أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نوري الدجيلي - بين ذاكرتيين














المزيد.....

بين ذاكرتيين


نوري الدجيلي

الحوار المتمدن-العدد: 3791 - 2012 / 7 / 17 - 17:45
المحور: كتابات ساخرة
    


حينما نخضع لسايكولوجيات المحن وتسيطر علينا تداعياتها المؤلمة وحتى نصاب بانكسار الإحساس بالوجود نلجأ لملاذات الماضي الدافئة نوقد قناديلها نسافر في أعماق الذاكرة البعيدة نستعيد عبق الطفولة البريئة مثل شيوخ الأرياف الذين غادرهم الشباب مبكرا فصاروا يلوذون إلى ليل الحكايات المغمسة بعطر الذكريات الجميلة والى نشوة الفتوة .
عفوا لست ماضويا ولا ممن يدورون في فلكه أو مزايد في سوق العفة والاستقامة والنزاهة أو من بائعي او تجار الشعارات الوطنية . لكني من أنصار الفيلسوف ديوجين الذي أوقد فانوسه في رابعة النهار وراح يتجول بين الناس في الأزقة والحارات باحثا عن الحقيقة والانسان .
عودتي إلى محطات الأول محاولة لإعادة ترتيب الأشياء الجميلة التي خبأتها في ذاكرة الطفولة استذكرها بإحساس نظيف لتشد أزر معنوياتي في هذا الزمن الرديء وكأني في ذلك أتذكر حلم جميلا قد ضاع وأمسى صدى السنين الخوالي .
خطواتي هذه ابدأها من فوق ربى العمر وعلى سرير طفولتي تذكرت بائعة البسطية ((صفية)) أم الجنبر التي فرشت بسطيتها على كتف الرصيف المتآكل في طريق مدرستي الابتدائية لم أدرك حينها بان الفقر نحت من جرفها الشيء الكثير و أنها ولدت من رحم الشقاء رحل والدها وتركها تجاهد النفس لدفع شظف العيش وكسب لقمة الحلال معيلة لأسرة تتكون من سبعة أنفار .كانت تبيع الحلقوم (الازبري) والكعك اليابس وشعر البنات وبيض اللقلق وكعب الغزال واالحامض حلو والطرشانة وحلاوة الدبسية والسمسمية والشامية والملبس والجكليت والباقلاء وفي يمينها مغزل الصوف وكأنها تغزل صوف أيامها الحزينة وكنا نبحلق في طاسة نقودها وهي ممتلأه بالفلاسين الحمراء والعانات البيضاء كنا نحسبها إمرة ثرية وميسورة كنا نتحلق على حول بسطيتها ونتكور عند جدر الباقلاء ولهيب البريمز بحثا عن الدفء ورائحة الباقلاء و البطنج .
كانت انسانه حقيقية فاضلة تتهجى في وجوه التلاميذ الم المحتاجين وتقرأ الفقر في عيونهم فتضع في اكفنا الصغيرة الحامض حلو والجكليت لان جيوب سراويلنا متهرئة ومتهالكة كانت تجلس التلميذ اليتيم(ناجي) وتلفه بعباءتها الصوفية تمنحه الحب والحنان كطائر كسير الجناح يحتضن صغاره ترتب ملابسه وتنفض عنه غبار الحرمان وذل الفاقة وتعزز من كرامته . تلوك بصبر كسره الخبز التي يبستها سنوات العوز والحاجة كانت تقف مزغردة ومهلهله لمواكب العرسان تنثر حلوى بسطيتها بسخاء وطيبة قلب رغم أنها تعاني من ضيق ذات اليد.تلك صفية امرأة مسيجة بالعفة وجه الصدق المرسوم بالطيبة وعبق التبجيل . أنها سلة الذكريات الذهبية واسم جدير بالتقدير والاحترام نخل عراقية باسقة في قلب الأصالة والعفة زهرة الألم الجميل ستظل حكاية تروى في ربوع التاريخ الأخضر
أما نحن اليوم وسط ركاب الديمقراطية (أنا لا احملها آثام أثريائها ).تختزن الذاكرة مشاهد محمومة وسباق مارثوني في كل زاوية ومنعطف لهاث مذل وإصرار عجيب مخجل بدأ ولم ينتهي يتكاثر كوباء معدي مثل جراد موبوء .ثعالب وديناصورات وحيتان مخيفة وجدت لها مواخير وزواغير في مفاصل الدولة . سراق قفاصة ومزورين ومرتشين ومبتزين وحبربشية وحوسمجية وعلاسة وبحارة وغاسلي الأموال الكريهة ومهربي المخدرات . يمارسون كسب دنيء ولصوصية قذرة ينهشون بلا رحمة جسد الوطن .ويسطون على المال العام جهارا نهارا بلا خوف أو خجل .نتيجة لما عرف بالفوضى الخلاقة وغياب دور البرلمان وضعف الرقابة والسجالات والمهاترات والمحاصصة والمزايدات السياسية والتدخلات الإقليمية وعدم وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.فوجد البعض من ضعفاء النفوس طريقا"عريضا" للسطو والإثراء الغير مشروع. فقد طال الفساد بعض من علية القوم (وزراء ,مدراء عامين,وأعضاء مجالس محافظات,قضاة,وسفراء,وموظفين )كان بعضهم تحت عباءة المسوؤلين في الدولة وقيادات الأحزاب من معممين وغير معممين غرقوا في وحل الحرام وبركة الرذيلة .سرقوا لقمة الفقراء والشرفاء ملئوا جيوبهم وحقائبهم من المال السحت الحرام .شيدوا قصورهم المجللة بالأجر والرخام والقرميد الملون وبقيت بيوت البؤساء الطينية يزينها الصفيح وهزوجة أهلها تقول..
( بيتنا مـن طيـن الشـرف مبني .......ونحلـم بالسعـادة بيـت طـابوكـة ) .
وطن ينهب ونواطيره نائمة وضمائر أخر من يعلم فلقد بح الصوت وابتلع العمر آساه أين هؤلاء الأنذال . من عطر خبزك ياصفية وشاي صباحاتنا القديمة وسراويلنا..وجدناك في قلب كل تلميذ محروم وجائع ففي قلوب من سيكون هؤلاء المجرمون وأية لقمة يطعمون بها أولادهم .
( أن الحقائـق المسكــوت عنهـا تغــدوا سامـة )
ترى من سيكشف اليقين ويظهر عورة الصمت والساكتين عن هذا الفساد المريع و تصحوة الضمائر ويعود مخمل الحياء (لأثرياء الديمقراطية) كي نسكن الآم المحرومين وندفن أنين الثكالى ونشرع ببناء الوطن ونسترجع ديمقراطيته المنشودة والتي أمست خارج أسوار الجمهورية الفاضلة .
آم أنهم سيمضون تلاحقهم لعنه الله والشعب والتاريخ وتخلدين أنت ياصفية في الوجدان والضمير ويظل عصرك فردوس مفقود .طوبا لطهرك ونبلك ودمعتك الخرساء التي استباحها ظلم الشقاء.وتبا لدنس اؤلئك المجرمون الذين يتناسلون في ظل الأنانية والخطيئة .



#نوري_الدجيلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في ضيافة الزعيم …… نبل يتحدى الزمن
- رحيل بلا حداد


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نوري الدجيلي - بين ذاكرتيين