أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاديا فهد - التحرّش الجنسي: لماذا أنا؟














المزيد.....

التحرّش الجنسي: لماذا أنا؟


فاديا فهد

الحوار المتمدن-العدد: 3912 - 2012 / 11 / 15 - 09:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تعرف منال (23 عاما) ان ما تعيشه من ضغوط من مديرها، يندرج بصراحة تحت خانة التحرّش الجنسي: تدخل المكتب فيرمقها المدير بنظرة غريبة، يبتسم ابتسامة خبيثة. ترتبك، فتبادله الابتسامة. ما هي إلا لحظات حتى يطلب حضورها الى مكتبه، ويروح يشيد بعملها وذكائها وثقافتها، ثم ينتقل الى ذوقها في اختيار ملابسها وإلى قوامها الرشيق وجمالها الأخّاذ.

يكرر المدير موّاله هذا كلّ صباح، الى ان يبادر يوماً لدعوتها الى عشاء في الشاليه الخاص به. ترفض دعوته بكل تهذيب، وتعود الى مكتبها. فيجنّ جنونه، ويلحق بها موجّهاً اليها ملاحظات قاسية أمام زملائها وزميلاتها، تتعلق بأدائها المهني. ويستغلّ اجتماعات فريق العمل كي يصبّ عليها جام غضبه وانتقاداته. وفي اليوم التالي يدعوها الى مكتبه ويعتذر منها، مؤكداً ان ما كان مسألة مهنية بحتة، لأنه، شخصياً، يكنّ لها كلّ احترام ومودة... وإعجاب! يكفكف دموعها، ويمسك بيدها، ويروح يقول لها ان مسـتقـبلها سيكون عظيماً، فهي موظفة متميّزة، بل متـفوّقة. تشـكره، وتسحب يدها بتهذيب ثم تغادر مـكتبه. يتكرّر الأـمر في الأيام التالية، فتعيش منال صـيفاً وشتاء تحت سـقف واحد، حتى تتزعزع ثقتها بنفسها وبقدراتها، ولا تعود تعرف إن كانت موظفة ذكية، أم غبية، مجتهدة، أم غير نافعة. تسأل نفسها: هل أستسلم للضغوط أم أستقيل؟ هل في كلّ وظيفة مدير مثل مديري؟ وهل أنا الوحيدة التي تعاني ما تعانيه؟

في عالم عربي صُنّف وفق إحصاءات أشرفت عليها وكالة الأنباء العالمية «رويترز»، متصدّراً دول العالم التي تعاني آفة التحرّش الجنسي، لم يعد السؤال «لماذا أنا؟» ملحّاًَ أو محرجاً. وهو السؤال الذي كان عنوان حملة أطلقها شباب سعوديون على «تويتر» لمكافحة التحرش. فنتائج الإحصاءات المعيبة بات من الواجب معها رفع الصوت: ماذا سنفعل لحماية مستقبل بناتنا الاجتماعي والمهني، والحدّ من هذه الآفة المتفاقمة؟ وهل يجوز ان نتركهنّ في مهبّ مزاج مدير مريض؟

تؤكد الدراسـات ان المـتحرّش لا يعترف بالتحرش الجنسي إلا في أخطر أنواعه: الاعتداء الجسدي. أما الاعتداءات اللفـظية من تـعليقات على المظهر أو دعابات ذات محتوى جنسي أو الملاطفات اللفظية الجنسية والتحديق، فلا يعترف بها رغم انها متعارف عليها دولياً بوصفها تحرشاً. كذلك لا يفرّق المتحرّش بين محجّبة أو غير محجّبة أو حتى منقّبة، بالتالي لا داعي لإلقاء اللوم على لباس المرأة، فالعلّة تكمن في تفكير المتحرّش المنحرف وغير السويّ.

وتوجيه إصبع الاتهام الى المتحرَّش بها يفقدها الجرأة والشجاعة للتحدث عن معاناتها، إضافة الى خوفها من الفضيحة وتلويث سمعتها وفقدان عملها ومصدر رزقها. وهو ما يزيد لديها الشعور بالقلق والخوف، وبأن الجاني لن يجد العقاب الرادع، خصوصاً ان إثبات التحرّش شبه مستحيل، لأن المدير المتحرّش لا يقوم بفعلته أمام الآخرين ولا يترك شاهداً على أقواله وأفعاله. لدى سؤال نجاة المغربية هل تعلم بأن القانون المغربي (المادة 503 من القانون الجنائي) يمنع التحرش الجنسي ويعاقب عليه، أبدت استغرابها، واستدركت: «ولكن كيف أستطيع ان أثبت ان ذلك الرجل تحرّش بي»؟

ربما لهذه الأسباب وغيرها، تعتبر ظاهرة التحرش الجنسي قضية «مسكوتاً عنها»، وكلّ الإحصاءات «المعيبة» المتداولة اليوم في وسائل الإعلام، غير دقيقة ولا تبيّن فعلاً عمق الظاهرة ومدى تجذّرها في مجتمعاتنا العربية.

صمتٌ اجتماعي متواطئ يترك المتحرّش يهرب بفعلته من دون عقاب أو حتى فضيحة تهزّ مكانته. الغرب يتخطى هذه الآفة (وفق الإحصاءات الأخيرة عينها) لأنه يتجرأ ويتحدّث عنها ويعاقب عليها. فالرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون والمدير السابق للبنك الدولي دومينيك ستروس-كان، دفعا ثمن فضائحهما الجنسية من مستقبلهما السياسي، فيما مجتمعاتنا الذكورية تطلق بصمْتِها القاتل، اليد الطولى لبعض هؤلاء المرضى بلا حساب ولا رقيب، ليصبح بعض أماكن العمل أشبه بقنّ تخضع فيه الدجاجات لرغبات المدير- الديك وأمزجته المتبدّلة. إنه نوع آخر من أنواع التسلّط الذكوري على المرأة، في طياته الكثير من التمييز. والحلّ بكسر جدار الصمت، والدلالة بالإصبع إلى المتحرّش. وبدلاً من أن تسألي نفسك بحسرة وألم: لماذا أنا؟ وَجَبَت المساءلة بصوت عال: لماذا هو؟ ولماذا لم يُعاقَب بعد؟!



#فاديا_فهد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحرّش الجنسي: لماذا أنا؟


المزيد.....




- اتهام 4 إيرانيين بالتخطيط لاختراق وزارات وشركات أمريكية
- حزب الله يقصف موقعين إسرائيليين قرب عكا
- بالصلاة والخشوع والألعاب النارية.. البرازيليون في ريو يحتفلو ...
- بعد 200 يوم من الحرب.. الفلسطينيون في القطاع يرزحون تحت القص ...
- فرنسا.. مطار شارل ديغول يكشف عن نظام أمني جديد للأمتعة قبل ا ...
- السعودية تدين استمرار القوات الإسرائيلية في انتهاكات جسيمة د ...
- ضربة روسية غير مسبوقة.. تدمير قاذفة صواريخ أمريكية بأوكرانيا ...
- العاهل الأردني يستقبل أمير الكويت في عمان
- اقتحام الأقصى تزامنا مع 200 يوم من الحرب
- موقع أميركي: يجب فضح الأيديولوجيا الصهيونية وإسقاطها


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فاديا فهد - التحرّش الجنسي: لماذا أنا؟