دراسة سسيولوجية لكاركاتير ناجي العلي

ثائر وشحة

الحوار المتمدن-العدد: 3919 - 2012 / 11 / 22 - 14:06
المحور: الادب والفن
    

المقدمة
يظهر الرمز حنظلة بقوة في كثير من المواقف التي تمثل القضية الفلسطينية، و من المشاهدة تستطيع رؤيته على الصدور في قلادة و مطبوع على القمصان و منحوت على الحجارة الخ..، و حيث لم تأتي شهرته من العدم، و لأن رسام الكاريكاتير ناجي العلي استخدم هذا الرمز توقيعا له، و لأن شهرة الرمز من شهرة الرسومات، و لأن ذلك قد يدل على تأثر واضح بالرسومات التي تحمل هذا الرمز، ارتأى الباحث ان يدرس رسومات ناجي العلي دراسة معمقة يرى اثرها على المجتم و الناس و مدى ملامستها لهمومهم، و تنقسم الدراسة الى اربعة فصول يتناول اولهما حياة ناجي و الثاني نقاشا للمقابلات التي اجريت حول موضوع البحث و الثالث تحليل لبعض رسومات ناجي، بينما كان الفصل الرابع عبارة عن نتائج و استنتاجات.
تمهيد
قاومت الشعوب بشتى الوسائل والطرق من اجل أن تحقق مطالبها الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية. واستخدمت كل الوسائل التي كانت بإمكانها استخدامها للتعبير عن مواقفها أو تحقيق مطالبها، منهم من اكتفى بوسيلة ومنهم من استخدم أكثر من وسيلة سواءً كانت هذه الوسائل سلمية أم غير سلمية.الفن هو إحدى تلك الوسائل التي استخدمتها الشعوب في نضالها مثل الفلكلور الشعبي و الرقص مرورا بالغناء و الشعر والأدب وصولا إلى الرسم. وكان للرسم الكاريكاتيري حيز واسع في التعبير عن قضايا و هموم تلك الشعوب.
لمحة تاريخية
لم يكن ظهور الكاريكاتير كفن مستقل في عصر النهضة في أوروبا البدايات الأولى لهذا الفن، لأن الكاريكاتير كفن مركب يجمع ما بين الفن التشكيلي و الكوميديا يعود إلى العصور القديمة. رسم الإنسان الأول الحياة البدائية التي عاشها على جدران الكهوف، وظهر في بعض رسوماته عناصر الكوميديا و التشويق و المبالغة في رسم الأشكال البشرية و الحيوانية و على جدران بعض كهوف فرنسا و ايطاليا و أمريكا الجنوبية و الجزيرة العربية و الصحراء الجزائرية بعض البلدان الأخرى عثرنا على تلك الرسومات، كما برزت رسومات ذات طابع كاريكاتيري في رسوم الفينيقيين و الإغريق و الفراعنة .
جاء تطور الكاريكاتير في التاريخ الحديث موازيا لتطور الصحافة في القرن التاسع عشر حيث قدمت فرصةً لوجود الكاريكاتير و تطوره وانتشاره ، تطور هذا الفن في أوروبا أساسا بينما كانت مصر أول دولة عربية عرفت هذا النوع من الفنون وصدرت فيها أول جريدة حول فن الكاريكاتير (أبو نظارة ،1977) ومن بعدها جريدة (التنكيت و التبكيت) لعبد الله النديم سنة 1881، تلتها صحيفة الأستاذ سنة 1892.
ومن المجلات التي ظهرت فيما بعد مجلة ( حمارة منيتي أو الكشكول ،1921) ومجلات أخرى ساهمت في إبراز مجموعة من الكاريكاتوريين المميزين في مصر . وبعد ذلك رسم ( العم الكبير) و( العم الكبير الثاني عبد السميع) ضد الاحتلال الانجليزي و حول التحرر الوطني بالإضافة إلى آخرين رسموا في نفس السياق ، وفي خمسينيات القرن العشرين وبعد ذلك برز العديد من الكاريكاتوريين العرب أمثال صلاح جهين و ناجي العلي و البهجوري و احمد عز العرب و آخرين .
وظيفة الكاريكاتير
يؤدي الكاريكاتير بشكل عام وظيفتين اجتماعية وسياسية فيستلهم الكاريكاتير الاجتماعي مواضيعه من واقع المجتمع ومن خلال التعرض لمشاكله الاقتصادية أو المتعلقة بطبيعة علاقته الاجتماعية ناقضاً ومعرياً لتناقضاته بشكل هزلي و ساخر . إما الكاريكاتير السياسي فيعرض و ينتقد الواقع السياسي و قضاياه وفي بعد الأحيان يعري هذا الواقع و يسخر منه ويكون كل ذلك للحث على التغير أو لهدف تفاؤلي كأن يقدم الكاريكاتير صورة مغايرة للواقع. وقد يصل الكاريكاتير في لحظة من اللحظات إلى درجة من الأهمية يصبح فيها احد الأركان الأساسية والرئيسية في حلبة الصراع السياسي. " وبذلك يبرز الكاريكاتير السياسي على انه يخوض معركة الصراع السياسي و الايدولوجي بين القوى الاجتماعية و السياسية المختلفة " . إما عند ناجي العلي فوظيفة الكاريكاتير جُد سامية فهي ليست مجرد إعلامية و إنما ترتقي إلى مستوى التحريض و التبشير وان تخلق واقع جديد في معادلة الحياة السياسية و الاجتماعية و أن تنفض الغبار عن عقل جمهورها ويؤكد على ذلك بقوله " مهمة الكاريكاتير عندي ليست إعلامية مجردة بل مهمة تحريضية و تبشيرية و عليها كسر حاجز الخوف بين الناس و السلطة إن على الرسام أن يحك عقل القارئ. ومنذ30 سنه وانأ ارسم عن نفس الأفكار و المبادئ ففلسطين بالنسبة لي ليست رفح والناقورة فقط، إنها تمتد من المحيط إلى الخليج. الكاريكاتير ينشر الحياة دائما على الحبال و في الهواء الطلق وفي الشوارع العامة " .
إشكالية الدراسة
يعتبر رسم الكاريكاتير ذا صفة خاصة في الشارع الفلسطيني، و يعود ذلك للفنان ناجي العلي وآخرين الذين جعلوا له نكهة خاصة من خلال عَرضهم للعديد من القضايا الاجتماعية مثل قضايا المقاومة و القضايا ذات العلاقة بالثورة و نبذ الاضطهاد و الاستغلال. استطاع أن يجعل فن الكاريكاتير أداة للتفكير والتأمل والتحريض والمقاومة، و عليه لا بد للتطرق لإسهامات ناجي العلي و اغنائها بدراسة سوسسيولوجية تعالج الدور الاجتماعي الذي أدته هذه الرسومات.
يختلف الكثيرين على الدور الذي أدته رسومات ناجي على الصعيد الفلسطيني و خاصة على الواقع الاجتماعي، و إذا ما اتفق جزء على ذلك نجدهم قد اختلفوا على دور هذا الكاريكاتير قبل أوسلو أو بعدها، و ما إذا كانت هذه الرسومات قد أدت دورا تغييرياً، أو هل لامست هموم هذا الفلسطيني أم لا.
نحن هنا أمام إشكالية تتمثل بشكل واضح بالنظرة إلى رسومات ناجي و أثرها على الواقع الاجتماعي الفلسطيني، و هنا تأتي هذه الدراسة كمحاولة للإجابة على الاستفسارات التي تفرضها هذه الإشكالية.
الفرضيات
تتناول هذه الدراسة أربع فرضيات و هي:
1. تتأثر نظرة المجتمع الفلسطيني لواقعه الاجتماعي برسومات ناجي العلي.
2. تغير تأثر المجتمع الفلسطيني برسومات ناجي العلي بعد اتفاقية أوسلو.
3. لعبت رسومات ناجي العلي دوراً رئيسياً في توصيف هموم المواطن الفلسطيني ورفع مستوى وعيه تجاه مشاكله و واقعه.
4. بثت رسومات ناجي روح التغيير لدى المواطن الفلسطيني على مختلف الأصعدة الاجتماعية و السياسية والثقافية .

أسئلة البحث
و يتسائل البحث بشكل رئيسي عن تأثير رسومات ناجي العلي على نظرة الفلسطينيين لواقعهم الاجتماعي و قدرته على نشر الوعي و بث روح التغيير لديهم و ما اذا لامس همومهم اليومية ام لا، كما يتسائل البحث عن نظرتهم للرسومات قبل اتفاقية اوسلو و بعدها.
و في سبيل الاجابة على اسئلة البحث تم اختيار الاسئلة التالية لمقابلات:
1. هل تأثرت نظرتك لواقعك الاجتماعي برسومات ناجي العلي؟ و كيف؟
2. هل تغير تأثرك برسومات ناجي العلي بعد اتفاقية أوسلو؟ و كيف؟
3. هل نجحت رسومات ناجي في ملامسة همومك و توصيفها؟ و كيف؟
4. كيف ساعدت رسومات ناجي العلي في التأثير على مستوى الوعي لديك؟
5. أين يقع التحريض كجزء أساسي من عملية التوعية فيما خلفته رسومات ناجي فيك؟
6. هل نجح ناجي العلي في إحداث أي نوع من أنواع التغيير من خلال رسوماته؟ كيف تم ذلك؟
7. هل تعتبر نفسك ممن غيرت فيهم رسومات ناجي؟ كيف حصل ذلك؟
8. كيف تصف علاقة الرسم الكاريكاتير بعملية التوعية و الحراك الاجتماعي؟
9. أين ترى مكانة أو دور الرسم الكاريكاتيري بين أدوات التوعية و التثقيف الاجتماعي؟
10. هل عكست رسومات ناجي التعدد الاجتماعي في الواقع الفلسطيني؟
11. من خلال رسومات و أقوال ناجي، أكد انحيازه الواضح للفقراء، كيف رأيت ذلك في رسوماته؟
هدف الدراسة
تهدف الدراسة إلى إلقاء نظرة سوسيولوجية على الآثار الاجتماعية التي تركتها رسومات ناجي العلي الكاريكاتورية على الناس في المجتمع الفلسطيني، كما وتهدف إلى معرفة الدور الذي لعبته هذه الرسومات في تشكيل الوعي الاجتماعي لدى أبناء هذا الشعب وما إذا كانت قد نجحت في ملامسة هموم المواطن بشكل مباشر أم لا
مجتمع البحث
يستهدف البحث بشكل رئيسي فناني كاريكاتير و مختصين في الفن او ذوي صلة مباشرة بناجي في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، و حاولت قدر الامكان ان يكون هؤلاء من خلفيات فكرية متعددة، و نجحت نسبيا في ذلك الا ان اصحاب التوجه الاسلامي الذين توجهت اليهم لم يكونوا على دراية كافية بموضوع البحث تسمح لهم بالاجابة على الاسئلة.
أما عن الحدود الزمانية لمجتمع الدراسة فستكون في الفترة الممتدة ما بين شتاء وربيع 2010. وتناقش الرسوم الكاريكاتيرية التي رسمها ناجي العلي من بداية مشواره في رسم الكاريكاتير إلى آخر كاريكاتير رسمه قبل استشهاده، أي جميع كاريكاتيرات ناجي العلي من خمسينيات القرن الماضي ولغاية 1987.
منهجية الدراسة
أعتمد الباحث منهج البحث الكيفي في بحثه، حيث إجرى مقابلات معمقة من أفراد من مجتمع الدراسة تُبين وجهة نظرهم في الآثار التي تركتها رسومات ناجي العلي عليهم، ومدى تأثير تلك الرسومات على تشكيل وعيهم، كما حاول الباحث تحليل بعض الرسومات لناجي في محاولته للاجابة على اسئلة البحث.

العينة القصديه
لقد تم استخدام العينة القصدية في هذا البحث وذلك لخصوصية الموضوع المبحوث ولأن الأشخاص الذين يتقنون فن رسم الكاريكاتور بشكل خاص والفنون بشكل عام هم قلة في مجتمع البحث فكانت قائمة الاشخاص على النحو التالي:

1. د . عادل سمارة، دكتور في الاقتصاد السياسي و كان صديق مقرب لناجي العلي عاش معه فترة طويلة نسبيا في لندن.
2. بهاء بخاري رسام كاريكاتير
3. رفعت قسيس، رئيس الحركة العالمية للدفاع عن الاطفال، عاش فترة اصدار ناجي لرسوماته و كان من متابعينها باستمرار خصوصا فترة الدراسة الجامعية.
4. محمد سباعنة، رسام كاريكاتير
5. محمد عطا، فنان فلسطيني في مجال الرقص الفلوكلوري، ساهم في تأسيس فرقة الفنون الشعبية و اسسس فرقة وشاح للرقص.
6. وليد عبد السلام، فنان فلسطيني يعمل في وزارة الثقافة، و لحن اغنيتي "طاق طاق طاقية" و "يويا" التي استمد كلماتهما من الكلمات الواردة في رسومات ناجي العلي.
7. ماهر شواملة، مصمم لوحات فنية ( رقصات )، صمم عرض "رسالة الى" الذي عرضته فرقة الفنون الشعبية، و عمل على تصميم اللوحة لمدة 10 سنوات قضاها في كل مكان ذهب اليه ناجي و التقى بالمقربين منه حتى وصل به القول الى انه عاش حياة ناجي لمدة عشرة سنوات.
8. علا هنية، طالبة صحافة و علوم سياسية في جامعة بيرزيت، و من المهتمين برسومات ناجي العلي.
9. لبنى طه، طالبة انجليزي في جامعة بيرزيت و رسامة كاريكاتير.
معيقات واجهت الباحث
لم يكن بالسهل دراسة كاريكاتير ناجي العلي رغم انتشاره بشكل كبير جداً فمعظم ما كُتب عن ناجي كان في إطار التجديد والتخليد، أو في أطار مقالات تستند بشكل أساسي إلى آراء كاتبيها، ورغم انتشار هذه الظاهرة انتشاراً كبيراً لم أجد دراسات علمية كافية لأستند عليها في بحثي، فكان هذا أهم ما واجهني من صعوبات من ناحية، ومن ناحية أخرى مبرراً علمياً لبحثي، بحيث اغني هذه الظاهرة بدراسة سوسيولوجية تغطي جزءاً هاماً من وظيفة وتأثير هذا الكاريكاتير .
كما ان عدم المام الافراد ذوي التوجه الاسلامي بكاريكاتير ناجي العلي اضطرني للتوجه الى فئات اخرى من المجتمع مما يعني اعطاء جهد اكبر في اوساط اقل.


الإطار النظري و المفاهيمي
كلمة كاريكاتير مشتقة أصلا من الكلمة اللاتينية CARICARE وتعني الساخر والمشوه والمبالغ فيه . ويعُرف الكاريكاتير في معجم اللغة على انه عبارة عن " صورة ساخرة يراعي فيها التهويل في إبراز السمات الشاذة بغية تفجير اللحظة بالضحك " وهناك إجماع بين معظم الفنانين الكاريكاتوريين على أن فن الكاريكاتير، أو فن الرسم الساخر هو: " التعبير المغالي في فضح العيوب وإبرازها في أسلوب فني فكه" ، ويعلق فنان الكاريكاتير الفرنسي PIEM على ذلك بقوله " عندما ارسم أو عندما بدأت ارسم لم أكن أفكر في أضحاك الناس، لكن بعد مرور الوقت، وتأملي لهذه الحضارة التي أصبحت ترتكز على الاستهلاك قادني ذلك إلى السخرية والاستهزاء من هذا الوضع وتخليده في رسومات كاريكاتورية" . والكاريكاتير هو : " فن الهزلية والمأساة يستعمل الرسم لزاماً والحوار أحيانا أخرى وتشكل السخرية عماده وأساسه ، والمبالغة أداته لإيصال رسالته الهادفة ، يصدر رسوماته بأسلوب بسيط وشيق على صدر الصحافة المطبوعة " .


