أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز العرباوي - * العقل السياسي : رؤية نقدية :















المزيد.....

* العقل السياسي : رؤية نقدية :


عزيز العرباوي

الحوار المتمدن-العدد: 3797 - 2012 / 7 / 23 - 18:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



هل يستطيع السياسي اليوم التخلي عن أفكاره المكتسبة طوال تجربته السياسية المتراكمة من خلال العمل السياسي الطويل في ظل نظام سياسي غير ديمقراطي؟ أم هو نتيجة لنظام يتشبث بكل ماضيه بما فيه من ظلم وقهر وعنف واستبداد؟ وإلى أي حد يمكن له أن يساهم في القطع مع ثقافة الاستبداد والتسلط التي تشبع بها منذ أن دخل غمار العمل السياسي واللعب مع الكبار؟ .
هذه الأسئلة نطرحها هدفاً في محاولة سبر أغوار العقل السياسي عندنا، وغاية في البحث عن الأسباب المقنعة التي ساهمت في تكريس ثقافة سياسية جامدة لا تتحرك إلا ضمن منظومة من الرؤى يحددها النظام السائد .
يتمسك السياسي برأيه وثقافته ومواقفه في كل المحطات السياسية الوطنية، وفي كل القضايا الدولية، متعمداً إخفاء قناعاته الفكرية والقيمية التي يدفنها في مشاعره ويتحسسها من خلال أحاسيسه، لأنه يدرك مدى خطورة البوح بها والإعلان عنها، مادام شريكاً داخل النظام السائد والحاكم. ومهما يكن الأمر فلا يحق له أبداً الخروج عن الخط المرسوم له رسمياً، خلافاً للسياسي في الغرب الذي لا يجد أي حرج في التعبير عن قناعاته حتى ولو كانت تخالف الموقف الرسمي للدولة مادام لا يلزم به المؤسسة أو الوزارة التي يسيرها .
ومن السمات البارزة لرجل السياسة عندنا، أنه لا يكون على استعداد مطلقاً للتخلي عن المواقف الرسمية أو تعديلها، بمجرد إدراكه لخطأ هذه المواقف أو خطورتها على البلاد، دون الرجوع إلى رؤسائه داخل النظام الحاكم، وهذا ما يدل قطعاً على أن أي سياسي يستمد تواجده في الساحة من النظام الحاكم، هو إنسان مسيَر (بفتح الياء) وغير مخير في كل القضايا الوطنية والإقليمية والدولية، بل حتى في طريقة حياته الخاصة. فهذا السياسي لا يتمتع بعقل خصب غني بالأفكار، يستخدمها في بعض القضايا التي تعترض طريقه، لأنه بكل بساطة يتعرض لغسل للدماغ بمجرد الانخراط في المنظومة السياسية .
إن العقل السياسي عندنا، لا يتعرض للتجديد ولا للإغناء بالأفكار، ولا لإخضاع المواقف للوقائع، بل إننا نلاحظ عليه بعض التأثير لعاطفة الذكورة في أحكامه وتفسيراته ومواقفه. فعدم الثقة في الآراء والمواقف الشخصية والرؤى الفكرية عند الشخص تقوده مباشرة إلى الضعف في اتخاذ القرارات وإلى عدم القدرة على التدبير السليم للأمور والمسؤوليات .
فتنمية قدرة السياسي الذهنية على إخضاع آرائه وأفكاره للوقائع والقضايا الحقيقية، هي أفضل طريقة لتغيير طريقة تفكير رجل السياسة اليوم. وتمر هذه العملية من خلال تكييف الآراء والمواقف مع الواقع، لا العكس، وذلك باحترام الأشياء كما توجد في الواقع والحياة والتفاعل معها، لا التعاطي معها كما يراها النظام الحاكم الذي يحاول رسم سياسة تتماشى مع طريقته في ممارسة الحكم والسلطة. ويمكننا أن نحدد بعض الخطوات التي يمكن للسياسي العربي عامة أن يسلكها حتى يكون أهلاً للثقة داخل مجتمعه، وهي :
* عدم التشبث بالأفكار والمواقف التي لا تثبت صلاحيتها بالتجربة والواقع .
* توخي النزاهة الصارمة في الحكم على الأشياء .
* التحكم الذهني في إخضاع المواقف والآراء والأفكار للوقائع الحاصلة .
* الاختبار النقدي للأفكار والمواقف وذلك بالتأني في اعتناق الفكرة الجديدة وتحليلها قبل تقبلها نهائياً .
* تجنب الأفكار الباطلة والتي تكون غير مجدية أو لها خطورة أو زائفة أو عقيمة ...
* التحلي بالتفكير المنتج الذي يعتمد على سعة الخيال، وغنى التجارب الشخصية .
* الوعي بالمسؤولية والتوافق مع الوقائع والمواقف المتعلقة بكل القضايا الوطنية والقومية والدولية ...
إن نشأة الأفكار في ذهن السياسي، وتعريضها للجهد الذهني الخلاق الواعي بالمسؤولية، وللفحص الناقد الذي يقود إلى اختيار الطرق الكفيلة بتحقيق التوازن بين ذات رجل السياسة الفاعل وبين النظام السياسي الحاكم لهو كفيل بخلق عمل سياسي متطور حداثي يقود نحو بناء المجتمع وخلق دينامية سياسية واضحة المعالم للجميع .
فأفكار ومواقف رجل السياسة، يجب أن تحدث انطلاقاً مما يقوم به التفكير الذي يسبقها مباشرة من خلال استدعاء آراء تكونت في الذهن قبلاً عن طريق التعليم والخبرة والتجربة. كل هذا يساهم في حل المشاكل بكل وعي وإرادة، كما يحصل الاستعداد لدى رجل السياسة لإطالة مدى حالة الشك التي تعتبر حافزاً على الاستقصاء الواعي، والذي يقود إلى البحث عن الأسباب الحقيقية التي تكون وراء كل قضية عرضت له. وبالتالي، يكون قادراً على توجيه أفكاره إرادياً نحو تبني مواقف محددة من خلالها يتمكن من ترك بصماته فيها، ويحس الناس فعلاً أنهم أمام مفكر لا أمام ببغاء يكرر ما يملى عليه من الجهات الرسمية .
إن رجل السياسة اليوم مدعون إلى العناية بالملاحظة الدقيقة لديه، وتدريب نفسه على البحث عن المعلومات المتوافرة، والتسلح بالمعرفة المناسبة والجديدة. فعادة ما نرى سياسيين يجترون نفس الكلام ونفس الخطاب لمدة سنوات إن لم نقل لعقود، وهذا ما يؤثر سلباً على قدرتهم على إبداع خطاب تواصلي جديد ينسخ القديم والمتلاشي، وبالتالي، يصابون بخيبة الأمل عندما يوجهون خطابهم إلى الناس فيرون منهم السخرية واللامبالاة. والسبب هو فشلهم في استخدام الخيال عندهم، والوعي بضرورة التفكير في تجديد الخطاب السياسي لديهم .
وهناك سياسيين –وهم كثر- لا يؤمنون بالاختلاف في المواقف والآراء، فيعملون ، انطلاقاً من وعيهم بثقافة الإقصاء والتطرف في الرأي، على محاربة مخالفيهم بكل الوسائل الغريبة التي تدل دلالة قاطعة على فشلهم في تدبير اختلافهم بطرق حضارية تستبعد الأفكار المدمرة التي ترتبط بالذاتية أكثر مما ترتبط بالبناء والتطور. فالتفكير في ربط علاقة مع الاختلاف والاقتناع به يساهم في خلق مجتمع متحرك يؤمن بالتعدد والتنوع الثقافي والسياسي والفكري، وبالتالي، الحفاظ على السلم الاجتماعي، بينما تكريس الإقصاء والتشدد في الرأي يقود حتماً إلى التشرذم والصراع بين أفراد المجتمع الواحد .
إن تجديد الفكر لدى سياسيينا ضروري اليوم، لأنه يحسن مستوى الوعي ويمكن إدراكه، من خلال الظهور في الذهن الواعي بالواجب والمسؤولية، فيقود حتماً إلى خلق ردود أفعال إيجابية نتوقع منها وجود رغبة قوية لحل المشاكل والمساهمة في تجاوز الصعوبات التي تعترض الدولة والمجتمع. فهذا التجديد يجب أن يبدأ من الذات أولاً من خلال تبني ثقافة جديدة تقطع مع السلوكات السياسية القديمة، وتحيي في النفس وفي الذهن أفكاراً تقوم على أسس من القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية التي تجدها حاضرة في الحقل السياسي. أما الإرتكان إلى التطرف والذاتية فلا يصلح من الأمر شيئاً .
فإخضاع العقل إلى السلطة الفكرية والتحكم فيه قبل أن ينحرف بعيداً عن الوقائع الحاصلة في الحياة، كأن يسلك طريقاً غير حقيقي مبني على الخيال الموغل في الذاتية والتفكير الأحادي، أو على الصدفة غير المنطقية، يهيأ المرء لإدراك أن هذا العقل قد يقع في مغالطات لا نهاية لها إذا ما لم يتم التحكم فيه. فقد تغزو العقل افتراضات غير محققة تُبنى على بعض التعبيرات الخادعة أو بعض المواقف الغامضة من هذا الطرف أو ذاك، وهذا ما لا يمكن التغلب عليه بسهولة لتجاوز الأزمات والمشاكل والتفكير في حلها ....



