية عن ملكة بابل سميراميد. (49)
"... إستناداً إلى عدد السكان في المدن - الدول السومرية (كان عدد السكان في المدن الكبيرة حوالي الـ 100 ألف نسمة)، في حقبة إزدهار الدولة السومرية، يمكن إفتراض عدد السكان العام وصل إلى 2,5 - 3 ملايين نسمة... " (50)
في الأزمنة الغابرة، كما يخبر العلماء، كان الرجال السومريون يلبسون ربطة حول الفخد على شكل مربع من القماش. وفي منتصف الألف الثالث قبل الميلاد فإن حجم قطعة القماش لم يغط فقط الفخد بل وإن أحد أطرافها قد ألقيت على الكتف أيضاً. وكذلك لباس المرأة كانت عبارة عن قطعة من القماش تلف حول الجسم بشكل تغطى أحد أطرافها اليد اليسرى. ومن فوقها لبسوا رداءً كالعبائة لها فتحات لليدين. والرجال، في أكثر الأحيان كانوا يحلقون رؤوسهم، وفي بعض الأحيان لحاهم أيضاً. وكعادة متبعة، كانوا يغطون رؤوسهم بربطات في أشكال متنوعة. أما في الشمال فكان دارجاً صنف من القبعات. والنساء كن ينشرن شعرهن إلى الوراء ويربطينها (بالشرائط أو بشريحة من المعدن)...
أما طبقة النبلاء فكانوا يرتدون لباساً زاهية وثمينة. والحكام والأرستقراطيون كانوا يستعملون الشعر المستعار أو غطاء للرأس (خوذة)، مطروقة على شكل باروكة. وكانت النساء من الطبقة الأرستقراطية يلبسن أغطية للرأس معقدة، يتكون من أكاليل معدنية، ودبابيس، وتيجان، وأزهار الخ. واستعملوا للحلى مختلف أنواع العقود من الخزر والمصوغات الصغيرة المقلدة. ولم يستعمل السومريون من الأحذية، تقريباً، غير الصندل على شكل نعل مربوط على الرجل.
".... وإن كان لدى حكام الدول - المدن فصائل من الحرس دائمين، فقد ظلت الطبقة الأستقراطية للعشائر، ومن ضمنها فئة الكهنة، محافظة على مواقعها في المجتمع. إستمر مجلس الشيوخ - هيئة السلطة، وقبل كل شيء الطبقة الأرستقراطية، في لعب الدور الهام في الدولة. فمثلاً، بدأ الحملات العسكرية أو عدم بدأها كانت منوطة بها." (51)
السكان في الأساس عملوا في الزراعة، والصناعة الحرفية كانت متطورة. كانت التبادل والتجارة تلعب دوراً خاصاً، مما أصبح حافزاً لبدأ التداول بالعملة. في البدأ حلّت الفضة والنحاس ونادراً الذهب محل الحبوب. أشكال الملكية كانت: الملوكية، الطائفية (المشاع)، الكنائسية، الخاصة. فمثلاً، أحدهم وإسمه دادا كان يملك معامل للجوخ، ونسيج، وصناعة السفن.(52) حسبما تخبرنا الكتابة المسمارية فإن السومريين بنوا سفناً للملاحة البحرية المتواصلة بين الموانيء، حتى الموانيء المصرية والهندية. أصبحت سومر غنية بسبب التجارة وربطت بنفسها الدول والشعوب الأخرى في ذلك الوقت عن طريق البضائع وليس بالقوات العسكرية، مع أن الدول - المدن كثيراً ما كانت تحارب بعضها البعض. ومشهور عن الحروب الدامية مع السلالات الأكادية، الذين حكموا هنا لمدة 200 عام. يقارن الخبراء وضع سومر في عالم ذلك الوقت، بمعنىً مجازيٍ محدود، ببريطانيا في النصف الأول من القرن XIX، أو اليابان في نهاية القرنXX ، داعياً إياهم بـ" مهرة العالم"...
يتبع



#رسلان_ناشخويف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سعودي يوثق مشهد التهام -عصابة- من الأسماك لقنديل بحر -غير مح ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل ضرباته ضد أهداف تابعة لحماس في غزة
- نشطاء: -الكنوز- التي تملأ منازلنا في تزايد
- برلين تدعو إسرائيل للتخلي عن السيطرة على غزة بعد الحرب
- مصر تعلن عن هزة أرضية قوية في البلاد
- روسيا تحضر لإطلاق أحدث أقمارها لاستشعار الأرض عن بعد (صور)
- -حزب الله- يعلن استهداف ثكنة إسرائيلية في مزارع شبعا
- كييف: مستعدون لبحث مقترح ترامب تقديم المساعدات لأوكرانيا على ...
- وسائل إعلام: صواريخ -تسيركون- قد تظهر على منظومات -باستيون- ...
- رئيس الوزراء البولندي: أوروبا تمر بمرحلة ما قبل الحرب وجميع ...


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - رسلان ناشخويف - لغز - بحارمات - (3) (بروميتيوس – إله النار عند الإغريق) حوار عن أشياء غير إعتيادية