|
النساء.. هُنَّ من يصنعن الحضارة..
سومه حساين
الحوار المتمدن-العدد: 3943 - 2012 / 12 / 16 - 00:17
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
لا زالت الثورات العربيه بعيدة على أن تكون قد حققت شيئاً من الأهداف التي قامت من أجلها... وهذا ليس غريباً فالثورة الفرنسية لم تحقق أهدافها وتتخلّص من الطغاة والمستبدين ورحال الدين اللذين أدخلوها في عصور الظلام والتخلّف التي عمّت آوروبا... ولم تحصد شيئاً من ثمار ثوراتها إلاّ بعد مرور عشر سنوات على انطلاقها.
وفي ربيع ثوراتنا العربية لا نستطيع أن نُنكر دور المرأة ومشاركتها الكبيره في الثورات العربية والتحركات الشعبية.. وليس من منطلقات حزبيه أو تنظيميه.. بل من دافع فطري بالمسؤولية.. وطوقاً وشوقاً للحرية والإصلاح، وللخلاص من براثين العبودية التي ضاقت قيودها.. فالمرأه التي تشكّل نصف المجتمع العربي، وهي التي تنشأ النصف الآخر من المجتمع رجالاً ونساء... لذلك لا نستطيع أن ننكر دورها ومساهمتها الفعّاله في بناء المجتمعات سواء بشكل غير مباشر أو مباشر بما لديها من إمكانيات محدودة.
والمرأة العربية في مجتمعاتنا العربية لا زالت تزحف أو تمشي بخطاً بطيئة مترددة وراء ركب الحضارة والتطوّر.. و تحاول جاهدة مقاومة تهميشها وتحجيمها من قبل مُجتمعاتنا الأبوية الذكورية التي غلبت عليها العادات والتقاليد المُتخلّفة والتي حالت دون تقدّم المرأة وتوعيتها وحجب عقلها وتجهيلها، وذلك بترهيبها ومنعها من الخروج على العادات والتقاليد.
والمرأه في بلادنا وبصفتها المربية والمنشئة للأجيال لم تتقاعص عن أداء دورها بما استطاعت وبما توفر لها من امكانيات ثقافية، وضمن مساحة ضئيله من الحرية.. وهذه القيود التي أحاطت بها جعلتها تنعكس على الأجيال التي تربيها.. وبالتالي فقد خلقت أجيال تحمل بعض من صفات العبودية مثل الضعف والإستكانة والرضوخ، ومن ثم تقبّل الإستبداد وتدهوّر الأخلاق، وسيادة سياسة الغاب... ولهذا قالوا: الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق.
والمرأة المُهمشة في مجتمعاتنا العربية لم ترى خلال سنوات طويلة إلاّ مزيداً من التهميش والتغييب.. وهذا إن كان إجحاف وظلم في حقها.. فهو أيضاً دليل على خوف الرجل العربي من المرأة وقوتها وقدرتها على التأثير في المجتمع.. فهي من تصنع الرجال وتنشئهم وهي من تبني العقول بقد ما عندها من ثقافة ومعلومات.. وبما أن نسبة كبيرة من النساء في دولنا العربية غير متعلمات أو على قدر قليل من الثقافة والتعليم وذلك حسب الإحصائيات المُقدمة، فللأسف هذا إنعكس على مجتمعاتنا وجعلها تتراجع عن ركب الحضارة و التطور، فأصبحت مجتمعات مُتخلفة مُستهلكة غير مُنتجه في كثير من المجالات.. وعالة على الأمم المتحضرة وما ينتجه الآخرون.. بالرغم مما تملكه دولنا من موارد وخيرات.. فويل لأمة تأكل مما لا تزرع وتلبس مما لا تصنع.
وإذا ألقينا نظرة على المجتمعات الغربية المتحضرة بغض النظر عما فيها من سلبيات وعادات لا تناسب ثقافتنا العربية، نجد أن المرأة الغربية مُنصفة وحاصله على كامل حقوقها، وذلك ليس لأن المجتمع الغربي تقدّم فأنصف المرأة، بل لأن المجتمع أنصفها أولاً وأعطاها كامل حقوقها تقدّم وتطّوّر وارتقى.. فلا نستطيع أن ننكر أن هذه المجتمعات تقوم على الحرية والديمقراطية وحرية الرأي وتقبل الرأي الآخر، ولذلك ينشأ الرجل الغربي منذ طفولته على احترام حقوق الآخرين بما فيهم المرأة، وتكون حقوق كل فرد محفوظة بالقانون، وهذا ينعكس على شخصيته وتعاملهم، فينشأ الفرد ذو شخصية قوية حُرة وفعّالة.. قادر على بناء مجتمع قوي والنهوض به، ولكننا للأسف لا نرى من هذه المجتمعات الغربية إلاّ سلبياتها وما تلفظه لنا من عادات سيئة وعري.
