أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ميس بسام صالحي - وضع المرأة في قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960















المزيد.....



وضع المرأة في قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960


ميس بسام صالحي

الحوار المتمدن-العدد: 3949 - 2012 / 12 / 22 - 18:17
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


بحث بعنوان
وضع المرأة في قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960
اسم الباحثة: ميس صالحي


فهرس المحتويات
إشكالية البحث.........................................................................1
نطاق البحث...........................................................................2
منهجية البحث.........................................................................2
خطة البحث............................................................................3
المبحث الأول: الأساس القانوني لتطبيق مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة..............4
المطلب الأول: الأساس القانوني للمساواة في القانون الفلسطيني..............................4
الفرع الأول: وثيقة إعلان الاستقلال. ..........................................................4
الفرع الثاني: القانون الأساسي المعدل لسنة 2003.............................................6
الفرع الثالث وثيقة حقوق المرأة الفلسطينية.....................................................7
المطلب الثاني: الأساس القانوني لاحترام مبدأ المساواة في الإعلانات و المواثيق الدولية.......7
الفرع الأول: إلزام السلطة الوطنية الفلسطينية باحترام المواثيق و الإعلانات الدولية...............7
الفرع الثاني: المواثيق و الإعلانات الدولية الملزمة للمساواة و عدم التمييز ضد المرأة............8
أولا: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 1948....9
ثانيا: اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو)..............................12
المبحث الثاني: مخالفة قانون العقوبات الفلسطيني للقانون الأساسي المعدل لسنة 2003 و الإعلانات و المواثيق الدولية........................................................................15
المطلب الأول: التمييز ضد المرأة في الفصل الثاني من الباب السادس – الجرائم التي تمس الأسرة...16
الفرع الأول: في النصوص المتعلقة بالزواج و تكرار الزواج.......................................17
أولا: المادة (279) في الجرائم المتعلقة بالزواج...................................................17
ثانيا: المادة (280) في تكرار الزواج............................................................19
الفرع الثاني: النصوص المتعلقة بالزنا...........................................................21
الفرع الثالث: النصوص المتعلقة بسفاح القربى...................................................24
المطلب الثاني: التمييز ضد المرأة في الباب السابع- الجرائم المخلة بالأخلاق و الآداب العامة مع استثناء الفصل الثاني..........................................................................................25
الفرع الأول: النصوص المتعلقة بالاغتصاب.....................................................25
الفرع الثاني: النصوص المتعلقة بالخطف بالحيلة الإكراه و الإغواء و المداعبة المنافية للحياء......28
الفرع الثالث: النص المتعلق بإيقاف الملاحقة الجنائية............................................29
الفرع الرابع: النصوص المتعلقة بالإجهاض.......................................................30
المطلب الثالث: في الباب الثامن في الجنايات و الجنح التي تقع على الإنسان: العذر المحل.....32
الخاتمة.................................................................................35
النتائج..................................................................................36
التوصيات...............................................................................37
قائمة المصادر و المراجع................................................................38


مقدمة
في ظل التسلسل التاريخي للقوانين الفلسطينية و التطورات التي حصلت محليا و دوليا فيما يخص موضوع المساواة بين المرأة و الرجل بالأخص، لا يزال قانون العقوبات الأردني رقم (16) لعام 1960 الساري في الضفة الغربية، بحكم اتفاقية ضم الضفة الغربية إلى الأردن بعد نكبة عام 1948 ، هو القانون النافذ. و يعتبر قانون العقوبات النافذ من القوانين التي تفرض أحكاما تختلف فيما إذا كان الفاعل أو الضحية ذكرا أم أنثى، دون مراعاة لما جاء بعد ذلك من قوانين أعلى كالقانون الأساسي و الاتفاقيات و المعاهدات الدولية التي نصت على الالتزام بالمساواة بين المرأة و الرجل بشكل عام، و عدم التمييز بينهم في أي من الميادين و الميدان الجنائي بشكل خاص.
من خلال الضغط الذي مارسته بعض المؤسسات النسوية لإجراء تعديلات على قانون العقوبات الأردني النافذ في الضفة الغربية، تم العمل على مشروع قانون عقوبات فلسطيني جديد يتطرق إلى المشكلات التي واجهت القانون النافذ فيما يخص مكانة المرأة من ذاك التشريع. و لم يتم حتى الآن إقرار قانون عقوبات جديد من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية، إلا انه تم تعديل المادة (340) من هذا القانون و التي تتعلق بالعذر المحل عام 2011 من خلال قرار بقانون أصدره محمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، بحكم المادة 43 من القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 و التي تعطيه هذه الصلاحية في حالة الضرورة ، نتيجة للانقسام الذي يسود الأراضي الفلسطينية منذ عام 2006 و الذي يمنع المجلس التشريعي من الانعقاد بنصابه القانوني لإجراء التعديلات اللازمة.
ستقوم الباحثة من خلال هذا البحث بدراسة مواد معينة من قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960 دراسة تحليلية بهدف الوصول إلى نتيجة ما إذا كانت مواد هذا القانون تتوافق مع القانون الأساسي المعدل لسنة 2003، و الاتفاقيات و المعاهدات الدولية التي تطرقت إلى موضوع عدم التمييز على أساس النوع الاجتماعي، بالأخص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (CEDAW).
إشكالية البحث
ما مدى توافق قانون العقوبات فيما يخص عدم التمييز بين الرجل و المرأة مع القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 و الاتفاقيات و المعاهدات الدولية؟
نطاق البحث
سيتناول هذا البحث قانون العقوبات الأردني رقم 16 لسنة 1960 و النافذ في الضفة الغربية، في بابه السادس (الجرائم التي تخص الأسرة) و السابع (الجرائم المخلة بالأخلاق و الآداب العامة مع استثناء الفصل الثاني) و الثامن (الجنايات و الجنح التي تقع على إنسان) و مقارنته مع القانون الأساسي الفلسطيني المعدل لسنة 2003؛ و اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) و التي اعتمدت في 18 ديسمبر من العام 1979 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة؛ و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و الذي اعتمد بتاريخ 10 ديسمبر من العام 1948 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة
منهجية البحث
سيتم إتباع المنهج الوصفي التحليلي المقارن. حيث سيتم عرض نصوص مواد معينة من قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960 و تحليلها و مقارنتها مع كل من نصوص المواد في القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 و الاتفاقيات الدولية التي تختص في موضوع المساواة بين الرجل و المرأة.

خطة البحث
المبحث الأول: الأساس القانوني لتطبيق مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة.
المطلب الأول: الأساس القانوني للمساواة في القانون الفلسطيني.
الفرع الأول: وثيقة إعلان الاستقلال.
الفرع الثاني: القانون الأساسي المعدل لسنة 2003.
الفرع الثالث وثيقة حقوق المرأة الفلسطينية.
المطلب الثاني: الأساس القانوني لاحترام مبدأ المساواة في الإعلانات و المواثيق الدولية.
الفرع الأول: إلزام السلطة الوطنية الفلسطينية باحترام المواثيق و الإعلانات الدولية.
الفرع الثاني: المواثيق و الإعلانات الدولية الملزمة للمساواة و عدم التمييز ضد المرأة.
أولا: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 1948.
ثانيا: اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).
المبحث الثاني: مخالفة قانون العقوبات الفلسطيني للقانون الأساسي المعدل لسنة 2003 و الإعلانات و المواثيق الدولية.
المطلب الأول: التمييز ضد المرأة في الفصل الثاني من الباب السادس – الجرائم التي تمس الأسرة.
الفرع الأول: في النصوص المتعلقة بالزواج و تكرار الزواج.
أولا: المادة (279) في الجرائم المتعلقة بالزواج.
ثانيا: المادة (280) في تكرار الزواج.
الفرع الثاني: النصوص المتعلقة بالزنا.
الفرع الثالث: النصوص المتعلقة بسفاح القربى.
المطلب الثاني: التمييز ضد المرأة في الباب السابع- الجرائم المخلة بالأخلاق و الآداب العامة مع استثناء الفصل الثاني.
الفرع الأول: النصوص المتعلقة بالاغتصاب.
الفرع الثاني: النصوص المتعلقة بالخطف بالحيلة الإكراه و الإغواء و المداعبة المنافية للحياء.
الفرع الثالث: النص المتعلق بإيقاف الملاحقة الجنائية.
الفرع الرابع: النصوص المتعلقة بالإجهاض.
المطلب الثالث: في الباب الثامن في الجنايات و الجنح التي تقع على الإنسان: العذر المحل.


المبحث الأول: الأساس القانوني لتطبيق مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة.
سيتم من خلال هذا المبحث دراسة الأساس القانوني لتطبيق مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة في فلسطين من خلال القانون الفلسطيني أولا الذي يتفرع عنه وثيقة إعلان الاستقلال و القانون الأساسي المعدل لسنة 2003، بالإضافة إلى وثيقة حقوق المرأة الفلسطينية. ثم سيتم بعد ذلك دراسة الأساس القانوني لالتزام السلطة الوطنية الفلسطينية بتطبيق المعاهدات و الاتفاقيات الدولية في القوانين الوضعية من خلال دراسة كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
المطلب الأول: الأساس القانوني للمساواة في القانون الفلسطيني.
الفرع الأول: وثيقة إعلان الاستقلال.
تعتبر وثيقة إعلان الاستقلال الصادرة عن المجلس الوطني التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية في تاريخ 15-11- 1988 و التي تعتبر الوثيقة الأهم في تاريخ فلسطين مما تحمله من مبادئ أساسية و حقوق و حريات عامة للفلسطينيين لا يجوز التنازل عنها ، الأساس الأول لمبدأ المساواة بين الرجل و المرأة في القانون الوطني الفلسطيني، حيث نصت على "إن دولة فلسطين هي للفلسطينيين أينما كانوا فيها يطورون هويتهم الوطنية و الثقافية، و يتمتعون بالمساواة الكاملة في الحقوق، تصان فيها معتقداتهم الدينية و السياسية و كرامتهم الإنسانية، في ظل نظام ديمقراطي برلماني يقوم على أساس حرية الرأي و حرية تكوين الأحزاب و رعاية الأغلبية حقوق الأقلية و احترام قرارات الأغلبية و على العدل الاجتماعي و المساواة و عدم التمييز في الحقوق العامة على أساس العرق أو الدين أو اللون أو بين المرأة و الرجل في ظل دستور يؤمن سيادة القانون و القضاء المستقل.."
الفرع الثاني: القانون الأساسي المعدل لسنة 2003.
يعتبر القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 بمثابة الدستور الفلسطيني، حيث تستمد منه باقي القوانين الفلسطينية قوتها، و يعتبر بمثابة ضمان للحقوق و الحريات العامة التي يتمتع بها المواطنين بالإضافة إلى بيان النظام السياسي الذي يحكم الدولة و مبدأ الفصل في السلطات و غيرها من الأمور التي تكون القاعدة الأساسية للنظام القانوني الفلسطيني. و بالاستناد إلى مبدأ الهرمية في التشريع يعتبر الدستور على رأس التشريعات حيث لا يجوز أن يخالف قانون أو قرار بقانون (متساوين في الدرجة) قاعدة دستورية . و ينص القانون الأساسي المعدل في المادة (9): "الفلسطينيون أمام القانون سواء لا تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللون أو الدين أو الرأي السياسي أو الإعاقة." و بالتالي فإن القانون الأساسي أدرج صراحة مبدأ المساواة على أساس الجنس أمام القانون.
أما المادة (1-10) فتنص على أن حقوق الإنسان و حرياته الأساسية ملزمة وواجبة الاحترام، بالإضافة إلى البند الثاني من المادة ذاتها التي تلزم السلطة باحترام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان. و بالنسبة للمادة (31) فقد نصت على إنشاء الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان التي تقدم تقاريرها إلى رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية و المجلس التشريعي و بذلك فقد أكد المشرع على أن حقوق الإنسان و التي تعتبر متساوية للرجل و المرأة كما ذكر في القانون، يجب صونها و رقابة العمل على الالتزام بها من مؤسسات الدولة كافة، و ذلك من خلال إنشاء هذه الهيئة التي تعتبر مهمتها رقابية على مدى الالتزام من قبل الحكومة بكفالة حقوق الإنسان. بينما أشارت المادة (32) على أن أي اعتداء على هذه الحقوق و الحريات هي "جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية و لا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، و تضمن السلطة الوطنية تعويضا عادلا لمن وقع عليه الضرر."
و بالتالي فإن القانون الأساسي المعدل لم ينص فقط على المساواة في الحقوق و الحريات بين الرجل و المرأة، بل انشأ هيئة رقابية للإشراف على تطبيق هذه المساواة، و اعتبر مخالفتها جريمة لا تسقط بالتقادم و ترتب تعويضا من السلطة الوطنية الفلسطينية..
الفرع الثالث وثيقة حقوق المرأة الفلسطينية.
و هي عبارة عن مجموعة مواثيق أنشئت بعد قيام السلطة الوطنية الفلسطينية من قبل الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية و بعض المؤسسات النسوية، بهدف حماية حقوق المرأة الفلسطينية و حمايتها من التمييز على أساس النوع الاجتماعي. و قد صادق الرئيس السابق للسلطة الوطنية الفلسطينية ياسر عرفات على الوثيقة الأولى لحقوق المرأة الفلسطينية في العام 1993، حيث أكدت الوثيقة على ضرورة المساواة و اخذ التدابير اللازمة لذلك، بالإضافة إلى تعديل التشريعات النافذة بما يتفق و ذلك. جاءت مواثيق تابعة لهذه الوثيقة، تؤكد على ما جاءت به الوثيقة و تضيف بنودا تشكل حماية اكبر لحقوق المرأة الفلسطينية.
استمدت وثيقة حقوق المرأة الفلسطينية بنودها من الإعلانات و المواثيق الدولية؛ و وثيقة إعلان الاستقلال؛ و القانون الأساسي الفلسطيني، و القوانين السارية، بهدف اعتمادها كمرجع حكومي ملزم قانونا لكفالة المساواة، و تجدر الإشارة أن الوثيقة تضمن جزءا عن الحقوق الجزائية للمرأة الفلسطينية يشتمل على سبعة بنود.