عزيز العرباوي
كاتب وباحث



#عزيز_العرباوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسرح والدعوة إلى التجديد(4) : * تجديد النقد المسرحي : ... ...
- المسرح والدعوة إلى التجديد (3) : * المسرح ودوره الحقيقي
- المسرح والدعوة إلى التجديد(2) : المسرح وسؤال الهوية : 
- المسرح والدعوة إلى التجديد (1): مجرد رأي
- الصحافة ووسائل الإعلام .. حضور وغياب ...
- مصر الجديدة: حرية، كرامة، عدالة اجتماعية :
- فلسطين: دولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف :
- الكتابة والفقدان--- قراءة في التجربة القصصية عند علي القاسمي ...
- الثورات العربية : تجلياتها السياسية والثقافية :
- المزايدة السياسية في قضية دسترة اللغة الأمازيغية :
- حركية ثقافية وسياسية للشباب :
- حرية التعبير: الأسس والمبادئ :
- عزيز العرباوي، فارس ديوان العرب لعام ٢٠١&# ...
- من أجل الحفاظ على الخصوصية المغربية :
- دور المتعلم في الحياة المدرسية :
- هل هي صخوة عربية فعلا؟
- الحرية: رؤية نقدية :
- قراءة في كتاب --- العراق في القلب--- للدكتور علي القاسمي
- السينما المغربية والرداءة الفنية :
- محاكمة غير منحازة للإعلام الحديث : عزيز العرباوي


المزيد.....




- -مستوطنون إسرائيليون- يخربون موقعا أمنيا في الضفة الغربية وي ...
- -عثر على المشتبه به ميتًا-.. مقتل رجلي إطفاء في إطلاق نار بو ...
- بكين تستضيف أول مباراة كرة قدم بين الروبوتات في الصين
- بعد إيران.. هل تستطيع أميركا تنفيذ السيناريو نفسه في كوريا ا ...
- ردّا على شروطها لاستئناف المفاوضات ترامب -لن يقدم- شيئا لإير ...
- حموضة المحيطات تتجاوز الحدود الآمنة والخبراء يحذرون
- مستشار خامنئي: إسرائيل بعثت رسائل تهديد لمسؤولين إيرانيين
- تايمز: جواسيس إسرائيليون داخل إيران منذ سنوات وربما لا يزالو ...
- أكسيوس: أوجه حملة ضغط ترامب لتأييد نتنياهو
- هآرتس: أهل الضفة الغربية يذبحون بهدوء


المزيد.....

- الوعي والإرادة والثورة الثقافية عند غرامشي وماو / زهير الخويلدي
- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزيز العرباوي - * العقل السياسي : رؤية نقدية :