الفصل الأول
ناجي العلي في سطور
إن دراسة أية أعمال لغرض سوسيولوجي يستوجب من الباحث الذي يسعى للوصول لأكبر قدر من الدقة في نتائج بحثه أو دراسته، وان يلقي الضوء على حياة صانع تلك الأعمال، ولما كان ناجي العلي احد ضحايا الاحتلال الصهيوني وما تبعه من ظروف اجتماعية أو سياسية واقتصادية، مست بجوهر الحياة اليومية الفلسطينية، كان لا بد من أدراك معادلة أن ما جاء به من أعمال كان نتاج طبيعي لما مرَ به من ظروف، وعليه قام الباحث بتخصيص الفصل الأول من بحثه لتتبع ناجي الطفل والمهجر والمقاوم والفنان لحين استشهاده، وتتبع أهم المراحل التي مرَ بها وكيف أثرت على عمله كفنان، لتغني الدراسة برؤية واضحة عن الواقع المادي الذي أنتج هذه الأعمال وقدمها بريشة ناجي العلي.
ناجي سليم العلي من مواليد قرية الشجرة قرب الناصرة يرتبط اسمها حسب بعض الدراسات التاريخية بالسيد المسيح الذي يقال انه أستظل تحت احد أشجارها، وقد يفسر ذلك استخدام ناجي لصورة المسيح في رسوماته لإظهار آلام ومعاناة الشعب الفلسطيني.
قرية الشجرة القرية المختلطة دينياً كانت كنفاً لناجي وعائلته ذات الأصول الفلاحية، حيث عاش فيها المسلمين والمسيحيين جنباً إلى جنب، إضافة إلى بعض اليهود الذين قدموا إليها بدايات القرن الماضي والذين ما لبثوا أن بنوا مستوطنتهم هناك وانفصلوا عن سكانها لتتوضح فيما بعد علاقة الصراع بينهم وبين السكان ولتصل إلى اشتباكات ومناوشات راح ضحيتها الشهداء والجرحى ومن اقتحام للقرية وأحتلالها قبل استعادتها بمؤازرة القرى الأخرى ، أي أن ناجي الطفل عاش طفولة فيها قيَم المقاومة من جانب وقيَم التعايش الطائفي من جانب آخر.
ونزل منذ نعومة أظفاره إلى الأرض مع عائلته وعمل في الحقل مما يفسر حضور الأرض في رسمه وعشقه لها. سقطت قرية الشجرة عام 1948 كسائر المناطق المحتلة وأزيلت معالم القرية و استشهد العديد من أهلها، الأمر الذي اثر في ناجي و ترسخ في داخله و الذي عبر عنه فيما بعد برسوماته و بقوله " كان عمري عشر سنوات، و مع ذلك اذكر قريتي جيداً، و أتذكر ليس فقط البيوت و الأشجار، بل الإعشاب و الحصى، إما المدافعين عن القرية ملامحهم ما زالت في ذاكرتي" .
لم يحمل معه شيئا من فلسطين حين لجأ، كان ميقناً بأنه عائد لا محال ، و ظهر هذا جلياً في رسوماته حيث تناول جزء كبير منها موضوع العودة و اللاجئين و الحنين إلى الوطن، حتى أنها تناولت كل القرارات التي صدرت بهذا الشأن.
" حياة المخيمات كانت عبارة عن عيش يومي في الذل، كنت مع أبي و أمي و أخوتي الثلاثة في خيمة، نقيم في نصفها، إذ جعل والدي نصفها الآخر دكاناً يبيع فيه الخضار و علب السردين و الصابون و سائر الحاجات البسيطة الأخرى، كان جزءاً من معيشة الناس معتمداً على وكالة غوث اللاجئين، لكن حين رأى الناس أن المسألة ستطول راحوا يشتغلون في البساتين لتحصيل عيشهم. عملياً لا أزال في المخيم حتى الآن، لم انقطع عنه إلا إثناء إقامتي في الخليج. إلا أن أسرتي و عائلتي كانت مقيمة هناك" ، و من هنا جاء القهر و قسوة الحياة معلماً آخر من معالم كاريكاتير ناجي العلي.
صعوبة حياة اللجوء على الفلاح ناجي، و محاولاته للتأقلم مع حياته الجديدة شكلت بدايات الوعي الأولى لديه و أدرك انه و شعبه كانا ضحية الامبريالية العالمية و مشروعها الكولونيالي.
قسوة أن تكون الخيمة بيتا و دكانا تعتاش منه أسرة ناجي، و قسوة اكبر خروجه للتعلم الذي لم يستمر نظراً للظروف الاقتصادية الصعبة، و زاد على ذلك محاولاته العديدة للتعلم، فشكلت كل هذه الظروف الإناء الفكري الذي نهل منه ناجي لينطلق منه بريشته للتعبير عن الواقع، ومن هنا بدأ اهتمامه بالرسم التعبيري.
انضم ناجي إلى صفوف القوميين العرب و تبنى شعاراتها التي عبرت عن هموم الشعب، و ابعد ناجي أربع مرات عن صفوف التنظيم خلال عام واحد بسبب عدم انضباطه الحزبي، و استمر في علاقته مع الحركة رغم ذلك، و شارك في إصدار نشرة الصرخة التابعة للحركة و التي كانت تكتب بخط اليد، و استمر ذلك حتى عام 1961، و تعرض لعدة اعتقالات بسبب نشاطه السياسي في لبنان، و على جدران الزنازين رسم ناجي ليعبر عن واقع شعبه تارة و سخر من سجانه تارة أخرى.
اخرج ناجي للضوء الأديب الراحل غسان كنفاني حين نشر له احد لوحاته المرسومة على جدران المخيم في مجلة الحرية التابعة لحركة القوميين العرب عام 1961 . غادر عام 1963 إلى الكويت بعدما أرهق من ملاحقات واعتقالات أجهزة الأمن اللبنانية عمل في مجلة الطليعة التابعة للقومين العرب، انتقل بعدها إلى جريدة السياسة الكويتية وبدأ بالعمل هناك بشرط أن لا يتدخل أحد بأعماله عام 1964 عاد إلى لبنان لأيام ليتزوج من وداد ويعود معها إلى الكويت ليشحذ ريشته ويزعج بها أصحاب الثروات والسياسيين، ويفضح الفساد المالي والإداري من خلال رسوماته، وكانت هذه المرحلة من أهم مراحل حياته حيث زاد تعطش الجمهور لكاريكاتير، وزاد هو من نقده وهجومه. قدم حنظله لأول مرة عام 1969 كتوقيع على رسوماته، واستمر حنظله حتى استشهاده عام 1987.
ومع بدء عمليات التسوية في المنطقة هاجم أمريكيا وهاجم السادات وعرفات، وانتقل إلى بيروت مرة أخرى عام 1974 وبعدها طلب أن يعود إلى العمل في السفير وفيما بعد عاش الانقسام والحرب الأهلية في لبنان وهاجمها وركز برسوماته على الوحدة ونبذه الخلافات الطائفية وانتقده كل الفرقاء على الساحة اللبنانية مما اكسبه عداء الجميع، ولكنه رفض كل التهديدات لإيقاف الرسم والانتقاد، عاد إلى الكويت عام 1976 ومن ثم إلى لبنان 1978 لأنه أدرك أن هامش العمل في لبنان أكبر بكثير مما هو في الكويت.
عايش ناجي الاجتياح الصهيوني لبيروت عام 1982 ورسم للمقاومة والشهداء و استمر في نقد القيادات المتخاذلة والقوى الانعزالية، ذهب إلى صيدا والتحق بالمقاومة مما أدى إلى انقطاع رسوماته عن جريدة السفير حتى ظن البض انه استشهد ونشروا رثاءً له في الصحف والمجلات. وفي تلك الفترة أعتقل ناجي على يد قوات الاحتلال الصهيوني وذاق مرارة ما عاناه المقاومين حينها، وبعد شهر في صيدا أعاد الرسم ورفع معنويات المقاومين بريشته.
هاجم المفاوضات الغير مباشرة بين م.ت.ف. وإسرائيل والتي هدفت لخروج المقاومة من بيروت، وبقي ناجي هناك إلا أن إقامته كانت كجزء كبير من الفلسطينيين في حينها، وانضم فيما بعد إلى صحيفة القبس الكويتية والتي وجد فيها منبراً يحرض من خلاله على الثورة.
هاجم حينها عرفات وبشدة في أكثر من رسمة حتى انه رسمه وذكره بالاسم في كاريكاتيراته مما فتح باب الصراع في ما بينهما، واستثمرت علاقات م.ت .ف. مع الحكومة الكويتية لوقف أعمال العلي، ومع نقده لكل الأنظمة وإحراجه لحكومة الكويت، مما جعل وزارة الداخلية تصدر قرار بأبعاده، ورغم كل محاولات أسرة القبس لمنع ذلك، إلا أن القرار نفذ وغادر إلى لندن مع أسرته وعمل في القبس الدولية واستمر نقده لعرفات ومحمود درويش الذي دعى إلى فتح حوار مع اليسار الإسرائيلي.
زاد ضغطه على عرفات في رسمته التي تناول فيها الكاتبة المصرية رشيدة مهران والتي كانت على علاقة وطيدة مع ياسر عرفات .
اغتيل ناجي العلي في 22- 7- 1987 بعد أن أطلق شاب أسمر البشرة النار على رأسه ولاذ بالفرار أدخل العناية المكثفة في احد مستشفيات بريطانيا إلى أن رحل يوم 29-8-1987 وجهت الاتهامات إلى أكثر من جهة، دفن في مقبرة بروك ودفن في قبر يحمل الرقم 320190 .
و بعد التعرض لحياة ناجي، يحتم علينا ناجي أن نتطرق لإبداعاته و التي تتمثل بمظهرين أساسيين، الأول ما حاز عليه هذا الفنان من ألقاب و جوائز، والثاني ما استخدمه من أدوات و رموز ميزت عمله مؤكدة على إبداعه.
حاز ناجي على مجموعة قيمة من الألقاب و الجوائز، فقد كان أول عربي يحصل على جائزة "قلم الحرية الذهبي" التي منحه إياها بعد استشهاده الاتحاد الدولي لناشري الصحف في باريس، واصفا إياه بأنه واحد من أعظم رسامي الكاريكاتير منذ نهاية القرن الثامن عشر، و كان ذلك يوم 8-2-1988.
و كان قد انتخب عام 1979 رئيس رابطة الكاريكاتير العربي، و شاركت رسوماته في العديد من المعارض العربية و الدولية، و حصلت أعماله على الجوائز الأولى في معرض الكاريكاتير للفنانين العرب اللذين أقيما في دمشق سنتي 1979 و 1980.
و كان ناجي عضو الأمانة العامة لاتحاد الكتاب الفلسطينيين، و نشر أكثر من 40 إلف لوحة كاريكاتيرية طيلة حياته الفنية، و اختارته صحيفة "أساهي" اليابانية كواحد من بين أشهر عشرة رسامي كاريكاتير في العالم. بعد رحيله أقيم مركز ثقافي في بيروت حمل اسم "مركز ناجي العلي الثقافي" تخليدا لذكراه، كما حملت اسمه مسابقة في الرسم الكاريكاتوري أجرتها جريدة "السفير".
و أقيم للعلي نصبا تذكاريا و تمثالاً، و عند تدشينه طوقت المكان مجموعات عسكرية و دمرت النصب، و بعدها أعيد بناؤه إلا أن أعداء ناجي دمروه مرة أخرى.
و على الصعيد الآخر، زاد من إبداع ناجي الأدوات و الرموز التي استخدمها، فبالعودة إلى رسوماته نجد انه ابتكر رموزه الخاصة مما ميزه عن الآخرين لأنه ابتعد عن التقليد، كما انفرد بخصوصية شخوصه التي لم يستخدمها احد من بعده.
امتازت الرموز التي استخدمها ناجي بالبساطة و الوضوح، فابتعد عن التعقيد في الخطوط و قدمها بشكل بسيط و مباشر ، و نبدأ هنا من حنظله الرمز البسيط من حيث مكوناته و الكبير من حيث ما خلفه و الذي لازم رسوماته منذ 1969 و حاكى الناس وأصبح جزءاً من حديثهم اليومي، و شاهداً على كل التطورات التي رسمها ناجي، بل تجاوز ذلك ليصبح رمزاً عالمياً يستدل به على القضية الفلسطينية.(شاهد رسومات ناجي)
و لم تغب المرأة عن رسوماته فقد تواجدت هناك بحضور مميز، و كانت تعبر عن الأرض في العديد من الرسومات بينما لعبت في رسومات أخرى دور الأم و الزوجة المحرضة حيناً و المكابرة أحيانا، و قاومت إلى جانب الرجل بحملها للسلاح، أو جسدت معنوياً معنى المقاومة كأن ارتدت أقراطا على شكل قنابل.(شاهد رسومات ناجي)
إما الرجال في رسوماته، فكانا بشكلين أساسيين احدهما يمثل الرجل الطيب الفقير، و هو النحيف الحافي الذي يظهر بدور المقاوم و الشهيد و الأسير و الجريح و الرافض و المقهور، و ظهر هذا الرجل على شكل المسيح مرات عديدة ليعبر ناجي عن آلام الشعب من خلال استحضاره للمسيح رمزا للألم و المعاناة، و الشكل الثاني للرجل كان البدين المنتفخ و الذي مثل البرجوازية و الفئات المنتفعة و الجبناء و المساومين الملتفين دائما ول موقف الأنظمة و أمريكا و المهادنين للكيان الصهيوني.(شاهد رسومات ناجي)
مما سبق يتضح لمشاهد الرسومات كيف استطاع ناجي من خلال ثلاث رموز رئيسية أن يعيد رسم المشهد الفلسطيني بطريقة معبرة و بسيطة فيها قدر عالي من التحريض يستطيع من خلاله توضيح الفكرة بأقل قدر ممكن من التفاصيل و هنا يظهر إبداع الفنان و وصوله إلى القارئ ببراعة.
إما عن الأدوات التي استخدمها ناجي، فكانت عبارة عن ورقة و قلم و اللونيين الأبيض و الأسود و المخيلة الواسعة التي تبدع في إطار ما هو واقعي، بالإضافة إلى اللغة العربية التي استفاد من غناها و كثرة المترادفات فيها، فعبر بالرسم و استخدم العربية بالعامية أحيانا و بالفصحى أحيانا أخرى، و قسم الكلمات و استحضر أبياتا من الشعر العربي ليشكل لوحاته بأبسط الأدوات. و هذا يظهر جانبا آخرا من جوانب الإجابة على سؤال مفاده كيف أبدع ناجي العلي.
حصل الكثيرين على ألقاب و جوائز، و تفنن كثيرين في أدواتهم التي استخدموها، إلا أن ما يميز ناجي عن الغالبية العظمى من الفنانين و ما يعطيه الكثير من نقاط القوة أن الجمهور كان يتلهف و هو ينتظر رسوماته على ظهر الجريدة حتى قيل انه غير نظام قراءة الصحف التي حملت رسوماته حيث كان قراء تلك الصحف يبدؤون من الصفحة الأخيرة، كانوا يبدؤون بكاريكاتير ناجي العلي.


الفصل الثاني
رسومات ناجي العلي: دورها في نشر الوعي و التغيير و ملامستها لهموم المواطن
نقاش المقابلات
تعتبر عملية نشر الوعي الاجتماعي من اعقد العمليات الاجتماعية اذا ا كان هذا الوعي مغايرا و مخالفا للوعي الاجتماعي السائد، أي اذا ما كان الهدف من نشر هذا الوعي هو التغيير في الواقع السائد، حيث يسهل على الطبقة الحاكمة ان تنشر الوعي الذي تسعى لوجوده بطريقتين اساسيتين هما الهيمنة و السيطرة، و تمتلك الطبقات الحاكمة في معظم الاحيان مقومات كلا الطريقتين، الا ان هذه العملية تصعب على القلة التي تسعى لاحداث تغيير اجتماعي حقيقي مغاير لاخلاق المجتمع و القيم السائدة فيه، فتكون العلاقة في هذه الحالة علاقة جدلية بين نشر الوعي و احداث التغيير حيث يؤدي كل منهما الى الآخر.
عند الحديث عن كاريكاتير ناجي العلي وآثاره على تشكيل الوعي و بث روح التغيير في المجتمع الفلسطيني اذا ما كان له آثارا، نتطرق الى ما تعرض له ناجي في رسوماته من ناحية و من ناحية اخرى اثر ذلك على العينة التي تناولتها هذه الدراسة.
و من خلال ما قام به الباحث من مقابلات و مراجعة للأدبيات و جدنا ان رسومات ناجي ادت بالدرجة الاولى لخلق نوع من الوعي الاجتماعي لدى ابناء الشعب الفلسطيني، و يظهر ذلك من خلال تأثير رسوماته على مجموعة كبيرة من عينة البحث.
تقول نجوان درويش في احد مقالاتها " ليس هناك فنان أثّر في الوعي الفلسطيني مثل ناجي العلي (1936-1987) ولا فنان يضاهيه في تأثيره على الأجيال الجديدة، سواء في الوطن المحتل أو في الشتات" ، بينما يقول يوسف عبدلكي انه " وباستعراض الآلاف من رسومه يظهر بجلاء إلى أي حد كان يعتبر في قرارة نفسه أن دور الكاريكاتير يتصل بنشر وعي بالقضية, وعي جذري, نقي, مفارق للخط الرسمي العربي – الفلسطيني" ، و يتفق قولهما مع افراد عينة البحث حيث يقول الدكتور عادل سمارة "ان رسومات ناجي العلي تعبر عن تحويل القضية الفكرية النظرية الى حديث مجتمعي عادي، و هذا الفن لا يستطيع ان يقوم به أي شخص، ...، ناجي كان يعمل على الوعي الثوري لجماهير العادية البسيطة" ، و نستطيع من خلال ما سبق ان نرى تحليلا لاحد المفكرين يرى فيه كيف برع ناجي في تجسيد نظريات التغيير بطرق بسيطة ما يؤدي بالضرورة لنقلها لاكبر فئة ممكنة بالحد الادنى، مما يعني ان نسبة متلقين هذه المواد الفكرية الداعية للتغيير قد زادت كثيرا، و هذا بحد ذاته كاف لضحد أي ادعاء مفاده ان رسومات ناجي لم تستهدف نشر الوعي الاجتماعي.
يقول رفعت قسيس رئيس الحركة العالمية للدفاع عن الاطفال ان "ناجي ليس مدرسة سياسية، ناجي مدرسة شعبية و من خلال رسوماته دخل على موضوع التحريض، ...، ناجي نظر للناس مباشرة، و هذا بحد ذاته رافعة للوعي" ، و نرى هنا التأكيد ليس فقط على الوعي بل حتى و رفع مستوى الوعي الناتج عن رسومات ناجي، أي انه لا يكتفي بنشر الوعي بل يدعو للتغيير في رسوماه من خلال التحريض.
و يرى محمد عطا احد مؤسسي فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية و مؤسس فرقة وشاح للرقص "كانت رسومات ناجي تعزز القناعات و تعزز الوعي في دور الثورة و واجب الانظمة المرتدة" ، و نرى هنا رأيا يتفق ضمنيا مع الرأي القائل بأنها تساعد على نشر الوعي الا انه يتطرق الى ما هو اعمق من ذلك و هو تعزيز هذا الوعي، بيث لا يكتفي بطرح الفكرة بل يتجاوز ذلك الى تثبيت القيم و المفاهيم التي تحملها تلك الفكرة، و يتفق مع هذا الرأي الاستاذ وليد عبدالسلام حيث يقول " رسومات ناجي التي اتسمت ببث الوعي و التحريض على الواقع الفاسد، ...، و لكن ناجي العلي عزز عندي هذه القناعات" ، و بنفس الكلمات تقريبا تكدت على ذلك علا هنية حيث قالت " لم تغير وإنما عززت العديد من المبادئ الوطنية والأخلاقية التي أحملها، وأضافت مبادئ منحازة للفقراء أكثر" ، و نستطيع هنا رؤية مدى تأثير ناجي على من يتلقى رسوماته، و من هنا نستطيع ان نجزم ان الفئة التي تلقت رسومات ناجي آمنت بالدور الفاعل لتلك الرسومات في خلق التغيير و بث روح الوعي الاجتماعي و نشره.
اما بالنسبة للتغيير الذي احدثه كاريكاتير ناجي العلي، فتحدثت معظم الادبيات عن عن سعيه للتغيير عبر ما يطرح من افكار، الا انها لم تتكلم عن تغيير احده الكاريكاتير في الاطار الاشمل و الاعم، و هنا كان لا بد من العودة الى عينة البحث التي اختلفت فيما بينها عما اذا احدث هذا الرسم تغييرا على ارض الواقع ام لا، فنرى محمد عطا يؤكد على احداثه للتغيير على الصعيدين الشخصي و العام، فيقول انها عززت ما لديه من قناعات على الصعيد الشخصي في الحين الذي شكلت رسوماته موقفا لطبقة اصبحت تنتظره من اجل ان تتحدث بما يصدره كموقف لهذه الطبقة ، ويشاركه في ذلك عادل سمارة الذي اجاب على ما اذا غيرت فيه الرسومات ام لا ب "طبعا و هذا سر الصداقة بيننا" ،و شار قسيس الى ان ناجي كان له تأثيرا قويا بحيث كان الناس يجلسون لانتظار الحدث، و على الناحية الاخرى قال وليد عبد السلام انه لم يحدث تغييرا بل جاء ناجي بما هو مقنع و متفق عليه ، و تتفق مع ذلك علا هنية بأنه لعب دورا ايجابيا و اكنه لو يؤدي الى تغيير ، و اشار سباعنة الى ان الهدف من الكاريكاتير ليس التغيير على ارض الواقع، و اضاف الهدف الاساسي من الكاريكاتير هو خلق رأي عام و نجح ناجي في ذلك .
مما سبق يظهر ان ناجي نجح نجاحا كبيرا في نشر لوعي الاجتماعي، الا ان هنالك اختلاف حول نجاحه في خلق التغير، و لكننا اذا ما حللنا نجاحه في نشر الوعي الاجتماعي و وصوله الى تشكيل رأي عام، و اذا ما طبقنا ذلك على ان تشكيل رأي عام مؤيد لقضية او معارض لاخرى هو الخطوة الاولى باتجاه التحرك الواسع في سبيل هذه القضية، لاستطعنا الوصول الى استنتاج مفاده ان ناجي هيأ الجماهير للثورة، و اذا ما اخذنا الانتفاضة الاولى كحالة رسم عنها ناجي قبل حدوثها لرأينا ان ناجي نجح في احداث نوع من التغيير و لو كان قليل نسبيا، و هنا نرى جدلية العلاقة بين نشر الوعي الاجتماعي و التغيير تتجسد في رسومات ناجي.
تغيرت النظرة للعديد من القضايا الاجتماعية في الفترة بعد اتفاقية اوسلو، حيث تحدث ناجي من خلال رسومات عن الحلول السلمية و القيادة البديلة الخ..، فكان لا بد من استكشاف ما اذا تغيرت النظرة لرسوماته بعد تلك المرحلة ام لا، و لكن شح الادبيات المتعلقة باختلاف التظرة لرسومات ناجي قبل و بعد اوسلو جعلتني اركز على آراء عينة البحث، و يبدو ان رسومات ناجي فرضت نفسها اقوى من أي مرحلة حيث اتفقت عينة البحث على ان نظرتها للرسومات لم تتغير ابدا بعد اتفاق اوسلو، لكنهم اختلفوا على دور الكايكاتير قبل اوسلو، فاكتفى محمد عطا بالقول ان رسومات ناجي العلي صالحة لكل زمان و مكان و ان نظرته لم تغير لها ابدا ، بينما رأى محمد سباعنة و هو رسام كاريكاتير ان رسومات ناجي واكبت المرحلة التي وجدت فيهت و جارتها، و ان ناجي وضع من خلال تلك الرسومات نهجا نضاليا لخروج من المأزق الفلسطيني قبل اوسلو و ان على الشعب اذا ما اراد الخروج من هذا المأزق ان يمارس النهج الذي تركه لنا ناجي في رسوماته ، و يؤكد وليد عبد السلام ان رسومات ناجي تعززت بعد اوسلو و ما اتسمت به تلك المرحلة من تفشي للانتهازية و غياب الروح النضالية ، بينما عاد السيد قسيس للنظر في رسومات ناجي بعد اوسلو دون ان يغير موقفه منها او نظرته اليها ، و انطبق ذلك على رسام الكاريكاتير بهاء بخاري رغم عدم تعارضه و اتفاقية اوسلو بوصفها برغماتية و ليست اقرار او بيع ، و كعادته اجاب دكتور عادل سمارة على سؤال ما اذا تغيرت نظرته لرسومات ناجي ام لا باجابة طريفة قائلا "طبعا لأ" ، و بهذا نرى ان النظرة لتلك الرسومات لم تتغير بعد اوسلو بل على العكس تمسك متلقي الكاريكاتير بها بعد اوسلو و آمنوا بأنها ما تزال تعبر عن موقفهم من كافة القضايا التي طرحها ناجي رغم اختلاف البعض مع ناجي فكريا و سياسيا.
و بالرغم من الاتفاق على وجهة النظر السابقة الا ان افراد عينة البحث اختلفوا فيما بينهم على ما اذا كان كاريكاتير ناجي يتنبأ بالمستقبل بعد اوسلو ام لا، فمن ناحية قال رفعت قسيس ان ناجي تنبأ بالمستقبل و ضرب كل محاولات عرفات بما قام به ، و اكد ذلك وليد عبد السلام عندما قال ان اوسلو جاءت لتعزز و تؤكد ما رسمه ناجي ، و اتفقت مع ذلك علا هنية بقولها "لقد وعيت على رسومات ناجي العلي بعد أوسلو، حيث باتت معاني ورموز رسوماته صادقة جدا، فاتضح أن تنبؤاته ورؤيته لدور الطبقة التي كانت في موقع القيادة صحيحة حيث كانت رسوماته دائما تشير لارتباط هذه الطبقة مع مصالحها الشخصية وميلها للمساومة." و من ناحية اخرى حذر عادل سمارة من خطورة التعامل مع رسومات ناجي على انها تنبؤ بوصف التنبؤ قضية غير علمية مؤكدا ان كاريكاتير ناجي عبر عما هو مقبل و قادم لقراءاته للواقع المادي و الافرازات الناتجة عنه، و عزا سمارة ذلك لقدرة الكاريكاتير على التعايش مع عدة مراحل، مشبها ذلك بما قام به ماركس عند دراسته للمجتمع قائلا ان ماركس تكلم عن الطبقات و لكنه لم يتنبأ بوجودها .
و هنا نرى ان ناجي نجح في نشر الوعي و بث روح التغيير، في الوقت الذي حافظت رسوماته فيه على مصداقية عالية بين الجماهير الفلسطينية بحيث لم تتغير النظرة اليها، بالرغم من تغير النظرة لى العديد من القيم و المفاهيم الاخرى، و تغير وسائل النضال و كل المتغيرات الاخرى التي واكبت عملية اوسلو و نتج عنها، بمعنى ان ناجي وصل الى ما هو ابعد من انه حافظ على الثوابت، لقد وصل ناجي الى مرحلة من الثقة مع جماهيره فرضت عليهم ان يؤمنوا بما رسم في الوقت الذي كفروا به بكل شيء آخر.
و بعد التطرق لواقع الوعي و التغيير الذي حققهما ناجي، نود الخوض في رؤية الانسان الفلسطيني لنفسه في كاريكاتير ناجي و ما اذا لامس هذا الكاريكاتير همومه و وصف حياته، و كيف يرى الفلسطيني مجتمعه و واقعه في هذه الرسومات.
ظهر الوطن المحتل في كاريكاتير ناجي بصورة كبيرة جدا، حيث اعطى الوطن المحتل و المتبقين فيه اهمية كبيرة جدا، و ركز على توصيف همومهم و ما يتعرضون له من عذابات و مؤامرات، و اكد على انهم المنارة التي يجب الاستهداء بها للحالمين بالحرية ، و هنا يتفق الباحث مع عينة البحث حيث يؤكد عناصر هذه العينة ان رسومات ناجي لامست همومهم و هموم المواطن الفلسطيني.
يظهر سباعنة تأكيده على ما سبق من خلال استشهاده بأحد رسومات ناجي التي يظهر فيها الجائع الذي يرفض شراء الوردة و يشتري بالمقابل رغيف الخبز، و يقول ان ناجي لامس هنا حاجة المواطن الى الخبز ، و هذا ما هو الا مثال على ملامسة ناجي لهموم الناس، فقد استطاع التطرق الى العديد من الامر الاخرى التي تلامس هموم الناس مثل الفقر و حياة اللجوء و قضايا الثورة الخ..، كما يقول سباعنة ان ملامسته لهموم المواطن تجعل صحيفة الغد الاردنية تنشر رسوماته يوميا ،بينما يتطرق عادل سمارة الى ذلك من خلال مكونات رسومات ناجي فيؤكد على ان الشخصيات الحاضرة في الكاريكاتير و الطريقة التي تظهر بها هي بحد ذاتها ملامسة لهموم المواطن، و يضيف ان المرأة موجودة في معظم الرسومات و موقفه من المرأة واضح و يلامس هموم المرأة، و كذلك الامر بالنسبة للشخصيات السمينة التي تصف البرجوازية والتي تكون جالسة على الارض كالطفيليات أي انها غير منتجة، و كذلك ايضا بالنسبة لموقفه من الانظمة و الاحتلال الخ..، أي انها مستمدة جميعها من الواقع و بالتالي تلامس و تصف هموم الناس ، اما رفعت قسيس فيؤكد انها لامست هموم الجماهير الواسعة بالحد الادنى كونها تطرقت لمشاكل عديدة يعانيها المواطن مثل اللاجىء الفقير و المرأة و سلب الطفولة و الانظمة العربية و الامريكان الخ..، و اضاف "ناجي لم يزعج سوى المتهم" ، و في هذا تأكيد على ملامسة الرسوم لهموم المواطن لأننا اذا ما حاولنا بعد التحليل اكمال هذه العبارة لقلنا "من خلال وصف ما تتعرض له الضحية".
و يؤكد وليد عبدالسلام ان رسومات ناجي العلي لامست الهم الفلسطيني بكل تجلياته و ابعاده من خلال انحيازه للفقراء و قضاياهم و عداؤه للسماسرة و تجار الحروب الخ..، حيث رأى فيه المناضلين الحقيقيين و الشرفاء المتحدث الصادق باسمهم و المعبر عن همومهم ، و يقول البخاري "لا شك، و الدليل انها ما زالت حية، فهذا اكبر دليل على ايجابية الحضور" ، و اتفق مع ذلك محمد عطا مبررا اتفاقه بأن ناجي استمد رسوماته من الواقع ، و تقول هنية " نعم نجح، لأنها كانت صادقة، كانت منحازة للشعب وهمومه، فرسم هموم الفقراء وهموم الثوار وهموم المرأة، فكانت رسوماته تلامس حياة الناس من ناحية اجتماعية ومن ناحية سياسية، فكان الطفل المهجر (حنظلة) حاضرا دائما للتذكير بالاجئين مأساة النكبة، وتناولت رسوماته أرمة القيادة الفلسطينية والفجوة بينها وبين الشعب، كانت رسومات ناجي تنبع من يوميات المواطن الفلسطيني لذلك لامست واقعه."
و بالنسبة لي و من خلال دراستي المعمقة لناجي و رسوماته في سبيل اعداد هذا البحث، تبين لي مدى ملامسته لهموم المواطن، حيث كان ناجي يتطرق لكل تفاصيل الحياة اليومية للمواطن، فمن اعقدها كالمواقف السياسية و الاجتماعية في القضايا الكبرى مثل حق العودة و قرارات الشرعية الدولية، الى قضايا الجوع و الفقر و الملكية، الى الاطفال و معاناتهم، الى المرأة و قضاياها، لم يترك ناجي مكونا من حياة الشعب الا و انتقده على امل ان يرفضه اصحابه و يغيروه.


الفصل الثالت
رسومات ناجي تتكلم
بعد التعرض للموضوعات الاساسية التي يحاول الباحث الخوض فيها، كان لا بد من تدعيمها بتحليل بعض مما رسم ناجي، و نقاش تلك التحليلات في اطار ما جاءت عليه الآراء التي تم استخدامها في عملية البحث.
و فيمايلي بعض الرسومات و محاولة لتحليلها

تتعرض هذه الصورة للعديد من القضايا، فهي تبدأ بحب الوطن فلسطين، و من ثم التأكيد على ان ما يقصده بالوطن هو كامل التراب الوطني الفلسطيني في الوقت الذي كانت تظهر فيه ترحيبات بالحلول السلمية التي كانت تطرح، و من ثم يؤكد على ان حب الوطن و تحرير كامل التراب الوطني لا يأتي الا بالرصاص الذي يعبر هنا عن لغة القوة و العنف الثوري في مواجهة المحتل و التحرير.

اما في هذه الصورة فيقدم ناجي لمتابع رسوماته النهجين الاساسيين الموجودين في المنظمة و الفصائل الفلسطينية، و هما النهج الثوري و النهج المهادن المستسلم، مظهرا احدهم حاملا البندقية سائرا باتجاه المعركة باسم الثورة و الآخر هاربا بالنقود باسم الثورة ايضا، و في هذا اظهار للفساد الذي غزى الثورة منذ البدايات.

و في هذه الصورة تظهر وجهة نظره من أي حلول سلمية، و يستخدم الرواية الدينية الخاصة بالوصايا العشرة التي انزلها الرب على موسى في طور سيناء من اجل ان يعبر عن ارادة الشعب او يحرض الشعب على عدم الصلح و بالتالي مقاومة الاحتلال. هذا التوجه لدى ناجي كان جميلا و مؤثرا حيث استخدم اكثر من رمز او روتية دينية من اجل التأثير في الشعوب و توجيهها لتبني موقفا معينا.

اما هنا فيظهر ناجي العلي المواطن في حالة ضياع و توهان جراء الاسئلة الكثيرة التي تتولد لديه بسبب الظروف، بحيث يصف حالة المواطن اللسطيني و العربي الذي يطرح الكثير من الاسئلة دون أي اجابات، و في هذا نوع من التحريض على الانظمة التي لا تقدم اجابات لشعوبها، و فيه تحريض للشعوب على ان تنهض و تجيب على العديد من الاسئلة مثل من هو معسكر الاصدقاء و من هو معسكر الاعداء و لماذا ما نزال تحت الاحتلال الخ...

كما يحاول اظهار الدكتاتورية و قمع الحريات الموجود في الوطن العربي، باسلوب جميل و مؤثر، ويظهر هنا مدى تعرض الصحفيين و الكتاب و الادباء للملاحقة من قبل اجهزة الامن و الحكومات.

و هنا يظهر التخاذل العربي من قبل الانظمة، بحيث يظهر الرجل العربي الذي يعتبر الشارب رمزا للرجولة مستعد لحلقه اذا ما قام العرب بتحرير شبر من القدس، و هذا يظهر ان الرجل واثق تماما من عجز الانظمة العربية القيام بذلك و بالتالي مستعد للرهان على ذلك بشاربه.

و هنا يظهر ناجي معارضته لمغادرة بيروت و يعتبر ذلك غرقا للمقاومة لأن الخروج من بيروت الى نقطة ابعد عن فلسطين مثل تونس كان بمثابة الابتعاد عن الهدف، لبنان في وجهة نظره على حدود فلسطين أي اقرب الى الهدف، و هذا ما نحن بحاجته من اجل التحرير، اما الذهاب بعيدا فما هو الا محاولة انسف و اغراق كل ما هو قريب.

اما في هذه الصورة فيظهر الواطن الفلسطيني الذي يدعوه الجميع للصبر في حالة العجز اذا ما اخذ الصبر وسيلة في حياته، و يحرضه على الثورة كونه كان "مسخرة" للصهيوني في حالة الصبر، و يظهر له كيف تجعله الثورة قويا منتصرا على خصمه باعثا الامل فيما لم يكن املا فيه اصلا قبل الثورة عبر تظهاره للوردة التي ترمز للامل خارجة من لفافات الجبصين التي كانت تعبر عن عجزه و يأسه.

و هنا يظهر ناجي خيبة الامل الفلسطينية من الشعارات الكبيرة التي كانت تردد بألسن القيادة على مسامع الشعب، و كيف تتبدد عند اول مصلحة لهذا الفصيل او ذاك، و يظهر ذلك من خلال استنكاره للاقتتال الفلسطيني الفلسطيني على الساحة اللبنانية مذكرا بالشعار "الدم ما بيصير ميه".

في هذه الصورة توصيف لمعظم القضايا التي تتعرض لها شعوب المنطقة و خاصة الشعب الفلسطيني بطريقة ساخرة و موجهة في الوقت نفسه، كما يؤكد انه ليس الا فقير رافضا أي صفة اخرى كونها مدعاة للتفرقة.

قسوة الحياة و الظروف من فقر و جوع و تشريد، الحياة التي يعيشه الشعب الفلسطيني في كل اماكن تواجده خاصة في مخيمات اللجوء، حب التملك الذي يعتبر من اهم الاخلاقيات البرجوازية التي تنشرها هذه الطبقة من اجل تكريس فكرية الملكية الخاصة في العقول، و يظهر للفقراء و الجياع ان انسياقهم وراء البرجوازية التي تتقاسم فيما بينها الثروات التي ينتجها الفقراء لن يجلب لهم الا الصراع على المزابل أي على مزيد من الفقر و الجوع، و في هذا تحريض للفقراء على واقعهم السيء و دعوة لهم للانقضاض عليه.




