أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - سلام ابراهيم عطوف كبة - في الذكرى السنوية لرحيل العالم الاقتصادي الكبير ابراهيم كبة – 8















المزيد.....



في الذكرى السنوية لرحيل العالم الاقتصادي الكبير ابراهيم كبة – 8


سلام ابراهيم عطوف كبة

الحوار المتمدن-العدد: 3886 - 2012 / 10 / 20 - 00:02
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


في 26/10/2012 تمر علينا الذكرى الثامنة لرحيل ابراهيم كبة – من كبار رواد السياسة والاقتصاد في تاريخ عراق القرن العشرين،السياسي والاقتصادي والاكاديمي!وبهذه المناسبة نلقي الضوء على بعض الشهادات التقديرية!رغم اننا قد لا نتفق مع البعض من مضامينها!ونعلق على البعض الآخر،ونترك الحكم للقراء الكرام!

 روميرو والتبريرية!
 رسالة د.عصام عزيز شريف الى سلام كبة!
 ادموند غريب!
 مايك غودوين ودرجة الماجستير!
 روني غابي والاصلاح الزراعي!
 ثنائي ال"سلوغليت"!
 اياد الجصاني واقتصاد السوق!


• يذكر جوان روميرو في كتابه"ثورة العراق 1958 والبحث عن الاستقرار في الشرق الاوسط –
THE IRAQI REVOLUTION OF 1958 and THE SEARCH OF SECURITY IN THE MIDDLE EAST
الذي نشرته جامعة كنتاكي الغربية/الولايات المتحدة/ص 254...:"لم يقتصر انتقاد السياسة الخارجية للحكومة العراقية في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم على بريطانيا والولايات المتحدة فقط ،بل جاءت هذه المرة من وزير في الحكومة نفسه!فوزير الاقتصاد الماركسي التوجه ابراهيم كبة قد اعد نقدا ماركسيا للسياسة الخارجية القاسمية خلال محاكمته عام 1963 امام ما اطلق عليه محكمة الثورة!مبديا ملاحظاته على هذه السياسة في الفترة تحت البحث 1958 – 1959،وقناعاته ان قاسم قد اخفق في نهج معاداة الامبريالية!الأمر الذي ادى الى التأرجح بين هذا المعسكر الدولي وذاك!وليس مستغربا من وجهة نظر كبة – الذي يقر بماركسيته - ان تكون السياسة الخارجية لقاسم غير ثورية!
ان تحليل كبة وانتقاداته للسياسة الخارجية القاسمية تجاه الغرب كانت محقة وغير ثورية في المنظور الماركسي،لكنه اخفق تماما في مقارنة سياسة العهد الجديد بتلك التي صاغها نوري السعيد!وجوهر مضمون هذا الفصل في كتابنا الحالي،وفي حالتنا هذه،اثبات راديكالية وحتى ثورية السياسة القاسمية بالفعل!
ويبدو ان ابراهيم كبة مقتنع ان السياسة الخارجية الثورية لا يمكن ان تكون الا ماركسية الطابع فقط!وسنبين في هذا الفصل،ان توجه قاسم كان نحو بناء علاقات صداقة ودية مع جميع البلدان،وبضمنها قوى المعسكر الغربي،اذا ما التزمت هذه القوى بحظر العلاقات احادية الجانب التي ترسخ من التبعية التي اتصف بها العهد السابق!حينها تكون هذه الرؤى اكثر ثورية من المبتغى الماركسي الذي يعيد انتاج عهد نوري السعيد بالمقلوب!...الخ!"ويؤكد روميرو في مقدمة كتابه:"انه يهدف الى البرهنة ان وضعا ثوريا قد نشأ في العراق بالعقد الأخير من العهد الملكي الاستعماري بسبب انتهاكات حقوق الانسان والتبعية لبريطانيا والانضمام الى حلف بغداد والاقطاع الاقتصادي في الريف واتساع البطالة في المدن!وبرنامج الاعمار الطموح الذي مولته الحكومة العراقية من عائدات النفط لم يضع حلولا لهذه المعضلات لأنه ركز على المشاريع الكبيرة وطويلة الأجل التي لا تعالج سريعا قضية الفقر!..."

لا نريد الخوض في متاهات وسفسطة وتبريرية وبراغماتية روميرو المعادية للماركسية،والتي تتلقفها وتطبل لها الليبرالية والحركات القومية والقوى الرجعية في بلادنا وبرحابة صدر،وهو محق اذا اخذنا بنظر الاعتبار كونه استاذ مساعد تاريخ في جامعة اميركية،ويدافع عن سياسة بلاده في الاستعمار الجديد والعولمة المتوحشة!لكن كل ادعائاته التوفيقية تسقط امام حقيقة ان ثورة 14 تموز المجيدة عام 1958 لم تكن مؤامرة نفذتها حفنة من الضباط في ساعة واحدة فقط مثلما وصفتها مجلة(التايم)الاميركية في اول عدد لها يصدر بعد الثورة،ولم تكن ثورة 14 تموز"اسوء لحظة في التاريخ ادت الى تدهور مركز الغرب الى ابعد حد..وفتحت جيادها باب الاسطبل المغلق وهربت اثمانها.ولابد ان يحال باي ثمن دون هروب اي جواد اخر بل لابد من استرداد الهارب الكبير"مثلما وصفتها مجلة"الايكونوميست"البريطانية لسان حال دوائر المال والاعمال البريطانية الكبرى،ولم تكن ثورة 14 تموز انقلابا او انقلابا ثوريا كما يحلو لبعض القوى السياسية المحافظة والقومية والطائفية السياسية نعتها.
في مخطط قاسم ومخطط الاستعمار مثلما ورد في"هذا هو طريق 14 تموز/دار الطليعة/بغداد/1969"يذكر الدكتور ابراهيم كبة:"انزلت ثورة 14 تموز بالاستعمار اكبر ضربة قاصمة تلقاها بعد الحرب العالمية الثانية في الشرق العربي،فأحدثت تبدلا جذريا عميقا في الوضع السياسي العام في هذه المنطقة،وقلبت الخطط الاستعمارية العدوانية رأسا على عقب!ومدت حركة التحرر العربي بروح ثورية جديدة هائلة اثارت اشد الرعب والفزع في جميع الاوساط الاستعمارية والرجعية في العالم.ولذلك كان مخطط الاستعمار واضحا ومكشوفا منذ البداية"
في غضون ساعات انزل سلاح الجو الملكي البريطاني والاسطول السادس الامريكي فيالقهما في الاردن ولبنان للوثوب الى بغداد من هناك واعادة الحصان الجامح – الهارب الكبير – الى الاسطبل الاستعماري دون جدوى،وعبثا ذلك ان شعبنا العراقي وليست حفنة من الضباط كان في غضون ساعة واحدة فقط قد نزل الى ساحة الثورة التي امتدت رقعتها لتشمل مساحة العراق من زاخو الى الفاو(14 تموز ملحمة العراق الخالد/رسالة العراق/عدد91).
لقد تفجرت تناقضات النظام الاقتصادي الاجتماعي في العراق عام 1958 بثورة 14 تموز المجيدة،ودكت اداته القمعية السياسية المتمثلة في النظام الملكي الاستبدادي.لقد عبرت الثورة عن عجز النظام السياسي والاجتماعي المباد وسياسة الباشا واسياد الباشا في حل تناقضاتهم الاساسية والاستجابة لمصالح الشعب العراقي في الحرية والحياة الكريمة.وقد اكتملت ونضجت القيادة السياسية و العسكرية التي اخذت على عاتقها اسقاط النظام القديم وبناء النظام الجديد قبيل تاريخ الثورة عندما نجحت القوى السياسية الوطنية في تأليف جبهة الاتحاد الوطني عام 1957،بعد مخاض طويل وعسير،عندما تم الاتصال بين عناصر الجبهة ومنظمات الضباط الاحرار،في سبيل تفجير الثورة العظيمة!لقد تصاعد دوي جرس الانذار الطبقي في المؤسسة العسكرية العراقية وعموم المجتمع في خمسينيات القرن المنصرم،ولم يعد بمقدور السلطات الاحتفاظ بالموازنـة الطائفيـة والطبقيـة في آن واحد!ودخل النظام طور الهرم والشيخوخة،وبدأ الحكم يفقد مواقع داخلية متزايدة،وترسخت في العقلية السياسية العراقية مشروعية الاستعانة بالجيش.لم تعد مؤسسات النظام وبرلمانه موضع حرص من احد!هكذا دك الجيش العراقي الملكية واجتث النفوذ البريطاني واكد انه جيش الشعب عام 1958.
وبالرغم من العيوب الكبرى في السلطة السياسية الا ان الزخم الثوري والضغط الشعبي افضيا خلال الاشهر الاولى للثورة بمجلس الوزراء الى ممارسة شئ من المناقشات الحرة داخله.والى هذه الفترة ترجع اهم الانجازات التي قامت بها ثورة 14 تموز في بداية عهدها:في الحقل الخارجي – اعادة العلاقات مع الدول الاشتراكية،استرجاع قاعدة الحبانية،الانسحاب من الاتحاد الهاشمي والتمهيد للانسحاب من حلف بغداد.على الصعيد الداخلي – اعلان الدستور المؤقت والغاء اغلب المراسيم السعيدية واطلاق سراح المعتقلين والمسجونين السياسيين،الغاء قرارات نزع الجنسية عن العراقيين والسماح للمبعدين السياسيين بالعودة للوطن،اطلاق الحريات العامة والنشاطات الحزبية،الغاء سيطرة الامن على سياسة التوظيف،اصدار قانون الأحوال الشخصية،اصدار قانون رقم 80 الهام الخاص بالثروة النفطية العراقية،الاصلاح الزراعي،عقد الاتفاقيات الاقتصادية الجديدة،اتباع سياسة التخطيط والاعمار بعد الغاء مجلس الاعمار،التحرر من الكتلة الاسترلينية.
في خطاب د.ابراهيم كبة/وزير الاقتصاد في الجمهورية العراقية"القاه في الجلسة الافتتاحية للمجلس الاقتصادي للجامعة العربية المنعقد في القاهرة بتاريخ 5 كانون الاول 1959"،جاء الآتي:"تتعرض بلادنا العربية اليوم الى مؤامرات استعمارية مشتدة مصوبة بالدرجة الرئيسية نحو طليعة الكفاح العربي التحرري،المتمثل بالجمهورية العراقية والجمهورية العربية المتحدة.والاستعمار يدرك انه اذا استطاع ضرب هذه الطليعة هان عليه بعد ذلك ان يبسط طغيانه على الامة العربية كلها.وخطة الاستعمار في الظرف الراهن تقوم على زرع بذور الجفوة والخصام بين الجمهوريتين العربيتين المتحررتين،بأمل احداث صدع كبير يستطيع من خلاله اختراق الجبهة العربية وضربة اخرى للعربية المتحدة وبالتالي اعادة سيطرته الاستعمارية على العالم العربي برمته.
ان الاستعمار يدرك ان التضامن العربي قد كان الضمانة الاساسية في الانتصارات التي حققتها مصر في سياستها القومية التحررية واخصها رد العدوان الثلاثي الآثم.كما كان الضمانة في وقاية سورية من العدوان والمؤامرات،وكان بالتالي عاملا جوهريا في احباط خطط الاستعمار العدوانية التي اتخذت في اعقاب انتصار الثورة العراقية.وواضح ايضا ان هذا التضامن قد لعب دوره في اجلاء جيوش الغزو عن لبنان والاردن وبلوغ ثورة لبنان الشقيق نتيجتها المنطقية.كما لعب دوره في احباط مفعول مبدأ آيزنهاور وتقويض اركان حلف بغداد وتأمين الفاعلية الكفاحية لثورة الجزائر وعمان.
والاستعمار الذي ادرك ويدرك خطر التضامن العربي على مصالحه ومشاريعه العدوانية والدور الذي يلعبه هذا التضامن في الانتصارات التي تحرزها القومية العربية- يعمل الآن بكل ما يملك من اسااليب ووسائل لحل عرى هذا التضامن وتقويضه.وهو لهذا الغرض يستهدف – كما بينا – طليعة الكفاح العربي، المتمثلة بالجمهورية العراقية المتحررة وتسديد ضربة للجمهورية العراقية والجمهورية العربية المتحدة".
وجاء في الكلمة ايضا:"ان القومية العربية مثل سائر القوميات لابد ان تسلك سبيل تطورها التاريخي المعتاد.وكما توحدت امم كثيرة ستتوحد حتما امة العرب.تلك مسألة هي في اعداد الحقائق الموضوعية التي تشق طريقها الى الامام بفعل القوى الاقتصادية والاجتماعية وبمعزل عن الاهواء والنزوات.وهي بهذا الوصف لا يمكن ان تكون موضوعا للجدال او النقاش او النظرة الضيقة.
ان الحركة القومية العربية هي حركة العرب اجمعين.ولذلك فهي تهم كل عربي يقطن العالم العربي الوسيع الممتد بين الخليج والمحيط.وهذه الحركة مثل اية حركة تاريخية مماثلة محكومة بشروطها الموضوعية التي ينبغي ان تؤخذ بنظر الاعتبار اثناء العمل على حث السير لهذه الحركة وبلوغها اهدافها الاساسية.
من المعلوم ان الاجزاء المختلفة من العالم العربي لا تعيش في ظروف متماثلة،فلكل منها ظروف خاصة نشأت من التجزئة المصطنعة التي فرضها الاستعمار على الامة العربية.ولهذا السبب تطورت البلدان العربية تطورا غير متناظر سواء في اوضاعها السياسية والاجتماعية او في اوضاعها الاقتصادية والثقافية.وليس ثمة من حاجة للتدليل على هذه الحقائق المعروفة للجميع.ان هذا التباين ليس من صنع العرب انفسهم الذين ظلوا دوما يطمحون الى الحرية والوحدة،وانما هو حصيلة للتجزئة الاستعمارية التي فرضت على الامة العربية.لكن هذا التباين في ظروف البلدان العربية المختلفة ليس شيئا متأصلا وطبيعيا وانما هو شئ عارض ومؤقت.اما الشئ الاصيل الذي يحتفظ بشروط البقاء والتطور،فهو الخصائص القومية للامة العربية،وهي التي اخفقت كل جهود الاستعمار ومساعيه لطمسها او عرقلة نموها.
فمن اجل معالجة قضية توحيد الامة العربية معالجة صائبة،ينبغي عدم اللجوء الى تبسيط هذه القضية الى حد تجاهل الظروف الخاصة للبلدان العربية.ان عملية توحيد الامة العربية هي عملية مركبة تعيش في ظروفها الموضوعية الخاصة.ولذلك فان حل هذه المسألة ينبغي ان يستند الى هذه الظروف بالذات.والواقع الذي تعيش فيه امتنا العربية المجزأة يدل على ان سير البلدان العربية نحو الوحدة لن يكون متناظرا من حيث الزمن كما يدل على ان الشعوب العربية ستسلك في طريقها نحو الهدف سبلا متباينة لا سبيلا واحدا.فقد تنضج بين بين بلدين او اكثر من البلدان العربية ظروف تستدعي قيام نوع معين من الارتباط ، كما تنضج بين بلدين آخرين او اكثر ظروف تستدعي قيام نوع آخر من الارتباط.
ان تأسيس هذه الارتباطات التي تأخذ بنظر الاعتبار الظروف الخاصة بهذه البلدان هو رصيد ايجابي في حركة الوحدة العربية.وفضلا عن ذلك فان العراق جزء لا يتجزأ من الامة العربية،وان العراق مرتبط بأمتن عرى التضامن والتآخي مع البلدان العربية الشقيقة وانه سيقدم دون مقابل كل ما بوسعه من عون لأشقاءه العرب.وهذا ايضا مااكده الدستور المؤقت واعرب عنه المسؤولون من قادة الثورة ورجال الحكم،واكدته بالقول والعمل كل القوى الوطنية والشعبية في العراق.
ان راية القومية العربية المتحررة ترتفع خفاقة في العراق،والعراق الثائر يندفع قدما في طريق التحرر العربي ويشغل بجدارة موقعه التاريخي في صفوف الطليعة المقدامة للحركة العربية المتحررة.
رغم كل ذلك ورغم قصر المدة التي ينصرف فيها الجهد لترميم الوضع الداخلي الذي افسده الحكم البائد نجد الاستعمار يجند ابواقه وصحفه واذاعاته واعوانه للنيل من السياسة القومية التحررية التي ينتهجها العراق والتشكيك بجوهرها الوطني الديمقراطي،وهو الذي كان بالامس يركز الجهد ذاته على سياسة مصر وسورية وبالتالي على سياسة الجمهورية العربية المتحدة وقائدها الرئيس جمال عبد الناصر".
ويضيف د.ابراهيم كبة:"ان هذه الضوضاء المسعورة حول"مروق العراق"او"خروجه عن جادة القومية العربية"ليست في جوهرها ومغزاها الا مكيدة استعمارية هدفها دق اسفين في جبهة التضامن العربي وحل عرى وحدة الكفاح العربي ضد الاستعمار والصهيونية.ان هذه المكيدة ينبغي ان تبعث في نفوس العرب حيثما كانوا الحذر واليقظة وتدفعهم الى المزيد من التضامن ورص الصفوف.
وعراق الثورة التي اعلن منذ البداية تمسكه بسياسة الحياد الايجابي وانتهاج سياسة التعاون الدولي المتكافئ،قد سلك في الواقع ذات الطريق الذي سارت فيه مصر وسورية من قبل،وبالتالي الجمهورية العربية المتحدة.وان الدعاية التي تثار حول سياسة العراق الخارجية تستهدف زرع بذور الشك بين العرب وتمزيق جبهة الكفاح العربي.
ان العراق اذ ينتهج سياسة الحياد الايجابي ويأخذ بمبادئ باندونغ والتعاون الدولي المتكافئ ينطلق في ذلك من المبدأ القائل:نصادق من يصادقنا ونعادي من يعادينا – آخذا بنظر الاعتبار مصلحته القومية والوطنية،ساعيا جهده لكي يوفر لثورته ولحركة التحرر العربي مستلزمات الانتصار في الكفاح ضد الاستعمار والمساهمة في اعداد شروط التقدم والازدهار للامة العربية.
ان حكومة الثورة اذ تعمل بمثابرة ودأب على تصفية التركة المثقلة بالشجون والمآسي التي خلفها العهد البائد المندثر تجد من اولى واجباتها ان تحرر ارادة الشعب وان ترد له حقوقه.وما لم يدخل الشعب الى معركة البناء طليق اليدين من الاغلال .. حر العقل والارادة لا تستطيع الثورة ان تفلح في تحقيق اهدافها.هذا هو ما تفعله حكومة الثورة في العراق في عهد الانتقال.فهي تتخذ كل الاجراءات المناسبة لتحرير ارادة الشعب،مستهدفة من ذلك التعرف على ارادته الحرة في اصطفاء نوع الحكم الذي يريده،والسياسة التي يرتضيها،وهي في الوقت نفسه تسلك سياسة الحزم ازاء الاستعمار واعوانه،وازاء المتآمرين واعداء الثورة.اننا على يقين من ان هذه السياسة منسجمة مع روح وجوهر السياسة العربية التحررية،التي ولدت وترعرعت في معمعان النضال ضد الاستعمار ومظالمه.
ان قوميتنا في العراق بخير- كما يراها ويلمسها ويعمل في سبيلها الشعب العراقي وحكومته الوطنية.ونحن في الظرف الراهن الذي يشن فيه الاستعمار هجومه علينا ويتفاقم فيه خطر المؤامرات على كياننا وقوميتنا العربية،نرفع عاليا شعار التضامن العربي ضد الاستعمار،ونتخذ كل التدابير لتعزيز وحدة الكفاح العربي.فالخطر لا يتهدد العراق فحسب،وانما يتهدد العالم العربي برمته- ولا سيما الجمهورية العربية المتحدة.اننا في هذا الظرف الدقيق الذي تمر به امتنا ندعو الى مزيد من اليقظة ازاء دعايات الاستعمار وتهويشاته،التي تستهدف النيل من سياسة العراق وحكومته الوطنية،وندعو الى تعزيز الكفاح ضد الاستعمار ورص الصفوف العربية.
ويبدو الآن واضحا ان المرحلة الاولى من خطة الاستعمار ترمي مبدئيا الى عزل العراق عن حضيرة التضامن العربي،وذلك عن طريق تأليب الرأي العام العربي عليه،والتشكيك بسياسته القومية التحررية،وبالتالي اعداد الذرائع للتآمر على نظامه الوطني الديمقراطي.والاستعمار في مسعاه هذا يعمل بمثابرة عجيبة على تحويل انظار الشعوب العربية عن عدوها الرئيسي المتمثل بالاستعمار والصهيونية،ومن يلوذ بهما من اعوان واذناب،وتوجيهها صوب العراق – باعتباره قد اصبح مبعث "الخطر" على الحركة القومية العربية.ومن اجل بلوغ هذا الهدف تبذل المساعي الآثمة للتقليل من اثر النتائج الايجابية الحاسمة للثورة العراقية على الحركة القومية التحررية- رغم ان ثورة العراق المجيدة كما هو واضح قد دكت بضربة ماهرة امنع حصن من حصون الاستعمار والرجعية في الشرق العربي،وقوضت اخطر مركز من مراكز الكيد والتآمر والعدوان ضد القومية العربية والبلدان العربية المتحررة.وثورة العراق كما يراها كل منصف ردت العراق عمليا وبقوة عظيمة الى الطريق العربي المتحرر،وقد تمثل ذلك بجلاء في مبادرة حكومة الثورة الى سحب القوات العراقية من لبنان والاردن،والاعلان عن وقوف العراق الى جانب الحركة التحررية في هذين البلدين الشقيقين،وكل بلد عربي مكافح،وكذلك مبادرة العراق الى عقد اتفاق عسكري مع الجمهورية العربية المتحدة- اعقبه بعقد اتفاقية الوحدة الثقافية،واتفاقيات التجارة والتعاون الفني والتكامل الاقتصادي.ولم يقف العراق عند هذا الحد وانما سارع عمليا الى ازالة كل العقبات التي كانت تحول دون تحقيق امتن عرى التضامن العربي- ولاسيما بين العراق والجمهورية العربية المتحدة.وقبل ان تبدأ حكومة الثورة بالاقتصاص من طغاة العهد البائد الذين اذلوا الشعب العراقي وارهقوه بالاذى والمظالم،عمدت قبل كل شئ الى فضح السياسة المعادية للقومية العربية،التي كان ينتهجها العراق،ووضعت الاستعمار واحلافه وزبانيته في قفص الاتهام،وانزلت بهم الاحكام الرادعة جزاء تآمرهم الاجرامي ضد سورية ومصر ولبنان والاردن،وجزاء كيدهم الدنئ للجمهورية العربية المتحدة وسياستها وقادتها،ولم يقف العراق عند هذا الحد وانما بادر الى تقديم العون للجزائر البطلة المكافحة،فاعترف فورا بحكومتها الثورية وقطع جميع علائقه الاقتصادية والتجارية مع فرنسا المستعمرة،ومد يد العون الى شعب عمان الشقيق واحتج اشد الاحتجاج على المؤامرة الاستعمارية في البحرين،واكد مرة بعد اخرى على لسان قائده عبد الكريم قاسم على ان هذه الارتباطات ليست اشكالا مؤبدة،وانما هي وسيلة لتيسير بلوغ الهدف شأنها شأن الروافد المختلفة التي ينتهي مجراها آخر الامر لتصب في النهر الكبير.
ان تناولنا لهذه المسألة على هذه الصورة من الادراك الواقعي سيجنبنا الكثير من المزالق والوقوع في الخطأ،كما سيوجه نهجنا في السياسة القومية توجيها مثمرا صائبا يخدم قضية تضامننا الكفاحي،ويجلب معه كل الخير للقومية العربية.وبالعكس فان تناول المسألة على غير هذه الصورة لن يؤدي الا الى اثارة المتاعب وتأجيج الخلاف في معسكر الشعوب العربية،وبالتالي زعزعة وحدة الكفاح العربي والسير في منهج لا يعود بالخير على الامة العربية".
ويختم د.ابراهيم كبة خطابه:"ان معركتنا مع الاستعمار لم تنته بعد،فالى جانب البلدان العربية الشقيقة التي تكافح ضد الاستعمار من اجل تحررها لا تزال ثمة بلدان عربية اخرى ترزح في اسر العبودية الاستعمارية.انها معركة واحدة..معركة الامة العربية ضد الاستعمار.وفي الخط الاول من هذه المعركة تقف البلدان العربية المتحررة- الجمهورية العراقية والجمهورية العربية المتحدة.والى هذه الطليعة العربية المقدامة يصوب الاستعمار رأس حربته كما بينا.فالحفاظ على استقلال العراق والعربية المتحدة لا يزال في الظرف الراهن مهمة الساعة وضمانة الانتصار للقومية العربية المكافحة في شتى ارجاء العالم العربي.ولذلك يكون التفريط باستقلال اي منهما طعنة موجهة الى قلب القومية العربية وخسرانا فادحا لقلعة حصينة من قلاع الكفاح العربي ضد الاستعمار.
ان طريق العرب الى وحدتهم القومية هو طريق وحدتهم في الكفاح ضد الاستعمار والصهيونية،هو طريق تضامنهم في الحفاظ على قلاع الكفاح التي انتزعوها من يد العدو والتي يستطيعون منها تصويب النار ضد هذا العدو.ذلك هو الطريق الوحيد،وتلك هي المهمة الاساسية التي تواجع العرب في كل مكان.اما الارتباطات العربية فينبغي ان يشار اليها وان تحدد- على ضوء الظروف-افضل واجدى اشكالها بالاساليب الديمقراطية المألوفة،وان تقرر في نهاية الامر على ضوء المصلحة القومية وبالاستناد على ارادة الشعب الحرة.على هذا النحو يعمل العراق حكومة وشعبا،وفي هذا الاتجاه تسير الجمهورية العراقية باتزان واقدام.
على ضوء ما تقدم من تبيان لظروف التطور غير المتناظر لمختلف البلدان العربية نستطيع ان نحدد الموقف الصائب من جميع المسائل المطروحة على هذا المؤتمر،وفي مقدمتها الدعوة الى السوق العربية المشتركة.ان تحقيق هذه السوق المشتركة بأكمل اشكالها مرتبط ببلوغ ارتباط سياسي ديمقراطي للبلدان العربية المتحررة يأخذ بنظر الاعتبار ظروف هذه البلدان ومصالح مختلف فئات المجتمع العربي ولاسيما الجماهير العربية الغفيرة.وبدون مسعى اولي لرفع مستوى البلدان العربية المتخلفة اقتصاديا وتقليص التفاوت بينها وتحقيق حد ادنى من الكفاءة والاكتفاء الذاتي لهذه السوق لا يمكن التعويل على بلوغ نتائج ايجابية ملموسة من تكوين هذه السوق.وطبيعي ان هذا لا يمكن ان يتحقق ما لم تنشأ الصناعة الوطنية الثقيلة والخفيفة حيثما وجدت الظروف الملائمة لانشائها،وما لم تحرر التجارة والاقتصاد والعملة من القيود الاجنبية،ويجري التخلص من تحكم الاحتكارات الاجنبية،وما لم يصف الاستثمار الاقطاعي تصفية نهائية،وتؤسس علائقنا التجارية والاقتصادية مع الدول الاجنبية على اساس النفع المتبادل.
اما السبيل الى تحقيق الحد اللازم من التناظر الاقتصادي فهو اقامة اوسع العلائق التجارية والاقتصادية وتبادل العون المالي وتقديم القروض والخبرة الفنية لكي يستطيع البلد الاقل تقدما بلوغ مستوى معين يؤهله للمشاركة في هذه السوق وفق ظروف عادلة.وعند ذلك يمكن ان تقام هذه السوق على اسس نامية وطيدة تضمن مصالح الاقطار العربية المشتركة فيها وتؤمن النفع لمختلف ابناء الشعب.
وطبيعي ان هذه الاتفاقات التي ندعو اليها ليست الا خطوات في الطريق الى السوق العربية المشتركة الموحدة المتكاملة مأخوذة على ضوء الواقع الذي تمر به امتنا.وهي لذلك عرضة للتطور ولمسايرة الخطوات التي تتخذ على صعيد الارتباطات السياسية التي تحدد افضل واجدى اشكالها على ضوء الظروف- طبقا لمقتضيات المصلحة الوطنية والقومية وبالاساليب الديمقراطية المألوفة.
تلك هي تقديراتنا الواقعية للوضع وعلى ضوئها نرسم سياستنا القومية التحررية وندعو لها ونعمل من اجلها.واننا لواثقون ثقة اكيدة من اننا نسير بثبات في طريق القومية العربية.ونحن مفعمون عزما على المضي في هذه السياسة وعلى السير قدما في الموكب العربي التحرري الظافر- علما باننا نخدم بذلك وعلى الاوجه الافضل شعبنا وامتنا العربية.ونعمل على اعلاء راية القومية العربية فوق ربوع الوطن العربي الكبير".

كان عبد الكريم قاسم نموذجا لاتخاذ القرارات التسلطية الفردية وابعد ما يكون عن الزعامة الثورية بالفعل،وبرزت هذه الخصائص بالتدريج!الأمر الذي سهل من استحواذ الفاشية على السلطة بالتحالف العريض للقوى الطبقية المتضررة من ثورة 14 تموز – الاقطاع وكبار مالكي الاراضي والتجار الكومبرادور وبمباركة اشد القوى عشائرية وطائفية،في انقلاب رمضان الاسود 1963!ويفسر ذلك رفضه تسليح ابناء الشعب الذين احاطوا بوزارة الدفاع لحماية ثورة 14 تموز،واستسلامه للانقلابيين واعدامه في دار الاذاعة العراقية 9 شباط 1963!
فتح الانقلاب الاسود الابواب مشرعة للعقلية الانقلابية المغامرة وسيادة المنهج التجريبي الموالي لمصالح المراكز الرأسمالية الدولية،وجاء انقلاب 17 تموز 1968 تتويجا لهذا التوجه الارعن لتتكرس الهيمنة الشمولية.هكذا اختارت الامبريالية الامريكية وترومانية النقطة الرابعة الشعب العراقي ليكون المثل الذي تقدمه لشعوب العالم على قدرتها على تركيع كل من يقف امام طموحاتها في الهيمنة على العالم لاسيما وان الشعب العراقي تجرأ ورفع قامته في حضور السادة وقاوم خططها مع ثورة 14 تموز،كما قاوم هذا الشعب المقدام افظع دكتاتورية عرفها التاريخ وما اقترفته من جرائم وحروب وما نجم عنها من حصار اقتصادي وقصف باليورانيوم المنضب لاعطاب البشر والبيئة،فضلا عن ان هيمنة الادارة الاميركية على ثروات العراق النفطية تمكنها من فرض هيمنتها على العالم عن طريق الهيمنة على مصادر الطاقة،فالعراق يمتلك ثاني احتياطي العالم من النفط .
كانت ثورة 14 تموز استجابة ضرورية لمتطلبات مرحلة تاريخية،وتتويجا للانتفاضات الشعبية ومساعي تنظيمات ضباط الجيش،ونضال الأحزاب الوطنية منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة.اما العهد الملكي فلم يعد يستجيب لمتطلبات المرحلة في التغيير،لذا استنفد دوره وجاوزه الزمن،وقد لعب نوري السعيد دوراً معوِّقاً أكثر من غيره في هذا الخصوص والتمهيد للثورة عليه.ان نظام الحكم الملكي بزعامة نوري السعيد لم يقف عائقا امام تطور البلد فحسب،بل وسد كل السبل امام القوى الوطنية والتقدمية من ان تلعب دورها في تقدمه بالطرق السلمية.من هنا اكتسب سقوط النظام وبالعنف مشروعيته التاريخية.ان الثورة على النظام الملكي كانت حتمية ومسألة وقت،ولو لم تقم بها اللجنة العليا لتنظيم الضباط الأحرار بقيادة الزعيم عبدالكريم قاسم،لقامت بها جهات اخرى،اذ كانت هناك عدة تنظيمات في الجيش بما فيها تنظيم خاص بحزب البعث،تهيئ لتغيير النظام السياسي في نفس الوقت.لذا ونظرا لمعاناة الشعب العراقي،وتردي سمعة النظام الملكي وعداء الشعب له وتوفر الظروف الموضوعية والعوامل الذاتية،كان العراق محكوم عليه بالثورة في جميع الأحوال.اما ما حصل فيما بعد،فثورة تموز كانت الضحية له وليست السبب.
وبعد مضي اكثر من نصف قرن من الزمن على ثورة الشعب عام 1958،ومع صعود نجم المخلوقات الرأسمالية المتوحشة والمتنامية في بلادنا،وتحت خيمة الاحتلال الاميركي وفي ظل التدخلات الاقليمية السافرة في الشأن الداخلي العراقي،واعادة انتعاش الحقد الاسود لطفيلية البعث وانصار العهد الملكي المباد والطائفية السياسية معا.. تجهد ماكنة السفسطة(Sophistication) وادواتها الروزخونية في بث السموم للحط من القيمة التاريخية للثورة عبر الاثارة البريئة كما تبدو للوهلة الاولى!لمجموعة تساؤلات،من قبيل: ثورة أم إنقلاب؟،ضرورة حتمية ام مغامرة؟،امكانية تطوير النظام الملكي الى نظام ديمقراطي منتخب من الشعب دون ثورة؟!،تحمل المسؤولية الرئيسية في اجهاض ثمار نضالات واحلام واماني الشعب؟،تناقضات شخصية قاسم!...الخ..وهي نفس الماكنة التي عرضت صورة ثورة الرابع عشر من تموز الى التجاهل والتشويه من منطلقات ذاتية وفئوية فترة البعث الفاشي ..بل ذهب البعض اليوم من النكرات سياسيا ولاغراض لا يعها سوى البيت الابيض في واشنطن واذنابه في قم وطهران ودمشق،ومن الذين غطوا رؤوسهم بالتراب كالنعامات طيلة عقود من الزمن كاشفين لنا فوهات عوراتهم الفاسدة فقط،الى وصف الثورة بانها أبشع جريمة ومجزرة في تأريخ العراق الحديث!...
ما هي الرسالة التي ينوي هؤلاء إيصالها من خلال التساؤلات ولماذا يقلب مواجع تاريخنا السياسي المؤلم؟تبقى الاهمية الكبرى للمقولة الرئيسية:وهي ان من يشجع هذه الاقزام على خلط الحابل بالنابل هو نفسه الذي يرفض الديمقراطية و يعتمدها في أفضل الاحوال لغايات تكتيكية،ويعتمد الروزخونية ليضع نفسه بمقام رب العالمين في تطبيق شريعة الله والقصاص ولا يخضع لقانون الا قانونه وشريعة الغاب.وبهذا فهو ينافس القاعدة والتكفيرين و"امراء الاغتصاب وقطع الاعناق والسرقة"في سلوكهم.لقطعان الامر بالمعروف والنهي عن المنكر اسماء والقاب كثيرة،فمن رجال الحسبة والمطاوعة الى الحرس القومي وفدائيي صدام والحرس الثوري وعصابات الطائفية السياسية الحاكمة اليوم والامن السري لبهجت العطية ونوري السعيد الى شرطة الاداب وفرق الموت وعصابات الجريمة المنظمة الموجهة.ومهما اختلفت اسماءها وتعددت يبقى مجال عملها واحد،هو مراقبة الناس والحد من حريتهم والانتقاص من اخلاقهم والاعتداء على اعراضهم.وتبرر الروزخونية جدوى الشمولية بالنفاق والتستر بصيحات السلام ومعاداة الارهاب ومشاريع المصالحة الوطنية دون جدوى،مسخرة لتحقيق اغراضها المؤسسة الدينية والدولة والميليشيات ورساميلها اي القوة المسلحة المقرونة بالترهيب والترغيب الديني والمادي.الصدامية والملكية والطائفية السياسية اوجه لقطعة نقود واحدة هي السفسطائية،وليجر نشر العبر الاستسلامية الانبطاحية!.
نتسامح،ننسى الماضي،لكن مع من نتسامح؟اين هم الذين يستحقون تسامحنا؟ثم لماذا ننسى،فنصفح،ونصافح؟امن اجل توفير دروب اضافية للغدر،والغادرين،وتمكينهم من العودة الى ممارسة فكرهم،وسياساتهم،وشعائرهم التي تعودوا وتربوا،بل وجبلوا وجبنوا عليها،طينة ودماً وفكراً.خلاف ذلك،تستمر صلافة وحقد الورثة الشرعيين لأرباب وفرسان شباط الأسود،باصرار وتجاوز سافرين،وراح عديد من الجلادين يفكر في"العودة"،عبر حزب بتلك التسمية،الى سلطة القتل والحروب والدمار.ثم يأتي بايدن ليطرح مبادرة العم(رئيس الادارة الاميركية)للمصالحة الوطنية مشفوعة بطلب اطلاق سراح بعض من قادة البعث الفاشي،هل لوح المعنيون ببادرة اسف،او خجل،على الأقل،ولا نقول المزيد؟.
كيف يتفق ان من جاء لتخليص العراقيين من سفالة البعثيين،يمارس سفالتهم بنعومة ورقة فكرية وبواجهات دينية وطائفية هذه المرة عبر تشويه الحقائق التاريخية بقصد الاساءة الى القوى السياسية الوطنية والديمقراطية العراقية الحقة والشيوعيين بالذات...؟

