أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إكرام يوسف - دستور حيك بليل














المزيد.....

دستور حيك بليل


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3932 - 2012 / 12 / 5 - 19:25
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


يثير مشهد استفتاء أعضاء الجمعية التأسيسية على مواد مسودة الدستور، الألم بأكثر مما يثيره من سخرية! فلا تستحق بلد بقيمة وقامة مصر، أن يفبرك دستورها بليل، على هذا النحو المهين، كما لو كان فعلا حرامًا، لا ينبغي أن يتم في النور!
وفي ظل جماعة تسلك سلوك الغزاة الفاتحين، مع أهل البلاد التي تم غزوها؛ اكتفى رئيس الجمهورية بتأييد أهله وعشيرته، ضاربا بعرض الحائط احتجاجات القضاة، والأطباء، والصحفيين، والنقابات العمالية، وأساتذة الجامعات، والكنيسة، والثوار الحقيقيين، وأهالي سيناء والنوبة، وسائر قوى المجتمع المدني.
وسرعان ما قرر رئيس الجمهورية طرح مسودة؛ أعدتها جمعية لا تمثل توافقًا شعبيًا، للاستفتاء خلال خمسة عشر يوما، لا تكفي لإدارة حوار مجتمعي جاد حولها! وخلال الفترة السابقة، جرى تشتيت انتباه الجميع، إعمالا لمبدأ "بص شوف العصفورة"! للإلهاء في ظل كافة الحكومات الاستبدادية؛ عبر إصدار إعلان دستوري غير مسبوق في ديكتاتوريته، ومعه تنطلق آلة التبريرات "أنها ديكتاتورية محدودة المدة"! تذكرنا بدعوات امهال المخلوع ستة شهور بعدما تعهد بالتزام حسن السير والسلوك خلال الشهور الستة الباقية على انتهاء ولايته! كما لو أن أمور البلاد تدار بالنوايا الحسنة و"العشم"! ورغم اعتراض كافة التيارات السياسية بلا استثناء، فيما عدا أهل وعشيرة الحاكم، كان الإصرار على تحدي إرادة الشعب، على النحو الذي صرح معه بعض المسئولين، بأن التصويت بنعم على الدستور هو السبيل الوحيد للتخلص من إعلان دستوري يجعل الرئيس على حد قول الدكتور كمال الهلباوي " لا يسأل عما يفعل وهم يسألون"! في سلوك، لم يجرؤ الديكتاتور المخلوع على مجرد التفكير فيه! وهكذا يحصر شعب مصر بين مطرقة إعلان دستوري استبدادي، وسندان دستور معيب لا يعبر عن أطياف الشعب، كما هو المفترض في جميع الدساتير. ومرةأخرى، يخيروننا بين الكوليرا والطاعون!
وربما يكون المتخصصون أقدر على تفنيد مسودة دستور حيك بليل؛ غير أنني، باعتباري مواطنة ـ لا تؤمن بفكرة المستبد العادل، وتدرك أنه مهما كانت استقامة الحاكم الأخلاقية، يظل الاستبداد مرتعا للفساد، الذي يترعرع في ظل اطمئنان الحكام، ومحاسيبهم، إلى حصانتهم ضد المساءلةـ أرى خطرا داهما تمثله المادة202 التي تنص على أن يعين رئيس الجمهورية رؤساء الهيئات الرقابية، المنوط بها مراقبة كافة مؤسسات الدولة ، ومن ضمنها مؤسسة الرئاسة! فكيف تراقب هذه الهيئات ـ مثلا ـ مصروفات، ونفقات مؤسسة الرئاسة، وهو أمر ـ كما تعلمون ـ كان مألوفا في العهد الملكي، عندما كان مصطفى النحاس، يطالب بتخفيض إنفاق القصر الملكي، وتخرج جموع الشعب لتهتف"الشعب مع الناس"، لترد عليها مظاهرات الإخوان المسلمين "الله مع الملك"!
وباعتباري، من محدودي الدخل، الذين يعانون من التفاوت الهائل في الأجور، أرى أن الفقرة الثالثة من المادة 14 "ضمان حد أدنى للأجور والمعاشات ... وحد أقصى فى أجهزة الدولة لا يستثنى منه إلا بناء على قانون"؛ لم تحدد الحد الأدنى أو معيار حسابه، كما فتحت باب الاستثناءات من الحد الأقصى للأجور!
ولكوني أعاني ـ مثل ملايين المواطنين ـ من أمراض، تتطلب توافر رعاية صحية لا تكبد المواطن أعباء فوق عبء المرض، فأنا اعترض على المادة62 من المسودة التي لم تحدد النسبة المخصصة للرعاية الصحية في الموازنة العامة ـ وطرحت الأمر ضمن صياغة مطاطة، تفتح الباب أمام استمرار الوضع كما هو.
وكمواطنة، تحلم بالعيش في مجتمع يتمتع بالشفافية، في ظل وسائل إعلام مستقلة، نزيهة وحرة، فأنا أرفض المادة 48 من المسودة؛ التي تسمح بغلق الصحف ووسائل الإعلام، في حالة صدور خطأ عن أحد المنتسبين إليها. حيث تعاقب المؤسسة بالكامل، بدلا من معاقبة المخطئ وحده! وهو ما يهدد حق المواطنين في الحصول على المعلومات!
فيما تسحب المادة 215 صلاحيات نقابة الصحفيين ومجلسها المنتخب في تنظيم شئون الصحف والرقابة عليها، وتحيلها إلى كيان "معين" أسمته المجلس الوطني للإعلام! بما يهدد استقلال وسائل الإعلام. وتجعل المادة 216 إدارة الصحف القومية ـ المملوكة للشعب ـ من اختصاص الهيئة الوطنية للصحافة والإعلام، وهي هيئة معينة، لم يحدد المختص بتعيينها! بينما يفترض أن تكون إدارة هذه المؤسسات من خلال مجالس إدارة منتخبة؛ لضمان استقلالها عن السلطة.
وأخيرا، أتخوف، كأم، من دستور، يتجنب تحديد سن الطفل ـ وكان قد تحدد في ظل النظام السابق بثمانية عشر عاما ـ خاصة بعدما سمعناه من إصرار البعض على جواز تزويج الفتيات بمجرد البلوغ! وإن كان النص منع تشغيل الطفل في "أعمال لاتتناسب مع عمره"، فهو لم يحدد هذه الأعمال التي تتناسب مع عمره، وتركها مرسلة، تهدد براءة أطفالنا ومستقبلهم.
هذا غيض من فيض يجعل الموافقة على دستور كهذا جريمة في حق الوطن والثورة والأجيال المقبلة.