و لانتفاضة الحجارة كان هنالك مكان في رسومات من بشر بها، فنرى هنا كيف يصف الحجر بالضوء الذي يبعث الامل في الظلام الدامس، و يروي الورد في محاولة للتبشير بمستقبل و حياة افضل. نرى بساطة الادوات و عظم الفكرة.

شعر انه مهدد بالاغتيال، تحدى و قال وجودي باق طالما بقي فكري ؛ و طبعا فكره موجود باعماله، و في نفس الوقت يحرض الناس على البقاء عبر العمل و التفكير و بالتالي خلق ما يخلدون به، و في هذا دعوة للرفض كما فعل هو. و قام بذلك عبر استخدامه لمقولة الفيلسوف الراحل ديكارت انا افكر اذا انا موجود.

و في النهاية يصف العلي النهاية المؤلمة للفلسطيني في المسرحية التي يعيشها، واصفا حياته بالمسرحية التي كان ابطالها بجانبه الانظمة العربية الاحتلال الصهيوني و الامبريالية العالمية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية.
في هذا الفصل كان التعليق على الرسومات في اطار ما جاءت به و ما هدفت اليه، و لم يكن محاولة معمقة لتحليل الصورة و مضمونها حتى يتسنى لنا الاجابة على الاسئلة من خلال هذه الملاحظات التي تظهر بالرسومات.


الفصل الرابع
نتائج و استنتاجات
بعد الخوض في كل ما سبق و مناقشة النصوص و المقابلات و محاولة تحليل بعض الرسومات، توصلت لبعض النتائج و الاستنتاجات التي سأقوم بعرضها في هذا الفصل لتعطي اجابات شافية على فرضيات البحث، و سأقوم بعرض الاستنتاجات على شكل عناوين اناقش تحتها كل النتائج التي اوصلتني الى كل استنتاج.
• تأثرت نظرة المجتمع الفلسطيني لواقعه الاجتماعي برسومات ناجي العلي
أظهر لنا البحث من خلال فصله الثاني العديد من النتائج التي تدعم هذا الاستنتاج، حيث تأكدنا من خلاله ان الناس كانت تترقب رسومات ناجي يوما بيوم و خصوصا الطبقة الفقيرة التي كانت تنتظر من ناجي ان يصدر موقفا من اجل ان تتبناه و في هذا تأكيد على ان نظرتهم لواقعهم الاجتماعي كانت مرتبطة بما يصدره ناجي لهم من مواقف عبر تلك الرسومات، بل انه في لحظة من اللحظات رسم لهم صورة للواقع الاجتماعي الذي عاشوه، و بهذا يكون الاستنتاج الاول مؤكدا للفرضية الاولى من فرضيات الباحث.

• لم يتغير تأثر المجتمع الفلسطيني برسومات ناجي العلي او نظرته لها بعد اتفاقية أوسلو
افترض الباحث تغير نظرة الناس لرسومات ناجي العلي بعد اوسلو، الا ان البحث و من خلال نتائجه رفض هذ الفرضية حيث تجمعت عينة البحث على ا نظرتهم لرسومات ناجي لم تتغير بل على العكس تمسكوا اكثر و اكثر بالرسومات و ما حملته من افكار و مواقف بحيث جاءت رسوماته محاكية للواقع في الوقت التي كانت مبشرة به قبل استشهاده.
• لعبت رسومات ناجي العلي دورا كبيرا في توصيف هموم المواطن الفلسطيني ورفع مستوى وعيه تجاه مشاكله و واقعه
و يظهر ذلك من خلال فصلي البحث الثاني و الثالث، ففي الفصل الثاني اظهرت عينة البحث ان رسومات ناجي تثرت في وعي الناس تجاه قضاياهم المركزية و الاساسية و ذلك من خلال توصيفها لحياتهم و ملامستها لهمومهم، في الحين الذي اكد الفصل الثالث من خلال ما عرضه من رسومات و نقاش لها ان الرسمات لامست هموم المواطن بكل تفاصيلها و بتنوع قضاياها، و هذا يؤكد فرضية الباحث الثالثة.
• لعبت رسومات العلي دورا في بث روح التغيير في المجتمع الفلسطيني
و جاء هذا الاستنتاج مؤكدا للفرضية الرابعة من فرضيات الباحث، فقد وجدنا من يؤكد على ان سر الصداقة بينه و بين العلي هو التغيير الذي احدثه العلي فيه، بينما نرى آخرين يؤكدون ان العلي عزز فيهم قناعاتهم و هذا بحد ذاته تأكيدا على دوره التغييري، و بما ان هؤلاء الناس قد حملوا وجهة نظر العلي من الاساس، جاء دور العلي مكملا و معززا.

الخاتمة
و في نهاية البحث، يظهر لنا الابداع في اعمال ناجي و الذي كان له الاثر الاكبر في تقبل الناس له، حيث تكلم باسمهم و رفع صوتهم و عبر عن قضاياهم، مما جعلهم يغيرون نظام قراءة الجريدة.
نعم، نجح ناجي في نشر الوعي الاجتماعي في المجتمع الفلسطيني، و ساهم في بث روح التغيير لدى المواطن من خلال رسوماته التي لامست هموم المواطن و رسمت له صورة لواقعه الاجتماعي.




المصادر و المراجع

1- الفقيه،خالد: التنمية السياسية المترتبة على حركة الوعي في كاريكاتير ناجي العلي. نابلس،جامعة النجاح الوطنية،2009.
2- ابراهيم،داوود: ناجي العلي فنان لا تشتريه. رام الله، مؤسسة اليرموك للثقافة والإعلام.
3- الاسدي،عبده و تدمري،خلود: دراسة في إبداع ناجي العلي.بيروت،دار الكنوز الأدبية، 1994.
4- زهيري،كامل و آخرون. ناجي العلي وفن الكاريكاتير: قضية وموقف،الاتحاد العام للصحفيين العرب، 1989.
5- كلم،محمود: كامل التراب الوطني،بيروت،بيسان للتوزيع و النشر و الاعلام،2001.
6- المباشري،مصطفى:وظيفة فن الكاريكاتور الأساس، ناجي العلي نموذجاً. 9 30, 2006. http://www. Ahewar.org (تاريخ الوصول 26 4, 2010).
7- عبدلكي،يوسف. الضمير و الضحية:15 عاما على رحيل ناجي العلي. http://www.bahrainonline.org/showthread.php?t=38561 (تاريخ الوصول 29 4, 2010).
8- المناصرة،عز الدين: موسوعة الفن التشكيلي الفلسطيني في القرن العشرين.قراءات تاريخية توثيقية نقدية.عمان:دار مجدلاوي،2003.
9- مجموعة كاتبين."مع ناجي العلي في ذكراه السنوية." الكاتب الفلسطيني، 1988: 177-195.
10- نجوان درويش. جريدة الاخبار اللبنانية. 27 8, 2007. http://www.al-akhbar.com/ar/node/45153 (تاريخ الوصول 5, 2010).



الفهرس
المقدمة 1

تمهيد 1
لمحة تاريخية 1
وظيفة الكاريكاتير 3
إشكالية الدراسة 4
الفرضيات 5
أسئلة البحث 5
هدف الدراسة 6

معيقات واجهت الباحث 9
الإطار النظري و المفاهيمي 9
الفصل الاول ......................................................................................................................................11
الفصل الثاني......................................................................................................................................20
الفصل الثالث ....................................................................................................................................29
الفصل الرابع .....................................................................................................................................38

#ثائر_وشحة (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات