أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سعد حمامه - حرية التعبير .. لماذا ؟














المزيد.....

حرية التعبير .. لماذا ؟


سعد حمامه

الحوار المتمدن-العدد: 3820 - 2012 / 8 / 15 - 08:56
المحور: حقوق الانسان
    


كثيرا ما نسمع عن حرية التعبير، قليلا ما نقرأ عن دورها في المجتمع و أهميتها كركن من أركان الديمقراطية. سنحاول هنا تلخيص دور حرية التعبير في المجتمع بثلاثة نقاط:

1) حرية التعبير حق شخصي لكل انسان. إن حرية الفرد أن يعبر عن أفكاره و أن يتواصل بحرية مع الآخرين إنما هو تأكيد على قيمة و كرامة كل فرد في المجتمع، ما يسمح لكل منا أن يستحوذ على انسانيته الكاملة. من هذا المنطلق، فإن حرية التعبير هي غاية بحد ذاتها، و لذا فإنها تستحق حماية المجتمع.

2) يعتبر الفيلسوف الإنجليزي جون ستيوارت ميل حرية التعبير قضية حاسمة في سعي الانسان للوصول إلى الحقيقة. فدورها بالغ الأهمية في الوصول إلى المعرفة و تقدم هذه المعرفة. لقد بنى ميل فكرته على جملة من الملاحظات:

شاهد ميل كثيرا من الناس يزعمون أنهم يؤمنون بحرية التعبير، ولكن لدى كل منهم أفكاره الخاصة عن حدودها عندما تصل إلى ما يعتبره كلاما خطيرا أو عديم القيمة أو خاطئا جملة و تفصيلا بحيث أنه لا يستحق أن يشمل بالحق في حرية التعبير. بمعنى آخر، إن لسان حال كل منا يقول: " حرية التعبير لي، و لكن ليست لك".

لقد لاحظ أن الناس يزعمون أنهم لا يريدون منع الآخرين من الإدلاء بأرائهم بل مجرد "جعل النقاش معتدلا و تجنب الشخصنة و الإهانات و السخرية و ما إلى ذلك" و لكنهم في الحقيقة لا يظهروا حماسا ضد هذه الممارسات إلا عندما تستخدم للتعبير عن رأي يعارض "الفكرالسائد". بينما لا يبالي أحد عندما يبدي المدافعون عن الفكر السائد قدرا كبيرا من الوقاحة و الهمجية في معرض دفاعهم عن هذا الفكر. و يتسآل لماذا لا يحق لخصومهم القدر نفسه من الحرية في ازدراء الفكر السائد بالطريقة ذاتها ؟

و طالما أن هناك دائما اعتقاد سائد مسيطر فإنه هو من يقرر ما هي الممارسات المقبولة في النقاش و ما هي الممارسات غير المقبولة، و سيكون القرار دائما في الاتجاه الذي يصب في مصلحة الفكر السائد.

و من ثم خلص ميل إلى حجج قوية تدعم فكرته، فطالما أن البشر ليسوا معصومين عن الخطأ و ليسوا كاملي المعرفة، فإن الرأي الذي يحتقره المرء ربما يكون، في الواقع، هو الرأي السليم، و حتى و إن لم يكن رأيا سليما، فإنه يحمل "جزءا من الحقيقة" و هو جزء لن يمكننا اكتشافه إذا لم يتح لصاحب هذا الرأي التعبير عن رأيه بحرية. ثم يذهب ميل أبعد من ذلك إذ يفترض أن رأي أولئك المكلفين بالرقابة على حرية التعبير هو الحقيقة المطلقة، و لكنه يجادل بأنه إذا لم يسمح لأرائهم أن تنتقد و بشدة فإن إيماننا بالحقيقة لن يكون عن فهم عميق أو قناعة ذاتية راسخة بل مجرد حكم مسبق: ذلك الذي نؤمن به بشده و ندافع عنه بعناد دون أن نكون قادرين أن نفسر سبب إيماننا به. لقد فهم ميل أنه إن لم نرغم على أن ندافع عن معتقداتنا و قيمنا فلسوف تخسر حيويتها و تتحول إلى مجرد صيغ نحفظها عن ظهر قلب، دو ن أن ترقى لتكون قناعات عميقة و حية في نفوسنا. لقد استنتج ميل إذن أن لكل رأي قيمة، فهو إن لم يكن مصيبا (لا يملك أحد حق الحكم القطعي على ذلك)، فإنه يساعد على أية حال على توضيح و تبيان الحقيقة. و لذا أكد ميل على أن الأراء الصادرة عن الأقلية لا يجب إهمالها مهما بدا عدم اهتمام الناس بها أو ازدرائها.

