أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - بدر الدين شنن - حبيتي حاب















المزيد.....

حبيتي حاب


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 3889 - 2012 / 10 / 23 - 14:08
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


يحزنني .. يؤلمني .. يمزقني .. أن أكون بعيداً عنك .. وأنت تئنين من طعنات الغادرين .. وتنزفين .. وتقاومين . ويذلني عجزي المضاعف عن القدوم إليك .. لأسهم مع عشاقك الأوفياء في افتداء أطفالك وشبابك وشيوخك وجدرانك . ولأعمل شيئاً مع محبيك ، في رد مخاطر ، العبوات الناسفة ، والسيارات المفخخة ، وقذائف الجهالة والجنون والجريمة المأجورة ، عن ساحاتك .. وبيوتك .. وأشجارك .. وجدرانك .

كل أحيائك مطبوعة في عيني .. ومتموضعة في قلبي .. تتوسطها قلعة العز والكبرياء والبهاء . كل حجارتك في جدرانك والمرصوفة فوق طرقاتك ، محفوظة في خلايا دمي رموزاً عزيزة في مشاعري ومخيلتي .. لاتبرحني مهما رأيت من العمران في غربتي ومنفاي .. ولا أبرحها مهما كانت الفتنة والمغريات .

أنا لم أغادرك حقاً ، قبل عشرين عام .. أنا تمزقت .. بين أن أبقى رهينة كوابيس الموات المضني وحصارالتمويت ، وبين أن أرحل لأحيا من أجلك .. وتوزعت إلى نصفين غير متوازيين .. روحي معك وجسدي في الغربة . في المنفى اختفت الكوابيس . ولأتقي عودتها لم أستطع أن أعود .. لكنني كما تعرفينني .. أنا ابنك البار ، الذي ولد من رحمك النبيل المقدس .. أنا ابن ساحة البازات والمغازلة وزقاق النخلة .. أنا ابن ساحة الملح والجلوم وأغيور .. أنا ابن سيف الدولة والزبدية والسويقة .. أنا ابن باب المقام وباب النصر وباب انطاكية . كل ما في كياني تشكل من ترابك وهوائك ومائك وروحك .. كل إنسان فيك هو بمثابة أخي وابني وأختي .. أنا بعض متواضع من تلميذ للشيخ الجليل خليل الطيار حارس باب قنسرين ، والشيخ المقدم معروف بن جمر حارس باب انطاكية .. وحامل ذرات عطرة من وطنية سيف الدولة وابراهيم هنانو وسعد الله الجابري ..

إني وإن كنت لا أحمل من طاقة وزاد سوى وجع القلب وثقل الشيخوخة والكلمات ، فأنا قادر ، على الأقل ، أن أغار عليك ، وأدافع عنك ، وأشترك مع بقة أبنائك ، في رسم غدك المقبل .
لقد نسي من أرادوا .. ياحبيبتي .. إخضاعك أو تدميرك ، أنك أم المعالي والرتب ، وسلطانة الطرب ، وحصن العرب وأشقاء العرب . نسوا أن عظماء مثل ابو الطيب المتنبي وأبوالعلاء المعري والفارابي وعمر أبو ريشة أنت بالنسبة إليهم ، الملهم ، والسكن الآمن ، والحصن المنيع ، والحضن العزيز الدافء ، وأن سيف الدولة وأبي فراس والظاهر بيبرس ومعروف بن جمر وإبراهيم هنانو هم من فرسانك ، وأن الفرنجة والتتار والعثمانيين والفرنسيين ، قد اندحروا أمام صمودك وبطولاتك . ورغم ما تعرضت له ، عبر تاريخك الطويل ، من غزوات وحروب ودمار ، عدت في كل مرة أقوى وأبهى مما كنت . بيد أن هذه المرة ستكون استثناء .. لأن أعداءك سوف يرحلون باكراً .

إن إنسانك الذي تفاعل مع التطور والارتقاء ، بدءاً من كهوفه في حي المغاير ، منذ عشرين الف عام ، واشتهر عبر التاريخ بذكائه وانتاجه وإبداعاته ، وجعل منك محطة مضيئة مزدهرة على دروب الحرير والتجارة الدولية بين أمم الشرق والغرب ، هو نفسه إنسان هذه الأيام ، الذي يخوض أقسى امتحان في تاريخه . وللفوز بهذا الامتحان ، لايحتاج أحداً كي يعلمه العيش الحضاري وحياة الحرية ، ولا يحتاج أن يعلمه أحد معنى الثورة وحركة الثورة ، لا من " ثوار " مرتبطين بحلف الناتو عدو الشعوب ، أو بدول تنوء ببنيتها الرجعية وعقليتها المفوتة المعادية للثورات الشعبية الأصيلة والحرية ، ولا من " ثوار " ممتهنين القتل والتدمير أينما حلوا في آسيا وأفريقيا وأوربا . فالحلبيون عريقون بالنضال من أجل الجرية ، إن في زمن ظلام العثمانيين ، أو زمن الاحتلال الفرنسي ، أو زمن الديكتاتوريات . ولهم مفاهيمهم في ثورة الحرية لاتنفصل عن الحرص على الوطن .. وعلى مصالح الوطن . ويدركون جيداً ، أن القضايا النبيلة لاتتحقق بالوسائل القذرة .

