أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عمار مها حسامو - تاء التأنيث اللاساكنة(1)















المزيد.....


تاء التأنيث اللاساكنة(1)


عمار مها حسامو

الحوار المتمدن-العدد: 3847 - 2012 / 9 / 11 - 07:15
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


جالسة في غرفتها الصغيرة ، تلاعب دميتها ، تحاكي دميتها بحياتها و الحياة المحيطة بها فتتبادل معها الأحاديث الطفوليّة و ترتب لها شعرها الإصطناعي ، تخيط لها الملابس و تغيّر لها ملابسها مع تغير الوقت و الظرف الذي تتخيله ، بدلة النوم لوقت النوم و بدلة الخروج من أجل زيارة دمية صديقتها ، وهناك وقتاً للاستحمام أيضاً .
دخلت أمها مسرعة أمسكت دميتها الصغيرة رمتها بعيداً عن يدي طفلتها و أبدلتها بمجموعة من الأمشاط بعد أن أجبرتها على الشعر الطويل و حقيبة تحوي على عدّة التبرج من أحمر الشفاه إلى طلاء الأظافر ، أصبحت يافعة " صبيّة " و الضيوف في الخارج ينتظرون رؤية صبيّة البيت ربما كان ابنهم شاباً يرغب الزواج فتكون هي مشروع زوجة له .

تعامل الأهل و المحيط الاجتماعي مع الفتاة على أنها عنصر حي آخر تختلف عن أخيها الذكر ، أخوها يضحك بصوتٍ عالٍ ، يجلس فاتحاً رجليه ، في باص النقل يحق له أن يجلس إلى جانب أنثى فذلك أفضل له من الوقوف ، أما هي فكان من المحتوم عليها أن تجلس إلى جانب أنثى أو عليها الوقوف إلى أن تصل مبتغاها دون الجلوس إلى جانب ذكر ، يعود أخوها إلى المنزل متى شاء و يخرج متى شاء أيضاً لا قيود تحدد له سلوكه اليومي ، أما هي فلها أن تخرج إلى وجهة محددة يعلمها جميع أفراد البيت و أن تعود في أوقات مضبوطة من قبل الأب أو الأخ ، و أغلب الأحيان يتوجب على مسيرها وجود المرافق ، الحامي لها من وحوش الشارع و نظراتهم ، له أن يكلّم من شاء و أن يشكل علاقاته الاجتماعية مع من أحب و تحت أي عنوان اجتماعي " زمالة ، صداقة ، حب و حتى الجنس " ، خارج المنزل يتعامل مع الآخرين يدخل عالم التجربة ، يخطئ و يصيب ، أما هي فمواد التبرج و الأعمال المنزلية بانتظارها ، تشارك أمها في سجنها ، يدّخن ، يطمح لأن يكون قاضٍ ، رئيس ، وزير ، رجل دين ، يمارس العادة السريّة دون خوف ، أما هي فتخشى تمزق غساء البكارة فلا ترغب أن تتحول لجثة هامدة يوم زفافها .
الأنثى هي شرف المنزل و سمعته ، أي تصرف من الأنثى لا يقبله ذكر المنزل عبارة عن كفر قصاصه شديد بينما كان الذكر غير معصوم يُخطئ و في كثير من الأحيان أخطاؤه مدعاة للفخر و النشوة .

يعيش المجتمع الشرقي ازداوجية أخلاقية تنعكس على سلوك أفراده ، فتدخين الرجل مكمّل للرجولة و تدخين الأنثى انتهاك للأنوثة و يصنف بالوقاحة إن كان التدخين علني في الشارع أو المقهى كالذكر ، فالأنثى يجب عليها أن تستعيض عن السيجارة بالحُلي و مواد التبرج " الرجال بدون السيكارة متل الإمرأة بدون الإسوارة " - مثل شعبي - ، تجسدت الأنوثة بالنعومة و الأناقة و الجمال مع سبغ صفة و أكسسوارات القوة للذكر ، هذا ما فرضه المجتمع على خلاف الطبيعة البيولوجية فعند الحيوانات الذكر يميزه الجمال و الأنثى تميزها القوّة ، فالديك أجمل من الدجاجة و الدجاجة هي الأقوى و هي المسؤولة عن الفراخ من غذاء و حماية ، و كذلك ذكر الطاووس جميل و أنثاه تفتقد للجمال ، و كذلك الغزلان .

الذكر إن مارس الجنس خارج إطار الزواج كان رجلاً و مدعاة للفخر بينما الأنثى عار و مجلبة للخذي فعلاقة الجنس خارج إطار الزواج تحمل عنوان واضح و صريح " العاهرة و الفحل " .
تتمتع الأنثى كما الذكر في الرغبة الجنسيّة في مرحلة الطفولة و دون أي فارق في القذف و النشوة " الأورجازم " بعد البلوغ ، أوردت و شرحت ذلك مسبقاً في مقال > يقول سيجمون فرويد حول ذلك " لقد وجدنا أن القوة الليبيديّة نشطة في الأنثى تماماً كما هي عليها عند الطفل الذكر " ، لكن العوامل البيئيّة المحيطة هي التي أثرت على الأنثى و جعلتها خجولة مرتبكة و باردة جنسياً و لهذا انخفضت نقطة الأورجازم لديها عن الذكر .
انتشر عام 1789 مصطلحي السّادية ( التلذذ في إيقاع الألم أثناء ممارسة الجنس ) و الماسوشيّة ( التلذذ في تلقي الألم أثناء ممارسة الجنس ) ، الماركيز دو ساد الذي اشتهر في ممارسته الجنسيّة العنيفة مع النساء فكان يقيدهنّ و يكم أفواههنّ ومن ثم يبدأ ممارسة الجنس و من اسمه اشتق مصطلح السّاديّة ، و المومس في مصر كانت تضرب أي رجل مقبل لممارسة الجنس معها بالسّوط حتى يمتلئ قلبه بالغيظ منها و كما جسده بالكدمات و بالذات مع مفهوم ضرب الرجل من قبل إمرأة ، إلى أن يطلق العنان لغضبه المترافق مع الجنس ، كنّ ماسوشيات ، السّاديّة و الماسوشيّة صُنِفتا ضمن الأمراض النفسيّة فيما بعد و من ثم تكرس كمصطلح شامل للجنس و الحياة الاجتماعية ، فالزوج يتلذذ بسلطته المنزلية و الزوجة تكون سعيدة بتسلط الذكرعليها و على منزلهما .
أما في العودة للجنس فإن على المرأة دوماً أن تتظاهر لزوجها أنها المرّة الأولى التي تمارس فيها الجنس فتشبع ساديته ، مرتبكة ، خجولة ، عليها أن تُبعِد شكه عنها بأنها مارست أو تمارس الجنس مع غيره من الرجال ، يراها أقرب للجثة الهامدة ، قطعة عجين ترتمي بين يديه ، سهلة الحركة ، هو المسيطر ، يفعل بها ما يشاء ، بالوضعية التي يرغبها ، يعتز بفحولته أمامها ، فيرى نفسه رجلاَ كاملاً .
يقول فراس السّواح " يُقبِل الرجل على فعل الجنس كما يُقبل على أي نشاط آخر من نشاطات الحياة ، أما المرأة فهي دوماً عذراء قبل الزواج ، أمٌ بعده ، تهب نفسها كل مرّة و كأنها المرّة الأولى "

و في إطار العمل ، مشاركة المرأة في العمل إلى جانب الرجل متراجعة جداً ، فللتحصيل العلمي أثره ، الرجل متقدم على المرأة علمياً ، فهناك مجالات دراسيّة حكماً للرجال و بالذات الفروع الهندسيّة كون عملها شاق بعض الشيء و هناك اختلاط مع الجنس الآخر بشكل خاص و مع العالم الخارجي بشكلٍ عام ، فكانت هذه المهنة غير محبذة بالنسبة لها .
وكرّست تلك المفاهيم عن طريق أمثال شعبية سائدة مثلاً " المرأة تخرج من بيتها لمكانين ، الأول هو بيت الزوج و الأخير هو القبر" فخروج الأنثى مهما كان عمرها غير محبذ مهما كانت دواعي الخروج مهمة ، الأنثى في منزل أهلها هي مشروع لزوجة و في العش الزوجي هي رحماً للإنجاب " و بالذات الأولاد الذكور " و مهبلاً كي يفرّغ الرجل رغبته الجنسيّة .
فتلجئ الأنثى إلى اختيار فروع تدريسية و في الغالب فروع تدريسية لمرحلة التعليم الإبتدائية ، فلا يوجد هناك سوى أطفال صغار لم يدخلوا سن البلوغ بعد .
ليس قانوناً بل أصبح عرفاً .
يتمتع الفرد بحريّة في السفر من أجل متابعة التحصيل العلمي و الدراسات العليا أما الأنثى فمن النادر أن تحظى بذلك ، فبيت الزوج و " السترة " بانتظارها و السفر دون محرم أو ولي الأمر غير مقبول ، و قانونياً تُمنع الأنثى من السفر من قبل الأب ، الأخ – في حال وفاة الأب - أو الزوج ، لأن في ذلك حريّة سلوكية تمنح للمرأة بشكل أو بآخر وهذه الحريّة حصراً للذكر .

قُسِّم المجتمع في هذه الحالة إلى قسمين الأول مُنتِج و الثاني مُستهلِك ، متعلم و جاهل ، إن أخفضنا النظر عن المستهلكين و الجاهلين من الذكور مقابل المنتجات و المتعلمات من الإناث ، نصف المجتمع عاطل عن الحياة .
ربما كانت قوّة العطالة التي عبّر عنها نيوتن في أبحاثه الفيزيائيّة وهي مقاومة الجسم السّاكن - القابل للحركة - و الجسم المتحرك للحركة من أسُسس بناء علم الفيزياء " الستاتيك والديناميك " ، على خلاف عطالة القوى المجتمعيّة " البطالة العلميّة و العمليّة " التي تكمن بعطالة أفراده القابلين للحركة والمتحركين المساهمة في هدم المجتمع و قواه .
في أوائل إلى منتصف القرن الماضي دخلت المرأة العمل من أوسع أبوابه ففي عام 1933 اشتركت لطيفة النادي في مسابقة طيران و كانت أول إمرأة عربيّة تحمل الجنسيّة المصريّة تحلّق قي السماء ، بينما كانت الإمريكيّة " إميليا إيرهارت " أول إمرأة في العالم تحلّق في السماء و تقود الطائرة في عام 1922 ، الفرق بين العالم العربي و الغربي رغم الحروب و الاستبداد و التقدم التقني و الحريّة الاجتماعيّة قد اختصرته النادي بإحدى عشر سنة ، و عندما سُئِلت لطيفة عن رغبتها بالطيران و إصرارها على ذلك أجابت " أريد أن أكون حرّة " ، لم أرى في مقولة لطيفة أنها ترى قيادة الطائرة هي الحريّة التي تبغاها الأنثى لكن ما ذهبت إليه أنه لا فرق بين ذكر و أنثى في العمل و غيره .
والد لطيفة النادي قد رفض تقدّم ابنته إلى مدرسة الطيران فلم يقدّم لها أي معونة ماديّة ، لكنها قد اتجهت للعمل كسكرتيرة و من مرتبها الشهري سددت أقساط مدرسة الطيران ، أما هدى الشعراوي فتولت مهمة تطوير قيادة لطيفة و تشجيعها على عملها ، فاشترت لها طائرة خاصة بعد أن مُنِحت لطيفة لقب سفيرة بنات مصر ، إلى أن يقود تلك الطائرة مَن أقدم مِن الإناث على مهنة الطيران كليلى مسعود و قدريّة طليمات ، فوجود الحاضن الاجتماعي للمرأة من فتح أبواب العمل أمامها و الدعم الذي تلتقته من قبل شخصيات ذات نفوذ اجتماعي و سياسي يخلق جرأة و تطور في الذات المهنيّة .

