أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهية خليل - مقعد في مكان عام














المزيد.....

مقعد في مكان عام


زهية خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3950 - 2012 / 12 / 23 - 19:57
المحور: الادب والفن
    


مقعد قي مكان عام
جلست على مقعد مهترئة جوانبه في حديقة عامة بعد أن قررت أن اقضي الوقت حتى يحين موعدي مع صديقتي , أخذت أجول بناظري في المكان ,حيث كانت أوراق الشجر الجميلة بالألوان المتعددة كألوان الزهر احمر واصفر واخضر تكسو الأرض, وتعطي جمالا خلابا وأخذت أنفاسي ترتاح في صعودها وهبوطها, تداعب أفكاري حول الحياة والجمال في الكون والرغبة في التغيير كالأشجار , كي لا يقف القلب عند ماضيه, وتتوقف الرغبات , ويكسو الموت أجنحة الانطلاق والإحساس بالحرية , لحظة الاستقلال حينما نكبر وتكبر الأشياء معنا إما بالزمن أو تشيخ بالأفكار أو تتآكل في محتواها وتبهت رونق الأشياء, ..ولكن لغة الشجر تساوقت مع أفكاري حول التغيير من اجل اكتشاف لغة الأشياء من جديد, وبهدوء بعد أن ترك الأولاد أماكنهم وهاجروا لاماكن أخرى لم يودعوها على أمل الرجوع إليها, ولكن رجوعهم لم يحمل موعد بل حمل كل معان الهجران والوجع والنسيان , ولطالما فكرت في قدرتهم على نسيان وجهي الذي حاصرهم طوال أعوام عديدة , وحضني الذي لم يغادرهم سوى في الواقع, إنهم أجساد انفصلت عن جسدي ولكن مازلت أتحسس أيديهم وأتنفس أنفاسهم واشتم روائحهم ورائحتهم , يالهم من أطفال رائعين تملكتهم الشقاوة والعفرتة ..وتملكني معهم الصبر والحب حتى كدت أدمنهم واخنق أحلامهم وأفكارهم من شدة ما أغلقت حضني بهم ,ولكنهم باغتوني وتحرروا من ذلك الحضن الذي مازال يحتفظ بنفس الدفء والمكان والشكل حتى أشفق على نفسي وأتحول لطفل يدخله ثم يخرج من شدة حرارته .
وتخيلت أولادي كيف تكون أحضانهم مع أطفالهم , وكيف تسير الحياة للأمام دون الرجوع , ولم يكسر جمال مخيلتي سوى صوت سيدة أزاحتني دون استئذان جلست بجانبي , يعلو صوت أطفالها الخمسة حولها ,وأصبحت تصرخ وتنهرهم ..
- ابتعدوا عني اذهبوا والعبوا ..حلو عني ..
جاء أصغرهم لها يبكي وأخذت تنهره :
- مفيش فلوس روح مش راح اشتريلك بوظة .
ولكنه رفض أن يتركها وكلما نهرته التصق بها أكثر, تذكرت حينها قول صديقتي حينما مررنا بطفل يبكي ويلحق بأمه وهي غير مكترثة , قالت لي صديقتي وهي تضحك :
-.سيبقى هذا الطفل طوال عمره يلاحق أمه وهي تصده وسيكون حريص على رضاها بينما نحن الذين نجري وراء أطفالنا ونعطيهم عواطفنا سنبقى نجري وراءهم ليعطونا
حينها ضحكت مطولا ونهرتها بأن هذه الملاحظة ليست قانونا نفسيا لتفسير علاقات البشر , ولكن إحساس الشفقة تملكني على الطفل ونسيت حينها أن أشفق على نفسي ..فالمشهد يتكرر دائما, الشيء ونقيضه وتدور حوله أقدار العلاقات البشرية بشكل أو بآخر ,
ازدادت الأصوات حولي ولم انعم بالهدوء الذي حلمت به وأنا قادمة من بيتي كي أتنفس طعم الحرية والهواء المنعش ..لأجد تلك المرأة تنتهك خصوصية المكان وتكرر دورة الحياة ..مددت يدي بشواكل معدودة وأعطيتها للطفل كي تنعم الأشجار بالهدوء مقابل قليل من البوظة , خرجت وفي طريقي كان الطفل أمام عربة البوظة يزاحم إخوته الذين شاركوا فمه نفس لحسة البوظة ..وتناثرت البوظة مع الصراخ , الذي تتبعني حتى وصلت لمكان صديقتي التي استقبلتني بابتسامة مشرقة لنبدأ يوما بذكريات جميلة وجديدة .



#زهية_خليل (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ملاك
- امرأة مهزومة


المزيد.....




- فرقة موسيقية بريطانية تقود حملة تضامن مع الفنانين المناهضين ...
- مسرح تمارا السعدي يسلّط الضوء على أطفال الرعاية الاجتماعية ف ...
- الأكاديمي العراقي عبد الصاحب مهدي علي: ترجمة الشعر إبداع يوط ...
- دراسة تنصح بعزف الموسيقى للوقاية من الشيخوخة المعرفية.. كيف؟ ...
- كتّاب وأدباء يوثقون الإبادة في غزة بطريقتهم الخاصة
- حين أكل الهولنديون -رئيس وزرائهم-.. القصة المروّعة ليوهان دي ...
- تكريم الإبداع والنهضة الثقافية بإطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عي ...
- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - زهية خليل - مقعد في مكان عام