مرثاة البحر

اكرم البرغوثي

الحوار المتمدن-العدد: 3839 - 2012 / 9 / 3 - 13:54
المحور: الادب والفن
    

يسجل الملكان في الدفتر الرحب
لا شيء يذكر سوى قصائد أغوت امرأة ليست لي
قرأت حروف الحزن في دفتري الصغير
وانصرفت تبكي
رأتني في مراياها
رأت حفار القبور يجهز الأكفان
للعابرين من المناحة إلى المناحة

يسجل الملكان
لا شيء يذكر
أشحت بوجهي عن الفقر ولم يك لدي رغيفاً لأمنحه
حاولت الصيد والأشهر كانت حرماً
آثرت خمري فانكسر الحلم

يسجل الملكان في دفتر الحب
امرأة مكسورة دخلت محراب الحب
لم تصلي، ولم تشعل شمعة في المعبد
أودعت البحر لحن الناي الأخير
وما عادت تعود من رحلات البحر البعيد

يسجل الملكان في دفتر الحكمة
هنا أنا أعيش غريباً
وأموت مثل نورس غريب

في قمة الجبل البعيد دفنت راياتي المهزومة
وما تبقى من الأحرف
ومن اللغة اللعينة
ختمت الرواية كاملة باسم ثمود الحاضر
أشعلت الشمع الأخير في الشمعدان البارد
تلك بلادي وامرأة تخون ظل الشِعرِ

ينام الملكان بهدوء
لا شيء لتكترث الملائكة وتكتب
عبث يولد هنا
عبث يدفن هنا
والسراب محطة لبدايةٍ بعد الطوفان
عرس من ضجر
تثائب أنثى عند شط البحر المجهول
وداع فراشة لبيوت الطين الهزيلة في مطر
ونار تبقى نارا حتى يدفن جمرها الرماد

لا شيء تسجله الملائكة
نفاذ صلاحية قبلة الحبيب
نفاذ صلاحية قبلة الغريب
والأرض هي الأرض
ذات الأرض
تعصر دمنا ريشة وحبرا
حتى لا نتفائل بالأسماء
حتى لا نرحل مع الشهداء

ذات الأرض ترفع أرواحنا للسماء
وترفع أرواحنا للبكاء

عبث يولد هنا
عبث يدفن هنا
قد جف الحبر حتى آخره
وقد أغلقت الدفاتر حتى آخرها

في نور الشمع المتوهج
امرأتان متماثلتان ترسمان بسمة من دم
على شفة قمر يختفي خلف المرايا والبحر
فتذوي آخر الممالك
وتختفي معالم عشتار الوحيدة

تنظر في الفراغ وتسلم للأحبة يديها
فيقطعون منها يديها وتبسم للبحر اللعين
من هنا جائوا
أشعلوا آخر شموعهم للمهرجان الدموي
من هنا يذهبون نادمين
كل الاتجهات بحر
ولها البحر الحزين
في آخر العتمة ضوء
آخر النفق كتب الفارس
آخر كلمات اللغة المنتحرة
ظلي هناك مقتول
جسدي هنا بارد
حفاران للقبر الواحد
كل يكتب في دفتره
انتهت الرواية
جاء الغزاة
وذهبوا بالحياة

#اكرم_البرغوثي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل