أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فرياد إبراهيم - الشّعَراءُ يَقُولُونَ مَا لا يَفعَلوُنْ














المزيد.....

الشّعَراءُ يَقُولُونَ مَا لا يَفعَلوُنْ


فرياد إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3834 - 2012 / 8 / 29 - 20:38
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الشّعَراءُ يَقُولُونَ مَا لا يَفعَلوُنْ
بقلم: فرياد إبراهيم
" لا تقل سأفعل كذا وكذا قبل أن تبدأ بالعمل لأن ذلك يثبط عزيمتك وهمتك عندما تحين ساعة العمل." أوصاني والدي اكثر من مرة وأنا صغير.
وكان أحيانا يداعبني ويقول: " التقاط الحجر الكبير علامة عدم الرمي."
ألآن -لا حينذاك – أقول لقد صدق أبي الحكيم .
" لو قلت شيئا ما فعلته". كلماته لا تزال ترن كجرس إنذار كلما أجد نفسي أمام الشروع بعمل أو فعل سواء أكان حركيا أو كلاميا.
فعلى سبيل المثال : عندما يكون لدى أحدهم شكوى ضد طبيب أسنان والمقصر في المعالجة. فينفجر غاضبا امام زوجته متوعدا: ساقول وأفعل كذا وكذا... سأحذره، سأصارحه بالقول بانك مهمل وانك تستغل المريض. ولو أقتضت الحاجة سأهدده . و لكن عندما يحين موعد الطبيب فما هو حينذا الا بالون مفرغ من الهواء تماما غير قابل لا للنفخ ولا للانفجار.
وهذا تماما ما يحدث للشاعر. فهذا يفرغ كل من بالون همته قولا على حساب الفعل.
اما عن عجز أو عن خوف أو مرض نفسي اوإحباط.
فكل من حيل بينه وبين ما يريد قال شعرا ففقد العزم على المضي والسعي.
وكل من احب وصُدّ نظم شعرا فآثر الكسل على العمل.
وكل من احبط عمله قال شعرا.
وكل من أصيب بداء الحرمان صار شاعرا.
وكل من خرج من السجن حتى لو كان اخرس كتب شعرا.
وكل من جبن عن أداء واجب من صلب مهامه انشد شعرا كثيفا كثيرا.
وكل من خاب رجاؤه ورسب في الامتحان او فشل في إنجاز مهمة ما بات شاعرا .
فقد إنفجر البركان على نفسه في اعماق نفوسهم!
ومن حمل قرطاسية شعره المثقل بالهموم كمن حمل حجرا ثقيلا لا ينوي رميه، كما قال والدي.
فالعاجز عن اداء عمل يلتمس طرقا اخرى للترفيه والتعبير والتنفيس . حتى صارالسخط والأعتراض والنقد والرفض يصب في قالب النظم. وهكذا بقي الواقع هو هو والعطب هو هو والعلة هي هي . فقد أدى القول كل الدور واللسان صار بدلا للأرجل والأقدام وحركات الأيادي المنفعلة وراء الميكروفونات غدت سيد الوقف بلا منازع. والفقاعات تتصادم وتتفرقع في الهواء. وانف في الهواء واست في الماء.
هذا باستثناء من يقول الشعر بعد أن أنجز الفعل. ففي هذه الحالة تتحول( سوف) الى ( قد ). ( وسوف اسعى... الى قد سعيت). وحل فعل الماضي محل الفعل المضارع المسبوق بالسين أي سين المستقبل.
الحقيقة التي آمن بها هي: من قال كثيرا فعل قليلا. والشعراء (يقولون ما لا يفعلون.) كما تنص الآية.
فالشعر قاتل لروح الفعل والتحرك والمبادرة والباعث على الكسل والتراخي في نفوس شعب بكامله. فها هو نصف العراق وربع اهل الشرق قد تحول – رغبة أو رهبة- الى شعراء- هواة أومحترفين. خدّروا انفسهم موضعيا ضد الألم. ومن يخدر نفسه لا يحس بالألم فيكتفي فيخضع للأمرالواقع المؤلم ويرضى بتخفيف الألم دون المعالجة.
الشاعر حاله يمكن تشبيهه بحامل بندقية . وقد اطلق كل الرصاصات حتى فرّغ المخزن. ولم يبق فيه حتى رصاصة واحدة يطلقها في الميدان الحي الحقيقي. لأنه قد نفذت ذخيرته ساعة التدريب على الرمي في معسكره!
فأن الشعر افيون الشعوب ! مخدِّر للعقول مُثيط للهمم.
ولا أقول أن الدين افيون الشعوب كما قال ماركس بل الشعر. فالدين طبيب كل الأمراض النفسية والعقلية للشعوب المقهورة المظلومة.
فلو تأملت لأكتشفت أن الغرب قد خلا من الشعراء تقريبا . فالشعر اصبح هنا متنفسا وملاذاَ للمعاقين العاجزين عجزا جسميا او نفسيا. أنه يلعب نفس دور الدين في مجتمعاتنا: طبيب معالج وملاذ آمن للمكروب.
فالشعر في الغرب أصبح ظاهرة تعود الى القرون الوسطى.
وزبدة القول: إن سر تأخرنا هو: اننا نقول ما لا نفعل.
وسر تقدمهم أنهم:
يفعلون ما لا يقولون!
فرياد إبراهيم



