أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم ابراش - فساد النخبة وإفساد الكتاب والمثقفين















المزيد.....

فساد النخبة وإفساد الكتاب والمثقفين


إبراهيم ابراش

الحوار المتمدن-العدد: 3809 - 2012 / 8 / 4 - 22:49
المحور: القضية الفلسطينية
    


حالة الفشل والشلل التي تصيب القضية الفلسطينية بكل مكوناتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والجهادية ليست قدرا من السماء ولا تعود لإسرائيل فقط ،فالقدر محايد في الشؤون السياسية،وإسرائيل عدو مجرم وقوي ولا شك ،ولكن حركة المقاومة والجهاد وجدت لمحاربته وليس لتبرير عجزها بسياساته وعدوانه.إن المسؤولية الأكبر عما يجري تتحملها النخب السياسية الفلسطينية.تجارب الشعوب وتاريخ المواجهات الفلسطينية الإسرائيلية جعلت إسرائيل ومعها كل أعداء الشعب الفلسطيني يدركون صعوبة كسر إرادة المقاومة عند الشعب من خلال المواجهات العسكرية ،فلجئوا إلى أسلوب خبيث ألا وهو اختراق صمود الشعب من الداخل من خلال إفساد النخبة الاجتماعية والسياسية ،ويبدو أن هذا النهج يحقق نتائج . فساد النخبة السياسية والاجتماعية والاقتصادية أدى لفساد الحياة السياسية ولفشل خياري السلام والمقاومة،الأمر الذي يتطلب أن تذهب الدراسات والأبحاث في الشأن الفلسطيني لدراسة النخب الفلسطينية من حيث تشكلها وبنيتها الداخلية وعلاقاتها الخارجية ومصادر تمويلها وهو ما يتطلب شجاعة وتحررا من رِهاب السلطة ورِهاب قطع الراتب .ومع أنه سبق وأن تناولنا إشكالية علاقة المثقف والسلطة في مقالات ودراسات سابقة منها المقال المعنون: ( من يجرؤ على الكلام من الفلسطينيين : جدلية الخطاب السياسي والسلطة والمكان) ،وكتبنا حول أزمة النظام السياسي وفساد النخبة وآخرها كتابنا الصادر هذا العام 2012 عن دار الجندي بعنوان (المشروع الوطني الفلسطيني من إستراتيجية التحرير إلى متاهات الانقسام ) إلا أنه يبدو أن الانقسام يُعزز ويُعظِم من مكانة ومكاسب النخب على حساب المصلحة الوطنية ،كما أنه يعزز يوما بعد يوم ثقافة الخوف ويزيد من القيد على حرية التعبير .
عندما يكتب الكاتب مقالا محدود الصفحات لا يكون أمامه إلا التركيز على حدث أو قضية جزئية عليه منحها حقها من التحليل والتوضيح،وأن يركز على هذه القضية أو الإشكال لا يعني عدم وجود قضايا ومشاكل أخرى .الانقسام أوجد إشكال عند الكاتب الفلسطيني الملتزم بقضايا الوطن حيث يجد نفسه أحيانا منساقا مع واقع الانقسام أو يعبر عنه دون أن يقصد ذلك. الكاتب الذي يعيش في غزة ويكتب عن مشاكل غزة ومعاناة أهل غزة فقط يتم اتهامه من طرف حركة حماس بأنه منحاز لفتح ولسلطة رام الله لأنه لا يكتب عما يجري في الضفة الغربية،وكأنه مطلوب منه إن انتقد انتهاك الحريات في غزة عليه أن يتحدث في نفس الوقت عن انتهاك الحريات في الضفة ،وإن تحدث عن الفساد في حكومة وسلطة غزة فعليه أم يكتب عن الفساد في سلطة الضفة.
تجاهل الكاتب الذي يعيش في غزة ويكتب عن غزة لما يجري في الضفة قد لا يكون مقصودا بل يعود غالبا لأن الكاتب في غزة شاهد عيان ويعيش الحدث وملم ومطلع على ما يجري في غزة، بينما يسمع فقط عما يجري في الضفة،والعكس صحيح بالنسبة للكاتب الذي يعيش في الضفة. يمكن فهم وتفهم هذه الإشكال فيما يتعلق بالكتابة الصحفية التي تتناول الأحداث اليومية ،ولكن هذا الأمر يجب تجاوزه بالنسبة للكُتاب المفكرين و أصاحب الرؤية الإستراتيجية ،فهؤلاء عليهم واجب التنظير والكتابة الإستراتيجية الشمولية التي تتجاوز الحدث العابر لتضع تحت تصرف الأجيال الحالية والمستقبلية، وتصرف ذوي القرار - إن كانوا يقرءون شيئا غير ذواتهم وما يقدمه لهم مستشارو السوء والخبراء الأجانب- رؤية شمولية للقضية الوطنية في أبعادها الإستراتيجية الوطنية والإقليمية والدولية ،وهذا لا يكون إلا من خلال كتب و دراسات موسعة لكُتاب بعيدين عن أي تحيز أو تعصب لحزب أو جماعة أو مصلحة ذاتية.
لقد سبق وأن انتقدنا السلطة والمنظمة وتنظيم حركة فتح عندما انقلبوا على القضية كقضية تحرر وطني وباتوا في حالة دفاع عن مصالحهم وامتيازاتهم وليس في حالة دفاع عن المشروع الوطني،قلنا ما علينا قوله في وقت كانت غالبية الفصائل – فصائل سلطة وفصائل معارضة- متواطئة مع بعضها البعض في تطبيق قانون الصمت وإستراتيجية الإلهاء، ودفعنا بصمت ثمن قولنا الحقيقة ولم ولن نتراجع عن مواقفنا،وانتقدنا نهج وسلوك حركة حماس عندما خذلت الشعب وانقلبت ليس فقط على المشروع الوطني بل على التاريخ والهوية والثقافة الوطنية ،وعلى ما كانت ترفع من شعارات وما تُوعِد به الشعب من آمال ،وتعرضنا بسبب ذلك لكثير من العنت والمضايقات تحدثنا وكتبت صحف ومواقع عن بعضها وسكتنا عن أخرى لأننا لا نريد الظهور بمظهر البطولة وربما بسبب الخوف ،وكيف لا نخاف من جماعة وصلت إلى السلطة بانقلاب دموي.
ولكن ليس من الضروري في كل مرة نكتب فيها عن الحالة الفلسطينية أن ننتقد الطرفين – فتح وحماس –،كما أن الموضوعية العلمية لا تعني الوقوف دائما نفس المسافة بين الطرفين المتصارعين،لأن الساحة السياسية ليست فقط صراعا بين شعارات وأيديولوجيات،وليست منقسمة بين شياطين وملائكة،بل فضاء للصراع بين فاعلين سياسيين حقيقيين مفروضين على الحياة السياسية ولا يمكن تجاهل ممارساتهم وسلوكهم سواء اتجاه الشعب أو اتجاه بعضهم بعضا أو اتجاه إسرائيل والعالم الخارجي . كما أن الموضوعية لا تعني عدم الانحياز بالمطلق، فالكاتب حتى وإن كان غير منتمي لحزب من الأحزاب يجب أن ينحاز لفكرة أو رأي أو سلوك أو للمصلحة الوطنية أينما تجلت أو تم التعبير عنها من أي حزب أو جماعة.كلمة مستقل الذي يطلقها على نفسه كاتب أو مثقف أو جماعة من الجماعات التي تشتغل في السياسة،كلمة صحيحة إن كان المقصود بها عدم الانتماء لحزب من الأحزاب القائمة، ولكنها كلمة غير دقيقة وقد تكون مخادعة إن كان المقصود بها غياب الرؤية والموقف السياسي ،لأن كل من يشتغل بالسياسة يجب أن يكون له رؤية وموقف مما يجري في الساحة الفلسطينية.
يبدو أن الكاتب متهم دائما حتى وإن كان موضوعيا أو حاول أن يكون كذلك ،لأن هناك من لا يريد للشعب أن يعرف الحقيقة ويكشف المستور.حتى لو انتقد الكاتب الطرفين فسيجد إما من يتهمه بالجبن وغياب الموقف وإمساك العصا من الوسط ، أو سيتحالف عليه الطرفان وستتم محاربته سواء بالتجاهل المشترك له من الطرفين وصحفهم ومواقعهم وفضائياتهم، أو بالتضييق على معيشته وتحركاته في السفر وفي العمل وبالإساءة إلى سمعته أو التقليل من شانه في كل مناسبة يُذكر اسمه فيها،وكثير من رجال الفكر قضوا شهداء الكلمة وتوزع دمهم بين القبائل السياسية المتعادية. بعض الكُتاب ،الذين أفرزهم فضاء إعلامي سياسي بات يضم كل من هب ودب ممن يندرجون تحت عنوان: الكُتاب والمحللون السياسيون والإستراتيجيون والصحفيون الخ ،كتاب خلقتهم نخب السلطة والمال ووضعت تحت تصرفهم فضائياتها وصحفها ومواقعها الالكترونية الخ،هؤلاء يجيدون التلاعب بالكلمات حيث يكتبون ولا يكتبون ،يقولون ولا يقولون،يحللون ولا يحللون، يلفون ويدورون حول الموضوع دون أن يتخذوا موقفا أو رأيا أو يكشفوا مبهما.بعض من هؤلاء جهلاء بالسياسة ،ولكن آخرون يعلمون الحقيقة لا يبوحون بها،حتى يكسبوا استحسان حماس وفتح والسلطتين والحكومتين في نفس الوقت،فيكسبون رضاهما وهباتهما وتسير أمورهم سلسلة عند الطرفين.
لا شك انه عبر التاريخ وفي كل الأزمنة يوجد كتاب وفقهاء السلطة والسلطان ،وفي تاريخنا الفلسطيني الحديث عرفنا كثيرين من هؤلاء ،ولكن أيضا عرفنا أصحاب الكلمة الحرة ممن يثبتون على المواقف ولا تغريهم مكاسب مالية أو ترهبهم سلطة،عرفنا غسان كنفاني وناجي علوش ومحمود درويش وناجي العلي وآخرين ،وكان عندنا اتحاد كتاب واتحاد صحفيين واتحاد حقوقيين واتحاد فنانين الخ،فأين هذه الاتحادات ؟وأين الكتاب والمثقفون والصحافيون مما يجري اليوم للوطن والشعب؟ ألم يصبح غالبيتهم جزءا من حالة الانقسام وثقافة الكراهية ؟ ألم يتم إفساد الكثيرين برضاهم وقناعتهم ؟أو بإكراه لقمة العيش ؟ .
عندما يضيع كل شيء ويصبح الوطن مستباحا من الأعداء ومن نخب وطغم تتعيش على أنقاض الوطن،تبقى الكلمة الحرة والمثقف الحر القلعة الأخيرة التي تحفظ للأجيال القادمة ذاكرة الوطن وثقافته وهويته الوطنية.
‏04‏/08‏/2012
[email protected]
www.palnation.org



