المستبد ليس بالعادل

مها الجويني

الحوار المتمدن-العدد: 3882 - 2012 / 10 / 16 - 00:02
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    

المستبد العادل شعار أنصار الدكتاتوريات العربية ممن أصدعوا أذاننا بالحديث عن الأمة و الوحدة العربية و الفتى الطلائعي و الحاكم الأمر الناهي بأمر الله و العرف العربي ... أتباع نظام بشار الأسد و صدام حسين بالعراق أنصار البعث العربي من يرون أن العرب يجب أن يحكمهم زعيم يستبد بجميع الأمور وقادر على إستيعاب الجماهير و حمايتها و يقوم بدور الأب لشعبه الغير واعي بطبيعة الصراع بالصهيونية المتربصة به . وفق هذا المنطق يناصر أغلب القوميين بوططنا العربي نظام بشار الأسد بسوريا . معتبرين" بشار " الأمة العربية و يتعرض لمؤامرة أمركية صهيونية تريد للإطاحة بشام العروبة و إعادة إستعمارها من جديد .
الدكتاتور هو الحل ...
هل يعمد الشرق كله مستبد من أهله عادلا في قومه يتمكن به العدل أن يصنع في خمسة عشر سنة مالا يصنعه العقل وحده في خمسة عشر قرنا"محمد عبده، الأعمال الكاملة و ضمن ندائه هذا في مقالة عنوانها :"إنما ينهض بالشرق مستبد عادل ".ففكرة الإستبداد و إن كانت منافية لمبادئ احترام حقوق الإنسان و الفرد إلا أنها ترمز إلى الشجاعة و القوة ألم يقل الشاعر الأموي عمر أبن أبي ربيعة "إنما العاجز من لا يستبد "؟ و بتالي يصبح التفرد بالرأي و التسلط صفات للمنقذ الذي ستلتفت حوله الجماهير و لكن هذا المنقذ سيكون عادل لأنه يسأمر بالعدل بين الناس من خلال تقسيم عادل للثورات و نبذ الظلم و بقوته سيحمي الأمة المحاطة بالأعداء من الأخطار و من المكائد .
إن هذا الدكتاتور كائن فوق طبيعي أو فوق إنساني لأنه رغم إستبداده سيكون عادلا و يحكم بالقسط بين الناس ... و به سيتحدى العرب الغرب عدوهم اللدود و سيعيد للأمة أمجادها الضائعة . هذا البطل المستبد يغذي أحلام أنصاره ببعث الأمة العربية و الذود عنها و تحرير فلسطين من الصهاينة.
الدكتاتوريات و فلسطين ...
في خضم موجة ثورات الربيع العربي حمدت الله على موقع تونس الجغرافي (شمال إفريقيا) لأن زين العابدين كان سيتعلل بالدفاع على فلسطين في قمعنا أو ربما سيقول: أننا كحقوقين مدعومون من حركات صهوينة أمريكية تريد بالأمة شٌرا . فبعدنا الجغرافي أبعد عن نظامنا إستعمال خطاب الدفاع القضية الفلسطينية الرنان . فأنا شخصيا لا أستغرب وقوع ذلك فالقضية الفلسطينية كانت و لا تزال" شمٌاعة" لكل طغاة العالم العربي . فكلهم يدعون وصلا بها و إنتصارا لشعبها. فهي حاضرة في كل المزايدات السياسية الداخلية و الخارجية بإعتبارها مدخل و مبرر لقمع كل من يطالب بالحريات الفردية وينادي بحقوق الإنسان وهي أيضا بضاعة تباع لإكتساب رضاء و كلاء الإمبريالية في العالم .
و أكبر دليل على ما أقول ما يحدث في سوريا : قتل ، نهب ، سرقات ، موت للأطفال ، إختفاء قسري قمع ليس له نظير كله يحدث بمبرر الدفاع على سوريا وعلى فلسطين , فبشار يرفض التنحي عن الحكم لأن معارضيه مدعومين من إسرائيل . و أن بقاؤه في الحكم هو الضامن الوحيد لعروبة سوريا ووفق هذا المنطق كل الشعب السوري قابل للتطبيع وربط العلاقات مع إسرائيل و بشار هو الضامن الوحيد لكرامته.
شبيحة للأبد لعيونك يا أسد ... القائد الأوحد ... زعيم الأمة... أفهم من هذه الشعارات الداعمة لبشٌار أن الشعب السوري بكل كوادره و مثقفيه و تاريخه و حضارته غير قادر على حماية ترابه دون نظام البعث الحالي ، و أفهم أيضا أن إستبداد حركة البعث كان مجرد وسيلة حمائية من الأخطار الخارجية فقط لا غير و حسب إعتقاد أنصار الأسد ما مورس في ذلك وقت من زج بالسجون واختطاف للطلبة و التلاميذ و قهر وتهميش لكل من لا يؤمن بالبعث السوري و تخوين و إعتلاقالات عشوائية لكل من يشتبه به معارض ليس بإستبداد أو ظلم بل تصحيح للمسارات و توجيه للشباب و يأتي ذلك في إطار حماية سورية المهددة من قبل إسرائيل , فنظام بشار هو الوحيد المتصدي للصهاينة والمعصوم من الأخطاء و التجاوزات و عليه كل مخالف لسياسة بشار هو عدو له،و بتالي يتحول ذلك المختلف إلى معاد للنظام و خائن و غير عربي و يتم التشكيك حتى في بطاقة ميلاده ...
البعث السوري: "النازيون الجدد"
مشاهد القتل و خطابات التخوين و العنجهية الأسدية و تطبيل الأنصار و تهليلهم لقائدهم يذكرني بما كان يقوم به أنصار الصليب المعقوف فترة سيادة حزب العمال الألماني الإشتراكي الوطني الشهير بالحزب النازي لزعيمهم . ذلك الحزب الذي إمتاز رئيسه و ملهمه هتلر بتصفياته الدموية لكل من يختلف معه على أساس الجنس (إبادة اليهود) أو الجنسية (إبادة التشيكوسلوفلكين أو النمسايوين و غيرهم) و ملاحقته للخصومه السياسين من شيوعيين (ملاحقات 1930 للشيوعيين بإعتبارهم مثل اليهود لا ينتمون للأمة الألمانية ).
قام الحزب النازي على المليشيات و هي فرق خاصة مسلحة تقوم بإصطياد من يلا يروق لزعيمهم ونذر مليشيات "القمصان البنية" و مليشيات "شونز شتافلن" أي وحدات الدفاع الخاصة التي تضم أكبر المقاتلين الألمانيين . سيناريو المليشيات يعيد نفسه فهاهو حزب البعث السوري يأتينا بشبيحة مرتزقة تتدعي بأنها فرق الدفاع على الوطن . فما الفرق بين نازي يقتل شيوعي أو نبيل ألماني و بين شبيحة يقتل ابن بلده ؟ كلاهما قتلة لأسيادهم .
يرى بعض المؤخرون أن هتلر عاشق متطرف لألمانيا حتى أنه لم يشأ أن يتزوج لأن كان يظن أن الزواج قد يمنعه عن حب ألمانيا وحتى في حياته الفهرر كان عسكريا يحارب من أجل إستعادة أمجاد ألمانيا و الرفع من الجنس الأري . و لكن النازي العربي يبني القصور و يتنزه أهله في أجمل البقاع في العالم و لا يهدد أعدائه و لم يقم بتطوير جيشه و لا بجعل سورية قوة إقتصادية العالمية .
لا ننكر أٌنٌ هتلر كان وحشا أذاق العالم المرارة و هدد أعتى القوات العالمية من أمريكيا و روسيا و هزم فرنسا و بريطانيا لكن أسد العرب إكتفى بتقتيل شعبه و ذبحه حيا و التنكيل به فقط ...

#مها_الجويني (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل