أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله العبادي - اغتراب الذات عن الواقع














المزيد.....

اغتراب الذات عن الواقع


عبدالله العبادي
الكاتب الصحافي


الحوار المتمدن-العدد: 3949 - 2012 / 12 / 22 - 23:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



جاءت الحقبة الاستعمارية لتكتب ميلاد مجتمع إشكالي، بدأت تبرز فيه الشخصية (في العالم العربي) كصيغة مفتوحة على كل الأشكال والتيارات والايديولوجيات، وكانت النكبة واحتلال الارض وهزيمة حزيران وتضاؤل فرص الوحدة، كلها انتكاسات لاحقت مشاهد السقوط المفجع وانهيار بعض المسلمات ويقينياتها عبر أشلاء الأزمنة المتداخلة والمكتسِبة لمعانيها في البحث عن فضاءات جديدة للتعبير والوجود الذاتي. فاصبحت الثقافة وهي احدى مكونات الذات مستهدفة من سياسات عدائية او وطنيين انفسهم باسم العلم وباسم ما يسمى تقدما تكنولوجيا وانبهارا بالنموذج الغربي.
حملت حقبة ما بعد الاستعمار بعض مؤشرات التجاوز، وأُريد لها ان تكون مرحلة القطيعة مع ماضي الانحطاط، فبدت الهوية وكانها تبحث لها عن مكان امن يقيها شر الرياح الخارجية العاتية. واقترنت الذات بالانكسارات المتتالية فكانت الانتاجات الفكرية والرؤى المطروحة انذاك تضرب في اعماق الذات للفرد والجماعة وتعري حالات القمع والقهر والخوف والسلطة والوصاية لتظهر واقعا مترديا اريد له الاستمرار. بالنسبة للبعض كان عهد الانحطاط قد ولى وصاروا يؤمنون بمرحلة تاريخية جديدة والبعض الاخر كان يرى ان الواقع ثابت والامور تمشي بشكل دائري.
بين هؤلاء واولئك كانت االذات الفردية او الجماعية تخضع لموازين القوى تارة يسارية وتارة قومية وتارة..... فاغتربت عن الواقع وعن التربة التي نشات فيها، فكانت ضحية لفساد سياسي واقتصادي واجتماعي مهد الطريق لانحلال اخلاقي وفساد القيم الانسانية وانحطاط الكرامة. عبر نجيب محفوظ عن هذه الشخصية في رواياته العديدة في زمن ساد فيه الفساد وظهرت الزبونية وامتزج المدنس بالمقدس في الشخصية العربية الكارتونية المركبة.
يشير أريك فروم في كتابه خوف الحرية إلى مخاطر فقدان الذات وإحلال ذات أخرى مكانها، يقول : "إن فقدان الذات وإحلال ذات مكانها يدفع الفرد إلى حالة من انعدام الاطمئنان، فالشك يلاحقه ، إذ أنه أساساَ مرآة لتوقعات الآخرين منه بينما هو فقد هويته إلى حد كبير ، وفي سبيل تجاوز الهلع الناتج عن خسارة الهوية هذه نراه مضطراَ للبحث عن هوية ما من خلال قبول واعتراف مستمرين به من قبل الآخرين."
الثقافة في مفهومها العام حصيلة انتاج شعب او امة، انها المخيلة الجماعية للافراد، انها حصن التمييز عن الاخر. وتبقى الثقافة احد العوامل التي تحفظ لجماعة او امة ما انسجامها وتماسكها من الانحلال والتفتت، فليست هناك ثقافة متخلفة واخرى متقدمة بل هناك اختلاف ثقافي، ولكل ثقافة خصوصياتها ونقط قوة تنفرد بها عن الاخرى.
الكل يعي جبروت المشروع الغربي وما يشكله من خطر دائم على الثقافات الاخرى حيث يحاول نزع كل مقوماتها باسم العولمة ونشر التقدم والحضارة، وفي الان نفسه يعي ما تمثله الذاتية الثقافية للامم من خطر على مشروعه والتي تقف سدا منيعا لمحاولات السيطرة. وحين ينظر الى الثقافة فقط من خلال عنصري العلم والتقدم التكنولوجي تفقد الثقافة شموليتها التاريخية وذاكرتها الجماعية لامة ما.
في الوقت نفسه، الحرص على الموروث الثقافي لا يعني باي شكل من الاشكال الانغلاق والرجوع الى الوراء، بل على الامة لاغناء معارفها الانفتاح على الثقافات والحضارات الاخرى مستمدة وعيها من الجذور والموروث الثقافي الخاص بها. فالوعي الثقافي والمعرفي هو بالاساس وعي بالخصوصية الثقافية الجماعية. والحرص على الخصوصية الثقافية هو الضامن الحصين للهوية القومية، والتي يتداخل فيها الديني بالاجتماعي بالاقتصادي وبالسياسي. وفي حالة فقدان الهوية الذاتية نرى الامة او الجماعة تهرول لتقمص ذوات اخرى لتكون مقبولة من طرف الاخرين وللاحساس بنوع من الاطمئنان وابعاد شيئا ما الخوف والشك الذي خلفه فقدان الذات.
فلن تجدي سياسة الانصياع وراء الاخر ونكران الذات في شيء، ولا سياسة الصم البكم وغمر الراس بالرمل في شيء.
"نملك ماضيا غنيا وحاضرا بئيسا وبامكاننا صنع مستقبلا زاهرا" عبدالله العبادي



#عبدالله_العبادي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في انتاج الهيمنة الطبقية
- صناعة السلطة في الوطن العربي
- في نقد الأزمة
- طفولة مهمشة أم مجتمعات قاصرة؟ وجهة نظر سوسيولوجية
- أزمة مهمشين أم أزمة نخب عربية ؟
- أسئلة سوسيولوجية في فكر الإقصاء التعليمي
- وظيفة المدرسة والرأسمال الثقافي للطفل - الجزء الثاني
- وظيفة المدرسة والرأسمال الثقافي للطفل - الجزء الأول
- مدرسة إعادة إنتاج الطبقات - الجزء الثاني
- مدرسة إعادة إنتاج الطبقات - الجزء الاول
- نحو اعادة التفكير في مفهوم الاسرة والتربية
- مثقفوا الزمن الرديء
- مسالة المدرسة: الوصل والفصل بين التربية والتنمية
- التربية رأس مال مصير الانسانية


المزيد.....




- -طائر مضرّج بالدماء- بين الصور الفائزة بمسابقة مصوّر الطيور ...
- بسمة بوسيل تختار الأسود لإطلالتها في أسبوع الموضة الباريسي
- فيديو يظهر لحظة انهيار جزئي لمبنى شاهق في برونكس بأمريكا
- -أسطول الصمود-.. لحظة اعتراض قوات الجيش الإسرائيلي عدة سفن ك ...
- شاهد.. احتجاجات عالمية بعد اعتراض الجيش الإسرائيلي لـ-أسطول ...
- -جيل زد- في المغرب: خلفيات الاحتجاجات وسيناريوهات المستقبل
- مقتل شخصين في اليوم الخامس من المظاهرات في المغرب
- لمن يميل ميزان القوة العسكرية بين تركيا وإسرائيل؟
- هل يشعل أوهورو وروتو سباق الرئاسة في كينيا مبكرا؟
- اصطدام طائرتين إقليميتين لشركة -دلتا- بمطار في نيويورك.. إلي ...


المزيد.....

- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله العبادي - اغتراب الذات عن الواقع