أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - لحسن خياعلي - مسار الوحدة المغاربية















المزيد.....



مسار الوحدة المغاربية


لحسن خياعلي

الحوار المتمدن-العدد: 3843 - 2012 / 9 / 7 - 00:37
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


مقدمة:
يعتبر البحث في موضوع الوحدة المغاربية (أو بشكل أدق المحاولات الوحدوية المغاربية) أثناء فترة الكفاح الوطني وما بعدها، من المواضيع المهمة والحساسة في نفس الوقت والتي تتطلب إلماما دقيقا بمختلف الجوانب المتعلقة به، نظرا لتشابك موضوع الوحدة وارتباطه بالواقع المغاربي سواء في الماضي أو الحاضر أو في المستقبل.
لقد قام المغاربة بمحاولات حثيثة للتعاون والعمل المشترك وتحقيق الوحدة منذ زمن بعيد كما هو الشأن بالنسبة لفترة الموحدين وصولا إلى فترة الاستعمار وما بعد الاستقلال ، لكن للأسف الشديد فإن غالب هذه المحاولات قد تعرضت لانتكاسات كبيرة نتيجة مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية.
إذن ففترة الكفاح الوطني المغاربي (1912-1962) قد شهدت محطات بارزة وحية للتنسيق، خاصة بين بلدان المغرب – تونس – الجزائر. وهذا ما تجلى من خلال تأسيس مجموعة من أجهزة العمل المشترك، سواء على المستوى السياسي أو على المستوى العسكري.
ونظرا لأهمية هذه الأجهزة والصدى الكبير الذي خلفته في نفوس الشعوب المغاربية، فقد قامت السلطات الاستعمارية بتوظيف كل إمكاناتها من أجل إفشالها وإقبارها منذ بدايتها.
وبعد الاستقلال لم تتوقف محاولات تحقيق الوحدة، رغم فقدانها للحماس الذي كانت عليه في الفترة السابقة. هذه المحاولات تم تتويجها بتأسيس ما يسمى باتحاد المغرب العربي سنة 1989.




دواعي اختيار الموضوع:
إن اختياري للبحث في موضوع العمل المغاربي المشترك أثناء مرحلة الكفاح الوطني وبعدها جاء نتيجة مجموعة من الدوافع الذاتية والموضوعية يمكن إجمالها في النقاط التالية:
 لاحظت أثناء قيامي ببحث بسيط حول الحركة الوطنية المغربية، ارتباطها الوثيق بالحركات الوطنية المغاربية الأخرى خاصة في تونس والجزائر، لذلك فكرت في التعمق في هذا الموضوع وتخصيص بحث الإجازة له من أجل الإلمام بأهم محطات التعاون ونتائجها والعراقيل التي أدت في غالب الأحيان إلى إجهاضها.
 محاولة المقارنة بين تجربة الوحدة المغاربية التي لم تحقق أي شيء لشعوب المنطقة رغم توفر كل أسباب نجاحها ورغم حتميتها وضرورتها، وبين مجموعة من المحاولات الوحدوية في العالم، خاصة تجربة الوحدة الأوروبية الفريدة من نوعها، هذه التجربة انطلقت بإنشاء الجماعة الأوروبية للفحم والصلب سنة 1952، ثم ما فتئت تتطور رغم الاختلافات الكثيرة بين دولها، إلى أن استطاعت الوصول إلى الوحدة التامة على جميع المستويات.
 قلة وانعدام الدراسات التي تطرقت لموضوع الوحدة المغاربية بشكل دقيق وموضوعي، ذلك أن أغلب الأبحاث المنجزة هي أبحاث متسرعة ويغلب عليها الطابع الإيديولوجي القطري، حيث أن كل باحث يحاول إبراز فضل وطنه وبالمقابل تبخيس عمل الأقطار الأخرى وتحميلها مسؤولية فشل المحاولات الوحدوية، لذلك سنحاول من خلال هذا البحث إضافة أشياء جديدة وموضوعية للبحث التاريخي المغاربي بشكل عام.
 محاولة طرح مجموعة من التساؤلات التي نرى أنها تتردد كثيرا في الشارع المغاربي، حول الأسباب الحقيقية لعدم نجاح المحاولات الوحدوية المغاربية رغم كثرتها، هل بالفعل هناك عراقيل طبيعية حتمية أم أنها فقط عراقيل سياسية وإيديولوجية واقتصادية مصطنعة.
إشكالية البحث وحدوده:
تتمركز إشكالية البحث حول عدة أسئلة من بينها: ما هي أبرز محطات التعاون المغاربي؟ ما هي نتائجها؟ ولماذا لم تتحقق الوحدة المغاربية الفعلية سواء أثناء فترة الكفاح الوطني أو بعدها رغم تعدد محاولاتها ورغم توفر كل مقوماتها؟ لماذا نزعت كل دولة إلى العمل القطري المنفرد رغم حتمية التعاون والعمل المشترك؟
وبخصوص حدود البحث فإننا ركزنا فيه على فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى ما بعد تأسيس اتحاد المغرب العربي سنة 1989، وقد اعتمدنا تقسيما منهجيا لهذا المجال الزمني يحترم خصوصية كل فترة، من أجل تسهيل عملية تناول الموضوع عامة بشكل دقيق ومتناسق.
خطة البحث:
بعد مجموعة من التعديلات، تم في الأخير بتنسيق مع الأستاذ المشرف على البحث الاستقرار على خطة ربما هي الأقرب إلى طبيعة الموضوع، تتكون من مقدمة ومحورين كبيرين إضافة إلى خاتمة.
بالنسبة للمحور الأول: جاء تحت عنوان: " نماذج بارزة للعمل المغاربي المشترك خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال ". وتضمن مدخلا حاولنا فيه التطرق إلى إرهاصات أحداث الفترة المدروسة من خلال العودة شيئا ما إلى الوراء. إضافة إلى ثلاثة مباحث كما يلي:
المبحث الأول: تناولنا فيه موضوع انعقاد مؤتمر 1947 وتأسيس مكتب المغرب العربي سنة 1947 بالقاهرة ، والذي شكل محطة بارزة للعمل المغاربي من خلال مساهمته في التعريف بالقضية المغربية خاصة في المشرق العربي.
المبحث الثاني: خصصناه لنزول الأمير محمد ابن عبد الكريم الخطابي بمصر وتأسيس لجنة تحرير المغرب العربي، وما خلفه ذلك من آثار عميقة في نفوس أبناء شعب المغرب العربي.
المبحث الثالث: أفردناه لمؤتمر طنجة 1958، هذا المؤتمر الذي نعت بأنه مؤتمر الوحدة، شكل محطة حاسمة في مسار الوحدة المغاربية، خاصة وأنه انعقد بعد حصول كل من المغرب وتونس على الاستقلال في حين دخلت الثورة الجزائرية التي انطلقت سنة 1955 مرحلة من أصعب مراحلها.
أما المحور الثاني فهو بعنوان: "الوحدة المغاربية بعد الاستقلال: محطاتها – صعوبتها – آفاقها" ، فقد تم تقسيمه إلى مبحثين كما يلي:
المبحث الأول: تعرضنا فيه لمسار الوحدة من استقلال جميع البلدان المغاربية سنة 1962 إلى غاية انعقاد قمة مراكش سنة 1989، إذ تناولنا أهم محاولات الوحدة خاصة على المستوى الاقتصادي وأبرزنا أهم العراقيل التي وقفت في وجه هذه المحاولات.
المبحث الثاني: خصصناه لانعقاد قمة مراكش وميلاد اتحاد المغرب العربي سنة 1989، هذا الاتحاد الذي حاول إعطاء بعد مؤسساتي مهيكل للعمل المغاربي المشترك، لكن للأسف الشديد فقد فشلت تجربته نتيجة مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية.
صعوبات البحث:
لاشك أن البحث في مثل هذه المواضيع الحساسة أمر صعب للغاية، وهو ما يفسر جملة من الصعوبات التي اعترضتنا أثناء انجازه نذكر من بينها:
- ضيق الحيز الزمني والمجالي المخصص لهذا البحث الذي يدخل في إطار بحث الإجازة، فالمدة الزمنية لا تتعدى ثلاثة أشهر.
- تشتتت المادة العلمية وتواجدها في مكتبات متناثرة، مما جعل الوصول إليها صعب في ظل صعوبة التنقل وعدم سماح بعض المكتبات للزائرين باستعارة الكتب أو نسخها.
- عدم توفر مراجع كثيرة متخصصة في هذا الموضوع المتشابك، فهو موضوع سياسي وقانوني واقتصادي وتاريخي، اللهم بعض الإشارات الموجودة في بعض الكتب، وقد قمنا بمجهود كبير لاستخراجها.
المادة المصدرية للبحث:
رغم الصعوبات السابقة الذكر، فقد حاولنا تناول الموضوع بجمع كل ما أمكن من المصادر والمراجع على اختلاف أنواعها، سواء كانت عبارة عن مؤلفات أو كتب أو مجلات أو مذكرات شخصية لبعض الذين شاركوا بفعالية في هذه الأحداث المدروسة.
في هذا الصدد يمكن الإشارة إلى كتاب علال الفاسي "الحركات الاستقلالية في المغرب العربي" والذي يعد من المصادر المهمة التي تناولت فترة الكفاح المغاربي، والتي لا يمكن لأي باحث في هذا الموضوع الاستغناء عنها.
كما تم أيضا الاعتماد على مذكرة إدريس الرشيد "ذكريات عن مكتب المغرب العربي بالقاهرة" والتي تتضمن معلومات قيمة جدا رغم ما يمكن أن يقال بصفة عامة على المذكرات بأنها يغلب عليها طابع العاطفة والانحياز السياسي والإيديولوجي، وتنعدم فيها الموضوعية بشكل كبير.
إلى جانب هذا فقد اعتمدنا على مجموعة من المراجع المتأخرة والتي حاولت التزام أكبر قدر ممكن من الموضوعية، في هذا النطاق نشير إلى:
- الحركات الوطنية والاستعمار في بلدان المغرب العربي، لمحمد المالكي.
- الحركة الوطنية المغربية والمسألة القومية، لعبد الإله بلقزيز و آخرون.
كما اعتمدنا على مجموعة من المجلات من بينها:
- مجلة "الذاكرة الوطنية" التي تصدرها المندوبية السامية للمقاومة.
- مجلة «الوحدة" الصادرة عن مركز دراسة الوحدة العربية.
ومن الواجب هنا الإشادة والتنويه بالمساعدة القيمة التي قدمتها لنا المندوبية الجهوية للمقاومة وأعضاء جيش التحرير بمكناس، والتي لم تبخل علينا بشيء، إذ مكنتنا من الاطلاع عن قرب على ماتزخر به مكتبتها الغنية من روافد معرفية قيمة.
ويبقى من الضروري الإشارة إلى نقطة مهمة تفاديا لأي سوء فهم، وهي أنه على طول المحور الأول من البحث استعملنا كلمة "المغرب" بدل "مراكش"، واستعملنا لفظ "المغاربية" بدل "المغربية" كما جاء في أغلب الكتب المعاصرة للفترة المدروسة وذلك تفاديا للخلط بين معنى المغرب الذي يعني الآن المملكة المغربية.كما أن المقصود بالوحدة المغاربية في هذا المحور الأول هي وحدة تونس والمغرب والجزائر. أما في المحور الثاني فقد توسع مجال الوحدة ليشمل أيضا ليبيا وموريتانيا خاصة بعد تأسيس اتحاد المغرب العربي.
وفي الختام نتمنى أن تكون لهذه المحاولة المتواضعة إضافة - ولو بسيطة- للإنتاج التاريخي المغربي بشكل خاص والمغاربي بشكل عام، وأن تشكل هذا المحاولة أرضية لمشاريع بحث أكثر دقة في المستقبل.

المحــور الأول


نماذج بارزة للعمل المغاربي المشترك خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال

- مدخــــل
- المبحث الأول : انعقاد مِؤتمر 1947 وميلاد مكتب المغرب العربي ومساهمته في الكفاح المغاربي من أجل الاستقلال .
- المبحث الثاني: نزول الخطابي بمصر وتأسيس لجنة تحرير المغرب العربي كمحطة بارزة للتنسيق المغاربي .
- المبحث الثالث : مؤتمر طنجة 1958 : المحاولة الفعلية لتحقيق الوحدة المغاربية



مدخـــــــل:
منذ دخول الاستعمار إلى شمال إفريقيا باحتلال الجزائر سنة 1830، حاولت الشعوب المغاربية التضامن فيما بينها بمختلف الوسائل من أجل التصدي لهذا الاحتلال الاستعماري بحكم وحدة الدين واللغة والتقاليد إضافة إلى وحدة المصير. هذا التضامن سيتعزز بسقوط جميع البلدان المغاربية في قبضة الاستعمار.(احتلال تونس 1881، احتلال المغرب 1912).
وبطبيعة الحال فإن طرق التنسيق وأشكال التضامن ونتائجها، ودرجة تجدر الوعي بأهمية توحيد النضال في أذهان الشعوب والحركات الوطنية المغاربية، اختلفت من فترة إلى أخرى تبعا للتحولات والتطورات الوطنية، الجهوية والدولية .
لن نحاول في هذا المحور التعرض لكل أشكال التضامن وكل محطات العمل المشترك منذ بداية التدخل الاستعماري في المنطقة، نظرا لكون هذا الموضوع شاسع جدا ويحتاج إلى مجهود جماعي ووقت كاف لتناوله بأكبر قدر ممكن من العلمية والموضوعية، لذلك سنكتفي بالتطرق إلى أبرز محطات التعاون المغاربي وإلى أهم الأجهزة التي تأسست وأبرز المؤتمرات التي عقدت من أجل إعطاء بعد مؤسساتي لهذا التعاون خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى حين استقلال جميع البلدان المغاربية. هذه الفترة شهدت تحولات عميقة في بنية الحركات الوطنية بحيث انتقلت من مجرد المطالبة بإصلاحات خجولة إلى المطالبة بإلغاء الاستعمار وتحقيق الاستقلال التام. وفي هذه الفترة أيضا ستطرأ مجموعة من التحولات على المستوى الجهوي والدولي، أهمها تأسيس الأمم المتحدة ومخلفات الحرب العالمية الثانية التي أفرزت وضعا عالميا جديدا لم تكن البلدان المغاربية في منأى عن تغيراته. إضافة إلى تأسيس جامعة الدول العربية سنة 1945 و التي حاول مجموعة من المناضلين الموجودين بالمشرق توظيفها كورقة للتعريف بالقضية المغاربية. كلها عوامل ساهمت في تزايد الوعي القومي و الإحساس بأهمية تنسيق النضال لدى زعماء الحركات الوطنية. مما جعل العمل المشترك أمرا ملموسا ومستندا على أسس واعية وعقلية، وليس فقط مدفوعا بالعاطفة والواجب، هذا التصور سيتأكد خلال هذه الفترة بظهور مجموعة من الهيئات واللجان المشتركة، و انعقاد مجموعة من المؤتمرات.
في هذا الصدد سنحاول التطرق إلى أبرز محطات العمل المشترك، وسنعطي في ذلك أمثلة واضحة، بحيث سنقسم هذا المحور إلى ثلاثة مباحث:
في المبحث الأول سنتعرض لانعقاد مؤتمر 1947 وتأسيس مكتب المغرب العربي في القاهرة الذي ضم مختلف المناضلين والأحزاب المغاربية، وأعطى للعمل المشترك دفعة قوية. أما في المبحث الثاني فسنتناول حدث نزول الأمير محمد ابن عبد الكريم الخطابي بالقاهرة وتأسيس لجنة تحرير المغرب العربي التي شكلت محطة بارزة في مسار المحاولات الوحدوية المغاربية. وفي المبحث الثالث سنتطرق لمؤتمر طنجة 1958 الذي نعت بمؤتمر الوحدة واعتبر بحق محاولة حقيقة لتحقيق الوحدة الواعية، إذ جاء هذا المؤتمر بعد حصول كل من تونس والمغرب على استقلالهما في حين ظلت الجزائر تخوض ثورتها المسلحة ضد الاستعمار وخلف ردود فعل قوية خاصة على المستوى العربي، فقد تم اتهامه بمعاكسة الوحدة السورية – المصرية ، وبمحاولة عزل المغرب العربي عن دائرة الجامعة العربية .
ولكننا قبل الدخول في تفاصيل هذه المواضيع تجدر الإشارة إلى أن هذه المحاولات الوحدوية التي سنتناولها في هذا الباب لم تأت من فراغ، بل هي كما قال أحد الباحثين: " تجدير للأفكار والتجارب التي انطلقت منذ الحرب العالمية الأولى ، كما كانت أحد نتائج تطورات ما بعد الحرب العالمية الثانية وإنشاء الجامعة العربية ، وأحد نتائج النشاط الوطني والسياسي الذي كان يقوم به في القاهرة طلبة ومهاجرون وسياسيون من شمال افريقيا. "
من هذا المنطلق، إنصافا للحقيقة التاريخية واقتناعا بأن التاريخ حلقة متصلة تحكمها علاقة السببية بحيث يؤثر السابق في اللاحق ، فإنه من الأساسي العودة شيئا ما إلى ما قبل الفترة المدروسة للإشارة ولو بشكل مقتضب إلى الأشكال الأولى للتضامن أو ما نعته الباحث المغربي امحمد المالكي بالجيل الأول من منظمة التنسيق أو بداية الوعي بأهمية الحل الجماعي للقضية المغاربية. وهنا نستحضر البدايات الأولى للتعاون وأهم الهيئات الجماعية التي حاولت أن تحمل لواء النضال المغاربي، مدفوعة في ذلك بضرورة الحفاظ على الهوية والدين والتاريخ المشترك.
" تاريخيا يرجع الشعور بضرورة التضامن والمساندة إلى البدايات الأولى لدخول الاستعمار لشمال إفريقيا ، حيث تلقت حركة الأمير عبد القادر – على الأقل حتى فترة التوقيع على اتفاقية طنجة 1844 – أشكالا من الدعم من لدن السلطان المغربي مولاي عبد الرحمان ، وأيضا مؤازرة القضية التونسية بعد التوقيع على معاهدة الحماية ( اتفاقية باردو 1881) إضافة إلى أصناف الترابط والتواصل بين الحركتين المغربية والليبية مع بداية هذا القرن على عهد زعيميهما محمد ابن عبد الكريم الخطابي وعمر المختار. "
لكن رغم أهمية هذا التنسيق (على الأقل معنويا)، إلا أنه في مجمله لم يكن استراتيجيا ولم يكن ناتجا عن قوة واعية ، بل ظل مرتكزا على الجانب العاطفي، بحيث ظل شعار القطرية والتقوقع حول الذات وحول الحدود الجغرافية الضيقة التي رسمها الاستعمار نفسه بالنسبة لكل بلد، هو العامل الموجه لفكر مختلف الحركات التي حاولت التصدي للاستعمار في هذه الفترة، خاصة وأن هذه الحركات كانت قد اعتمدت الأسلوب المسلح كخيار للتصدي للمستعمر، مما جعل إمكانية أي تواصل جدي بينها أمر شبه مستحيل في ظل الحواجز التي وضعها المستعمر. هذا وإن شكلت حركة محمد ابن عبد الكريم الخطابي الاستثناء خلال هذه الفترة ، لأن زعيمها كانت له أهداف قومية واضحة، وهذا ما تجلى حين اعتبر تحرير المغرب الأقصى خطوة أولى لتحرير كل شمال إفريقيا، وإن لم تنجح محاولته في الوصول إلى هذا الهدف نتيجة تضافر مجموعة من العوامل لا يسعنا الوقت لذكرها.
إلا أن الأمر سيتغير تدريجيا، بحيث اقتنع المغاربة بأن لا سبيل للتخلص من قبضة الاستعمار إلا بتوحيد الجهود وتشكيل كتلة واحدة، وأن العمل المنفرد لكل قطر غير مضمون النتائج. وهكذا فبعد الحرب العالمية الأولى ستظهر مجموعة من التنظيمات الجماعية المكونة من زعماء ومناضلين وطلبة من البلدان المغاربية الثلاثة (المغرب – الجزائر – تونس) ، والتي حاولت بوسائلها البسيطة التعريف بالقضية المغربية وفضح كل أشكال الاستغلال الاستعماري الذي تتعرض له البلدان المغاربية. وهنا نخص بالذكر نجمة شمال إفريقيا التي تأسست سنة 1926، ثم جمعية طلبة شمال إفريقيا التي تأسست سنة 1928. هذه التنظيمات شكلت النواة الأولى لأجهزة التنسيق والعمل المشترك التي ظهرت في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية موضوع بحثنا في هذا المحور الأول من البحث.
إذن ففي عقد الأربعينات شكل الكفاح المشترك من أجل الاستقلال هدفا استراتيجيا بالنسبة للحركات الوطنية المغاربية، هذا العقد الذي عرف تحولات جذرية في بنية هذه الحركات ، حيث انتقلت من مجرد المطالبة بالإصلاحات في ظل نظام الحماية إلى المطالبة بالاستقلال ولاشيء غير الاستقلال.•
ونتيجة للأوضاع المزرية والمتشابهة التي كانت تتخبط فيها الشعوب المغاربية، فقد ظهر وعي لدى زعماء الحركات الوطنية بضرورة تنسيق الجهود لتجاوز مخلفات الاستعمار. فقد " أحس المغاربيون في مواجهة الأخطار الكبرى بوحدة المصير وبضرورة التضامن والتساند. وعمق هذا الإحساس في العصر الحديث مواجهتهم القوة الاستعمارية نفسها تقريبا. ولذلك لم يكن غريبا أن تكون الحركات الوطنية المغاربية منذ بدايتها مرتبطة بعضها ببعض، بل ولقد ولدت أشكال التنظيم المعادي للاستعمار ذات بعد مغاربي قبل أن تتبلور بوضوح الأشكال القطرية وحملات التضامن الجماهيري المتبادلة."
هكذا فكما سبق الذكر فقد انتقلت المواجهة مع الاستعمار من مرحلة تقديم برامج إصلاحية لا تمس في جوهرها نظام الحماية، إلى مرحلة تأكيد مبدأ الاستقلال واستعادة الدولة الوطنية. بيد أن هذا التحول لن يتم دون مشاكل مع الإدارة الاستعمارية التي سخرت كل إمكاناتها للحفاظ على الوضع القائم.
وفي خضم هذه التحولات ونتيجة القمع والتنكيل الذي تعرض له زعماء الحركات المغاربية، فقد شكل المشرق العربي عموما والقاهرة خصوصا مكانا آمنا لجأ إليه مناضلون من شتى أقطار المغرب الكبير لمواصلة عملهم المناهض للسياسة الاستعمارية. فبالقاهرة ستتأسس مجموعة من التنظيمات واللجان ذات البعد المغاربي والتي عملت على التعريف بالقضية المغاربية في المشرق العربي. هذه التنظيمات سترتقي فيما بعد إلى أجهزة قائمة بذاتها ، وهي أجهزة اكتسبت طابعا مميزا من حيث مساهمتها في بلورة الكفاح التحرري في المغرب العربي ، يتصدرها مكتب المغرب العربي ولجنة تحرير المغرب العربي.
فكيف نشأ إذن هذين الجهازين ؟ وماهي أوجه مساهمتهما في الكفاح المغاربي من أجل تحقيق الاستقلال ؟ وهل حققا النتائج المرجوة أم أنهما كانا مجرد أجهزة صورية ليس لها أي ثقل ؟
المبحث الأول: انعقاد مؤتمر 1947 وتأسيس مكتب المغرب العربي بالقاهرة
عرفت القاهرة في الفترة مابين 15 و22 فبراير 1947 انعقاد مؤتمر المغرب العربي تحت الرئاسة الشرفية لعبد الرحمان عزام باشا الأمين العام لجامعة الدول العربية، وبحضور مجموعة من المهتمين بالقضايا العربية والمغاربية بشكل خاص، إضافة إلى ممثلين لمختلف الحركات المغاربية في البلدان الثلاث.• فقد مثل تونس حزب الدستور الحر ، ومثل الجزائر حزب الشعب ، أما المغرب الأقصى فقد كان ممثلا برابطة الدفاع عن مراكش والوفد المغربي في جامعة الدول العربية .
انطلق المؤتمر مساء السبت 15 فبراير بالمركز العام لجمعيات الشباب المسلمين بكلمة ألقاها أمين عام جامعة الدول العربية أكد فيها حرص الجامعة على المضي قدما في مساندة الكفاح التحرري المغاربي بكل الوسائل الممكنة ، وفي هذا الصدد قال: " دعاني إخواني ممثلو الحركات الوطنية المغربية {المغاربية} في الشرق العربي لترأس مؤتمرهم الأول، فلبيت دعوتهم ولا أعرف في حياتي أني رفضت دعوة للمغاربة، وليس معنى دعوتهم مشاركتهم في كل شيء، وإنما معناه قبول دعوتهم والموافقة على الأهداف العامة للمؤتمر وفي مقدمتها المطالبة بالاستقلال والحرية. إن المغاربة هم الذين حملوا دعوة الإسلام إلى أوروبا ونحن نتذكر بالفخر آثارهم بالأندلس وحضارتهم بها، وسعة الصدر التي امتازوا بها فهم عماد هذه الأمة في الماضي... والجامعة التي هي سلاح العرب في كفاحهم من أجل الحرية ليست خادمة للأمم المستقلة وحدها بل هي في المقام الأول خادمة للشعوب التي ما تزال في قبضة الاستعمار وفي مقدمتها شعوب المغرب العربي..."
ومن أهم المواضيع التي ناقشها المؤتمر، التأكيد على بطلان الأسس التي يقوم عليها الوجود الاستعماري الفرنسي والاسباني في تونس والمغرب والجزائر، حيث تم الخروج بمجموعة من القرارات المهمة التي تبرز المطالب المشتركة للبلدان الثلاثة يبقى أهمها الإعلان على:
1- بطلان معاهدة الحماية المفروضة على تونس والمغرب وعدم الاعتراف بأي حق لفرنسا في الجزائر.
2- مطالبة الحكومات المغاربية والهيئات الوطنية بإعلان استقلال البلاد.
3- المطالبة بجلاء القوات الأجنبية عن بلاد المغرب العربي كلها.
4- رفض الانضمام إلى الإتحاد الفرنسي في أي شكل من أشكاله.
5- اعتبار أيام احتلال الجزائر ( 5 ماي ) وفرض الحماية على المغرب (30 ماي) وفرض الحماية على تونس ( 12 ماي ) أيام حداد في جميع أقطار المغرب العربي .
6- تعزيز الكفاح في الداخل و في الخارج لتحقيق الاستقلال والجلاء .
وعلى صعيد التنسيق بين الحركات الوطنية فقد اتخذ المؤتمر القرارات التالية:
1- ضرورة الاتفاق بين الأحزاب الوطنية داخل كل قطر إما باندماجها في حزب واحد أو بتكوين جبهة وطنية منها.
2- إحكام الروابط بين الحركات الوطنية في الأقطار الثلاثة .
ولتحقيق هذه الأهداف أوصى المؤتمر بما يلي :
أ- تكوين لجنة دائمة من رجال الحركات الوطنية مهمتها توحيد الخطط وتنسيق العمل لكفاح مشترك .
ب- العمل على توحيد المنظمات العمالية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية في الأقطار الثلاثة وتوجيهها توجيها قوميا.
ج- ضرورة وقوف الأقطار الثلاثة في جبهة واحدة عند حدوث الأزمات في أي قطر منها.
ولم يفت المؤتمر التشديد على الارتباط الوثيق بين المغرب العربي وجامعة الدول العربية التي تأسست سنة 1945. وفي هذا الجانب طالب المشاركون في المؤتمر الجامعة العربية بالعمل بكل ما لديها من قوة للتشهير بقضية البلدان المغاربية في الهيئات الدولية . وقد أصدر في هذا الصدد القرارات التالية:
1- مطالبة الجامعة العربية ب:
أ- إعلان بطلان معاهدتي الحماية المفروضتين على تونس ومراكش وإعلان عدم شرعية احتلال الجزائر وتقرير استقلال هذه الأقطار مع تعيين ممثلين عنها في مجلس الجامعة.
ب- عرض القضية المغربية {المغاربية} على الهيئات الدولية و استعمال كل ما لدى الجامعة من وسائل لمساعدة أقطار المغرب على تحقيق استقلالها الكامل.
ج- إرسال لجنة تحقيق إلى أقطار المغرب { المغرب العربي}.
د- تعيين ممثلين في أقطار المغرب العربي للدول العربية المشتركة في الجامعة.
2- عرض الحالة الثقافية بالمغرب{ المغرب العربي}على الجامعة العربية ومطالبتها بالعمل على نشر الثقافة العربية في كامل بلاد المغرب{ المغرب العربي} وحل مشكلة الطلاب المغاربة الذين يلجئون إلى المشرق بقصد إتمام دراستهم في المعاهد العربية وتذليل العقبات التي يلاقونها.
3- شكر جامعة الدول العربية على كل ما بذلته وتبذله في سبيل المغرب{ المغرب العربي} من جهود.
وللتعريف أكثر بقضية الاستعمار حاول المؤتمر البحث عن صيغة مناسبة لكسب تأييد مختلف الهيئات الدولية، ولهذا الغرض تم اتخاذ القرارات الآتية:
1- رفع مذكرة إلى إحدى الدول العربية يبين فيها بالأسانيد الصحيحة كيف أن فرنسا وإسبانيا خالفتا بسياستهما الاستعمارية كل ما قررته هيئة الأمم المتحدة من مقاصد ومثل عليا وحقوق الأمم والشعوب، ويطلب منها رفع القضية إلى هيئة الأمم المتحدة.
2- أن ترفع الهيئات السياسية المغربية {المغاربية} مذكرة إلى هيئة الأمم المتحدة تشرح فيها اعتداء فرنسا واسبانيا على حقوق الشعب المغربي {المغاربي} وحرياته، ومنعه من استعمال حقه في تقرير مصيره. وأن تطالب بإرسال لجنة للتحقيق في أعمال هاتين الدولتين التي تناقض ما قرر في ميثاق هيئة الأمم المتحدة من مبادئ.
3- إرسال مذكرات من الهيئات السياسة المغربية {المغاربية} إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي ولجنة حقوق الإنسان تشرح فيها كيف اعتدت فرنسا وإسبانيا على حقوق الإنسان الأساسية في المغرب العربي وحطمتا كيانه الاقتصادي والاجتماعي ، وتطلب رفع هذه المسائل إلى الهيئة وإرسال لجنة إلى المغرب للتحقيق.
إلا أن أهم قرار خرج به مؤتمر 1947 هو ضرورة توحيد مختلف المكاتب المغاربية في مصر ، وذلك بتشكيل هيئة موحدة تكون فيها البلدان الثلاثة ممثلة. وفي هذا الشأن أصدر المؤتمر القرار التالي: " تكون رابطة الدفاع عن مراكش في مصر والوفد المراكشي لدى الجامعة العربية ومكتب حزب الشعب الجزائري ، ومكتب الحزب الحر الدستوري التونسي ، تكون مكتبا متحدا يسمى مكتب المغرب العربي."
وبهذا القرار " فقد تكاملت الحركات الوطنية في بلاد المغرب العربي وأصبح السعي إلى تنسيقها وتمتين الروابط بينها ضروريا، ولاشك إن تكاثف أقطاره في كفاحها ضد الاستعمار سوف يعطي هذا الكفاح قوة ليس من الهين التغلب عليها."
أنهى المؤتمر أشغاله يوم 24 فبراير 1947 بحفل كبير بفندق " شبرد" بحضور مجموعة من الشخصيات الكبيرة على المستوى المغاربي والعربي والدولي وبحضور إعلامي كبير، حيث ألقى السيد عبد الكريم غلاب – السكرتير العام للمؤتمر – كلمة نوه فيها بكل من ساهم في إنجاح هذا المؤتمر، وشكر بالخصوص الملك فاروق الأول على كل ما بذله من مجهودات لمساندة القضية المغاربية.
خرج المؤتمر بمجموعة من التوصيات والمسائل يبقى أهمها :
 تأييد القضية المصرية واعتبار أن مصر والسودان بلد واحد.
 تأييد فلسطين العربية والمطالبة بتحريرها .
 تأييد الهند – الصينية في نضالها ضد الاستعمار الغاشم.
 توجيه تحية المؤتمر لجميع زعماء الأحزاب المغاربية.
ومباشرة بعد انتهاء المؤتمر بادر زعماء الحركات المغاربية إلى تنفيذ أبرز قرار تم اتخاذه، ألا وهو تأسيس مكتب المغرب العربي. وفي هذا الصدد تم فتح دار لتوحيد مكاتب الحركات الوطنية المغاربية بالقاهرة .
وقد اشتمل نظام المكتب على ثلاثة أقسام:
 القسم المراكشي: ويتعاون فيه حزب الاستقلال وحزب الإصلاح.
 القسم التونسي: ويشرف عليه حزب الدستور الجديد.
 القسم الجزائري: مخصص لحزب الشعب الجزائري.
وللمكتب مدير عام ينتخبه ممثلو الأحزاب المذكورة في جمعية عمومية لمدة سنة ، وله لجان فنية متعددة.
وقد قام مكتب المغرب العربي وفقا للقوانين المسيرة له بمحاولة جادة لتكسير الحاجز الذي وضعه الاستعمار على البلاد المغربية، وذلك عن طريق القيام بحملة دعاية واسعة في الخارج؛ خاصة في الدول العربية. وفي هذا الشأن عمل على إصدار نشرة أخبار موحدة عن بلاد المغرب يتم توزيعها على الصحافة وشركات الأنباء إضافة إلى أنشطة متعددة كسلسلة من المحاضرات والمؤتمرات في مختلف العواصم العربية، إضافة إلى بعث وفود إلى الخارج للتعريف بقضية المغرب العربي. كما اتخذ المكتب على عاتقه مهمة تمتين العلاقات بين الغرب الإسلامي والشرق الإسلامي، وبينه وبين مختلف المنظمات العربية التي تعهد بالمشاركة في مختلف أنشطتها، خاصة منها جامعة الدول العربية.
وقد اكتسب مكتب المغرب العربي شهرة واسعة على المستوى العربي والإسلامي بل وحتى الدولي وأصبح " مطمح أنظار الذين يهتمون بالشؤون المغربية {المغاربية} ويعملون لها، ومحج الوافدين من شمال إفريقيا خصوصا بعد أن اجتمع فيه زعماء هذه البلاد ونزل بها لأول مرة ، بطل المغرب الأمير عبد الكريم وصنوه الهمام."
وتجدر الإشارة إلى أن تواجد مكتب المغرب العربي لم يقتصر على القاهرة حيث مقره الرئيسي، بل إن فروعه تعددت لتشمل العديد من العواصم العالمية: كدمشق وبيروت وبرلين ونيويورك. وقد سعت مختلف هذه الفروع إلى التشهير بقضية الاستعمار في المغرب العربي وحشد تأييد الرأي العام الدولي من أجل تحقيق المطالب المشروعة للبلدان المغاربية وفي مقدمتها الاستقلال.
عموما فمكتب المغرب العربي كان وليد مؤتمر 15 - 22 فبراير بحيث لا يمكن الفصل بينهما، إذ كما قال امحمد المالكي : " فإن الربط بين تجربة مكتب المغرب العربي والمؤتمر أمر لا مندوحة عنه بالنظر إلى طبيعة القرارات ونوعية التوصيات التي أجمعت عليها وفود الحركات الوطنية الثلاث: الجزائر ( مكتب حزب الشعب بالقاهرة) تونس ( مكاتب الدستور في القاهرة ودمشق) والمغرب الأقصى ( رابطة الدفاع عن مراكش). واعتبارا أيضا للأهمية التي اكتساها الحدث (= المؤتمر) داخل العالم العربي والإسلامي وحتى الدولي إلى حد ما."
وهكذا فإن ما يمكن استنتاجه من مؤتمر المغرب العربي هو أن جدول أعماله ارتكز على ثلاث قضايا رئيسية:
1- إدانة الاستعمار بكل الأشكال والإعلان على أن نظام الحماية المفروضة على تونس والمغرب أصبحت متجاوزة وباطلة وعدم الإقرار بأي حق لفرنسا في الجزائر.
2- التأكيد على الارتباط المتين بين البلدان المغاربية وجامعة الدول العربية ، فقد ألح المؤتمر على أهمية مساهمة الجامعة العربية في تحقيق الاستقلال للبلدان المغاربية. حيث طالبها بعدم الاعتراف بالحماية الفرنسية المفروضة على كل من تونس ومراكش وإعلان عدم شرعية احتلال الجزائر، وتقرير استقلال هذه الأقطار مع تعيين ممثلين عنها في مجلس الجامعة وأيضا عرض القضية المغاربية على الهيئات الدولية واستعمال كل ما لدى الجامعة من وسائل لمساندة الأقطار المغاربية على تحقيق استقلالها الكامل.
3- التركيز على أهمية توحيد الجهود بين الحركات الوطنية في البلدان الثلاث وذلك بتشكيل هيئة موحدة تقف في وجه الاستعمار، وهو ما تم بالفعل بتأسيس مكتب المغرب العربي.
ولتحقيق هذه الأهداف الثلاثة فقد تم تشكيل لجان فنية متعددة أنيطت بكل منها مهمة خاصة.
ففيما يخص القضية الأولى المتعلقة بإدانة السياسة الاستعمارية فقد تشكلت لجنة ضمت كل من:
- الطيب سليم
- عبد الكريم غلاب
- محمد ابن عبود
- الشاذلي المكي
وبالنسبة لموضوع علاقة المغرب العربي بالجامعة العربية وعرض القضية المغاربية على الهيئات الدولية فقد تشكلت لجنة لتتبع هذا الموضوع مثلها كل من :
- الرشيد إدريس
- محمد عبود
- احمد المليح
- الطاهر بن صالح
وبخصوص قضية توحيد جهود الحركات الوطنية في المشرق العربي فقد تشكلت لجنة مصغرة حملت على عاتقها مهمة تحقيق هذا الهدف وتتكون من:
- احمد المليح
- يوسف الرويسي
- عبد الكريم بن ثابت
- الرشيد ادريس.
ومن الضروري أيضا – قبل ختم الحديث حول مكتب المغرب العربي – الإشارة إلى عمل مهم قام به المكتب ، ألا وهو مساهمته الفعالة في عملية نزول الأمير محمد ابن عبد الكريم الخطابي بمصر في مايو 1947 ، هذا الأخير ( الأمير محمد ابن عبد الكريم الخطابي) بوصوله إلى مصر أعطى دفعة قوية وضخ دماء جديدة في شرايين مكتب المغرب العربي ، حيث التف حوله مؤسسو المكتب فتم الإعلان عن ميلاد لجنة تحرير المغرب العربي.
المبحث الثاني: نزول الخطابي بمصر وتـأسيس لجنة تحرير المغرب العربي
بعد قضائه لأكثر من 20 سنة في المنفى بجزيرة لارينيون تمكن الأمير محمد ابن عبد الكريم الخطابي الذي - قاد ثورة الريف ضد الاحتلالين الاسباني والفرنسي – من العودة لمواصلة الكفاح من أجل انعتاق البلدان المغاربية عامة من قبضة الاستعمار، هذه المرة ليس عن طريق المواجهة المباشرة مع المستعمر ، وليس من المغرب ، لكن من القاهرة التي لجأ إليها في 3 ماي 1947. هذا اللجوء سيعطي دفعة قوية للعمل المغاربي المشترك، وذلك بتأسيس لجنة تحرير المغرب العربي التي سعت من خلالها البلدان المغاربية الوقوف ككتلة واحدة في وجه الاستعمار.
ولكن قبل الدخول في تفاصيل وحيثيات تأسيس لجنة تحرير المغرب العربي ، من الضروري العودة إلى عملية نزول الخطابي بمصر والصدى القوي الذي خلفته سواء في المشرق العربي أو حتى في أذهان الشعوب والحركات المغاربية.
فماهي إذن ظروف وحيثيات نزول الخطابي بمصر ؟ وكيف ساهم تأسيس لجنة تحرير المغرب العربي في بلورة فكرة التنسيق المغاربي لمواجهة الاحتلال ؟ وهل استطاعت هذه اللجنة أن تحقق بالملموس وعلى أرض الواقع ما لم تحققه أجهزة التنسيق السابقة أم أنها ظلت مجرد لجنة شكلية ليس لها أي تأثير ؟
المطلب الأول: نزول محمد ابن عبد الكريم الخطابي بمصر: ظروفه وحيثياته
قبل الخوض في هذا الموضوع سنبدأ بفقرة جد معبرة أوردها أحد الباحثين وهي كالتالي:
"هذا عبقري فذ من عباقرة الإسلام، عبقري سياسة وعبقري حرب وقبل ذلك كله فهو عبقري نهضة حضارية اجتماعية نراها الهدف الرئيسي لمجتمعنا الحاضر. عرف معاصروه حقه ومنزلته ولكن الأجيال الجديدة تكاد تنساه وليس ما يستحقه لأن الأمم الحية لا تتخلى عن عظمائها الذين يقدمون له القدوة والمثال لكي يسير على إثرهم كل فرد منا وينسج على منوالهم..."
إن المقصود هنا هو شخصية عظيمة قامت بأعمال كبيرة في سبيل تحرير جميع البلدان المغاربية، هذه الشخصية هي محمد بن عبد الكريم الخطابي. ولد بأجدير سنة 1882 حفظ القرآن الكريم على يد والده ، ثم انتقل إلى فاس لإتمام دراسته حيث تخرج من جامعة القرويين سنة 1908. اكتسب محمد ابن عبد الكريم الخطابي ثقافة مزدوجة؛ عربية إسلامية سلفية من جهة، وغربية اسبانية من جهة أخرى. اشتغل بعد تخرجه بعدة مناصب، فقد عمل معلما وقاضيا في مدينة مليلية. خلف والده على رأس حركة المقاومة الريفية بعد وفاته سنة 1920، حيث تمكن من توحيد قبائل الريف وتنظيم جيش محكم. ورغم اعتماده على إمكانيات بسيطة و تقليدية، فقد تمكن من إلحاق هزيمة مذلة بالقوات العسكرية الإسبانية في عدة معارك ، خاصة في معركة أنوال 21 يوليوز 1921. وكاد بعد ذلك أن يحرر كل المنطقة الشمالية، بل وأصبح يشكل خطرا أيضا على القوات الفرنسية عندما اقترب من مدينة تازة. عند ذلك تحالفت القوتين (الفرنسية والاسبانية) للقضاء على المقاومة الريفية ، حيث استعملتا أفتك الأسلحة وأكثرها تطورا لهذا الغرض.
وعندما تيقن محمد ابن عبد الكريم الخطابي بأن لا سبيل لمواجهة هاتين القوتين قرر الاستسلام في ماي 1926 ، فقامت السلطات الاستعمارية بنفيه إلى جزيرة لارينيون جنوب شرق مدغشقر والتي مكث فيها إلى غاية 1947 ، حيث تمكن من اللجوء إلى مصر لبدئ مرحلة جديدة من النضال ضد الوجود الاستعماري ليس في المغرب فقط بل في كل أرجاء المغرب العربي.
إذن فبحلول سنة 1947 قررت السلطات الفرنسية نقل الأمير محمد ابن عبد الكريم الخطابي من جزيرة لارينيون إلى فرنسا في عملية تعددت التأويلات حول مغزاها، وماذا أرادت السلطات الاستعمارية من ورائها. لكن الظروف شاءت أن لا تكتمل رحلة نقل الخطابي هذه ، فقد تمكن من الإفلات من قبضة الفرنسيين في 31 ماي 1947 في ظروف غامضة اختلفت الروايات حول تفاصيلها ، وحول الجهة التي كانت واقفة وراء هذا التوقف المفاجئ للخطابي بمصر . لكن الثابت هو الدور الكبير الذي قام به أعضاء مكتب المغرب العربي و جميع مناضلي المغرب الكبير في القاهرة ، من أجل تسهيل عملية نزول الأمير وإقناعه بأهمية تواجده في مصر بالنسبة للقضية المغربية التي دخلت في مرحلة حاسمة تحتاج معها إلى تنسيق الجهود والالتفاف حول مرجعية يكون عليها الإجماع بين مختلف مناضلي المغرب العربي. ولن يحقق هذا الأمر سوى محمد ابن عبد الكريم الخطابي.
عموما فلن ندخل في تفاصيل كيفية نزول الخطابي بمصر ولن ندقق في البحث عن الجهة التي كان لها الفضل الأكبر في هذه العملية، لأن الأهم هنا ليس في عملية النزول في حد ذاتها، بل هو في ذلك الزخم و الصدى الكبير الذي نتج عن هذا النزول، سواء في وسط المناضلين بمصر وجميع البلدان العربية أو في نفوس الشعوب والحركات الوطنية داخل المغرب.
وبالفعل فنزول الخطابي بالقاهرة كان قد شكل في تلك اللحظة حدثا كبيرا في مصر، وهو ما تؤكده العناية الفائقة للفاروق الأول ملك مصر والاستقبال الشعبي الكبير الذي حظي به. أما المنابر الإعلامية المصرية والعربية " فقد ظلت شهرين كاملين تحبر المقالات الضافية والفصول البليغة عن القضية المغربية وجهاد رجالها، ولا تترك فرصة تمر إلا وتنشر للأمير الأحاديث الطيبة وتعلق عليها بما يفيد قضية بلادنا (القضية المغاربية ) ويرفع من شأن رجالنا..."
أما في وسط الشعوب المغاربية فقد شكل انعتاق الخطابي من قبضة المستعمر حدثا عظيما ، حيث انبعث أمله في قرب عهد جديد من الحرية.
وبطبيعة الحال فقد جاء رد فعل السلطات الفرنسية على إثر هذه العملية عنيفا، وصل إلى حد التأثير على العلاقات المصرية – الفرنسية ، بحيث أن فرنسا قد اتهمت مصر وحملتها المسؤولية كاملة في هذا الحادث. كل هذه المؤشرات تؤكد خوف السلطات الاستعمارية من انبعاث ثورة جديدة شبيهة بالثورة الريفية ، يقودها الخطابي من جديد نظرا لما له من قوة للتأثير على الجماهير الشعبية في مختلف أنحاء العالم العربي.
بعد ذلك مباشرة شرع الخطابي في مواصلة نضاله الرامي إلى تحرير المغرب العربي من ربقة الاستعمار، حيث حاول تقريب أراء زعماء الحركات المغاربية بدعواتهم إلى تغليب مصلحة الوطن وتجاوز الخلافات الشخصية وتوحيد النضال. في هذا النطاق بادر إلى تأسيس إطار للعمل المغاربي المشترك ألا وهو لجنة تحرير المغرب العربي. وهو ما أشار إليه علال الفاسي حين قال: " لم يكن اعتقال 21 عاما في جو البلاد الحارة وفي دائرة الضغط الاستعماري العظيم بالذي يضعف من عزيمة بطل المغرب وصنوه الكريم ، بل لقد خرجا من هذا المنفى وهما اشد ما يكونان عزيمة واستعداد للعمل ولقد وجدا من تجمع ممثلي الحركات الاستقلالية في المغرب العربي مشجعا على العمل على توحيد الصفوف وتنظيم الجهود ... ولقد أوصى مؤتمر المغرب العربي المنعقد بالقاهرة في فقرة ( ب) من المادة الثانية من فصل تنسيق الخطط على تكوين لجنة دائمة من رجال الحركات الوطنية مهمتها توحيد الخطط وتنسيق العمل لكفاح مشترك..."


