|
ملائكة النرد / كائنات القيح
فاطمة الشيدي
الحوار المتمدن-العدد: 1109 - 2005 / 2 / 14 - 09:19
المحور:
الادب والفن
(1) ملائكة النرد
قلوب من ياسمين ، قديسون يستحمون في برك الله المائجة بالفضة ، يستجمعون قلوبهم في كفوفهم وربما في شفاههم البنفسجية .يعبرونك بخفة وبثقل فوق ما تحتمل روحك الفائضة ، أياديهم الخضراء تخلع أصابعها في يدك لتهبك العشق ، مكتنزون بالبياض كامرأة في شهرها التاسع ، وبخفة ساحر يندلقون إلى داخلك دفقة واحدة حتى تسكر بهم ، الشموع التي تهب لهم جغرافية الولع تنير طرقاتهم الواضحة . يعبرون ولايعبرون ، يخلفون وراءهم ظل ، يضعون قدم على قدم في ذاكرتك ، يشفقون على الدروب من رائحة الفراق ، فيتركون قلوبهم الملائكية تحضر تمائم اللقاء القادم ، لهم كبرياء الصمت ، ورائحة الشرق التي تستل دخانها من رئة الكون . أنبياء لا يخطبون ود ، انكسار الضوء الملاصق لبيت قديم يسكنه قلب هو ما يعنيهم ، وجوه مصبوغة بلفحة الشمس ، آذان تبهجها زغاريد الفرح، ببساطة الطيبين يحققون معادلة العشق الصعبة ، يرسلون قافلة من العشق والشعر تشد رحالها مع ترنح الحداة إليك . وزعوا قلوبهم في لمعان عيونهم ، وفي رائحة تسبق البحر إليك وفي أعشاش اللقالق الحائرة في حرقة الرمل ، فليس من الصعب أن تتصل برحلتهم الأزلية لأن قلوبهم تمنحك تأشيرة دخول من أول لحظة . يشعلون حكة في ذاكرة التاريخ بطراوة اللغة المدهشة التي تمد أسرابها خارج الأطر ، وطيورها خارج أعشاش الشعر ، مدن من الفوضى ولذة من الجنون الذي يفضي بك لحكمة مغلفة بالفرح ، قلوب متورمة بالأصالة تهديك إقامة جبرية في العوالم المزدحمة بالرؤيا ، يحيون خارج أطر الكلام / قلوب من الياسمين ، بياض له لثغة اللغة البكر /وارتباكة الضوء عند الشروق .
(2)
كائنات القيح هكذا يأتون ، سواد برائحة جورب قديم ، أشياء تسبب الصداع ، سوط يلهب الرأس المثقل ، رحم مفتوح في جمجمة فارغة يقذف الأشباح والفوضى والحزن ، هكذا هم ، في هياكل ليست لهم ، يقفون بمحاذاتك ، يحسدونك على لحظة تأمل قصوى تأخذك للبعيد ،على أشياء مهملة لاتعنيك، وجوه تتحاذى على أبواب المجد المؤقت ، تتفحص العابرون واحدا واحدا. ينتعلون فوضى اللغات وحرقة الداخل الملتهب ، يتقدمون نحوك مزنرون بململة تشد خصر الجهات إليهم ، أوتفرد أجنحتها على يباس الحقول، مرتبكون كحالة من الهستيريا المنجلية التي تحرك سواكن الحروف في زوابع الفناجين الخرافية ، لهم أصابع تتساقط وهي تفتش عن ثيمة معنى حية، خرق عتيقة وأن00 ( تسمع بالمعيدي خير من أن تراه ) . يأتون كالفضيحة أوكارتباكة مخجلة لأصص الضوء وهي تغازل الفتنة ،مساحات تصلح لحوز لقب أو قناع، مشاجب فارغة يعلق البعض عليها قمصانهم المتسخة بالحبر وربما بالزيت ، فراغ بحجم غياب ، بالونات تحاول الرقي للسماء ، خيالات مآته تضع الشارات على الصدور وتعبر منتفخة بالوهم ، أورام تتدحرج على قدمين . هكذا يأتون ، يعلكون الفوضى ، ويدسون أياديهم في جيوبهم لتخرج سوداء من غير سوء ، يراودون الكلمة عن معناها ويجمعون الحروف إلى الحروف لتصب في مصايد اللغة ، اللغة تدلك وتدللك وتدل عليك 0 كرات منتفخة تخرج من أفواهم ، قيح أصفر ، لعاب وردي ، وأشياء أخرى بلون قوس قزح ، ورائحة شواء منبعثة من هياكل القديسين والأنبياء الذين يتبعون بقايا آثار خطوهم ،والغربال يتفنن في إعداد مراسم الدفن . يطرون الأرواح بالغناء الميت ، أو بالنباح الجدير ، يتقمصون دور التجار والبضاعة مسجاة ، سلاحف وعناكب سامة ، باعة ضجيج متسخون بالوهم ،ينثرون لعابهم اللزج في قوالب مزركشة معجونة باليباب والفوضى ، ويتشدقون بالحكمة . الروح الحافية تمشي على الغياب تخترقها شظايا زجاجات الدهشة ، فيما علب المساحيق تنتشر كالسرطان ، الطبل يحاذي الحرباء، وطرقات الأحذية والرؤوس تحدث ضجيجا ملفتا ، شارات موسومة أو مسمومة تصدر لعنة الكلام غير بعيد يخرون من مكان علي ، طبولهم العارية تسمح لهم أن يقسطروا الضوء في الأكباد وينتعلون خرقة الوهن المشاع ، السواد اللون الأنقى ، والنفى مهيأ سلفا للتدثر من الجديد فالدبابيس مخيفة تفضح الأشياء المنفوخة ، الحذر الحذر من الأشياء الحادة، الخرج وسع اليم . الجمهور يرفع قبعاته وربما أحذيته ، يبارك جحافل الوهن- فلعبة العرائس مغرية - ويهب الجوازات وأحذية العبور الرسمية للموتى ، لسدنة المفازات الذين لاتنجب أصابعهم المطر ولاتملك مهارة حقن زهرة نرجس بلثغة طفولة ، والأسطح الجافة تحفز على الانزلاق التام ،وتسند الأحلام الشحيحة ، واللهفة تمصمص شفتيها والسهول العمياء تسوق الجبال. الحكة مزمنة، واجتماع الفصول وانقضائها تحت سقف رأس واحد يهب الاحتمال مساحاته الحقيقية ، الجمال المشوه منشق عن قبائل الحسن المعلن تمرده على حيثيات الأشياء ، ووفرته الكثيفة التصنع ، جلد أجرب يجاهر بأمنية احتكاك لا تنجب الحرائق. كمينية الصنعة تصدر كمية الشك المقلقة في حدائق الغياب المبكرة، البراءة منشطرة بسيف الوصاية ، والأجنحة لا تبارك الزغب ، أفران الرؤيا تمد خيوطها السرطانية زحفا حتى الموت المشتبه بالزيف،و أكثر القلاقل هي أولى دروس العشق . قناصو اللحظات العامرة بالفرح هم هم ، ومصدرو الأحلام المعشوشبة هم هم ، والنفاثون في العقد ، وأكلة الملح هم هم ، والمجد للصمت وللنسيان.
#فاطمة_الشيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فواصل الوهم
-
تيــــــــــــــــه
-
الحرب والسلام
-
تسونامي : الموت الجمعي لايصلح للبكاء
المزيد.....
-
يامان يتحالف مع سرحان للانتقام.. مسلسل المتوحش الحلقة 40 الم
...
-
شركة طيران تعتذر لعرضها -مشاهد جنسية- بفيلم للركاب
-
اليونسكو تختار الرباط عاصمة عالمية للكتاب لعام 2026
-
ميزات جديدة في تطبيق -VK- للموسيقى.. تعرف عليها
-
اليونسكو تختار الرباط عاصمة عالمية للكتاب لعام 2026
-
أحلى أفلام الكرتون وأجمل الألعاب.. تردد قناة كراميش 2024 وكي
...
-
زاخاروفا تعلق لـ RT على فضيحة كبرى هزت أمريكا والعالم بطلها
...
-
عاصي الحلاني ووائل جسار يعتذران لمهرجان الموسيقى العربية بسب
...
-
بسبب الأوضاع في لبنان.. عاصي الحلاني ووائل جسار يعتذران عن ا
...
-
رحيل فخري قعوار.. الأديب الأردني العروبي المفتون بقضية التقد
...
المزيد.....
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
-
الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال
...
/ السيد حافظ
-
والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ
/ السيد حافظ
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال
...
/ مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
-
المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر
...
/ أحمد محمد الشريف
-
مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية
/ أكد الجبوري
-
هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ
/ آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
المزيد.....
|