سامي سعد عزيز
الحوار المتمدن-العدد: 3878 - 2012 / 10 / 12 - 03:45
المحور:
حقوق الانسان
أثارت أحداث الفيلم التهكمي على شخصية النبي محمد الكثير من مشاعر الغضب والاستياء والرفض من جانب معتنقي مختلفة الأديان في مختلف الأقطار والثقافات في العالم. حتى وصف هذا الاستياء من قبل العديد من المتابعين بأنه قد ولد احد معالم الاتفاق بين كافي معتنقي الأديان والمنتميين إلي ثقافات مختلفة. مع ذلك، فقد حمل الفيلم معه تابعيات سلبية ناتجة عن ردود الفعل من قبل بعض الفئات التي أخذتها الحماسة الرافضة للفيلم إلى إتباع أساليب عنفوانية تتناقض مع مبادئ الرشادة في التعبير عن الرفض. بل أن هذه السلوكيات تدل على افتقاد أصحابها إلى البنا الأساسية لوسائل التعبير عن رفضهم.
رغم ما تمثله هذه السلوكيات من خطورة في حد ذاتها على تماسك المجتمع إلا أن الأخطر هو أن تستغل هذه السلوكيات في فرص منظومة الفلسفة النفعية البنتامية الساعية إلى إسعاد الأكثرية العددية على حساب الأقلية.
في الوقت التي كانت تحدث فيه ردود العامة الغاضبة من الفيلم كانت هناك العديد من السلوكيات المتشابه والمؤيدة إلي جانب محاولات التهدئة شبة العقلانية من جانب الكثير المؤسسات الحكومية وغير الحكومية وأيضا من جانب السياسيين والمفكرين ورجال الدين والشخصيات العامة. لكن هذه السلوكيات المنتسبة المؤسسات والشخصيات، عن قصد أو بدون قصد، روجت لفكرة ضرورة إسعاد هؤلاء الغاضبين لأنهم هم الأكثرية بعض النظر عن الإساءات والتهديدات والخسائر التي تحملتها الأقليات خلال هذه القترة. لم يتحدث احد عن حرق الإنجيل أو الاعتداء على بعض الأقباط أو محاصر ممتلكاتكم في المنيا أو تجاهل تعوضهم عن الخسائر في دهشور أو حجم التجريح الذي تعرضوا منذ الحديث عن الفيلم المسيء في كافة المؤسسات. كأن ما يحدث للأقليات هو نوع من التعويض الساعي إلي إسعاد الأغلبية العددية.
أن مثل تلك الردود الفعل والقبول الضمين أو الصريح لها من قبل الأقليات ومؤسساتهم قد يولد ما يعرف بالرضا. هذا الرضا ستطلب من الأقليات طبقا منظومة الفلسفة النفعية البنتامية ليس فقط الرضوخ المستقبلي الكامل للأغلبية بل إلي العمل على إسعادهم. على هذا يجب أن تعبر الأقليات بصورة واضحة عن مواقفها بعيدا عن الوقوع في فخ الرضا والرضوخ لمبادئ إسعاد الأغلبية والتهدئة العامة. فالأقليات لديها مطالبها وحقوقها التي يجب أن تقبلها وتتفهمها الأغلبية بعيدا عن مبادئ الأنانية النفعية.
#سامي_سعد_عزيز (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