المطلب الثاني: تأسيس لجنة تحرير المغرب العربي
بلجوء الخطابي إلى مصر سيخطو العمل المغاربي المشترك خطوة كبيرة لبلورة ما جاء في ميثاق مؤتمر المغرب العربي الذي عقد مابين 15- 22 فبراير ( سبق ذكره في المبحث السابق) والذي نصت إحدى فقراته على ضرورة تكوين لجنة دائمة من رجال الحركات الوطنية المغاربية مهمتها توحيد الخطط وتنسيق الكفاح المغاربي .
وإذا كانت المحاولة الأولى في باريس سنة 1947 - والتي تم بموجبها تكوين لجنة اتصال مكونة من حزب الاستقلال المغربي وحزب الدستور التونسي وحزب الشعب الجزائري – لم تنجح ولم تحقق النتائج المرجوة منها ، فإن المحاولة التي جاءت بعد الدعوة المباشرة التي وجهها الخطابي إلى الحركات الوطنية المغاربية وإلى الزعماء المتواجدين بالقاهرة ستعرف طريقها إلى الوجود وستعرف قبولا لدى مختلف المناضلين المغاربة . في هذا الصدد يقول علال الفاسي : " لما نزل البطل الريفي في القاهرة اتجهت أنظارنا جميعا لتحقيق هذه التوصية بكيفية أوسع تحت رئاسة زعيم المغرب العربي ومجاهده الأول وقد كان في الدعوة التي وجهها البطل نفسه للأحزاب المغربية {المغاربية} ميسرا لتحقيق هذا الأمل ، ولم يكن هناك مخلص إلا وأبدى استعداده لهذا النداء الصادق والرغبة النبيلة."
وبالفعل فقد اقتنع ممثلو الحركات الوطنية المغاربية بضرورة الالتفاف حول الأمير وتلبية دعوته لإخراج هذه اللجنة إلى الوجود .
وفي التاسع من دجنبر 1947 عقد اجتماع تم فيه إقرار القانون الأساسي للجنة وتكون مكتبها كما يلي:
- الرئيس: محمد ابن عبد الكريم الخطابي
- وكيل الرئيس: امحمد بن عبد الكريم الخطابي
- الأمين العام : الحبيب بورقيبة ( حزب الدستور)
- أمين الصندوق : محمد بن عبود ( حزب الإصلاح) .
ومن الضروري الإشارة إلى أن انتخاب الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي رئيس للجنة وأخوه وكيلا للرئيس، هو انتخاب بصفة دائمة. أما فيما يخص الأمين العام وأمين الصندوق فهو انتخاب مؤقت لمدة ثلاثة أشهر.
ومباشرة بعد إحداث هذه اللجنة بعث الخطابي برسالة إلى مختلف الأحزاب والهيئات المغاربية يدعوها إلى المصادقة الرسمية على ميثاق اللجنة وتعيين ممثلين لها فيها. وتم تحديد يوم 5 يناير 1948 هو يوم الإعلان الرسمي عن إنشاء لجنة تحرير المغرب العربي.
وفي اليوم المحدد عقد اجتماع تم فيه توزيع وثيقة التحرير التي صاغها الأمير محمد ابن عبد الكريم الخطابي على مختلف منابر الصحافة العربية والأجنبية التي حضرت بأعداد كبيرة لتغطية أعمال هذه اللجنة.
ومما جاء في البيان التأسيسي للجنة تحرير المغرب العربي:
"منذ أن من الله علينا بإطلاق سراحنا والتجائنا إلى ساحة الفاروق العظيم ونحن نواصل السعي لجمع كلمة الزعماء وتحقيق الائتلاف بين الأحزاب الاستقلالية في كل من مراكش والجزائر وتونس بقصد مواصلة الكفاح في جبهة واحدة لتخليص البلاد من ربقة الاستعمار. وفي هذا الوقت الذي تعمل فيه الشعوب على ضمان مستقبلها وتتطلع فيه أقطار المغرب العربي إلى استرجاع استقلالها المغصوب وحرياتها المضاعة، يتحتم على جميع زعماء المغرب أن يتحدوا ، وعلى كافة الأحزاب الاستقلالية أن تتألف لأدراك أمانينا.
وإذا كانت الدول الاستعمارية على باطلها تحتاج إلى الاتحاد والتساند والتعاقد لتثبيت سيطرتها الاستعمارية، فنحن أحوج إلى الاتحاد وأحق به من أجل إحقاق الحق، وتقويض أركان الاستعمار الغاشم الذي كان نقمة علينا ففرق كلمتنا وجزأ بلادنا، وابتز خيراتنا ، واستحوذ على مقاليد أمورنا ووقف حجرة عثرة في سبيل تقدمنا ورقينا، ثم حاول بكل الوسائل أن يقضي على مقوماتنا كأمة عربية مسلمة .
ويسرني أن أعلن أن جميع الذين خابرتهم في هذا الموضوع من رؤساء الأحزاب المغربية ومندوبيها بالقاهرة قد أظهروا اقتناعهم بهذه الدعوة واستجابتهم لتحقيقها وإيمانهم بفائدتها في تقوية الجهود، وتحقيق الاستقلال المنشود. ولقد كانت الفترة التي قطعناها في الدعوة للائتلاف خيرا وبركة على البلاد فاتفقت مع الرؤساء ومندوبي الأحزاب الذين خابرتهم على تكوين لجنة تحرير المغرب العربي من سائر الأحزاب الاستقلالية في كل من تونس والجزائر ومراكش..."
ومن أهم الأهداف والتوصيات التي خرج بها اجتماع 5 يناير 1948 نجد ما يلي:
1- المغرب العربي بالإسلام كان وللإسلام عاش وعلى الإسلام سيسير في حياته المستقبلية.
2- المغرب جزء لا يتجزأ من بلاد العروبة وتعاونه في دائرة الجامعة العربية على قدم المساواة مع بقية الأقطار أمر طبيعي ولازم.
3 – الاستقلال المأمول للمغرب العربي هو الاستقلال التام لكافة أقطاره الثلاثة.
4- لا غاية يسعى إليها قبل الاستقلال.
5 – لا مفاوضة مع المستعمر في الجزئيات ضمن النظام الحاضر .
6 – لا مفاوضة إلا بعد إعلان الاستقلال.
7 – للأحزاب أن تدخل في مخابرات مع ممثلي الحكومتين الفرنسية والاسبانية على شرط إن تطلع اللجنة على سير مراحل هذه المخابرات أولا بأول .
8 – حصول قطر من الأقطار الثلاثة على استقلاله التام لا يسقط عن اللجنة واجبها في مواصلة الكفاح لتحرير البقية.
وباستقراء متمعن لبيان تأسيس لجنة تحرير المغرب العربي يتضح رفض الانضمام إلى الاتحاد الفرنسي في أي شكل من أشكاله وبالمقابل التأكيد على انتماء البلدان المغاربية إلى العروبة والإسلام، مما يوضح نمو الوعي القومي لدى زعماء الحركات المغاربية. كما جددت اللجنة رفضها القاطع الدخول في أي مفاوضات دون تحقيق الاستقلال في كافة البلدان الثلاثة. وإن فتحت الباب لكل دولة للدخول في مفاوضات مع الاستعمار شريطة اطلاع اللجنة على تفاصيل هذه المفاوضات.
وقد وقع الميثاق التأسيسي للجنة تحرير المغرب العربي كل من:
- الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي وأخوه محمد الخطابي
- حزب الشورى والاستقلال المغرب
- حزب الاستقلال المغرب
- حزب الوحدة المغربية المغرب
- حزب الإصلاح الوطني المغرب
- حزب الشعب الجزائري الجزائر
- الحزب الحر التونسي الجديد تونس
- الحزب الحر التونسي القديم تونس.
إذن فقد قام محمد بن عبد الكريم الخطابي بعمل كبير لتوحيد صفوف الزعماء المغاربة، وكسب تضامن مختلف الهيئات العربية مع القضية المغاربية، خاصة منها جامعة الدول العربية التي كان يرى فيها الممر القانوني نحو مختلف الهيئات الدولية. وحاول الخطابي أن يعطي للجنة تحرير المغرب العربي ميزة العمل الميداني الواقعي البعيد عن الاحتفالات.وهكذا فقد " ارتفع بها من وسيلة للمناورات السياسية الحزبية إلى وسيلة لتعبئة الرأي العام العربي والإسلامي ولأعداد أطر المقاومة المسلحة فعمل على إلحاق بعض الطلبة من كل بلدان المغرب العربي... بمراكز التدريب العسكرية في قواعد جمعية الإخوان المسلمين أو الالتحاق مباشرة بالكليات العسكرية في البلاد العربية... وذلك رغم تحفظ بعض أعضاء اللجنة الذين كانوا يؤمنون بالوسائل السياسية لتحقيق مطالبهم من فرنسا ..."
وهكذا فقد شكلت تجربة لجنة تحرير المغرب العربي ( رغم كل ما يمكن إن يقال عن هذه اللجنة ) محطة بارزة من محطات التضامن والتنسيق المغاربي المشترك. ولاشك في ذلك فقد ضمت تشكيلة متنوعة من القوى الوطنية المغاربية التي توحدت في إطار منظم رغم اختلاف توجهاتها ومشاربها السياسية.
إن ما يمكن استخلاصه من الميثاق التأسيسي للجنة تحرير المغرب العربي الذي صاغه وأذاعه محمد ابن عبد الكريم الخطابي هو:
 أن هناك إجماع لمختلف الحركات الوطنية المغاربية على رفض نظام الاستعمار والتشهير بسياسته.
 الدعوة إلى مقاومة أساليبه.
 أن هناك اقتناع بضرورة العمل المشترك بين مختلف فصائل الحركات الوطنية إلى حد الربط بين استقلال الأقطار المغربية وعدم الفصل بينها.
 التوجه القومي العربي.

خلاصة واستنتاج
إجمالا فقد شكل مكتب المغرب العربي ولجنة تحرير المغرب العربي مثالا بارزا للتضامن المغاربي ، بالنظر إلى تجربتهما الخصبة وفعاليتهما النضالية . إلا أن " تأكيد المظاهر الإيجابية في تجربة هذا الجيل من منظمات التنسيق والعمل المشترك لا يمنع من طرح جملة من التساؤلات المرتبطة بطبيعة التجربة في حد ذاتها ، من حيث حصيلتها في تطوير وتأصيل فكرة المغرب العربي ، بنوعية الفاعلين فيها برنامجهم حدود انسجامهم مدى استقلاليتهم عن أقطارهم في التفكير والمبادرة والتقرير والأكثر لماذا لم تعمر تجربة التنسيق أكثر من ثلاث سنوات إذا اعتبرنا 1949 هي سنة الموت الفعلي لمكتب المغرب العربي ولجانه ( منها لجنة تحرير المغرب العربي )."
إن مختلف هذه التساؤلات تؤدي بنا حتما إلى استعراض جملة من الأسباب والعوامل التي ساهمت بشكل أو بآخر في إقبار تجربتي مكتب المغرب العربي ولجنة تحرير المغرب العربي منذ بدايتها وفي فشل الزعماء المغاربة وعدم استطاعتهم تنفيذ مقررات مؤتمر 1947 وما جاء في الميثاق التأسيسي للجنة تحرير المغرب العربي على أرض الواقع. وفي الحقيقية فهي عوامل كثيرة و متشابكة سنكتفي بالإشارة إلى أهمها:
1- هيمنة العمل القطري على فكر قادة الحركات الوطنية بحيث أن مسألة توحيد النضال لم تطرح كقضية رئيسية بعيدة عن الحسابات السياسية الضيقة لكل قطر، وإلا " فبماذا يمكن تفسير نزوع تونس نحو التفاوض القطري مع المستعمر منذ 1949 وحتى لحظة التوقيع على اتفاقية الحكم الذاتي ( 31 تموز / يوليوز 1954) ثم استقلال قطري لكل من المغرب ( 3 آذار / مارس 1955) وتونس ( 20 آذار / مارس 1955) وبقاء الجزائر ( 3 تموز / يوليوز 1963 ).
2- الحواجز القوية التي وضعها الاستعمار في بلدان المغرب العربي بحيث إن إمكانية حدوث أي تواصل وتنسيق أي عمل كانت شبه مستحيلة، وهو ما أشار إليه ادريس الرشيد حين قال: " تبدو لي الصعوبات التي اعترضتنا طبيعية... نظرا للحواجز التي أقامها الاستعمار بين الأقطار الثلاثة، وكانت في كل قطر حواجز تفصل بين جهاته كالمنطقة الخليفية والمنطقة السلطانية في مراكش، والتراب المدني والتراب العسكري في تونس، والجزائر ذاتها مقسمة أقساما..."
3– تباين وجهات النظر داخل مكتب المغرب العربي، إذ ضم اتجاهين يكادان يتعارضان؛ اتجاه ملتزم بالعمل المشترك واعتماد الكفاح المسلح كوسيلة واحدة لمواجهة الاستعمار، واتجاه آخر ميال إلى الاستقلال القطري والى اعتماد الدعاية وأسلوب التفاوض السياسي كخيار للنضال من أجل الاستقلال.
هذه الخلافات ستبرز بشكل واضح في لجنة تحرير المغرب العربي خاصة بين معظم زعماء الحركات الوطنية ومحمد ابن عبد الكريم الخطابي. وهو ما أشار إليه محمد زنيبر بقوله :" كان هناك سوء فهم أساسي بين الزعماء الوطنيين وبين عبد الكريم حول الدور الذي كان على هذا الأخير أن يلعبه. بالنسبة للوطنين لم يكن قيامهم بتنظيم عملية إنزال عبد الكريم إلى مصر سوى عمل تكتيكي في الصراع ضد الاستعمار... كان على عبد الكريم في نظرهم الاكتفاء بدور صوري فخري... من جانبه لم يكن بطل الريف يهدف إلى الدخول في هذه اللعبة، فشخصيته القوية لم تكن لتتيح له القيام بهذا الدور الممحي، إنه كان يريد الاطلاع كليا بمسؤولياته كزعيم قائد..."
وهذا ما عكسته أيضا بيانات وتصريحات الأمير محمد ابن عبد الكريم الخطابي نفسه. ففي تصريح له لإحدى المجلات قال:" من سوء الحظ أنني عشت لأرى أفكاري هذه تتشتت ولأشهد مصارعها واحد اثر الأخرى فقد دخلت الانتهازية وحمى المتاجرة في قضيتنا الوطنية، ووجد من بين أعضاء هذه اللجنة من يسعى لتفتيت وحدة قضيتنا وتجزئتها، ففي الوقت الذي كنت أفكر فيه لإدماج بلدان المغرب العربي في مشكلة واحدة نشأ ولا أدري كيف اتجاه تقسيم هذه البلدان إلى وحدات منفصلة ... وقد تعذبت كثيرا وأنا أرى أني عاجز عن مقاومة هذا الفساد الطاغي ، وعندما ظهر تماما أنني لا أستطيع المضي في هذا الطريق الملتوي ، انسحبت وقطعت كل علاقاتي بإخواني الموجودين في مصر ولكنني على صلة بشعبي في المغرب العربي..."
عموما فببداية عقد الخمسينيات سيكاد نشاط مكتب المغرب العربي ولجنة تحرير المغرب العربي يتوقف ، بحيث سيصبح تواجدهما شكليا وستصاب الشعوب المغاربية بخيبة أمل كبيرة نتيجة فشل هاتين التجربتين في ترسيخ وحدة مغاربية حقيقية. وسيزيد من حدة الوضع التطورات المنفردة لكل قطر واتجاه تونس والمغرب كما رأينا إلى تحقيق استقلالهما. لكن رغم القول بالفتور الذي أصاب التضامن المغاربي فقد ظهرت محاولة أخرى لإحياء هذا التضامن يبقى أهمها مؤتمر طنجة 1958.
المبحث الثالث : مؤتمر طنجة 1958 المحاولة الفعلية لتحقيق
الوحدة المغاربية

