أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد فيصل البكل - هل الإسلام دين شمولي؟ نظرة لحد الردّة















المزيد.....

هل الإسلام دين شمولي؟ نظرة لحد الردّة


أحمد فيصل البكل

الحوار المتمدن-العدد: 3885 - 2012 / 10 / 19 - 15:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" الأيديولوجيا " تظهر في فترة تاريخية ما إستناداً إلى إشكاليات يطرحها عصر ما محاولةً تقديم إجابات وحلول ، في حين ينطوي الدين على جانباً وشقّاً عقائدياً يتميز بالثبات على مدى السيرورة التاريخية ، فلا تقربه رياح التغيير من قريب او من بعيد . أما الشق الآخر فهو الشق الفقهي الذي ما من بد له أن ينظر بعين العصر في مراعاة منه للحراك الزماني والمكاني ، فالسلفي الراديكالي الذي يخلط فيما بين العقيدة والفقه وفيما بين العقيدة والشريعة دون مراعاة وإنتباه وإدراك للصيرورة التاريخية لن يحظى بدور أكثر أهمية مقارنة بدور الدين اليوم على مستوى العالم ، ولن يعثر في ذاته على شعوراً حقّاً بالإمتلاء . لن يعثر في واقع الأمر إلا على بقايا كائن بشري لا يرى في غيره عدوّاً بقدر ما يرى في التاريخ المعاصر . إنساناً لا يدرك للخفة من معنى ، لا يعرف سوى الثقل ، ولا يضنيه شيئاً بقدر ما يضنيه سريان عقارب الساعة اللا متناهي . أقصى ما يمكنه الإحساس به إنما هو إحساساً يكتنفه الزيف بالإكتفاء بماض يدعو للتفاخر و إرث يمثّل مدعاة لكل إنتشاء . وهو في هذا لا يتمايز كثيراً عن العربي المسلم المعاصر الذي لا ينفك يسير في ركب المادية الغربية مبرراً بأنها الحضارة الأحق بالإتباع . وما هو في حقيقة الأمر إلّا بمنسحق .. ولا يجدر بنا إلا أن ننعته بإنسان " اللا هوية " .
بين عقيدة راسخة - فيما يبدو ظاهراً - ، وفقه فقد ما له من قدرة على المواكبة والتجديد ، تكمن أزمة الإسلام ، بل قل ورطته إن شئت .

يحق للقاريء أن يتسائل لماذا الحديث عن حد الردّه بالذات ؟ وأجيب أنا قائلاً : لأن حد الردّه في الشريعة الإسلامية يعبّر عن إشكالية فلسفية قديمة قدم الإنسان ذاته ، تتمثّل في العلاقة فيما بين الفرد والمجتمع وأيهما أسبق وأيهما ينبغي أن تقصده شتى الممارسات الإجتماعية . وهي الإشكالية التي تشغل بال الفكر الفلسفي من الفلسفة الإغريقية وحتى عصر " ما بعد الحداثة " .

- الإسلام ديناً وسطياً في تشريعه للعلاقة بين الفرد والمجتمع دون غلو ومحاباة لطرف على حساب الآخر . إنطلاقاً من الفرضية تلك ، وفي معرض حديثنا عن الردّه نتسائل : هل هذا صحيحاً ؟
يقول الدكتور تيسير خميس العمر في كتابه ( حرية الإعتقاد في ظل الإسلام ) : ( إن الهدف من مبدأ ( لا إكراه في الدين ) يتمثل حقيقة في أرقى أنواع ممارسة الحرية وأفضل إكرام للإنسان ، فهو يحذر من أراد الدخول في الإسلام عن الدخول فيه إلا إذا كان على تمام القناعة والرضا ، لأنه إذا دخل عن طواعية وقناعة تامتين ومعرفة راسخة فإنه عندها لا يستطيع الخروج منه ... ومن هنا نرى أن عقوبة الردّه جاءت لتقطع على أهل الأهواء هدفهم وتبطل مسعاهم بعيدة عن زيغ المبطلين وأصحاب النفوس الضعيفة التي تحب أن تلهو وتبتعد عن جادة الصواب فالإسلام لا يسوغ لذوي الأهواء أن يعبثوا بالأديان ، فيدخل في الإسلام لغاية ثم يخرج منه لغاية ، بل إعتبر ذلك لعباً بالدين وتضليلاً للمتدينين ) .
ويتابع قائلاً : ( تهدف عقوبة الردّه إلى الحفاظ على المجتمع وصيانة أركانه وإقامة هيبة للدين وسلطانه على النفوس حتى لا يتطاول أصحاب العقول السقيمة والنفوس المريضة على الدين ، وتنال من قدسيته وهيبته في النفوس ) .
يمكننا هنا بسهولة إدراك " الوصاية الفكرية " المطالَب بها ، كما يمكننا تلمّس الأحكام المطلقة فارغة المضمون ، فكل من يعلن رفضه للإسلام هو بالضرورة صاحب عقل سقيم ونفس مريضة وبالتأكيد لا يهدف سوى لتقويض أركان المجتمع .

