خارطة الشرق الاوسط الجديد... جورنيكا التي رسمت بأيدينا

كريم ناشور

الحوار المتمدن-العدد: 3956 - 2012 / 12 / 29 - 22:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

عندما امسك الجنود الالمان بالفنان العالمي بيكاسو في أيام الحرب العالمية الثانية سألوه عن لوحة الجورنيـــكا تلك اللـــوحة التي خلدت الدمـــار الذي أحدثه الطيران الالماني للمدينة الاسبانية الجميلة أنت الذي رسمت الجورنيكا ؟
أجابهم: بل انتم .
واليوم بعد أن وضعت اميركا لمساتها الاخيره على خارطة الشرق الاوسط الجديد وقد لاحت تضاريسها المفجعة بكل وضوح ربما سنجد الكثير مــــن العرب سيسأل اميركا وببلاهة مفرطه انت من رسمت خارطة الشــــــــرق الاوسط الجديد؟ وستجيبنا اميركا بأبتسامه لاتضاهيها أبتسامة الموناليزا : بل أنتم .
لقد رسمها دهاقنة السياسة الذين تمتلىء بهم الفضائيات حيث يطلون علينا كل مساء بوجوههم المنتفخة وافكارهم الكريهه وينثرون في وجوهنا هراءهم المتطاير من افواههم دون ان نعرف ماذا يريدون ؟ ولماذا هم غاضبون .
وقد رسمها رجل الدين الذي يغذي مريديه بمصل الحقد والكراهية لكل من لايتبع اراءه المريضه ولكل من يخالف احكامه هو وفتاواه .
وقد رسمتها فضائيات التدمير المنهجي لأسس المنظومة القيميه للنسيج المجتمعي في بلادناومحاكاتها لاكثر المناطق اسوداداً في غرائز جمهورها من خلال شيطنة الخبر والصوره والحوار .
وقد رسمها المثقف العربي بهشاشته وضعفه وتخاذله وانزوائه ونرجسيته وبكل امراضه المستعصيه ... حينما اخلى مكانه طائعاً للسماسره والافاقين والسراق كي يقودوا الشعب المسكين الى هولوكوست كارثي لانقوى على تحديد مدياته وافاقه . ومثقفنا العربي اليوم مشغول بالحداثة اكثر من انشغاله بتحقيق وجود اصيل له في هذه الحياة وهو غير مستعد لخسارة اظفر من اظفاره للظفر بمستقبل لائق لأبناء شعبه بعد ان كان مثقفي القرن الماضي يقدمون رقابهم من أجل حلم وكانوا يغيرون الانظمة كما يغيرون أحذيتهم كما يقول بريشت .
نحن جميعاً اسهمنا في رسم جحيمنا الجديد ... بسكوتنا او بثرثرتنا... بجهلنا اوبشيطنتنا ... وليس علينا ان نسأل اميركا انت من رسم خارطة الشــــــــرق الاوسط الجديد؟ لان الجواب هو ان نعيد قراءة هذا الهراء من جديد ..

#كريم_ناشور (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل