|
إساءة للرسول أم مدخل للسيطرة على الشعوب العربية
عبد العاطي اربيعة
الحوار المتمدن-العدد: 3849 - 2012 / 9 / 13 - 06:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إن الإنتفاضات التي عاشها العالم العربي (الربيع العربي)-و بعد فشل الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية حليفة الإمبريالية الأمريكية في الوفاء بوعودها أو بعبارة أخرى بعد وضوح تبعيتها و عمالتها للصهيونية عبر المدخل الوهابي الدي تقوده إمارات و ممالك البترودولار (قطر و السعودية)- بدأت تخلق وعيا سياسيا يسير عكس أجندة الإمبريالية و معها عميلتها الرجعية.
هذا الوعي الذي بدأ يتأسس دفع بالجماهير الشعبية إلى العودة للشارع من جديد بغية تحقيق الأهداف التي خرجت من اجلها الجماهير في إنتفاضاتها ضد الدكتاتوريات التي لا طالما خدمت أجندات الإستعمار بمختلف أشكاله المباشر (إحتلال العراق إنطلاقا من القواعد المتواجدة ببعض الدول العربية). إن الولايات المتحدة الأمريكية لم تكن لتتخلى عن مصالحها بهذه المنطقة بعد سقوط هذه الدكتاتوريات فهل تتخلى عنها الآن بعدما ثبتت أقدامها من جديد؟ و ما هو سبيلها إلى ذلك؟
طبعا لا، و السبيل إلى ذلك يكمن في:
1) أولا إعطاء الشرعية لحليفتها الرجعية أي الأحزاب التي تعتمد على الإسلام السياسي كمرجعية، من خلال تهييح الوازع الديني داخل مجتمعاتنا و إستغلال هذا التهييج من طرف بعض الجماعات المتطرفة لكي تظهر بمظهر المدافع عن الدين ولو باللجوء إلى أبشع الوسائل (القتل). و هنا أطرح سؤالا هل قتل العامل بالقنصلية الأمريكية ببنغازي جهادا؟؟؟ لا و ألف لا، بل هو قتل نفس بغير حق. لأنه غير مسؤول عن الفلم المسيء لشخص الرسول بل هو مجرد قائم بالأعمال نتيجة معاهدة متراض عليها بين الطرفين. علما بان قتل المعاهد المهادن محرم في الإسلام، مما يقودنا للإستنتاج بأن قتله لم يكن هدفه الدفاع عن رسول الإسلام بل هو شيء آخر.
2) ثانيا الدخول المباشر: من خلال بعث فرق عسكرية إلى البلدان التي ستقوم بها بعض الجماعات المتطرفة برد فعل عنيف إتجاه مواطني الولايات المتحدة بحجة حماية مواطنيها كما وقع في ليبيا من خلال إرسال فرقة للمارينز إلى ترابها. ولكي تتوضح الصورة أكثر لا بد أن نطرح سؤالا جوهريا. لماذا كان رد الفعل العنيف هذا في ليبيا فقط؟ و هل هذا يعني أن الشعب الليبي أكثر دفاعا عن الإسلام و مقدساته من الشعوب الأخرى؟ إننا إذا قمنا بتحليل ملموس بسيط و باستحضار بعض المعطيات سنتوصل إلى ما يجب الوصول إليه، و خصوصا إذا أخدنا بعين الإعتبار أن ليبيا وحدها التي لم تعرف صعود الإسلاميين من بين الدول التي عرفت الإنتفاضات التي تحدثنا عنها سابقا. إذا فكان لا بد ان تلعب هذه الجماعات دورها في إتمام التمثيلية التي بدأتها الولايات المتحدة بفلمها المسيء للإسلام، و الذي يعتبر ضربا للقيم الإنسانية المبنية على إحترام الآخر، هذا الإحترام الذي لايمكن ان نتصوره بدون إحترام حريته في الإعتقاد و بالتالي إحترام مقدساته. وبالتالي فإن دفاعنا عن حرية المعتقد هذه لا يجب أن تجعلنا نسقط في الشرك الذي نصبته الإمبريالية و حلفائها الرجعيين. و نقدم أوطاننا على طبق من ذهب للإستعمار المباشر عوض عن جلاء الإستعمار الغير المباشر.
إن الإمبريالية تريد أن تحول الصراع من صراع إقتصادي محض ضد الإستغلال الدي تمارسه على ضعوب العالم، إلى ضراع ديني عرقي طائفي. خصوصا بعد إشتداد أزمتها الإقتصادية، التي دفعت بعمال العالم إلى الخروج في إحتجاجات يزداد زخمها يوما بعد آخر. بحيث التحقت الطبقة العاملة بإيطاليا إلى احتلال الشوارع سيرا على نهج نظيراتها بجنوب إفريقيا، اليونان، إسبانيا...
إننا اليوم كماركسيين يجب علينا أن نكون أكثر وعيا بما تتطلبه هذه المرحلة، التي تشتد فيها أزمة الرأسمالية و يتراكم فيها الوعي الطبقي و يزداد معها الزخم النضالي. إننا يجب أن نكون في طليعة الجماهير مدافعين عن حقوقها الثقافية و السياسية و خصوصا الإقتصادية، فلا يجب علينا أن نعطيها فرصة لحل مشاكلها على أجساد الضعفاء و المقهورين. بل يجب أن نراكم الوعي و النضال المناسبين الكفيلين بتأزيمها أكثر فأكثر، ليبزغ فجر ثورتنا العمالية في أقرب الآجال
و من هنا فإن هذا لا يعني بأنه لايجب الرد على هذه الإساءة، و لكن يجب ان يكون الرد سلميا معقولا بعيدا عن الإنجراف وراء العواطف، التي يلعب عليها اعداء أوطاننا الذين لا يريدون سوى المحافطة على مصالهم الخاصة المتمثلة في إستغلال خيرات شعوبنا. يجب الرد ردا واعيا كفيلا بتجنيب بلداننا الخطط التي يرسمها أعداؤها سواء من الداخل أو الخارج، و يعطي للكادحين فرصة لمراكمة وعيهم و نضالهم.
إذن من ها يتبين بأن الهدف من خلال الفلم المسيء لرسول الإسلام لم يكن الهدف منه الإساءة إليه فقط بل الهدف هو خلق رد فعل عنيف يتيح لمراكز الإمبريالية السيطرة أكثر فأكثر على الشعوب العربية، و بالتالي تفويت أي فرصة على الشعوب لكي تنهض من جديد لإتمام ثوراته.
#عبد_العاطي_اربيعة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رد على مقال :- رد على-حركة 20 فبرايرإلى أين-لصاحبه اليزيد ال
...
-
أخلاقهم الفاسدة وأخلاقنا الخالدة
-
لن تنهزمي يا قدس
-
أسباب تبدد التراكم النضالي
-
ضرورة احداث الجبهة العمالية لتوحيد الصفوف الثورية
-
قصيدة شعرية
-
لن اموت الا من أجلك وطني
المزيد.....
-
نرجس محمدي: لماذا تتنازل طهران؟
-
الكمين الثالث -انتصارا لدماء السنوار-.. -القسام- تعرض مشاهد
...
-
طهران.. انتقادات للدور التركي في سوريا
-
مواصي خان يونس.. مجزرة جديدة
-
لافروف يحذر من إرسال قوات إلى أوكرانيا
-
بعد حلب وحماة.. هل تتجه سوريا للتقسيم؟
-
مع اقتراب عيد رأس السنة.. بوتين يتعهد بتحقيق أمنيات ثلاثة أط
...
-
-كتائب القسام- تعلن استهداف قوة إسرائيلية راجلة جنوب غزة
-
ماكرون: سأقوم بواجباتي كرئيس حتى نهاية ولايتي في 2027
-
حميميم: الجيش السوري مدعوما بالقوات الجوية الروسية يصفي نحو
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|