|
فساد البرلمان ...من خلال مبدأ تمرير الصفقات السياسية بين الكتل ...
حسين حامد
الحوار المتمدن-العدد: 3906 - 2012 / 11 / 9 - 21:05
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ليس بألامر اليسير أبدا ان يحيا الانسان العراقي اليوم وهو يدرك ان معاناته ومصائبه سببها شركائه في الوطن ، ولا أقول (اخوته) العراقيين . فالمعنى الانساني النبيل المتوارث لمفهوم الاخوة ، والمتوالد من سمو الوازع الأخلاقي للعفة وقيم الشرف المجردة من كل مصلحة شخصية، وبما يجعل قضية التضحية من اجل الاخوة مسألة واجب يرضي الله تعالى ويرضي الضمير، فانها وللاسف، لم تعد من أخلاق هؤلاء الشركاء هذه الايام . فأخلاقهم مجبولة على ادامة الارهاب واغتيالات الكواتم ونشر الفساد الحكومي ونهب ثروات البلد ومحاربة قيم الاديان . واستنتاجاتنا هذه ، ليست من ترف فكري ، لكنها تقوم على حقيقة ، أن شريكنا العراقي هذا والذي يرتضي بيع نفسه من اجل المال والجاه، سوف لن يجده امرا صعبا عند قتله لأخيه العراقي. فمن خلال هذا الاجتياح الرهيب للحياة، علينا أن نتوقع أن مظالم الدنيا كلها من الممكن ان تمارس على الارض من قبل هذا (الشريك) الذي لا يزال وللاسف يحمل انتماءا للعراق. ورب قائل يقول ، ان العواطف النبيلة الضخمة التي كان يتوارثها الانسان العراقي في الماضي، لم يعد لها مكانا في قلبه اليوم. فحياة السنين الماضية التي نشأ جيلنا على كرم سجاياها ، لم تعد تصلح كمقياس للسلوك أو تكهن ما يدور في القلوب والاذهان. ذلك أن حياة اليوم تقوم على أسس المصالح والغدر والخيانات. وخير مثل لذلك هو السلوك الشائن لبعض هؤلاء "شركائنا في الوطن" من ساسة البرلمان ومن مسؤولين كبار في السلطة ، في وقوفهم ضد شعبنا في مواقف لا تنتمي للوطنية بشيئ . فعلى افتراض، ان هناك من بيننا من لم يكن قد أدرك بعد اسباب ما حل بشعبنا ومنذ 2003، من معاناة نتيجة استمرار هؤلاء الشركاء ألاعداء ، في سلوك معادي للوطن ، فأن النائبة ناهدة الدايني ، في 4 تشرين ثان ، 2012 ، قد مزقت كفن القائمة العراقية التي تنتمي اليها ، كاشفة امام شعبنا علنا ، أحد أهم الاسباب الرئيسية لهذا الفساد الضاربة اطنابه تحت قبة السلطة التشريعية ، والذي دأبت الكتلة العراقية على ممارسته من خلال سياسة (التوافقات) السائدة ، حيث يتم تمرير القوانين والقرارات التي تهم حياة ومستقبل شعبنا من خلال مقايضة الصفقات السياسية، لتمرير الطالح والشرير وفرضه على المجتمع. أي أن التسويات السياسية بين الكتل ، حلت محل مبدأ التصويت على القرارات والمتعارف عليه في برلمانات العالم !!.
فقد أرجحت النائب الدايني، "أن يتم التصويت على قانوني العفو العام والبنى التحتية "في سلة واحدة... مؤكدة أن اغلب القوانين (تمرر بالتوافق من خلال صفقة سياسية منذ بداية تشكيل الحكومة وحتى الآن)" .