#إبراهيم_ابراش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلتذهب دولة غزة إلى الجحيم
- استشراف مستقبل الصراع العربي الإسرائيلي ما بعد (الربيع العرب ...
- ما وراء طرح فكرة الشراكة السياسية في الساحة الفلسطينية
- حتى وإن كانت قناة الجزيرة
- فوز مرسي وتداعياته فلسطينيا
- فوز مرسي ما بين انتصار الإخوان المسلمين وانتصار الثورة والدي ...
- باراك سيستكمل مخطط شارون بفك الارتباط مع بقاء الاحتلال
- الشعب الحقيقي والشعب الافتراضي
- التحركات الشعبية تكشف أزمة علم وعلماء السياسة العرب
- نكسة تستنهض شعبا
- محاكمة مبارك تعكس التباس المرحلة الانتقالية
- الدين لا يمنح شرعية لحاكم
- الانتخابات الرئاسية المصرية وإشكالية الشراكة السياسية
- استراتيجية الحفاظ على الذات الوطنية
- نحو تعديل حكومي يؤسَس على تفاهمات المصالحة
- المطلوب ما قبل وما بعد تدويل قضية الأسرى الفلسطينيين
- القدس ليست بحاجة لفتاوى رجال الدين بل لإعمارها وتحريريها
- هل سيمتد الانقسام الفلسطيني إلى منهاج التعليم ؟
- فشل تسوية الاتفاقيات ونجاح تسوية الأمر الواقع
- في ذكرى رحيل أبو جهاد نستحضر الزمن الجميل


المزيد.....




- أطلقوا 41 رصاصة.. كاميرا ترصد سيدة تنجو من الموت في غرفتها أ ...
- إسرائيل.. اعتراض -هدف مشبوه- أطلق من جنوب لبنان (صور + فيدي ...
- ستوكهولم تعترف بتجنيد سفارة كييف المرتزقة في السويد
- إسرائيل -تتخذ خطوات فعلية- لشن عملية عسكرية برية في رفح رغم ...
- الثقب الأسود الهائل في درب التبانة مزنّر بمجالات مغناطيسية ق ...
- فرنسا ـ تبني قرار يندد بـ -القمع الدامي والقاتل- لجزائريين ب ...
- الجمعية الوطنية الفرنسية تتبنى قرارا يندد بـ -القمع الدامي و ...
- -نيويورك تايمز-: واشنطن أخفت عن روسيا معلومات عن هجوم -كروكو ...
- الجيش الإسرائيلي: القضاء على 200 مسلح في منطقة مستشفى الشفاء ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 11 ...


المزيد.....

- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ
- أهم الأحداث في تاريخ البشرية عموماً والأحداث التي تخص فلسطين ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - إبراهيم ابراش - فساد النخبة وإفساد الكتاب والمثقفين