|
امرأة في سوق الخردة
ابتهال محمود
الحوار المتمدن-العدد: 3876 - 2012 / 10 / 10 - 11:46
المحور:
كتابات ساخرة
كان يجلس إلى جوار والدته، يبادلها الحديث عن أخته الصغرى التي تزوجت منذ شهور قليلة و سرعان ما بدأت علامات الفشل تظهر بوضوح على زواجها.
كانا يحاولان إيجاد حل للمشكلة بينما هي لم تكن موجودة. و كان حديثهما يدور حول إيجاد شخص مناسب لها بعد أن تقوم بتطليق زوجها الحالي – أو بعد أن يرغمانها على ذلك.
و بعد ذكر الكثير من الأسماء، و بعد أن فشلا في تسمية عريس جديد مناسب لها، اختتم الأخ كلامه بعبارة قائلا: "يا أمي، اللي بيشتري سيارة جديدة مش زي اللي بيشتري سيارة مستعملة."
كنت أجلس على مقربة منهما، و هالني ما سمعت. كنت وقتها في الرابعة عشرة من عمري، و لكنني كنت أعي تماما ما يدور حولي.
بقيت كلمتا "السيارة" و "يشتري" تطوفان في رأسي، كمثل شخص تلقى ضربة قوية على الرأس و أحس بطنين مستمر لساعات من قوة الضربة. إذاً، عندما أتزوج أنا، أكون قد بعت نفسي لمالكي الجديد، و إذا لم يعجبه ركوبي، فسأضطر إلى إيجاد من يرضى بركوب سيارة مستعملة.
و مرت السنوات، إلى أن قمت مؤخراً بقراءة مقال صحفي عن قيادة المرأة للسيارة في السعودية، و سبب رفض المجتمع السعودي لذلك، ألا و هو أن المرأة عندما تقود السيارة فإن ذلك سيقودها إلى ممارسة الرذيلة!
كم هو عجيب هذا الربط بين قيادة السيارة، و بين المرأة التي هي في حد ذاتها مثلها مثل السيارة التي يركبها الرجل الأول و يستمتع بركوبها جديدة، ثم إن حدث و تخلى عنها فعليها أن تعرض نفسها للبيع في سوق الخردة.
اطلعت على تعليقات القرّاء على ذلك المقال، و استوقفني تعليق أحدهم بأن قيادة المرأة للسيارة ستجعل من الصعب على الرجال إيجاد زوجات عذراوات! سأل آخر: "هل تعني بأنك لن تحب زوجتك إن لم تكن عذراء؟" فأجابه الأول: "يبدو أنك معتاد على اقتناء السيارات المستعملة! إن للسيارة الجديدة رائحة خاصة و شعور ركوبها لا يضاهى..."
و عاد بي هذا التعليق إلى ما سمعته في طفولتي بأن المرأة سيارة، و أن الجديدة ليست كالمستعملة.
فإذن، أهم ما في مؤسسة الزواج هو العذرية، و كل ما يتعدى ذلك من توافق فكري و اجتماعي لا يهم ما دامت المرأة قد حافظت على عذريتها ولم تجعل من نفسها "سيارة مستعملة" خوفاً من أن تبخس "ثمنها".
هنيئاً للرجل الشرقي على هذه العقلية! و كل أمنياتي بالتوفيق للمرأة السيارة التي تبحث عن مالك! و ما أتعس تلك السيارة المستعملة التي عليها أن ترضى بالقليل مقارنة مع الأخريات الجديدات غير المستعملات.
#ابتهال_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكايات شرف و عار
-
الإصلاحات النسائية محور تدور حوله الثورات العربية
المزيد.....
-
بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ
...
-
مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
-
روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
-
“بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا
...
-
خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر
...
-
الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا
...
-
الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور-
...
-
الإسكندرية تستعيد مجدها التليد
-
على الهواء.. فنانة مصرية شهيرة توجه نداء استغاثة لرئاسة مجلس
...
-
الشاعر ومترجمه.. من يعبر عن ذات الآخر؟
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|