#فرياد_إبراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هَل يَخشَى العِرَاقِيُّ العِرَاقِيَّ ؟
- خارِطَة طَرِيق كُردُستان: قِمّة بَارزان – أوجَلان
- (البناء) لا (الهدم) وعلى قائد الشعب أن يتعلم إستعمال لفظة (ل ...
- إن أكثر اهل الجنة من البُله .!
- زُعَمَاء أحرِص مِن كَلبِ على جِيفَة
- زعماء احرص من كلب على جيفة
- السّاسَة المُتديّنُون
- ألسّيدة الأولى هي سِرّ تعاسة السّيد الأوّل
- سُوريَا السّيناريو العِراقِي المُتَكرّر
- الدّين الإسلامي عَالة على الشّعوب غير العَربية ؟
- نَشكُُرُكم (أيّها الأكرَادُ ) شُكراً ..شُكراً
- أشهَى المطيّ إلى المُسْلِم المرأة مَا لم تُركَب
- أشهَى المطيّ إلى المُسْلِم المرأة مَا لم يُركَب
- إستعارات (جبران ) أو سرقاته الأدبية؟
- إستِعمَار جَدِيد اسمُه : الأسْلام الأمرِيْكِي
- تَرك الكُرد لِلأسْلام أوّل خُطوة نَحْوَ التّحرّروالكِيان وال ...
- المَهْوُوس وَالمِصْيَادَة
- نِظَام السُعودِية عدو البشريّة
- هل سيَبيع البَارزاني كُوردُسْتَان لأردوغان؟
- أيْنَ كُردُسْتانْ فِي الصّراع بَينَ واشِنطُن وطهْرَان ؟


المزيد.....




- -انتهاك صارخ للعمل الإنساني-.. تشييع 7 مُسعفين لبنانيين قضوا ...
- لماذا كان تسوس الأسنان -نادرا- بين البشر قبل آلاف السنوات؟
- ملك بريطانيا يغيب عن قداس خميس العهد، ويدعو لمد -يد الصداقة- ...
- أجريت لمدة 85 عاما - دراسة لهارفارد تكشف أهم أسباب الحياة ال ...
- سائحة إنجليزية تعود إلى مصر تقديرا لسائق حنطور أثار إعجابها ...
- مصر.. 5 حرائق ضخمة في مارس فهل ثمة رابط بينها؟.. جدل في مو ...
- مليار وجبة تُهدر يوميا في أنحاء العالم فأي الدول تكافح هذه ا ...
- علاء مبارك يهاجم كوشنر:- فاكر مصر أرض أبوه-
- إصابات في اقتحام قوات الاحتلال بلدات بالضفة الغربية
- مصافي عدن.. تعطيل متعمد لصالح مافيا المشتقات النفطية


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - فرياد إبراهيم - الشّعَراءُ يَقُولُونَ مَا لا يَفعَلوُنْ