• في مقالة عن( بعض اوجه المنظر الاقتصادي في العراق)نشرتها مجلة(ميدل ايست أند جورنال/1964)هاجمت الأستاذة الأمريكية كاتلين لانكلي اتفاقيات التعاون الاقتصادي والفني مع الاتحاد السوفييتي زاعمة ان اهتمامات الخبراء السوفييت تتركز في تجهيز البلدان النامية بالتجهيزات التي لم تعد صالحة للاقتصاد السوفييتي اكثر من اهتماماتها بفائدة تلك البلدان.وفي دراسة أخرى نشرتها نفس المجلة عام 1965 عن(تطور العراق الزراعي)هاجم الكاتب الإنكليزي جون سيمونز قانون الاصلاح الزراعي واعتبره المسؤول الاول عن انخفاض الانتاج وركز هجومه على القطاع العام والمزارع الحكومية الكبرى!
وفي رسالة الى الكاتب(سلام ابراهيم كبة)،كتب د.عصام عزيز شريف حول جوهر الاتفاقية الاقتصادية العراقية السوفييتية عام 1959:"لم تكن طريقة الحساب بالروبل آنذاك المشكلة،ولم تكن التكنولوجيا السوفياتية المتدنية هي الآخرى المشكلة!انما كانت المشكلة هي ظهور قوة متحدية للامبريالية مدت يدها الى الشعوب المسحوقة لنيل الاستقلال السياسي والاقتصادي،ومن اراد نيل الحرية عرف كيفية الاستفادة من هذه الفرصة التأريخية،وقد احسنت ثورة 14 تموز المجيدة ووزير الاقتصاد آنذاك الدكتور ابراهيم كبة فهمها وحاول الامساك بها،ومن اراد ان يبقى ذليلاً تفنن في كيفية بتر هذه اليد التي امتدت لمساعدته.
بالتكنولوجيا السوفياتية تسنى للصين بناء صناعاتها،ولمصر بناء السد العالي.وبالتكنولوجية الحربية السوفياتية هزمت الفيتنام الولايات المتحدة ونالت سيادتها الوطنية.ويكفي النظر الى التدهور الذي وصلت اليه مصر لنفهم الى اين تقود الآيديولوجية المتعفنة التي يتبجح بها الاغبياء المنتقدون لابراهيم كبة المهندس الاقتصادي لثورة 14 تموز.فهؤلاء يجهلون حقيقة تحريم الغرب آنذاك لعمليات نقل التكنولوجيا في مجال الصناعات الاستراتيجية كالحديد والصلب والصناعات الميكانيكية والكهربائية الى البلدان النامية!فعملية نقل التكنولوجية كانت هي جوهر المعاهدة السوفياتية التي يحاولون الانتقاص منها،ويحاولون طمس عملية نقل التكنولوجيا بواسطة الاتفاقية المذكورة من خلال تصوير الموضوع بكونه عملية نهب.فبعرقلة عملية نقل التكنولوجية في الصناعات الاستراتيجية اريد عرقلة عملية التنمية الاقتصادية.ولنفس السبب رفض البنك الدولي تمويل مشروع السد العالي.
الصراع كان يدور حول عملية نقل التكنولوجيا.وعلى الاغبياء مراجعة الاضابير الخاصة بمشروع الحديد والصلب في وزارة التخطيط للوقوف على اساليب العملاء التي اتبعت من اجل عرقلة اقامته.ومن اجل فهم دور الاتحاد السوفياتي في عملية نقل التكنولوجيا من الضروري مراجعة كيفية تطويره للقدرات العراقية على استخراج النفط مما تسنى للعراق التحرر من قبضة الاحتكارات النفطية.هذا هو جوهر الموضوع.
كلفة المشاريع المتضمنة في المعاهدة لم تكن المشكلة،فمجموع تكاليف جميع مشاريع المعاهدة لم يتجاوز تكلفة مشروع واحد من ابسط المشاريع الاساسية لما يسمى بالتنمية الانفجارية،اذ كانت كلفة المشروع الواحد من مشاريع التنمية الانفجارية تضرب بالمعامل 3.فلماذا لا يتكلم هؤلاء الاغبياء عن نهب الشركات الغربية عن طريق هذه التنمية الكاذبة،ولماذا لا يتكلمون عن تكاليف مشروع المفاعل الذري الذي ضرب ايضاً بالمعامل 3،وتم تفجيره بعد قبض المبالغ المخصصة؟وقد اثبت بأن الفرنسيين هم الذين قاموا بالتفجيرات من الداخل اثناء القصف الاسرائيلي،لأن قلب المفاعل لم يكن آنذاك قابل للنيل بواسطة القذف الخارجي.ولماذا لا يتكلمون عن عملية نقل التكنولوجيا الغربية في مجال انتاج اسلحة الدمار الشامل التي كلفت بالمليارات،هذه الاسلحة التي استخدمت اولاً في الحرب مع ايران،وفيما بعد كذريعة لتدمير كردستان والعراق؟!"

المؤسف او المؤلم ان الاغبياء يقيمون فوات الفرصة التأريخية التي اتيحت للعراق للخلاص من العبودية بواسطة المعاهدة السوفياتية بشكل مقزز كما فعلت الصحيفة المخابراتية"المشرق"العراقية الصادرة في بغداد والتي يديرها غاندي محمد عبد الكريم الكسنزاني في اكثر من عدد لها!وذلك في ظل الظروف الحالية التي انتهى اليها العراق.فلائق بهم ولامثالهم العيش تحت جزمة الجندي الامريكي الى ابد الآبدين.."!

• ادموند غريب في معجم تاريخ العراق يذكر:"ضمت الكابينة القاسمية الاولى 14 تموز 1958 – 7 شباط 1959 د.ابراهيم كبة وزيرا للاقتصاد،والكابينة القاسمية الثانية 10 شباط 1959 – 8 شباط 1963 د.ابراهيم كبة وزيرا للاقتصاد والاصلاح الزراعي حتى موعد اقالته 16 شباط 1960!"
الحقيقة،ان د.ابراهيم كبة قدم استقالته الى الزعيم عبد الكريم قاسم اكثر من مرة،وتاريخ استقالته الاخيرة كانت في 2 شباط 1960،وتم اعفاءه من الحكم في 16 شباط 1960.ابراهيم كبة مهندس السياسة الاقتصادية للجمهورية العراقية الفتية بعيد ثورة 14 تموز 1958 المجيدة.

• في دراسته لاستحصال درجة الماجستير في العلاقات الدولية والمعنونة"الأزمة العراقية الكويتية عام 1961 – درس في السياسات والاقتصاديات الاقليمية/جامعة واشنطن/1991"،كتب مايك غودوين في الفصل الخامس حول الاقتصاديات الاقليمية/ص38...:"عندما جاء قاسم والضباط الاحرار الى السلطة تموز 1958،تعهدوا بازالة كل المظالم الاجتماعية،وخططوا لضمان الاستقلال الاقتصادي للبلاد.وضمت خططهم 4 مشاريع رئيسية:الاصلاح الزراعي،العدالة الاجتماعية والاهتمام بالثقافة،التصنيع،تأسيس شركة نفط وطنية تأخذ على عاتقها اجراء المفاوضات مع شركات النفط الغربية وابرام العقود النفطية الجديدة!
وكان عبد الكريم قاسم حريصا على ان تشمل الاصلاحات الاقتصادية كل ابناء الشعب عندما اكد:"لا نعتزم خفض درجة ثراء البعض،لكننا سنرفع المستوى المعيشي للفقراء"...وكان الاجراء الاول في السياسة الاقتصادية للزعيم قاسم هو الاصلاح الزراعي،ولم يمض على مجئ الضباط الاحرار الشهران حتى صدر قانون جديد للاصلاح الزراعي برقم 30 لعام 1958!"
"واقتباسا عن"مجيد خدوري/العراق الجمهوري/دراسة عن السياسة العراقية منذ ثورة 1958/جامعة اوكسفورد/1969"،فأن القانون الجديد جرت صياغته لينسجم مع حاجات وتطلعات شعب العراق!واستهدف التخلص من العلاقات الاقطاعية في الريف وزيادة انتاج الحبوب والمحاصيل الزراعية!ومع التشديد على الهدف الاول،تمخض الاصلاح الزراعي على هبوط فوري في الناتج الاجمالي للانتاج الزراعي!وكانت درجة الهبوط حادة وفق تقارير الامم المتحدة عام 1961!وهبطت قيمة الصادرات الزراعية منذ تموز 1958 من 111 مليون دولار الى 60 مليون دولار!الأمر الذي دفع العراق لاستيراد حبوب ومحاصيل زراعية كان يكتفي بها ذاتيا من قبل!
ومع عدم تحقق الغرض الثاني الذي شرع من اجله قانون الاصلاح الزراعي،والعرقلة التي جابهها الغرض الرئيسي للقانون اي القضاء على الاقطاع،كان الفلاح العراقي ينفذ صبره بالتدريج!ومع نهاية عام 1958 كان الفلاحون الفقراء يهاجمون الاقطاعيين ويغتصبون وينهبون ملكياتهم ودورهم ويحرقون حقولهم!وتدخل الشيوعيون للسيطرة على اعمال الشغب وتنظيم الفلاحين في جمعيات واتحادات وطنية تطالب بامتلاك الحق القانوني لاعادة توزيع الارض وفق القانون!مما اصاب كبار الملاكين والاقطاعيين بالصدمة وطالبوا قاسم بالتدخل الفوري بعد ان اغلقوا حقولهم وملكياتهم الاقطاعية واحاطوها بالاسلاك الشائكة،وبعد ان فشلت محاولات ارغامهم على التعاون مع حكومة عبد الكريم قاسم!ونتج عن هذه الافعال ضم مساحات واسعة من الاراضي المقفرة الغير منتجة الى تلك ذات الانتاج الزراعي المنخفض اصلا!
ولم تنفع كل مساومات الحكومة العراقية مع الاقطاع مثل زيادة حصتهم من الحبوب المنتجة!مما دفع بقاسم ووزير الاصلاح الزراعي د. ابراهيم كبة الالتفات الاكبر الى العراقيل التي يواجهها القطاع الزراعي!
كان قانون الاصلاح الزراعي في مجمله برنامجا طموحا تطلب الادارة الاستثنائية الحكيمة له رغم تواضع الدخل الوطني آنذاك!لكن عبد الكريم قاسم تعمد خفض حصة الانتاج الزراعي من الناتج القومي في خططه الاقتصادية،والذي اذا اقترن مع العراقيل التي واجهها الاصلاح الزراعي،فان الاوضاع الاقتصادية مالت الى مستويات اكثر تعقيدا!ويبدو ان الاصلاح الزراعي قد اخفق في تحقيق اي من اهدافه".

• يذكر روني غابي في كتابه "الشيوعية والاصلاح الزراعي في العراق/1978"/ص 139:"شرعت حكومة عبد الكريم قاسم منذ اواخر عام 1959 بتحجيم نفوذ الشيوعيين في الاتحاد العام للجمعيات القلاحية،وباكورة الاجراءات كان تشريع قانون رقم 139 في 9/9/1959 الذي اجاز تأسيس الجمعيات الفلاحية بموافقة المتصرفيات،وتألق الشخصية غير الشيوعية(المعادية للشيوعية لاحقا)عراك الزكم العضو النشيط في الحزب الوطني الديمقراطي ونائب رئيس الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية آنذاك! وقيادته تظاهرة فلاحية في 18 كانون الاول 1959،وهي التظاهرة التي قاطعها الشيوعيين!
واوائل عام 1960 اعلن الشيوعيين ان بعض المتصرفيات رفضت منح الاجازة لجمعيات فلاحية بحجج وتبريرات غير مقنعة بل وكاذبة،ومنها ان المؤسسين غير فلاحين او ليسوا من فلاحي اللواء الذي تقدمت اليه الجمعيات بطلب الاجازة او ان عدد المؤسسين هو دون الحد القانوني!
وفي شباط 1960 تقدم رئيس الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية وهو شيوعي بطلب اجازة الى عبد الكريم قاسم ضمنه اسماء الفلاحين الجدد النشيطين / الابناء المخلصين للجمهورية الذين سيشغلون عضوية قيادة الاتحاد!ومنذ النصف الاول لعام 1960 استجدت اوضاعا سياسية ساهمت في بروز قيادات فلاحية منافسة للشيوعيين داخل الاتحاد العام،في الانتخابات التي جرت بين شباط وحزيران 1960 في الالوية الاربعة عشر!واستحوذ الحزب الوطني الديمقراطي على القيادات الفلاحية في 12 لواء!وكانت النتيجة نفسها في انتخابات تشرين الاول 1960 التي جعلت من عراك الزكم هذه المرة سكرتيرا للجنة التنفيذية في الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية،مع 25 آخرين من الحزب الوطني الديمقراطي اعضاء في قيادة الاتحاد!مقابل 4 مقاعد للشيوعيين!وتنامى نفور الكوادر الفلاحية في الاتحاد العام للجمعيات الفلاحية من النفوذ الشيوعي ومن اعلى القيادات فما دون!
يبدو ان النهج الليبرالي الذي ارتسمت به سياسات الحزب الوطني الديمقراطي كان جذابا وجاذبا للقسم الاعظم من الكوادر الفلاحية!وهذ ما شخصه القيادي الشيوعي زكي خيري في دراساته وتحقيقاته حول قضايا الفلاحين والاصلاح الزراعي!ومع ايلول 1960 كان القدر دراماتيكي الطابع مع الشيوعيين الذين بدأ الشارع العراقي يبتعد عنهم،حينها باتت اعتقالات الشيوعيين افرادا ظاهرة اعتيادية مع غياب اية سياسة تحشيدية لمعارضة ومقاومة الميول التسلطية للحكم القاسمي!
النتيجة غير المباشرة للاخفاق الشيوعي في استحصال الاجازة لحزبهم،كانت اقالة د.ابراهيم كبة من الحقائب الوزارية في 16 شباط 1960 عبر مرسوم جمهوري بأسم الشعب وبأقتراح من رئيس مجلس الوزراء!وبعد 9 اشهر اعفيت د.نزيهة الدليمي من وزارة البلديات لتشغل حقيبة وزارية دون وزارة!...."

لا يجافي الاستاذ روني غابي في تحليله هذا الحقيقة!فقد سجل القانون رقم 30 لعام 1958 والبدء بتوزيع الاراضي على فقراء وصغار الفلاحين،بداية جيدة لمسيرة الاصلاح الزراعي،وضربة تلقتها العلاقات الانتاجية شبه الاقطاعية وبالتالي وزن ودور الشيوخ من الاقطاعيين وكبار ملاكي الاراضي الزراعية في اعقاب ثورة تموز عام 1958 وتسلم السلطة من قوى وقفت من حيث المبدأ ضد الاقطاعيين وهيمنة المشايخ على الفلاحين!
لم تملك 85% من العوائل الريفية حتى ثورة 14 تموز شبرا واحدا من الارض في حين ان 1% من العوائل الريفية امتلك ثلاثة ارباع الاراضي!وبقي فقراء الفلاحين هم المرتبة او الطبقة الاشد ثورية في الريف ولا يفتقرون الى الارض وحسب بل يفتقرون ايضا الى الرأسمال"النقود وادوات الانتاج".وحسب احصاء 1957 كان لكل 6 عوائل فلاحية حصان واحد اي سدس حصان لكل عائلة!وكان مابين 60%- 70% من مجموع العوائل الفلاحية لا يملك حصانا واحدا او بغلا او حتى حافرا!كان تملك الفلاح او عدم تملكه لحيوان حراثة قوي يمكن ان يتخذ مقياسا لتصنيفه من مرتبة فقراء الفلاحين او اغنياءهم او متوسطيهم الى جانب المقاييس الاخرى!لقد استغلت في زراعة ما قبل 1958 (2712) ساحبة و(1056) حاصدة دارسة وآلاف الآلات الزراعية مما اسهم في تفكيك العلاقات الابوية الا ان انتشار الوعي السياسي بين الفلاحين فجر غضبهم على الاقطاع لا الآلة فايدوا الاصلاحات الزراعية بعد ثورة 14 تموز المجيدة!
كتب جاسم الحلوائي اقتباسا من عزيز سباهي:"اقترح الوزيران القوميان صديق شنشل و عبد الجبار الجومرد في مجلس الوزراء ان يكون الحد الاعلى 5000 دونم.اما هديب الحاج حمود و طلعت الشيباني (وطني ديمقراطي)فكان رأيهما 1000 دونم سيحية(مروية) و 2000 دونم ديمية(مطرية).ورأى ابراهيم كبة ان يكون ذلك 500 سيحية و1000 ديمية.وكلن يؤيده في ذلك عبد الرزاق زبير و فريد الاحمر عضوي لجنة وضع القانون،والثلاثة يؤيدون وجهة نظر الحزب الشيوعي.واخيرا صدر قانون الاصلاح الزراعي في 30 ايلول 1958 وقد تبنى 1000 دونم سيحية و2000 دونم ديمية.لقد تبنى الحزب الشيوعي قانون الاصلاح الزراعي مع تحفظه على الحد الاعلى الكبير للملكية،وعلى تعويض الملاكين الكبار،والزام الفلاحين الذين ستوزع عليهم الارض بدفع تعويض خلال عشرين سنة.ولم يستثن القانون من التعويض حتى الملاكين الخونة والعملاء""الحلوائي/عقود من تاريخ الحزب الشيوعي-الحزب والقضية الزراعية/طريق الشعب/العدد 63/2007".
لقد سجل القانون رقم 30 لعام 1958 الذي اخذ بحد الألف دونم في الاراضي المروية والفي دونم في الاراضي الديمية مع الأخذ بمبدأ التعويض عن الفائض عن الحد الاعلى يدفع للمالك بأقساط تؤخذ من الفلاحين المستفيدين،بداية جيدة لمسيرة الاصلاح الزراعي بالفعل!..الا ان السنوات التي اعقبت صدور القانون شهدت تراجعا خطيرا في تطبيق فقراته،او تجاوزا عليها في كثير من الاحيان مما اعطى الفرصة للملاكين الكبار للالتفاف على القانون وافراغه من محتواه.واسهمت اجهزة الزراعة والاصلاح الزراعي التي ترتبط مصالحها بالاقطاع من تحقيق تلك الاغراض للعودة بالريف الى ما كان عليه ايام العهود السابقة.واصطدم تطبيق القانون رقم 30 لسنة 1958 بالمقاومة الضارية من كبار الملاكين الذين لجأوا الى كل سلاح بما فيه اغتيال انشط المناضلين من الفلاحين حتى بلغ عدد القتلى العشرات.ولجأوا الى تخريب الانتاج وخاصة في الاراضي الخاضعة للاصلاح – فوق الحد الاعلى – والتي لم يتم الاستيلاء عليها بل بقيت ادارتها بايدي الملاكين بالامتناع عن التسليف وتجهيز البذور كليا او جزئيا.لقد رزخ الفلاح تحت وطأة الديون الحكومية مما دعاه الى ترك الارض والهجرة الى المدن بسبب سلبيات القانون رقم 30 رغم الصراع الساخن بين الاغوات والشيوخ القدامى وبين الفلاحين المستفيدين من تشريعاته وتعديلاته..ولم يكن اتحاد الجمعيات الفلاحية المشكل وفق القانون رقم 139 عام 1959 سوى اتحادا لكبار مالكي الارض والشيوخ القدامى عرقل عمليا تنفيذ القانون رقم 30.اضافة لذلك لم يقدم القانون رقم 30 العلاج لحل مشاكل الفلاح المنتج كالتقاليد البالية والمفاهيم المخطوءة والقيم العشائرية،ومشاكل السلوك وضعف القدرات والنشاط وسوء التنظيم وتخلف المستوى التكنولوجي.
حال صدور القانون رقم 30 الذي شرع بتوزيع الاراضي على فقراء وصغار الفلاحين،ساند البعثيون الاقطاع ضد الاصلاح الزراعي،وحاربوا القطاع العام في الاصلاح الزراعي،وشهروا بسياسة وزارة الاصلاح الزراعي واطلقوا الاكاذيب والافتراءات ضدها وجهدوا في مضايقة خيرة الموظفين ومحاولة شل جهاز الاصلاح الزراعي.كما ساند البعثيون الاجهزة القاسمية للقيام بالمخالفات القانونية الصريحة مثل تأجير اراضي الفلاحين للاقطاعيين وجعل حق الاختيار مطلقا من قبل الاقطاع في الاراضي المجنبة خلافا لروح القانون وتأجير اراضي الاوقاف لغير الفلاحين وتزوير الجمعيات الفلاحية والتدخل للسيطرة على انتخابات جمعيات الفلاحين.وضاعف البعثيون محاولاتهم المسعورة لاجراء التعديلات الرجعية الخطيرة في قوانين الاصلاح الزراعي وتأجيل الاستيلاء على اراضي بعض الاقطاعيين خلافا للقانون.
لم تدن المرجعيات الدينية التقليدية الكبرى والجيل الاقدم من "العلماء"المحافظين الاجراءات الاقتصادية والاجتماعية التي اتخذتها ثورة 14 تموز المجيدة بشكل مباشر وعلنا،الا انها تحولت الى مهاجمتها والتعرض لقادة الثورة بشكل سافر عام 1960 حيث ارسلت البرقيات تلو الاخرى الى الزعيم عبد الكريم قاسم تطلعه ان الاصلاح الزراعي خرق للشريعة الاسلامية التي تحمي الملكية الخاصة!
يذكر ان شيوخ الاقطاع والعشائر كانوا يغرقون المدارس الدينية بأموال الحقوق الشرعية،وكانوا مصدرا ثرا للخمس- الضريبة الدينية!واستخدموا المنشورات لمهاجمة الالحاد والدعوة الى اعتناق الاسلام المحافظ،وفي شباط 1960 صدرت الفتوى الدينية المشهورة ضد الشيوعية!وهذه المواقف تدرج عادة ضمن الفكر الرجعي الذي عاود انبعاثه لتضرره الشديد من منجزات ثورة تموز.
كتب محمد حديد في"مذكراتي/الصراع من اجل الديمقراطية في العراق،ص 330":"وفقا لما نص عليه قانون الاصلاح الزراعي رقم 30 لسنة 1958 شكلت وزارة خاصة للاصلاح الزراعي،والف مجلس خاص للاشراف على تطبيق هذا القانون برئاسة رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم،وعضوية وزراء المالية والداخلية والاصلاح الزراعي والزراعة،اضافة الى شخصيتين قانونيتين هما عبد الرزاق زبير واحمد جمال الدين،المطلعين على القانون والمعروفين باتجاههما اليساري.وكانت المرحلة الاولى من تطبيق القانون هي الاستيلاء على ما يزيد عن الحد الاعلى من الاراضي الزراعية المملوكة،ووضع اليد عليها!
كان هناك اتجاهان متضاربان بشأن تطبيق القانون رقم 30.الاول اتجاه تسوده عوامل سياسية ويتمثل في القضاء على الاقطاعيين كطبقة،وتنظيم الجمعيات الفلاحية لغرض القيام بالمهام التي يقوم بها الملاك،خصوصا وان طبقة الاقطاع كانت العمود الفقري للحكم الملكي البائد،وينتظر منها ان تكون مصدرا للتآمر على الثورة التي تهددها.والاتجاه الآخر تسوده عوامل اقتصادية تتمثل في التريث بالاستيلاء على الاراضي الزراعية المملوكة لأجل تجنب الخلل والارتباك الناشئ عن فقدان الاستثمارات والاعمال التي قدمها الملاك في سبيل عملية الانتاج الزراعي،واستمرارها لتأمين حاجة البلاد من الغذاء المطلوب،ولأجل تجنب ما يعرقل التنمية الاقتصادية،وما يحدثه ذلك من أثر على النشاط الاقتصادي العام،وعلى الوضع المالي للدولة.وظهرت هذه الاختلافات في مجلس الاصلاح الزراعي،وكان الوزيران الدكتور ابراهيم كبة والدكتور عبد اللطيف الشواف والعضوان الآخران الى جانب الاسراع بالاستيلاء على الارض وطرد الاقطاعيين.ومما شجع هذا الاتجاه تنظيمات الحزب الشيوعي في الارياف التي جهدت في مهاجمة الاقطاعيين بحيث ان قسما كبيرا منهم هرب الى المدن،بل وغيروا ملابسهم من الملابس القبلية الى الملابس المدنية!واستولت تلك التنظيمات على المكائن والآلات الزراعية،بل وعلى الدور السكنية!وسبب استمرار هذا الخلاف تذمر الدكتور كبة الى ان حدا به الوضع الى تقديم استقالته من الوزارة!والتي اتهم فيها الحزب الوطني الديمقراطي بشخص ممثليه،محمد حديد وهديب الحاج حمود،بعرقلة تطبيق الاصلاح الزراعي لأسباب عزاها الى مصالح شخصية او طبقية...".
كما اورد محمد حديد في نفس المصدر/ص 425-426،ان وزارة الاقتصاد التي تولاها ابراهيم كبة قامت بدراسة العلاقات بين الحكومة وشركة نفط العراق ونقاط الخلاف الموجودة بينهما،واعدت تقريرا بذلك الى مجلس الوزراء الذي عقد على الفور اجتماعا لتدارس الموقف حضره رئيس الوزراء عبد الكريم قاسم ونائبه عبد السلام عارف ووزير المالية محمد حديد ووزير الاقتصاد ابراهيم كبة الذي كانت شؤون النفط تابعة لوزارته...وكان اول اجتماع عقد مع المدير العام للشركة يوم 20/8/1958 في مقر وزارة الاقتصاد بحضور ابراهيم كبة...ويتذكر حديد انه في ذلك الحين حضر مدير شركة النفط مستر سيرايت Searight R.G. لزيارته في بيته ببغداد للشكوى من تصلب ابراهيم كبة بشأن تعريق الشركة،متهما اياه باتخاذ موقف عدائي من الشركة،خصوصا في مسألة تعريق الموظفين،واحتمال عرقلة عمليات الشركة فيما اذا تغير الحال بصورة واسعة وسريعة مما يؤثر على انتاج النفط وعلى واردات الحكومة منه.

ان اطالة الفترة الانتقالية وتأخير تشريع الدستور الدائم وتسيير ماكنة الدولة على يد نفس الجهاز الاداري خريج المدرسة الملكية في قمع الشعب،دفعت كبة لتقديم استقالته اكثر من مرة وجوبهت برفض الزعيم عبد الكريم قاسم،وكان تاريخ تقديم استقالته الثالثة في 2/2/1960،ليتم اعفاءه من الحكم في 16/2/1960!
في عام 1961،وبعد استقالة د.ابراهيم كبة،شرعت القوانين 17،61 واعطيت بموجبها للسراكيل حقوق خاصة وللملتزمين حقوق خاصة ايضا!وفي عهد الأخوين عارف اتخذت جملة اجراءات لصالح الاقطاعيين وكبار ملاكي الأراضي الزراعية لكنها لم ترتق بدور الشيوخ وكبار ملاكي الأراضي الزراعية الى مستوى الفترة التي كان عليها نفوذهم في العهد الملكي.
من اهم اجراءات العهد الجمهوري الاول في دعم الاقطاع والعشائرية كانت قوانين"اتحاد الجمعيات الفلاحية رقم 139 لسنة 1959""الإقرار بحقوق خاصة للسراكيل والملتزمين رقم 17،61 لسنة 1961""تحويل الأراضي الأميرية الى ملك صرف رقم 199 لسنة 1964 و رقم 16 لسنة 1965"..
القانون 117 لسنة 1970 وقانون رقم 90 لعام 1975 الخاص بتنظيم الملكية الزراعية في كردستان اقرا بمبدأ التوزيع الجماعي وتأسيس التعاونيات الزراعية ومزارع الدولة وصودرت بموجبهما الارض الزائدة عن الحد الاعلى من الملاكين من دون تعويض وعدم السماح لهم بالاختيار،ووزعت على شكل قطع صغيرة للفلاحين تنفيذاً لمبدأ(الارض لمن يزرعها)،وانتعشت المكننة الزراعية في القطاعين الخاص والعام.كما التزمت التعاونيات الزراعية بتسويق الحاصل من الحبوب الاستراتيجية(الحنطة،الشعير،الذرة الصفراء،الشلب،القطن والصوف)وحسب الخطة التي تضعها وزارة الزراعة.
قنون القانون 117 لسنة 1970 جملة اسس بالغة الاهمية في مقدمتها:خفض الحد الأعلى للملكية الزراعية الذي يتحدد على اساس مواصفات الأرض ونوع الزراعة وطريقة الري وغيرها،والغاء حق اختيار المالكين السابقين لمواقع المساحات التي تجنب لهم،وان يكون التجنيب بمالا يتعارض مع المصلحة العامة،استثناء مساحات البساتين من أحكام تحديد الملكية،توحيد تسجيل صنف اراضي الاصلاح الزراعي بأميرية صرفة بدلا من التعدد في التسجيل،الغاء التسوية(واناطة مهمة تثبيت الحقوق في الأراضي التي لم تتم تسويتها بعد بلجان الاصلاح الزراعي حيث تقوم بتثبيتها ضمن الحدود التي عينها القانون لحدود الملكية الزراعية بشكل موحد،وكذلك الغاء قرارات التسوية غير المكتسبة للدرجة النهائية)،الغاء التعويض عن الاراضي المستولى عليها الزائدة عن الحد الأعلى للملكية الزراعية،وللمغارس والتعاب حصة في الأرض والشجر لاتقل عن النصف،(اجاز اثبات الحق فيها بالبينة الشخصية وبكافة طرق الاثبات القانونية)،الأخذ بمبدأ التوزيع الجماعي على الفلاحين بالاضافة الى التوزيع الفردي حسب ظروف المنطقة،شمول حالات متعددة من اشكال التوزيع(فيما يخص الوحدات الاستثمارية والمستأجرين في مشروع ري أبي غريب والمتصرفين في الأراضي الاميرية في مشروع الحويجة والسراكيل في الناصرية والملتزمين الأوليين والثانويين واصحاب المحرمات في العمارة)،شمول المغارسين وفلاحي البساتين بالعلاقات الزراعية في أن تكون حصتهم من الثمر النصف(وفي المزروعات التي تزرع تحت الأشجار وفق نسب قسمة الناتج للمحاصيل الحقلية)..مقابل ذلك اوجب على المغارس الاستمرار في عمله بالعناية بالأرض والشجر بعد انتهاء مدة المغارسة في البستان المشتركة بينه وبين صاحبها السابق وعدم جواز الافراز في البساتين اذا كانت النتيجة ان تقل المساحة عن 5 دونمات،الأخذ بأسلوب المزارع الجماعية التعاونية وبقواعد جديدة في تبسيط اجراءات التنفيذ وتوفير امكانية الانجاز السليم والسريع.
تمكن النظام الصدامي البائد من ايصال عدد من السراكيل والمتنفذين الى مجالس ادارة التعاونيات ليوجد الحجج والتعديلات القانونية الرجعية لاستعادة مكانة الاقطاعيين والملاكين وليبقى الفلاحين،وهم الاكثرية،يعيشون في أجواء الفاقة المذلة لكرامة الانسان.وبدأ النظام بالاجهاز على المكتسبات الفلاحية فشرع القانون 35 لسنة 1983 لتأجير الاراضي الزراعية،واصدر القرار 364 لسنة 1990( ملحق بالقانون 35) ليستحوذ الاقطاعيون واغنياء الفلاحين وازلام النظام من ضباط وحزبيين على الاراضي الزراعية في المشاريع التي الغيت والمزارع الجماعية ومزارع الدولة او اراضي البادية وتمكنوا من فتح المشاريع الاروائية لها لقدراتهم المالية،في الوقت الذي كان فيه الفلاحون وابناؤهم في صفوف الجيش والجيش الشعبي في جبهات القتال لتتملح وتتصحر قطعهم الزراعية،وليلجأ القسم الكبير منهم بعد تسريحهم من الخدمة العسكرية الى تأجير قوة عملهم الى الاقطاعيين والملاكين الجدد لقاء نسبة قليلة من الحاصل لا تتجاوز 10- 15 بالمائة او اجور بالقطعة او الهجرة الى المدينة بحثاً عن العمل ولتتسع العلاقات الاستغلالية وتزداد البطالة ولينشأ الصراع الطبقي ذو النمط الجديد بين(الأجير والمؤجر).كما اصدر،ما يسمى مجلس قيادة الثورة تعليمات وضوابط جديدة عام 1992 خوّلت الدوائر تأجير الاراضي المستصلحة ايضاً للافراد والشركات على وفق معدلات محددة.وبعد الغاء المشاريع والتعاونيات الزراعية ونشوء النظام شبه الاقطاعي الجديد جرت تصفية ممتلكات التعاونيات والمشاريع،وحولت الى المجهود الحربي الكثير من الاموال والآلات الزراعية!ولم يكن حال التنظيم الفلاحي بأحسن من ذلك بعد ان سيطر الملاكون الجدد على الجمعيات الفلاحية فتحولت الى اجهزة تابعة للنظام!
تركزت بأيدي الملاكين الكبار في بلادنا اخصب الأراضي الزراعية رغم انهم لم يساهموا في عمليات الانتاج ويسكنون المدن بعيدا عن مزارعهم وتحول قسم منهم الى بورجوازية ريفية بالفعل بسبب امكانياتهم المادية في شراء المكائن والمعدات الزراعية.وقد وفرت لهم حكومات البعث في حينها الفرص الذهبية منذ إصدار البيان رقم 3 الخاص ببيع ملكية التعاونيات الزراعية الى القطاع الخاص!
بعد التاسع من نيسان 2003 نهضت مجددا العلاقات الانتاجية الاستغلالية والعلاقات شبه الاقطاعية وانتعشت مصالح كبار الملاكين وبورجوازية وكومبرادور الدولة وبالأخص الشرائح القرابية والطائفية والعشائرية ومصالح اغنياء الريف الجدد ودور الفئات المرتبطة بالتهريب وبالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي،وتنامي ضخم لدور الفئات الطفيلية.كل ذلك شجع سيادة الأستثمارة الفلاحية الصغيرة اي الأستثمار الضعيف المشتت المتناثر وسط بحر المزاحمة الكبيرة!وافتقرت السلطات الجديدة الى السياسات الزراعية والتعاونية،بينما شهد القطاع الزراعي تراجعا كبيرا مع تراجع الانتاج الزراعي في البلاد!وكل ذلك ليس بمعزل عن السياسة البريمرية،وسياسة الليبرالية الاقتصادية الجديدة والتوجهات نحو الخصخصة ووصفات خبراء البنك الدولي وصندوق النقد الدولي واشتراطات منظمة التجارة الدولية!
وعموما تميل الرأسمالية الى المؤسسات الدينية الغير سياسية!بينما تغيب السياسات الليبرالية الاقتصادية بشكل مرسوم ومتعمد،كل مصطلحات"التنمية"و"التحرر الاقتصادي"و"التقدم الاجتماعي" و"العدالة الاجتماعية"،لتتحول الخصخصة في نهاية المطاف الى اعادة توزيع الثروة لصالح البورجوازية المحلية والأجنبية وليتسنى بمقتضاها نزع ملكية الدولة ونقل اصولها الانتاجية للقطاع الخاص بغض النظر عن هوية جنسيته!
السلطات الجديدة،وبعد مضي قرابة 10 اعوام على استلامها مقاليد السلطة،تتبع سياسات اقتصادية انتقائية ونفعية غير مدروسة وغير مفهومة،تتميز بغياب الرؤى والستراتيجيات والسياسات الموحدة للدولة في مجال التنمية وبالاضعاف المتعمد القسري لدور الدولة في الميدان الاقتصادي،وباستمرار المغالاة في تأكيد مزايا السوق الحرة في اقتصاد البلاد دون معاينة للواقع الملموس واستحقاقاته!والقطاع الزراعي يواجه غياب وانعدام التخطيط الاستراتيجي،ومحاولة حل معضلاته بعصى سحرية ومبادرات من نوع المبادرة الزراعية!
من جهتها،تؤيد الحوزات العلمية الحكام في حدود حقوق الطبقات المسيطرة والمعايير الأجتماعية السائدة،وتفرض واجب الطاعة للقوانين والمعايير الاخلاقية المقبولة بالجزاءات الدينية،وتقوم بترجمة الفروض الاجتماعية الخاصة بالمراتب الطبقية الى الاخلاقيات الدينية لتعتبر المهنة مثلا واجب مقدس،ولتشيع الانضباط الذاتي والنظام والرقابة الاجتماعية والتقتير والترشيد،وتؤيد التراكم الرأسمالي،وفي بعض الاحيان تناصر افكار التوزيع العادل للثروة والروح الجماعية والفعاليات اللاعنفية!
من العوامل المهمة التي تقف وراء انخفاض مستوى الانتاج الزراعي صعوبة حصول صغار الفلاحين على القروض،وشحة ما يحصلون عليه من البذور والاسمدة والمبيدات والادوات الزراعية،فضلا عن ارتفاع اسعارها،وارتفاع تكاليف الخدمات الزراعية.ومن العوامل المهمة التي تقف وراء انخفاض مستوى الانتاج الزراعي ايضا والتي لا تتهدد مستقبل الزراعة وحسب،وانما مستقبل التطور الاقتصادي – الاجتماعي بأسره في العراق فشل مشاريع البزل وشبكاته في وقف زحف الملوحة في التربة ومنع تردي خصوبتها.الاخطر في الامر تصاعد نشاط الملاكين وتنامى نفوذ الاقطاعيين في بعض المناطق التي شهدت استيلاء هؤلاء على بعض اراضي الاصلاح الزراعي التي كانت قد وزعت على الفلاحين بموجب القوانين الصادرة بهذا الخصوص،من دون ان تتحرك الجهات الرسمية المسؤولة،مع احتدام الصراع الطبقي في الريف متمثلا بالهجوم على مصالح الفلاحين والسعي،تحت ذرائع مختلفة،للاستحواذ على اراضيهم بالقوة،وقد نهب بعضها فعلا!
بدل التدقيق الشامل لاوضاع الريف العراقي وحشد الامكانيات والطاقات في حملة وطنية لتجديد الحياة الاقتصادية والاجتماعية فيه،بعد سنوات الاهمال والتعثر،خدمة لانسان وادي الرافدين الذي عرف الزراعة والحضارة قبل آلاف السنين،وبدل اعادة اعمار الريف وتطوير القوى المنتجة فيه والنهوض بالقطاع الزراعي وزيادة مساهمته في الاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن الغذائي،وتمليك الأراضي التي وزعت على الفلاحين،وفقاً للقانون رقم 30 لسنة 1958 والقانون رقم 117 لسنة 1970،وتشريع قانون جديد لايجار الأراضي الزراعية!..بدل كل ذلك تطلق الحكومة العراقية مبادراتها الزراعية الصبيانية!
ماذا عملت الحكومة العراقية صوب التصفية الكاملة لآثار الاحتلال الاميركي والذي لا يمكن ان يتم من خلال العمل العسكري والأمني فقط"والمضعضع اصلا"؟!بل يتطلب النهوض بالعامل الاقتصادي"لا وفق المبادرات الاقتصادية الصبيانية المعنونة بأسم رئيس الحكومة والقائد العام للقوات المسلحة"،وتحسين الظروف المعاشية والقضاء على البطالة بكل أشكالها وتوفير الخدمات الأساسية!ماذا عملت الحكومة العراقية صوب التصفية الكاملة لآثار الاحتلال الاميركي،وهي حتى لم تخطو خطوة جدية في طريق اللبرلة الاقتصادية؟!رغم مساوئ هذا الطريق الذي يعتمد بافراط على آليات السوق والتحرير الاقتصادي وجعل التنمية مرهونة لدور القطاع الخاص الضعيف اصلا،ويرفض الدور الراعي للدولة ويعارض التدخل الاجتماعي والتنظيمي والرقابي.ان النمو البطئ والمتوقف للقطاعات الانتاجـية العامة والخاصـة يهدد الانسجام الاجتماعي ويبقى فرص العمل ضعيفة،ومما يزيد الطين بلة رفع الدعم الحكومي عن اسعار السلع الاساسية استجابة لضغوطات الغرب الرأسمالي!
كل المؤشرات تدل ان الحكومة العراقية تلج دربا خطرا غير مسؤول لا يع الآثار الكارثية للاحتلال الاميركي،دربا لا يقودها الى الشموخ والعزة،دربا سلكه ذات صدام الحسين والعديد من الحكام من قبل وسقطوا في الحفرة التي يحفرونها لغيرهم!في الوقت الذي تشهد فيه بلادنا تعمق السمة الاحادية للاقتصاد العراقي والاعتماد شبه الكامل على موارد النفط في تمويل الموازنة العامة للدولة،بل لم يعد الاقتصاد العراقي ريعيا فقط،بل وبات خدميا ضعيف الانتاج في الوقت نفسه.

