الدفاع عن النبي هو بالعفو عن المسيئين وتنقية كتب التراث ( 2 _2 )

عبد العزيز خليل إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3883 - 2012 / 10 / 17 - 19:51
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

نكمل باقي المقالة السابقة والتي كانت عن موضوع الدفاع عن النبي وبالعفو عن المسيئين وتنقية كتب التراث الديني ونقول أن كتب التراث من سيرة وحديث وفقه وتفاسير بها كثير من الروايات الملفقة وبعض من الأقوال المتجمدة والتي تخالف منهج الإسلام وسماحة الرسول صلي الله عليه وسلم فكتب السنة بما فيها صحيح البخاري ومسلم وغيرها بها كثير من هذه الروايات الكاذبة والتي كتبت بعد وفاة النبي بحوالي 200 عام وقام بتأليفها المنافقين والمنافقات من العرب والمسلمين والفرس والبدو واليهود وغيرهم وقد تم دسها في أغلب الكتب التراثية وهذا ليس عند المسلمين وحدهم بل وعند الإخوة اليهود والنصارى من فعل ذلك وذلك حتى تقوم الحروب بينهم وبين بعض وبدل من العيش في سلام ومحبة ورقي تقوم الخصومات والفتن والحروب بينهم طوال الوقت فالروايات الكاذبة والباطلة التي نسبت إلي النبي الكريم هي التي بني عليها المسيئين مؤخرا عليها وجعلوها دليل لهم وقاموا بإنتاج العديد من الأفلام والرسوم والكتابات المسيئة علي الإسلام والنبي والمسلمين وسوف يفعلون طالما هذه الروايات موجودة في كتب التراث المشار إليها وغيرها من الكتب الكثيرة الأخرى ومن هذه الروايات التي تسئ للإسلام ونبي الإسلام الملفقة هذه الرواية التي تقول ( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ) فهذه الرواية الكاذبة تخالف خلق النبي الكريم سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم صاحب الخلق العظيم وتخالف نصوص القرآن الكريم قال تعالي ( من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)
فالإسلام الصحيح لا يكره أحد من الناس في الدخول فيه ولا في الخروج منه بدليل هذه الآية وغيرها من الآيات الأخرى فالإكراه في الدين لآياتي بأفراد صالحين طيبين
يحبون الله ويحبون الخير للناس بل العكس فالإكراه في الدين شر علي البشرية كلها فالله تعالي فطر الناس جميعا علي الإيمان ولم يرضي لهم الكفر ولكنهم اختلفوا فأرسل الله رسله لهداية الناس جميعا وليخرجوهم من الظلمات إلي النور فأمن بهم من آمن وكفر بهم من كفر ولقد أتاح الله تعالي للإنسان فرصة للاختيار فقال تعالي :
( إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا ) سورة الإنسان الآية 3
فالله تعالي أعطي للإنسان الحق في اختيار ما يعتقد وهو وحده الذي سيحاسبه علي هذا الاختيار قال تعالي ( لو شاء ربك لأمن من في الأرض كلهم جميعا ) سورة يونس الآية 99 .
ويقول تعالي أيضا ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك ) سورة هود الآية 118 ، 119 .
فالرسول الكريم لا يجبر أحد في دخول دين الإسلام ويحترم عقائد الآخرين من أهل الديانات السماوية وغير السماوية وهذا من أمر الله تعالي لرسوله الكريم صلي الله عليه وسلم .
ومن الروايات الكاذبة في كتب الحديث التي يستغلها المسيئين في الغرب والشرق علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم هذه الرواية أيضا وهي عن أنس قال ( كان النبي صلي الله عليه وسلم يدور علي نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن احدي عشرة فقيل لأنس أو كان يطيقه ؟ قال : كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين ) فالرواية كاذبة وملفقة والتي تعتبر أن اهتمام النبي كان في الطواف علي كل نسائه في ساعة واحدة ، وأيضا اهتمام أصحابه في متابعته والتفاخر بها فهذا كذب كما قلنا فالله تعالي يخاطب نبيه عليه السلام في المدينة المنورة بقوله تعالي ( إن ربك يعلم أنك تقوم أدني من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك ) سورة المزمل الآية 20
ففي سياق الآية السابقة المباركة أنه عليه الصلاة والسلام يقضي انهار في العمل الصالح والدعوة إلي الله بالتي هي أحسن والإصلاح بين الناس وقضاء حوائجهم وإقامة أركان الدولة ويقضي ليله في القيام للصلاة والعبادة فهل نصدق آيات القرآن الكريم أن نصدق هذه الرواية الباطلة التي تتعدي علي النبي وتهينه عليه الصلاة والسلام .
ومن الروايات المسيئة والتي لا يقرها دين ولا عقل ولا ضمير حي ولا منطق سليم أيضا رواية أخري والتي تؤكد علي عدم صبر النبي علي الابتعاد عن النساء حتى في المحيض منها رواية منسوبة زورا لأم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها ( كنت
