أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إكرام يوسف - خدعوك فقالوا















المزيد.....

خدعوك فقالوا


إكرام يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 3853 - 2012 / 9 / 17 - 00:10
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


يسعى البعض لتكريس مفاهيم مغلوطة ، ومنا من يستدرج إلى تصديقهم وتكرار ما يدعون، باعتباره مسلمات. وعلى قوى الثورة الداعية إلى التغيير المنشود، الانتباه إلى ضرورة تصحيح هذه المفاهيم، بما يحقق أهداف الثورة الحقيقية.
ولعل أحدث أمثلة ذلك، تداعيات مشكلة الفيلم المسيء لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حيث انزلق البعض إلى مهاجمة جميع مسيحيي المهجر باعتبار أن واحدا منهم شارك في انتاج الفيلم (رغم أن بينهم أيضا سيدات انهلن بالضرب على هذا الشخص في واشنطن بسبب نفس الفيلم!) ووصل الأمرإلى مهاجمة جميع المسيحيين والطعن في عقيدتهم. وتورط مشايخ في سب ولعن القساوسة جميعا، بألفاظ لا يعقل صدورها عمن يزعم انتماءه للدين، ناهيك عن دفاعه عنه! واستجاب بعض المسيحيين للابتزاز، فأعلنوا اعتذارهم عن الفيلم! رغم أن المنطقي ألا يعتذر المرء إلا عن خطأ ارتكبه بنفسه. فعندما وقعت حادثة القديسين، كتبت أدين الجريمة النكراء، وأطلقت دعوة لتشكيل دروع بشرية لحماية الكنائس في عيد الميلاد، وسافرت لتقديم واجب العزاء، لكنني لم أجد نفسي مضطرة للاعتذار عما لم أفعله؛ كما أن من فعلوها لا يمثلونني ولا أنتمي إليهم! وخطورة هذا المنطق، أنه يكرس فكرة مسئولية جميع المنتمين لأي دين، أو عرق، عن جريمة ارتكبها شخص منهم! وهو ما يعطي مبررا للمعاملة السيئة التي عانى منها بعض المسلمين في الغرب بعد هجمات سبتمبر ـ على سبيل المثال ـ أو لاعتبار جميع المسلمين إرهابيين بعد كل عمل إرهابي يقترفه مسلم!
ومن الأفكار التي يرددها البعض باستحسان، دون تفكير ـ باعتبارها بديهية ـ أن جماعات الإسلام السياسي استطاعت أن تصل إلى الناس بفضل ما تقدمه من مساعدات وخدمات للفقراء، ويدعو المشتغلين بالعمل العام بتقليدها لكسب ود البسطاء، وبالتالي أصواتهم. والحقيقة أن فكرة توفير الطعام والكساء للفقراء، كانت الطريقة الوحيدة لمساعدة الفقراء عندما كان عدد الناس محدودا وفرص الرزق معدودة. أما الآن، فلم تعد الفكرة تستحق الإشادة؛ فهي تكرس مفهوم التسول، وتقسم الناس الى سادة وعبيد احساناتهم، وتناقض فكرة العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. وفي واقع الأمر، استغلت جماعات سياسية، النزوع للكسل لدى الأغنياء والفقراء معا، من أجل تحقيق مكاسب سياسية. فالأغنياء يرغبون في التخلص من نسبة الزكاة الواجبة على أموالهم حتى يريحوا أنفسهم من عبئها، من دون أن يبذلوا جهدا في كيفية تصريفها، ويريحهم أن تتولى جهة ما عنهم هذا العبء. والفقراء يرغبون في سد احتياجاتهم من دون بذل جهد. وتقوم هذه الجماعات بمهمة جمع أموال الزكاة من الأغنياء، ثم توزيعها ـ في صورة طعام وكساء أو نفقات ـ على الفقراء؛ بحيث ينسب الفضل لها، وتلغي دور الدولة الاجتماعي، وتثمر أصواتا في الانتخابات! في حين أن الثورة التي قامت من أجل تحقيق الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، تفرض على نظام الحكم بعد الثورة، خلق فرص العمل الكريمة للفقراء حتى يستطيعوا الحصول بكرامة على احتياجاتهم من حر مالهم، من دون أن أن يمدوا إيديهم للتسول. ولا يلغي هذا وجود غير القادرين على العمل، وهؤلاء من حقهم أن تتولى الدولة إعالتهم وخدمتهم، من دون تفضل؛ فهذه وظيفتها.
ويفرض هذا على قوى الثورة المطالبة بالتغيير، الكثير من الجهد لتغيير المفاهيم المغلوطة، وتوعية الفقراء لنبذ ثقافة التسول، وإدراك حقهم في الحرية والعدالة والاجتماعية، الذي لن يتحقق إلا بقيام الدولة بدورها الحقيقي في توفير الرعاية الاجتماعية لمواطنيها وخلق فرص العمل بما يكفيهم عار السؤال.
ثم تأتي الدعوة التي يرددها البعض ـ بحسن نية ـ إلى ضرورة توحيد جميع القوى السياسية المدنية في تنظيم واحد، لمواجهة ما يدعونه من قوة تنظيمية لدى الإخوان المسلمين. وهي فرضية خاطئة من البداية؛ أن تتصور القوى المدنية أن دورها هو مواجهة الإخوان! فدورها الحقيقي هو نشر الوعي والثقافة المدنية والأخد بيد الجماهيرـ التي غيبت عقودا طويلة ـ إلى المشاركة السياسية الإيجابية في اتخاذ القرارات المؤثرة على حياتها. والأصل، أن قوى الثورة لاتبحث عن مكاسب شخصية أو حزبية، وإنما هدفها الحقيقي تشجيع الجماهير على اتخاذ القرار الحر فيما يخص مستقبلها. وهو طريق أصعب من مجرد البحث عن مناورات لجمع أكبر قدر من الأصوات، والحصول على مقاعد في الانتخابات. على قوى الثورة إدراك أن هدفها الحقيقي ليس الحكم، وإنما نشر الوعي بين الجماهير بحيث تنجح في اختيار من يمثلونها بحق. وعلينا ألا نخدع أنفسنا بتوقع هذا التغيير في الانتخابات المقبلة مباشرة، وأن يكون هدف قوى الثورة الحقيقية زيادة مساحة المشاركة ا الواعية، إلى أن تتمكن الجماهير ـ عبر التجربة والخطأ ـ من النجاح في إلى اختيار من يعبرون عنها حقيقة.
وعلى القوى المدنية إدراك أن الانقسام الى تيارات سياسية وحزبية في هذه الفترة، طبيعي، وصحي، ومنطقي. فلم يشهد مجتمعنا منذ نحو ستين عاما تنظيما واحدا ـ سياسيا أو اجتماعيا أو ثقافيا ـ مستقلا عن الدولة، تكتسب فيه النخبة والجماهير معا نضجًا سياسيًا . وسوف نستغرق بعض الوقت حتى تتبلور ـ عبر التجربة والخطأ أيضا ـ التيارات السياسية الحقيقية في أحزاب واضحة الملامح والبرامج، تستطيع التنسيق فيما بينها أو التحالف ضمن جبهة سياسية مدنية لمواجهة الفكر الطائفي والفاشية الدينية. ولا شك أن فكرة توحيد جميع قوى المعارضة، رغم جاذبيتها في أذهان البسطاء، إلا أنها ليست واقعية ولا إنسانية، فلا يوجد شعب موحد الفكر والتوجه. أما الواقعي والمنطقي، فهو التحالفات المرحلية التي تتشكل بوعي عقلاني غير عاطفي، لتحقيق أهداف الحد الأدنى، التي يتفق حولها المختلفون سياسيا. وهي تحتاج إلى الدراسة الواعية والتأني. فقد ثبت في كثير من التجارب أن الاستعجال يؤخر، في نهاية المطاف. نحن بحاجة إلى تنظيمات قوية، ولكنها تقوم على الإرادة الحرة وإعمال العقل ـ وليست تنظيمات السمع والطاعة التي تنقاد لإرادة أفراد معدودين ـ ومن ثم، يكون تشكيل هذه التنظيمات أصعب، ويستغرق وقتا أطول، لأنه يتعامل مع أحرار يتقبلون الاختلاف، ولا ينتظر منهما التزامًا أعمى. لكنه الطريق الوحيد نحو تحقيق هدف ثورة دفع شعبنا فيها أغلى ثمن.
وعلى قوى التغيير والثورة، التي اختارت توعية الجماهير وتحفيزها لاختيار مستقبلها بإرادة حرة ـ بديلا عن تحقيق مكسب انتخابي سهل وسريع، تسيطر به على إرادةالناس ـ إدراك أنه الاحتيار الأصعب، الذي يستغرق وقتا أطول، ويحتاج جهدا وتضحيات أكبر، لكنه الطريق الصحيح إلى النصر في النهاية.



#إكرام_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دببة تحمل مباخر!
- الوضوح مطلوب ياريس
- دين أبوهم اسمه ايه؟
- بأية حال عدت يا رمضان! 2-2
- بأية حال عدت يا رمضان!
- تجربة رائدة ورائعة
- على باب السفارة
- التنكيل بالضحية
- اشهد يا تاريخ!
- هانت
- أرنا مالديك يا رومل!
- ويبقى الأمل.. وتبقى الثورة
- لماذا المخلوع وكبير بصاصيه وحدهما؟
- بركاتك يا ثورة.. مدد
- نحلم؟ آه.. نتوهم؟ لا
- لليسار .. در!
- يخرب بيوتهم!
- الوضوح مطلوب.. أو صناعة الديكتاتور
- أي وحدة؟ وأي صف؟
- -المعاريض-.. وأحضان -الحبايب-


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - إكرام يوسف - خدعوك فقالوا