• في كتابهما"العراق منذ 1958:من الثورة الى الدكتاتورية/كولونيا/2003"/ص50،يذكر الكاتبان بيتير سلوغليت و ماريون فاروق- سلوغليت(بيتير سلوغليت بروفيسور وكاتب بريطاني المولد،المدير السابق لمركز الدراسات الشرق اوسطية في جامعة يوتاه الاميركية،زميل باحث زائر في كلية اول سولز في اوكسفورد،وماريون فاروق هي زوجة البروفيسور بيتير سلوغليت):"لم يتأخر قادة ثورة 14 تموز 1958 كثيرا،ليعلنوا كابينتهم الوزارية الاولى ظهيرة 14 تموز،اي اليوم الاول للثورة!
وضمت الكابينة خليط من الضباط والشخصيات السياسية المعروفة وممثلي عدد من الاحزاب السياسية،لتبدو الكابينة ذات طابع وطني معتدل في المحصلة!ولم يدعى اليها لا الحزب الشيوعي ولا الحزب الديمقراطي الكردستاني!واستحوذ الضباط على المقاعد الوزارية الحساسة:قاسم،عارف،ناجي طالب أمسوا رئيس الوزراء(والدفاع)،وزير الداخلية،وزير الشؤون الاجتماعية.وحصل الزعيمان في الحزب الوطني الديمقراطي،محمد حديد و هديب الحاج حمود على حقائب المالية والزراعة،بينما منحت وزارة الاعمار الى الامين العام لحزب البعث فؤاد الركابي،ووزارة الارشاد الى السكرتير العام لحزب الاستقلال محمد صديق شنشل!وتوزعت الحقائب الوزارية المتبقية:الخارجية،العدل،الاقتصاد،التربية والتعليم،الصحة،المواصلات،الاشغال..وعلى التوالي الى عبد الجبار الجومرد،مصطفى علي،د.ابراهيم كبة(ذو التطلعات الماركسية)،جابر عمر(قومي)،د.محمد صالح محمود الشواف،بابا علي(ابن الشيخ محمود الحفيد من السليمانية).وفي نفس الوقت اوكلت قيادات الجيش والقوة الجوية والامن الوطني الى ضباط احرار"موثوقين"!

• بروفيسور تاريخ الاقتصاد اياد الجصاني عضو الاكاديمية الدبلوماسية في فيينا،وفي"ما هي خبايا اقتصاد السوق في الاقتصاد العراقي؟"وبعد ان يتناول الاقتصاد العراقي في محاور:كيف دخل العراق عالم اقتصاد السوق؟،العراق وفوضى اقتصاد السوق،تطور قوس الازمات الرأسمالية...ونقلا عن جملة مصادر،منها كتاب ابراهيم كبة/دراسات في تاريخ الاقتصاد والفكر الاقتصادي/ص 514،و"اياد الجصاني/النفط والاقتصاد والتنمية السياسية في الخليج العربي"و"موريس دوفيرجيه/اشجار البرتقال على شواطئ بحيرة البالتون/1980/بالفرنسية..والمصدر الأخير ينتقد السياسات الحديدية للاتحاد السوفييتي السابق الذي رحل وكأنه يحاول ان يزرع اشجار البرتقال على الضفاف المالحة لبحيرة البالتون!
نقلا عن كل هذه المصادر كما هو مثبت في الهامش 11،يكتب الجصاني:"..بالرغم من كل الأزمات المالية التي تختبرها الرأسمالية في المعمورة وفوضى اقتصاد السوق..لا توجد مؤشرات او دلائل توجه وميل نحو الاشتراكية التي دافع عنها كارل ماركس قرن ونصف مضى!وبعد مضي 150 عاما على البيان الشيوعي الذي تنبأ بانهيار الرأسمالية،لازالت الرأسمالية اكثر قوة و تأثيرا من اي نظام اقتصادي آخر!وليس غريبا،ان تتجسد القيم الرأسمالية اليوم ونجدها في بلدان الخليج العربي،قواعد متينة من الأزدهار والتنمية،مثلما حاصل في دبي،الدوحة،الكويت،والرياض..لكنها في بغداد مشبعة بسرطان الفساد المزمن!.."
انظر:اياد الجصاني/ما هي خبايا اقتصاد السوق في الاقتصاد العراقي؟/www.dinardiscussions.com/2 تشرين الاول 2012"