فمنذ زمن ليس بالقصير ، ومن خلال الكثير من الحقائق التي تم كشفها ، بدأ شعبنا يدرك حقيقة أن بعض الكتل السياسية البرلمانية، وكنتيجة لغياب الرقيب (الضمير الحي) ، الرادع والكابح لأهواء الغرائز الشيطانية لدى انساننا هذه الايام، تم اناطة مسؤولية تحطيم المجتمع العراقي لهذه النماذج التي تم اختيارها من قبل بعض انظمة الجوار لتمثيل مصالح سياسات الغدر والخيانة بأموال أكثر من مجزية. فهذه الكتل البرلمانية هي نفسها التي كانت ولا تزال وراء تنفيذ الجرائم التي يخططها وبعقل استخباراتي ، انظمة السعودية والقطرية وتركيا لنشر الرعب والذهول والفوضى في مجتمعنا لقلب قيم التراث والمفاهيم السائدة فيه ، لنشر حالة اليأس والاحباط والتعامل معها كقوى غامضة ليس في قدرة قواتنا العراقية الحديثة والمخترقة ، من دحرها والنيل منها.
فحينما يصرح السيد المالكي في مقابلاته التلفزيونية وامام الملأ ، ان السيد رئيس البرلمان لا يتعاون في كثير من الامور لما يخص ممارسة مسؤولياته في تنفيذ القوانين والقرارات التي تصدرها الحكومة. وأن القائمة العراقية مع حلفائها يقفون ضد تمرير قوانين تخص حياة شعبنا ، كقانون البنى التحتية ، لطموحهم من اجل مقايضته بتمرير قانون العفو عن السجناء ، نرى انه من الواجب على رئيس البرلمان السيد اسامة النجيفي أعطاء شعبنا أسبابا مقنعة لسياسة التستر التي يمارسها في عدم فضح تلك (التوافقات) التي تحصل بين الكتل. في نفس الوقت، ينبغي على السيد رئيس البرلمان أيضا اطلاع شعبنا عن الاسباب في عدم تنفيذه للقرارات الحكومية التي تصب في مصلحة شعبنا والتي أشار اليها السيد رئيس الوزراء، ان كان السيد اسامة النجيفي فعلا يريد خيرا للعراق وشعبه؟
فاذا كان ما صرحت به النائب الدايني ، حقيقة لا غبار عليها ، فأن شعبنا من حقه ان يعرف ما يجري في الخفاء من مؤامرات تهم حياته ومصيره . فما تحدثت عنه الدايني، فانه يعني ان التصويت على القرارات والقوانين أمرا لم يعد موجودا في اجندات هذا البرلمان ، وأن لاشرعية الممارسة في مبدأ التوافقات في البرلمان تستند على تئامر البرلماني العراقي نفسه والذي لا يهمه تطبيق الدستور أو ممارسة الديمقراطية ، وعدم احترامه لتضحيات شعبنا من اجلها . فالكتلة العراقية التي (تفتخر) من خلال النائب الدايني ، بأنها تتعامل بمنطق غير شرعي في تطبيق مبادئ الدستور، فأن القائمة نفسها غير جديرة بحمل شرعية تمثيلها لقائمة انتخابية ، بسبب انها ليست فقط قامت بتزوير الانتخابات من قبل ، لكنها أيضا ، تحاول تعطيل الشرعية البرلمانية بواسطة جعل التوافقات على الصفقات بديلا عن مبدأ التصويت الحر كأساس في العمليات الرسمية لعمل البرلمان . وأن من يمارس ذلك التعطيل والتشويه من كتل الاخرى أيضا، فان هؤلاء جميعا يجب محاسبتهم ووقف شرعيتهم البرلمانية. ومن اجل معالجة هذا الانحراف عن الدستور، يجب باعتقادنا ، ان يتم حل البرلمان والدعوة الى انتخابات مبكرة .
فبعد اعتراف النائب ناهدة الدايني ، لا نعتقد ان للكتلة العراقية وحلفائها ممن يمارسون معا تلك الانحرافات لتشويه مسؤوليات السلطة التشريعية ، أن يكون للقائمة اساس قانوني يمنحها حق الاستمرار في تمثيل من قاموا بانتخابهم من شعبنا ؟ في نفس الوقت ، نعتقد أن شعبنا يطالب الحكومة المنتخبة، ان تقوم بكشف الكتل السياسية التي استفادة من تمرير سياسة التوافقات تلك ، سواء أكانت من قبل القائمة العراقية أو غيرها. وكذلك ، لاطلاع شعبنا على تلك القوانين او المشاريع التي تم تمريرها من خلال تلك التوافقات لزيادة كشف ما يحصل تحت قبة البرلمان . فتمييز القرارات التي أهميتها تصب في صالح شعبنا، أصبحت معروفة لشعبنا من خلال الاعتراض عليها والوقوف ضدها من قبل الكتل المتضامنة ضد الحكومة ، (الكتلة العراقية وكتلة الاكراد والسيد مقتدى وبعض اعضاء البرلمان المستقلين) ، ومحاولة منع تمرير تلك القوانين أوالمشاريع أوالقرارات الحكومية والوقوف ضدها ، عادة ما تستخدمها الكتل المذكورة كوسيلة للمساومة على صفقات عادة ما تزيد ضررا في حياة أو أمن شعبنا، كما حصل لقانون البنى التحتية الذي تمت المساومة عليه بقانون العفو العام .
وفي الختام ، لا أدري هل ينبغي أن نشكر النائب ناهدة الدايني من القائمة العراقية على صراحتها وجرأتها في ذلك التصريح الخطر في الكشف عن ما يدور داخل السلطة التشريعية من عدم احترام أعضاء السلطة التشريعية لكراماتهم وللمسؤوليات التي ائتمنها عليهم شعبنا ، أم ان اعتبر تلك التصريحات نوعا من (الصلف ) و (الاستهتار) بحق شعبنا؟ ففي الوقت الذي يعيش فيه هذا الشعب معاناته الطويلة المضنية من جراء تفاقم الفساد في اجهزة الدولة ، وفي البرلمان بالذات ، نجد في مقابل ذلك ، قدرا مخجلا من الاستهانة وعدم التقدير والاحترام لبطولات شعبنا وللمخاطر في تعريضه حياته من خلال تحديه الارهاب وخروجه الى الشارع للتصويت من اجل دعم الديمقراطية . فما قدمه شعبنا بسخاء من تضحيات وقرابين الشهداء تلو الشهداء من اجل ان يعلوا صرح الوطن ويسمو، أمرا يجب ان نحني له هاماتنا اجلالا ، لا أن يكون الجحود هو الرمز لعقوقنا !!. فلا أزال غير واثق تماما ما اذا كانت صراحة وجرأة النائب ناهدة الدايني وامام الرأي العام ، تعني (استخفافا ) بحق شعبنا ، أم أنها يا ترى كانت نتيجة الشعور بالطمأنينة من خلال ادراك الدايني ، ان ليس هناك من سيبالي لمحاسبة من يسئ لمشاعر شعبنا من المسؤولين ...كائنا من كان؟.
#حسين_حامد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألسيد مقتدى الصدر... والطريق المسدود؟
-
دجل العمائم ... جهل ام أجندات خارجية؟
-
ظواهر قابلة للاصلاح تنغص حياة شعبنا....
-
أين الاعلام من مسؤولياته الوطنية...؟
المزيد.....
-
إيران تعلن استئناف الرحلات الجوية بعد رفع القيود
-
مسؤول لبناني: لبنان لم يشهد أزمة نزوح في تاريخه مثلما يجري ا
...
-
استطلاع للرأي يظهر أن ثلثي الإسرائيليين لا يشعرون بالأمان بع
...
-
إصابة 10 إسرائيليين جراء رشقات -حزب الله- الصاروخية على حيفا
...
-
بوتين يحتفل بعيد ميلاده الـ 72
-
اتهام مراهقين بالاعتداء على حاكم نيويورك السابق باترسون
-
الرئيس التونسي: معركة التحرير متواصلة (فيديو)
-
-نيويورك تايمز-: إسرائيل تعرض قوات -يونيفيل- للخطر
-
دبلوماسي قطري كبير ينفي لـ-جيروزاليم بوست- مزاعم إسرائيلية ح
...
-
صحيفة: موانئ أوروبية تمنع دخول سفينة قادمة من روسيا خوفا من
...
المزيد.....
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
المزيد.....
|