أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد حمامه - بين الخواجة عبدالقادر و الخواجة آينشتاين !














المزيد.....

بين الخواجة عبدالقادر و الخواجة آينشتاين !


سعد حمامه

الحوار المتمدن-العدد: 3808 - 2012 / 8 / 3 - 15:38
المحور: الادب والفن
    


كثيرة جدا هي الأعمال الدرامية العربية التي تتناول سيرة حياة شخصيات عامة عربية أو إسلامية. في السنوات الأخيرة، أصبح لمسلسلات السيرة الذاتية حصة ثابتة من المساحة المخصصة للدراما و لا سيما الرمضانية منها. الحكام و الزعماء و الخلفاء و الفقهاء كلهم تابعنا تفاصيل قصص حياتهم و بطولاتهم ! أبو جعفر المنصور و الزير سالم و عمر بن عبد العزيز و هارون الرشيد و حتى المجرمين منهم كالحجاج بن يوسف الثقفي ! طبعا بالإضافة إلى الشعراء و الفنانين من نزار قباني إلى محمود درويش و من أم كلثوم إلى أسمهان !

ربما كان من الطبيعي أن تتناول هذه الأعمال الدرامية سير شخصيات عربية وإسلامية و لكن يبدو أنه مع شح الإبداع العربي و التناقص الحاصل في مخزون الشخصيات التي يمكن تجسيدها دراميا بعد أن أنتجت عدة أعمال عن شخصية واحدة ك جمال عبدالناصر، يبدو أن العرب قد يضطرون في القادم من الأيام إلى تجسيد شخصيات غير عربية في أعمالهم الدرامية !!

إضافة إلى تكرار أعمال عدة عن شخصية واحدة فإن ما أوحى لي بهذه الفكرة هو مسلسل الخواجة عبدالقادر. و رغم أن المسلسل يروي قصة شخصية خيالية إلا أنها شخصية غير عربية "خواجة". لكن شخصية الآخر التي أردنا تجسيدها في هذا العمل هي شخصية الآخر الذي آمن بنا بل و آمن معنا. مهندس إنجليزي "مستر هاربرت" يأتي للعمل بالسودان فيتعرف على عامل سوداني و من ثم يصحبه الأخير إلى حضرة ذكر صوفية و من ثم يسلم و يسمي نفسه عبدالقادر و من ثم من الواضح أنه سيصبح شيخ طريقة.

في الحقيقة لا يمكن غض النظر عن محاولة المسلسل تسويق الصوفية بطريقة فجة و ربما مشوهة ـ لست صوفيا لأحكم ـ إلى حد مثير للإشمئزاز. الأحداث تعج بالكرامات و الوقائع الميتافيزيقية، فالخواجة يقطع الطريق إلى الحضرة خلال وقت قصير جدا "من أهل الخطوة" و تصبح صحته جيدة جدا بعد أن سلك طريق التصوف بعد أن كان على شفير الموت. أما بعد موته فهو يحمي مقامه من أن يدمر و يخرج لصديقه في منامه بل و في يقظته ليرشده ماذا يفعل و يبشره بما سيحدث ! بل و تصل المباشرة في طرح اللأفكار إلى حد أن يقوم الممثلين في أكثر من مشهد باقتراح كتب و كتاب صوفيين علينا لقراءتها فيذكرون إحياء علوم الدين للغزالي و الرسالة القشيرية للقشيري كما يذكرون السيوطي و عبدالوهاب الشعراني.

هكذا و كأنه لم يكن ينقص العرب في رمضان 2012 إلا عملا يكرس ثقافة الجهل و الخرافة، ثقافة الكرامات و خوارق العادات، ثقافة التواكل و انتظار المعجزات التي شبعنا منها و شبعت منا. هذه الثقافة التي تحمل المسؤولية الأكبر عن ما وصلنا إليه من انحطاط و تأخر عن الشعوب الأخرى.

فبعد أن جرت العادة أن نمثل الآخر في أعمالنا الدرامية بصورة تتراوح بين الشرير و الساذج أو كلاهما معا، كما تم تجسيد الفرنسيين دائما في أعمال البيئة الشامية ليتحقق لنا ما نريد من تمجيد الذات و تعويض عقد النقص التي تسكن في أعماق العقل العربي. جاء اليوم الذي نصور فيه الآخر الذي نحترمه و هو فقط الآخر الذي هو مثلنا تماما أو يكاد. أصبح يدين بديننا و يعيش بين ظهرانينا و يفعل مثل صنيعنا. و الدليل أن رئيس الخواجة في العمل "مستر بايدن" ظهر بالصورة المألوفة لدينا شريرا عنصريا كريها.

متى نتوقف عن تمجيد ذواتنا و انتقاد الآخرين ؟ و متى نقدم الآخر بشكل موضوعي ؟ بإيجابياته و سلبياته، بأفكاره و ثقافته من وجهة نظره هو لا من و جهة نظرنا نحن التي نحفظها عن ظهر قلب ! لماذا لم يتم اختيار خواجة آخر من شخصيات عظيمة كثيرة مرت في تاريخ الخواجات و ما زال فكرها يؤثر في حياتنا حتى اليوم ؟ ألم يكن من الأحرى بنا أن نتناول النقيض متمثلا بشخصية الخواجة فرانسيس بيكون رائد المذهب التجريبي في العلوم ؟

هناك الكثير من الخواجات حري بنا أن نترجم حياتهم إلى أعمال درامية ربما تستطيع ـ إذا قدمت بأمانه و دقة ـ أن تغير نظرتنا إلى الآخر و تسمح لنا أن نستفيد من أفكاره و إبداعاته و علومه. لعل من أبرز هؤلاء الخواجة آينشتاين الذي تعج حياته بالعلم و الفلسفة و الحكمة التي تكثف كثير منها في كتابه "العالم كما آراه" و مع ذلك لا يجد القارئ العربي هذا الكتاب بلغته ـ بالعربية أقصد ـ بعد أكثر من خمسين عاما على وفاة آينشتاين !! و هكذا ما يزال عامة الناس يقرؤون كتب آينشتاين غير الفيزيائية و يستفيدون من حكمة عبقرية استثنائية في تاريخ البشرية بينما لا يرتبط ذكره عندنا إلا بالنظرية النسبية، و طبعا دون أن نفهمها ! فمتى تراه يظهر مسلسل الخواجة آينشتاين ؟



#سعد_حمامه (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- المخرج التونسي محمد علي النهدي يخوض -معركة الحياة- في -الجول ...
- سقوط الرواية الطائفية في جريمة زيدل بحمص.. ما الحقيقة؟
- منى زكي تعلّق على الآراء المتباينة حول الإعلان الترويجي لفيل ...
- ما المشاكل الفنية التي تواجهها شركة إيرباص؟
- المغرب : مهرجان مراكش الدولي للسينما يستهل فعالياته في نسخته ...
- تكريم مستحق لراوية المغربية في خامس أيام مهرجان مراكش
- -فاطنة.. امرأة اسمها رشيد- في عرضه الأول بمهرجان الفيلم في م ...
- النجمات يتألقن في حفل جوائز -جوثام- السينمائية بنيويورك
- الأدب الإريتري المكتوب بالعربية.. صوت منفي لاستعادة الوطن إب ...
- شذى سالم: المسرح العراقي اثبت جدارة في ايام قرطاج


المزيد.....

- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعد حمامه - بين الخواجة عبدالقادر و الخواجة آينشتاين !