في كتابه"دراسات في تاريخ الاقتصاد والفكر الاقتصادي"/ص 514،وبعد ان يتناول الدكتور ابراهيم كبة اكاديميا الفكر الاقتصادي لعهد الرأسمالية التجارية والماركنتيلية(المذهب التجاري)/الأساس المادي/الشروط التاريخية لنشوء الرأسمالية التجارية ودور الرأسمال السلعي-السوق الوطنية،ودور الرأسمال التجاري في تفكيك الاقتصاد الطبيعي(السوق العالمية)..يتطرق الى"ملاحظات حول نشأة الرأسمالية الاوربية"!
وهنا يميز د.كبة 3 اتجاهات:
1- اتجاه تفسيري يعزو نشأة الرأسمالية الاوربية الى عامل خارجي هو التجارة الخارجية بين اوربا وبلدان الشرق/ويمثل هذا الاتجاه الاقتصادي البلجيكي هنري بيرين،بول سويزي،هنري دني،الاقتصادي الامريكي الفريد كوكس..
2- اتجاه تفسيري يعزو نشأة الرأسمالية الاوربية الى عوامل داخلية فسخت النظام الاقطاعي ومهدت السبيل للولادة الرأسمالية،ويمثله اغلب المؤرخين والاقتصاديين الماركسيين!
3- اتجاه عضوي وجدلي يؤكد على ترابط وتفاعل ووحدة جميع العوامل والسبل والقوى التاريخية المعقدة المتناقضة التي تسهم واسهمت بمستويات واشكال مختلفة ودون مقدمات جاهزة مسبقة وفي اطار القوانين العامة للمادية التاريخية..في ولادة النظم الرأسمالية!ومن ابرز ممثلي هذا التيار الاصوب الاساتذة دوب،ماندل،وشيرمان!
وعليه،فأن د. ابراهيم كبة استكمل في ص 514 من"دراسات في تاريخ الاقتصاد والفكر الاقتصادي"تحليلاته لولادة الاقتصاد الرأسمالي واقتصاد السوق اكاديميا!وكان حري بالاستاذ الجصاني ان يشير الى ذلك اي الخلفية الاكاديمية لدراسة كبة!وان لا يحشره في هامش لمصادر تضم مثلا موريس دوفيرجيه!مع تقديرنا للأخير.
لم يصف د.ابراهيم كبة يوما الاتحاد السوفييتي بدولة السياسات الحديدية!بل العكس!ففي تصريحاته التي ادلى بها الى مراسل وكالة انباء المانيا الديمقراطية(ادن)في 3 تموز 1961 في بغداد،اشاد كبة بالاتحاد السوفييتي وجهوده الجبارة وصبره العجيب وطول اناته وضرورة انصياع الغرب الرأسمالي لصوت العقل والعدل والسلم!واكد ان العراق يقدر اعظم التقدير الجهود المخلصة المثابرة التي تبذلها الدول المحبة للسلم وخاصة الاتحاد السوفياتي وجمهورية المانيا الديموقراطية والدول الاشتراكية الاخرى لحل المسائل العقدية حلاً عادلاً يستجيب لمصالح الانسانية ويحقق السلم العالمي،وهو يعتبر هذه الجهود مساهمة جدية في اسناد حركة التحرر العربية والتخفيف من الضغوط الاستعماري عليها.
يعمل الغرب الرأسمالي ومخابراته ومنابره الضاغطة على تصوير السوفييت بشكل كاريكاتيري مزر ..،الا ان التهكم المستمر وانتقاد المظاهر السلبية والايجابية معا كان تكريس للتخاذل والاستسلام امام كل شئ عارض،وتهليل للكوسموبوليتية التي كتب عنها د.ابراهيم كبة الكثير والتي تتصف بها الجماعات المعادية للتطور الاجتمااقتصادي المستقل.
كان تشويه التاريخ الوطني البطولي لشعوب الاتحاد السوفييتي السابق سخف في سخف!ولا يتجرأ حتى الد اعداء الاشتراكية على نكران تأثير ثورة اكتوبر الاشتراكية الكبير على مصير الانسانية لأنها ايقظت الملايين من الناس والشعوب في العالم لخوض نضال نشيط في سبيل التقدم والعدالة الاجتماعية!
لا يعرف الجيل الجديد من ابناء الشعب العراقي الكثير عن ثورة اكتوبر الاشتراكية عام 1917 بسبب دكتاتورية صدام حسين وظلامية عهد ما بعد التاسع من نيسان وبحكم انتشار الثقافات الرجعية كالطائفية والعشائرية والعصبوية!وعندما تتحطم الاحلام وتتمزق عظمة الامم وهيبتها يرتد الناس الى ولاءاتهم وهوياتهم الصغيرة كنوع من الاحتماء الذي لا يجدي!يرتد الناس الى الطائفية مثلا ،لتتحول الطوائف الى ملاذ والاحزاب الى طوائف!وعلى هالمنوال،حمل جمال.
تنتعش المظاهر التروتسكية والفوضوية والقومانية والدينوية والعبثية الاخرى مع التحاق العاملين الجدد بالحركات الثورية في المراحل السياسية الانتقالية وفترات الفوضى والتحلل والتذبذب،وشيوع اعمال الارهاب،وهشاشة اعمال التثقيف والتربية السياسية..الامر الذي يحتم الهزات في ميادين النظرية والتطبيق والاستراتيجية والتكتيك وتكرر اسطوانة الاخطاء القديمة والرجوع المؤقت الى الآراء والاساليب المتهرئة،كل ذلك ليس بمعزل عن تغذية ودعم البورجوازية الكومبرادورية والطفيلية وانتعاش الافكار الليبرالية المتطرفة والتدخلات الاقليمية وسياسات الاحتلال.
من دروب تشويه ثورة اكتوبر اشاعة انتفاء الحاجة للكفاح الطبقي ومحاولة تزييف الجوهر الطبقي للعمليات السياسية وبذر مشاعر اليأس والعبثية ازاء الجهد الاجتماعي النشيط في النضال ضد الاحتكار والعولمة الرأسمالية،انتفاء الحاجة للمبادئ الحزبية التنظيمية،تشجيع التردد والميل الى التوافقية والتسويات والتفاهم واساليب الاغواء والافساد التي يلجأ لها الرأسمال الاجنبي...وتضر المظاهر العبثية التي يروج لها خدمة الاحتلال والانتهازية بالحركات الثورية لانها تستعيض النضال ضد الاحتكار والعولمة الرأسمالية بخدعة النضال ضد الحركات الثورية تحت يافطة مقاومة"التسلط اجمالا"!حقيقة الامر يستهدف عرابو هذه المظاهر ان يكونوا هم ابطال الساعة لتجميع كل العناصر الرثة حولهم،وتجريد الطبقة العاملة من حلفاءها!
يظهر الزلزال المالي الذي يعيشه العالم اليوم ظلم واجحاف العولمة الرأسمالية التي تقودها الولايات المتحدة الامريكية في ظل الليبرالية الجديدة،وتحويل الاقتصاد العالمي الى سوق واحدة يحكمها حقل قانوني واحد تؤطره منظمة التجارة العالمية،والتبني الحاسم لاقتصاد السوق وحرية السوق والتجارة وفتح الحدود وتقليص دور الدولة في الاقتصاد.لا تنسى البشرية ابدا اكتوبر الانعطافة الجذرية والمنار الهادي في تاريخ العالم العاصف،وستبقى مآثر ثورة اكتوبر ودروس مسيرتها،بنجاحاتها واخفاقاتها،معينا لا ينضب ومرشدا للبشرية نحو الغد المشرق والمستقبل الافضل.

وحول"سرطان الفساد المزمن"وفي"مدخل عصري لتحليل بنى الفساد المركبة في العراق"ذكرنا ان مجرد ابداء الاستعداد لبيع الدولة بعض من مؤسساتها الاقتصادية يخلق بحد ذاته الحافز الكبير للفساد والافساد.ويمتد الفساد الى ما وراء الاختلاسات المالية ليشمل العديد من مظاهر"سوء استغلال النفوذ والسلطة"مثل المحاباة والمحسوبية والمنسوبية والاكراه والترهيب والاستغلال وشراء الذمم وتقاضى العمولات والرشى ونظام الواسطة بهدف تحقيق مآرب سياسية او اجتماعية او تغيير النتائج الانتخابية واعمال التقييم والاستفتاء وتمشية المعاملات او عرقلة المساعدات الانسانية وتحويلها الى مجموعات غير محسوبة اصلا.ومن الطبيعي ان يكون لانتشار الفساد الآثار والتداعيات السلبية على مجمل الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية!الفساد،حاله حال الطائفية السياسية،قطار رجعي ينطلق دون رحمة داهسا تحته الجميع!
تزداد الفجوة في بنية الاقتصاد العراقي بين التوسع في الانشـــطة المالية والتجارية من ناحية،والركود في مجال الانشـــطة الانتاجية والتصديرية من ناحية اخرى.ويزداد ثراء ورفاهية الطبقة المرتبطة بانشطة التجارة والمقاولات والمضاربات العقارية،والخدمات المالية والوكالات التجارية والحصرية والانشطة الفندقية واقتصاد الصفقات- السمسرة في الصفقات وعقود التوريد(الكومبرادور)والتهريب،والمرتبطة بالرأسمال التجاري والمضارب ذي الطابع الطفيلي المرتبط بوشائج مختلفة بالرأسمال الاجنبي.وهي تقبع على قمة توزيع الدخول والثروات في بلادنا،وليقذف التهميش بالشعب العراقي.وتكافح الطبقة المتوسطة للحفاظ على مستوى معيشي محترم والتمتع بالحد الادنى من الحياة الكريمة،بينما تستجد ظاهرة الاستقطاب الحاد بين الاغنياء والفقراء لان الفقر المدقع هو الوجه الآخر للعملة،اي الثراء الفاحش.
انظر:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=321159
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=321181


بغداد
19/10/2012



#سلام_ابراهيم_عطوف_كبة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الذكرى السنوية لرحيل العالم الاقتصادي الكبير ابراهيم كبة ...
- في الذكرى السنوية لرحيل العالم الاقتصادي الكبير ابراهيم كبة ...
- في الذكرى السنوية لرحيل العالم الاقتصادي الكبير ابراهيم كبة ...
- في الذكرى السنوية لرحيل العالم الاقتصادي الكبير ابراهيم كبة ...
- في الذكرى السنوية لرحيل العالم الاقتصادي الكبير ابراهيم كبة ...
- في الذكرى السنوية لرحيل العالم الاقتصادي الكبير ابراهيم كبة ...
- في الذكرى السنوية لرحيل العالم الاقتصادي الكبير ابراهيم كبة ...
- مدخل عصري لتحليل بنى الفساد المركبة في العراق/القسم الثاني
- مدخل عصري لتحليل بنى الفساد المركبة في العراق/القسم الأول
- تلقينا بحزن بالغ نبأ مصرع الأخ الراحل آصف شوكت!
- البلطجية مخالب السلطات المتنفذة في العراق
- الحكومة العراقية وتصفية آثار الاحتلال الاميركي..اخفاق تلو ال ...
- ثورة 14 تموز بين الملكيين الجدد وتنظيرات اليسار الجديد
- ابراهيم كبة والمبادرات الخجولة للمؤسسات الاكاديمية العراقية
- ثورة 14 تموز 1958 المجيدة والاقتصاد الاسلامي
- العلوم والتكنولوجيا على ضوء وثائق المؤتمر الوطني التاسع للحز ...
- اشباه المثقفين والقادسيات المليونية في العراق
- العراق بين العبث والديماغوجيا السياسية
- الطاقة الكهربائية على ضوء وثائق المؤتمر الوطني التاسع للحزب ...
- ابناء الشعب العراقي مصدر قلق جدي للعلامة عبد الخالق حسين


المزيد.....




- نيويورك.. الناجون من حصار لينينغراد يدينون توجه واشنطن لإحيا ...
- محتجون في كينيا يدعون لاتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ
- التنظيمات الليبراليةَّ على ضوء موقفها من تعديل مدونة الأسرة ...
- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - سلام ابراهيم عطوف كبة - في الذكرى السنوية لرحيل العالم الاقتصادي الكبير ابراهيم كبة – 8