عرفت أجهزة التنسيق المغاربية خلال بداية الخمسينيات فتورا واضحا على المستوى السياسي ، نتيجة الخلافات الكثيرة بين الحركات الوطنية المغاربية خاصة في أسلوب مواجهة المستعمر. مما أدى إلى اختيار كل قطر للعمل المنفرد على حساب العمل الجماعي، مما أفضى في النهاية إلى استقلال منفصل لكل من تونس والمغرب. وقد استمر هذا الفتور إلى سنة 1958 ، وهي سنة انعقاد مؤتمر طنجة. فهل سيجسد هذا المؤتمر - الذي نعت بمؤتمر الوحدة – نزعة القطرية ويرسمها ؟ أم سيطرح بدائل من شأنها أن تساعد على استكمال استقلال المغرب العربي (= الجزائر) وتعيد إلى مشروع التنسيق والعمل المشترك ديناميته التي بدأت تفقد مضمونها في سياق وزحمة الاستقلالات الوطنية ؟
1- ظروف انعقاد مؤتمر طنجة وأهم قراراته :
عرفت مدينة طنجة المغربية في الفترة مابين 27و30 أبريل 1958، حدثا تاريخيا كبيرا جرت وقائعه بقصر مارشان تمثل في مؤتمر مغاربي دعا إليه حزب الاستقلال المغربي وشارك فيه (إلى جانب حزب الاستقلال) كلا من حزب الدستور الجديد التونسي وجبهة التحرير الجزائرية.•
كانت المنطقة المغاربية خلال فترة انعقاد المؤتمر تمر في ظروف عصيبة جدا، إذ شهدت تصعيدا استعماريا خطيرا تمثل في الهجوم الشامل على جيش التحرير المغربي وتدميره في إطار ما يعرف بعملية المكنسة، والعدوان على تونس (حادث قرية سيدي يوسف في فبراير 1958)، إضافة إلى تشديد الخناق على الثورة الجزائرية.
كان هذا المؤتمر في البداية عبارة عن لقاء بسيط بين الأحزاب المغاربية ، لكن سرعان ما أخد شكل اجتماع رسمي هدفه اتخاذ تدابير مستعجلة لاستكمال استقلال المنطقة ووضع أسس وحدة مغاربية فعلية.
انصبت أشغال مؤتمر طنجة حول أربع نقاط رئيسية وهي:
- دراسة كيفية مساعدة الجزائر في حربها من أجل الاستقلال.
- العمل على االتخلص من مخلفات الاستعمار في كل من تونس و المغرب .
- الانتقال بالعلاقات المغاربية من مجرد التضامن و الحماس إلى تحقيق التكامل في إطار وحدة فيدرالية فعلية .
- إنشاء الهياكل والمؤسسات التي بإمكانها تنفيذ قرارات المؤتمر على أرض الواقع .
والملاحظ أن استمرار الاستعمار في الجزائر وحضور جبهة التحرير الجزائرية قد جعل المؤتمر يخصص القسم الأكبر من أشغاله لدعم الكفاح الجزائري، وهو ما اتضح بشكل كبير من خلال القرارات والتوصيات التي خرج بها. ومن جملة هذه القرارات نذكر:
- حق الجزائر المقدس في السيادة واعتبار الاستقلال هو الشرط الوحيد لحل النزاع الفرنسي-الجزائري.
- التوصية بتكوين حكومة جزائرية بعد استشارة حكومتي المغرب وتونس
- تغطية أخبار الكفاح الجزائري والتعريف ببطولاته وفضح المواقف والممارسات الاستعمارية البربرية .
إلى جانب قضية الجزائر فقد اقترح مؤتمر طنجة أيضا إنشاء فدرالية المغرب العربي. ولهذا الغرض تقرر تكوين " مجلس استشاري للمغرب العربي منبثق عن المجالس الوطنية المحلية في تونس والمغرب وعن المجلس الوطني للثورة الجزائرية، ومهمته درس القضايا ذات المصلحة المشتركة وتقديم التوصيات للسلطات التنفيذية المحلية."

2 - ردود الفعل اتجاه مؤتمر طنجة :
خلف مؤتمر طنجة 1958 ردود فعل متباينة سواء في المغرب العربي أو خارجه ؛ فعلى مستوى البلدان الثلاثة (تونس- المغرب- الجزائر) لقي المؤتمر استحسانا من مختلف الجهات سواء الرسمية منها أو الشعبية. كما رحبت ليبيا بمقررات المؤتمر وأكدت استعدادها الغير مشروط للمشاركة في مختلف الهيئات التي انبثقت عنه. أما وسائل الإعلام المغاربية على اختلاف توجهاتها فقد نوهت بهذا المؤتمر واعتبرته أرضية صالحة لتحقيق الوحدة الفعلية التي ينشدها كل أبناء شعب المغرب العربي.وبخلاف ذلك ففي المشرق العربي قد قامت حملة عنيفة ضد هذا المؤتمر الذي تم اتهامه بمعاكسة الوحدة السورية – المصرية، إذ ظهر تخوف كبير لدى العديد من الزعماء المشارقة ، خاصة جمال عبد الناصر الذي كان يخشى انفصال المغرب العربي عن المشرق. هذا التخوف مبني أساسا على عدة عوامل من بينها:
- ماعرفت به ثورة يوليوز 1952 من تحفظ إزاء كل عمل تقوم به الأحزاب. فقد كان الرئيس جمال عبد الناصر متأثرا بالتجربة المصرية نفسها وما لقيت من صعاب بسبب وجود الأحزاب التي كانت قائمة قبل 1952، ومن هنا كان في القاهرة نفور شبه طبيعي من الأحزاب القديمة مهما اختلفت ظروفها التاريخية ومواقعها الجغرافية.
- اعتبار القاهرة لمؤتمر طنجة دعوة مشبوهة لاحتواء جبهة التحرير الجزائرية من طرف المغرب وتونس وإبعادها عن خط القاهرة ودمشق .
تلك هي إذن أهم المؤاخذات والاتهامات التي تم توجيهها إلى مؤتمر طنجة والى الداعين إليه( بصفة خاصة علال الفاسي). لكن الواقع يؤكد شيئا آخرا، فالدعوة إلى الوحدة المغاربية لم تكن وليدة تلك الفترة بل سبقت بكثير الوحدة المصرية – السورية. وهذا ما يؤكده تصريح لعلال الفاسي قبل شهر من إعلان هذه الوحدة يقول فيه :" الآن قد تحقق الاستقلال. فمن واجبنا أن نبذل أقصى مجهوداتنا لتحقيق التعاون الذي كان شعار الحركات المغاربية ... وأن نتجه إلى توحيد الشمال الإفريقي في دولة واحدة متحدة لأنه لم يعد هناك مجال للعزلة ولا للوطنية الضيقة .
وبخصوص وجهة نظر علال الفاسي حول الوحدة المصرية - السورية فقد أكد على أنها كانت " نتيجة منطقية للمجهودات التي بذلها الشعب السوري بصفة خاصة ورجال الثورة في مصر. وإنها صفة جديدة في تاريخ الشرق الأوسط تخرج بفكرة العروبة من طور العاطفة إلى طور الواقع..."
3- تقييم مؤتمر طنجة :
إذا كان مؤتمر طنجة قد شكل المحطة الأولى التي تم فيها تجاوز مبدأ التضامن والتنسيق العفوي إلى محاولة العمل من أجل تجسيد مشروع المغرب العربي الموحد. فإنه للأسف الشديد ظلت معظم قراراته مجرد حبر على ورق، فهي لم تترجم على أرض الواقع. مما جعل مشروع الوحدة الذي أقره هذا المؤتمر يراوح مكانه عند نقطة الصفر.
وقد ساهمت مجموعة من العوامل في عدم تطبيق توصيات مؤتمر طنجة من بينها:
 تراجع اهتمام الحركات الوطنية المغربية بمسألة الوحدة وانشغالها بمشاكلها الداخلية.
 الخلافات الحدودية الكثيرة بين البلدان المغاربية خاصة بعد استقلال الجزائر.
 اختلاف الأنظمة السياسية والاقتصادية المتبعة في البلدان المغاربية .
 تراجع دور الأحزاب التي حضرت مؤتمر طنجة ، بحيث لم تعد لها القدرة لا على الفرض السياسي ولا على تحريك الجماهير الشعبية.
لكن إجمالا، فرغم ما يمكن أن يقال عن مؤتمر طنجة من مؤاخذات ، إلا أنه شكل محطة بارزة في مسار الوحدة المغاربية الطويل، وتكمن أهميته في كونه اللبنة الأساسية لمشروع الوحدة المغاربية بعد استقلال جميع البلدان المغاربية ، وهو ما سنراه في المحور القادم.







المحـــور الثـــاني:

الوحدة المغاربية بعد الاستقلال:
محطاتها – صعوباتها – آفاقها



المبحث الأول: مسار الوحدة المغاربية من الاستقلال إلى سنة 1989.
المبحث الثاني: انعقاد قمة مراكش 1989 وتأسيس اتحاد المغرب العربي.

المبحث الأول: مسار الوحدة المغاربية من الاستقلال إلى سنة 1989.
منذ زمن بعيد ظل المغاربة يحلمون ببناء مغرب عربي موحد، مستندين في ذلك على توفر كل مقومات الوحدة من جغرافيا وتاريخ ودين ولغة مشتركة.
وإذا كانت محاولات التنسيق في السابق – خاصة في فترة الكفاح من أجل الاستقلال – لم تنجح في وضع تصور حقيقي لوحدة مغاربية فعلية وشاملة، فإنه بعد الاستقلال وزوال العائق الرئيسي (المفترض) الذي وقف في وجه جميع المحاولات الوحدوية السابقة، كان من المتوقع أن يتم الشروع في وضع أسس وحدة قوية ومتكاملة تنصهر فيها جميع البلدان المغاربية، خاصة وأن أرضية هذه الوحدة قد توفرت على المستوى النظري (مقررات مؤتمر طنجة 1958) ولم يبق سوى البحث عن السبل الكفيلة لتجسيدها على أرض الواقع حتى لا تبقى مجرد حبر على ورق. ولعل أحد الفاعلين في تلك الفترة كان محقا حين قال: " لا يجوز أن تبقى وحدة المغرب العربي مجرد شعار أجوف دون مدلول، بل يجب أن يعطى لهذا الشعار مضمونه الصحيح، وذلك عن طريق توحيد المنظمات الجماهيرية وإقامة المؤسسات السياسية والإدارية المتوازنة وتنسيق توجهاتها السياسية... ومن شأن هذه التدابير التمهيدية المدروسة والمقررة على مستوى المنظمات الشعبية أن تحط الطريق نحو الوحدة الحقيقية "
إلا أن آمال الشعوب المغاربية في تحقيق التكامل ستصطدم بالواقع الذي يؤكد شيء آخر وهو غياب الإرادة السياسية لدى صناع القرار من أجل جعل فعل الوحدة هدفا استراتيجيا. ففي الوقت الذي كان فيه منتظرا اتخاذ تدابير مستعجلة لتوحيد الصفوف واستغلال كل الطاقات المادية والبشرية للوقوف في وجه التحديات الكبرى سواء في الداخل أو الخارج، حدث أمر لم يكن في الحسبان إذ توترت العلاقة بين تونس والجزائر حول منطقة حدودية، ثم الأخطر من ذلك فقد اندلعت مواجهة عسكرية بين المغرب والجزائر في أكتوبر 1963.
طبعا لن نحاول الحكم ولا الدخول في تفاصيل هذه الحرب التي عرقلت مسار بناء الوحدة المغاربية، ولن نحاول البحث عن الطرف الذي يتحمل المسؤولية في اندلاعها، حتى لا ننساق وراء لعبة الاتهامات و الاتهامات المضادة التي لا طائل منها. لكن الواضح أن هذه المواجهة ما هي إلا من مخلفات الاستعمار الذي عمل قبل خروجه على ترك كل ما من شأنه أن يعرقل أية محاولة لتحقيق الوحدة، وهو ما لم ينتبه إليه عن قصد أو عن غير قصد الجزائريون للأسف الشديد، عندما رفضوا تسوية مشكل الحدود مع المغرب. عموما " فلم يجن لا المغرب والجزائر من حرب 1963 أي ثمرة سوى عرقلة وحدة شعوب المغرب العربي في البداية، وإبعاد الرأي العام الوطني عن الاهتمام بها، في انتظار الفرصة السانحة لنسفها نهائيا، وتعريض مشروعها للسخرية، بعد إقامة ألف دليل على فشلها وسخفها في جميع المناسبات المواتية"
لكن رغم هذه الأحداث فإن هاجس الوحدة ظل موجودا في فكر الشعوب المغاربية، بحيث دعت أصوات من مختلف البلدان المغاربية إلى ضرورة تجاوز الخلافات السياسية من أجل بناء مغرب عربي قوي. وإذا كانت السياسة قد أقبرت كل إمكانية قيام الوحدة، فإن هذه الأصوات دعت إلى البحث عن مجالات أخرى للتعاون والتقارب والتكامل كمرحلة أولى لتحقيق الوحدة الشاملة.
ويعتبر الميدان الاقتصادي من بين الميادين التي كان بإمكانها أن تعطي دفعة قوية لمسار بناء المغرب العربي الموحد، ذلك أن الوحدة الاقتصادية هي "الوسيلة الوحيدة لتمكين ستين مليون مغربي (مغاربي) من القدرة الذاتية على مواجهة تكاليف التجهيزات الأساسية العملاقة، الباهظة الثمن وغير السريعة المردودية، والضرورية ضرورة مطلقة لانطلاقنا الحضاري"
وهذا ما تم بالفعل، فقد تم عقد مجموعة من اللقاءات وتم تشكيل مجموعة من اللجان المشتركة التي أسندت إليها مهمة الإعداد لمشاريع سوسيو-اقتصادية وثقافية مشتركة.
ومن أهم هذه اللقاءات يمكن ذكر:
- الاجتماع الأول لوزراء الاقتصاد والمالية لكل من المغرب والجزائر وتونس وليبيا في 01/10/1964 بتونس، وذلك بهدف تعميق التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدان المغاربية.
ثم تلته بعد ذلك سلسلة من اللقاءات والمؤتمرات التي حاولت التنبيه إلى ضرورة الاهتمام بالتصنيع والتنسيق في هذا المجال والتخطيط لأعمال اللجان المشتركة في عدد من الميادين وإن كان التركيز في هذه الفترة قد انصب حول قطاعي الصناعة والتجارة.
ومن أهم نتائج هذه اللقاءات تشكيل "اللجنة الاستشارية الدائمة للمغرب العربي". هذه اللجنة تألفت من مندوبي كل من المغرب والجزائر وتونس وليبيا واتخذت من العاصمة التونسية مقرا لها. وقد قامت هذه اللجنة بإنجاز مجموعة من الدراسات التقنية التي همت مجموعة من القطاعات، كما أعدت مجموعة من المشاريع المشتركة على المستوى الاقتصادي من بينها:
 مشروع الشركة المغربية للطيران.
 مشروع القطار المغاربي تونس – الدار البيضاء.
 مشروع التكامل الكهربائي المغاربي
 مشروع المواصفات الصناعية.
 مشروع البنك المغاربي للإدماج الصناعي.
ولكن للأسف الشديد فإن هذه المشاريع المهمة والتي كان بإمكانها أن تحقق تنمية شاملة في كافة البلدان المغاربية لم تر النور، بحيث طالها الإهمال وظلت مجرد حبر على ورق، مما جعل إمكانية تحقيق التعاون خلال الفترة التي أعقبت الاستقلال ولو على المستوى الاقتصادي ليست لها أية حظوظ.
إذن فقد لعبت السياسة (ومازالت تلعب) دورا كبيرا في عرقلة مسيرة بناء مغرب عربي موحد. وفي الوقت الذي كان فيه من المفترض فتح حوار جدي وأخوي للبحث عن مكامن الخلل وتقريب وجهات النظر، ستتعرض الوحدة المغاربية لنكسة أخرى، تمثلت في استمرار الجزائر بمعاكسة المغرب في حقوقه المشروعة على الصحراء، مما أدخل الطرفين في مواجهة عسكرية في 27 يناير 1976 وهي المعروفة بحرب الرمال.
هذه المواجهة شكلت صفعة قوية لمسار الوحدة المغاربية، فبعدها هيمنت العلاقات الثنائية على التوجه الجماعي، وأصبحت كل دولة (المغرب والجزائر) تسعى بشتى الطرق لاستمالة الدول المغاربية الأخرى إلى صفها.
وبعد صدام 1976 شهدت العلاقات المغاربية بصفة عامة والمغربية-الجزائرية بصفة خاصة نوعا من الركود والفتور استمر إلى غاية بداية الثمانينيات، حيث ظهرت محاولات جديدة لإعادة بعث مشروع بناء وحدة المغرب العربي وإنقاذه من الانهيار. هذه المحاولات ركزت على أهمية الوحدة لحل الخلافات والمشاكل العالقة بين دول المنطقة والموروثة أساسا عن الحقبة الاستعمارية. وهذا ما عبر عنه أحد السياسيين آنذاك بقوله أن " وحدة المغرب العربي... هي الطريق الوحيد لتجاوز مشاكل الحدود الاستعمارية، والتكتيك الأرشد، لامتصاص سواقط النزاع الترابي الخطير حول الأقاليم المغربية المترامية الأطراف التي انتزعتها الأوساط الاستعمارية الفرنسية من المغرب..."
ونتيجة لهذه الدعوات ستعرف العلاقات المغاربية (خاصة منها المغربية الجزائرية) نوعا من الانفراج، بحيث انعقدت مجموعة من اللقاءات بين قائدي البلدين طيلة عقد الثمانينيات، هذا الانفراج تم تتويجه بانعقاد قمة زرالدة بالجزائر في 10 يونيو 1986، هذه القمة شكلت انطلاقة جديدة في مسار بناء صرح المغرب العربي.
وقد شكل المجتمعون في هذه القمة لجنة مغاربية عليا انبثقت عنها خمس لجان فرعية وهي:
- اللجنة المالية والجمركية.
- اللجنة الاقتصادية.
- اللجنة الاجتماعية والإنسانية والمالية.
- لجنة القضايا التنظيمية.
- لجنة الثقافة والإعلام.
وبشكل عام فما يمكن استنتاجه أن هذه الفترة (من الاستقلال إلى سنة 1989) قد عرفت محاولات عديدة لتجاوز الخلافات السياسية الموروثة عن الحقبة الاستعمارية، وتحقيق نوع من التعاون في العديد من المجالات خاصة على المستوى الاقتصادي.لكن كل المحاولات سيكون مآلها الفشل، بحيث ظلت معظم القرارات التي تم الخروج بها في العديد من اللقاءات مجرد شعارات براقة لم تخرج من دائرة ما هو نظري لتجد طريقها إلى التطبيق، وذلك بسبب افتقارها إلى الفعالية وانعدام متابعتها وتقييمها، وبسبب غياب إرادة سياسية حقيقية لجعل التعاون والوحدة هدفا استراتيجيا بحيث ظلت النزعة القطرية والتكتيك الضيق والانغلاق حول الحدود الموروثة عن الاستعمار، هي العوامل الموجهة لسياسة كل دولة. هذا دون إغفال دور مختلف الأزمات الطارئة التي نشبت بين دول المنطقة، والتي ساهمت في تأجيل الوحدة المغاربية إلى إشعار آخر (الخلاف الجزائري التونسي حول الحدود – حرب 1963 بين المغرب والجزائر – الصدام العسكري المغربي الجزائري سنة 1976).
فهل سيتغير الأمر بعد انعقاد قمة مراكش 1989 وتأسيس اتحاد المغرب العربي؟
المبحث الثاني: انعقاد قمة مراكش وتأسيس اتحاد المغرب العربي.
إذا كانت جميع محاولات التعاون بعد الاستقلال قد اصطدمت بواقع الخلافات الكثيرة الموروثة عن الحقبة الاستعمارية، بحيث ظلت جميع القرارات التي تم الخروج بها في مجموعة من اللقاءات شكلية ولم تترجم إلى أرض الواقع، فإن بوادر تغيير هذا الوضع قد لاحت في الأفق منذ أواخر الثمانينيات، بحيث عرفت العلاقات بين البلدان المغاربية بصفة عامة نوعا من التحسن، خاصة بين المغرب والجزائر، هذا التحسن تم تتويجه بعقد قمة مراكش وإعلان ميلاد اتحاد المغرب العربي سنة 1989.
1- انعقاد قمة مراكش 1989 والمصادقة على معاهدة تأسيس اتحاد المغرب العربي:
انعقد في 16 فبراير 1989 بمدينة مراكش المغربية اجتماع حضر فيه قادة الدول المغاربية الخمسة [الشاذلي ابن جديد (الجزائر) معمر القدافي (ليبيا) الحسن الثاني (المغرب) معاوية ولد الطايع (موريتانيا) زين العابدين بن علي (تونس)]. هذا الاجتماع تم فيه الإعلان الرسمي عن ميلاد اتحاد المغرب العربي، هذا الأخير سيشكل تأسيسه منعطفا حاسما في مسيرة الوحدة المغاربية، بحيث تم الانتقال بهذه الوحدة من مجرد النوايا الحسنة والتصريحات والقرارات الشكلية إلى مرحلة أكثر واقعية وأكثر قابلية للتطبيق على أرض الواقع.
إذن فقد شكل يوم 16 فبراير 1989 محطة تاريخية هامة بالنسبة للشعوب المغاربية التواقة إلى العيش في وطن واحد لا تعيقه أية حدود جغرافية. في هذا الصدد قال الملك المغربي الراحل الحسن الثاني في الخطاب الذي ألقاه في الجلسة الافتتاحية لقمة مراكش: " إنها للحظة تاريخية هذه التي نعيشها اليوم... إننا نحقق حلم خامر آبائنا وأعمامنا وإخواننا ومن سبقونا... رغم الاستعمار كانوا دائما يجدون في نفوسهم لواعج حنين لأيامنا الزاخرة المشرقة، تلك الأيام التي كان فيها مغربنا الكبير جناحا للعروبة والإسلام...".
وقد أشارت وثيقة الإعلان عن قيام اتحاد المغرب العربي إلى المقومات المشتركة وإلى الأهداف المرجوة من تأسيس هذا الاتحاد والمتمثلة أساسا في تشكيل مجموعة متكاملة بإمكانها الصمود في وجه التكتلات الجهوية والدولية وبإمكانها تعزيز استقلال البلدان المغاربية.
وقد ضمت معاهدة تأسيس اتحاد المغرب العربي مجموعة من المواد والبنود التي هدفت إلى وضع إطار تنظيمي يسهل سير عمل الإتحاد ويقنن كل قراراته. ولتجسيد هذه المواد على أرض الواقع تم تشكيل مجموعة من الأجهزة والمؤسسات، أنيطت بكل جهاز مهمة محددة لكن في تكامل أوتوماتيكي مع باقي الأجهزة.
2- أجهزة الاتحاد ومؤسساته:
 المجلس الرئاسي: وهو أعلى جهاز في الإتحاد. يتكون من قادة الدول الخمس، وهو الهيئة الوحيدة التي لها الحق في اتخاذ القرارات، وذلك بإجماع الأعضاء الخمس، وتكون رئاسة المجلس بالتناوب لمدة سنة. يعقد هذا المجلس اجتماعاته العادية كل سنة.
 مجلس وزراء الشؤون الخارجية: يتشكل هذا المجلس من وزراء خارجية البلدان الخمس وأمين اللجنة، ومن أبرز مهامه: الإعداد لدورات مجلس الرئاسة ومراجعة اقتراحات مختلف اللجان الوزارية المتخصصة ورفعها إلى مجلس الرئاسة وتوحيد مواقف البلدان الخمس في المنظمات الخارجية.
 مجلس الشورى: يتشكل هذا المجلس من 20 عضوا من كل دولة تختارهم وفقا لنظمها الداخلية. يجتمع في دورات عادية كل سنة، يبدي رأيه في كل ما يعرضه عليه مجلس الرئاسة من مشاريع وقرارات كما يقوم بتقديم التوصيات والنصائح والاقتراحات التي من شأنها أن تفعل الوحدة، يوجد مقره بالجزائر.
 الهيئة القضائية: هي بمثابة محكمة عليا، تتكون من 10 أعضاء بمعنى قاضيين من كل دولة تعينهما لمدة ست سنوات. يتجدد نصف هذه الهيئة كل ثلاث سنوات، تنتخب رئيسا لها من بين أعضائها لمدة سنة واحدة. من بين مهام هذه الهيئة، النظر في الخلاقات المتعلقة بفهم وتطبيق المعاهدات والاتفاقيات المبرمة في إطار الإتحاد المغاربي.
 الأكاديمية المغاربية للعلوم: تهدف هذه المؤسسة إلى توطيد العلاقات بين مؤسسات البحث العلمي والتكوين العالي في البلدان المغاربية وربط علاقات تعاون مع المؤسسات المماثلة بالوطن العربي وفي مختلف أنحاء العالم، إضافة إلى نهج سياسة للبحث العلمي والتكنولوجي تستهدف أساسا المجالات التنموية في البلدان المغاربية، مع تمكين الباحثين المغاربيين من مختلف الإمكانيات لتسهيل عملهم من أجل الحد من هجرة الأدمغة المغاربية إلى البلدان الأجنبية. يوجد مقرها بطرابلس.
 الجامعة المغاربية: تتألف هذه المؤسسة من وحدات جامعية موزعة على دول المغرب العربي، وتهدف إلى تكوين طلبة السلك الثالث والباحثين في المجالات ذات الأولوية التي يقرها مجلس إدارة الجامعة، يوجد مقرها بالعاصمة الليبية طرابلس.
 المصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية: تأسس هذا المصرف بمقتضى اتفاقية 10/03/1991 بين الدول المغاربية، ويهدف إلى تحقيق اقتصاد متكامل ومندمج في المغرب العربي، وذلك بإعداد وتمويل مشاريع مشتركة في مختلف الميادين، إضافة إلى تشجيع البحث عن رؤوس للأموال من أجل توظيفها في برامج اقتصادية واجتماعية، مع التركيز على تنمية المبادلات التجارية البينية في اتحاد المغرب العربي، يوجد مقر هذا المصرف في العاصمة التونسية.
إن الهدف الرئيسي من إنشاء هذه الأجهزة والمؤسسات هو تقوية أواصر الأخوة بين البلدان المغاربية وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة ونهج سياسة مشتركة في كل الميادين، هذه السياسة المشتركة تهدف أساسا إلى:
- صيانة استقلال كل دولة من الدول الأعضاء.
- الاتجاه نحو تحقيق حرية تنقل الأشخاص بإلغاء تأشيرات الدخول بين مواطني الدول الخمس والعمل بنظام البطاقة الموحدة، و حرية انتقال السلع ورؤوس الأموال فيما بين الدول الخمس.
- الإعداد لتنمية صناعية وفلاحية وتجارية في الدول المغاربية، باعتماد مشاريع مشتركة.
- إقامة تعاون بين الدول الأعضاء في مجال الثقافة والتعليم بكل مستوياته من أجل صيانة هوية الشعوب المغاربية وثقافتها المستمدة من الإسلام بتبادل البعثات الثقافية وتشكيل مراكز مشتركة للبحث العلمي.
إن ما يمكن قوله هو أن كل شروط الوحدة قد توفرت على المستوى النظري ولم يبق سوى ترجمتها إلى أرض الواقع، في ظل توفر كل مقومات التكامل خاصة على المستوى الاقتصادي، نظرا لتوفر ثروات باطنية مهمة، وبسبب الحاجة الملحة لهذا التكامل نتيجة تباين هذه الموارد الاقتصادية من بلد لآخر، فليبيا والجزائر يمتلكان احتياطا مهما من النفط والغاز الطبيعي إذ أن هذه الثروة النفطية تشكل المصدر الرئيسي للدخل العام. أما المغرب وتونس وموريتانيا فتحتل فيهم الفلاحة والسياحة والإنتاج المنجمي مكانة مهمة (المغرب وتونس يسهمان وحدهما بنسبة 70% من الإنتاج العالمي للفوسفات). كل هذا إلى جانب توفر طاقة بشرية هائلة تشكل فيها فئة الشباب أكثر من 90%، وتوفر مساحة شاسعة بإمكانها استيعاب مشاريع متنوعة، وهما عاملان ضروريان لتحقيق أية تنمية مستدامة.
لكن للأسف الشديد فإن كل ما جاء من خطوات تنفيذية ومن مشاريع مشتركة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لم تجسد على أرض الواقع، بل على العكس من ذلك فقد تم اللجوء إلى إجراءات أكثر صرامة فيما يخص فرض تأشيرة الدخول وجواز السفر، كما أن مجلس رئاسة إتحاد المغرب العربي باعتباره الجهاز التنفيذي في الإتحاد، لم ينعقد منذ تأسيسه سنة 1989 إلى الآن (2012) سوى ست مرات، كان آخرها سنة 1994.
خلاصة و استنتاج
إن عدم نجاح بلدان المغرب العربي في وضع تصور حقيقي لوحدة شاملة وواقعية خلال فترة ما بعد الاستقلال، يجرنا إلى محاولة البحث عن الأسباب الحقيقية وراء هذا الفشل وإلى محاولة البحث عن حلول عملية لتجاوز هذه الوضعية الغير مشرفة.
1- أسباب فشل الوحدة المغاربية :
إذا كانت وحدة المغرب العربي لم تتحقق، فإن وراء ذلك مجموعة من الأسباب التي يمكن إجمالها فيما يلي:
مشكل الحدود: يعتبر هذا المشكل من أبرز العراقيل التي وقفت في وجه كل المحاولات الوحدوية بعد الاستقلال، بحيث توترت العلاقات بين تونس والجزائر حول منطقة الناظور الحدودية، كما اندلعت حرب بين المغرب والجزائر سنة 1963 بسبب الخلافات الحدودية بين البلدين. ويعود أصل هذا الخلاف إلى معاكسة الجزائر لحق المغرب في استرجاع العديد من المناطق المغربية التي ضمها الاستعمار بالقوة، بحيث تنكرت الجزائر (ومازالت تتنكر) لاتفاقها مع المغرب سنة 1961 بضرورة تسوية المشاكل الحدودية. ومما جاء في هذا الاتفاق: " تعترف الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية من جانبها، بأن المشكل الترابي الناشئ عن تخطيط الحدود المفروض تعسفا فيما بين القطرين، سيجد حلا له في المفاوضات بين حكومة المملكة المغربية وحكومة الجزائر المستقلة... ولهذا الغرض، تقرر الحكومتان إنشاء لجنة جزائرية - مغربية في أقرب أجل لبدء دراسة هذا المشكل وحله ضمن روح الإخاء والوحدة المغاربية "
مشكل الصحراء: خلفت هذه القضية وضعا خطيرا بالمنطقة، إذ كانت وما تزال من أبرز أسباب فشل محاولة بناء اتحاد المغرب العربي. اندلع هذا المشكل بسبب تصميم الدولة الجزائرية على معارضة حق المغرب في صحرائه، رغم توفر كل الأدلة التاريخية والجغرافية ورغم القرارات الصادرة عن مختلف الهيئات الدولية والتي تؤكد على تواجد روابط متينة بين الصحراء وباقي المناطق المغربية، إذ لا يمكن تصور مغرب بدون صحراء ولا صحراء بدون مغرب.
نتيجة لهذا الوضع المفتعل هيمنت العلاقات الثنائية على العلاقات الجماعية، حيث حاولت الجزائر استمالة موريتانيا وتونس إلى صفها عبر اتفاقية الإخاء والوفاق 1983 بينما عمل المغرب على كسب ليبيا إلى جانبه عن طريق إنشاء الإتحاد الإفريقي – العربي 1984.
وهكذا فما يمكن قوله حول هذا المشكل هو أن الطغمة العسكرية الحاكمة في الجزائر أرادت أن تصرف نظر الشعب الجزائري بافتعال مشكل خارجي بسبب فشلها في سياستها الداخلية، وإلا فلما سخرت ومازالت تسخر إمكاناتها المادية والبشرية والعسكرية والجغرافية لدعم جبهة البوليساريو التي لا سند شرعي لها، خارقة بذلك المادة 15 من معاهدة اتحاد المغرب العربي (تتعهد الدول الأعضاء بعدم السماح بأي نشاط أو تنظيم فوق ترابها يمس حرمة تراب أي منها أو نظامها السياسي...) ؟؟؟
ويرى بعض الباحثين أن استكمال مشروع بناء المغرب العربي لن يتم قطعا دون حل مشكل الصحراء. وقد حاول المغرب منذ افتعال هذا المشكل تقديم حلول عملية، بل وقدم تنازلات مهمة في العديد من المرات من أجل تجنيب الشعوب المغاربية كارثة محققة. و آخر هذه الحلول هو مقترح الحكم الذاتي الذي لقي ترحيبا دوليا واسعا باعتباره أرضية صالحة لإيجاد حل نهائي لهذه القضية، يرضي جميع الأطراف ويضمن للمغرب حقوقه المشروعة على الصحراء.
انعدام الثقة بين الأنظمة الحاكمة: يعتبر هذا العامل من أهم العراقيل التي وقفت في وجه بناء مغرب عربي موحد. فكل طرف غالبا ما ينظر إلى الأطراف الأخرى نظرة شك مما خلق جوا من عدم الاطمئنان، حال دون تحقيق الوحدة الفعلية، بل كرس مبدأ التباعد في السياسات العامة المتبعة في البلدان المغاربية.
تعارض التوجهات الاقتصادية والسياسية للبلدان المغاربية: فالجزائر قد اختارت طريق التوجه الاقتصادي الاشتراكي، بينما اختار المغرب وتونس التوجه الرأسمالي الليبرالي. وعلى المستوى السياسي فهناك اختلاف في الإيديولوجية السياسية ونوع النظام السياسي المتبع، وهي أنظمة استبدادية في مجملها.
إجمالا فما يمكن قوله هو أن محاولات تحقيق الوحدة المغاربية قد اصطدمت بواقع المشاكل المعقدة والمتشابكة، والتي زاد من حدتها غياب إستراتيجية دقيقة وإرادة سياسية حقيقية لجعل فعل الوحدة ضمن أولوية التوجه السياسي لكل دولة.
لكن أليس هناك سبيل لتغيير هذا الوضع وتجاوز هذا الجمود الذي لازم الوحدة المغاربية منذ زمن طويل ؟؟
2- اقتراحات و حلول:
إن توفر كل مقومات التكامل في المغرب العربي، لأمر يجعل الإنسان في حيرة واندهاش وهو يتأمل الواقع المزري الذي آلت إليه الوحدة المغاربية. فإذا كانت فترة الكفاح الوطني قد عرفت على الأقل محاولات جادة للتضامن، وإن لم تحقق المرجو منها، فإن الفترة التي أعقبت الاستقلال إلى الآن قد اتسمت فيها الوحدة المغاربية ببرود واضح، ولعل تجميد مؤسسات الإتحاد المغاربي وغلق الحدود بين الجزائر والمغرب منذ سنة 1994 لأكبر دليل على الخلل الكبير الذي أصاب قاطرة هذه الوحدة.
والمتأمل في المشهد العالمي الحالي سيجد أن التكتلات الاقتصادية والسياسية هي المتمسكة بزمام التأثير على مسار السياسة العالمية، والمتحكمة في مصير القرار الدولي بكل أشكاله. لهذا فالشعوب المغاربية (أو بشكل أدق الأنظمة السياسية) الآن أمامها خيارين؛ إما أن تختار التوجه الوحدوي الفعلي للصمود في وجه مجموعة من التحديات الداخلية والخارجية - والتي ما فتئت تزداد يوما بعد يوم - وإما أن تختار العمل القطري المنعزل، وهنا لن تتمكن أي دولة من تحقيق أي شيء نظرا لحاجتها الماسة إلى إمكانيات الدول الأخرى.
إن الواقع الحالي الذي تتخبط فيه الشعوب المغاربية، والذي لا يشرف أي إنسان مغاربي، قد جعل العديد من الباحثين والمختصين يدقون ناقوس الخطر ويقترحون مجموعة من الحلول التي من شأن تطبيقها أن يساهم في تجاوز الجمود الذي أصاب العلاقات المغاربية في السنوات الأخيرة. ومن جملة الحلول والاقتراحات يمكن ذكر:
- إنهاء مختلف النزاعات الحدودية بين الدول المغاربية وإيجاد حل سريع ونهائي لقضية الصحراء في إطار مغاربي بعيد عن أي تدخل أجنبي. وهذا لن يتم دون رجوع النظام الجزائري إلى رشده، والتوقف عن معاكسة المغرب في حقوقه الترابية. والغريب في الأمر أن الجزائر في الوقت الذي ينادي فيه الجميع بتحقيق الوحدة، نراها تتناقض مع نفسها وتستمر في دعم مزيد من التفكك والانحلال من خلال محاولة زرع جبهة البوليساريو في الصحراء المغربية، وهو الأمر الذي لن ينجح أبدا، لأن جميع المعطيات أكدت وتؤكد وستؤكد أن لا مكان لكيان سادس على أرض المغرب العربي.
- الاهتمام بتعزيز الديمقراطية وتحقيق التنمية في كل دولة على حدة لكن دون تعارض مع خطة التكامل، باعتبار أن "المرور عبر محطة الدولة نحو الوحدة وجيه وذلك قصد إرساء البنى الهيكلية الأولى في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية: من تعليمية وتثقيفية وسكنية وصحية وتربوية وغيرها، حيث كلما أرست الدولة (الوطنية) هنا، جاءت الدولة الإقليمية المغاربية لخوض الجهاد الأكبر. والدولة المطلوبة لمشروعنا المغاربي بمفهوم آخر هي دولة القانون..."
- إعطاء سلطة فعلية لمؤسسات إتحاد المغرب العربي وتمكينها من صلاحية المبادرة والتطبيق، وتوفير كل التسهيلات لها من أجل إنجاز المشاريع التي قامت بإعدادها حتى لا يبقى دورها استشاريا فقط.
- " إرساء التعاون على مبادئ نفعية للشعب المغاربي وذلك بإشراكه في صنع القرار التعاوني، وكذا أعمال الدمج التنظيمي، إذا لابد من إحاطة كل هذا بإطار تنظيمي وتشريعي سامي، وذلك بالتنصيص عليه بصفة رسمية كتشريع تعاهدي يحظى بالأولوية ضمن التشريعات الداخلية "
- تشجيع التعاون على المستويات الرياضية والثقافية وتوحيد المناهج التعليمية، ووضع مخطط مشترك للبحث العلمي.
- إنشاء وتطوير مؤسسات دراسية واستشارية مشتركة وتوسيع العمل المشترك... واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتسهيل انتقال الأيدي العاملة ورؤوس الأموال... وتحرير التجارة وتشجيعها عن طريق إلغاء الرسوم الجمركية وإقامة شبكة طرق واسعة تربط المدن المغاربية الرئيسية بعضها عن بعض تسهيلا لانتقال المنتجات والأشخاص فيما بينها.
عموما ونحن قد استعرضنا مسار الوحدة منذ الاستقلال بمحاولاته الكثيرة وإخفاقاته المتكررة، فالملاحظ أن آمال الشعوب المغاربية معقودة على هذه الوحدة لكن بعض الأنظمة لا تريدها لسبب من الأسباب. وكما قال أحد الباحثين فإن "البناء الوحدوي ضرورة طبيعية أيضا إذ العقل والمنطق في حيرة مثيرة حول انقسام وانشطار أقطار المغرب العربي بينها وفق تعاليم وصفة الغرب الإمبريالي التارك خلفه لشعوبنا خارطة ملغومة الحدود بصفة موقوتة. إن التبغيض القطري الذي لم نثبت به ذاتنا المغاربية... يلمسنا على الاستنتاج بأن آن الأوان ليسجل التاريخ لأقطارنا... إيجابيات هامة وخالدة مضمونها الاستعداد لفرض وإثبات الذات على صعيد التقدم البشري أسوة بالعالم المتقدم "

خاتمة:
من خلال قيامنا بالبحث في موضوع "العمل المغاربي المشترك في فترة الكفاح الوطني وما بعدها" – وهو موضوع معقد ومتشعب ومتعدد العناصر، خاصة وأنه تناول فترة خطيرة في تاريخ منطقة المغرب العربي – استنتجنا أن فكرة التضامن والعمل المشترك هي متجدرة في وجدان وأذهان الشعوب المغاربية وهو ما اتضح بشكل كبير منذ بداية الاحتلال الاستعماري للمنطقة سنة 1830، وعلى طول فترة الكفاح من أجل الاستقلال قامت مجموعة من المحاولات الوحدوية وظهرت مجموعة من الأجهزة التي حاولت مأسسة العمل المشترك وإعطائه بعدا استراتيجيا رغم محدودية إمكاناتها. لكن للأسف الشديد فإن هذه المحاولات لم تستطع بلورة تصور عميق لفكرة الوحدة مما أفضى إلى عدم تحقيقها لأي نجاح كبير.
ورغم اقتصار العمل الوحدوي خلال فترة الكفاح من أجل الاستقلال على الشعارات التي لم تعرف أي تطبيق على أرض الواقع، فإنها على الأقل قد قامت بدور مهم في إذكاء وعي أبناء الشعب المغاربي، وفي تكوين أرضية خصبة لتحقيق الوحدة الفعلية والتامة بعد حصول جميع البلدان المغاربية على الاستقلال، وهذا ما لم يتحقق للأسف الشديد رغم زوال العائق الرئيسي الذي أجهض كل المحاولات (=الاستعمار)، فالوضع لم يبارح مكانه، بل تطورت الأمور إلى ما هو أسوأ إذ خيم التوتر على العلاقات العامة بين الدول المغاربية بسبب مشاكل مصطنعة ومفتعلة لم تنتبه إليها هذه الدول، خاصة منها الجزائر التي دخلت منذ استقلالها في نزاعات حدودية حادة مع تونس والمغرب.
إن تحقيق الوحدة المغاربية الفعلية هو أمر ليس بالمستحيل كما يدعي البعض، فما يحتاجه هذا الأمر هو توفر إرادة سياسة حقيقية لدى صناع القرار، خاصة في ظل توفر كل مقومات الوحدة من جغرافيا وتاريخ ولغة ودين مشترك. فقوة شعب المغرب العربي هي في وحدته وانسجامه وتضامنه، فالتاريخ قد أكد ومازال يؤكد أن المنطقة غالبا ما تتعرض لمشاكل عديدة كلما نزع كل قطر إلى العمل المنفرد.
كيفما كان الحال فرغم فشل المحاولات الوحدوية السابقة، ورغم تزايد العراقيل التي تحول دون تحقيق التكامل المغاربي، فإن آمال الشعوب المغاربية مازالت قائمة، خاصة في ظل المتغيرات الجديدة التي حدثت في المنطقة مؤخرا (سقوط النظامين التونسي و الليبي)، وفي ظل طبيعة النظام العالمي الحالي الذي لم يعد يؤمن إلا بالتكتلات القوية، فلم يعد هناك مكان للدولة القطرية. لذلك فالبلدان المغاربية أصبحت أمام خيارين لا ثالث لهما: إما تجاوز خلافاتها ووضع إستراتيجية محكمة للتعاون والعمل ككتلة واحدة، وهذا الأمر سوف يمكنها لا محالة من الوقوف في وجه مختلف التحديات سواء على المستوى الداخلي أو على المستوى الخارجي، وإما أن تستمر كل دولة في نهج أسلوب العمل المنفرد، وهنا لن يكون بمقدورها تحقيق أي شيء، فلا دولة في العالم بإمكانها اليوم – مهما بلغت من القوة والتقدم – وحدها مواجهة كل التحديات التي يفرضها الواقع الحالي.
ونتمنى أن تستفيد الأنظمة الحاكمة في الدول المغاربية من الدروس والعبر التي قدمها ويقدمها التاريخ، لتتخذ خطوة جريئة لتجاوز كل العراقيل الغير مبررة و تفعيل الوحدة والاندماج الذي لطالما حلم بهما ومازال يحلم أبناء شعب المغرب العربي.
والله ولي التوفيق











الصور التاريخية





بنود معاهدة إنشاء اتحاد المغرب العربي

-المادة الأولى: ينشأ بمقتضى هذه المعاهدة اتحاد يسمى اتحاد المغرب العربي.
-المادة الثانية: يهدف الاتحاد إلى نهج سياسة مشتركة في مختلف الميادين، العمل تدريجيا على تحقيق حرية تنقل الأشخاص وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال فيما بينها.
-المادة الثالثة: تهدف السياسات المشتركة المشار إليها... إلى تحقيق الأغراض التالية:
- في الميدان الدولي: تحقيق الوفاق بين الدول الأعضاء.
- في ميدان الدفاع: صيانة استقلال كل دولة من الدول الأعضاء.
- في الميدان الاقتصادي: تحقيق التنمية الصناعية والزراعية والتجارية والاجتماعية للدول الأعضاء.
- في الميدان الثقافي: إقامة تعاون يرمي إلى تنمية التعليم على اختلاف مستوياته وإلى الحفاظ على القيم الروحية والخلقية المستمدة من تعاليم الإسلام السمحة وصيانة الهوية القومية العربية...
-المادة الرابعة: يكون للاتحاد مجلس رئاسة يتألف من رؤساء الدول الأعضاء.
-المادة الخامسة: يعقد مجلس الرئاسة دوراته العادية كل ستة أشهر، وله أن يعقد دورات استثنائية كلما دعت الحاجة إلى ذلك.
-المادة السادسة: لمجلس الرئاسة وحده سلطة اتخاذ القرار وتصدر قراراته بإجماع أعضائه.
-المادة السابعة: للوزراء الأول للدول الأعضاء أو من يقوم مقامهم أن يجتمعوا كلما دعت الضرورة إلى ذلك.
-المادة الثامنة: يكون للإتحاد مجلس لوزراء الخارجية يحضر دورات مجلس الرئاسة وينظر فيما تعرضه عليه لجنة المتابعة واللجان الوزارية المختصة.
-المادة التاسعة: تعين كل دولة عضوا في مجلس وزرائها، أو لجنتها الشعبية العامة يختص بشؤون الإتحاد، تتكون منهم لجنة لمتابعة قضايا الإتحاد، تقدم نتائج أعمالها إلى مجلس وزراء الخارجية.
-المادة العاشرة: تكون للإتحاد لجان وزارية متخصصة ينشئها مجلس الرئاسة ويحدد مهامها.
-المادة الحادية عشرة: يكون للاتحاد وأمانة عامة قارة ينشئها مجلس الرئاسة ويحدد مقرها ومهامها، كما يعين أمينا عاما لها.
-المادة الثانية عشرة: يتألف مجلس الشورى من عشرين عضوا من كل دولة يقع اختيارهم من الهيئات النيابية للدول الأعضاء أو وفقا للنظم الداخلية لكل دولة.
-المادة الثالثة عشرة: يكون للإتحاد هيئة قضائية تتألف من قاضيين اثنين عن كل دولة تعينهما الدولة المعنية لمدة ست سنوات وتجدد بالنصف لكل ثلاث سنوات، وتنتخب الهيئة القضائية رئيسا لها من بين أعضائها لمدة سنة واحدة.
-المادة الرابعة عشرة: كل اعتداء تتعرض له دولة من الدول الأعضاء يعتبر اعتداء على الدول الأعضاء الأخرى.
-المادة الخامسة عشرة: تتعهد الدول الأعضاء بعدم السماح بأي نشاط أو تنظيم فوق ترابها يمس أمن أو حرمة تراب أي منها، أو نظامها السياسي كما تتعهد بالامتناع عن الانضمام إلى أي حلف أو تكتل عسكري أو سياسي، يكون موجها ضد الاستقلال السياسي أو الوحدة الترابية للدول الأعضاء الأخرى.
-المادة السادسة عشرة: للدول الأعضاء حرية إبرام اتفاقات فيما بينها، أو مع دول أو مجموعات أخرى ما لم تتناقض مع أحكام هذه المعاهدة.
-المادة السابعة عشرة: للدول الأخرى المنتمية للأمة العربية، أو المجموعة الإفريقية، أن تنضم إلى هذه المعاهدة، إذا قبلت الدول الأعضاء ذلك.
-المادة الثامنة عشرة: يتم تعديل أحكام هذه المعاهدة بناء على اقتراح من إحدى الدول الأعضاء، ويصبح هذا التعديل نافذ المفعول بعد المصادقة عليه من طرف كافة الدول الأعضاء.
-المادة التاسعة عشرة: تدخل هذه المعاهدة حيز التنفيذ بعد المصادقة عليها من قبل الدول الأعضاء وفق الإجراءات المعمول بها في كل دولة عضو. وتتعهد الدول الأعضاء باتخاذ التدابير اللازمة لهذا الغرض، في أجل أقصاه ستة أشهر من تاريخ توقيع هذه المعاهدة.



بيبليوغرافيا البحث
المصادر والمراجع:
 علال الفاسي، "الحركات الاستقلالية في المغرب العربي"، مؤسسة علال الفاسي، الطبعة الخامسة، 1993.
 عبد الإله بلقزيز وآخرون، "الحركة الوطنية المغربية والمسألة القومية، 1947-1986، محاولة في التاريخ"، مركز دراسة الوحدة العربية، بيروت يونيو 1992، الطبعة الأولى.
 امحمد المالكي، "الحركات الوطنية والاستعمار في بلدان المغربي العربي"، مركز دراسة الوحدة العربية، الطبعة الأولى، بيروت 1993.
 المهدي ابن بركة، "الاختيار الثوري في المغرب" دار الطليعة، بيروت 1964 الطبعة الثانية.
 مبارك زكي، "محمد الخامس وابن عبد الكريم الخطابي وإشكالية استقلال المغرب"، منشورات فيد يبرانت، الرباط المغرب 2003.
 ادريس الرشيد، "ذكريات عن مكتب المغرب العربي بالقاهرة"، الدار العربية للكتاب تونس- ليبيا 1981 .
المجــــــلات وأعمال النــدوات:
 مجلة الذاكرة الوطنية، العدد 13، نشر المندوبية السامية للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، طبعة 2009.
 مجلة الوحدة، العدد 19، أبريل 1986.
 ندوة، "لجوء محمد ابن عبد الكريم الخطابي إلى مصر الأبعاد والدلالات الوطنية والدولية"، نشر المندوبية السامية للمقاومة، الطبعة الثانية، 2011.

الفهرس
مقدمة 1
المحـور الأول: نماذج بارزة للعمل المغاربي المشترك خلال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى الاستقلال....................................................7

مدخـل 8
المبحث الأول : انعقاد مِؤتمر 1947 وميلاد مكتب المغرب العربي
ومساهمته في الكفاح المغاربي من أجل الاستقلال 11
المبحث الثاني: نزول الخطابي بمصر وتأسيس لجنة تحرير المغرب العربي
كمحطة بارزة للتنسيق المغاربي 21
المبحث الثالث : مؤتمر طنجة 1958 : المحاولة الفعلية لتحقيق الوحدة
المغاربية 33
المحـور الثاني: الوحدة المغاربية بعد الاستقلال................................38
المبحث الأول: مسار الوحدة المغاربية من الاستقلال إلى سنة 1989 39
المبحث الثاني: انعقاد قمة مراكش 1989 وتأسيس اتحاد المغرب العربي 44
خاتمة 55
ملحق 56
بيبليوغرافيا البحث 60
الفهرس 61



#لحسن_خياعلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- صحفي إيراني يتحدث لـCNN عن كيفية تغطية وسائل الإعلام الإيران ...
- إصابة ياباني في هجوم انتحاري جنوب باكستان
- كييف تعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسية بعيدة المدى وموسكو ت ...
- دعوات لوقف التصعيد عقب انفجارات في إيران نُسبت لإسرائيل
- أنقرة تحذر من -صراع دائم- بدأ باستهداف القنصلية الإيرانية في ...
- لافروف: أبلغنا إسرائيل عبر القنوات الدبلوماسية بعدم رغبة إير ...
- -الرجل يهلوس-.. وزراء إسرائيليون ينتقدون تصريحات بن غفير بشأ ...
- سوريا تدين الفيتو الأمريكي بشأن فلسطين: وصمة عار أخرى
- خبير ألماني: زيلينسكي دمر أوكرانيا وقضى على جيل كامل من الرج ...
- زلزال يضرب غرب تركيا


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - لحسن خياعلي - مسار الوحدة المغاربية