|
مبتور الساق
حملاوي فاطمة الزهراء
الحوار المتمدن-العدد: 3818 - 2012 / 8 / 13 - 09:23
المحور:
الادب والفن
و ركبنا قطاار الحياة و بقاات ورانا ذكريات ...
كزوربا اليوناني يترنح يمينا و شمالا ؛ يرقص رقصته المغدورة ؛ يعانق حنين ماضيه بترانيم مزيفة ؛ يختلس النظر من نافذة دهر ذهب و لن يعد ؛ يقنع ذاته ان الذي رحل لا يزال خالدا بكيانه مهما علت صيحات الانهيار و اعلنت الرزايا سهامها ؛ لا يزال من خبايا الماضي جسد يعتلي عرش النضال و يلتمس من الهنيهات ذرة امل عل النفس تحيى مجددا . هو ذا ما تبقى من جثمانه يرقص برشاقة العذراء تصاحبه نبرات صوت يعزف لحنا للحياة المفقودة لديه ؛ اصلع الرأس اللهم إلا من شعيرات بيضاء حفت رأسه كجواري يحطن ما تختزنه الذاكرة تحفظا من الاندثار و الضياع ؛ عينان ثاقبتان وراء كل انحناءة لهما مشهد عابر يترك صداه محفوفا ؛ يخال للناظر انهما يتمتعان بألق الرؤيا لكن العتمة مثواهما تخران ساجدتين لكل لحظة ابت إلا ان تقطع تأشيرة المرور عبر محطة قائدها جثة ايلة للسقوط في وكرها ابتسامة استفزاز ؛ هو يستفز الحياة ؛ يلاعبها ؛ يخاتلها ؛ سلمته مرضا يقتات من جسده فسلمها ابتسامة امل ؛ افقأت عينيه و منعت النور عنه ففض بكرتها و عانق عريها و رأى في العدم سكينته و وجوده ؛ بثرت ساقه اليمنى فلم يمتنع عن اهدائها اليسرى و اكتفي ى ببقية هيكله . انتهت رقصته الناقصة غير الشريط و دفع بكرسيه المتحرك نحو سريره ؛ استرخى فوقه كطفل اتعبه اللعب ؛ لعب مع الحياة وسط دوامة قدرية حيث الحياة تتعبك ولا تتعب منك ؛ نزر من الذكرى هب ليختطفه من حاضره ؛ تذكر الغالية تلك المرأة الشقراء الممشوقة القد ؛ بعينيها اليماميتين ؛ و شعرها المخملي ؛ مكتنزة الشفاه ذات ابتسامة شبقية ؛ جسد ينضخ حياة يشي بنهدين يكادان يعلنان عن صرخة ثائر يأبى الخضوع لطبيعته ؛ و ردفيها العالقين كغصني شجرة زقوم ؛ يذكر حينها ملاحقته لها و تغزله الدائم بأوتار جسدها . وقفت ذات مساء امام نافذة منزلها مراقبا حركاتها وجسدي يشتعل لهيبا لاحتضانها و سل رحيق ثغرها ؛ ما ان خرجت الغالية حتى اطبقت يدي يدي على فمها و سحبتها بخفة الى عزلتي حيث كنا سويا و أعور ثالثنا ؛ على نغمات خربوشة رقصت لي الغالية ا لاباااس ، اااه يا لابااس الحب و الهوى معذب شي ناس... جردتها من حزامها ؛ و بادرت هي بخلع قفطانها و فكت ضفيرتها سحبت سروالها القندريسي المطرز ؛ كل شيء اضحى باديا للعيان ؛ هي ذي الغالية كظبية اعلن الليل سموها امتطيت صهوتها و زادني انينها رغبة في فتك احشائها و فك رموز انوثتها . فكان بيننا ما كان تلك الليلة ؛ اختفت الغالية بعدها كشهاب سرعان ما خفت بريقه ؛ لم يبقى لها اثر بعد ذلك ؛ رحلت وفي جيدها سر نتقاسمه سويا و بين احشائها شيء من حياتي . تلك يا سادتي غاليتي التي من الزمن علي بفراقها . فتح عينيه و الدمع رفيقهما ؛ دموع قدر غادر انسكبت صحبتها الروح و تركتها تسبح في غياهب مجهولة ؛ اخد قنينة نبيذه تجرع كأسا منها " نخب الجراح الفاترة ، نخب الليالي العابرة ، نخب وحدتي ، نخب جثة شيعت جثمانها بنفسها و اعلنت موتها و عزاءها لروحها ، نخب الذي لا نخب له ..." . اطبق رموشه مرة اخرى فإذا بها تقف امامه صورة لروح قتلها دون سابق اصرار او ترصد ؛ نفس وافاها القدر اجلها على يده . اتذكر جيدا و نحن نلعب لعبة القبطان و السفينة حيث كانت سفينتنا بئر نركب صهوة غطائه الخشبي ؛ احتدم النقاش بيننا حول من يكون القبطان في عناد طفولي اعتلت ثريا مكان القبطان فلم اجد من بد حينها سوى سحب الغطاء بها فكان مصيرها الهلاك ؛ و مصيري اعتلاء سفينة الحياة بمفردي هروبا من بيت طفولتي ؛ قبطان يجهل واجهته . فتح عينيه مجددا و هو يصيح : اختاااه ... ؛ تجرع كاس نبيذ اخر " ايتها الحياة العابثة اريني وجهك مرة واحدة ؛ ايها القدر اللعين صافح يدي لمرة واحدة ؛ ايها الراقدون و الاحياء ؛ ايها الملائكة و الشياطين ؛ ايها الاله الاعظم ؛ اروني وجوهكم اريكم عدلي ...انا الرسول الغائب فيكم انا روحكم ؛ انا الذي عاش ما كسب مات ما خلى ؛ عاش ما كسب مات ما خلى ...." ردد ذو الساق المبتورة عبارته هاته و قلبه يخفق كطائر جريح القت به السماء فلم يدرها مجددا .. كثيرا ما تعترينا الرغبة في الصمود امام ضياع هو وجودنا اساسا ؛ نبحث بدواخلنا عن مراسينا تيمنا ببركات نفس ذاقت شقاء الدهر ؛ سالكين سبل الارتواء بحثا عن لحظة قد تكون او لا تكون ؛ يا سادتي للعمر عمر و كما شاءت الحياة بنا فعلت ؛ و ما نحن ان لم نكن زائرين بأرض عبثت بالمنطق و خاضت معراج التيه كقساوسة و كهنة نرتلها بأرواح قد تصلبت فيها النهدات و نفوس هشيمة تذروها الرياح ... اغلق عينيه و في شفتيه ابتسامة كمنتصر سلمه الدهر اوسمة الخسارة ..." عاش ما كسب مات ما خلى .
#حملاوي_فاطمة_الزهراء (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تراتيل ارض
المزيد.....
-
فنان مصري كبير يحذر من -مؤامرة تستهدف الثقافة المصرية-
-
المفكر الإيطالي فينيتسياني: أنأى بنفسي عن موقف الحكومة من حر
...
-
المُخرج الكوري كيم كي دوك: ???????بيوتنا خالية ومغلقة تنتظر
...
-
فيلم روسي يشارك في مهرجان -مومباي- الدولي للأفلام الوثائقية
...
-
-لأول مرة-.. مصر تقرر تعليم أعضاء النيابة اللغة الروسية
-
مغردون: كمين النابلسي فيلم هوليودي من إنتاج القسام
-
طلاب من المغرب يزورون مقر RT العربية في موسكو (صور)
-
لولو في العيد.. تردد قناة وناسة الجديد 2024 وتابع أفضل الأفل
...
-
فيلم -قلباً وقالباً 2- يحطّم الأرقام القياسية في شباك التذاك
...
-
أول تعليق من مصر على مشاركة ممثل مصري في مسلسل إسرائيلي
المزيد.....
-
الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد
...
/ الويزة جبابلية
-
تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً
/ عبدالستار عبد ثابت البيضاني
-
الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم
...
/ محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
-
سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان
/ ريتا عودة
-
أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة
/ ريتا عودة
-
صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس
...
/ شاهر أحمد نصر
-
حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا
/ السيد حافظ
-
غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا
...
/ مروة محمد أبواليزيد
-
أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية
/ رضا الظاهر
-
السلام على محمود درويش " شعر"
/ محمود شاهين
المزيد.....
|