وحتى يعود كل ما كان في حلب أجمل وأفضل مما كان ، لا بد من أن يرفع كل الحلبيين رؤوسهم عزة وشموخاً ، متحدين القناصين القتلة ، وقذائف الهاونات ، والعبوات الناسفة ، والسيارات المفخخة ، وشلالات رصاص الدوشكات ، وأن يشدوا العزم ، لبناء ما يتهدم مرات ومرات ، حتى يستقر البناء ما بعد الطلقات الأخيرة ، مبرهنين على أن الإنسان الحلبي في هذه الأيام التاريخية .. أيضاً لم يقهر .. ولن يقهر ..

ولأنك ياحبيبتي لكل أبنائك .. لنا جميعاً .. بشوارعك وأسواقك ومدارسك وجامعاتك ومصانعك وريفك وحدائقك .. سوف نعيد بناءك .. ونعيد حركتك في الحياة .. في كل فروع الحياة .. في العمران والصناعة والزراعة والتجارة والسياحة والخدمات والتعليم ، لتعودي تتسابقين مع مدن العالم في الارتقاء الحضاري ..

وعندما تغتسلين من غبار معارك الغدر ، ومن الدم المتجمد على جسدك ، من حق المقدم معروف بن جمر علينا ، أن نبرز " كلته " في باب انطاكية تجديداً لاحترام بطولاته التاريخية دفاعاً عن حلب ضد الغزاة ، وأن نقدم للشيخ الجليل خليل الطيار مجموعة مناديل من الحرير وقنان من زيت الزيتون احتراماً لمبدئه رفض استخدام باب قنسرين مكاناً لسفك الدماء ، ومن حق أبي فراس الحمداني ، أن نقدم له إكليلاً فخماً من الزهور ، لأنه علمنا أن " لنا الصدر دون العالمين أو القبر " ، وأن نزور قاعة العرش قي القلعة ، ونحيي سيف الدولة الحمداني ، مؤكدين له ، أن شبان حلب هم الآن ، كما كان جنوده في حروبه مع بيزنطة دفاعاً عن حلب وعن بلاد العرب ، وأن نزور ضريحي البطلين الصديقين الخالدين إبراهيم هنانو وسعد الله الجابري ، لنقرأ عليهما الفاتحة .. ولنقرأ لهما بيان انتصار حلب الشهباء ، التي وهباها كل شيء مما يملكان .. العمر .. والمال .. والدم والدمع والعرق ..

وفي خضم لعلعة الرصاص ، وانفجار القذائف والعبوات الناسفة والسيارات المفخخة .. وفي كل أزقة وشوارع حلب الجريحة النازفة .. في فضاءات مدارسها المهدمة ومشافيها المنهوبة والمخربة .. في كل ملاذات الهاربين من الموت الغادر .. ’تطرح الأمنيات عبر التساؤلات :

هل ستعود حلب .. شهباء .. جميلة .. شامخة .. بقلعتها وشوارعها وساحاتها .. آمنة .. تغمرها المحبة والأخوة والوفرة ؟ ..

هل ستعود أسواق " المدينة العريقة العزيزة ، بفروعها وخاناتها التي لاحصر لها ، ممتلئة بكل ما يحتاجه الناس من طعام وكساء وحميمية ؟ ..

هل ستعود الرموز الحلبية في عالم الثقافة والطرب ، وتعود الطلبات تترى ، على حلويات المستت والطرقجي وأبوشاكر ، وعلى فولات أبو عبدو وأبو
عمر ؟ ..

هل ستعود المقاهي ، التي تجمع حول طاولاتها ثنائيات الصداقة ، والعشق المباح ؟ ..

هل سيعود نهر الحب يتدفق بالشباب والصبايا ، في مساءات الصيف الممتعة ، من السليمانية إلى محطة بغداد إلى ساحة الجابري ؟ ..

هل ستعود ساحة سعد الله الجابري تمتليء بألوف المواطنين الذين يرددون .. الشعب يريد .. ما يريد .. حسب استحقاقات اللحظة ؟ ..

وأسمح لنفسي بالإجابة : نعم ستعود .. ستعود بوحدة ونضالات وتضحيات كل الوطنيين الديمقراطيين الصادقين الأوفياء ، وستحتفل حلب مع كل مدن وبلدات وقرى سوريا بعودة سوريا الحبيبة .. قوية .. ديقراطية .. عادلة ..

حبيبتي حلب
قولي لأم نادر .. أن تضع دلة القهوة على النار ..



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بصمات عثمانية على الجدران السورية
- السؤال الحاسم في الأزمة السورية ( 2 /2 )
- السؤال الحاسم في الأزمة السورية 1 / 2
- حتى تتوقف كرة الدم
- أول أيار وسؤال البؤس والثورة
- الهروب إلى الحرية
- لماذا السلاح .. وضد من ؟ ..
- بين غربتين
- حتى لاتكون سوريا سورستان
- من الحزب القائد إلى الدين القائد
- ضريبة السلاح ولعنة الدم
- دفاعاً عن الرايات الوطنية
- إعادة الاعتبار - للثورة - .. واليسار .. والاشتراكية
- إنتهاء زمن الحزب القائد
- من سيحدد خواتم الأزمة السورية
- الباحثون عن الشرعية والدعم خارج القاعدة والوطن
- العناوين الغائبة في الحوارات والمؤتمرات
- الثورات السلمية المغدورة
- سوريا بين عهدين
- في الحوار واللاحوار


المزيد.....




- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - بدر الدين شنن - حبيتي حاب