لعل أفكار ميل تستند إلى حقيقة أن قدرة العقل البشري على اختيار الفكرة الأنسب من بين مجموعة من الأفكار المطروحة هي أكبر بكثير من قدرته على ابتكار تلك الفكرة. و من هنا تأتي أهمية حرية التعبير عند الانسان حيث تتيح للعقل البشري الوصول إلى فكرة سليمة يحتاجها و لكنه غير قادر على ابتكارها. بمعنى آخر، فإن حرية التعبير هي ما يسمح بأفضل استغلال ممكن للعقل الجمعي للبشرية.

قادت هذه الأفكار إلى نشوء مفهوم "سوق الأفكار" حيث تتواجد جميع الأفكار الجيدة والسيئة، الحقيقية و المزورة، و تتنافس هذه الأفكار على إقناع الناس باعتناقها كما تتنافس البضائع على إقناع الناس بشرائها. في هذا السوق الافتراضي سوف تتنافس الأفكار بشكل حر و في ظل نقاشات شفافة و محررة من القيود ستكون السيادة للأفكار المتفوقة و لذا فإن القيود على حرية التعبير ليس لها أي مبرر.

3) يعتبر أليكساندر ميكلجون أن ضرورة حرية التعبير للنظام الديمقراطي تنبثق من مفهوم الديمقراطية الذي يقوم على حكم الناس لأنفسهم بأنفسهم. فلكي يعمل هذا النظام كما يجب من الضروري أن يبني الفرد قراره عند ممارسة حقه في الانتخاب على قدر من المعطيات و المعلومات. و لكي يستطيع المنتخب أن يحصل على المعلومات بشكل ملائم فلا بد من إزالة أية قيود في وجه التدفق الحر للمعلومات و الأفكار و وجهات النظر. بالنسبة لميكلجون لا يمكن للديمقراطية أن تكون حقيقية إذا استطاع الممسكون بالسلطة أن يتلاعبوا بنتائج الانتخابات عبر حجب المعلومات و التضييق على النقد الموجه للسلطة. هكذا تمنح حرية التعبير المواطنين و ظيفة مدقق على تجاوز الحكومات و فسادها في حين أن جهل العامة هو الأرض الخصبة لنشوء الظلم و الطغيان.

يجدر إذن بالعرب في هذه المرحلة المفصلية من تاريخهم أن يتشبثوا بحرية التعبير و يعضوا عليها بالنواجذ لأن باستطاعتها أن تحميهم من إعادة انتاج أنظمة ديكتاتورية ناضلوا بالدماء من أجل التخلص منها ! و يتوجب عليهم أن يدافعوا عن حق كل فرد بالمجتمع بأن يعبر عن أفكاره دون قيود حتى و إن كان من الموالين للنظام السابق، ليس من باب التكرم و حسن الأخلاق و لكن من منطلق إدراكنا أن دفاعنا عن حق الآخرين في حرية التعبير يصب في النهاية في مصلحة المجتمع ككل و هو ما يجعل دفاعنا عن حق الآخرين في التعبير عن أفكارهم دفاعا عن أنفسنا قبل كل شئ، و هو ما لخصه العبقري فولتير بقوله " لا أتفق مع رأيك هذا و لكنني مستعد أن أقاتل حتى النهاية دفاعا عن حقك في التعبير عنه".



#سعد_حمامه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا تضربوا أطفالكم يا عرب /مترجم بتصرف
- بين الخواجة عبدالقادر و الخواجة آينشتاين !


المزيد.....




- نادي الأسير الفلسطيني: عمليات الإفراج محدودة مقابل استمرار ح ...
- 8 شهداء بقصف فلسطينيين غرب غزة، واعتقال معلمة بمخيم الجلزون ...
- مسؤول في برنامج الأغذية: شمال غزة يتجه نحو المجاعة
- بعد حملة اعتقالات.. مظاهرات جامعة تكساس المؤيدة لفلسطين تستم ...
- طلاب يتظاهرون أمام جامعة السوربون بباريس ضد الحرب على غزة
- تعرف على أبرز مصادر تمويل الأونروا ومجالات إنفاقها في 2023
- مدون فرنسي: الغرب يسعى للحصول على رخصة لـ-تصدير المهاجرين-
- نادي الأسير الفلسطيني: الإفراج المحدود عن مجموعة من المعتقلي ...
- أمريكا.. اعتقال أستاذتين جامعيتين في احتجاجات مؤيدة للفلسطين ...
- التعاون الإسلامي ترحب بتقرير لجنة المراجعة المستقلة بشأن الأ ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - سعد حمامه - حرية التعبير .. لماذا ؟