دعوة أبو سعيد الدوماني

ربحان رمضان

الحوار المتمدن-العدد: 1108 - 2005 / 2 / 13 - 11:21
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

دعوة أبو سعيد الدوماني

ربحان رمضان

طلب من النادل تقديم صحن فواكه للمتحلقين حول الطاولة المرمية وراءه ..
ســــبق وأن تعرّف عليهم في احدى الولائم التي قدم فيها أبو سـعيد لضيوفه القادمين من حي الأكـراد أكلة ( جدي بالزيت ) ، فأبو ســـعيد معروف في دوما كلها حيث أن امتلاك مخزن تجاري ميزة كافية لأن يكون صاحبه معروفا ســيما وأن الكثيرات من نســاء القرى القريبة والبدويات الموشــــــومات في وجوههن يبيعّن الحليب والبيض والدبس والدجاج بالقرب من محله الملون بألوان فاقعة ( حمراء وصفراء ونيلي) ..
لونـّها بهذا الشكل على رأي خليلته ســـعاد الغجرية ..
بادله أبو سعيد هديته بهدية مماثلة حيث أرسل النادل بمصب من القهوة المرّة مرفقة بتحياته الحارّة ..
رفعت الأيادي متشكرة مع ابتسامات مشتركة من الطرفين ..
- يشهد الله انن شباب طيبين .. قال الأســتاذ جميل مرسل الفواكه ..
في الطاولة الثانية قال أبو سعيد كلمات مشــــــابهة : والله والنعم قبضايات من حارة الكراد ..
عندما هّم بالانتقال الى طاولة الأستاذ جميل تعثر بثمل تقئ على بنطلونه فســــــــارع بالاعتذار ، ولمـّا اجتاز الطاولات ظهر عليه " الدوخ " مثل المتقئ عليه والذي لحقه للاعتذار مجددا ..
- الله يمسيكم بالخير يارجال ..
أهلين أبو سعيد شرفت ، تفضل .. كرســــــون .. ، الأستاذ جميل نادى النادل وطلب منه فاتورة الحســــــــاب وأربع فناجين قهوة حلوة ، مع رجاءه بطلب ســـيارة تكسي لتوصيله وسميريه الى بيوتهم في الحي ..
تدخل أبو سعيد وقال : بلاها التاكسي ، سأوصلكم بعيوني ..
- لأ ، بالسيارة ، جاوبه رياض ..
ابتسم الجميع ..
- اي سيدي شو رأيكم اعزمكم على سهرة ترقص بها صبايا بعمر الورد ؟ ســــــأل ابو سعيد .

لم يحصل أن دعاهم أحدا كهذه الدعوة ، ولم يتعرفوا على الليالي المخملية الحمراء ،
تبادلوا النظرات فيما بينهم ، تشاوروا ، اتفقوا عل قبول الدعوة .
صعدوا السيارة ثلاثتهم مع مضيفهم وصديقيه ..
انطلقت السيارة تطوي الأرض بسرعة جنونية وكأن أبو ســــــعيد حصل على جائزة


2

بقبول الشباب لدعوته ..
اجتاز الطريق المؤدي الى دمشــق ، اجتازها وانطلق في طريق الغوطة ، يتوقف كل خمس مئة متر .. يلف بالســـــــيارة نصف دائرة ، يخرج مسدســـه .. يطلق النار في السماء ثم يتابع ..
أيضا يتوقف ، يلف بالســـــيارة نصف دائرة ، يطلق النار ثم يتابع .. وهكذا ..
فار الدم في رأس الأســـتاذ ، غمز صديقيه أن أن انتبهوا وكونا مســــــــــتعدان لأي طارئ ..
اجتازت السيارة الغوطة .. دخلت في أراضي المرج ، اتجهت يسارا نحو النشــابية، اجتازت النشـــــابية ، وصلت مدينة دوما .. اجتاز المدينة ، وصلوا عدرا .. اجتازوها .. انعطف نحو اليمين ، دخل حيا متداخل ، معتم ، عشـــــــــوائي البناء .. توقف بجانب بوابة حانوت كبيرة ..
ترجل الجميع معا .. صاح أبو سعيد مناديا : " نورا .. نورا .. "
الساعة الثالثة صباحا ياأبو سعيد ؟ تساءل رياض ، كاد أن يقع أرضا من تأثيرالكحو
أنا دعوتكم على سهرة فيها بنات وهنّ هنا في هذا البيت . قال أبو سعيد .

*********

أصوات طلقات رصاص تصدر من داخل البيت ، مجموعة رجال مسـلحين بالعصي والهراوات هرعوا بألبسة بيضاء وملونة ، وبعضهم بدون .. وواحد يحمل رشاشــــا ويطلق النار في السماء جزافا ..
انشــق الباب وظهرت مجموعة آدمية أخرى في داخل الحانوت ، مدّوا أيديهم وتلقفوا الســـــيد أبو سعيد وأغلقوا الباب خلفه وتعالت أصواتهم ثم ضاعت مع أصوات الناس في الخارج الذين يريدون الدخول لتخليص أبو سعيد في الداخل ..
قفز رياض فوق الحائط لحقه أبو دياب وزميلهما الآخر ،ولما صــــــــــاروا في فناء الحانوت فتحوا الباب للناس ليدخلوا ويتدخلوا لتخليص أبو ســـعيد المخطوف والداعي لهذه الوليمة ..
تدخل كبير القوم وقال : ليلتكم عندي يارجال .. أهلا بكم في مضاربنا .
نفـّض أبو سعيد سرواله الذي أصبح بنيا من التراب المجرور عليه ، أمسكه الأســـتاذ من يده يساعده ويهدأ من روعه بينما مشـــــــى البقية خلف كبير القوم باتجاه بيته في أعلى الرابية وراء زريبة أغنام تفوح منها رائحة الزبل المتخمر ..
كانت هناك امرأتان ، احداهن زوجة كبير القوم ، والثانية ابنته ..
رحبتا بالضيوف ( الكرام) أمســك كبير القوم بربابة معلقة بجانب الباب وراح يعزف بينما انتصبت ابنته الصبية تتمايل ، والضيوف يصفقون ..وأمها تقدم المشــــاريب ، وتلمّ الشـوباش ..

#ربحان_رمضان (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل