أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر عبد زيد - الحلم العراقي القديم














المزيد.....

الحلم العراقي القديم


عامر عبد زيد

الحوار المتمدن-العدد: 3878 - 2012 / 10 / 12 - 00:17
المحور: الادب والفن
    


عجبت لهذا الأنات والصبر لذلك العراقي القديم الذي استطاع إن يهبط من كهفه ليبني أجمل حلم على الأرض ويخط مخاوفه على وجه التاريخ ليصنع منها دينا وثقافة تشكل مجتمعه تلك الحضارة التي جعلت من أحلامها ومن همومها أحكاما لا متناهية وأديان للآخرين .

كانت خطوة جريئة يوم ترك الكهف ليبني في ذهنه عنه جنة بهيجة ،وليحول خوفه المشبع بعذابات النفس وأوهامها التي لم تكن تستطيع إن تفرق يومها بين الحيوان خارج الكهف وبين صورته على الجدران رغم انه كان يتخذ من الصورة صلة للصيد الحي000وانه ،حينما كان يرميها (أي الصور) كان يتخيل انه سوف يصيدها في الخارج .
وعندما نزل من كهفه لم يفارق هذه اللعبة كثيرا ،فكان يتخذ من مفرداته أسماء للحيوانات ،فيجعل من نفسه خالقا لها عندما يرسم لها صورة لفظية أو يجعلها مشابهة له عندما يجعلها تتناسل مثلما يتناسل هو فيشخص كل الأشياء ويغدو هو رهين ذلك الحلم الذي كان سلاحه الوحيد في مواجهة تلك الطبيعة الرهيبة التي كثيرا ما جعلت من أحلامه بقايا أثرية. يبحث بها المنقبون عن سر الحياة الأولى.
انه عندما هبط من كهفه لم يخش زمجرة الريح لأنه أصر إن يخلع عن نفسه حياة الحيوان ليغوص في خلق أحلامه وأوهامه ورموزه التي سوف تشكل ثقافته التي ميزته عن طبيعة الكائنات الأخرى . رغم جرأة الفعل ونتائجه غير المحمودة العواقب ، لأنها لحظات البداية .هذا ما نستشفه عبر النص المنغرس في لحمة الطين الجاف ما زال يردد تلك الآهات والأحلام رموزا متشظية لأحلام ومخاوف ورغبات مارس معها الزمان والمكان لعبة التعري حتى أصبحت تلال مهجورة لا تثير أحدا عبر آلاف السنين سوى السراق القدامى والمحدثين أو مجرد طبعة تحت مني النهر الغريني الذي ذهب بكل الأحلام يوم عربد فأغرق ما كان قد بني هناك ليتحول إلى مجرد طبقات من حضارة وأحلام تهاوت ، لكن سرعان ما يأتي آخرون ليقدموا بدورهم طبقة جديدة على الطبقة القديمة . هكذا تظهر حفريات المعرفة اليوم تلك المراحل ـ لأحلام جديدة على ضفة (أنكي) الجميل الغريزي الخالق على جسد الأرض حقائقه او هكذا أتاحت تلك الطبيعة الجميلة "حيث تلك السهول الفسيحة والسماء الشديدة الزرقة التي ما كانت تشوبها سحب أو تكدرها غيوم ، بينما النجوم تتلألأ فيها "( )
هكذا تجلت تلك الحقيقة في تلك الحقب. ، في أماكن عديدة كانت بمثابة أول الأحلام التي عصفت بها الريح في خضم تراجيديا رهيبة تجعل منها مجرد نصوص أثرية ـ أحلام ظهرت بأشكال هندسية على جدران الفخاريات أو نصوص خطتها أنامل الكهنة( )
فإن المتأمل في تلك البيئة وتلك النصوص يدرك إنها لم تصل إلى هذه المرحلة الكتابية إلا بعد الكثير من التعديلات والإضافات التي تستجيب للتغيرات الاجتماعية والاقتصادية يومها ، وهذا يظهر واضحا من خلال الحفريات في تلك النصوص والمخلفات السابقة من نقوش الفخاريات التي تعكس فعلا طقسيا .
فهناك تأويلات كثيرة متباينة المرجعيات تحاول إن ترسم مشهد البداية بإسقاطات إيديولوجية وعقائدية ،تدخل في مجال إحياء التراث من خلال بناء الذاكرة الجمعية ذات الأفق الوطني أو الكوني ، حيث هناك افتراضات تشير إلى حدث البدايات يشيع الافتراض بأنه في (مناسبة معينة من ألازمان قبل التاريخية ، كانت الأفكار الميثولوجية الأساسية قد "ابتدعت" من قبل فيلسوف عجوز نابه أو نبي ، ومنذ ذلك الوقت "آمن" بها أناس سذّج وضعيفوا الإدراك ،لقد قيل بأن القصص التي يرويها كهنوت ينشد السلطة ليست صحيحة ) إن الملاحظ إن الإنسان العراقي القديم لم يكن يدرك الجانب النظري من رموزه ، وفي هذا يقول فاوست في مسرحية غوتة بذكاء شديد:(في البدء كان العمل) ويعلق يونغ ان ( الأعمال ) لم تبتدع قط كانت ، تفعل أما الافكار ، فهي اكتشاف متأخر نسبيا للإنسان، ويقول يونغ: الحقيقة هي ان البشر في الازمان السابقة لم يفكروا في رموزهم ، انهم قد غاشوها وكان معناها ينشطهم بلا وعي.
أذا كان للرموز وظيفة فهي الدافع الذي يعين ويجعل الإنسان قادرا على المواجهة ، ومن هنا فالنصوص التي ظهرت تشكل مرحلة نضج، اما القراءة فهي من جانب مؤرخي الأفكار وهم الذين يحاولون دراسة مراحل ظهور الرموز والبنية المعرفية التي أنتجتها والظروف التي ساهمت في ذلك أي هي مهمة القارئ الذي يبحث عن المعنى وهذه السطور مساهمة في جهود القراءة فأننا نلمس في الحفريات المعرفية الاثارية التي ظهرت باحثة عن مراحل تكون الفكر العراقي والإنساني القديمين والتي وجدتها تتمفصل إلى ما قبل التأريخ وما بعده .
والتي تعد محاولاتها الحضارية ناضجة وفي نفس الوقت تعد مدوناتها من أقدم المدونات التي تناولت مسائل وجودية:" كالحياة والموت ، وخلق الكون والإنسان ، والخير والشر ، والثواب والعقاب "( ) .كانت تلك المدونات قد عكست قلق الإنسان الوجودي إذ الإنسان قبل " هو كائن قلق الحس ، يبحث عن ملجأ يأتمن إليه "( ).
إلا أنها أيضا جاءت انعكاس لمنظومة سياسية اعتقاديه ، حاولنا أن نعالج المخيال السياسي من خلال بابين الأول منهما تناولنا الإطار النظري وفيه تناولنا فصلين جاء الأول منهما يحوي مبحثان حيث كنا في الأول منهما نحاول التأصيل لمفهوم المخيال وتداخلات المعاني بين حقول مختلفة ثم جاء الفصل الثاني وقد تناولنا آليات التخيل وهي تنقسم إلى السرد التخيلي ومقولتا الزمان والمكان التخيليان ، فيما جاء الباب الثاني موزع على ثلاث حقب توزعت على مفاهيم القرية والمدينة والاقليم اذ تعاملنا هنا مع هذه المسألة من خلال دراسة المهيمنات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فوجدنا القرية بوصفها مهيمنة لما فيها من روابط شكلت بؤرة الظاهرة الدينية والمجتمع قبل الدولة وملامح الانقسام داخل ذلك المجتمع القروي ، ثم كانت المدينة بؤرة الحدث السياسي وما أصاب المجتمع من تغيير وتبدل وظهور المهن والمعادن وظهور الحاكم السياسي ، ثم تطور الوحدة السياسية والوحدة الدينية التي علت على المدينة في ظل مدينة كونية / الإقليمية، فكانت هي المهيمنة .



#عامر_عبد_زيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في كتاب قراءات في الخطاب الهرمنيوطيقي للدكتور عامر عبد ...
- أطياف مدني صالح
- اشكالية النهضة ج1 -من كتاب اشكالية المثقف -
- اشكالية النهضة ج2
- الحضارات صراع أم حوار
- التأويل اللاهوتي لتاريخ عند أوغسطين
- نظرية المعرفة
- إشكالية الخطاب الإعلامي والتحول الديمقراطي العربي
- من اجل إحياء العقلانية العراقية الغائبة
- آراء أهل المدينة الفاضلة
- رهانات الحداثة الإسلامية
- التأويل والريبة عند ماركس
- مفهوم الهوية وقبول الأخر
- مقاربة في رواية -الحنين إلى ينابيع الحب -
- تحولات -بروتيوس-(*)
- مجلة قراطيس
- رهان الهوية واليات التعايش في العراق الجديد
- جدلية المثقف والسلطة في الخطاب السياسي عند فلاسفة الإسلام
- مقاربه في المنهج
- إمام الصمت والاستقطاب الطائفي ماذا يحدث في اليمن ؟


المزيد.....




- محمد سعيد المرتجي: هذه أسباب وفرة البحوث الفرنسية عن الفن ال ...
- كتاب -جرائم وعلوم جنائية- للخبير العلواني وخبرة 30 عاما بمسر ...
- حفلات تايلور سويفت تتسبب في -هزات أرضية- في إدنبرة
- حفل موسيقي لعازف الجاز التونسي ظافر يوسف في حديقة الأرميتاج ...
- -مستشفى الشفاء: جرائم مدفونة-.. شهادات الناجين في فيلم للجزي ...
- أوسكار فخري ينتظر منتجي سلسلة أفلام جيمس بوند
- -مستشفى الشفاء: جرائم مدفونة-.. شهادات الناجين في فيلم للجزي ...
- الرحالة المسلم الذي تفوق على -ماركو بولو- وروى الأعاجيب عن ا ...
- فيلم -كبش فداء-.. تكريم لأصحاب مهنة توشك على الاندثار وتجربة ...
- إغناسيو ألفاريز أوسوريو: الحرب على غزة صراع استعماري وإسرائي ...


المزيد.....

- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر عبد زيد - الحلم العراقي القديم