أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد عبدول - الإنسان أم الأديان















المزيد.....

الإنسان أم الأديان


احمد عبدول

الحوار المتمدن-العدد: 3944 - 2012 / 12 / 17 - 23:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


مهما تباينت الآراء وتعددت وجهات النظر في مسألة مقدار حاجة الإنسان إلى دين ما فأن الإنسان يبقى محتاجا إلى هذا الدين أو ذاك أيا كان مصدره (أرضي أم سماوي ).
ويبدو إن هذه الحاجة لا يمكن أن تذوب أو تتلاشى حتى مع تقدم المجتمعات وازدهار أحوالها الاجتماعية والاقتصادية والعلمية , حيث يبقى الإنسان في قرارة نفسه يشعر بفراغ ما داخل أعماقه وبواطن عقله وعليه فلابد من إشباع ذلك الفراغ بما يلائم حجمه ويوافق طبيعته ,وهذا ما يؤدي إلى حالة من الاطمئنان داخل النفس البشرية من مخاوف وهواجس واستفهامات لا فكاك منها بحال من الأحوال إلا عندما تعالج بذلك العقار الفعال إلا وهو عقار الدين ,وعليه فإن الحاجة لهذا العقار سوف لن تنتفي ما دامت هنالك حياة على وجه الأرض ,وإن كانت هناك عينة من المجتمعات تعيش دون أن يكون لها أي هوية دينية لكننا نتحدث هنا عن الأعم الأغلب من الشعوب والمجتمعات ومع ذلك فلا نستطيع أن نجزم بتحرر أفراد تلك الشعوب (العينة )من ذلك الإحساس الفطري الذي قد يداهم الفرد تحت ظرف ما ,إن الإحساس بالحاجة إلى دين معين هو إحساس قد توارثناه من أسلافنا كابرا عن كابر وهو لا شك قد ارتبط بخارطة جيناتنا والتصق بمراحلنا الأولى يوم كنا نخاف الطبيعة ونتقي أخطارها ونحترس من أعاصيرها وإمطارها وبراكينها ,لقد تبلور ذلك الإحساس داخل عوالم استكشاف حقيقة ذواتنا وطبيعة ما يدور حولنا من شموس وأفلاك وأقمار وذلك سعيا منا لتكوين منظومة تصور متكاملة حول ما هو مبهم وغير مفهوم من قبل عقولنا ومداركنا إذن الدين هو حاصل تحصيل كما يقال إلا إن ما نريد أن نتأوله هنا إنما يتعلق بمعادلة أيهما يتقدم الأخر الدين يتقدم الإنسان أم الإنسان يتقدم الدين أيهما يخدم من الإنسان يخدم الدين كما هو شائع ومعروف ومعمول به من أزمان غابرة أم الدين يخدم الإنسان كما ينص الدين نفسه في أدبياته ونصوصه وشرائعه السماوية (وعلم آدم الأسماء كلها ) (حرمة المؤمن أعظم من حرمة الكعبة )وإلى ذلك فقد أشار الكثير من علماء الإسلام من المحسوبين على التيار التنويري ومن مختلف الفرق والطوائف إلى مثل ذلك الطرح (محمد باقر الصدر )في العراق والمرجع الديني (عبد اللطيف بري )في لبنان ,وقد اثروا واشبعوا ذلك الطرح بجملة من الأدلة والبراهين العقلية والنقلية المعتبرة ليبرهنوا على صحة المعادلة الآتية (الدين وسيلة لحفظ الإنسان والعكس ليس صحيحا ) المرجع الديني (عبد اللطيف بري ).لكن الأمر بقي على ما هو عليه بالنسبة لسائر جمهور المسلمين لعدة أسباب لعل أبرزها إن تلك الأصوات التي أرادت التأسيس والتأصيل لهكذا معنى كانت أصوات قليلة مقارنة بتلك التي عارضت ذلك الطرح وهي تسير وفق آليات معكوسة والتي كان من نتائجها تسخير الإنسان لمقتضيات الأديان وعبوديته المطلقة لنصوصها وأحكامها المتحجرة .كذلك فأن هناك سبب أخر أراه أعظم تأثيرا من السبب الأول وأعني به ذلك الشعور الواضح بالقصور وعدم التكامل مما حدا بالإنسان أن لا يغادر دوره الثانوي في مسلسل عيشه فوق سطح الأرض ,مكتفيا بدور هزيل قياسا إلى دوره المرسوم له على ضوء ما جاءت به الشرائع والأديان.
لقد تنازل الإنسان عن ذلك المقدار من القدسية والذي زودته به القوة الخلاقة (الله ) لصالح الأديان وهو يمر بحالات من الضعف والشك والحيرة والإحباط في مرحلة من مراحل مسيرته الشاقة ,ولقد بقي الإنسان مصرا على هذا التنازل حتى يومنا هذا ,ولا شك إن مثل ذلك التنازل قد كلفه ويكلفه الكثير حيث بات الإنسان أسيرا للإحكام تابعا للشرائع لا يستطيع فكاكا من نصوصها وثوابتها غير الطيعة والتي لا تتماشى مع مستجدات ومستحدثات العصور في اغلب الأحيان .
لقد آن الأوان بأن يسترد الإنسان تلك القدسية التي وهبها للأديان في غفلة منه وإن كانت هي الأخرى تتمتع بمقدار من القدسية لكنها تبقى في كل الأحوال في حدودها الدنيا قياسا لقدسية أبونا( آدم ) ,ولربما يتساءل سائل عن حجم ومقدار الفوائد والعوائد المترتبة على استرداد تلك القدسية إلى صاحبها الشرعي في المقام الأول .ولا شك إن تلك الفوائد والعوائد التي تترتب على عملية الاسترداد تلك سوف تكون ذات آثار مهمة وبالغة في إسعاد وضمان حياة أكثر رقيا وتقدما ورفاهية بالنسبة للإنسان ,فالعبودية للدين تعني تكبيل إرادة الإفراد والجماعات بقيود وسلاسل على شكل شرائع ونصوص إذا كانت تصلح لزمان معين فإنها لا تصلح لزمان أخر وان كانت مفيدة في مرحلة من المراحل فإنها قد تكون ضارة في مراحل لاحقة مع الأخذ بنظر الاعتبار إن الدين خالد والشرائع متغيرة ,حيث لا توجد شريعة خالدة ما بقي الليل والنهار كما يروج له لان الإنسانية في تطور دائم وان المجتمعات في تقدم مضطرد ومع هكذا تطور وتقدم لا يمكن الاعتماد على شرائع ونصوص وإحكام شرعت ضمن مراحلها الزمانية والمكانية ولا شك أنها قد استنفدت غاياتها واستوفت عللها وأغراضها. إن عملية استرداد قدسية الإنسان هي عملية في غاية الأهمية لان الإنسان آنذاك سيكون قد استعاد دوره الطبيعي في ريادة الكون والتحكم بمركزه وهو بذلك سيعود إلى وضعه الطبيعي الذي وضعته فيه القوة الخلاقة (الله ) التي أرادت للإنسان إن يمتلك ناصية كل شيء ويتسامى فوق كل شيء ,إن عملية الاسترداد تستوجب أعاده الثقة بكينونة الإنسان وقدراته الجبارة .لقد كرس مشايخ الإسلام على امتداد القرون المنصرمة معادلة خدمة الدين من قبل الإنسان وهذا ما أدى إلى سحق هذا الكائن تحت عجلات ماكنة الجهل والقصور في الفهم إن المتتبع لسر وحكمة التشريعات السماوية يجدها جميعا تدور مدار المصلحة الشخصية للإنسان وهذا يدلل بوضوح أن المقصود من تلك اللوائح والتشريعات هو حفظ كرامة الإنسان وضمان عيشه الكريم إلا إن مثل هذا الأمر لم يجد قبولا لدى جمهور علماء المسلمين فجعلوه منكوسا مقلوبا لنقص في العلم وقصور في الفهم ويبدو إن بعضا من هؤلاء العلماء والمشايخ قد استعذب مثل ذلك الطرح فأصبح له ناصرا وأمسى له جذلا لما فيه من ميزة ولما يتضمنه من قداسة ومهابة بالإضافة إلى إن مثل ذلك الطرح قد يسهل على هؤلاء التحكم بمصير الإنسان وتوجيهه الوجهة التي تخدم مصالحهم فضلا , إلى أنهم في ظل هكذا معادلة سوف يتمتعون ويحتفظون بهالة من القداسة والتبجيل وهذا مما نهت عنه الأديان ذاتها .
إن تجديد معالم الدين وتطبيع علائقه وبما يلائم احتياجات الإفراد والجماعات أمر لابد منه ,ولعل هذا ما يشير إليه الحديث النبوي (على رأس كل مائة عام يبعث الله لأمتي من يجدد لها معالم دينها ),والمقصود من هذا الحديث إن هنالك من يجدد معالم الدين بين آونة وأخرى أي هنالك من يعمل على مطابقة بنود الشريعة على ارض الواقع مع خلود الدين ذاته ,إما إذا بقي الدين على ما هو عليه منذ أكثر من اربعة عشرقرنا فانه لا محالة سيكون عبئا بالغا وتركة ثقيلة في طريق تقدم الشعوب ورفاهية أبنائها .