يقول الدكتور خميس العمر في فقرة آخرى : ( المرتدون أخطر من الأعداء على الإسلام وأهله ، ويزداد هذا الأمر جلاء ووضوحاً لمّا نعلم أن المرتد سيشوه صورة الإسلام ويدس على الدين ، وهذا ما لا يقدر عليه غير المسلمين ، وعندئذ سيخدع الكثير ممن لا معرفة له بالإسلام ) .

ويقول الدكتور حسن الشاذلي في ذات السياق في كتاب ( أثر تطبيق الحدود في المجتمع ) : ( الفرق كبير بين مسلم يرتد ثم يهاجم الإسلام ، وبين غير مسلم يهاجم الإسلام ، إذ الأول يدس سمومه تحت شعار علمه بحقيقة الدين ، وينفّث أحقاده تحت ظلال خبرته المدعاة بتعاليم الدين وأحكامه ، مما يجعل مستمعه أقرب إلى تصديقه من شخص غير مسلم ، ولما كانت خطورة المرتد بهذه المثابة كانت عقوبة المرتد بقدر جنايته ) .
لماذا كان الفرض هنا بأن من يعبّر عن وجهة نظره في الإسلام بعد الإرتداد عنه لابد وأنه ينفّث عن حقده مدعياً علمه بحقيقة الدين ؟ ألا يكسبه إيمانه بالدين في باديء الأمر ومعايشته للبيئة الدينية أرضية أصلب تمكنه من الحُكم على نقيض الآخر الذي يهاجم ديناً لم تتسنّى له معرفة خباياه ولم تتاح له معايشته ؟ ثم ما معنى أن يدس المسلم المرتد سمومه تحت ظلال علمه بحقيقة الدين ؟ أيفترض هنا أننا نتحدث عن مجتمعاً إنغلاقياً لم يستشرف العولمة بعد ويخشى أن تتكشّف حقيقته أمام الآخر ؟ وما معنى التفرقة في الأساس بين مسلم أعلن عدم قناعته بالإسلام وغير مسلم ؟ يبدو الأمر كما لو أن المسلم يُراد له - أو ينبغي عليه - أن ينصهر بداخل أجندة جماعية لا معنى ولا قيمة فيها لفرديته ، ولا تعني فردانيته إلا مداداً - ربما عددياً فقط - لأجندة المجموع . إن إدراك الأمر على هذا النحو يقودنا حتماً لفهم مدى خطورة خروج الفرد على مخطط الجماعة ، فلا يعني خروجه هنا سوى تهافت النسيج الداخلي للمجموع . بكلمة آخرى : الفرد داخل جماعة الإسلام ليس ملكاً لنفسه ، وليس مقرراً لمصيره . إنه مجنّداً لصالح مخطط ضخم يتعدّاه ويتجاوزه . لم يكن لي أن أفسر تلك الفقرة إلّا على هذا النحو .
كان الرسول قد ذكر أن المسلم لا يُحلّ دمه إلا بثلاث ومنهم " التارك لدينه المفارق للجماعة " . فماذا كان القَصد بالمفارق للجماعة ؟ ألا يعني التأكيد على ما تم إيضاحه ؟

يقول دكتور يوسف القرضاوي في إحدى مقالاته : " إن عالمنا اليوم يقوم فيه صراع ضخم بين المذهب الفردي ، والمذهب الجماعي . فالرأسمالية تقوم على تقديس الفردية ، وإعتبار الفرد هو المحور الأساسي ، فهي تدللـه بإعطاء الحقوق الكثيرة ، التي تكاد تكون مطلقة ، فله حرية التملك ، حرية القول ، وحرية التصرف ، وحرية التمتع ، ولو أدت هذه الحريات إلى إضرار نفسه ، وإضرار غيره ، مادام يستعمل حقه في " الحرية الشخصية " ، فهو يتملّك المال بالإحتكار والحيل والربا ، وينفقه في اللهو والخمر والفجور ، ويمسكه عن الفقراء والمساكين والمعوزين ، ولا سلطان لأحد عليه ، لأنه " هو حر " . والمذاهب الإشتراكية - وبخاصة المتطرفة منها كالماركسية - تقوم على الحط من قيمة الفرد والتقليل من حقوقه ، والإكثار من واجباته ، وإعتبار المجتمع هو الغاية ، وهو الأصل . وما الأفراد إلا أفراد أو تروس صغيرة في تلك " الآلة " الجبارة ، التي هي المجتمع ، والمجتمع الحقيقي هو الدولة ، والدولة في الحقيقة هي الحزب الحاكم ، وإن شئت قلت : هي اللجنة العليا للحزب ، و ربما كانت زعيم الحسب فحسب ، هي الدكتاتور !!
إن الفرد ليس له حق التملك إلا في بعض الأمتعة ، والمنقولات ، وليس له حق المعارضة ، ولا حق التوجيه لسياسة بلده وأمته ، وإذا حدثته نفسه بالنقد العلني أو الخفي ، فإن السجون والمنافي وحبال المشانق له بالمرصاد !
ذلك هو شأن فلسفات البشر ومذاهب البشر ، والديانات التي حرفها البشر ، وموقفها من الفردية والجماعية ، فماذا كان موقف الإسلام ؟ لقد كان موقفه فريداً حقاً ، لم يمل مع هؤلاء ولا هؤلاء ، ولم يتطرف إلى اليمين ولا إلى اليسار .
أينبغي لنا أن نسلّم بهذا في سياق حديثنا عن حد الردّه ؟

إن الدين - كل دين - لابد له من أيديولوجية معاصرة تقدّم مشروعاً معاصراً ، معبراً عنه ، ولكن ينبغي له قبل ذلك أن يستند إلى فقه متسق مع ذاته ، فلا يدّعي الوسطية في حين إرتداءه ثياب الشمولية التي تذكّرنا بالأحزاب البعثية وشعارات - الإشتراكية العلمية - الجوفاء . ينبغي على الفقهاء والمجتهدون الجدد أن يسائلوا أنفسهم ويسائلوا النصوص ما إذا كان الإسلام ديناً شمولياً أم لا ، ومن حيث تكون الإجابة ينبغي لهم أن يعملوا .



#أحمد_فيصل_البكل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مدام هناء .. قصة قصيرة
- الضاحك الباكي .. قصة قصيرة
- المأزوم .. قصة قصيرة


المزيد.....




- تبدو مثل القطن ولكن تقفز عند لمسها.. ما هذه الكائنات التي أد ...
- -مقيد بالسرية-: هذا الحبر لا يُمحى بأكبر انتخابات في العالم ...
- ظل عالقًا لـ4 أيام.. شاهد لحظة إنقاذ حصان حاصرته مياه الفيضا ...
- رئيس الإمارات وعبدالله بن زايد يبحثان مع وزير خارجية تركيا ت ...
- في خطوة متوقعة.. بوتين يعيد تعيين ميشوستين رئيسًا للوزراء في ...
- طلاب روس يطورون سمادا عضويا يقلل من انبعاث الغازات الدفيئة
- مستشار سابق في البنتاغون: -الناتو- أضعف من أي وقت مضى
- أمريكية تقتل زوجها وأختها قبل أن يصفّيها شقيقها في تبادل لإط ...
- ما مصير شراكة السنغال مع فرنسا؟
- لوموند: هل الهجوم على معبر رفح لعبة دبلوماسية ثلاثية؟


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد فيصل البكل - هل الإسلام دين شمولي؟ نظرة لحد الردّة