سميرة موسى فتاة مصريّة تفوقت في مدرستها لكنها لم تكن ترغب أن تدخل كلية الآداب كباق الفتيات ، أصرت أن تلتحق بكلية العلوم و تتفوق بها ، عينها عميد كلية العلوم مصطفى مشرفة آنذاك كمعيدة في الجامعة رغم رفض الإنجليز لذلك ، تابعت دراستها في مصر و بريطانيا ثم أميركا ، قامت بعدّة دراسات نوويّة و توصلت إلى قانون علمي نووي .
أنشأت هيئة الطاقة النووية في مصر بعد إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948 بعدّة أشهر بعد أن تنبهت إلى محاولات إسرائيل المبكرة لامتلاك السلاح النووي ، خلال زيارتها إلى أميركا عبّرت في رسالة إلى العالم أنها زارت المعامل النوويّة في أميركا و أنها ستنقل هذه الخبرات إلى بلدها و ستقدم له خدمات جليلة في هذا المجال ، فاغتالها الموساد الإسرائيلي في آب 1952 .
أما في الوقت الحالي يعامل المجتمع المرأة على أنها منقوصة للعقل فتُحرم من المهن الحقوقية و تولي المناصب الرفيعة في الدولة ، لكن إن عدنا للتاريخ العربي و الإسلامي قليلاً نجد أن شجرة الدر لم تكن الأولى فقط بل إنها الإمراة الوحيدة أيضاً التي تتولى عرش الدولة الإسلاميّة آنذاك و لمدة سبعين يوماً ، كانت زوجة للصالح نجم الدين أيوب الذي اشتراها كجارية ثم أعتقها و تزوجها ، و بينما كانت جيوش المصريين مستعدة لمجابهة الحملات الصليبية في دمياط توفي زوجها نجم الدين أيوب الذي كان وقتها حاكماً للبلاد ، فآثرت شجرة الدر على نفسها و لم تنزوي في الحداد ولم تعلنه وفاة زوجها حاكم البلاد بشكلٍ عام و رسمي إلى أن استلمت زمام أمور الدولة و قيادة الجيوش ، لم يعترف الأيوبيون في دمشق و الخليفة العباسي آنذاك كونها أنثى ، فتزوجت عز الدين إيبك الذي لُقِب فيما بعد بالملك المعز لدين الله و كان زواجها منه غطاءاً كي تحكم هي الأنثى من خلال رجل ، فمنعته من زيارة زوجته الأولى لكن الإيبك لم يقبل بذلك فتمرد عليها و عزم على الزواج بإمرأة أخرى ، علمت شجرة الدر بما يريد أن يفعل فخططت للتخلص منه بالتعاون مع الخدم و بعض من المماليك أثناء استحمامه بالضرب بالقباقيب ، في اليوم التالي نشرت شجرة الدر خبر وفاة الإيبك بشكل طبيعي ، لم يصدقها المماليك و اعترف الخدم تحت وطأة التعذيب بما خُطِط له ، فسُلِمت شجرة الدر إلى أم المنصور علي " زوجة المعز لدين الله إيبك الأولى " و تم التخلص من شجرة الدر تحت أيدي جواري و خدم أم المنصور .
كانت شجرة الدر إمرأة قوية طموحة قادت البلاد و حققت نصراً في الحروب التي كانت تجوب مصر ، لكن رفض المجتمع آنذاك لاستلام أنثى مقاليد الحكم منع من استمرار بقاء تلك الدولة ، فعلى أثر قتل شجرة الدر انتقلت الدولة من حكم الأيوبيين إلى المماليك .

تخلصت دمشق من الاحتلال العثماني عام 1916 إبّان الثورة السوريّة الكبرى و مفهوم الملاية " الملاءة " و المنديل و التزام اللون الأسود في اللباس كي لا يثير الذكور ، استضافت أول مؤتمر نسائي عربي عام 1930 و بحضور أكثر من ثلاثمائة إمرأة عربيّة و غير عربيّة " أمينة رحال مندوبة عن بغداد ، أفرا تيودورويولس مندوبة دولية ، أسماء الخوري زوجة فارس الخوري ، أمينة الحريري مندوبة عن بيروت ، قدسية أشرف مندوبة عن إيران ، ومندوبة عن الحجاز وأُخرى عن أفغانستان " و تلّخص المؤتمر بعدّة مطالب كان أبرزها منح حق الطلاق للجنسين على أن يقيد هذا الحق بقيود ثقيلة ، فإن لم يكن سبب الطلاق مبرراً و وجيهاً تنتقل قضية الطلاق إلى المحاكم ، و على المحكمة أن تحكم بتعويض مادي و قدره نصف أملاك المُطَلِق يُدفع للمُطَلَق .

نجاح الساعاتي ابنة لعائلة حمصيّة بسيطة تعرف على أنها أول صيدلانية عربية تزاول مهنة الصيدلة ، تخرّجت من الجامعة السوريّة من كلية الطب في دمشق ، رفضت الزواج و إلتزام المنزل معتكفة عن العمل فدخلت الجامعة كأي شاب و من ثم عادت لممارسة المهنة في حمص و هي المدينة الثالثة في سوريا بعد دمشق العاصمة و حلب ، فلم يكن التطور الفكري حكراً على العاصمة أو العائلات المخملية .

نازك العابد ، أيضاً هي الأنثى الوحيدة التي شاركت في معركة ميسلون باسمها رئيسة جمعية النجمة الحمراء إلى جانب يوسف العظمة ، خلال المعركة حاولت جاهدة حماية يوسف العظمة و إسعافه قبل استشهاده الذي كان وزيراً للدفاع آنذاك ، و تقديراً لمشاركتها في ميسلون عيّنها الملك فيصل الأول ضابطاً في الجيش السوري وعُرفت فيما بعد بالنقيب نازك العابد ، و بعد معركة ميسلون نفاها الفرنسيون إلى اسطنبول لمدة عامين ، و بعد إنتهاء العامين عادت إلى دمشق لكنها لم تمكث في منزلها و هي ترى الاحتلال الفرنسي في بلدها ، شعر الفرنسيون بخطر هذه الأنثى فأعادوا نفيها مرّة ثانية إلى الأردن ، لكنها عادت إلى دمشق بعد أن تعهدّت باعتزال العمل السياسي و الميداني وبدأت العمل السري في مجابهة الفرنسيين بعد أن اتخذت الغوطة الدمشقيّة مقراً لها مبتعدة عن الأنظار .
التاريخ العربي و السّوري أيضاً لا يذكر نازل العابد التي انضمت إلى صفوف الجيش لمنع الفرنسيين من دخول دمشق كما يذكر وزير الدفاع يوسف العظمة ، فبقيت النقيب العابد ذاك الجندي المجهول الذي حارب من أجل كرامة و حريّة سوريا .
الأديبة الدمشقيّة ثريا الحافظ أنشأت منتدى أدبي في منزلها ، لم يكن منتداها محصوراً بمواضيع العشق و الغزل ، بل كان ينظر إلى الوطن و القوميّة العربيّة و معالجة الأمراض الاجتماعية المتفشيّة ، تقام فيه الاحتفالات بعيد الشهداء و الجيش و يوم الجزائر و ذكرى الوحدة السوريّة المصريّة .
ثريا الحافظ كانت مؤسسة لأول جمعية نسائية شعبيّة و عملت في عدّة جمعيات تنطوي تحت المجتمع المدني ، جمعية نقطة الحليب ، جمعية رعاية الجندي و جمعية كفالة الفتاة أول ، شاركت بالحركة الوطنية ضد الفرنسيين مرشحة و منتخَبة في البرلمان السّوري عام 1953 .
فالمرأة السوريّة حصلت على حق الانتخاب و الترشح عام 1949 فكانت سورية السبّاقة في منح حق الانتخاب للمرأة مقارنةً مع باق الدول الأوروبية و العربية الأخرى التي منحت إناثها ذاك الحق متأخرة " سويسرا 1971 وقبرص 1960 بينما عُمان 2003 و شبه الجزيرة العربيّة في 2011 !! "

نازك العابد و ثريا الحافظ مع مجموعة من النسوة شاركنّ في مظاهرات عدّة من أجل قضايا وطنية ، فكنّ شركاء في المظاهرات التي جابت شوارع المدن السوريّة عام 1939 تنديداً بسلب لواء اسكندرون و تظاهرنّ أيضاً للمطالبة بالحريّة و التخلص من الانتداب الفرنسي ، لكن و في إحدى المظاهرات النسائيّة التي خرجت منددة بوجود الفرنسيين على أرض سوريّة قوبلت المظاهرة بالضرب بالبيض و البندورة الفاسدة من قبل بعض رجال الحارات الدمشقيّة الذين كانوا هم أيضاً من رافضي الانتداب الفرنسي ، لكن خروج الأنثى إلى الشارع كان خطاً أحمر ، فهي بشكلٍ أو بآخر قد اقتحمت عالم الرجال و اعتدت عليه .
في عام 1982 في مصر فتحت كليّة الشرطة أبوابها لاستقبال إناث تحت اسم ضابط ، رغم أن تاء التأنيث قد اسقطت عن وظيفتهنّ كانت المشاركة النسويّة في كلية الشرطة و أول من دخل هذا المجال " العميد " كوثر عيد سالم التي تعمل كمدرسة في كلية الشرطة ، رغم فتح باب المشاركة النسويّة في الشرطة لم تفتح أبواب العمل الميداني و أن تستلم أنثى قيادة نقطة أمنية و أن تُرقى إلى رتبة لواء ، ثلاثون عاماً من الشرطة النسائيّة في مصر و إلى الأن الأنثى لم تصل إلى رتبة لواء .
المرأة الليبيّة منحت حق التصويت و المشاركة بالانتخابات عام 1963 قبل أن تشارك المرأة في سويسرا بسبعة أعوام .
و نازك العابد التي أسعفت وزير الدفاع السوري كانت قبل وزيرة الدفاع الإسبانية كارمي تشاكون .
الأديبة الدمشقيّة ثريا الحافظ و النائبة في البرلمان السّوري ، كانت أماً ، أديبة ، ناشطة و نائبة في البرلمان قبل الطبيبة الإيطالية ليشيا رونزولي ممثلة إيطاليا في الاتحاد الأوربي .
فاطمة السّبهان من شبه الجزيرة العربيّة تولت حكم مدينة حائل في عهد إمارة آل الرشيد و أصبحت المسؤولة الأولى عنها فيما يتعلق بالأمن الداخلي و العسكر و العلاقات الخارجية و أدارت حربها ضد آل سعود .
و في شبه الجزيرة العربيّة أيضاً و اعتماداً على تقرير صادر عن وزارة العمل تؤكد أن النساء يتصدرنً لائحة البطالة فيشكلنّ 70% من العاطلين عن العمل ، و 83% منهنّ يحملنّ الشهادة الثانويّة ، أغلبهنّ لم يتابع دراسته الجامعية و لم يدخلنّ معترك العمل بسبب البيئة المحيطة من عادات و تقاليد و الزواج المبكر ، و إلى الآن آل سعود قد منعوا المرأة هناك من قيادة السيارة و تكون شبه الجزيرة العربيّة هي الدولة الوحيدة التي تجرّم قيادة المرأة للسيارة تحت حجّة " أن قيادة المرأة للسيارة تسبب في انتشار الرزيلة و زوال العفة و نهاية العذرية و ظهرت عدّة حملات نسائيّة تطالب بمنح المرأة رخصة لقيادة السيارة و كانت آخر حملة تحت اسم " سأقود سيارتي بنفسي " و أطلقت هذه الحملة الناشطة " منال الشريف " اعتُقِلت لساعات من قبل هيئة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر عندما أوقفتها شرطة المرور وهي تقود سيارتها برفقة أخيها و من ثم اعتُقِلت مجدداً صبيحة اليوم التالي و لم تخرج من المعتقل إلا بعد كفالة و تعهد خطي بعدم القيام بمثل هذا الفعل مرّة أخرى .
منال الشريف و فاطمة السبهان ابنتا البلد ذاته جغرافياً ، عشقتا الحريّة و علمتا أن لا فرق بين ذكر و أنثى لكن الحكومات السياسيّة المستبدّة أصرّت على جعل المرأة في الحضيض ، ففي الحفاظ على تخلف المرأة هو حفاظ على تخلف نصف المجتمع - نتيجة طبيعية كون المرأة تشكل نصف المجتمع - و الزنزانات المتبقيّة تكفي لمن يعارض من النصف الآخر .
في الهند ، علمت النسوة أن هناك فكرة لإقامة مفاعل نووي في بلدتهنّ و أنه سيتم نقل وسائل و مواد البناء بواسطة القطار ، فقمنّ بالتمدد على سكة القطار ليمنعنّ من انتقال المواد ، لأنها لم تكن في منصب المسؤول عن ذلك كي تمنعه عن طريق إمضاء تمضيه محافظةً به على سلامة البلد صحياً و بيئياً فعبرت عن رفضها بهذه الوسيلة كي تحول دون إتمام أمر البناء .
تاء التأنيث ليست كما هي في اللغة ساكنة ، تاء التأنيث هزّت العالم بشمالها بينما كانت تهز سرير طفلها بيمنيها .



#عمار_مها_حسامو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخِتان و الإِعتداء الأول
- المولود أنثى
- هل تقبل بإسقاط الهويّة الإنسانيّة عن المرأة ؟!!!
- عطالة القِوى
- التكنولوجيا و الجميع
- طفلة ثمّ مغتَصَبة ، زوجة فجثّة
- حول العنف الأُسري -2-
- حول العنف الأُسري -1-
- طفلة أمست أُمّاً للعِيال
- وفي ميدان التحرير الحُرة تُضرب


المزيد.....




- ريموند دو لاروش امرأة حطمت الحواجز في عالم الطيران
- انضموا لمريم في رحلتها لاكتشاف المتعة، شوفوا الفيديو كامل عل ...
- حوار مع الرفيق أنور ياسين مسؤول ملف الأسرى باللجنة المركزية ...
- ملكة جمال الذكاء الاصطناعي…أول مسابقة للجمال من صنع الكمبيوت ...
- شرطة الأخلاق الإيرانية تشن حملة على انتهاكات الحجاب عبر البل ...
- رحلة مريم مع المتعة
- تسع عشرة امرأة.. مراجعة لرواية سمر يزبك
- قتل امرأة عتيبية دهسا بسيارة.. السعودية تنفذ الإعدام -قصاصا- ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...
- تحقيق: بلينكن أخفى بلاغا بانتهاكات إسرائيلية في الضفة قبل 7 ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عمار مها حسامو - تاء التأنيث اللاساكنة(1)