أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي سعد عزيز - رسوم كاريكاتيرية فوضوية تثير البدوية الثقافية والنزعات الانتقامية















المزيد.....

رسوم كاريكاتيرية فوضوية تثير البدوية الثقافية والنزعات الانتقامية


سامي سعد عزيز

الحوار المتمدن-العدد: 1453 - 2006 / 2 / 6 - 11:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن ما أثارته الرسوم الكاريكاتيرية التي نشرتها الصحيفة الدنمركية "جيلاندز بوستن" , من موجات غضب وعنف في كافة أنحاء الرقع العربية والإسلامية , يتطلب منا القراءة النقدية لا للرسوم في حد ذاتها ,ولكن لما إثارته من موجات غضب عارمة وتصريحات وتحليلات اجتهادية مغلوطة تصل إلى حد اللامسئولية .
في الواقع لم يكن احد ليتوقع يوما من الأيام أن يسمع ويشاهد كل هذه التصريحات والتصرفات الثأرية البربرية التي أسفرت عنها الرسوم الكاريكاتيرية ,التي اتهمت بأنها صورا مسيئة للنبي محمد. فالمتابع للأحداث والتصرفات, إبان هذه الحادثة يمكن أن يلاحظ إنها انتهجت جميعا نهجا عنفواني اعتمد في جزء منه على التحدث والخروج في مسيرات جرادية غاضبة بعبارات احتفالية مزهرية وسلوكيات هدامة تستخدم العنف بصفة أساسية تجاه كل ما تستطيع أن تصل إليه, معتقدة أن مثل ذلك السلوك هو الأسلوب الحضاري للاحتجاج ونقد سلوكيات الأخر . كما يقوم في جريئة أخرى على المزايدة وتمرير سياسات وإيديولوجيات نفعية للجماعات الإسلامية التي نظمت كل هذه الأطر الاحتجاجية الهمجية في سياق تناقضي استفزازي فوضوي ,وهى الجزئية الهامة التي أصبحنا نعتدها بشكل مكثف هذه الأيام بعد نجاح هذا التيار في الدخول لحيز العمل السياسي في العديد من الأقطار العربية . فعلينا أن ندرك أننا ننحرف بشدة تجاه تعميق الصدع الذي يعاني منه العالم العربي, نتيجة صعود هذه التيار الإسلامي إلى حيز السلطة. فهذه استراتيجية العمل السياسي لمثل هذه الجماعات الهمجية , فهي تعتمد على إثارة المشكلات ذات الدلالات الدينية لجذب المشاعر وتعبئة الجماهير للانشغال بقضايا أخرى, غير التي يجب أن يهتموا بها مثل الإصلاح الداخلي . فذا التيار على علم كاف بعدم قدرته على البناء و إشباع احتياجات الشعوب التي أصبحت تنظر إليه باعتباره احد الفاعلين الساعين إلى الإسهام في تحقيق الإصلاح , وذلك نتيجة ما عانت منه من مآسي واحتقانات وتجارب فاشلة سادت لمدة سنوات طوال ,نتيجة الأداء الرسمي غير الكفء لجهاز الدولة الرسمي . فمثل هذه التيار على دراية ويقين أن وصوله يرجع إلى الغضب الشعبي من الأداء الرسمي ,ولكنه يؤمن في نفس الوقت بأنه نجح في وصوله إلى السلطة عبر خداع الجماهير, فهو غير مؤهل لمثل هذا الدور, ولذلك فعلية أن يؤدي اللعبة السياسية بالطريقة التي يتقنها, وهى إثارة الفتن و الانقسامات والزوابع لكي يحافظ على قيادته للجماهير ويمنعها من التفرغ الذهني والعقلاني لانتقده , لأنها إذا تفرغت لأدركت أن صعود بل ووجود هذه التيار من الأساس هو احد أهم أسباب الانحطاط العام داخل المجتمع فهو حقا كيان إيديولوجي قائم على مقولات وشعارات كاذبة .
ولكي ندرك أن هناك يد غامضة تحرك الأحداث وتوجهها , فعلينا أن نتمتع بالعين الناقدة , طارحين عدة تساؤلات بسيطة على أنفسنا منها :متى نشرت هذه الرسومات ؟ الم تقدم الصحيفة اعتذار رسميا عما نشرته ؟
الإجابة مطروحة في كافة وسائل الإعلام, وأمام محط أنظار الجميع ,وهى أن الصحيفة الدنمركية ( جيلاندس بوستن) قد نشرت في سبتمبر/ أيلول الماضي سلسلة من الرسوم الكاريكاتورية تم اتهامها بانها تسئ للإسلام . وعليه فقد سارعت الصحيفة بتقدم باعتذار إلى المسلمين. و هو ما تقبلته المنظمات الإسلامية في الدنمرك وأعلنت إنها مرتاحة للاعتذار الذي تقدمت به الصحيفة.
من الواضح إلى ألان أن الأمور كلها كانت تسير في حيز من العقلانية ,وطبقا لقواعد الحوار المتمدين الكفيل بإعطاء كل طرف حقه والوصول إلى صيغه تفاهم ترضي الجميع , ولكن ما الذي أعداد طرح هذا الموضوع وإثارته بلغة حمقاء ؟
وفقا لمتابعة الأحداث فان اجتماعا عقدته في وقت لاحق 27 منظمة لمسلمي الدنمارك وصف اعتذار الصحيفة بأنه "ملتبس" وقال "لم نحصل على بيان صريح يتضمن اعتذارا من الصحيفة". هذا الاجتماع المفاجئ والطارئ يثير لدى كل عاقل مجموعة من التساؤلات التقريرية وليست الاستفهامية مثل ما الذي جعل هذه المنظمات تجتمع بعد تسوية القضية لتعيد إثارتها من جديد ؟ أين كانت هذه المنظمات منذ البداية ؟ لماذا تسعى إلى إثارة مثل هذه القضية ألان بالتحديد؟ من الذي جمع هذه المنظمات ؟ هل مثل هذه الأمر المتعلق ببعض الرسوم الكاريكاتيرية هو حقا ما يمثل أولوية لها أم أن هناك قضايا أخر لها أولوية أكثر وعلى الرغم من ذلك لم تحفزها على التكتل للمطالبة بها ؟
ولنفرض أن هذه الصحيفة لم تقدم الاعتذار من الأساس ,فأني لا أتصور أن يأتي الاعتذار عبر المنطق الابتزازي القائم على القوة والهمجية التي ممارسته عوام المسلمين ضد مؤسسات الدول الاسكندنافية ,وأتساءل هل يرتقي عدم الاعتذار إلى مستوى القيام بحرق السفارات و الأعلام والتهديد بالقتل . هل يؤدي عدم الاعتذار إلى هذه الهمجية كما لنا أيضا أن نتساءل هل يمكن لهذه الفئات من المتظاهرين السوقة أن تتفهم معنى كلمة اعتذار ! . كيف ندافع عن قيام الدولة المدنية الحديثة القائمة على المسالة والعدالة و نحن نتمسك بالاعتذار بعيدا عن التحقيق ومعاقب المخطئ هل هذا لان جموع المسلمين تثق بان لا مخطئ في هذه الأحداث ؟. إن الاعتذار ليس حلا منطقي بالنسبة لأي طرف يرى أن لديه حق تم الاعتداء عليه ، فالحل الوحيد هو إدانة المخطئ ومعاقبة المخطئين، حتى لا تتكرر مثل هذه الأخطاء.

المرتكز الأساسي الذي يجب أن نضعه أمام أعينا كمعيار لتقيم الأوضاع هو هل مثل هذه التصرفات التي تم انتهاجها تخدم المصالح الحضارية للعرب والمسلمين وتعبر عن مواقفهم الثقافية حقا؟ ,هل مثل التداعيات التي نتجت عن هذه الغضب للكثير من العوام والسوقة بتحريض من جانب العديد من القوى المستفيدة يخدم حقا الموقف العربي ؟هل اقتحام مجموعة من المسلحين الفلسطينيين الملثمين لمقر الاتحاد الأوروبي في غزة مطالبين باعتذار الدنمارك والنرويج على خلفية نشر هذه الرسوم أمر مقبول ويخدم القضية الفلسطينية ؟ هل إعلان الصليب الأحمر الدنماركي سحب اثنين من موظفيه في غزة، بعد تلقيه تهديدات من كتائب شهداء الأقصى يعلي من كفة المطالبة الحقوقية الفلسطينية ويحفز الآخرين على مساعدتهم ؟ هل إعلان الميلشيا العراقية، لاستهدافها كل الأهداف الممكنة للدنمارك وكل الدول الأخرى التي تمضي على خطاها أمر يساعد العراقيين على تخطي محنتهم ؟ هل وصل الأمر حقا إلى حد سحب المملكة العربية السعودية لسفيرها من الدنمارك, و إغلاق ليبيا سفارتها في الدنمارك ,ومطالبة البرلمان المصري الحكومة إلى سحب سفيري القاهرة في الدنمارك والنرويج؟ هل تعمد سورية عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية سفارات الدنمارك والنرويج و شيلي والسويد من أعمال العنف، في ضوء توفر معلومات مسبقة لديها عن أعمال عنف مخطط تجاه هذه السفارات, يعد أمر يدفع بسوريا إلى تخطي محنتها الدولية و يعبئ التأييد الدولي لها أم ماذا ؟
ألا يكفي العرب الحصول على اعتذار من كوفي عنان باعتباره ممثل لأكبر مؤسسة دولية رسمية؟الم يقرؤوا ما أثاره رئيس الوزراء البولندي، كازميرس مارسيكيويتس، وانتقاده للصحيفة ؟الم يقرؤوا ما قاله فليمنج روز رئيس تحرير صحيفة جيلاندس بوستن "من أن "للدنمارك تاريخ في النكتة والدعابة، "ولا تستثني أحدا من الأسرة الملكية إلى المسيح عيسى عليه السلام، ونحن بنشر تلك الرسوم، نقول للجالية المسلمة في الدنمارك إننا نعاملهم كما نعامل غيرهم."؟
لماذا يشعر المسلمين بالخوف والإهانة دائما ؟ ما الذي يهدد تواجدهم الحضاري والثقافي ؟ لماذا يربطون بين الانتقاد الموجة إلى التيار الديني الإسلامي المتطرف والدين الإسلامي؟ لماذا لا يثور الأقباط بمثل هذه عندما يسمعون ويشاهدون أقصى ما تثيره الجماعات الدينية المتطرف من تعديات على الدين المسيحي ؟ ما الذي يجعل الأقباط يعالجون المواقف بنوع من العقلانية والهدوء؟ لا شك أن الأمر يتعلق بالموروث الحضاري والثقافي لدي الأقباط, فمركبات النقص التي يعاني منها المسلون على مختلف جنسياتهم لا تواجد لها أسس في منظومة الحياة المسيحية التي تشبع بقبول الأخر واحترامه والقدرة الحضارية المتمدينة على التعبير عن النفس وخدمة المجتمع والحفاظ على وحدته وإعلاء قيم الديمقراطية والإخاء والمساواة والحرية والعدالة .
وحتى لا يتحول الموضع إلى لماذا يفعل هكذا دائما المسلمون ولا يفعل كذلك المسيحيون , فاني لا انتقد التيارات الدينية الإسلامية المتطرف فقط باعتبارها العنصر الأساسي في إثارة مثل هذه الأحداث ,ولكن أشير إلى أنة لابد من توجيه انتقادات عنيفة لموقف جميع القوى المثقفة التي عجزت عن لعب أي دور في تهدئة واحتواء الأزمة, وأثرت أطلاق التبريرات المضاد ة والثأرية, القائمة على المنطق المغلوط . ولابد من توجيه كلمة شكر لموقف الرئيس الأفغاني حامد كرزاي التي أعرب عنها عقب محادثات التي أجراها مع رئيس الوزراء الدنماركي انديرز فوج راسمسن في كوبنهاجان، حينما عرب إن ما قامت به صحيفة دنماركية بنشرها صورا مسيئة للنبي محمد خطأ، ولكن الإيضاحات التي قدمها (راسمسن) مرضية للغاية للمسلمين، كما أن الصحيفة صححت خطأها بالاعتذار و إن حرية الصحافة أمر لا يمكن للنظام السياسي السيطرة عليه".


سامي سعد عزيز – باحث سياسي



#سامي_سعد_عزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكر الديني بين إرادة التنمية و نزعات الاستقصاء
- مظاهرات الإسكندرية هي حلقة في مسلسل لعبة الدين والسياسة


المزيد.....




- إبادة جماعية على الطريقة اليهودية
- المبادرة المصرية تحمِّل الجهات الأمنية مسؤولية الاعتداءات ال ...
- الجزائر.. اليوم المريمي الإسلامي المسيحي
- يهود متشددون يفحصون حطام صاروخ أرض-أرض إيراني
- “متع أطفالك ونمي أفكارهم” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ب ...
- لولو يا لولو ” اظبطي تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد ...
- أمين عام -الجماعة الإسلامية- في لبنان: غزة لن تبقى وحدها توا ...
- وزيرة الداخلية الألمانية: الخطوط الحمراء واضحة.. لا دعاية لد ...
- لجنة وزارية عربية إسلامية تشدد على فرض عقوبات فاعلة على إسرا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامي سعد عزيز - رسوم كاريكاتيرية فوضوية تثير البدوية الثقافية والنزعات الانتقامية