المطلب الثاني: الأساس القانوني لاحترام مبدأ المساواة في الإعلانات و المواثيق الدولية
الفرع الأول: إلزام السلطة الوطنية الفلسطينية باحترام المواثيق و الإعلانات الدولية
فيما يخص ضرورة الالتزام و احترام الإعلانات و المواثيق الدولية فهناك عدة أسس قانونية توضح إلزام السلطة الوطنية الفلسطينية. أولها انضمام منظمة التحرير الفلسطينية التي تعتبر الممثل الشرعي و الوحيد لجميع الفلسطينيين في الداخل و الخارج، و التي نتج عنها فيما بعد السلطة الوطنية الفلسطينية كنتيجة لاتفاق أوسلو، إلى الأمم المتحدة بصفة عضو مراقب بناءا على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (3237 /د – 29 )بتاريخ 22 تشرين الثاني لعام 1974م، و بالتالي فهذا الانضمام يفرض كنتيجة الالتزام بميثاق الأمم المتحدة و الاتفاقيات التالية له . بالإضافة إلى ما تضمنته وثيقة إعلان الاستقلال الصادرة عن المجلس الوطني لمنظمة التحرير فيما جاء فيها: "تعلن دولة فلسطين التزامها بمبادئ الأمم المتحدة و أهدافها و بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان." كما أن المادة (10) من القانون الأساسي المعدل تنص على الآتي: "1. حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ملزمة وواجبة الاحترام. 2. تعمل السلطة الوطنية الفلسطينية دون إبطاء على الانضمام إلى الإعلانات والمواثيق الإقليمية والدولية التي تحمي حقوق الإنسان." و بالتالي فإن القانون الأساسي تضمن في هذه المادة حماية لحقوق الإنسان بالإضافة إلى إدراج أهمية الإعلانات والمواثيق الإقليمية والدولية و أهمية الانضمام إليها و العمل بها من قبل السلطة الوطنية الفلسطينية بكافة سلطاتها تشريعية كانت أم تنفيذية أم قضائية في حين أن المادة (6) من القانون نفسه توضح مبدأ سيادة القانون على جميع السلطات و الهيئات و المؤسسات و الأشخاص.
الفرع الثاني: المواثيق و الإعلانات الدولية الملزمة للمساواة و عدم التمييز ضد المرأة.
ورد على الصعيد الدولي إعلانات و مواثيق دولية تضمنت ضرورة الالتزام بمبدأ المساواة وعدم التمييز ضد المرأة في الحقوق العامة و جميع المجالات المدنية و السياسية و غيرها، حيث قامت العديد من الدول بالانضمام إلى هده المعاهدات و منها العديد من الدول العربية على الرغم من إبداء التحفظات على بعض المواد الواردة في هذه الاتفاقيات للتوفيق بينها و بين الوضع الاجتماعي في تلك الدول،إلا أن التطور في مجال المساواة و الضغط الدولي في هذا المجال دفع العديد من هذه الدول كالأردن إلى سحب تحفظاتها و إعطاء مجال اكبر للمساواة من خلال تشريعاتها الوطنية و نطاق التزامها بالاتفاقيات الدولية، مثل سحب تحفظها على الفقرة 4 من المادة 15 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
أما دوليا فقد تم إدراج العديد من الاتفاقيات و المعاهدات التي تكفل اكبر قدر من الحماية لحقوق المرأة و ضمان مساواتها مع الرجل. من بين هذه المواثيق والاتفاقيات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 1948 و الذي يشكل أساس قانوني واضح لكفالة المساواة؛ و الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لسنة1993؛ وإعلان القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1967؛ واتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة " اتفاقية سيداو" لسنة 1979 .في هذا البحث سيتم التطرق إلى كل من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).
أولا: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 1948.
بدأ العمل على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1946، إلا أن استكمال العمل على هذا الإعلان جاء في العام 1948 بعد الحرب العالمية الثانية لإيجاد أساس قانوني دولي يحد من الانتهاكات التي قد ترتكب بحق الأفراد و توضح ما يتوجب على الدول احترامه إقليميا و دوليا. "وقد اقترح المشروع الأولي للإعلان في أيلول/سبتمبر 1948، مع مشاركة أكثر من 50 دولة من الدول الأعضاء في إعداد الصيغة النهائية. وبموجب القرار 217 ألف (ثالثاً) المؤرخ 10 كانون الأول/ديسمبر 1948، اعتمدت الجمعية العامة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في باريس، مع امتناع ثماني دول عن التصويت ودون معارضة أحد". .
في العام 1974 انضمت منظمة التحرير الفلسطينية إلى هيئة الأمم المتحدة بصفة رقابية، بينما في العام 1988 أصبح للمنظمة الحق في المشاركة في نقاشات الجمعية العامة للهيئة . بناءا على ذلك و على التزام منظمة التحرير و السلطة الوطنية الفلسطينية بالمعاهدات و المواثيق الدولية، و حيث أن ميثاق الأمم المتحدة هو بمثابة المرجعية و الأساس لتأسيس الأمم المتحدة و لعملها، فمن باب أولى احترام ما ورد فيه من قبل المنظمات و الدول التي تسعى إلى العضوية. و حيث أن المادة الأولى من الميثاق و التي توضح مقاصد الأمم المتحدة تنص على "تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعاً والتشجيع على ذلك إطلاقاً بلا تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين ولا تفريق بين الرجال والنساء." ففي ذلك تأكيد على مفهوم الإنسان كإنسان بعيدا عن التمييز بجميع أنواعه و بالأخص عدم التفريق بين المرأة و الرجل. بالإضافة إلى أن وجود منظمة التحرير كمراقب في الأمم المتحدة ترتب عليها التزام عرفي في التقيد بما يصدر عن المنظمة الدولية من اتفاقيات و إعلانات و بالتالي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يشكل أساس القانون الدولي لحقوق الإنسان. و يوضح الإعلان أن الحقوق و الحريات الأساسية هي غير قابلة للتصرف و تنطبق على الجميع دون تفرقة، و كان هناك إجماع و التزام دولي بالإعلان، كما أن الإعلان بصفته الشرعية الدولية للقانون الدولي لحقوق الإنسان، كان مصدرا للعديد من الاتفاقيات و المعاهدات الدولية التي تلته و التي تهتم بموضوع المساواة و عدم التفرقة و حماية الحقوق و الحريات و من الأمثلة على ذلك العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية و غيرها.
ورد في ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التزام الدول الأعضاء و الدول الملتزمة بهذا الإعلان بوصفه المثل الأعلى المشترك بين الدول إلى توطيد احترام الحقوق و الحريات الأساسية للإنسان، و بناءا على المادة 10 من القانون الأساسي المعدل الفلسطيني و الذي يؤكد التزامه بهذا الإعلان ضمنيا، و بالاستناد إلى الميثاق الوارد في الديباجة للإعلان الذي يؤكد الإيمان بحقوق الإنسان الأساسية و بكرامة الإنسان و تساوي المرأة و الرجل في الحقوق. فيجب العمل بما ورد في هذا الإعلان من جانب السلطة الوطنية الفلسطينية و القوانين المعمول بها من قبلها.
تنص المادة (1) من الإعلان: " يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء."
و تنص المادة (2) من الإعلان: "لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود."
و تنص المادة (7): "كل الناس سواسية أمام القانون ولهم الحق في التمتع بحماية متكافئة عنه دون أية تفرقة، كما أن لهم جميعا الحق في حماية متساوية ضد أي تميز يخل بهذا الإعلان وضد أي تحريض على تمييز كهذا."
و تنص المادة (8): "لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لإنصافه عن أعمال فيها اعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون."
و بالتالي فإن الإعلان يؤكد مبدأ المساواة في الحقوق و الحريات الواردة في هذا الإعلان، كما يؤكد مبدأ المساواة في الإطار القانوني أي سيادة القانون على الجميع دون تفرقة و حق الحماية في حالة الإخلال بالعمل بهذه النصوص، و حق اللجوء إلى القضاء الوطني عند الاعتداء على الحقوق و الحريات العامة المعطاة للإنسان كإنسان بغض النظر عن الجنس ذكر كان أم أنثى.
ثانيا: اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).
تم اعتماد هذه الاتفاقية من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في 28 كانون الأول 1979 و التوقيع عليها في 1 مارس 1980، بهدف ضمان المساواة في الحقوق للمرأة، بغض النظر عن حالتها الزوجية و في جميع الميادين، و ضرورة احترام الدول لهذه الاتفاقية من خلال إعمالها في التشريعات الوطنية للدول. و تتخذ هذه الاتفاقية ببدايتها أساسا من مبدأ المساواة المنصوص عليه في ميثاق الأمم المتحدة؛ و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ و العهدين الدوليين الخاصين بحقوق الإنسان؛ و كل ما يصدر عن الأمم المتحدة في هذا المجال من اتفاقيات و إعلانات دولية ، باعتبار أن التفرقة بين الرجل و المرأة هي انتهاك صريح لحقوق الإنسان و لهذه المعاهدات، و تشدد على دور المرأة في تنمية المجتمع على جميع الأصعدة و بالتالي فعلى الدول أن تلتزم بحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل باعتبارها إنسان و بغض النظر عن الجنس.
حرصت المادة (1) من الاتفاقية على وضع تعريف لما يقصد بالتفرقة بين الرجل و المرأة،
بينما وضحت المادة(2): "تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضد المرأة وتتفق على أن تنتهج بكل الوسائل ودون إبطاء سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضد المرأة وتحقيقاً لذلك تتعهد بالقيام بما يلي:
(أ) إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى إذا لم يكن هذا المبدأ قد ادمج فيها حتى الآن، وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلال التشريع وغيره من الوسائل المناسبة.
(ب) اتخاذ المناسب من التدابير تشريعية وغير تشريعية بما في ذلك ما يناسب من جزاءات لحظر كل تمييز ضد المرأة.
(ج) فرض حماية قانونية لحقوق المرأة على قدم المساواة مع الرجل وضمان الحماية الفعالة للمرأة، عن طريق المحاكم ذات الاختصاص والمؤسسات العامة الأخرى في البلد من أي عمل تمييزي.
(د) الامتناع عن مباشرة أي عمل تمييزي أو ممارسة تمييزية ضد المرأة، وكفالة تصرف السلطات والمؤسسات العامة بما يتفق و هذا الالتزام.
(ه) اتخاذ جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة من جانب أي شخص أو منظمة أو مؤسسة
(و) اتخاذ جميع التدابير المناسبة بما في ذلك التشريعي منها لتغيير أو إبطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكل تمييزا ضد المرأة.
(ز) إلغاء جميع أشكال الأحكام الجزائية الوطنية التي تشكل تمييزاً ضد المرأة."
و ركزت المادة (16) على القضاء على التمييز في كافة الأمور المتعلقة بالزواج و العلاقات الأسرية على جانب تفصيلي. بينما أعطت المادة (15) أهلية قانونية للمرأة مساوية لأهلية الرجل.
و بالتالي فتفرض هذه المادة على الدول الالتزام في المساواة من خلال إدراج هذا المبدأ و العمل به في التشريعات الوطنية و الأعراف و الممارسات، بالإضافة إلى مسؤولية سلطات الدولة في اتخاذ التدابير اللازمة للعمل بذلك، و في الفقرة الأخيرة نصت على الجانب الجزائي في ضرورة المساواة الجزائية في الأحكام و إلغاء ما يخالف ذلك. و قد وقعت السلطة الوطنية الفلسطينية على اتفاقية سيداو في الثامن من آذار من عام 2009 .و يمثل التوقيع اتفاق مبدئي بالالتزام بما جاء في الاتفاقية و الامتناع عن القيام بأي فعل يتنافى مع الموضوع و الهدف من الاتفاقية .
بناءا على ما ذكر فإن التفرقة على أساس الجنس في مواد قانون العقوبات الفلسطيني تعتبر غير دستورية و بالتالي فيجب على المشرع إلغاؤها أو تعديلها، و يجوز الطعن بها لدى المحاكم الدستورية. كما أن هذه المواد تعتبر مخالفة للإعلانات و المواثيق الدولية التي تضمن الحقوق و الحريات العامة كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان و اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، حيث أنها لم تراعي مبدأ المساواة من خلال تشريعاتها الوطنية و ممارساتها و تخالف المادة (10) من القانون الأساسي المعدل الذي يفرض الالتزام بهذه الاتفاقيات و المواثيق الدولية. و بالتالي فإن الإخلال بها يعتبر غير دستوري بناءا على مبدأ الهرمية في التشريع، و مخالف للقانون الدولي الإنساني.

