أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ياقوت الديب - حقوق الانسان كما تراها السينما ... فيلم -حكايات الطفولة-















المزيد.....

حقوق الانسان كما تراها السينما ... فيلم -حكايات الطفولة-


ياقوت الديب

الحوار المتمدن-العدد: 3929 - 2012 / 12 / 2 - 10:52
المحور: حقوق الانسان
    


حكايات الطفولة
عندما تضيق الحياة بما رحبت علي انسان لاحول له ولاقوة داخل وطنه الأم ، يهون عليه شد الرحال الي أرض أخري ربما يجد فيها ضالته ويظفر بسكن يأويه وكسرة خبز يشبع بها جوعه وشربة ماء يروي بها ظمأه ... بعد أن دفعته ظروف معيشة قاسية وفقر مذل ومرض يتحين اللحظة للفتك به والقضاء عليه وجهل وضعة ضمن الطبقات الدتيا في عالم لايرحم وأنظمة لاتنصف وحكومات تتلذذ بتعذيب الناس. ومن هنا تبدأ الأزمة في المجتمع الجديد الذي من المؤكد يختلف في عاداته وتقاليده وثقافة أبنائه ونظرتهم للآخر القادم من عالم آخر بعيد وغريب عن عالمهم ... أزمة علي جميع المستويات: النفسية والاجتماعية والاقتصادية يعيشها المغترب وعليه أما أن يتكيف أو يرحل من حيث أتي ، بلا ضرر أو ضرار.
المخرج المغربي الأصل "ابراهيم فريتاح" Brahim Fritah حمل علي عاتقه في فيلمه الروائي الأول Playground Chronicles الاقتراب من هذه المنطقة الشائكة في محاولة جادة للكشف عن بعض جوانب قضية المهاجرين وبشكل خاص العرب منهم الي دول أوربا الغربية ، هربا من من أوضاع اجتماعية متردية أو قهر نفسي قاتل أو عجز وشلل أمام توفير أبسط متطلبات الحياة الانسانية أو اضطهاد سياسي لصاحب فكر معاكس لفكر سلطات تحكم بالحديد والنار في نظام بوليسي يكمم الأفواه ويقمع صاحب أي رأي حر.
يقول "ابراهيم فريتاح" : "الفيلم بني علي ذاكرتي ، الحقيقي منها والمتخيل ... هذا الفيلم عودة الي طفولتي من خلال وجهة نظر ابراهيم ـ بطل الفيلم ـ أو متمثلة في وجهة نظر ابراهيم" ، قبل هذا الفيلم قدم "فريتاح" أربعة أفلام ثلاثة منها روائية قصيرة: The Painting عام ، The Train عام 2005 ، و The Only Woman عام 2004 وفيلم تسجيلي El Censo هام 2001 ، وكان "فريتاح قد قدم فيلما روائيا قصيرا بعنوان Chronique de un Balayeur عام 1999 وهو الفيل الذي حوله روائيا طويلا والذي نحن بصدد الحديث عنه. وقد شكلت هذه الأفلام في مجموعها مرحلة تجريبية مهمة و ارهاصات لمشروع مخرج مهموم بقضايا الانسان وتأملاته في الحياة من خلال وجهات نظر تعكس فكرا رصينا لدي مخرج شاب جاء في الأساس من أصول عربية مغربية ، بغض النظر عن كونه ولد في فرنسا عام 1973 لأبوين مغربيين ينتميان للطبقات الفقيرة التي نزحت الي الغرب ، في محاولة لانقاذ مايولد لهم من أبناء من مصير مظلم اذا كتب لهم الميلاد علي أرض الآباء والأجداد ... في المغرب.
تدور أحداث الفيلم عام 1980 ويتناول حياة أسرة مغربية مكونة من الأب "فريتاح" والأم وأبناء ثلاثة: العربي الأبن الأكبر وابراهيم ـ بطل الفيلم ـ الأبن الأوسط والأبنة مليكة ، حيث يعمل الأب بوظيفة حارس بوابة الأمن في أحد مصانع الرافعات العملاقة Cranes وأعمال أخري جانبية في المصنع ومقابل هذا وفرت له ادارة المصنع سكنا ملحقا بجواره مع زوجته وأولاده. ويرصد الفيلم الحياة اليومية للصبي ابراهيم أبن العشر سنوات حيث يدرس بأحدي المدارس بالمنطقة المجاورة للمصنع مع صديقه وزميل دراسته الشيلي سلفادور الذي يعيش مع والدته الطبيبة الجراحة التي لجأت سياسيا وأبنها من شيلي الي فرنسا ، بعد اعتقال زوجها في سجون النظام البوليسي هناك.
وبرغم صغر عمر الصبيين: ابراهيم و سلفادور والتزامهما كتلاميذ مدرسة الا أنهما يقومان بمهمة تنظيف مكتب مدير المصنع الذي يعمل به الأب "فريتاح" بعد انصراف العاملين مقابل بضع فرتكات لمساعدة اسرتهما علي تحمل نفقات الحياة وأعبائها. وفي المدرسة كان العقاب بانتظارهما بشكل شيه يومي لتأخرهما عن المدرسة ، وبدوره كان معلم الفصل الصارم الملامح والمتشدد في تصرفاته معهما أذ يأمرهما بالقيام بقضاء بعض الأعمال عقابا لهما ، وبرغم ذلك كانت مدرسة الفصل تعلمهما السلوك القويم وتحرص علي غرس القيم التربوية عندهما وعند كافة التلاميذ وتطبق مبدأ التربية والتعليم كقيمتين متلازمتين لاتنفصلان.
وكان ابراهيم مولعا بتعليق الزجاجات الفارغة علي الكرين العملاق كرمز للاحتفاظ بأحلامه عاليا بعيدا عن أعين الخبثاء وفي مكان لاتطاله يد العبث أو يقربه المدمرون ، وفي نفس الوقت يشير هذا الكرين الي صتاعة ثقيلة كانت بوما ما من علامات التطور والتقدم للصناعة الفرنسية فيما قبل الثمانيات من القرن الماضي ، هذه السنوات التي شهدت تراجعا ملحوظا في مجال الصناعات الفرنسية الثقيلة. وذات يوم تعرضت مكتبة المدينة لحريق هائل أتي علي الأخضر واليابس فيها فطلبت مدرسة الفصل من التلاميذ ومن بينهم ابراهيم التعبير بالرسم عن تصورهم لأعادة بناء المكتبة ومتطلبات تحقيق هذا الهدف ، فما كان من ابراهيم ألا أنه اختار رسم الكرين العملاق لقناعته أنه الآلة المهمة لتنفيذ البناء الجديد واعادة المكتبة الي سابق عهدها ، وتشجيعا للتلاميذ نظمت المدرسة مسابقة بين الأطفال للتعبير عن المشاركة في البناء والعطاء للمجتمع.
وعلي الجانب الآخر كان المصنع يعيش حالة ترقب لأضراب عام جراء عزم ادارته علي الانتقال لمكان آخر وتسريح بعض العمال ، وبالطبع كان الأب "فريتاح" أحد الأطراف المشاركة في هذا الاضراب المزمع بزعامة صديقه "موستاشي" ، ومن جهتها تحاول ادارة المصنع الضغط علي الأب لأبعاده عن المضربين علي اعتبار أته مسموع الكلمة لدي العمال ويمكنه التأثير عليهم بما يتفق واتجاه ادارة المصنع ، الا أن "فريتاح" يترك طلب الادارة جانبا ويصر علي الوقوف بجانبهم ، واثباتا لحسن نواياه معهم أقام لهم حفل عشاء للتعبير عن تضامنه معهم برغم ظروفه المالية الصعبة وضيق ذات اليد. لكن ادارة المصتع برغم كل تحديات العمال واصرارهم علي الاضراب والثورة ، تنجح في اتخاذ قرار نقل المصنع وتسوية حالة بعض العمال ، مع وعد للأب "فريتاح" باستمراره في العمل بالمصنع الجديد ، تاركا علامة استفهام حول تصرف ادارة المصنع معه بهذا الشكل دونا عن العمال الآخرين.
ومن خلال الحوار الرصين يقف الفيلم علي يعض القضايا الحياتية المهمة التي تشير الي شراسة وجبروت رأس المال المتحكم في البلاد والعباد بلا رحمة أو هوادة ، وبلا أي حسابات لمصائر اليسطاء من البشر ، ففي معرض الحديث حول اقناع الأب بالعدول عن الأضراب يعلق رئيسه: "شيوعي صغير في العائلة" ردا علي كلام ابراهيم الذي يعبر فيه عن وقوفه مع الاضراب ، وفي موضع آخر يقول للأب: "الناس العقلاء لايذهبون الي الاضراب ... هم من يصبحون الرؤساء" ، وتعلق الأم علي وضع زوجها المتردي ماديا: "ديما انت تعاونهم وهم يحصلون علي الفوائد ويستفيدون" ، وفي موضع آخر يسأل ابراهيم صاحب محل عن ثمن مكنسة يدوية فيجيبة أن ثمنها غال وباهظ دون امكانياته وبعلق البائع: "غالية لأنها أمريكية" ... وهكذا نجد "ابراهيم فريتاح" مخرج الفيلم يضع بين سطور فيلمه وأمام أعيننا هموم وقضايا المهاجرين من العرب بشكل خاص في بلاد المهجر التي تعاملهم كمواطنين من الدرجة الأدني ، ويكفي أن يجيء علي لسان أحدهم للأب: "هل هناك أفضل من هنا؟ " بمعني أن عليه أن يرضي بما سمح به المجتمع الغربي ، ويكفي أنه وفر له فرصة عمل واقامة ، وعليه ألايتذمر أو ينقلب عليه.
الفيلم علي المستوي الفني يشير الي أننا أمام مخرج متمكن من أدواته واع بأمكاناتها في التأثير دراميا في المتلقي ... مخرج يمتلك من الفكر والوعي مايصل بفيلمه الي درجة التكامل والانسجام بين الشكل والمضمون ، والقليل من المخرجين من يعي أن المضمون يفرض شكله والعكس الشكل يفرض مضمونه في العمل السينمائي القيم . لقد استطاع المخرج الشاب "ابراهيم فريتاح" أن يضفر عناصر فيلمه الفنية بخيوط الفيلم الموضوعية في رباط سينمائي يحفل بقيم جمالية علي المستويين: الموضوعي والفني ، وبشكل خاص ماجاء به من مؤثرات بصرية غاية في القوة والاتقان ومنها لقطات الزجاجات المعلقة علي الكرين ، ومشهد رفع المكنسة لمستوي أعالي الأشجار وقممها ، ومشهد ابراهيم وقد اعتلا كرسي مدير المصنع قرب نهاية الفيلم ... الي جانب بعض المشاهد الفانتازية المعبرة بقوة عن الجانب النفسي لأبراهيم ومنها اقتناؤة لنظارة يري بها الأبعاد الثلاثة للأشياء ولو بدت مسطحة ، تشابك العمال بالأيدي وأحمرار الشاشة ، توازي قلي البطاطس مع ارتفاع أصوات العمال وثورتهم ضد الادارة ، كلب الحراسة في أحد القصور يطارد ابراهيم وصديقه سلفادور ، أطباق الطعام المرسوم وسطها الكرين "أطباق الكرين" ، تدمير الكرين وسقوط زجاجات ابراهيم التي تحولت علي الأرض جثثا للأطفال ، الي غير ذلك من المشاهد التي أضفت علي الفيلم جاذبية وبلاغة سينمائية لمخرج عبر عن نفسه بقصة ذاتية نسجها من حياته ، فهو أبراهيم وأبوه فريتاح ليس في الفيلم فقط ، لكن علي مستوي الواقع ... يوميات صبي عكس المخرج من خلالها صورة مجتمع غربي ونظرته للمهاجرين اليه أو المتطفلين عليه كما يزعمون ... فهل الأمر كذلك؟



#ياقوت_الديب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حقوق الانسان كما تراها السينما ... فيلم -حكايات الطفولة-


المزيد.....




- روسيا تدعو مجلس الأمن لمنح فلسطين عضوية كاملة بالأمم المتحدة ...
- نيبينزيا لمجلس الأمن: أقل ما يمكننا ويجب علينا القيام به هو ...
- حملة مكافحة الفساد في الصين تطال النائب السابق لمحافظ البنك ...
- رئيس نادي الأسير: الاحتلال يعاقب الأسرى الفلسطينيين بقانون - ...
- الجزائر: حان الوقت لمنح فلسطين عضوية كاملة بالأمم المتحدة
- أكسيونوف يؤكد اعتقال كافة المجموعات التخريبية التي تم كشفها ...
- فاقمت معاناة النازحين.. مغردون يتفاعلون مع السيول التي ضربت ...
- ليكن صمود الأسرى وصمود الشعب الفلسطيني نموذجنا في معارك شعبن ...
- ممثل الرئيس الفلسطيني بالأمم المتحدة: كيف يضر الاعتراف بدولت ...
- إسرائيل أمام مجلس الأمن: إذا اعتُمد قرار بمنح فلسطين عضوية ك ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - ياقوت الديب - حقوق الانسان كما تراها السينما ... فيلم -حكايات الطفولة-