أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نادين عبدالله - الدستور المصرى والبولندى: اختلافات ودروس














المزيد.....

الدستور المصرى والبولندى: اختلافات ودروس


نادين عبدالله

الحوار المتمدن-العدد: 3955 - 2012 / 12 / 28 - 02:09
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    



تناقلت شبكات التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام نسبة التأييد التى حصل عليها الدستور البولندى فى 1997، والتى لم تتعد نسبة 53.5%. كان الهدف من المقارنة هو إقناع المواطنين بأن نسبة تأييد صغيرة للدستور المصرى الجديد لن تهز شرعيته - فلن يعنى ذلك بالضرورة المساس باستقرار البلاد أو انقسامها. ولكننا نعتقد، للأسف، أن هذه الرؤية قاصرة إذا ما أردنا تطبيقها على الحالة المصرية لأنها تغفل ببساطة الاختلاف بين الحالتين فيما يتعلق بالسياق السياسى والاقتصادى على السواء، بل دلالاته على أرض الواقع.

فعلى الصعيد السياسى، لم يكن الهدف من إقرار دستور 1997 البولندى سوى مأسسة قواعد سياسية ومجتمعية متفق عليها ومترسخة بالفعل منذ 1989. ففى هذا العام قامت حركة «تضامن الثورية» - التى ضمت ما يقرب من 10 ملايين مواطن - بإضراب عام موسع شل البلاد وأجبر الحزب الشيوعى الحاكم على الدخول فى مفاوضات معها.

كان من الممكن أن يتحول النزاع إلى معركة صفرية لو دخل النظام فى عمليات قمع وحشية أو إذا استمرت المعارضة فى التصعيد ورفضت الحوار، إلا أن كليهما اختار أن يتنازل كى ينقذ البلاد من الدماء والخراب. وهنا عقدت مفاوضات المائدة المستديرة بين الطرفين فأبرما اتفاقاً تاريخياً دشن قواعد جديدة لإدارة اللعبة السياسية، وأقر حزمة الإصلاحات المؤسسية المطلوبة، فتحقق الاستقرار المنشود. إذن، لم يكن الهدف من دستور 1997، وبالعكس الصحيح للحالة المصرية، هو صياغة عقد اجتماعى جديد بل فقط ترسيخه بعد مرور عدة سنوات مستقرة من صياغته.

أما على الصعيدين الاقتصادى والاجتماعى، فلم يكن الهدف من دستور 1997 هو تحقيق توافق مجتمعى يعطى شرعية سياسية مستقبلية للنظام مثلما الحال مع الدستور المصرى. فمنذ فوز «لاخ فاونسا» رئيس حركة تضامن فى بولندا فى الانتخابات الرئاسية فى 1991 تمتع بشرعية كبيرة مكنته من إجراء إصلاحات اقتصادية مؤلمة تقبلها شعبه رغم ما خلفته من مشكلات اجتماعية ثقيلة على المدى القريب «ما يزيد على مليون عاطل فى أقل من سنتين». فهل تمتلك السلطة التنفيذية المصرية نفس الشرعية؟ بالطبع لا، وإلا ما تفسير عدم قدرتها على اتخاذ أى قرار اقتصادى غير شعبى؟ وما هو تفسير رجعوها فى قراراتها لمرات متتالية؟ الحقيقة هى أن الانتصار فى معركة الاقتصاد يستلزم أدوات، أجهزت المؤسسة الرئاسية على جميعها فى الاستفتاء الدستورى.

بالطبع، لابد أن تكون قرارات «التقشف» الاقتصادى المرتقبة «لو لم يكن هناك بدائل أخرى» محل رضا فئات الشعب المختلفة لو بغت السلطة نجاحها. فالإقدام على مثل هذه الخطوات الصادمة اجتماعياً بلا غطاء سياسى اجتماعى، وبلا حد أدنى من التوافق المجتمعى «بعد تمرير دستور يرفضه ما يزيد على 36% من الشعب المصرى» سيعجل ببساطة بالسخط العام. وتزداد الأمور صعوبة فى الوضعية المصرية إذا عرفنا أن نسبة المشاركة فى هذا الاستفتاء لم تتعد 32% فى أقصى الحدود. بالتأكيد، لهذه النسبة دلالة خطيرة: فعلياً، الشارع المصرى خارج نطاق سيطرة جميع القوى السياسية الإخوانية والسلفية والليبرالية بما أن حوالى 68% من المواطنين لم يستجيبوا لدعوات الحشد بـ«نعم» أو «لا» لأى من الأطراف.

ولهذه الأسباب نعتقد أن مصر فى أمس الحاجة حاليا ليس لإجراء مقارنة مع نتائج إقرار دستور1997 البولندى بل بالأكثر للبحث وراء أسباب نجاحه، المتمثلة فى كلمة واحدة سحرية هى «مفاوضات المائدة المستديرة». نعم، مصر تحتاج الآن إلى مثل هذه المفاوضات وبنفس شروطها. باختصار وأخيرا، من المهم أن يعى النظام الإخوانى أن الهدف من مثل هذا الحوار هو إصلاح ما فسد من قواعد إدارة اللعبة السياسية وإعادة رسمها مجددا بطريقة توفر له من جهة الغطاء الذى يحتاجه، بشرط ضمان الديمقراطية والفاعلية الاقتصادية «غير المتوافرة فى الحكومة الحالية»، وتوفر للمعارضة، من جهة أخرى، التعديلات الدستورية والضمانات الانتخابية والسياسية التى تسعى إليها.



#نادين_عبدالله (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف تلعب الجماعة ضد مصالحها؟
- ثلاث أساطير إخوانية بشأن الدستور واستفتائه
- الحركة النقابية بين براثن الاستبداد


المزيد.....




- برق قاتل.. عشرات الوفيات في باكستان بسبب العواصف ومشاهد مروع ...
- الوداع الأخير بين ناسا وإنجينويتي
- -طعام خارق- يسيطر على ارتفاع ضغط الدم
- عبد اللهيان: لن نتردد في جعل إسرائيل تندم إذا عاودت استخدام ...
- بروكسل تعتزم استثمار نحو 3 مليارات يورو من الفوائد على الأصو ...
- فيديو يظهر صعود دخان ورماد فوق جبل روانغ في إندونيسيا تزامنا ...
- اعتصام أمام مقر الأنروا في بيروت
- إصابة طفلتين طعنا قرب مدرستهما شرق فرنسا
- بِكر والديها وأول أحفاد العائلة.. الاحتلال يحرم الطفلة جوري ...
- ما النخالية المبرقشة؟


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - نادين عبدالله - الدستور المصرى والبولندى: اختلافات ودروس