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مستمرة.. وخائن من ينسى!
- المسلطون على أنفسهم
- جرس إنذار
- لا عدالة ولا كرامة.. ولا خير
- ليتهم يصمتون
- خدعوك فقالوا
- دببة تحمل مباخر!
- الوضوح مطلوب ياريس
- دين أبوهم اسمه ايه؟
- بأية حال عدت يا رمضان! 2-2
- بأية حال عدت يا رمضان!
- تجربة رائدة ورائعة
- على باب السفارة
- التنكيل بالضحية
- اشهد يا تاريخ!
- هانت
- أرنا مالديك يا رومل!
- ويبقى الأمل.. وتبقى الثورة
- لماذا المخلوع وكبير بصاصيه وحدهما؟
- بركاتك يا ثورة.. مدد


المزيد.....




- ماذا كشف أسلوب تعامل السلطات الأمريكية مع الاحتجاجات الطلابي ...
- لماذا يتخذ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إجراءات ضد تيك ...
- الاستخبارات الأمريكية: سكان إفريقيا وأمريكا الجنوبية يدعمون ...
- الكرملين يعلق على تزويد واشنطن كييف سرا بصواريخ -ATACMS-
- أنطونوف يصف الاتهامات الأمريكية لروسيا حول الأسلحة النووية ب ...
- سفن من الفلبين والولايات المتحدة وفرنسا تدخل بحر الصين الجنو ...
- رسالة تدمي القلب من أب سعودي لمدرسة نجله الراحل تثير تفاعلا ...
- ماكرون يدعو للدفاع عن الأفكار الأوروبية -من لشبونة إلى أوديس ...
- الجامعة العربية تشارك لأول مرة في اجتماع المسؤولين الأمنيين ...
- نيبينزيا: نشعر بخيبة أمل لأن واشنطن لم تجد في نفسها القوة لإ ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إكرام يوسف - دستور حيك بليل