أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي مقدّم - مفهوم اللامقايسة في تاريخ العلم والمجتمع














المزيد.....

مفهوم اللامقايسة في تاريخ العلم والمجتمع


علي مقدّم

الحوار المتمدن-العدد: 3928 - 2012 / 12 / 1 - 15:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إذا نظرنا إلى حركة تطور العلم وقارناها بحركة تطور المجتمعات البشرية وتاريخها، لوجدنا نقاط شبه كبيرة في ديناميكيتها وخصائصها. تطور المجتمعات البشرية من شكلها المشاعي البدائي إلى بنيتها العبودية ومن ثم الإقطاعية والرأسمالية، محكوم بقوانين لن أقول حتمية، كانظرية الحتمية التاريخية الكلاسيكية في علم التاريخ (التي كانت متأثرة بقوانين لابلاس ونيون في الرياضيات والفيزياء)، بل دعنا نقول إنها بين الحتمية والإحتمالية. كذلك تطور العلم ونظرياته يخضع لقوانين مشابهة ومتداخلة في بنيتها وشروطها. ما أود أن أعالجه في هذا الموضوع تحديداً هو التشابه في مفهوم وخاصية اللامقايسة في حركة التاريخ والعلم.

في حركة التاريخ


كل حقبة تاريخية تتميز ببنية إنتاجية تتحدد من خلالها عدة خصائص؛ مثل شكل العلاقات الإنتاجية وشكل النمط الإنتاجي. هذه البنية الإنتاجية (أو البنية التحتية) ينتج عنها مجموعة قيّم وأفكار ومفاهيم تُشكل ما يُسمى بالبنية الفوقية. الحقبات الثورية هي عبارة عن سيرورة هدم وتحوّل للبنية التحتية والفوقية وصقل بُنى جديدة تكون نتيجة تحوّل كيفي يؤدي إلى إرساء واقع جديد. عملية القياس في المفاهيم بين حقبتين مختلفتين هو أمر غير ممكن لأن ببساطة المعايير التي يجب أن نبني عليها المقايسة والمفاضلة، مختلفة.

مثلاً، لا يمكن القول أن درجة الإستغلال في مجتمع رأسمالي هي أفضل من درجة الإستغلال في مجتمع إقطاعي. تقييم درجة الإستغلال في ظروف تاريخية معينة هو خاضع حتماً للبنية الإنتاجية ومعاييرها ومفاهيمها السائدة التي ستتغير بتغير الظروف التاريخية التي ترافقها ثورات جذرية. معايير الإستغلال في مجتمع رأسمالي تختلف عن معايير الإستغلال في مجتمع إقطاعي وإن كان المجتمع الرأسمالي أتى نتيجة نفي شروط أزمة المجتمع الإقطاعي، لكنه أضاف مشكلات جديدة لم تكن من قبل مثل درجة التلوث البيئي، السيطرة الأيديولوجية المطلقة للإعلام المرتبط بنيوياً برأس المال، الحروب العالمية وملايين الضحايا، تحكم البنوك بقرارات الدول وفرض خطط تقشف على شعوب بأكملها ...

في حركة العلم

حركة العلم شبيهة بحركة التاريخ؛ الثورات العلمية تؤدي إلى تحوّل كيفي في منهج دراسة الواقع الموضوعي. هذا المنهج أو البراديغم (paradigm) أو النموذج الإرشادي كما سماه فيلسوف العلم توماس كون1 (Thomas Khun)، هو شبيه بالبنية التحتية في المجتمعات، والمفاهيم المرتبطة بهذا النموذج يمكن إعتبارها كالبنى الفوقية. عند حدوث ثورة علمية يتجدد النموذج الإرشادي للمجتمع العلمي وبالتالي تتجدد مفاهيمه. و تصبح عملية المقايسة بين حقيقتين علميتين فصلتهما ثورة علمية أمر غير ممكن.

مثلاً، نستطيع أن نقارن بين النموذج الإرشادي في حقبة نيوتن والنموذج الإرشادي لأينشتاين من خلال مقارنة الأسس الرياضية التي يرتكز عليها كل نموذج، لكن لا يمكننا أن نقول أن نموذجاً يحتوي على كمية معرفية أكبر من الثاني. لأن المعايير المتبعة في كل نموذج مختلفة، فلا يمكن المقايسة المعرفية بينهما وإن كان النموذج الجديد قد حل معضلات لم يتمكن من حلها النموذج القديم، إلا أن معضلات جديدة ستولد حتماً مع الجديد وهي لم تكن موجودة في القديم. مثلاً، كيف يترابط بعد الزمن الرابع مع الأبعاد المكانية الثلاثة في الزمكان؟ كيف ينحني الزمكان بسبب وجود المادة والطاقة في المجال الكوني؟ كل هذه الأمور وغيرها غير موجودة في نموذج نيوتن لأن هندسته هندسة إقليدية والزمان والمكان مطلقان فيها، أما عند أينشتاين الهندسة لاإقليدية والمكان والزمان هما نسبيان.

خلاصة

مفهوم الحضارة مثلاً، مرتبط بالبنية الإجتماعية الطبقية وبالتالي بالشكل التاريخي لهذه البنية. حضارة نشأت ضمن علاقات إنتاج رأسمالية تختلف عن حضارة نشأت ضمن علاقات إنتاج إقطاعية. فلا وجود لحضارة بمفهومها المجرد إلا ضمن شكل تاريخي محدد بعلاقات إنتاجية سائدة. ومحاولة القياس ما هي إلا محاولة لإبراز حركة تطور مفهوم الحضارة على إنها حركة كمية متصاعدة وبالتالي يصبح المعيار الوحيد هو أخر ما توصلت إليه المجتمعات البشرية من أشكال للحضارة، أي بشكلها الرأسمالي النيوليبرالي المعولم، إذاً تُصبح هي المعيار وهي القدوة والمثال الذي يجب أن يُتبع! وهذا غير صحيح طبعاً.
كذلك، الحقيقة العلمية أي الموضوعية لا يمكن أن تكون مجردة ومطلقة بل إنها متغيّرة بتغير وعيها التاريخي والإجتماعي. الحقيقة الموضوعية هي مطلقة في ظروف تاريخية معينة وهي متحركة بتحرك هذه الظروف. حركتها كحركة التاريخ، حركة لا كمية ولا يمكن أن تكون مطلقة بالمطلق لأنها حركة والحركة هي نقيض الجمود والثبات والمطلق.

مصادر:
1- د. كريم موسى، فلسفة العلم من العقلانية إلى اللاعقلانية، الرابطة العربية الأكاديمية للفلسفة، دار الفارابي



#علي_مقدّم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في المعايير الإنسانية


المزيد.....




- ياسمين عبد العزيز رسميًا في دراما رمضان 2025.. والعوضي يهنئ ...
- سلوك بايدن خلال لقائه زيلينسكي يثير غضبا في الولايات المتحدة ...
- البيت الأبيض يرفض الإفصاح عما إذا كان بايدن سيلتقي نتنياهو ا ...
- بايدن يعلن الاتفاق مع ماكرون على تحويل الدخل من الأصول الروس ...
- رائد فضاء تركي يحمل الكوفية الفلسطينية على متن رحلته تضامنا ...
- نيران الفاشر تطال المرضى.. والنزوح الآن -بين الأحياء-
- وزير الخارجية التركي يزور روسيا للمشاركة في اجتماع وزراء خار ...
- بن غفير: لن أكون جزءا من أي صفقة لا تناسب أهدافنا في غزة
- الرئيس الإسرائيلي يعلق على حادثة أثارت ضجة كبيرة خلال احتجاج ...
- RT ترصد الدمار بالنصيرات عقب العملية


المزيد.....

- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي مقدّم - مفهوم اللامقايسة في تاريخ العلم والمجتمع