اغتسل أنا والنبي من إناء واحد كلانا جنب وكان يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض).
والسؤال أخي القارئ هل كان النبي صلي الله عليه وسلم يباشر نساءه في المحيض ؟
فالإجابة أن النبي لا يفعل ذلك أبدا امتثالا لقوله تعالي ( ويسألونك عن المحيض قل هو أذي فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله ، إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) سورة البقرة 222.
فكلمات القرآن توضح أن الاعتزال مع التحذير ( ولا تقربوهن ) لأنه تعالي يقول بعدها ( يحب التوابين ويحب المتطهرين ) فسيدنا النبي عليه السلام هو النبي الطاهر الأمين وهو إمام المتطهرين فهل هذا يصح عنه أيها الأخوة الكرام فالروايات الملفقة قالها ناس لا دين ولا ضمير لها في العصور السابقة وتم نقلها في الكتب التي لم تتحري الدقة في النقل من المحدثين أو الرواة فمن المعلوم أن الرسول الكريم قد تزوج السيدة خديجة رضي الله عنها وهو في سن 25 وظل معها حتى توفت وكان عمره حوالي 53 سنة وقد تزوج بعد وفاتها من نساء كبيرات في السن إلا السيدة عائشة فقد تقدم لها وهي سنها 18 عام ودخل بها وهي 19 عام وليس كما يدعي رواة الحديث بما فيها البخاري نفسه بأنها خطبها وهي عنده 9 سنوات فهذا كذبا وافتراء علي الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم وقد تزوج النبي من أمهات المؤمنين بأمر من الله تعالي ليكونوا أمهات المؤمنين في أثناء حياته وبعد وفاته صلي الله عليه وسلم
فالرواية السابقة باطلة كما قلنا وهي لا تتفق مع كتاب الله تعالي قال تعالي ( يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا ، وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما ) سورة الأحزاب الآية 28، 29 .
فقد أردان زوجات النبي في أحدي الأيام من النبي التمتع بحقوقهن من حلال الدنيا وكانت النتيجة أن الله تعالي أمر بتخييرهن بين تحمل البقاء مع النبي والتمتع في الآخرة أو يتم تطليقهن ولو كانت الروايات الكاذبة صحيحة في وصفها له لاستجاب لمطالب لاستجاب لمطالب زوجاته وتمتع معهن لقد كان الحياء من أخلاقه عليه الصلاة والسلام فالروايات الكاذبة الباطلة المسيئة علي النبي لماذا لا نتبرأ منها ؟ لأنها تناقض كتاب الله وخلق رسول الله والعقل والمنطق والضمير الحي فالروايات السليمة هي التي تتفق مع كتاب الله والعقل السليم ، فيجب علي المسلمين التمسك بالخلق الحسن وعدم الاعتداء علي الآخرين بذنب جناه غيرهم والعفو عن المسيئين من شيم الأخلاق الكريمة والرسول يقول ( المسلم من سلم الناس من لسانه ويده ، والمؤمن من آمنه الناس علي دمائهم وأموالهم ) رواه الترمذي .
فالخلاصة أن كثير من الروايات الكاذبة التي تسئ للرسول الكريم موجودة في كتب التراث ويقوم الوعاظ والخطباء في المساجد والكتاب في كثير من الصحف والفضائيات ومواقع الانترنت بتردديها علي الناس وهي روايات تسئ للنبي وهم لا يدرون ويعيشون مغيبون فلا يدرون ما يقولون فهذه إساءة من هؤلاء البشر فالنبي صلي الله عليه وسلم براء من الروايات الكاذبة براءة الدم من ابن يعقوب وهو براء أيضا منها إلي يوم القيامة لأنها لا يعرفها من قريب ولا بعيد فقبل أن نطالب من ألآخرين في الغرب والشرق بمنع الإساءة عن النبي الحبيب صلي الله عليه وسلم علينا نحن بتنقية كتب التراث والتي بها الغرائب والعجائب من القصص والحكايات والأحاديث الملفقة والتي لا يقرها عقل سليم .
يجب علي عقلاء الأمة العربية والإسلامية من العلماء والمفكرين والكتاب والقراء في كل التخصصات العلمية والدينية في تبني مشروع علمي كبير بعنوان ( تنقية كتب التراث بما فيها من غرائب وقصص ملفقة ) وكذلك واجب علي الأخوة المسيحيين واليهود بعمل مثل هذا المشروع العلمي عندهم بمفكريهم وعلماءهم لتنقية كتب التراث التاريخي عندهم وبعد ذلك تقارب أهل الأديان الثلاثة علي الحب والمحبة والسلام بينهم في الأرض وكذلك التعاون مع أهل الأديان الأرضية الأخرى للتعاون علي المحبة والسماحة في الحياة وبذلك تعم السعادة والحب والتسامح بينهم لأنهم في البداية والنهاية إخوة وكلهم من آدم وحواء عليهم السلام هي نعمر الأرض يا جميع أهل الأديان وغير الأديان في الأرض لنعيش في ظلام ومحبة لوجه الله تعالي .

#عبد_العزيز_خليل_إبراهيم (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات