أحمد أشرف
الحوار المتمدن-العدد: 3884 - 2012 / 10 / 18 - 00:50
المحور:
الادب والفن
" إن موعدكم الجنة "
الحمدلله رب العالمين , حمداً يكون لقائله زخراً , و الصلاة و السلام على النبي الأمي الكريم و على آله و صحبه أجمعين , أما بعد :
" إن موعدكم الجنة " ذاتها الكلمة التي قالها النبي الكريم لصاحبه الجليل " ياسر " , و إن ما يتبادر إلى أذهاننا هو السؤال الآتي : من هو ياسر ؟ , إن ياسر هو ذاته الشخص الذي قد خرج من بلده - اليمن - طالباً أخاً له بمكة , و أخد يبحث عنه فطاب له المقام ببلده الثانِ - مكة - فقطن بها محالفاً " أبا الحذيفة بن المغيرة " , فزوجه أبو حذيفة إحدى إمائه و تدعى " سمية بنت خياط " , و كان زواجاً مباركاً فأنجبا عماراً , أتدرون من هو عمار ؟ هو الصحابي الكريم " عمار بن ياسر " , و الله لكانت أسرة مباركة بأسرها , حيث أن إسلامهم كان مبكراً , كحالِ الأبرار و الأحرار دائماً , دائماً ما يكون سعيهم للخير سابقٌ غيره من المساعي الضعيفة , فكان لهم حظاً كريما من الإيمان , كما أخذوا نصيبهم الأوفى من عذاب قريش و أهوالها , فكانت قريش آنذاك تتربص بالمؤمنين الدوائر .
كان لآلِ ياسر في قومهم شرفاً و منعةً إلا أن قريشاً تولتهم بالتهديد و الوعيد , فكان أبو جهل إذا لقى أحد المؤمنين قال له : " أتركت دين آبائك و هم خيرٌ منك , لنسفهن حملك , و لنضيعن شرفك , و لنكسدن تجارتك , و لنهلكن مالك " , ثم يشنون عليهم حرباً شديدةً شعواءاً حاميةً الوطيس , و كانت الكارثة إن كان المؤمنين من ضعفاء مكة و فقرائها و عبيدها أصلتهم قريشٌ سعيراً , و كان آل ياسر من هذا الفريق المُستضعف.
و وُكل أمرُ تعذيب آل ياسر إلى بني مخزوم , فكانوا يخرجونهم جملة ياسرًا و سميةً و عماراً و يلقونهم إلى رمـالِ مكة الملتهبة فيصبون عليهم العذاب ألواناً و فنوناً .
كان لسميةَ نصيبها الوفير من العذاب , فقد وقفت هذه المرأة الشماء موقفاً آنذاك يمنح البشرية بأسرها من أولها لآخرها شرفاً لا ينفد و كرامة لا ينصل بهاؤها ,حتى أنها كانت أول شهيدة بالإسلام , و ليس هذا المقام الذي نتحدث فيه عن جلال تضحيتها و ثباتها , و لنا بإذن الله موعدٌ للحديث عن هذه المرأة الأبية , و لكن يكفينا شرفاً أن نقول أن موقفها هذا جعل منها أماً عظيمةً للمؤمنين في كل العصور , و للشرفاء في كل الأزمان .
كان صلى الله عليه و سلم يخرج و يمر على آل ياسر أثناء العذاب و ينظر إليهم و هو في وقتها لم يكن لديه من أسباب المقاومة شيئ صلى الله عليه و سلم , و لكن أيها القارئ الكريم كانت مثل هذه التضحيات هي العمود الفقري الذي يهب الدين ثباتاً لا يزول و خلوداً لا يبلى , كما كانت هي المنار الذي يهدي الأجيال الوافده إلى حقيقة الدين و عظمته و شموخه , و ثم اقترب صلى الله عليه و سلم من ياسر حيث ناداه , وضع النبي يده على رأس ياسر عندما قال للنبي صلى الله عليه و سلم : إن العذاب قد بلغ منا كل مبلغ , فقال صلى الله عليه و سلم : صبراً أبا اليقظان , صبراً آل ياسر , إن موعدكم الجنة .
هكذا اختارت مقادير الإسلام هذه الثلة الطيبة المباركة لتصوغ منها وثيقة العظمة و الشموخ و الكبرياء , إنه و رب الكعبة مثلاً عظيماً للتضحية من أجل بقاء الدين , فلو أن أناساً يولدون بالجنة , ويتربوا في رحابها الطيب العطِر , ثم يُجاء بهم إلى الأرض ليكونوا زينة لها و نوراً لأهلها لكانوا و رب الكعبة آل ياسر , عمارٌ و أمه سمية و أبوه ياسر , و كيف لا ؟؟!!!! إذ أن النبي صلى الله عليه عندما قال لهم :" إن موعدكم الجنة " لم يكن هذا على سبيل المواساة فقط , بل إنه صلى الله عليه و سلم كان يقر حقيقة و واقعاً لا تنكره العدالة الإلهية الربانية .
فأين نحن من بهاء هؤلاء الصحب الجليل , هؤلاء الأبطال , فعمار الذي قد خاطر بنفسه للإمام علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم جميعاً عندما ثاوموه علي تسليم علي , و فيه يقول الشاعر :
يبغون عمار ان يسلمه كانهم*** لحديث النبي العظيم ما قرئواا.
عمار الثابت في كل نازلة ***عمار ذاك الفارس ما عرفوا.
عمار شهيد ابن شهيدة هل تناسوا*** سمية ام لان نسائهم مثله ما ولدوا.
هيهات لأبا حسنا ان يجود لهم بعمار*** وعمار قد تكلم بالحق عندما خرسوا.
فأن عمار للحربهم فارس وبغير*** حربهم ناسكا في ليله متى هم رقدوا.
لا يسلم الطهر بالنجس كتاب الله*** خير منهم وشاهد على ما كتموا.
أمتي , أنتِ خلف لهؤلاء السلف الطيب المبارك فكيف لنا أنا نرضخ , لا و الله لا يليق بنا , فكيف لنا أن نرضى الهوان لأمة كانت و رب الناس خيرَ العالمين ؟؟؟!!!!!!!!! كونوا على نهج حبيبكم , هذا و ختاماً لا يسعني فيه إلا أن أدع لكم بتثبيت الخطى , و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته .
#أحمد_أشرف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