أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - هيثم بسما - لست محامياً عن العلويين وأتمنى زوال نظام الأسد اليوم، ولكن















المزيد.....

لست محامياً عن العلويين وأتمنى زوال نظام الأسد اليوم، ولكن


هيثم بسما

الحوار المتمدن-العدد: 1127 - 2005 / 3 / 4 - 10:13
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


من يقرأ كتابات العديد من أصحاب الميول الدينية الإسلامية المهجّرين والمبعدين عن سوريا منذ زمن يلاحظ أن خطابهم عن السلطة السورية وعلاقة هذه السلطة بالنسج الاجتماعية والدينية في سوريا يتصف بالعموميات وابتعاده عن الواقع حين ينزع ذلك الخطاب إلى تحميل العلويين، كل العلويين، ما ترتكبه الطغمة الحاكمة في دمشق.

أتفهم غضب واحتقان كل من عانى من السلطة القمعية في سوريا إلى درجة أصبح معها يخلط ما بين العلوي المتزاوج مع السلطة ورابط مصيره بمصيرها وله تاريخ دموي وبين العلوي الآخر الذي سجنته السلطة لسنوات طويلة وأخرجته محروماً من كافة الحقوق وهو يصرخ أينما وحيثما أتيح له ويناشد حتى عبر الانترنت من يستطع مساعدته في إيجاد أي عمل يمكّنه من كسب لقمة العيش له ولعائلته (مع العلم أن الفئة الأخيرة تتمتع بالكفاءة العلمية العالية). ما يحز في النفس حقاً هو أن يقرأ ويسمع العلوي الذي عانى الكثير على يد النظام الحاكم في دمشق الشتائم بتهمة أنه يمثل النظام الطاغي لمجرد كونه ولد في منطقة "علوية" التصنيف. وأعود لأكرر أنه قد يجد واحدنا المبررات لمن يشتم على اعتبار من أن استيعابه لما يجري ليس بالعمق الكافي ليميز بين ليس كل علوي جلاد وأن العلوي أيضاً ضحية.

لكنّ ما يستوقفني حقاً هو قراءة المعادلة التي تساوي ما بين العلوي والسلطة في كتابات العديد من المتعلمين وأصحاب الشهادات. فعلى سبيل المثال وليس الحصر، وفي مقال نشره موقع الرأي التابع للحزب الشيوعي السوري (المكتب السياسي) وأعيد نشره في جريدة (القدس العربي بتاريخ 22 شباط 2005) وتحت عنوان "حتى لا تضيع سورية إلى الأبد"، كتب عبد الحميد حاج خضر، الباحث في الدراسات الإسلامية: "الكرة الآن في ملعب الطائفة العلوية التي غررت السلطة بها وزرعت بها أوهام وخرافة الاستهداف من قبل الغالبية، وجعلهتا شريكة لجرائم .....لابد من تحرك اللاذقية وطرطوس وجبلة أولاً كعربون علي تبرؤ الطائفة من الممارسات الاستبدادية التي ارتكبها النظام باسم الطائفة والحزب." وكذلك، وتحت عنوان: "سورية والمستنقع اللبناني" نشرت صحيفة القدس العربي بتاريخ 3 آذار 2005 مقالاً للدكتور محمد عجلاني يخلص فيه إلى نصح النظام السوري قائلاً: "وعلي الحكم الحالي في سورية ان يعيد النظر في علاقة السلطة بالشعب وفي علاقة الطائفة العلوية بالاكثرية السنية...".

بغض النظر عما نلاحظه من افتقار هذه الكتابات للدقة إذ أن تقسيم المدن والمناطق طائفياً مثل اعتبار طرطوس وجبلة واللاذقية مناطق علوية صرفة لا يتطابق مع الواقع، أو الدعوى لتصحيح "علاقة الطائفية العلوية بالأكثرية السنية" فإن ما يميز هذه الكتابات هو سذاجتها في قراءة ما يجري في سورية. ففهم هؤلاء للأمور لا يستند إلى القراءة السياسية والاجتماعية للواقع السوري وإنما ينطلق من آلية الفهم العام للمرء على أساس من انتمائه الديني. دعوة عبد الحميد حاج خضر للعلويين لثورتهم على النظام تحمل الخطأ الفادح لأن العلويين ليسوا هم من يحكمون وإنما من يحكم هو أجهزة سلطوية لم تستمد حكمها من طائفة معينة أو من تشريع معين، إن من يحكم عائلة الأسد وأقاربهم والمقربين منهم إضافة إلى حلفائهم التجار... ولمن لا يعرف هوية التجار الدينية نقول إن غالبيتهم ليسوا من العلويين. ماذا لو أن أحد العلويين المتضررين من النظام السوري طالب الأستاذ الحاج خضر بإعلان براءته من نفس النظام وتحديداً من آل طلاس، آل خدام، آل مشارقة، وغيرهم وغيرهم!؟ وماذا يقول الأستاذ الحاج خضر والدكتور عجلاني عن المخبرين السنة الذين يقدمون تقاريرهم (طواعية حيناً ونتيجة ضعف نفسي أحياناً أخرى) عن أبناء أحيائهم الفقراء في دمشق وحلب وغيرها من المدن اسورية!؟ أوليسوا بنفس الأذى الذي يتسبب به المخبر العلوي أو المسيحي!؟ في كل الأحوال، يبدو أن المسألة تتوقف على ماهية استعدادنا للنظر إلى الأمور وفهمها، فيمكننا أن نصنف أسماء الأخرس، مثلاً، على أنها زوجة العلوي أو السنية ابنة السني، وفي نفس الوقت يمكننا فهمها ابنة البعثي الانتهازي الدكتور الأخرس الذي أراد تحقيق مصلحة من زواج ابنته من الديكتاتور (ووارث لديكتاتور)! أيهما الأدق تحليلاً؟

يبدو أنه من الضروري إعادة ما قيل مراراً وتكراراً حتى الآن من أن الطائفة العلوية ليست متجانسة لا دينياً ولا سياسياً ومن الخطأ النظر لكل علوي على أنه إما مخابرات أو شقيق، أو أب أو ابن لأحد عناصر المخابرات أو أن هناك خط هاتفي مباشر بينه وبين بشار الأسد (أو قبله مع حافظ الأسد) أ و أنه في أي لحظة يرفس باب القصر الجمهوري ويدخل ليملي ويصدر الأوامر من هناك باعتقال فلان وذبح فلان وصرف مكافأة مالية له. ما يجب أن يعرفه الكثيرون هو أن هناك أيضاً العلوي الذي يخاف إن بلي قميصه لأنه لا يستطيع شراء آخر، ومنهم من ينتظر رحمة السماء كيلا تفسد مزروعات هذا العام والذي في أحسن الأمور لا تكفيه لسد رمقه.... ما يجب أن يعرفه من هو بعيد عن الواقع السوري هو أن العلوي المتضرر من السلطة يتضاعف ضرره عندما يريد حاجة ما في دائرة يتحكم بها من لهم مشكلة مع النظام السوري، فيعتبرونها فرصة للانتقام من كل العلويين، مع العلم أنهم يتراكضون للخدمة عندما يأتي علوي سلطوي إليهم خوفاً من أذاه، يفعلون ذلك دون أن يشعروا بصغرهم عندما يخافون من العلوي الذي يعض وينتقمون، بلا مبرر، من العلوي الذي يرزح مثلهم تحت نير الاستبداد السلطوي، العلوي الذي يحمل ما فيه الكفاية من الهموم والمعاناة من نفس النظام الذي آذى الجميع ويريدون الانتقام منه. باختصار شديد، يجب التمييز بين العلوي المتسلط والعلوي المتأذي من السلطة. الطائفة العلوية هي أول وأكبر المتضررين من هذا النظام. العلويون، في غالبيتهم، علمانيون وينظرون أن الدين لله والوطن للجميع. يجب الأخذ بعين الاعتبار أن صفة التسلط لا تنبع من تعاليم دينية... وحبذا لو كان الموقف من البشر هو على أساس موقفهم من السلطة وليس على أساس انتمائهم الديني أو مكان ولادتهم الجغرافي. ومن يتبع خلاف ذلك فإنه يسير وفقاً لما عمل عليه حافظ الأسد الذي أراد إرغام الطائفة العلوية على ربط مصيرها بمصيره. لا تقعوا في هذا الخطأ ولا تنساقوا بخطوات لا تدركون عواقبها على البلد مستقبلاً ، والأفضل لمن يتكلم وكأن الطائفة العلوية وراء كل ما حصل لسوريا أن يغير من لغته ليفصل ويحدد عدوه في السلطة غير شرعية بكامل طاقمها. لا تطيلوا في عمر هذا النظام، ولا تجعلوا العلوي العلماني الذي يندب الساعة التي حل بها البعث والأسد في السلطة أن يتساءل مرغماً بعد هذه السنين فيما إذا كان حافظ الأسد على صواب عندما أراد للطائفة العلوية أن تفهم تلازم مصيرها بمصيره، بل الأفضل هو تركيز على السلطة القمعية وليس على الطائفة العلوية والبحث عما هو مشترك بين جميع السوريين.

