أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إسماعيل محمود الفقعاوي - نقاب الرجال الوهابي















المزيد.....

نقاب الرجال الوهابي


إسماعيل محمود الفقعاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3828 - 2012 / 8 / 23 - 00:28
المحور: الادب والفن
    


كما أن الوهابية أمرت بنقاب للنساء، أمرت أيضاً ينقاب للرجال. وكما أن بعض النساء الفاحشات يشكرن الوهابية على فرض النقاب عليهن كي يكون ستراً لهن ولعدم معرفتهن في ارتكابهن سوءات أخلاقهن من السرقة حتى الزني، كذلك يلعب نفس الدور نقاب الوهابية للرجال.
أمس كان اليوم الثالث والأخير من أيام عيد الفطر المبارك. على برنامج السكاي بي، التقيت بصديقي عالم الفيزياء التونسي في أحد جامعات ماليزيا. وبعد مباركات العيد والسؤال عن عائلته وعائلتي، أراد أن يغيظني بالحديث عن نزهته الفردية لإحدى الجزر الماليزية الفاتنة الجمال وسط مياه البحر وما تحتويه من جمال الطبيعة من جبال وأنهار وشجر مختلف الوانه من شجر زينه إلى خضار وفواكه، ويزداد هذا الغيظ لديّ خاصة وأنا محاصر في قطاع غزة بالاحتلال الإسرائيلي وبمآسي الانقسام. ثم فجأة طلب إلى الاستماع إلى قصة عودته من الجزيزة إلى كوالا لامبور. فقال:
"صديقي أستاذ إسماعيل، المسافة من الجزيرة إلى كوالا لامبور تستغرق ستة ساعات في الحافلة. وكيفية قضاء وقت الساعات الست كان هماً على قلبي، فأنا لا أود قراءة أي كتاب، كما أني لا أستطيع النوم في السفر، وكوني غريب ولست مواطناً ماليزياً، فالتواصل مع الماليزيين لا يتواءم مع ميولي لنوعية الحديث.
ركبت الحافلة، ولحسن حظي، جلس أمامي أربعة شباب سعوديين، لا تزيد أعمارهم عن العشرين سنة، فحمدت الله حمداً كثيراً أن قيض لي من قوميتي من أستطيع أن أتواصل معه ولو بسؤالي لهم عن هدف مجيئهم إلى ماليزيا، مع أن تخميني، كما كنت اتوقع بأنه سيكون صحيحاً، أنهم جاءوا ليكملوا دراستهم في الجامعات الماليزية، الشيء الذي اتضح فيما بعد أنني كنت مخطئاً تماماً فيه. وكي أكسر الجليد بيننا، سألتهم:
- الأخوة عرب؟
- نعم، سعوديين...
- يا هلا ويا مرحب بيكم،
(وبطريقة ذكية سألتهم)
- في أي جامعة أنتم؟
- لا والله، احنا مو طلاب، جينا للفسحة بمناسبة العيد.. أنت عارف شباب وبدها تتنزه .... (وضحكوا وضحكت معهم وقلت، أيضاً بضحكة رجل تحقيق ماكر)
- أحلى شباب، بيحقلكوا والله..
سألوني:
- شنو تشتغل ولا تدرس هنا؟
- أنا أستاذ في الجامعة أدرس مادة الفيزياء..
- تقصد اتعلم كيف يصنعوا السيارت ومثل هيك؟
- لا، لا، الفيزياء يعني تركيب المادة، والموجات الخاصة بالراديو والتلفزيون، وكيفية عمل الكهرباء...
- أوووووووووووووه ما شاااااااااااااااااااااااء الله عليك، والله انك اخو بترفع الراس.. من وين انت؟
- تونسي...
- والله التونسيين رجال ... رجال ... شفت كيف احنا بلد كل عربي... بن على لف الدنيا بطيارته ما حدا قبل بيه ... ملكنا طال الله عمره ... الوحيد الي أكرم ضيافته...
بعد هذا الحديث المدخلي، نظروا اليَّ نظرةً تشي بولادة حميمية ما معي كوني لا زالت في الثانية والثلاثين وبسبب اندماجي السعيد بمحادثتهم. ثم استأذنوني. وانصرفوا لشأنهم.
أنزل أحدهم حقيبة جلدية وفتحها وأخرج منها أربعة زجاجات خمر، واستخرج لفافة من الورق. أعطي هذا الشاب زجاجة لكل واحد منهم والذي بدوره فتحها، وقبل أن يبتدئوا في تجرعها بدون كؤوس، دار احدهم برأسه إلى الخلف ناحيتي وقدم زجاجته لي قائلاً:
- تفضل، شاركنا... (كانت تبدو عليه علامات الجدية والاحترام)
(أجبته أيضاً بمكر المحقق، طبعاً أنا لا أشرب الكحول مطلقا، لأن عملي في البحث الفيزيائي العلمي يتطلب مني ان اكون متيقظ الذهن.)
- أعذرني أنا لا أشرب أثناء السفر، ... بسبب إصابتي بالسكر يدفعني للرغبة للتبول كثيراً... ألف شكر... تهنوا..
التفت إلى الأمام مرة أخرى وكأن عودته للنظر إلى الأمام كانت إشارة البدء في تجرع كل واحد منهم زجاجته. واحد منهم وهو نفس الشخص الذي أخرج الزجاجات من الحقيقبة، يبدو أنه كان قائدهم أو مرشدهم، فك لفافة الورق ليخرج منها قطعة حشيش بعرض وطول أصابع الرجل البالغ، السبابة والوسطى والبنصر. وبمطوىً صغير قطع منها قطعاً صغيره هرسها بين أصبعية الإبهام والسبابة، وأخرج حشوة ثلاث سجائر أو أربعة – لا أذكر – ووضع الحشوة على ورق سجائر كان قد الصقه ببعضه مسبقاً ليتسع لهذه الكمية من حشوة السجائر، ورش عليها بعضاً من مسحوق الحشيس، وطواها وألصقها بلعابه. (يسمى ذلك في مصر صاروخ. يصنعون هناك صواريخ للنزول على المريخ، ونحن نصنع هنا صواريخ لتدمر أدمغتنا المتخلفة وتزيدها خراباً. ههههههههه. إنه – كما يتوهمون - الهروب من مجتمع لا يتسع لطموحات وأماني أبنائه الصغيرة جداً والذاتية جداً. وأحمد الله أنهم لم يطلبوا إلي المشاركة، إذ يبدو ان معرفتهم بطبيعة عملي ومكانتي العلمية جعلتهم يخجلون أو يرعوون عن هذا الطلب.
انشغلوا بما يلهون به، وأنا انشغلت بالنظر عبر زجاج الحافلة إلى الطبيعة الخلابة التي كانت تمر بعكس سيرنا مر السحاب.
وفجأة، وبعدما لعبت شمول ولعب الحشيش برؤوسهم سمعتهم ينطلقون في حديث جعلتني طبيعته أن أتظاهر بأنني لا أسمعهم وأنني مشغول بالنظر عبر النافذة إلى الطبيعة في الخارج، حتى أنني ضيقت فتحة عيناي وكأنني أوحي للناظر إلى بغلبة النعاس لي.
قال قائدهم:
- كيف اخوكم، (يقصد نفسه) معاكو...
- أحلى أخو... الله يطول في عمرك..
- والله لولا انكو عزاز عليَّ ما كنت اتعبت حالي وخليتكوا تيجوا تتفسحوا في هالجنة.. عيشوا في هالنعيم ....
أحدهم: والله لو بقينا هناك، وانبسطنا هيك وعرفتنا لجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لجلدونا ههههههههههههههه.
- فال الله ولا فالك .... إذن شو كانوا بدهم يعملوا فينا لو عرفوا إنا كشفنا عرض أنواع مختلفة من بنات ماليزيا وبأرخص الأثمان... هههههههههههههههه.
- لا ما تخاف لكان بس زاد عدد الجلدات، ولا فينا حد متزوج؟
أجاب أحدهم بشكل مذعور وقال:
- أنا يا خوي..
- أحمد ربك إنك ما عملتها هنا... لكان رجموك لحد ما تموت ...
فرد المتزج على عجل:
- بالله عليكم لا تواصلوا الحكي في هالموضوع... وما تطيروها من روسنا...
آخر:
- لتكون الخمرة أضعفتنا وركبنا الجن وصرنا مجانين بتهذي..
- لا تخاف جنَّا مسلم ما بيصيبنا عشان بنشرب خمرة أو بنحشش هههههههه.
- شفتوا كيف تلفزيون الألبي سي – جزاه الله خير – بيطلع الجن من الي راكبهم؟
أحدهم:
- أنا شفتوا... وكان الشيخ بيضرب الجني بالخيزرانة عشان يجبره يطلع من الست ....
- لا يا خوي الضرب مش في الجن، الضرب في الست، وهي الي بتصرخ وبتعيط...
- لا، الضرب في الجن نفسه...
- لا يا راجل في الست، انت ماشفت علامات الضرب على فخاذها واجنابها...
وارتفع صوتهم وصراخهم الهاذي تحت تأثير الخمر والحشيش فقد فقدوا وعيهم العقلي المتزن وفقدوا الوعي بوجود من حولهم. وفجأة، اقترح احدهم اقتراحاً بلهجة من اكتشف حلاً سحرياً:
- خلونا نسأل الأستاذ، هو أفهم منا، ماش هو استاذ جامعة، يعني بيشرح وبيفسر للولاد الي بيقروا عنده؟
وبدون انتظار رد منهم التفتوا إليَّ وراحوا يسردون خلافهم وصراعهم الذي سمعته في صمتي وافتعالي النظر عبر زجاج النافذة إلى الطبيعة بالحرف. فأجبتهم:
- أنتم تسألوني في موضوع ليس له وجود في العلم الطبيعي الفيزيائي الذي درسته وأدرسه. وكمان ليس له وجود في أي علوم أخرى اكتشفها الإنسان المعاصر. الناس اليوم بتدرس وبتبحث وبتجرب وبتخترع، ما عمري سمعت حدا بيقول، "بدي أعمل الاختراع الفلاني بمساعدة شيء اسمه جن..." حتى قصة الست أو غيرها الموصوفة بركوب الجن لها وكأنها دابة، علم النفس بيقول هذه أمراض نفسية وعصبية وعقلية لها أسباب في البيئة المحيطة بهالست أو في عندها هي خلل في الدماغ أو الأعصاب ... علم النفس ما بيؤمن بوجود الجن...
ما أن أنهيت حديثي ذاك، وإذا بهم رغم الخمرة التي كانت تسيل من أفواههم ورغم ذبول أجفانهم على أعين حمراء كما الجمر بسبب الحشيش، وبرغم الكلمات الملفوظة بترنح وتقطع والشهقات المتوالية بسبب نقص الأكسجين في الرأتين بسبب ارتخائها، انفجر بعضهم سوية وفي لحظة واحدة قائلاً باستنكار:
- ويش تقول؟ ما في جن؟ والألبي سي كذابه...؟ يعني دينا كذاب ...؟ يعني انت بتنكر وجود الجن ...؟ يعني انت كافر بالجن ...؟ انت كافر ...؟ هذا هو علمك الي انت بتدرسه لأولاد الناس ...؟ بتعلمهم كفر .... يا استاذ؟ لولا صحبتنا معك لقلنا ملعون ابو هيك علم ... الله يبعد شر هيك علم عنا وعن بلادنا وبلاد المسلمين كلهم ...؟ كمان لتكون بتقول أن الأرض كروية ...؟ شيخنا ومفتينا ابن باز، ألف رحمة ونور على روحه، قال كافر كل واحد بيقول الأرض مدورة ...؟
كنت طوال تساؤلاتهم الاستناكرية ابتسم مظهراً الود في ابتسامتي كي أجعلهم يهدأوون، حتى أنني لم أحر جواباً حول اي سؤال مما طرحوه كي لا يزيد صراخهم وتساؤلهم المستنكر والمستهجن خاصة انهم في حالة من الغيبوبة والهبل والهدوسة الشديدة. لكني قلت كي أوقف سيل استهجاناتهم:
- شباب انتو مبسوطين الأن أم لا؟
- الصحيح كنا مبسوطين كثير، لكنك طيرتها من راسنا ... ويشن اتقول، سامحلك الله، استغفر ربك، أنت تريد تجريدنا من درعنا وحمايتنا ووقايتنا؟
الرواية صحيحة تماماً.
إسماعيل محمود الفقعاوي
22 أغسطس 2012



#إسماعيل_محمود_الفقعاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوسف القرضاوي الموبق
- عمار يا مصر
- مصطفى بكري ومرض جنون العظمة الوهمي
- كبير مجاهدي سيناء ضد الاحتلال الإسرائيلي -حسن خلف- يفضح بوعي ...
- نظرات وتأملات في الهجوم الإرهابي ضد الجيش المصري في سيناء
- Some views and reflections on the terroristic crime against ...
- يبدو أن قيادة الإخوان تقول للعسكري، -اين مكاني بين طبقة مبار ...
- إعصار المهدي المنتظر يضرب غزة هاشم مرتين خلال 64 عاماً، لكن ...
- الصهيونية المسيحية في الولايات المتحدة، تأليف المؤرخ الأمريك ...
- الإخوان المسلمون يطلبون التحالف مع الولايات المتحدة بينما يص ...
- مرسي لم يقرر إلغاء قرار المجلس العسكري بحل مجلس الشعب استجاب ...
- عبس مرسي وتولى إذ رأى شيخ الأزهر
- دس السم في العسل
- حيرة الشعب المصري بين الإخوان وإعادة استنساخ نظام مبارك
- فيما هو أبعد من اليابان وليبيا: المرأة المسلمة والوهابية الس ...
- الثقل الإشكنازي-الصهيوني


المزيد.....




- تونس خامس دولة في العالم معرضة لمخاطر التغير المناخي
- تحويل مسلسل -الحشاشين- إلى فيلم سينمائي عالمي
- تردد القنوات الناقلة لمسلسل قيامة عثمان الحلقة 156 Kurulus O ...
- ناجٍ من الهجوم على حفل نوفا في 7 أكتوبر يكشف أمام الكنيست: 5 ...
- افتتاح أسبوع السينما الروسية في بكين
- -لحظة التجلي-.. مخرج -تاج- يتحدث عن أسرار المشهد الأخير المؤ ...
- تونس تحتضن فعاليات منتدى Terra Rusistica لمعلمي اللغة والآدا ...
- فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024
- الحبس 18 شهرا للمشرفة على الأسلحة في فيلم أليك بالدوين -راست ...
- من هي إيتيل عدنان التي يحتفل بها محرك البحث غوغل؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إسماعيل محمود الفقعاوي - نقاب الرجال الوهابي