المبحث الثاني: مخالفة قانون العقوبات الفلسطيني للقانون الأساسي المعدل لسنة 2003 و الإعلانات و المواثيق الدولية.
تضمن قانون العقوبات الفلسطيني بعض المواد التي تفرض أحكاما خاصة فيما يخص ارتكاب الجريمة و العقاب، تختلف فيما إذا كان الفعل قد وقع من ذكر أم من أنثى. سيتم في هذا البحث مناقشة الباب السادس من قانون العقوبات في فصله الثاني فيما يخص الجرائم التي تمس الأسرة؛ و الباب السابع في الجرائم المخلة بالأخلاق و الآداب العامة؛ و الباب الثامن في الجنايات و الجنح التي تقع على الإنسان.
بداية و بغرض دراسة هذا المبحث يجدر التطرق إلى تعريف مصطلحات أساسية في هذا الموضوع:
- التمييز ضد المرأة: "لأغراض هذه الاتفاقية يعني مصطلح "التمييز ضد المرأة أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس و يكون من آثاره و أغراضه، توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان و الحريات الأساسية في الميادين السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية أو في أي ميدان آخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية و على أساس المساواة بينها و بين الرجل."
- أما العنف ضد النساء فيقصد به: "أي فعل أو قول أو سلوك، مقصود أو غير مقصود، يمارس ضد المرأة على أساس جنسها، يؤدي إلى معاناة نفسية و-أو جنسية و-أو جسدية، مباشرة أو غير مباشرة، من خلال الإهمال و-أو التهميش و-أو الخداع و-أو الإيذاء و-أو التهديد و-أو الاستغلال و-أو الإكراه و-أو الإجبار و-أو التمييز، سواء في الحياة العامة أو الخاصة. و قد يؤدي إلى انتهاك حقوقها و حريتها و امتهان كرامتها الإنسانية و إنكارها لشخصها و التقليل من احترامها أو الانتقاص من إمكانياتها الذهنية و الجسدية، و يأخذ العنف ضد المرأة أشكالا متعددة تتراوح ما بين الإهانة اللفظية و حتى القتل. أما تعريفه في الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة فهو :" أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس و يترتب عليه أو يرجح أن يترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة، سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة." و يدخل في مفهوم العنف ضد المرأة "العنف البدني والجنسي والنفسي الذي يحدث في إطار المجتمع العام بما في ذلك الإغتصاب والتعدي الجنسي والمضايقة الجنسية والتخويف في مكان العمل وفي المؤسسات التعليمية وأي مكان آخر ، و اﻻتجار بالنساء وإجبارهن على البغاء"
- و بالنسبة للمفاهيم الثقافية الذكورية فتعرف كالآتي: " المفاهيم التي تعزز من السلطة الأبوية و تضع الرجل في مرتبة أعلى من المرأة، و تعتبره صاحب القرار و المتحكم بالمصادر المالية و البشرية، و بالتالي فإن هذه الثقافة تعزز من كون المرأة جزء من ملكية الرجل، و له الحق بالتحكم بها، و السيطرة على كافة مناحي حياتها. و تدعم الثقافة الذكورية من خلال التربية الاجتماعية و منظومة العادات و التقاليد الاجتماعية التي تعزز من نظرة المجتمع إلى المرأة على أنها على سبيل المثال لا الحصر "مصدرا للفتنة و مسئولة عن إغواء الرجل". كذلك تربط هذه المفاهيم بين العفة و الشرف بعلاقتها المباشرة "بعذرية الفتاة"، و بالتالي فإن فقدان الفتاة لعذريتها قبل الزواج هو دلالة على عدم العفة و فقدان "شرف العائلة" و بشكل خاص "شرف الرجل" باعتباره من وجهة نظر المفاهيم الاجتماعية السائدة، "حام له و حارس عليه"."
المطلب الأول: التمييز ضد المرأة في الفصل الثاني من الباب السادس – الجرائم التي تمس الأسرة.
فيما يتعلق في هذا المطلب في موضوع الجرائم التي تمس الأسرة ، تعتبر المادة 279 و المادة 280 متوافقة مع قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم (61) لسنة 1976 و تعديله رقم (25) لسنة 1977 ساري المفعول في الضفة الغربية و المستمد من مذهب الإمام أبو حنيفة. كذلك من القانون الأساسي المعدل لسنة 2003 في المادة (2-4) في أن مبادئ الشريعة الإسلامية هي مصدر رئيسي للتشريع ، إلا أن هذا المصدر كمصدر للقانون جاء متدرجا بعد التشريعات المكتوبة، و بالتالي في مرتبة أدنى من القانون الأساسي المعدل و الذي يعتبر بمثابة دستور فلسطيني يضمن المساواة في الجنس و يحترم حقوق الطفل.
الفرع الأول: في النصوص المتعلقة بالزواج و تكرار الزواج.
أولا: المادة (279) في الجرائم المتعلقة بالزواج.
تنص المادة (279) على الآتي :"يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر كل من:
1- أجرى مراسيم زواج أو كان طرفاً في إجراء تلك المراسيم بصورة لا تتفق مع قانون حقوق العائلة أو أي قانون آخر أو شريعة أخرى ينطبق أو تنطبق على الزوج والزوجة مع علمه بذلك ، أو
2- زوج فتاة أو أجرى مراسيم الزواج لفتاة لم تتم الخامسة عشرة من عمرها أو ساعد في إجراء مراسيم زواجها بأية صفة كانت، أو
3- زوج فتاة أو أجرى مراسيم الزواج لفتاة لم تتم الثامنة عشرة من عمرها أو ساعد في إجراء مراسيم زواجها بأية صفة كانت دون أن يتحقق مقدماً بأن ولي أمرها قد وافق على ذلك الزواج."
تعاقب المادة 279 بالحبس من شهر إلى ستة أشهر (عقوبة جنحة مخففة) لمن أجرى مراسيم الزواج لفتاة لم تتم الخامسة عشر من العمر. حددت اتفاقية حقوق الطفل في مادتها الأولى أن الطفل هو كل من لم يتجاوز الثامنة عشر من العمر . بينما تبين اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) في المادة (2-16) :" لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه اثر قانوني، و تتخذ جميع الإجراءات القانونية بما فيها التشريع، لتحديد سن أدنى للزواج ..."، بينما التزم القانون الأساسي المعدل في المادة (29) في حماية حقوق الطفل باعتبارها واجب وطني، و نصت أيضا المادة (1-16) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على حق المرأة و الرجل بالتزويج عند إدراكهما سن البلوغ، و أنهم "متساويان في الحقوق لدى التزويج و خلال قيام الزواج و انحلاله." كما ينص الإعلان أيضا في مادته (2-25) أن "للأمومة و الطفولة حق في رعاية و مساعدة خاصتين. و لجميع الأطفال حق التمتع بذات الحماية الاجتماعية.." . و بالتالي فيعتبر باطلا زواج الشخص إن لم يتجاوز الثامنة عشر من العمر و عدم اقتران صحة هذا الزواج بموافقة ولي أمرها لما في ذلك من مخالفة لنصوص الدستور و الاتفاقيات الدولية. كما تنص اتفاقية سيداو في مادتها الخامسة عشر على إعطاء المرأة أهلية مساوية لأهلية الرجل، و بالتالي فلا يجوز قصر هذه المواد من قانون العقوبات على الفتاة، بل من الأجدر استخدام مصطلح شخص او في هذه الحالة "طفل" حتى تتوافق هذه المواد مع الاتفاقيات الدولية، إلا أن هناك قصور في بند التعريفات في كل من قانون العقوبات و القانون الأساسي المعدل، فلم يتم تعريف الطفل قانونيا و بالتالي لم يتم النص على عمر محدد للطفل. بينما فيما يخص الولاية فلا يجوز اقتران صحة الزواج بموافقة ولي الأمر للفتاة التي تجاوزت من العمر الخامسة عشر لكن لم تتم الثامنة عشر عاما لأن الزواج "لا يعقد إلا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملا لا إكراه فيه" و ذلك بناءا على المادة (2-18) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، و بالتالي لا تشكل موافقة ولي الأمر أي اثر قانوني، بل تشكل موافقة أطراف العقد الأثر القانوني لقيام عقد الزواج. بالإضافة إلى التمييز في الولاية على النفس و هي ولاية الزواج بحسب قانون الأحوال الشخصية الساري في فلسطين فتكون للأب أو الجد أو العم أو الشقيق حسب الأحوال . و بالتالي فلا ولاية للمرأة على الصغير/ة بحسب قانون الأحوال الشخصية و قانون العقوبات و في ذلك تمييز واضح بين الرجل و المرأة، و مخالفة لما ورد في اتفاقية سيداو؛ المادة (16-و) في نصها على ضمانة الدول:"نفس الحقوق و المسؤوليات فيما يتعلق بالولاية و القوامة و الوصاية على الأطفال و تبنيهم، أو ما شابه ذلك من الأنظمة المؤسسية الاجتماعية.."
يترتب على الزواج المبكر انعكاسات سلبية عديدة تتمثل في حرمانهن من إكمال تحصيلهن العلمي بالإضافة إلى أن الحمل و الإنجاب في سن مبكر له تأثير سلبي على صحة الطفل و المشاركة الاجتماعية و الاقتصادية و الإنتاجية في المجتمع الفلسطيني. و في العام 1998 أشارت الإحصائيات الصادرة عن مركز الإحصاء الفلسطيني أن نسبة زواج الفتيات التي تتراوح عمرهن بين (15-19) وصلت 58,49% في الضفة الغربية، و 60,18% في قطاع غزة. و تصل النسبة إلى 59,06% بالنسبة للمسلمات، و 23,13% للمسيحيات في كلا المنطقتين. مما يدل على النسبة المرتفعة للزواج المبكر في فلسطين، إلا انه و بالاستناد إلى تقرير احدث من مركز الإحصاء الفلسطيني، إلا انه قد تبين من إحصائيات عام 2006 أن نسبة النساء الين قد سبق لهن الزواج في ذات الفئة العمرية بلغت 8,2% و تبين انه في العام 2010 بلغ متوسط العمر للزواج للذكور 25,4 عام، بينما للإناث 20,1 مما يدل على أن نسبة الزواج المبكر قلت بشكل ملحوظ ما بين عام1997 و عام 2010 إلا انه لم يتم حتى الآن القضاء الكامل على الإشكالية.
ثانيا: المادة (280) في تكرار الزواج.
المادة 280 و التي تتعلق في تكرار الزواج فتنص على الآتي:" -1 كل شخص ذكراً كان أو أنثى، تزوج في أثناء وجود زوجه على قيد الحياة سواء أكان الزواج التالي باطلاً أو يمكن فسخه أو لم يمكن، يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات إلا إذا ثبت:
أ- أن الزواج السابق قد أعلنت فسخه محكمة ذات اختصاص أو سلطة دينية ذات اختصاص، أو
ب- أن الشريعة المتعلقة بالزواج التي تسري على الزوج – في تاريخ الزواج السابق أو تاريخ الزواج التالي – تتيح له الزواج بأكثر من زوجة واحدة.
2- يعاقب بنفس العقوبة من أجرى مراسيم الزواج المذكورة في الفقرة السابقة مع علمه بذلك."
تعدد الزوجات يعني أن يتزوج الرجل بأكثر من زوجة في وقت واحد، و بالرغم من كلا الديانتين المسيحية و اليهودية تحرم تعدد الزوجات، إلا أن الديانة الإسلامية تجيزها . في ضوء قانون الأحوال الشخصية رقم 1976 الساري في الضفة الغربية، يجوز للرجل المسلم الزواج بأربع زوجات، لكن "يحرم على كل من له أربع زوجات أو معتدات أن يعقد زواجه على امرأة أخرى قبل أن يطلق إحداهن و تنقضي عدتها." كما تنص المادة (40) من القانون نفسه "على من له أكثر من زوجة أن يعدل و يساوي بينهن في المعاملة و ليس له إسكانهن في دار واحدة إلا برضاهن." و ذلك هو كل ما ذكر في موضوع تعدد الزوجات في قانون الأحوال الشخصية، و لم يتم التطرق إلى أمور أخرى مثل ما يتعلق بضمانات و حقوق المرأة التي يتزوج زوجها عليها، كما أن هذه المواد تتيح المجال للتوسع بالتفسير بما يتناسب و عقيدة كل من الزوج و القاضي.
بالتالي فإن هذه المادة تجيز، وفق الشريعة الإسلامية التي تعتبر الديانة لأغلبية السكان، و التي تعتبر الدين الرسمي في فلسطين وفق القانون الأساسي المعدل ، اتخاذ الرجل لأكثر من زوجة، أو ما يطلق عليه اسم تعدد الزوجات. أما بالنسبة لموضوع العدل و الذي يتذرع به الكثيرين للزواج بأخرى، فالعدل بين هذه الزوجات بحسب الشريعة الإسلامية هي من الأمور التي يصعب إن لم يستحيل تحقيقها استنادا إلى القرآن الكريم "و لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء و لو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة و ان تصلحوا و تتقوا فأن الله كان غفورا رحيما." و بالتالي فإن الشريعة ذاتها إن تم الرجوع إلى مصدرها في القرآن الكريم لا تجيز تعدد الزوجات إلا في حالة توافر هذا الشرط الذي يصعب تحقيقه، و حتى في حالة تطبيق هذا الشرط و هو العدل بناءا على الشريعة الإسلامية، فيعتبر تعدد الزوجات في جميع الحالات إنقاص من حقوق المرأة لأن "أول صفة في الحق هو أن يكون عادلا و مساويا بين الأفراد. و تعدد الزوجات مع تنفيذ شرط العدل يعني أن نصيب المرأة ربع رجل، على حين أن نصيب الرجل 4 نساء." و بالتالي فإن تعدد الزوجات تعتبر انتهاكا صريحا لحقوق المرأة في انتهاكها لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في المادة (1-16) فيما يتعلق بتساوي الرجل و المرأة في إعطاء المرأة نفس الحق في عقد الزواج و نفس الحقوق و المسؤوليات في الزواج و نفس الحقوق الشخصية للزوج و الزوجة بالإضافة إلى المادة (1-16) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و التي تنص على أن :" للرجل والمرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد بسبب الجنس أو الدين، ولهما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند انحلاله." هذا بالإضافة إلى الآثار المادية و الاجتماعية و الاقتصادية التي تلحق بالمرأة و الأسرة نتيجة لهذا الزواج، و الإهمال المعنوي و المادي للزوجة الأسبق و الأطفال مما يؤدي إلى تولد مشاعر سلبية اتجاه الزواج و الزوج و المضاعفات السلبية العديدة الناتجة عن هذا النوع من الزواج.
الفرع الثاني: النصوص المتعلقة بالزنا.
تناقش المواد (282-284) جريمة الزنا في نصها على ما يلي:
المادة 282:"1- تعاقب المرأة الزانية برضاها بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين.2- ويقضى بالعقوبة نفسها على شريك الزانية إذا كان متزوجاً وإلا فالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة.
3- الأدلة التي تقبل وتكون حجة على شريك الزانية هي القبض عليهما حين تلبسهما بالفعل أو اعتراف المتهم لدى قاضي التحقيق أو في المحكمة أو وجود مكاتيب أو أوراق أخرى مكتوبة."
المادة 283:" يعاقب الزوج بالحبس من شهر إلى سنة إذا ارتكب الزنا في منزل الزوجية أو اتخذ له خليلة جهاراً في أي مكان كان."
المادة 284:"1- لا يجوز ملاحقة فعل الزنا إلا بشكوى الزوج ما دامت الزوجية قائمة بينهما وحتى نهاية أربعة أشهر من وقوع الطلاق أو شكوى وليها إذا لم يكن لها زوج ولا يجوز ملاحقة الزوج بفعل الزنا المنصوص عليه في المادة السابقة إلا بناء على شكوى زوجته وتسقط الدعوى والعقوبة بالإسقاط.
2- لا يلاحق الشريك إلا والزوجة معاً.
3- لا تقبل الشكوى بعد مرور ثلاثة أشهر اعتباراً من اليوم الذي يصل فيه خبر الجريمة إلى الزوج أو الولي.
4- إذا رد الزوج زوجته أو توفي الزوج أو الولي الشاكي أو الزانية أو شريكها في الزنا تسقط الشكوى."
فعل الزنا هو اتصال شخص اتصالا جنسيا بغير زوجه، لا يقوم إلا بفعل المواقعة بحيث يقوم الرجل بإيلاج عضو تذكيره في المكان المعد له في المرأة .ميز القانون في هذه المواد بين الرجل و المرأة، حيث تتطلب لقيام الجريمة من المرأة توافر الركن المادي و هو فعل المواقعة بالإضافة إلى الركن المعنوي و هو الرضا، بينما لقيام الجريمة بالنسبة للرجل يجب بالإضافة إلى الركنيين السابق ذكرهما توافر ركن ثالث و هو الزوجية؛ و في كلا الحالتين يلاحق الفاعل و شريكه/شريكته عن الفعل. المادة 282 تعاقب المرأة الزانية بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين بغض النظر عن كونها متزوجة أم لا، بينما يعاقب شريكها بنفس العقوبة في حال كونه متزوجا، و إلا فيعاقب بعقوبة اخف في الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة. أما بالنسبة لعقوبة الزوج الزاني فعقوبته أيضا اقل من عقوبة المرأة الزانية، و مقتصرة على شروط محددة دقيقة أوردها القانون على سبيل الحصر: إذا ارتكب الزنا في منزل الزوجية أو اتخذ له خليلا جهارا في أي مكان كان. أما بالنسبة لتحريك الدعوى في هذه الجريمة فلا يجوز إلا بشكوى، في حالة قيام الفعل من قبل امرأة فيتم بشكوى الزوج ما دامت الزوجية قائمة بينهما و حتى نهاية أربعة أشهر من وقوع الطلاق أو شكوى وليها إذا لم يكن لها زوج أما في حالة زنا الزوج فتتم الملاحقة بناءا على شكوى الزوجة فقط. و بالنسبة لوقف الملاحقة فتتم إما بوفاة الزوج أو الولي الشاكي أو الزانية أو شريكها بالزنا، أو في حالة رد الزوج زوجته . و بالتالي نرى أن القانون ميز بين الرجل و المرأة في جميع جوانب جريمة الزنا و عقوبتها، بالإضافة إلى العذر المحل في جريمة الزنا في المادة (340) و التي سوف يتم التطرق لها في المطلب الثالث من هذا المبحث.
فيما تتضمنه هذه المادة، هناك مخالفة للقانون الأساسي المعدل مادة رقم (9) حيث أن هناك تمييزا أمام القانون على أساس الجنس في هذه المواد، كما تخالف اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في المادة الثانية من الاتفاقية المشار إليها في المبحث الأول-المطلب الثاني ، بالإضافة إلى المادة الثالثة و الخامسة التي تتحدث عن كفالة الدول اخذ التدابير اللازمة لضمان حقوق و حريات المرأة بالإضافة اخذ التدابير فيما يخص القضاء على التحيزات و العادات العرفية القائمة على فكرة دونية أو تفوق لأحد الجنسين و المادة السادسة عشر في فقرتها الثالثة و التي تضمن اتخاذ الدول التدابير اللازمة للمساواة بين الجنسين في الحقوق و المسؤوليات أثناء الزواج و عند فسخه ، و بالنسبة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان فهناك انتهاك للمادة السابعة و التي تؤكد مساواة الجميع أمام القانون في الحقوق و الحريات و المادة الثامنة و العشرين و التي تؤكد "حق الفرد في التمتع بنظام اجتماعي دولي تتحقق بمقتضاه الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا الإعلان تحققاً تاما."
الفرع الثالث: النصوص المتعلقة بسفاح القربى.
تنص المادة 285 على الآتي:
"السفاح بين الأصول والفروع شرعيين كانوا أو غير شرعيين أو بين الأشقاء والشقيقات والأخوة والأخوات لأب أو لأم أو من هم بمنزلة هؤلاء جميعاً من الأصهرة أو إذا كان لأحد المجرمين على الآخر سلطة قانونية أو فعلية يعاقب عليه بالحبس من سنتين إلى ثلاث سنوات."
و تنص المادة 286 على الآتي:
"يلاحق السفاح الموصوف في المادة السابقة بناء على شكوى قريب أو صهر أحد المجرمين حتى الدرجة الرابعة."
نجد في إطار هذه المواد إشكاليتين، الأولى تكمن في العقوبة التي تعتبر مخففة مقارنة بالفعل، و الثانية في الحق في الملاحقة، حيث تتم الملاحقة بناء على شكوى قريب أو صهر احد المجرمين حتى الدرجة الرابعة، و بالتالي فلا تعتبر هذه الجريمة جريمة حق عام و لا يجوز تحريك الجريمة إلا بشكوى احد الأطراف المذكورين في المادة، بالإضافة إلى عدم السماح للمؤسسات النسوية بتحريك هذا النوع من الشكاوى، مع العلم أن اغلب هذه الجرائم لا يتم التبليغ عنها إلا إلى منظمات نسوية متخصصة في معالجة هذه المسائل و الدفاع عن حقوق النساء المعنفات، و بالتالي فإن الضمنة القانونية لهذا النوع من الجرائم هي ضمانة منقوصة نظرا لحجم الفعل و الجريمة.

المطلب الثاني: التمييز ضد المرأة في الباب السابع- الجرائم المخلة بالأخلاق و الآداب العامة مع استثناء الفصل الثاني.
الفرع الأول: النصوص المتعلقة بالاغتصاب.
تنص المادة 292 على الآتي:
"1- من واقع بالإكراه أنثى (غير زوجه) يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة خمس سنوات على الأقل.
2- و لا تنقص العقوبة عن سبع سنوات إذا كان المعتدى عليها لم تتم الخامسة عشرة من عمرها."
و تنص المادة 293 على الآتي:
"يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة من واقع أنثى (غير زوجه) لا تستطيع المقاومة بسبب عجز جسدي أو نقص نفسي أو بسبب ما استعمل نحوها من ضروب الخداع."
وتنص المادة 294 على الآتي: "
1- من واقع أنثى لم تتم الخامسة عشرة من عمرها عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة.
2- ولا تنقص العقوبة عن خمس سنوات إذا كانت المعتدى عليها لم تتم الثانية عشرة من عمرها."
بينما تنص المادة 295- على الآتي:
"1- إذا واقع أنثى أتمت الخامسة عشرة، ولم تتم الثامنة عشرة من عمرها أحد أصولها – شرعياً كان أو غير شرعي – أو زوج أمها أو زوج جدتها لأبيها وكل من كان موكلاً بتربيتها أو ملاحظتها عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة.
2- ويقضى بالعقوبة نفسها إذا كان الفاعل رجل دين أو مدير مكتب استخدام أو عاملاً فيه فارتكب الفعل مسيئاً استعمال السلطة أو التسهيلات التي يستمدها من هذه السلطة."
تتكلم هذه المواد عن فعل المواقعة بالإكراه للأنثى، مع استثناء الزوجة، و تشديد العقوبة إذا ارتكبت الجريمة بحق أنثى لم تتم الخامسة عشر من العمر كذلك الأنثى التي لا تستطيع المقاومة، مع اعتبار محل الجريمة في الاغتصاب هو حرية المرأة الجنسية. تعتبر جريمة الاغتصاب احد أشكال العنف ضد المرأة بالاستناد إلى الإعلان العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة، في البداية نرى أن هذه المواد اشتملت على تمييز ايجابي للمرأة في حين أن الرجل هو فقط من تقوم بحقه جريمة الاغتصاب نظرا إلى التعريف القانوني المعطى لفعل الوقاع: "الاتصال الجنسي غير المشروع الذي يقوم به الرجل و يوقعه على الأنثى." في حين انه في حالة مواقعة المرأة للرجل دون رضاه فهنا تكون الحالة هي هتك عرض و ليس اغتصاب، و ذلك نابع من العادات و القيم الاجتماعية و تأثيرها على صاغة القوانين. في حين أن موافقة الأنثى إذا لم تتم الخامسة عشر من العمر لا يعتد به و يساءل الجاني عن الفعل بالأشغال الشاقة المؤقتة، إلا انه كان يفترض أن يطبق التشديد على من يواقع شخص لم يتم الثامنة عشر من العمر، بغض النظر عن الجنس إن كان أنثى أو ذكر لأنه بناءا على ما سبق ذكره في المطلب الأول فأن الاتفاقيات الدولية تعتبر الطفل من لم يبلغ الثامنة عشر من العمر، و بالتالي يجب المساواة في العقاب و الجريمة لمن يواقع طفلا ذكرا كان أم أنثى.
بالإضافة إلى التمييز الذي تتضمنه هذه المواد، فهي إضافة إلى ذلك لا تفرض عقوبات رادعة تتلاءم مع حجم الجرائم المرتكبة بحق النساء الضحايا، و لم تفرض عقوبة تشكل رادعا للجريمة، فتكون عقوبة الاغتصاب الأشغال الشاقة خمس سنوات على الأقل للمرأة البالغة، و لا تقل عن سبع سنوات إذا كانت الفتاة لم تتجاوز الخامسة عشر من العمر، أما في حالة كون الفتاة تجاوزت الخامسة عشر من العمر لكن لم تتجاوز الثامنة عشر و كان المغتصب احد أصولها الشرعيين أو غير الشرعيين فإن العقوبة تكون بالأشغال الشاقة المؤقتة من 3-15 سنة مع ترك ذلك إلى تقدير القاضي، و بالتالي فإن هذه العقوبة ليست رادعة لجريمة تشكل اشد أنواع العنف الجنسي و المعنوي و الجسدي ضد المرأة، حيث يجدر تشديد العقوبة.
أما بالنسبة لاستثناء الزوجة من الجريمة، فإن ذاك الاستثناء هو مجحف بحق المرأة، حيث أن جريمة الاغتصاب بجميع أركانها من فعل الوقاع و الإكراه (انعدام الرضا) و القصد الجرمي، إلا أن الاستثناء قد وجد على الزوجة بافتراض أن عقد الزواج يتيح للزوج ذلك دون إعطاء أهمية لوضع المرأة و رضاها و باعتبار أن عقد الزواج يزيل عن الفعل وصف الاعتداء و العنف الجنسي و يحلله. مع العلم أن هناك ما يسمى بالاغتصاب الزوجي و هو مصطلح وجد في العام 1970 و تطور إلى أن اعتبر جريمة في الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1993، بالإضافة إلى عدة دول أخرى، و يعرف الاغتصاب الزوجي "الجماع بالإكراه أو أي إيلاج للعضو الذكري إن كان في فرج المرأة أو فمها أو شرجها، بالقوة أو التهديد باستخدام القوة أو بغير رضا الزوجة" . و بالتالي فإن التطور الذي حدث على القانون في بعض الدول يزيل التمييز في الحالة الزوجية للمرأة و يعتبر كون الجريمة اغتصاب في الحالتين. و يقع الاغتصاب هنا في نطاق العنف ضد المرأة الذي يمنعه كل من الإعلانات و المواثيق الدولية السابق ذكرها. و يتم الإشارة هنا بالأخص إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة (3): "لكل شخص الحق في الحياة و الحرية و سلامة شخصه." و المادة (5) :" لا يعرض أي إنسان للتعذيب ولا للعقوبات أو المعاملات القاسية أو الوحشية أو الحاطة بالكرامة." حيث يعتبر الاغتصاب بكل طرقه من اغتصاب امرأة غير زوجة إلى الاغتصاب الزوجي إلى مواقعة القاصر هو إضرار بالسلامة الشخصية للمرأة و تعذيب بحقها و حط من كرامتها و بالتالي لا يجوز التفرقة بناءا على الحالة الزوجية. و يجدر الإشارة إلى الآثار الجسدية التي تلحق المرأة جراء الاغتصاب بالإضافة إلى الآثار النفسية و التي لا تختلف بناءا على الوضع الزوجي للمرأة و تتحقق في الحالتين نتيجة للاغتصاب، و بالتالي لا يجوز أن يستثني المشرع المرأة المتزوجة من عقوبة الاغتصاب، و يجب عليه "اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريع، لتعديل أو إلغاء القوانين و الأنظمة و الأعراف و الممارسات القائمة التي تشكل تمييزا ضد المرأة."
الفرع الثاني: النصوص المتعلقة بالخطف بالحيلة و الإكراه و الإغواء و المداعبة المنافية للحياء.
المادة (302) في الخطف بالحيلة و الإكراه تنص على الآتي:
"كل من خطف بالتحيل أو الإكراه شخصاً – ذكراً كان أو أنثى – وهرب به إلى إحدى الجهات، عوقب على الوجه الآتي:
1- بالحبس من سنتين إلى ثلاث سنوات إذا كان المخطوف على الصورة المذكورة ذكراً لم يكن قد أتم الخامسة عشرة من عمره.
2- بالأشغال الشاقة المؤقتة إذا كانت المخطوفة على الصورة المذكورة أنثى.
3- بالأشغال الشاقة مدة لا تنقص عن خمس سنوات إذا كانت المخطوفة ذات بعل سواء أكانت أتمت الخامسة عشرة من عمرها أم لم تتم.
4- بالأشغال الشاقة مدة لا تنقص عن عشر سنوات إذا كان المخطوف ذكراً كان أو أنثى، قد اعتدي عليها بالاغتصاب أو هتك العرض.
5- بالأشغال الشاقة مدة لا تنقص عن عشر سنوات إذا كانت المخطوفة ذات بعل لم تكن قد أتمت الخامسة عشرة من عمرها واعتدي عليها بالمواقعة.
6- بالأشغال الشاقة مدة لا تنقص عن سبع سنوات إذا كانت المخطوفة ذات بعل تجاوزت الخامسة عشرة من عمرها واعتدي عليها بالمواقعة."
بالتالي فإن هذه المادة تبين الفرق في العقاب على الجريمة بحسب جنس الضحية ذكرا أم أنثى، في حين أن العقوبة مشددة في حال كانت المخطوفة أنثى بغض النظر عن السن و تقتصر في العقاب على الذكر في حال لم يتجاوز الخامسة عشر من العمر فقط، كما أنها تشدد العقوبة أيضا إذا كانت المخطوفة "ذات بعل" أي ذات زوج، دون فرض ذات التشديد بالنسبة للرجل.
كما ان المشرع في المادة (304) حول الإغواء بالإضافة إلى المادة (305) حول المداعبة المنافية للحياء و المادة (306) عرض الأعمال و توجيه الكلام المنافي للحياء، نرى أن المشرع ساوى في العقاب في هذه الجرائم بين الذكر الذي يقل عمره عن خمسة عشر عاما و المرأة كاملة الأهلية في اعتبارهما متساويان في المستوى العقلي، كما في المادة (302) ، و بالتالي رغم ما قد يعتبره البعض تمييز ايجابي لصالح المرأة في هذه المواد، إلا أن هذه المواد تعاملت مع المرأة بطريقة دونية و لم تعترف لها بالأهلية الكاملة و اعتبرت أن المرأة شخصا لم يصل إلى الكمال العقلي المساوي للرجل و بالتالي فيجب حمايتها بنفس الطريقة التي يحمى بها القاصر، أما في المادة المتعلقة بالإغواء فهذه المادة اعتبرت المرأة ضحية غير كاملة الإرادة و غير قادرة على اتخاذ قرار سليم، فقامت هذه المادة بمعاقبة الرجل باعتبار انه قام بخداعها و باعتبار أنها بذاتها غير أهلة لاتخاذ قرار.
الفرع الثالث: النص المتعلق بإيقاف الملاحقة الجنائية.
تنص المادة (308) في إيقاف الملاحقة و استعادة الحق في الملاحقة على الآتي:
" 1- إذا عقد زواج صحيح بين مرتكب إحدى الجرائم الواردة في هذا الفصل وبين المعتدى عليها أوقفت الملاحقة وإذا كان صدر حكم بالقضية علق تنفيذ العقاب الذي فرض على المحكوم عليه.
2- تستعيد النيابة العامة حقها في ملاحقة الدعوى العمومية وفي تنفيذ العقوبة قبل انقضاء ثلاث سنوات على الجنحة وانقضاء خمس سنوات على الجناية إذا انتهى الزواج بطلاق المرأة دون سبب مشروع."
اشتملت هذه المادة على إجحاف كبير في حق المرأة في اعتبار أن عقد الزواج يزيل عدم المشروعية عن الجرائم الواقعة في هذا الفصل، و يعفي الجاني من العقاب في حالة زواجه من المجني عليها، و هذه المادة لا تحتوي فقط على إجحاف في حق المرأة من خلال إعفاء الجاني من العقاب في حالة زواجه منها مما يحمله ذلك من تقاليد و أعراف بالية تعتبر أن شرف المرأة يصان بالزواج و أن سبب عدم المشروعية هو فقط عدم دخول هذه الأفعال بإطار زوجي و اعتبار أن "ستر المرأة"، و تزويجها من الجاني يحقق مصلحة الطرفين في الجرائم المخلة بالشرف بحسب التفكير التقليدي السائد في المجتمع؛ إلا انه بالإضافة إلى ذلك فهو يعتبر جريمة أخرى بحق المرأة لما قد يشجعه المجتمع و القانون من زواج المرأة من الجاني عليها و من مجرم قام بالاعتداء عليها و ارتكب جريمة تسيء إليها و عنفها، و بالتالي فإن هذه المادة تعطي طريقة مبسطة للإعفاء من العقاب لمرتكبين هذه الجرائم، متصلة اتصالا وثيقا بالحالة الاجتماعية التي تسود في محاولة المجتمع و الأسرة "ستر" الفتاة التي تعرضت للاعتداء و التعامل معها على أساس أنها مسئولة عن هذا الاعتداء و على أساس أن واجبها في هذه الحالة هو الزواج من الشخص الذي قام بالاعتداء عليها كي لا يلحقها العار. بالإضافة إلى استرداد حق النيابة في الملاحقة إذا انتهى هذا الزواج بطلاق دون سبب مشروع و بالتالي فإن هذه المادة بحد ذاتها تمثل إجحاف بحق المرأة في إيقاع العقوبة عن الرجل إذا تحقق شرط الزواج و بالتالي عدم مسائلته عن الجريمة، و في الظرف المجتمعي الذي قد يفرض بالأغلب على المرأة الزواج من الشخص الذي اعتدى عليها و ما يلحق ذلك من أذى نفسي شديد يترتب على هذا الزواج.
الفرع الرابع: النصوص المتعلقة بالإجهاض.
تعالج المواد (321-325) الإجهاض باعتباره جريمة يعاقب عليها القانون. ورغم أن موضوع الإجهاض يعالج عادة من زاوية دينية أو بناءا على النظم الفكرية للمجتمع و رغم أن الإجهاض يرتبط بالحياة الإنسانية، و اختلافات وجهات النظر بين الرافضين نهائيا للإجهاض باعتباره قضاء على حياة، و بين المؤيدين للخيار بالقيام بالإجهاض، إلا أن القانون الفلسطيني المأخوذ عن الأردني يرفض الإجهاض نهائيا، و يعتبره جريمة يتم العقاب عليها بغض النظر عن أسبابها. و في ذلك عدم مراعاة لما قد يحمله الحمل من مخاطر على صحة المرأة في ظروف معينة، و بغض النظر عن وضع الجنين. و في المادة (324) نص على العذر المخفف في جريمة الإجهاض من قبل المرأة للمحافظة على شرفها بالإضافة إلى أنه يستفيد من هذا العذر كل من يرتكب الإجهاض بحق إحدى فروعه أو قريباته حتى الدرجة الثالثة، و بالتالي فإن هذه المادة اعتبرت الشرف في مرتبة تسبق صحة المرأة، و اعتبرت أن الإجهاض حتى و إن كان نتيجة لسفاح القربى أو الاغتصاب هو جريمة يعاقب عليها القانون، و أعطت للشخص عذر مخفف في قيامه بإجهاض احد قريباته المنصوص عليهم في المادة للمحافظة على الشرف، و بالتالي فإن الحمل هو حق للمرأة لا يجوز إعفاء من يقوم بإجهاضها من العقاب، أو مكافأته بتخفيف العقاب من خلال العذر المخفف، و ذلك استنادا إلى المادة (16-د) في ضمان الدولة "نفس الحقوق و المسؤوليات كوالدة، بغض النظر عن حالتها الزوجية، في الأمور المتعلقة بأطفالها؛ و في جميع الأحوال، تكون مصالح الأطفال هي الراجحة." كما تنص المادة (12) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على "لا يعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذا التدخل أو تلك الحملات." و بالتالي فإن هذا الإجهاض الذي قد يقوم به قريب المرأة الحامل في إجهاضها يعتبر من قبيل التدخل التعسفي في الحياة الخاصة و الأسرة و الذي يتنافى مع حقوق الإنسان. كما تنص المادة (2-25) من الإعلان:" للأمومة والطفولة الحق في مساعدة ورعاية خاصتين، وينعم كل الأطفال بنفس الحماية الاجتماعية سواء أكانت ولادتهم ناتجة عن رباط شرعي أو بطريقة غير شرعية." و بالتالي فإن الجنين ينعم بالحماية القانونية بغض النظر عن طريقة الحمل و الرباط الزوجي و لا يجوز إجهاضه و بالأخص من قبل متدخل.

المطلب الثالث: في الباب الثامن في الجنايات و الجنح التي تقع على الإنسان: العذر المحل
تتكلم المادة (340) من هذا القانون عن العذر المحل و تنص على الآتي:
" 1- يستفيد من العذر المحل من فاجأ زوجته أو إحدى محارمه حال التلبس بالزنا مع شخص آخر و أقدم على قتلهما أو جرحهما أو إيذائهما كليهما أو إحداهما.
2- يستفيد مرتكب القتل أو الجرح أو الإيذاء من العذر المخفف إذا فاجأ زوجه أو إحدى أصوله أو فروعه أو أخواته مع آخر على فراش غير مشروع"
تعتبر هذه المادة من أكثر مواد قانون العقوبات إثارة للانتقادات و من أكثر المواد تمييزا بحق المرأة و إعطاء صلاحية القتل للرجل مع الإفلات من العقاب في الحالات المبينة أعلاه، و قصر هذه الحالات على الرجل دون المرأة و هو ما يسمى أيضا بالقتل على خلفية الشرف و الذي يسود المجتمع الفلسطيني بشكل كبير و المجتمعات العربية بوجه عام. و تجدر الإشارة إلى أن هذه المادة بما تتضمنه من إشكاليات في مضمونها، إلا أنها تتضمن أيضا إشكاليات في تطبيقها، حيث بالرغم من النص على إعفاء الجاني من العقوبة إلا انه من الصعب رصد إحصائيات دقيقة حول مدى انتشار ظاهرة القتل على خلفية الشرف لانحصارها في الإطار الأسري، و الخوف و القيود الاجتماعية المفروضة للإفصاح عن هذه الظاهرة. كما يوجد خلل في التطبيق من قبل ضباط الشرطة، حيث لا يتم توثيق جميع الحالات لتي يتم التبليغ عنها، و عدم وصول بعض العدد الأكبر من هذه الحالات إلى القضاء، و الاتجاه في بعض الحالات إلى القضاء العشائري، كما انه يتم أحيانا إخفاء الأسباب الحقيقية للوفاة، و التذرع بأسباب منافية للحقيقة تجنبا "للعار" الذي قد يلحق بالأسرة جراء ما يترتب على قضايا الشرف، و بالتالي فالإشكاليات تتعدد من مضمون هذه المادة إلى تطبيقها الفعلي إلى رصدها.
تعتبر هذه المادة في البداية متعارضة مع الحق في الحياة و الذي يصونه القانون الأساسي المعدل في المادة العاشرة منه و الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في المادة الثالثة منه.
كما تعتبر هذه المادة مخالفة للمادة (14) من القانون الأساسي المعدل: "المتهم بريء حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، و كل متهم في جناية يجب أن يكون له محام يدافع عنه." كما تتعارض مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المادة (1-11): " كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه." في اعتبار أن فعل الرجل يجوز قانونا و لا يخضع لمبدأ سيادة القانون و المحاكمة التي يجب أن تكون العامل الذي يحدد ما هي العقوبة التي يجب إيقاعها على من ارتكب فعل الزنا، فيعتبر الرجل في هذه الحالة كالمحكمة، لا تطبق المبادئ الدستورية و الدولية المتخصصة في حقوق الإنسان عليه، ففي هذه الحالة يقرر الرجل من ذاته إن كانت المرأة زانية أم لا، و يقرر من ذاته ما هي الجريمة التي ارتكبته و ما العقاب الذي يريد أن يطبقه عليها، و يقوم القانون بإعفاءه من العقوبة في حالة المرأة المتلبسة بالزنا، و تخفيف العقوبة في حالة الفراش غير المشروع، و تتعارض أيضا هذه المادة مع المادة الأولى في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان :" يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء." كما تعتبر مناقضة للمادة الثانية و الثالثة و الخامسة و السابعة و الثانية عشر و الثامنة و العشرين من الإعلان. و يتعارض مع اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في الديباجة و يعتبر تمييز ضد المرأة وفق المادة (1) من الاتفاقية و يعتبر إخلالا بالمادة (2) من الاتفاقية و المادة الثالثة و الخامسة و المادة السادسة عشر كقاعدة عامة. و يجدر الإشارة أن هذه المادة أعطت الحق للرجل دون المرأة، و أعطت مفهوم واسع للفراش غير المشروع مما يتيح التوسع في تعريفه، و أعطت حصانة للرجل في ارتكاب مثل هذه الجرائم. و هو يعتبر إخلالا بالقانون الأساسي المعدل و الاتفاقيات و المعاهدات الدولية بالإضافة إلى الشريعة الإسلامية التي قد يدعي البعض باشتقاق هذه المادة من أحكامها . و قد تم استغلال هذه المادة بأسوأ الطرق في المجتمع من خلال ما يسمى بجرائم الشرف و التي في أحوال كثيرة لا تلاحق مرتكبيها من قبل النيابة العامة مخالفة للقانون و تذرعا بأحكام هذه المادة وفق التقاليد الاجتماعية التي تسيطر على الشارع الفلسطيني. إلا انه وفقا لتفاقم هذا الوضع و استغلال هذه المادة و تزايد حالات القتل على خلفية الشرف، فقد قام رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية اثر حادثة قتل الفتاة آية البراذعي في مدينة الخليل في شهر أيار من العام 2011 بإلغاء هذه المادة في قرار بقانون صادر ضمن صلاحياته في حالة الضرورة، لما تتضمنه من لا عدل و ظلم للمرأة


الخاتمة
رغم النص القانوني الوارد على كلا الصعيدين الدولي و المحلي على ضرورة الالتزام بمبدأ المساواة بين المرأة و الرجل و عدم التمييز بينهم في أي من الميادين، و رغم ما تنص عليه المعاهدات الدولية من ضرورة التزام الدول بتوفير الضمانات و اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان المساواة و عدم التمييز على أساس الجنس، كون الحق في المساواة أمام القانون هو حق مكفول لكلا الجنسين دون تفرقة، إلا أن المشرع الفلسطيني لم يقم حتى الآن بتعديل قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960 النافذ في الضفة الغربية بما يتناسب و احترام هذا المبدأ. و بالتالي فيجب العمل على تعديل القانون و إقرار قانون العقوبات الجديد بما يكفل المساواة التامة بين الرجل و المرأة و توفير ضمانة جنائية اكبر للمرأة لصون حقوقها الأساسية و التي تتمثل ابتدءا بالمساواة أمام القانون و أمام القضاء.

النتائج
1- يتضمن قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960 على تمييز ضد المرأة في مواده المنصوص عليها في الباب السادس و السابع و الثامن موضع البحث.
2- يخالف قانون العقوبات في المواد المذكورة في هذا البحث وثيقة إعلان الاستقلال التي تعتبر البنية الأساسية للقانون الفلسطيني و تأتي في منزلة أعلى من الدستور في قوتها التشريعية.
3- يخالف قانون العقوبات في المواد المذكورة في هذا البحث القانون الأساسي المعدل لسنة 2003، في مخالفته للمادة التاسعة من القانون و التي تنص على أن الفلسطينيين أمام القانون سواء لا تمييز بينهم على أساس الجنس، كما تخالف المادة العاشرة من ذات القانون و التي تنص على أن حقوق الإنسان و حرياته ملزمة وواجبة الاحترام، و على احترام السلطة الوطنية الفلسطينية للاتفاقيات و المعاهدات الدولية التي تحمي حقوق الإنسان.
4- يخالف قانون العقوبات في المواد المذكورة في هذا البحث الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و الذي يعتبر البنية الأساسية للإعلانات الدولية التي تحمي حقوق الإنسان، بالإضافة إلى انتهاك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي تم التوقيع عليها من قبل رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس في الثامن من آذار من العام 2009.
5- أساس التمييز بين الرجل و المرأة في قانون العقوبات الفلسطيني هو أساس اجتماعي و ليس قانوني، قائم ابتدءا على مفاهيم ثقافية ذكورية مرسخة في المجتمع قام المشرع بتقنينها، تعزز الفكرة الدونية للمرأة باعتبارها في مرتبة اقل من الرجل.
6- بالتالي و بناءا على ما سبق تعتبر المواد التي تمت مناقشتها في هذا البحث غير دستورية لمخافتها لمبدأ التدرج في التشريع و تعتبر مخالفة للاتفاقيات الدولية التي تضمن المساواة بين الرجل و المرأة.

التوصيات
1- تعديل قانون العقوبات في المواد التي تم بحثها كي تصبح مساوية بين الرجل و المرأة في الفعل الذي يعتبر جريمة في هذه المواد، و إثباتها و شروط ملاحقة الفعل و العقاب على مرتكبها.
2- ضرورة المساواة بين أهلية الرجل و المرأة في قانون العقوبات الفلسطيني حيث تتم المساواة في هذا القانون بين الذكر الذي يبلغ من العمر الخمسة عشر عاما و المرأة كاملة الأهلية.
3- ضرورة وضع تعريف للطفل في اعتباره كل من لم يتجاوز من العمر ثمانية عشر عاما، و توحيد العقاب للجرائم المرتكبة بحق الأطفال دون التمييز بين من يقل عن خمسة عشر عاما و من يقل عن ثمانية عشر عاما.
4- ضرورة إلغاء بعض المواد من هذا القانون و ليس تعديلها فقط، مثل المادة رقم (308) و التي تنص على وقف الملاحقة الجنائية في حالة زواج المرأة من المعتدي عليها، حيث تتضمن هذه المادة إجحافا بحق المرأة و مكافأة للمعتدي عليها بإعفاءه من العقاب.
5- ضرورة التشدد في العقاب في الجرائم التي تعتبر اعتداءا على حرية المرأة الجنسية و عنفا ضد المرأة مثل جريمة الاغتصاب و سفاح القربى كي تنصف المرأة و تشكل ردعا عام في المجتمع.
6- ضرورة توحيد التشريع بين كل من الضفة الغربية و قطاع غزة في مشروع قانون عقوبات فلسطيني جديد قائم على مبدأ المساواة التامة بين الرجل و المرأة.

قائمة المصادر و المراجع
الكتب:
1- هلال، جميل. النظام السياسي الفلسطيني بعد أوسلو، دراسة تحليلية و نقدية. مؤسسة الدراسات الفلسطينية: بيروت، 1998.
2- سنيورة، رندة، و أخريات. تقرير حول: وضعية المرأة الفلسطينية بالاستناد إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة. مركز المرأة للإرشاد القانوني و الاجتماعي: رام الله، 2001.
3- معهد الحقوق، جامعة بيرزيت. دليل الصياغة لتشريعية. بيرزيت: معهد الحقوق، 2000.
4- السعداوي، نوال. الوجه العاري للمرأة العربية.مكتبة مدبولي: مصر، 2006.
5- الصباغ، مها. "المرأة و الحماية من العنف" في المرأة و العدالة و القانون: نحو تقوية المرأة الفلسطينية. مركز المرأة للإرشاد القانوني و الاجتماعي و مؤسسة الحق: رام الله، 1995.
6- القرآن الكريم، سورة النساء.
الوثائق والاتفاقيات و المعاهدات:

1- المجلس الوطني الفلسطيني. وثيقة إعلان الاستقلال الفلسطيني" ،(الدورة 19)، الجزائر، 15 نوفمبر 1988.
2- معهد الحقوق. وثيقة حقوق المرأة الفلسطينية ، النسخة الرابعة. جامعة بيرزيت: بيرزيت، 2006.
3- الجمعية العامة للأمم المتحدة. الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. باريس، 10 ديسمبر 1948.
4- الجمعية العامة للأمم المتحدة. اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو). كوبنهاجن، 18 ديسمبر 1979.
5- الجمعية العامة للأمم المتحدة. الإعلان العالمي بشأن القضاء على العنف ضد المرأة. 19 ديسمبر، 1993.
6- الجمعية العامة للأمم المتحدة. اتفاقية حقوق الطفل. 2 أيلول 1990.
7- الأمم المتحدة. ميثاق الأمم المتحدة. سان فرانسيسكو، 1945.
القوانين:
1- المملكة الأردنية الهاشمية. قانون الأحوال الشخصية رقم (61) لسنة 1976. (الجريدة الرسمية الأردنية: عدد 2668. تاريخ 1-12-1976) ص. 2756
2- المملكة الأردنية الهاشمية. قانون العقوبات الأردني رقم (16) لسنة 1960. (الجريدة الرسمية الأردنية: عدد 1487. تاريخ 1-6-1960) ص. 374
3- فلسطين: القانون الأساسي المعدل لسنة 2003.(الوقائع الفلسطينية: عدد 0 بتاريخ 18-3-2003) ص. 5

المقالات و البحوث:
1- معهد الحقوق، جامعة بيرزيت. المراحل الانتقالية لنقل السلطات و الصلاحيات و تغيير المسميات و أثرها على التشريعات السارية. جامعة بيرزيت، بيرزيت، 2008.
2- الرئيس محمود عباس. وثيقة إعلان الاستقلال الوثيقة الأهم بتاريخنا المعاصر. جمعية الحارس للديمقراطية و الإعلام، بيت لحم، 2009.
3- براك، احمد. قراءة في مسودة قانون العقوبات الفلسطيني الجديد. مقال مقدم إلى جريدة القدس، فلسطين، 3 نيسان 2011.
4- التميمي، إسلام. الحق في المساواة و عدم التمييز وفق المواثيق و التشريعات الدولية و الإقليمية و الوطنية. مقال صادر عن الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان "ديوان المظالم"، رام الله، تموز 2011.
5- عاشور، ماجدة. الأردن: سحب التحفظ على الفقرة 4 من المادة 15 من اتفاقية سيداو. مقال صادر في عمان، الأردن شباط 2009.
6- صالح، ديما. حول مبررات تعديل قانون الأحوال الشخصية فيما يتعلق بقضية تعدد الزوجات. مقال منشور في فصلية حقوق الإنسان الفلسطيني ع 39. الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، رام الله، 39 أيار 2010.
7- متري، امجد. الانضمام إلى عضوية الأمم المتحدة. مقال صادر عن بديل، المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة و اللاجئين، رام الله، 2011.
8- الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. الزواج و الطلاق دراسة مقارنة (1996-2001). الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فلسطين، 2003.
9- عبد العاطي، صلاح و مرعي، ليلى. تجربة الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان – فلسطين في مناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي. شريحة رقم 17، الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، رام الله، 2003.
10- حبش، محمد. قراءة فقهية في قانون العذر المحل في ما بات يعرف بجرائم الشرف. مقال منشور في مجلسة الثرى الالكترونية، سوريا، 2009.
11- وكالة معا الإخبارية. مقال بعنوان: على الهواء مباشرة- الرئيس يصدر قرارا بتعديل قانون العقوبات الفلسطيني. مقال منشور في وكالة معا الإخبارية، بيت لحم، 13-5-2011.
12- وزارة شؤون المرأة. اتفاقية سيداو و آليات تطبيقها. وزارة شؤون المرأة الفلسطينية، رام الله، 10-11-2009.
13- وحدة المرأة. سلسلة دراسات رقم (35). المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، رام الله،2008.
14- Bergen, Raquel Kennedy. Marital Rape. United States of America, March 1999
الصفحات الالكترونية:
1- http://www.un.org/ar/documents/udhr/history.shtml، الأمم المتحدة: نبذة تاريخية عن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، تمت زيارة الموقع بتاريخ 9-3-2012، 16:07pm.
2- http://www.un.org/ar/documents/udhr/hr_law.shtml الأمم المتحدة: أساس القانون الدولي لحقوق الإنسان. تمت زيارة الموقع بتاريخ 11-3-2012،18:34
3- http://www1.umn.edu/humanrts/arabic/aradoc.html مكتبة حقوق الإنسان: مدخل عام للقانون الدولي لحقوق الإنسان و القانون الإنساني الدولي. جامعة منيسوتا، الولايات المتحدة الأمريكية. تمت زيارة الموقع بتاريخ 11-4-2012، 12:03.
4- http://www.pcbs.gov.ps/DesktopDefault.aspx?tabID=4109&lang=ar-JO . الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. تمت زيارة الموقع بتاريخ 13-4-2012، 10:34
الندوات و المقابلات:
1- مقابلة مع مؤسسة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، المدير العام: فاطمة المؤقت. 11 آذار 2012
2- ندوة بعنوان التحرش الجنسي في الشارع. مؤسسة سوا، رام الله ،قاعة مدرسة الكاثوليك ، 22-2-2012 الساعةpm 6:00



#ميس_بسام_صالحي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وضع المرأة في قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960


المزيد.....




- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...
- حوار مع الرفيق أنور ياسين مسؤول ملف الأسرى باللجنة المركزية ...
- ملكة جمال الذكاء الاصطناعي…أول مسابقة للجمال من صنع الكمبيوت ...
- شرطة الأخلاق الإيرانية تشن حملة على انتهاكات الحجاب عبر البل ...
- رحلة مريم مع المتعة
- تسع عشرة امرأة.. مراجعة لرواية سمر يزبك
- قتل امرأة عتيبية دهسا بسيارة.. السعودية تنفذ الإعدام -قصاصا- ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - ميس بسام صالحي - وضع المرأة في قانون العقوبات رقم (16) لسنة 1960