العلويون العلمانيون والبعيدون عن السلطة لا يحتاجون لإعلان براءتهم من النظام السوري لأنهم ليسوا منه ولا به في الأساس، تعالوا لنكرر ما يطلبه عبد الحميد حاج خضر ومحمد عجلاني من العلويين ونطلب نفس الطلبات من الدكتور عارف دليلة الذي يسجنه النظام السوري. ما رأيكم لو طلبنا من عارف دليلة قائلين له آن الأوان لتثبت حسن نيتك بإعلان براءتك من النظام السوري؟ أو ماذا لو قلنا له آن لك كعلوي من الأقلية أن تتصالح أن تتصالح مع الأكثرية السنة...! كيف سيبدو هذا الطلب من العلوي الذي يقبع في الزنزانة منذ سنوات؟ كيف ستبدو مثل هذه الأسئلة والطلبات إذا ما طلبناها من الأعداد التي لا تحصى من أمثال دليلة والذين لحق بهم من النظام السوري الأذى الذي لا يعوضه شيء في الدنيا!؟

عندما أقرأ ما يصرح به أو يكتبه الأستاذ أبو أنس البيانوني أو الأستاذ الطاهر ابراهيم أو الأستاذ محمد الحسناوي فإنني أقول أن ما يجمعني بهؤلاء هو الكثير، حسهم الوطني العالي وشعورهم العالي بالمسؤولية، ناهيك عن معاناتنا المشتركة مع النظام. ولكن عندما أقرأ كتابات الآخرين أشعر بالقلق ليس لأنني أخاف كوني ولدت في منطقة علوية التصنيف (ومن يعرفني يدرك كم عانيت من السلطة القذرة وأجهزتها حيث لم يحصنني مكان ولادتي العلوي جغرافياً ضد أذى السلطة) ، بل لأنني أعتقد أن تكرار مثل هذه الأصوات العفوية وردات الفعل لا تخدم البلد حقاً، هذا إن لم تكن تخدم في تنفيذ ما أراده في الأساس حافظ الأسد، أعرف أن هؤلاء أصابهم أذى النظام مثلما أصابني ولكن الفرق بيني وبينهم أنني أعرف من ألوم وأحدد من هو عدوي، ولا يمكنني أن أقول أن مشكلتي مع العلوي لأنني لايمكن أن أظلم نفسي.



#هيثم_بسما (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غوغائية بعثية سورية في سطور
- حافظ الأسد يظهر في القمر مرتدياً نظاراته الشمسية
- ملاحظات تستحق النشر عن كراهية السيد الرئيس بشار للدكتور عارف ...
- رئيسنا أراد إيجاد قاعدة شعبية له بالقوة بين العلويين


المزيد.....




- الخرطوم تطالب بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث -عدوان الإمار ...
- استمرار الاحتجاجات في جامعات أوروبا تضامنًا مع الفلسطينيين ف ...
- الرئيس الإيراني: عقيدتنا تمنعنا من حيازة السلاح النووي لا ال ...
- مظاهرة ضد خطة الحكومة لتمديد استخدام محطة -مانشان- للطاقة ال ...
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة خسائر القوات الأوكرانية خلال أسبوع ...
- أطباء المستشفى الميداني الإماراتي في غزة يستأصلون ورما وزنه ...
- مجلس أميركي من أجل استخدام -آمن وسليم- للذكاء الاصطناعي
- جبهة الخلاص تدين -التطورات الخطيرة- في قضية التآمر على أمن ا ...
- الاستخبارات الأميركية -ترجح- أن بوتين لم يأمر بقتل نافالني-ب ...
- روسيا وأوكرانيا.. قصف متبادل بالمسيرات والصواريخ يستهدف منشآ ...


المزيد.....

- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح
- حزب العمل الشيوعي في سوريا: تاريخ سياسي حافل (1 من 2) / جوزيف ضاهر
- بوصلة الصراع في سورية السلطة- الشارع- المعارضة القسم الأول / محمد شيخ أحمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - هيثم بسما - لست محامياً عن العلويين وأتمنى زوال نظام الأسد اليوم، ولكن