#احمد_عبدول (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يمتلك العراقيون دينا خالصا
- طقوس كربلاء من منظار اخر
- ما هو المطلوب من رجال الدين تحديدا؟
- شيوخ العطب والهلاك


المزيد.....




- الاحتلال يستغل الأعياد الدينية بإسباغ القداسة على عدوانه على ...
- -المقاومة الإسلامية في العراق- تعرض مشاهد من استهدافها لموقع ...
- فرنسا: بسبب التهديد الإرهابي والتوترات الدولية...الحكومة تنش ...
- المحكمة العليا الإسرائيلية تعلق الدعم لطلاب المدارس الدينية ...
- رئيسي: تقاعس قادة بعض الدول الإسلامية تجاه فلسطين مؤسف
- ماذا نعرف عن قوات الفجر الإسلامية في لبنان؟
- استمتع بأغاني رمضان.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ا ...
- -إصبع التوحيد رمز لوحدانية الله وتفرده-.. روديغر مدافع ريال ...
- لولو فاطرة في  رمضان.. نزل تردد قناة وناسة Wanasah TV واتفرج ...
- مصر.. الإفتاء تعلن موعد تحري هلال عيد الفطر


المزيد.....

- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود
- فصول من فصلات التاريخ : الدول العلمانية والدين والإرهاب. / يوسف هشام محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احمد عبدول - الإنسان أم الأديان