والفرد العربي الذي هو اللبنة الأساسية في المجتمع العربي، عندما تنشأه وتربيه إمرأه مقموعة مُقيّدة محدودة التعليم والمعرفة، تشعر بالدونية في مجتمع أبوي مُتسلّط (ولا أعمم على جميع النساء العربيات).. فمن الطبيعي أن مثل هذا الرجل الذي تنشأه إمرأة مقموعة.. سينشأ شخصاً سلبياً ذو شخصية مُضّطربة ستقبل بالإستبداد والتحكّم ومصادرة الحقوق من قِبَل الأقوى والأكبر والأعلى مكانة، إذن سيصبح الفرد ضحية مجتمع مُتخلّف لم يحسن تثقيف نسائه وتعليمهن، والمرأة الجاهلة المقموعة المسلوبة الإرادة والتي تشعر بالعبودية كيف لها أن تنشىء رجال أحرار.. وفاقد الشيء لا يعطيه.
إذن فالمرأة هي أساس المجتمع ، ومصادرة حقوقها والحكم عليها بالدونية والعبودية.. هو حكم على المجتمع بأكمله بالوأد والتخلّف.. وجعل الناس فيه غُثاء كغثاء السيل لا قيمة لهم ولا تأثير، ولا يفقهون ولا يفكرون.. يلهثون وراء ركب الأمم المتحضرة التي سبقتهم وساهمت في عجلة التطور والتقدم الحضاري الذي خدم العالم بأسره والبشرية كافة، فلكي ترتقوا وتلحقوا بالحضارة كُفوا عن أكل حقوق نسائكم وأخواتكم وبناتكم، وكفاكم تسلّط ورجعية، فمن تسلّط.. سلّط الله عليه من يسلبه حقوقه ويحط من قدره، فكفى تهميشاً وقمعاً للمرأة باسم العادات والتقاليد والدين.. واعتبارها عيب وعورة وناقصة عقل ودين وغير مؤهّلة لتولي أمر نفسها.
إرفعوا من قدر المرأة وقيمتها بثقفيفها وتعليمها، وإعطائها مساحة من الحرية.. وتربيتها على الحرية وقوة الشخصية.. فالحرة الأبية لا تنحرف عن طريق الصواب ولا تُفرّط في حقوقها، ولا تنجب ولا تربي إلاّ الأحرار، فردوا عليها كرامتها وحقوقها المسلوبة التي أقرها لها الله في كتابه الكريم. وأصلحوا من حالها لكي ينصلح المجتمع العربي ويرتقى ويتقدّم، ويلحق بركب الأمم المتحضرة التي سبقته.. فالمجتمع لا يرتقي إلاّ بارتقاء المرأة وإكرامها.. والمجتمع الذي لا يُكرّم المرأة فلا كرامة له ولا نهضة.. فالمرأة هي أساس المجتمع.
بقلم -سومه حساين-
#سومه_حساين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بناء فندق على سطح القمر
-
ما السبيل الى الخلاص من هذا المأزق...
-
الشماعة الفلسطينيه
-
قصة قصيره- (وبقيت طفلاً)
المزيد.....
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (إ.م.ش) تدعو للمشاركة الوازنة
...
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 576
-
فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب يُطالب الحكومة بتقد
...
-
السيد الحوثي: بقية الفصائل الفلسطينية المجاهدة في غزة تواصل
...
-
هل تسعى تركيا إلى إنهاء الصراع مع حزب العمال الكردستاني؟
-
تركيا.. اعتقال رئيس بلدية -أسنيورت- بتهمة الانتماء لحزب العم
...
-
العدد 577 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
-
الجبهة الديمقراطية تراسل الاحزاب السياسية والبرلمانات العالم
...
-
المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي يدين بشدة وصف ا
...
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|